الجمعة، 9 يونيو 2017

حافة الحياة : The Fate ( الفصل الأول)

 . > حافة الحياة < .

.. الفصل الاول ..

         






الأوراق الأخيرة تسقط متراقصة ، لا بُدّ من جرعةٍ كبيرةٍ من فقدان الحِس كي نواجه الخريف(إقتباس)

_______________________

كان هواء الخريف القوي يشفٌ أنه سينفي كل ورقة شجر يمر بها عن مأواها ,نزلت إيفا بقفزة صغيرة عن الباص و بدأت بالسير بذهن شارد وهّم يفوق عمرها العشريني الصغير.. كم ودّت أن تكون غيمةً تجوب السماء بلا تعب تذهب لآخر بقاع الأرض وترى العجب.. كم ودّت أن تحلق في فضاء واسع ..لا تحمل شيئاً غير الأمل .


أفاقت إيفا من رغباتها عندما فُتح الباب أمامها

- أدخلي .( قالتها هيونا صديقتها بكسل فاتحةً باب شقتها وهي تلف خصلات شعرها المصبوغ الأشقر حول أصابعها)

دخلت إيفا شقة صديقها المقربة و الوحيدة ..خلعت معطفها كاكي اللون البالي رامية اياه على الأريكة ثم تقرفضت الأرض يأسةً متكة بظهرها على ذات الأريكة

سألتها هيونا وهي تفتح البّراد :
- بيرة؟!

اومأت إيفا  :
- من فضلك.

ما لبثت أن فعلت ، حتى ألقت لها الأولى علبة بيرة لتلتقطها الثانية
بإحتراف بهلواني فاتحة اياها بطرف سبابتها

إرتمت هيونا بقوة على الأريكة خلف صديقتها محتضنة أحد المساند
- آآآآح. ياللبيرة ( قالتها هيونا بعد أن إجترعت نصف العلبة دفعة واحدة ثم مسحت شفتيها بباطن كفها )

بينما صرحت إيفا :
- يجب أن الم شتات نفسي.

إستندت هيونا إلى مسندة الأريكة و أصدرت واحداً من أنفاسها الغليظة :
- إنها أفضل بيرة حصلتُ عليها .

- كفي  عن تراهاتك يا فتاة .. تعيدينّ نفس الجملة كل مرةٍ تتناولين مشروباً. ( وضعت علبة بيرتها بعصبية محدثة طرقعة على الأرضية الخشبية ) أنا جدية .. يجب ان الم شتات نفسي .. احتاج الماال ( فركت جبهتها ) يجب عليّ دفع الايجار، ولا يمكنني طلب المزيد من العم شيّم ( استدارت متطلعة هيونا بأعين تطفح لطفاً ) آووه هيوني العزيزة اقرضيني بعض المال.

عضت هيونا شفتيها العرضتين لبرهة فأصبحتا نحفتين بلون الآرجوان مفكرة :
- فلتعملي معي.

سمعت إيفا طلب الأخيرة في ذهول :
- هل تمزحين!! ، تعنين بقولك هذا العودة للعمل مع المخبول إدواردو غادلوبي ؟!!

تبدلت النظرة في عيّني هيونا صارت مزيجاً من الحنان ،السحر و الإستمالة :
- لمرة واحدة اذا ، العائد ضخم من العملية القادمة ( شبكت يديها اكثر حول المسندة و همهمت ) أمم.. ، أنا بالأساس كنت أبحث عن شخص أثق به ( أمسكت رأس إيفا محدقة برقة ) ولا يوجد من اثق به قدرك.

تمهلت مبتعدة لوهلة ثم استطردت :
- إنه مجرد زبون من خارج سيئول، لا أستطيع أن اقابله بنفسي، ما عليك سوى أن تأخذي منه حقيبة مليئة بالنقود و تسلميه آخرى مشابهة.

صححتها إيفا  :
- بل أُسلمه حقيبة مليئة بالحشيش.

إكتست ملامح هيونا بالسخرية :
- و كأنك لم تفعلي ذلك في الماضي!! ( عاودت إستمالتها السابقة ) لا أستطيع أن أثق بغيرك عزيزتي إيفا ، إن الامر بسيط و آمن.

جاهدت إيفا كي لا تنفجر الكلمات من فمها تحت أيّ لحظة لم تحاول أن تبدو منها أيّ حركة تدل على ضيقها ذاك أنها تحتفظ لرفيقتها العرفان بجميل يثقل كاهلها

- عليك ترك العمل لدى إدواردو ايضاً
( طالبت إيفا ، بالرغم من أنها الطرف المتضرر من هكذا طلب )

إبتسمت هيونا بمرح يحتوي الكدر :
- لا أريد. إنه عمل جيّد و أنا سعيدة به.

تشنج وجه إيفا يشف عن قهر كبير تناظر الأرض :
- لا حاجة لكِ للتصنع ، كِلتانا تعلم أنكِ مُجبرةٌ على العمل لديه ( لبثت صامتة لوهلة كما لو كانت مسحوقة تحت ثقل ما ستبوحه ) بسبب العقد الذي استغلني به ذلك الملعون البرازيلي إدواردو لتوقيعه.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgq4jeE4_As_0uxOq7u346memYT3oxqHqUQfdvagYAlU306R7FtKM3mlGs2NbenvyavpyUSmB3-xpkRKvu851B3s-u2uBxaA3ks7z8rGK-YAKSq1RwhHOzcS_IX15iSZskFDOOLEVdsqMk/s320/FB_IMG_1493455492892.jpg

قفزت هيونا مستقيمة على قدميها الطويلتين برشاقة تشابه الفراش أمام إيفا بفستانٍ قصير ممتد طوله بضع سنتمرات تحت ظهرها مظهراً حنايا جسدها الرقيق إستهلت :

- إنظري إليّ ، هل أبدو لك كبائعة حشيش مجبرة على العمل ؟
(أمسكت طرف فستانها ) هذا الفستان ثمنه 2000 دولار ..لدي العشرات منه ، و اغلى ثمناً حتى ، أستطيع أن أشتري منزلاً و أن أستبدل موديل سيارتي متى أريد، أو أن انشيء مشروعاً صغيراً خاصاً بي  ( جلست القرفضاء تصل مستوى صديقتها ) و كل هذا فقط لأنني أقوم بتسليم حقائب مليئة ببعض البراعم (لسانها يتلاعب بشفتيها ترطبهما ) صدقيني أنا سعيدة بالعمل لدى إدواردو و ليس بسبب عقدك ذاك.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgxy6AB0RT8t537oIgoy5EIOnYWOc9Bq2Mj8zaKhLeSaDe9gYyTMPg5h8JR-tT_e4u4kCQaO79fH9nYRDEDnM9gEWbT2zV-epuuVDzP-dVN7Y5x-gKqSyfUAUTmZUddjdC8s0zTMZD2rpg/s320/FB_IMG_1495850476386.jpg

عضت إيفا شفتها بقسوة آملة أن يكون قول هيونا حقيقة، لكن إحساسها بالذنب يكاد يزهق روحها ..إستعر الغضب في صدر إيفا و نبرت ساخطة قاصدةً إدواردو:
- أقسم أنني سأقتله.

- تقتلين من ؟! ( إرتفع صوت سوهو الذي دخل الشقة قبل برهةٍ ، وقد إلتقطت أُذنيه آخر جملة ل إيفا)

التي حدجته بنبض قلبٍ متلاحقٍ سرعةً الذي ما لبث أن إنتفض عندما لامسه صوت سوهو!.. ما الذي يفعله سوهو هنا ؟ ليس من المفترض أن يأتي .. ليس من الداعي ابداً أن تلتقيه.. ليس من المفترض أن تحادثه مطلقاً، أو لنقل حتى يجمع قلبها تصدعه.

أعفتها هيونا الإجابة على سؤاله الفضولي قافزةً فورها بين أحضانه :
- سوهو~ياه أوباا ( بدلال مصطنع ) مالذي تفعله هنا ؟

- يااا .. يااا ( تذمر بوجه عابس ) ايّ سؤال هذا ؟
وأيّ فتاة تستقبل حبيبها هاكذا؟ ( حرك يده في الفراغ بتشنج ) أنتِ أيضاً ( نصب سبابته نحو إيفا بحنق ) لم ألتقيكِ منذ اسبوعين أين كنت ؟!

تحدثت هيونا لإيجاد مخرج :
- لقد كنا في خصم أمر مهم.

سوهو : أيّ أمر؟!

تفلتت هيونا من حضنه بنظرات تعني طلب المساعدة من إيفا لتدارك الموقف لطالما كان الوضع هاكذا، هيونا تغسل يديها بعد أن  تخرب الدنيا و تسقطها على رأس إيفا

فتشت الأخيرة أنحاء ذهنها يائسة كي تجد عبارات مناسبة هي لم تكن متأهبة للإلتقاء به الى هذه اللحظة هي غير قادرة على تقبل حقيقة ارتباطه ..رفعت نظرها نحوه فراح قلبها ينسحق كعادته كأنه يشّد بملزمةٍ تعتصر الدماء عن كل خليةٍ فيه شعرت كأنها إناء مثقوب يتسرب منه كل شيء له علاقة بالحياة

آوه سوهو إنه أكثر الرجال وسامةً في نظرها رغم إلتصاقها به لسنوات طويلة ظل الأوسم على الإطلاق ، سوى كان من إلتقت بهم وجهاً لوجه أو في لوحات الاعلان و المجلات إنه نحيف القامة ، ذو مظهر جذاب بشرة تشع نضارة شأن غيمة قطنية تقطر بياضاً بنقاء أمطارها تحيط به هالة ربيعية ، يتمتع بجمال رجولي أخاذّ كما أن رموشه الطويلة المحيطة بعينيه ، ذات اللون الاسود البركاني تضفي على وسامته جاذبية فريدة

كان حضوره يجرفها من ضفة النهر حيث مقابر طمي حزنها اللزجة ، الى عمق دوامة وحدتها من بعده، ثم يجعلها تغوص في أعماق حسراتها و تغرق، ثم يرأف بها و يتركها تطفو على سطح النهر لإستنشاق الهواء، و تعتلي أمواج اليابسة

هزّت رأسها أخيراً
مركزة ًنظرها على علبة البيرة خاصتها :

- لا شيء مهم ، أنت تعلم عادات هيونا في تضخيم الأمور ( تجرعت القليل )
كنا فقط نتحدث عن بحث تخرجي الجامعي ( أضافة واقفة ) حسناً سأذهب.
قالتها بإغتضاب مواصلةً تفادي النظر في عيني سوهو

ذاك الذي لم يغفل عن أن إيفا تتفاده حتماً مذ فترة لسبب يجهله فأعرب :
- لما؟!  لقد وصلتُ تواً ، فلتبقي.

إيفا : لا. يجب عليّ الذهاب لأرتاح  ( إلتقطت معطفها كما يلتقط الهّر شيئاً ما ) سأمر باكراً على أمي ثم أدفع الإيجار.

سوهو : في أيّ ساعة ستذهبين؟ فلنلتقي عندها ( رفع كتفيه بحركة عفوية )
لم اذهب لرؤيتها منذ أيام.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiaKwR9BG9NuSp8D4b7b0Wy8poS98DeZFkcvNgjmqJlY9urrsJBaRuDWlYPgpz2norbwPim_rPGjQpONwSbWq9cJ4KSuNWaFQ-9w1VPvG39gSnBze5p7KZafHeb7M2pM7k6rMlId3Ev3iY/s320/IMG-20160504-WA0058.jpg

و ما كان قوله هذا إلا ليحاصرها داعماً لشكوكه لكن ذلك لم يخف على إيفا ،

التي تعرفه كما تعرف الأم طفلها تماماً:
- عند الثامنة صباحاً ( إبتسمت بتكلف )حسناً سأذهب الآن.

خرجت وهي تجاهد الدموع مغلقةً الباب خلفها فهمي التي إعتادت أن تضبط إنفعالاتها ومشاعرها منذ الصغر . إنها فتاة تتردد في فتح قلبها للناس أو حتى الحب فقد أدركت أن الناس يتقبلون الواثقين من أنفسهم فقط و يرفضون الضعفاء

كما أيقنت أن الحب و الرجال على حدّ سوا لا يميلون إلا للذين يتمتعون بالجمال و الإثارة و أين هي من كل هذا ؟! هي الفقيرة ، الشاحبة البشرة ، الرثة الملابس.


~. ~ .~


في صباح اليوم التالي ومع أول شعاع شمس تسلل بين الغيوم وإرتمى على إحدى وريقات الشجر التي نمت على هامش الغصن فإزدهرت ، أرخت إيفا يدها و أدارت المقبض بهدوء، و أطلت برأسها تبحث بعينيها المتردتين عن سوهو

- لقد رحل فعلاً (حدثت نفسها متنفسة براحة) فعلت ذلك رغم أن موظفة إستقبال المشفى قد أكدت لها رحيل سوهو أنفاً

- أومّااه.
خطت بمرح مدلل طابعة قبلة على جبين أمها التي تتقعد كرسيها المتأرجح محتضنة إحدى الكتب مع نظارات سميكة ، خلعتها و وضعتها فوق الكتاب

سرعان ما تحولت ملامح إيفا للعبس :
- لقد أخبرني الطبيب هايد أن هنالك من لا يستمع للتعليمات في أخذ علاجه.

- إنه طبيب خرّف ، سأموت إن إتبعت تعليماته.

تهللت اسارير إيفا بالحبور  :
- أعدك ألا تموتي حتى تريني عروساً و تحملين احفادك بيديك هاتين ( احتضنت يدي أمها الدافئتين ) عليك فقط اتباع نصائح الطبيب هايد ، عديني.

- حسنا.

أصرت : عديني بذلك أمي.

أطرقت أمها : حسنا أعدك ( قرصت وجنتيّها ) طفلة مزعجة.

أشرق عندها وجه إيفا فما لها غير أمها أمها حجر الزاوية في صرح سعادتها وحياتها كلها صمتت ، دارت بعينيها ، كأنها تتعقب رائحة سوهو باحثةً عن أيّ أثر خلّفه

- لقد أحضر الأزهار ( أشارت والدتها حيث الباقة الصغيرة ) إنزعج كثيراً لعدم قدومك.

- من هو ؟! ( سألت إيفا مدعية الغباء )

إكتفت أمها بالتبسم :
- أخبرتك قبلاً قد أكون كبيرة في السن لكنني لست حمقاء.( دفعت قدميها الأرض لتأرجح الكرسي ) إن سوهو شاب طيب ، إنه كإسمه  تماماً الحارس ، لطالما كان حارسك من كل شيء.
عضت إيفا تجويف فمها دون أن تنبس بكلمة

تابعت أمها :
- أتذكر أول مرة قابلته ، كان أحضرك الى المنزل بعد أذيتي قدمك حتى هو لا يعلم حجم ما يحمله لكِ في داخله.

إعترضت :
- أومّااه ، ارجوك.

نبرت والدتها :
- لا أعلم ماذا وقع بينكما ، لكن هروبكِ لا يُعد حلاً.

أومأت إيفا برأسها أنّ نعم قاومت تذكر ذلك اليوم وتلك الذكرى كما قاومت تجمع دمع مقلتيها

- عليكِ مصالحته ( طلبتها أمها ) أيّ كان ما أغضبكِ منه ، سامحيه.

أطرقت إيفا مهدية أمها إبتسامة باهتة :
- سأفعل ( إستقامت) سأذهب الآن ، عليّ المرور على الجامعة من أجل مشروع تخرجي.

- حسنا فليبارك الله ، أوصلي تحياتي للسيد شيّم.

قبلتها على رأسها :
- حسنا. سأفعل ( تناولت حقيبتها) إستمعي لكلام الطبيب أراكِ غداً

خرجت إيفا تجر قدميها في أروقة المشفى تطاير غبار الذكريات المعتق حولها إجتاحها
ليرجع بها الى تلك الايام قسراً

قبل 8 سنوات - سيئول - كوريا الجنوبية - فصل الصيف.

كان الوقت صيفاً عندما إنتقل سوهو الى الحي الذي تقطنه إيفا ، ثم إلى المدرسة التي ترتادها كانت في سنتها الأولى الثانوية ، بينما هو في سنته الأخيرة كان يتدرب لساعة و نصف في الصالة الرياضي و ساعة و نصف آخرى على كرة السلة في الملعب الخاصيّن بالحي يفعل ذلك كل يوم و على مدار الإسبوع ، لم ترى إيفا في حياتها شخصاً مهووساً بالتدريب مثل سوهو

رغم أنها في البداية لم تكترث له لكنه كان من يقع دائما ً ضمن نطاقها كأن القدر يجرها نحوه جراً حتى أدمنت مراقبته . لم تجروء الإقتراب منه أو حتى التحدث إكتفت بمتعة مشاهدته ، بجانب يقينها التام بأنه لم ينتبه لها ، وكيف ينتبه إلى فتاة صغيرة مهترئة الملابس ، تراقبه من فوق الشجرة القابعة عند طرف الملعب.

وقتئذٍ ،  ظهرت أولى علامات المرض على أمها متجسداً في تعبها إجهادهاً و تقصيراً بالعمل في مقهى السيد شيّم ، مقهى تتيوران. Tteuran فأمست إيفا تسد محل أمها ، دون أن تدري حقيقة مرض الأخيرة المتمثل في تليف الكبد مما اضطرة إيفا للعمل مكانها عند شيّم

ذلك المساء بالتحديد أخرجت إيفا قمامة المطعم عبر الباب الخلفي تجرها بكل ما تبقى لها من طاقة  ماسحةً حبات العرق التي توسدت جبينها :
- إيش . لا يبدو بأني سأعتاد على هذا(فتحت غطاء حاوية القمامة ) الأمر مطلقاً.

إرتفع نباح غليظ من خلفها ، نباح كأنه زمجرة رعد يخص عاصفة غربية إلتفتت إيفا لمصدر الصوت كلب من نوع بيتبول ، يمتلك عضلات أضخم من أن تكون عائدة لكلب إهتز جسدها و تراقصت الأرض تحت قدميها ، تراجعت و هي تهش عليه بأكياس القمامة في ورع .. لكن الكلب لم يتزحزح بل أقترب قافزاً الى الأمام ، طامعاً في باقية الأكل التي في الأكياس
صرخت إيفا بيأس و أخذ عقلها ينسج سينارويهات متعددة وفقدت الأمل في نجاتها من عضاته.. إلى أن إندفع شخص من خلفها ليقف أمامها حائلاً بينها وبين الكلب ، و يزجر بأصوات عالية عله يخيف الكلب .. فشهقت إيفا عندما عرفت هوية منقذها كأن روحها توشك أن تواقع ترك جسدها

صاحب الصوت و المدافع عنها الذي يقف أمامها شأن درع زجاج إلتفت ساقيها ببعضهما عندما أرادت أن تحتمي به أكثر و تقلص المسافة بينهما،  فسقطت عليهما بثقل , تراجع الكلب أخيراً عندما استشف أنه لن يحصل على أي طعام كما إعتاد من هنا أنه ذاك السينباي (طالب يتقدمها بالمستوي التعليمي) من مدرستها،  إنه سوهو

أطلق  سوهو أنفاسه التي حبسها مطولاً:
- هووف ، لقد ذهب.

حاولت إيفا الوقوف لكنها تآوهت :
- آه مؤلم.

سوهو منحنياً :
- هل أنتي بخير؟!

حركت رأسها :
- أنا بخير ( حاولت الوقوف مجدداً لكن وجع قدمها لا يرحم)

صرّح سوهو :
- هيا سأسندك. ( أخذ ذراعها ومددها حول كتفه الى أن وقفت )

شكرته مبتعدة عنه ببطء ، فتحدث مجدداً :
- دعيني اساعدك.

- يمكنني تولي الأمر بنفسي ( بدأت بالسير فبدت أمارات الألم بوجهها ) شكراً لك.

- لا تضغطي على نفسك ( أعرب  سوهو بحمّاس ليزيل إرتيابها)
إننا نقصد نفس المدرسة.

حاولت زيادة سرعتها هاربة و شاعرةً بالإهانة :
- أنا حقاً يمكنني تدبر الأمر بنفسي.

خطى أمامها و جلس على الأرض :
- إصعدي على ظهري ( نظر جانبياً لها )لن اقوم بأكلك صدقاً.

ضحكت رغماً عنها بخفة ثم لمّا المكابرة ؟! هي متألمة .



مدّت يديها حوله  أرخت إيفا ثقلها على ظهر سوهو ، وضعت رأسها على رقبته و فور ان لامست جسده الدافئ

إستقام وهو يثبت جسدها كيلا تقع:
- تشبثي جيداً.

شبكت يديها حول عنقه فلامس شعره خدها المتورد، و تغلغلت رائحته التي تشابه عطر الجاز الممزوجة بعرقه في محارات أنفها عميقاً ، لا بّد و أنه قادم من التمرين تكاد تكون غير مصدقة انّ القدر قد ساقه اليها هذه المرة
- إذا عملك هنا ( بادر سوهو كاسراً الصمت مخففا التوتر )
هو سبب غيابك يا فتاة الشجرة؟!

رددت : فتاة الشجرة !!

تحدث سوهو محاولاً كتم ضحكته :
- لم أرى متسلقةً بقدراتك.

دق قلبها بشدة خانتها العبارات  فتحدث غير منتظراً ردها :
- في البدء إستعجبت الأمر ، ثم اعتدته ، وبت ألقبك فتاة الشجرة، و رأيتك بعدها في المدرسة ( صمت برهة ) ثم ما عدتِ تأتين للملعب و تتسليق شجرة البلوط تلك (عرّف بجدية ) اسمي سوهو بالسنة الثالثة ، لنكن صديقين.

تلكأت :
- أنا ... انا.. إيفا كوماتسو بالسنة الاولى.

- كوماو! .. ماذا ( قهقه ) هل  أسم عائلتكِ بمعنى شكراً؟


كايا بجديّة  :

- لا . كوما-تسو أنه إسم ياباني الأصل.


تفلتت ضحكة منه للمرة ثانية :

- أعلم ، أعلم ، إنني امازحكِ .

توطأت معرفتهما بسرعة ، وكان سوهو ذات صيت واسع في المدرسة أصبحت إيفا ذات شعبية تماثله فيها كان سوهو يسطع في حياتها كالشمس في كبد السماء وبدأ قلبها الغض الذي ما سبق له و تألم أن  يشعر بالوجع و بالغيرة الحرّاقة ، عندما يتجمعنّ الفتيات حوله يتملقنه بإستمالة أو حتى يعترفنّ مُصرحات بحبهنّ

إن القدر لا يمازحنا مطلقاً ، و دائما ما يبعث لنا  رسائل مبهمة ، مخفية  و احياناً صريحةً كما ضوء البدر في الصحاري رسائل لو فهمناها بوقتها لوفرت علينا

الكثير و الكثير من كل شيء لو أن ايفا فطنت لرسائل القدر في وجعها المبكر بسبب غيرتها على سوهو حتى قبل أن تهيم به حباً كانت لتتجنب كل الوجع الذي يعتصر خلاياها الآن .. كأنه مقدرٌ وجوده في حياته فقط ليلقي بحمولة أطنانٍ من القهر و الآسى عليها و يغرقها .


- إيفا .. إيفا !!
إنتشلتها ندآت إسمها من تلابيب ذاكرتها
- معذرةً طبيب هايد ( مسحت دمعها الذي رطب عينيها ) كنت شاردة.

هايد بإبتسامة :
- لا بأس فلنسر معاً لنتحدث.

سألت متفحصة جانب وجهه :
- هل إنتهت أدوية الشهر ؟!

تنهد هايد بضيق مطبقاً فمه :
- حالة أمك تزداد سوءً ، عليّ إجراء تلك العملية في أقرب فرصة، و إلا ساضطر لتحوليها لمنشأة خيرية.

دقّ قلبها بنمط سريع ، إرتجفت أوصالها نافيةً رأسها بقوة في كلى الجانبين:
- كلا لن اضعها في منشأة مطلقاً، أنت تعلم كيف تسير الأوضاع هناك ( لفت جسدها مقابلةً له ) إياك أن تفكر بأن تضعها هناك...  ثم إبتعدت كأنه وباءٌ سينتقل اليها في ايّ لحظة


هايد:

- إذن عليك بأن تحصلي على 350 الف  دولاراً ثمناً للعملية ( قالها بحزم مُكره) بجانب مصاريف المشفى و علاجها ، قد يصل المبلغ الى 400 ألف دولار ( أخفض صوته كأن ما سيقوله خطيئةً او جرم ) أو ستموت أمك.

توقفت إيفا مكانها شأن غصن جاف سُحبت منه الحياة شعرت كأن الأرض سُحبت من تحت قدميها

إقترب هايد منها :
- إيفا أنا أعتذر عن قسو . . .

الا انها تجاهلته و سارت نحو الخارج بخطوات مهزوزة  متطلعةً حولها بيأس لا تعرف ماذا تفعل ..  فقد أخذ عقلها يتخبط مثل سفينةٍ في بحر عاصف برغم طول قامتها  ، بدأت أقصر من العادة  منكسرةً مع ملامحها البريئة التي إكتست بالسواد رغم جمالها المدفون تحت الألم المشبعة به حدّ الثمالة بحياتها الضنينة التي ما عرفت غيرها ..إلا انها متمسكةٌ دوماً بأمل ما مهيئةٌ أيضاً لإنكسارٍ ما

أخرجت هاتفها :
- مرحباً هيونا (سحبت نفساً) موافقة على أن أقوم بالتسليم لكن بشرط ، أريد 400 الف دولار دفعةً واحدة .



على الطرف الآخر من سيئول
بعد أن تدثرت المدينة بوشاح الليل الحالك و الطرقات مغمورة بضوء القمر الفيروزي ، و خالية من الناس تقريباً ، و مليئة ببرك ماء المطر صغيرة .. كانت سونغ هايكيو تخطو على الممر الطويل لمؤسسة سيدلي أوستن وهي من بين أهم ثلاث شركات محاماة مرموقات في كل كوريا الجنوبية  محدثةً فرقعات بكعب حذائها الاحمر الرفيع على الصالة الواسعة الكبيرة المترامية الأطراف ، الى أن وصلت مقصدها ذاك المكتب بواجهته الزجاجية و الذي تتوزع فيه مقاعد فارهة ذات لون رمادي و قماش مخمل

دفعت صميدة الباب و فتحته ثم وقفت خلفه برقتها و ملامحها التي تنتمي لطبقة نبيلة  تخاطب صاحب المكتب:
- إن لي سومان هنا ، يريد أن يعلم ما الذي حدث لصفقته.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhD7wXu3vkaaIGlzzeueY-2KA_wK9yIjLeEWS7bGgMWW3UfXBH9EuVJQjUS_5OXZUeGWKF5kUzO8QDTEb75bL7bb7zpxBlTS2ZHGHIfwvd2ZOvYrmGl3LOQcfT9r19sk2xftB0U_rvz1ho/s320/FB_IMG_1475116338174.jpg

ردّ عليها هيون بين دون أن يرفع نظره عن الملف بين يديه :
- إستدعي كيون.

خطت هايكيو خطوتين مقتربة :
- إن كيون قد غادر الشركة قبل ثلاث ساعات.

رفع هيون بين نظره نحوها يسأل :
- هل قمتي بـــــ ...

قاطعته هايكيو قبل ان يكمل سؤاله مجيبة :
- نعم . لقد اتصلت به، إن هاتفه بوضع الحظر.

تدخلت بارك سو دام  بسخرية ، وكانت تجلس قبالة هيون بين سالفا ً لأمر يخص الملف الذي بين يديّ هذا الأخير :

- وااه ، رئيس مؤوسستنا العظيمة و سكرتيرته ،  يبحثون عن الفتى الذهبي المختفي كالعادة.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjdn1Z1bEXjDV-oMwuJxnpj29uJXTZ9b2bnpg1qXZySwC93ufJ-oVIOLSZfNzECuEPGJra1iNnqOCVhhY2wKaA8MCxfE5feBeccjJFio9M0ZCOSR52Nu7swFsH90MgzYwTaKczZ-qRUBL4/s320/FB_IMG_1497015022379.jpg

حول هيون بين نظره نحوها ممسداً كتفه بإحدى يديه :
- هل تعلمين أين هو يا سو دام؟

لوت فمها محولةً سخريتها لضيق :
- هل أبدو لك المربية خاصته؟!

حرر هيون بين نفساً ضيق ممسداً كتفه الآخر :
- عاودي الإتصال به يا هايكيو حتى يرد.

هايكيو : لما لا تتصل به من خط محمولك الخاص ( ابتسمت رافعة كلتا حاجبيها )
لا أعتقد أن كيون قد قام بحظره.



فوق سطح العمارة الخالية ذات الخمسة طوابق، إنتشر ضباب خفيف يصاحبه صمت عجيب على المكان وبدا مظلماً كئيباً بجدية، تتسلل اليه أضواء القمر في وهن و عبّر السحب  فتمنحه ظلالاً باهتةً ممتدةً مضيفةً عليه المزيد من الرهبة

كان كيو هيون مسنداً ثقله على بندقيته القناصة الدراغونوف من نوع PSO-1 .. بطول 370ملم  و عدسات X4 .. مع بطارية لإضاءة الشاشة حتى يرى بوضوح في هذا الجو المظلم علامة + تماماً على رأس الهدف الأقرع .

تنفس ببطء حرك سبابته على زناد البندقية بتروي ثم حبس أنفاسه مركزاً على هدفه الأصلع المتمركز في مرماه أطلق الرصاصة مع تزامن إهتزاز هاتفه المحمول في جيب سترته  ادى الى اهتزاز كامل لجسد كيو هيون ، لتخطئ رصاصته على غير العادة
فقد كان لهذا الأخير مهارة عالية في استخدام الأسلحة بكافة انواعها مهارة قد اخُتزلت في جيناته الوراثية دون سابق تدرب إرتفع صوت الإنذار مدوياً متردداً في كامل المكان محدثاً هزات طفيفة مع كل مرة يتجدد فيها .. بينما شتم كيو هيون :
-اللعنة .

لسوء توقيت رنين هاتفه وإفشال كامل مهمته لكنه إبتسم جانبياً بسخريةٍ متمتماً :
- حان وقت  تورنادو.

وما كان يقصد غير سلاحه الكبير المُعّدل و المُطّور على نحو خاص بدأت أصوات الأعدء تتعالى عبر السلم الأسمنتي مقتربةً نحوه وصلوا الى السطح و إنتشروا فيه كما النمل وهم يصوبون أسلحتهم اتجاهه .. لكن كيو هيون تدحرج بجسده جهة اليمين
ومد يده مطلقاً رصاصة واحدة قبل أن يستقر على الأرض أصابت رصاصته أحد الأعدء  ..ثم عاود مطلقاً سلاحه بإحترافية ، فأطاح بواحد آخر برصاصة مباشرة إستقرت في جمجمة الرجل المقصود لكن لم يكن هناك مكان أو شيء ليتوارى خلفه ،فقد كان السطح فسيحاً أجرداً كما الصحراء كان يعلم أنه بهذا الوضع قد يخسر حياته فما كان أمامه غير المراهنة بسرعته مستفيداً من الظلام و الضباب

بّدل سلاحه التورنادو بمسدسين خفيفين صغيرين حمّل كلّ منها بيد إستدار ناحيتهم دون ادنى تردد و همّ بالركض بكامل سرعته،  وهو يطلق وابلاً من الرصاص السريع المضاعف

فأصاب واحداً في صدره و الآخر في عنقه و أرداهما قتيلين على الفور في نفس اللحظة مزقت رصاصة أحد الأعداء جزءً من خصر كيو هيون  مخترقةً لحمه كان ليكون الألم كبيراً ، لولا كمية الأدرينالين* و الإندورفين** المتدفقين في جسده دار  عقبيه مصوباً مسدسه الى الأخير ..هذا الأخير الذي ما كان سوى هدفه الأول الأقرع زعيمهم

إهتز عندها هاتف كيو هيون مرة آخرى، و تردد صداه هذه المرة معلناً عن وصول رسالة نصية

إبتسم كيو هيون مصرحاً  :
- غايم آوفر ||. Game Over

ضغط زناد إحد مسدسيه ، إخترقت الرصاصة رأس الزعيم فتراقص ضوء ازرق برّاق أمام كيو هيون معلناً عن إكماله للمهمة و تحطيمه رقماً قياسياً جديداً ليضعه على رأس قائمة اللعبة ضغط الزر الأحمر الكبير الموجود على جانب الخوذة الإستيلية التي يرتديها

مطفئاً بها جهاز المحاكاة الخاص بلعبة جميس بوند*** المباشرة مع إبتسامة عريضة تشف عن رضاءه بأن نصف مدخراته التي ينفقها على كل هذه الألعاب لا تذهب هباءً فقد بات لقبه سنيك جيمر ايّ الافعى اللعوب ، يتصدر قائمة معظم الألعاب القاء نظرة على هاتفه المحمول

عشرات المكالمات المحظورة من هاتف الشركة الخاص بمكتب هايكيو مكالمة و رسالة من رقم هيون بين الخاص بمحموله

الرسالة :

[ أين انت بحق خالق السماء؟ .. تعال الى الشركة حالاً ]






ولج كيو هيون تواً الحجرة ذات الواجهة الزجاجية الكاملة شأنها شأن جميع حجرات مكاتب مؤسسة  سيدلي أوستن ثم وقف بهدوئه المعهود و على شفتيه إبتسامته الشهيرة
التي تجمع ما بين الكثير من الثقة بالنفس و لمحة من السخرية :
- ها أنا يا هيون ، ما الأمر الطارئ؟

هيون بين مكوراً يديه على بعضهما :
- سو مان ، إنه يتسأل بشأن قضيته.

- جيّد.

- و ما هو الجيّد ؟! ، ألم تلقي نظرة على متطالبات صفقته ( شبك اصابعه لينسد ذقنه عليها ) إنه يقصد سوء نيةٍ واضحة.

- أعلم . لكن ألقٍ نظرة ( مدّ كيو هيون المستند بين يديه ل هيون بين ) لقد تدبرت الأمر

فتح هيون بين الملف مقلباً صفحاته ، ثم رفع أحد حاجبيه :
- وهل الأمر حقيقي ؟


كيو هيون بسخرية :

- بالطبع لأ . هي مجرد كذبة ليتم الصفقة دون مشاكل.

تلك لم تكن أول خدعة أو كذبة يبتدعها محامي الدفاع المشهور تشو كيو هيون
لتتم صفقة أو تسوية ما

و كان هيون بين يندهش ضاحكاً في كل مرة بسبب وضاعة كيو هيون فالأخير كان رجلاً متطرفاً من أجل النجاح يذهب إلى أقصى الحدود وما بعدها ملازماً لكل المخاطر التي قد يواجهها قضائياً.. إنه رجلٌ عبقري بالفطرة ، حذق مع سرعة بديهة تسابق الصوت رجل خُلق قطعاً ليعمل في هذا المجال  داهية بالمعنى الحرفي  .. فتح كيو هيون فمه ليقول شيئاً  الا أنه صمت



ورده إتصال ، جعله ينسحب دون إستئذان خارج المكتب

- حسنا. نعم.،  لنلتقي في مكاننا المعتاد .


خلف زجاج نافذة مطعم إسبيكترا الفخم العريق ، قبع كيو هيون جالساً على إحدى طاولاته المستديرة، أجاب على سؤال النادل :
- كوب شاي أخضر من فضلك ( حول نظره الى الرجل المقاصد له) هل   تناولت غدائك؟


أومّا رأسه بنعم :

-  أجل ، سأخذ قهوة مثلجة.

الأخير  هو في حقيقة الأمر ليس الا مساعد كيو هيون الخاص ساعده الأيمن إن أردنا الدقة  وكان كيو هيون قد أوكل لمساعده مهمة ما


كيو هيون بإهتمام :

- هل الأمر يسير بشكل جيّد؟!

اومأ يوو جي.تاي راسه بإبتسامة :
-نعم ّ ( تابع بحبور مضاعف كأنه مضخةٌ ماء) كل شي على اوجهه سيدي.

ابتسم الأخير :
- جيّد ، عرابّي لم يشك بشي صحيح؟!

كان مزاج و أريحية يوو جي.تاي يتناسبان طردياً مع مزاج كيو هيون فكلما كان مزاج سيده معتدلاً كلما زاد إعتدال مزاجه و أريحيته

تابع يوو جي.تاي طامعاً في إتساع ابتسامة كيو هيون :
- لا لم يشك بأي شي ، لقد جهز آدم ورتب الأمر ،

شروط عقد الزواج ، و الفتاة التي ستتزوج بها ،
ثم سأتم الأمر انا شخصياً عند نهاية الاسبوع.

كما أمل يوو جي.تاي أفرج كيو هيون عن صف اسنانه المتراصة كعمل هندسي:



- عليك ذلك ، فليتم الامر مهما كلف من اي شيء اعتمد عليك ( قالها الاخير مربتاً على كتف مساعده مرتين ) فلتسوي الامر عند نهاية الاسبوع.


و عند نهاية الإسبوع الذي كانت أيامه مرهقةً جسدياً و نفسياً لها ، الليلة هي الليلة المنشودة عملية تسليم الحشيش ، جرت إيفا إحدى الحقيبتين من نوع سونسونايت من تحت سرير هيونا كما وصفت لها

ثم فتحتها لتتأكد من البضاعة  تلك إحدى الدروس الأساسية في هذا العمل

لم تنسها إيفا رغم تركها له قبل سنوات عدة ربتت على براعم الحشيش المكيّسة بذهن ثخن و ضمير أثخن متذكرةً حديث أمها عندما كانت مقبلة على دخول الجامعة

- إيفا لن أكون حولك الى الآبد ، و أريدك أن تتوقفي عن تلك الأشياء.

ردّت إيفا معقدة الجبين :
- أيّ أشياء أمي ؟!

إبتسمت و الدتها بصفاء :
- قد أكون كبيرة بالسن ، لكنني لستُ حمقاء ، أعلم يا صغيرتي بأن الحياة كانت صعبة علينا ، لكنك لم تعدي طفلةً بعد الآن .

أطرقت إيفا نظرها على الأرض

تابعت أمها :
- أنظري اليّ ( رفعت عينيها عاضةً تجويف فمها بألم يشوبه الشك ما إن كانت أمها فعلاً تعرف ماهية عملها القذر )

تابعت أمها :
- أريدك أن تعدينني بأنك ستتركين هذا الطريق، وتركزي كامل طاقتك على الدراسة، حتى تعيشي بعدها بناءً على شهادتك.

- أعدك ( ضربت الدموع خديّ إيفا ، لتحول شكها الى يقينٍ راشد )
أعدك أومّااه.

أغلقت إيفا الحقيبة :
- آسفة أمي ، فلتغفري ليّ.


- تكلمين نفسك ؟!، تش هل جننتي؟! ..إرتفع الصوت الرجولي سائلاً

صرخت مجفلة ثم أعقبت :
- إلهي !! لقد أفزعتني سوهو.

- أعتذر ( قالها بإبتسامة تحولت تدريجياً الى صفارة إعجاب )
تأملها فاحصاً :
- إنظري لنفسك تبدين رائعة .

تخضب وجهها حمرةً ، إذ تذكرت توها إصرار هيونا على إرتدائها إحد فساتينها

عندما و بختها قبل يوم :
- إسمعي يا إيفا لا تذهبي للتسليم و انتي تبدين كبائع طعام متجول ،  حسني مظهرك قليلاً.

إيفا الآن تناظر سوهو بقلب راقص :
- شكراً.

سألها : إلى أين ؟!

حكت فروة رأسها :
- مراجعة من أجل معادلة تخرجي ، سألتقي ببعض الزملاء.

هي بارعة بالكذب رغم كرهها له ( أردفت مغيرةً دفة الموضوع )
- و أنت ما الذي تفعله هنا ؟!

خلع سترته :
- صاحب الشقة المجاورة لي يقيم حفلاً ، جئتُ هنا لأنام

تعلمين ( تابع بكلمات متقطّعة ) أصحو باكراً ، أتمرن ، أرتح ، أتمرن.

أومأت رأسها بتوالي مع كل كلمة  فسوهو أمسى الآن ، صانع ألعاب بفريق كرة السلة المحلي و يستعد لدوري أبطال سيئول المحلي طامعاً ليُأخذ و يضُم الى المنتخب الوطني الكوري في المستقبل القريب

- حسناً. ، إرتح أنت ، سأذهب الآن.

- مهلاً ( إقترب) إنتظري.

مدّ يده مصلحا ياقة فستانها السُكري الممتد طوله تحت ركبتها بربع كم و فتحة عنق واسعة مربعة الشكل. ثم ربت على خُصلها المغطية نصف جبينها :
- هكذا ، تبدين أجمل.

هكذا نعم ، ببساطة  إحتضن عينيها بحنان صديق حارس بينما خرج قلب إيفا عن جنبيها من ملامسته الغير مباشرة لها فتح فمه مفكراً معاتبتها عما بدر منها قبلاً، الا أنه تراجع كما  فعل لحظة رؤيتها في البدء عزّم تركها على راحتها

حلق بكفة يده ضاماً لها في الهواء:
- فايتيينغ.

أومأت رأسها ، ثم هربت. هربت هذا فقط ما تستطيع فعله الهروب نصفه شجاعة و نصفه الآخر ذكاء لكنه بالنسبة لها هو الحل الأوحد



أخذ هواء فبراير ( شُبّاط ) البارد يضرب على وجه يوو جي.تاي بقوة  عبّر نافذة سيارته المفتوحة التي مرت بسرعة بإتجاه الشمال متجاوزاً دار السينما قاصداً ملهى يبنش
أغمض عينيه محاولاً أن يصفي ذهنه . لقد جعله اتمام أوراق عقد زواج كيو هيون ، بكافة شروطه أفضل حالاً الى حدّ ما  إلا أن ذلك لم يكن من شأنّه تهدئته كلياً والتخفيف من خيبة أمله لعدم تمكن آدم مرافقته الليلة

آدم الذي يعتبر البديل او النائب بعد يوو جي.تاي عند كيو هيون زفر يوو جي.تاي ثم إستنشق أكبر كمية من الهواء البارد فهذه الليلة استنزفت شهراً من مخزون تركيزه و راحته

حتى تمكن من أن يدبر أمر هذا الزواج بشكل سري دون أن يعلم عرابّ كيو هيون بالأمر  ذلك الرجل المرعب عديم القلب الذي تبنى كيو هيون  بعمر الحادية عشر ليخط له كامل حياته كمعتقل في سجون سرية مراحله الدراسية  ،اصدقائه الأماكن التي يرتادها و التي عمل بها ختاماً بالمأزق الذي هو به الآن

واضعاً إياه بين خيارين : إما أن يتزوج او يُحرم من ميراثه

ولم يكن بإمكان كيو هيون البقاء مكتوف الحيلة محشوراً بزاوية ضيقة ليتزوج بفتاة خاوية الفكر بإهتمامات سطحية وغبية من إختيار عرابّه فخط مفكراً مع مساعديّه يوو جي.تاي  و آدم ليخرج من هذه الورطة  بزواج مدبر مؤقت  ..حرف يوو جي.تاي سيارته الى اليمين متجه إلى زاوية غربية دائراً حول باحة الملهى

حتى توقف أمام الإشارة التي تمنع تقدم السيارات اكثر دفع الباب الدّوار للملهي بعد ان اعطى مفتاح سيارته لفتى ركن السيارات  تنفس بعمق متذكراً حديث آدم معه عندما كانا
واقفين خارج شقة الأخير منذ عشرين دقيقة

- حجزت لك طاولة VIP ،إاجلس و انتظر حتى تأتيك شابة تدعى فيكي ،
لن يستغرق الأمر كثيراً ، فايتينغ.

- ألن تأتي معي؟ (حملق يوو جي.تاي)

سحب آدم نفساً مبتسماً :
- هناك أمر يجب ان اقوم به.

- حقا ! أمر ؟!

أوما آدم لطفاً بطريقةً  لا تتماشى مع مظهره الخشن المخيف ليوو جي.تاي نفسه  تنهد الأخير الواقف الآن مراقباً الأضواء البرّاقة للمكان التي تتخذ اشكالاً للجنون الصاخب

- لماذا اختار ذلك المجنون هذا المكان المزعج ؟!
تذمر نادماً على اسناد الأمر له ثم خطت قدميه للأمام بجدية و إتكأ على طاولة التقديم معلناً للمرأة الواقفة خلفها:

- حجز بإسم آدم.

مررت المرأة عينيها المغطتين برموش إصطناعية مع قطعة لبان كبيرة  تلوّكها بإسلوب مقّرف أكثر من مغري كما تظن هي :
- عذراً سيدي لا يوجد.

ضغط يوو جي.تاي يده على صدغه مُحرجاً :

- لابد وانه بإسم يوو جي.تاي اذا.


ساقت عينيها مرة اخرى شأن آلة مسح على ورقة الحجز امامها :
- اعتذر لك مرة آخرى لايوجد.

صُبغ وجهه بالصُفرّة :
- لحظة فقط.

اخرج هاتفه من جيب سترته وهو يلعن آدم في سره الذي وضعته في موقفٍ كهذا
شتّم :
- اللعنة ، أجب ، أجب.

جعلت حدّة نظرة موظفة الاستقبال يوو جي.تاي يشعر بالتوتر :
- حسنا سأخذ طاولة  .VIP

لوّت موظفة الاستقبال فمها :
- اعتذر. يُلزم حجز مسبق ، لاتوجد ايّ طاولة فارغة.

لم يبدي يوو جي.تاي أيّ ضيق للأمر ، فقط اخرج مجموعة اوراق نقدية
مدّها لها :
- ارجو أن تتأكدي مرة اخرى.

إبتسمت جانبياً برضى :
- يوجد آخر طاولة لدينا من حسن حظك سيدي.
بات يوو جي.تاي ممتناً لمجرد حصوله على طاولة شخصيات مهمة

- في الواقع ( تردد يوو جي.تاي غير متأكد تماماً من كيفية صياغة الموضوع )
ستأتي فتاة شابة او إمرأة تسأل عن حجز و موعد VIP ، هلّا أدللتها عليّ.

حدجته الموظفة:
- عفواً؟!

من الواضح أن طلبه هذا لا يصاغ لكنه تحدث :
- فقط ايّ كان ( صمت مرة اخرى لعلمه أنها لن تفهم )

- حسنا ؟؟!! ( تعجبت الموظفة )

تناول اصابعه عدت اوراق مالية من محفظته مرة ثانية :
- أعنيّ ايّ فتاة تسأل عن موعد VIP ، إسأليها عن اسمها ، وإن كانت تدعى فيكي اوصليها اليّ ( إبتسم بتكلف ) سأكون شاكرا.

رفعت حاجباً دون الآخر وهي تدسّ المال عميقاً داخل حمالتها :
- حسنا . ( اشرت بيدها لإحدى الحرس ) فلتوصه للطاولة 73 .VIP

- من هنا سيدي.
اعرب الحارس وهو يلتف نحو اليمين متجاوزاً طاولات

اشبه بغرف او أرشات دون باب .. لحق به يوو جي.تاي بنظرٍ يتأقلم شيئا فشيئا مع الإضاءة الخافضة , طاولة الشخصيات المهمة ، اشبه بخندق من النوع الراقي غرفة صغيرة مع طاولة مستديرة تلفها أريكة مكسوة بجلد اسود مزركش

جلس عند المنتصف مترقباً وصول المدعوة فيكي أملاً أن يتم الأمر قبل ان يفتك به توتره الذي يعتريه  محاولاً التخفيف عنه بإتصالاته التي لا تنقطع ب آدم

كانت إيفا تضرب الأرض بمقدمة حذائها بشكل عمودي بتوترها الذي تحاول إخفائه قدر المستطاع

- لماذا إختار المستلم مكاناً مزدحماً كهذا؟! ( تسألت مستنكرة ) اذ طالما كانت مثل هذه العمليات تتم بأمكان منعزلة بعيداً عن التجمعات

زقاق خلفي من حيّ عشوائي ، أو بجانب إحدى مزارع الأرز لمهجورة ، او قرية طرفية نائية .. لكن هنا!! .. في موقف السيارات الواقع تحت الأرض و الخاص بملهي بينش الليلي مكان أكثر من غير ملائم

إقترب منها رجل نحيل جداً ذابل الملامح ، ميت الظل على حين غفلة سائلها :
- في أيّ وقت يُفتح المطعم؟!

قفزت تناظره ، ثم اجابت بعد أن استعادت رابطة جأشها :
- منتصف الليل، لكن الطعام نوعاً ما حار جداً.

- إتبعيني آنستي ( أومأ الرجل بعد ردها بكلمة السر يتقدمها بخفة  )

إرتجفت أطرافها رغم قيامها بالكثير من هذه العمليات سابقاً تبعته مفرقةً خصلات شعرها خافضةً وجهها قدر الإمكان الى أن توقفت أمام رجل فارع الطول ممتلئ الجسم و الوجه و كانت عيناه تضيعان في طيات لحمه

أشار الرجل ( المُستلم) الى مساعده ليأخذ الحقيبة عن إيفا

هذه الأخيرة التي نفت رأسها :
- ليس قبل أن أرى المال.

فتح المساعد الحقيبة المليئة برُزم الدولار الأخضر
- حسنا. ( فتحت حقيبتها بدورها لتلمع البراعم الصغيرة

من تحت البلاستيك الشفاف أغلقت الحقيبة ليقوم المساعد بالمثل مقترباً منها) ليتبادلا الحقائب

إقشعر جسدها من الصوت الذي دوى كضربة صاعقة صارخاً :
- مكانكم لا تتحركوا.

صدر الأمر من رجل شرطة في ملابس مدنية معه إثنين آخرين شرطة متخفية  ..تسمرت إيفا جاثيةً على ركبتيها دون حراك حيث باتت بشرتها شاحبة كالأشباح

وعلى بُعد إحدى عشر قدماً ، وقف منها الشرطي موجهاً إسطوانة مسدسه نحوهم ضاقت عليها الأرض بما رحبت  وهي ترى حياتها تنتهي أمامها


يتتببع ...





هناك 7 تعليقات:

  1. اوني الرواية كتيييييييييييير حلوة وحماس ���������� وفكرتها مختلفة بالجد إبداع بالتوفيق اوني فايتينغ ������

    ردحذف
    الردود
    1. دعوويية تسلمي يا جميل ، من ذوقك 💗💗💗💗💗💗
      سارانغايو ، و فايتينغ

      حذف
    2. دعوويية تسلمي يا جميل ، من ذوقك 💗💗💗💗💗💗
      سارانغايو ، و فايتينغ

      حذف
  2. الرواية رائعة والوصف لكل شخصية يجعلك تستحضر خيالك وتندمج معها جد اكتر من رائعة

    ردحذف