السبت، 23 يوليو 2016

✿ لعنة سويون ♦ البارت الثاني ✿

Ͼ لعنة سويون Ͽ
البارت الثاني 




نظرت مجددا للنادل انه بخير كل تلك الاحلام خرافة... ماكادت ان تلف رأسها حتى انتبهت لقدم الزبون التي مدها ببعض التعب للامام اتسعت عينيها انها ليست سوى البداية نفسها شل لسانها عن النطق بإي حرف او حتى منع النادل الذي اكمل طريقه دون انتباه 

تعثر النادل تماسك عن السقوط ..سقطت الكأس تحطمت لاشلاء وتأوه النادل بقوة اثر اصابته بجرح...  وقفت بقوة شاهقة بأعين تكاد تغادر محجرها غير مصدقة قلب يخفق بجنون.. رفعت يدها مجددا تلك الزهرة لاتزال تنبض بضوء ازرق كنجوم السماء ثانية اخرى وخفت الضوء واختفى لتعود الزهرة لسوادها الحالك.. تمسكت بمعصهما بقوة قرب وجهها تماما أي شئ مستحيل هنا يمكنها ان تصدقه وتقتنع به؟

سحبت حقيبتها بهلع وغادرت المقهى راكضة للخارج..اكملت ركضها على طول الرصيف كأنها تهرب من عدو مخيف سوف يلتهم تفكيرها وعقلها...توقفت فجأة تلتقط انفاسها بتعب وحبيبات عرق رطبت جبينها ...رفعت معصهما تحدق به بنظرة محتارة خائفة :ماكل هذا!.سأفقد عقلي... لمَ تحقق الحلم فورا!!... تماما كما هو.(نظرت للخلف ثم عادت للامام تسير برفق) علي ان افهم مالذي يجري معي بالضبط ..هل علي ان اذهب لطبيب نفسي(هزت رأسها ناكرة) سيظن بأنني مجنونة حقا... وقد تحصل نتائج لاتحمد عقباها من سيصدق ان حلما يتحقق فور الاستيقاظ(تحولت نظرتها للجدية) ثم انه حلم واحد فقط...ليست سوى مجرد صدفة..هذا يكفي,..لماذا اكبر الموضوع لهذه الدرجة.

عدلت حقيبتها ...رتبت غرتها واكملت طريقها الى المنزل.. يكفي بحثا وارهاقا لهذا اليوم... مرت على محل للوجبات السريعة.. اشترت مايلزمها من حاجيات بسيطة وبعض الطعام ...ابتسمت وهي تنظر للاكياس وتكمل خطاها الى شقتها على مهل :من الجيد ان احتفظ بمال دائم للطوارئ... اتمنى ان أجد عملا قبل ان ينفذ ماعندي تماما.


على سلالم المبنى كانت سيدة في بداية الاربعينات تحمل اكياسا هي الاخرى وعلى مهل تصعد الدرجات برفق بجانبها تسير قطتها سوداء بعيون بزرقة البحر ناصعة الجمال... التفت سول حول الركن لتتسلق الدرجات التالية فأصبحا امامها.. اشرقت على وجهها ابتسامة جميلة :لــونا!
ماءت القطة اذ قد عرفتها من صوتها وتوقفت السيدة حين اصبحت سول بجانبهم ابتسمت وهي تنحني لتخرج قطعة شوكلاه صغيرة وتقربها من فم لونا :اشتقت لكِ صغيرتي..كيف حالك!..مسدت على راسها فأغمضت القطة عينيها وهي تتدلل تحت يد سول التي ضحكت بخفة على منظرها الناعس
:اششش هيا كفاكِ دلال الى فوق..سريعا اصعدي هيا
استقامت في وقفتها انحنت محيية السيدة ثم اكملت طريقها لأعلى الى حيث شقتها.

.......................

رتبت اغراضها تناولت عشائها وبعض القهوة في الشرفة في ذلك المساء بنسائمه المنعشة ..شعرت بالطمأنينة تعود لها شيئا فشيئا منذ حادثة الصباح...اغمضت عينيها بقوة كأنها تمحو تلك الصور ولاتود التفكير بها ابدا...نظرت لكوبها الذي فرغ تماما دون ان تشعر ابتسمت بدفء ثم دخلت لتغلق باب الشرفة خلفها

تمددت على سريرها وتغطت جيدا لكنها فجأة راودها الخوف....خائفة من ان تغمض عينيها مرة اخرى..فكل مرة تحدث كارثة .. غضبت تعابيرها :يا انها مرتين وحسب...ثم لم يتحقق سوى مرة واحدة ..علي ان اتوقف عن التفكير في هذا الموضوع تماما...انقلبت الى الجانب...اغمضت عينيها نامت فورا في نفس الثانية وكأن الامر اصبح بيدها ومتى قررت سينفذ دون ثانية تأخير.
ونامت بهدوء وراحة.... لم يتبقَ للفجر الا القليل...

""فتحت عينيها بقوة تيارات الهواء بقوة تضربها وهي تهبط بقوة الى البحر صرخت لكن هذه المرة بحماس مشتعل كمن يؤدي قفزة  مظلية بقناعته...غاصت في البحر مجددا ثم سبحت كحوريات البحر برشاقة وخفة ...فتحت يديها بسعادة كبيرة.. باتت وكأنها تقتنع به وتحبه وتشعر بحريتها فيه انها مكانها الخاص بلاحدود.

فجأة سكنت حركاتها سمعت صوت مواء خفيف تلفتت حولها باحثة بقلق ثم خمنت وهي تبحث بعينها :لونا!..أهذه انتِ لونا!

بلمح البصر اختفى البحر كستارة سحبت من حائط خلفه برفق, وتحول البحر لتصبح سول فورا امام مبنى الشقق التي تسكنها ..صوت المواء يزداد وقبل ان تبدي أي خطوة اخفضت ناظرها لقدميها بتعجب وهما حافيتان لكنها لم تهتم ..تتبعت مصدر الصوت وهي تنادي عليها بأستمرار :لونا!..لونا اين انتي!؟؟ 

وتحول مشي سول الى جري سريع حتى انتهت امام شجرة كبيرة تقع امام المبنى من الجهة الاخرى...شهقت برؤيتها معقلة فوق بين الاغصان قدمها عالقة وتحاول سحبها بقوة وقد اصبحت تموء بشكل مخيف فقد ضاقت ذرعا بطول بقاءها فوق...ارتعبت سول صرخت عليها بحدة :لونــا!

تلفتت بلهفة لأنقاذها علها ترى أي شئ او شخص يساعدها... انتبهت على قرص الشمس الذي بدأ بالظهور اشعتها تخللت الشجرة وانعكست على المباني ...فزعت على صوت تكسر الغصن التفت تنظر لأعلى بعيون مرتجفة الحدقة مضطربة التنفس :لونا!..لونا!..لاتفعلي توقفي عن الحركة ..انتظـــرررري!
صرخت بحدة حين رأتها تهوي للاسفل ..اغمضت عينيها بقوة كي لاترى ذلك المنظر البشع....
 فقدت الاحساس بإي شئ والمكان والزمان""

ثوانٍ وفتحت عينيها على السرير تتعرق وانفاسها متقطعة...جلست محنية الظهر وهي تسند رأسها ليدها بتعب...وانفاسها المتعاقبة بأرهاق يملء صداها الغرفة : ماذا الان؟؟ تووقفي...انا متعبة حقا

اسدلت قدميها من تحت الغطاء متجهة للمطبخ لشرب بعض الماء...هناك اخفضت الكأس للطاولة شعرت ببعض الراحة اخيرا ثم حدقت بالنافذة الى السماء بلون ازرق فاتح والشمس على وشك ان تشرق انها بداية الفجر البديعة ..ابتسمت بلطف لمنظرها الآخاذ ثم التفتت لتعود الى سريرها...لكن الفضول اوقفها...

التفتت للنافذة مجددا..بدى منظرها مشابه لسماء الحلم...لذا وجدت قدميها تأخذانها بأتجاه النافذة بخطى متوترة غير مستقرة.. وعند اخر خطوات لها توقفت خائفة ان ترى ما رأته في الحلم حقيقة مرة أخرى...اغمضت عينيها ابتعلت ريقها واقتربت من النافذة بسرعة واسقطت نظرها الى الاسفل الى الشجرة العملاقة امام المبنى... اطلقت نفسا عميقا كانت قد احتبسته من الرعب ابتسمت بهدوء :توقفي ياسول (التفت لتعود ادراجها) انها مجرد...اتسعت عينيها شلت ارضها ...صوت المواء ازدادت شدته وتحول لمواء مخيف كما الحلم...ودون ان تعلم كانت الزهرة على معصمها قد بدأت بالاشعاع كنبض النجوم في قلب السماء...التفتت بسرعة رهيبة وعيون فزعة واسرعت و الصقت نفسها بالنافذة تماما بل فتحتها بلهفة واخرجت نصف جسدها منها غيب عقلها ولبت نداء الحلم كالمجنونة منادية بلهفة :لونا!..لونا انت هناكِ؟؟...

ازداد المواء مواء خاص تطلقه لونا لسول عندما تناديها... فغرت سول فمها جفت الدماء في جسدها ...تناست انها تتابع حلمها الأن بكل حذافيره وسيبدو الامر جنونيا منها لكنها لم تهتم :اللـــعنة!...صرخت بها عاليا..

وجرت نحوباب شقتها فتحته بسرعة وحافية القدمين انطلقت جريا للاسفل قطعت درجات الطابق الثاني ثم الاول بسرعة رهيبة انطلقت جريا امام المبنى الان ...واشرقت خيوط الشمس تتخلل الشجرة و تضئ زجاج المباني... وسول تجري.. ثانية كانت تلك التي وصلت بها سول تحت الشجرة تماما لتغلق عينيها بقوة شهقت اثر سقوط لونا بين يديها في حجرها اعقبه سقوطها للخلف وهي تعتصر لونا بقوة بين ذراعيها 

مرت ثوانٍ عديدة وهما على هذا الحال..حتى شعرت برطوبة على وجهها ..كانت لونا تحرك انفها على وجه سول قلقا عليها..وبرفق فتحت سول عينيها ليقابلها وجه لونا القريب جدا.. ضحكت بخفة عليها رفعت يدها لتربت على رأس لونا..لكنها ثبتت يدها معلقة في الهواء وهي تحدق بمعصهما ..وشم الزهرة لايزال يشع بخفة وشيئا فشيئا انطفأ مجددا وعاد لظلمة سواده...ومعه بقيت سول بعيون مشدوهة تحدق به بصدمة..وتهربت لونا من حضنها للارض ..فتعدلت في جلستها وهي ممسكة بمعصمها بدون نطق أي حرف...هي لاتفهم لتتحدث لتبدي تعجبا...

 ايقظها صوت السيدة التي تتابع نداءها وبحثها بلهفة عن قطتها من فوق في الممر امام ابواب الشقق..حتى توقفت عند السور ولمحت سول في الاسفل جالسة وقربها لونا تتحرك فهتفت لها سول لتريحها :انها هنا لاتقلقي سيدتي.



............................

فتحت باب شقتها قطعة جماد خاوية بضع خطوات عن الباب وانتهت وهي تفترش الارض بتعب بفم مفتوح وعيون لاترمش لاتريد ان تفعل لاتريد ان تمحو ما رأت فكرة ان الحلم كله تحقق ذلك كثير لتستوعبه :حدقت بقدميها التي اتسخت كما الحلم ركضت حافية القدمين...:لا اظن بانها مجرد احلام..الامر ليس مزحة(فغرت فمها بصدمة تشرح لنفسها) لقد تحقق الحلم فعلا بكل مافيه...اقصد انه لو لم الحقها في الواقع في الوقت المناسب لكانت... سكتت لم تستطع ان تكمل..اطلقت شهقة قوية وهي تمرر يديها في شعرها ثم مسحت على وجهها..ترقرت الدموع في عينها وبصوت ناحب توسلت :اوه ياللهي انا متعبة...هذا كثير علي لاستوعبه... (حدقت في الزهرة بتركيز)كيف حصل كل هذا ومن متى ظهرت لتتحقق احلامي بالفعل.


افاقت من صدمتها وزحفت ثم قامت سريعا الى المنضدة.. سحبت الحاسوب المحمول من الدرج ...تربعت الارض بلهفة وبدأت بالكتابة والبحث عن أي شئ يمس مايحدث معها ... قرأت الكثير ودخلت مواقع مختلفة بعيون خائفة واحساس متوتر لم تجد ظالتها سوى الجمل نفسها
(الاحلام هي افكار عقلنا الباطني بعيدا عن أي موضوعات خارجية ,صور متراصة تتراكم لتصنع حلقة مفرغة نعيشها وكأنها حقيقة دون الاحساس او الشك بها ولو للحظة!)
صرخت وهي تغلق الحاسوب بكل قوة :ماكل هذا!...لست افكر بإي شئ...لست افكر بشئ... بالاضافة الى انني اشعر بهم تماما..ارى نفسي حقيقة معهم وانا موقنة انه حلم وانا اعيشه واشعر معهم بكل شئ...ماكل هذاااا!!....

حدقت بالساعة على الحائط امامها :ياللهي!..(تفاجئت بصدمة ) سأتأخر على المقابلات... ,رمت الحاسوب على السرير خلفها وانطلقت للحمام لتغير ثيابها وانطلقت سريعا الى الخارج..حاولت محو كلما رأت وماحدث..اوقفت دماغها عن التفكير هذه الساعات القليلة سوى بموضوع ايجاد وظيفة مناسبة قبل ان تنفذ منها حتى نقود طعامها.


دخلت مقابلتين حماسية كانت وممتازة.. لكنهم لم يقتنعوا شئ عجيب مهما حاولت.

اشرفت الشمس على المغيب وقت عودتها الى المنزل... تنهدت امام شقتها بتعب وارهاق وخيبة ايضا.

ثم دخلت الى وكرها مجددا خائبة... لم ترغب بفعل أي شئ سوى النوم!... النوم الذي هو الاخر بات مخيفا مزعجا اكثر من الاستيقاظ البائس نفسه ...غيرت ثباها واستقلت فورا على سريرها ... هي ثانية كانت لتفتح عينيها على وسعهما  ضغطت على قبضتها بقوة وتمتمت بصوت مرتعش :هل..هل سأرى..حلما اخر(اغمضت عينيها بقوة)لا اريد لا اريد لدي مايكفيني من الهموم والمعاناة...

تنفست بصعوبة جذبت اطار الصورة على الرف قربها وعادت مستلقية تناظره وهي تمسكه بكلتا يديها ..واحدا واحدا حدقت بهم لتلك البسمة التي تداعب شفاههم وتبعا لها ابتسمت لكن بألم شوق لايضاهى تنهدت بصعوبة ضمت الاطار لها بقوة تستشفي منهم بعض القوة بعض الحاجة حضنا دافئا يضمها فتختفي معه بعض الأمها.

ونامت سول!..."" فتحت عينيها برفق فوجدت نفسها تطفو في ذلك البحر الازرق الياقوتي وشعرها يرتفع مع المياه .. تلفتت حولها ببطء تشعر ببعض الرجفة تسري في اوصالها خوف من القادم ... شعرت بدغدغة خفيفة من الاسفل.. ترددت وهي تضغط على ثيابها من الجوانب بقوة ابتعلت غصتها بصعوبة... ثم اطرقت ناظرها للاسفل لتتسع عيونها بذهول فقاعات ماء بزخم شديد بدأت تتكدس وتخرج كأنها تحتها هناك ثقب.. تصاعدوا ليحوموا حولها تدريجيا ثبتوا في مكانهم ..زادت صدمتها عندما لاحظت ان كل فقاعة تحتوي حرفا تلفتت حولها فتأكدت من الجميع :حروف!.. ماهذا! ...تزاحمت الفقاعات بقوة بشكل مخيف غلفتها بالكامل كالدوامة اشتعلن حولها بسرعة رهيبة صرخت بفزع :كلااااا...شدت من قبضتها حول وجهها ... ثم هدوووء!

شعرت بسكينة كل شئ حولها...ابعدت يديها برفق عن وجهها وتفاجأت بدهشة حدقت بكل شئ حولها :الفصل ألف!...صدمة جديدة وهي تحدق بالفصل الجدران المقاعد وبعض الطلاب يمزحون هناك...ازدادت سرعة تنفسها يرعبها ان تصدق مايجري...

 كانت تقف قرب الباب الثاني ودخل احدهم الصف مرورا بجوارها ..نفسها!..سول المراهقة نفسها مع ابتسامتها المشعة تلك..استعدت لتجلس الى مقعدها ..فأوقفها ظرف ابيض على المنضدة ابتسمت فورا واكملت جلوسها فهي تعرف هذه الظروف المزخرفة لمن!...فتحت الظرف واستخرجت الورقة وبدأت بألتهام مافيها وشيئا فشيئا اختفت ابتسامتها تبدلت لدمعة مستقرة وسط مقلتها..لوت شفها ببعض الالم تأثرت للغاية..رفعت رأسها عن الورقة الى الامام اول مقعد..الى يونا...ابتسمت بحب ونهضت لها سريعا ,ضمتها من الخلف بقوة تفاجأت يونا التفتت قليلا فشاهدت وجه سول ففهمت السبب تمسكت بيدها قائلة بصوت رقيق :هل اعجبتكِ؟؟..هذا ماكتبته في استراحة يوم امس ماطلبتي قرائته

هزت سول رأسها ثم افلتتها لتقف امامها وهي تضم الورقة لصدرها :لقد لامست شغاف قلبي.. غاية في الروعة... نحن لانضمن وجود فرص ثانية لذا علينا ان نستغل ما في ايدينا
أومأت لها يونا قائلة :نعم بالفعل
هتفت سول بقبضتها :يونا شي!..افضل كاتبة في الفصل الان..افضل كاتبة كوريا مستقبلا.

توردت وجنتا يونا لسماع ذلك شعرت بقلبها يرفرف وهي تحملق في عيني سول التي لازالت متأثرة بما قرأت.


سول في الخلف تشاهد بصمت تذكرت حينها تلك الكلمات التي قرأتها يومها..لكم عشقتهم... لم تكد لتتأثر اكثر حتى لفت دوامة قوية الصف كله ماحية كل شئ ليتداخل فيما بينه كما الالوان التي يتم تحركيها وسط وعاء بشكل دائري..شدت سويون بقبضتيها على جانبي وجهها مغمضة العينين بقوة ثم...هـــــدوء.

:سول!...صوت رقيق نادى بأسمها ..فطرفت سول بعينها لحظات ثم رفعت رأسها...صدمت مجددا وهي في محطة قطار مظلمة موحشة... خالية تماما...شد انتباهها تلك الواقفة عند ركن الممر وفوقه لوح معلق كتب عليه المحطة السابعة...تحتها ساعة كبيرة اشارت للعاشرة صباحا.
ثم ظل اسود لرجل يقف بعيدا عند الركن الثاني للحائط مراقبا لتلك الفتاة.

عاد ذلك الصوت الهامس مناديا بأسمها :سولاااه...فعادت بنظرها الى تلك الفتاة التي اسندت كتفها الى الركن تماما تبدو مرهقة جدا من طريقة وقوفها..ابتلعت ريقها سول واقتربت بخطوات مترردة مرتجفة

حتى وصلت وقفت بجانبها وتلعثمت لتسأل بقلب نابض بشكل مخيف :عفـ..عفوا!... هل ناديتنـــ....لم تكد لتكمل التفتت تلك الفتاة فورا بوجه شاحب..صعقت سول وارتجف كل مافيها عائدة خطوة للخلف ...احتاجت لثانية لتوقن انها هي :يونــا!... ردت بصوت مرتجف مقبل على البكاء :يونا ..

كررتها مرة اخرى..تقدمت خطوة اليها كي تضمنها ..لكن يونا رفعت يدها اليمنى لأعلى كانت حمراء تماما غارقة في دماءها ولاتزال تقطر دما بشكل سريع ..فأزداد تنفس سول نخزها قلبها بألم اتسعت عينيها مصعوقة :ماهذا؟؟ماكل هذا..
ويونا تردد بصوت مرهق جدا :ارجوكِ...لايمكنني الكتابة مجددا!..اي حرف لايمكنني!
شلت سول مكانها..يونا تموت بدون الكتابة ..لايمكنها العيش بدون الحروف.. :مالذي تقولينه!..سألت سول برعب وعدم تصديق...
التمع وشمها بقوة كبييرة صدح كضياء الشمس ألم عينيها فأسرع حجبهما بذراعها .. لف المكان بضوء ازرق واخفى كل شئ تماما""

شهقت بأنفاس متقطعة وجبين متعرقة بشكل رهيب ..قلبها يؤلمها جدا... حدقت بذراعها اليمنى فورا ..ابعدت غطاء سريرها بتعب.. واسدلت قدميها للارض...قطبت حاجبيها وهي تتنفس بصعوبة مستذكرة كل شئ :يونا!...تمتمت بأسمها..التفت للخلف..وتناولت الاطار من بين غطاءها..تمسكت به بكلتا يديها وتركيزها فقط على يونا وكلماتها يرن صداها في اذنها بشكل مزعج :سول..ارجوكِ...لايمكنني الكتابة..يدي!


رفعت معصمها الايسر فتفاجأت اذ ان وشم الزهرة السحرية على معصمها لايزال اسود قاتم كما هو!... قطبت جبينها :ماذا!..لماذا لايشع كيوم أمس...(رفعت رأسها عنه)ألن يتحقق اذا!..هل توقف عن العمل اششش ..هزت رأسها على سخافة ماباتت تقوله.

فكرت للحظات واستنكرت واقفة :كلا..علي ان اتأكد.. لقد كانت تطلبني..مستحيل.
سحبت الحاسوب من المنضدة..وتربعت جلستها وسط السرير...وكتبت في محل البحث :الكاتبة يونا!...ادخلت معلومات عنها ولم يبدو الامر جديدا عليها اعتادت سول على معرفة اخبار يونا التي اصبحت كاتبة مشهورة بالفعل عن طريق النت بين فترة واخرى وحسب.

تنقلت بين اخبارها مابين رواية جديدة ومقالة صحفية هزت عالم الفن وكل  ابداع ولاخبر سئ عنها... رفعت سول رأسها عن الحاسوب قائلة :اذن لم يحصل  شئ بالفعل(رفعت معصمها امام عينيها) اذا متى يحصل...بل هل سيتحقق مرة اخرى حقا...هزت رأسها في ضياع مرة اخرى ...

ابعدت الحاسوب لجانبها فوق السرير بقوة ونهضت تذرع الغرفة جيئة وذهابا يدا على خصرها واخرتلعب بشفتها ..حتى توقفت فجأة وشهقت :رقم الهاتف..كيف نسيت رقم الهاتف القديم 
ركضت سريعا وفتحت الخزانة..سحبت علبة كرتون من الطابق العلوي فيها , وضعتها على المنضدة وبحثت بفوضوية كبيرة عن أخر رقم هاتف كلمتها منه..صحيح مضى عليه سنين لكنها فرصة ولن تضيعها ..

وجدت مفكرتها...قلبت الورق بشكل سريع حتى توقفت عند جدول ارقام طوييل بحثت عن اسمها فوجدته اخيرا ...اسرعت لتدخله الى هاتفها ثم اغمضت عينيها متمنية ان يكون الخط مفتوح اتصلت اخيرا سرعان ما ابتسمت بفرح حين رن الهاتف بقيت تنتظر لثوانٍ اخرى حتى وصلها صوتها..صوتها الرقيق التي حفظه قلبها :من معي!...من يتكلم!؟


 يونا بعمر ال23  بشعر املس طويل ملابس رسيمة ..انسانة عملية رزينة ...اسندت الهاتف لكتفها وبكلتا يديها رفعت حقيبة سفر الى صندوق السيارة الخلفية واقفلت الباب..تمسكت بالهاتف لتعيد على تلك التي شلتها الصدمة من سماع صوتها مرة اخرى :عفوا من انت؟؟

ارتجفت شفاه سول بالشوق الجارف وهي في قمة سعادتها...مسحت دمعتها اليتيمة وتلعثمت لتقول :يو...يونا!...أهذه انتِ حقا

اهتز جسد يونا وهي تمسك بالباب الامامي على وشك الدخول امالت رأسها جانبا قطبت حاجبيها لتستوعب ثوانٍ واتسعت عينيها بذهول ودموع متلألأة :سو...سول(ابتسمت وتناثرت شهقاتها) سول...هل هذه انتِ حقا...ياااا ايتها التافهة اين ذهبتِ...

وصلتها شهقات سول :ليس هذا وقت العتاب(جففت دموعها) اخبريني اين انتِ الان!..انتِ بخير؟.كيف هو وضعك؟؟كل شئ على مايرام.

بدأ الوشم بالوميض بخفة كالنبض يخفت ويضئ وهي لاتعلم.

صعدت يونا السيارة واغلقت الباب واكملت ربط حزام الأمان :انا بخير وضعي ممتاز ...مممم لكن اشعر بالضيق هذه الايام ..اشعر بأن احد ما يراقبني ... اااه سأذهب الى بوسان الى اهلي لبعض الوقت ربما سأرتاح من كل ضغوط العمل

اتسعت عيون سول, بوسان يعني تلك المحطة رقم السابعة التفتت بسرعة للحائط خلفها الى الساعة تشير تماما الى التاسعة وعشر دقائق اعادت تركزيها للهاتف بهلع كبير :يونا..يوونا ..لاتذهبي !

استغربت يونا منها وقد ادارت المحرك حقا :ماذا؟؟..سول ماذا هناك!؟؟سووول...
وتلك تنادي تصرخ بجنون عليها :يونـــا ارجوكِ لاتذهبي ستتأذين يونـــا!

حدقت بالهاتف الخط اغلق من فترة :يااااااا يونـــااا..صرخت بأعلى صوتها

نظرت يونا للهاتف الذي اطفأ :تبا ..دوما انسى شحن هاتف الخط القديم ..سأتصل بها حالما اصل...ادارت المحرك وانطلقت بسيارتها ...وخلفها ... بهدوء انطلقت سيارة اخرى.

تحركت سول في مكانها اضطرب كل شئ فيها لم تعد ترى سوى وجه يونا دماء ذراعها...ذلك الرجل الغامض خلفها...صوت همسها تطلب المساعدة...صرت اسنانها بقوة رهيبة حدقت بالساعة مجددا التاسعة والربع ...سالت دموعها غصبا وارتعدت فصائلها :كلا كلا لن يلمسها احد

ركضت بأتجاه الباب بسرعة تنتعل حذائها ويداها بفوضوية سحبت معطف صيفي خفيف فوق بجامة نومها البيضاء .. فتحت الباب وانطلقت وعلى الدرجات اكملت ارتداء اكمام يدها اليسرى..
توقفت فجأة تمسكت بمعصمها الذي يومض كالنجم بشكل أخاذ مسحت دموعها بيدها اليمنى :ماهذا؟؟هل هذا يعني انه بدأ! مستحيــــل!... لم تعد تعي انها تجري خلف حلم تخاف من وميض وشم غبي ظهر من العدم...قلبها يصارعها بأنفاس متقطعة تجري وتجري لتقطع الارصفة لتنقذ روحا احبتها تعلقت بها صديقة زميلة طيبة القلب عليها كانت... يونا التي لاتعرف احيانا كيف تخفف عنك لكنها ستكتب مايهزك بالكامل في لحظة انبهار غارقا بين كلماتها.

دموعها تصارعها ونبضاتها تسابق الموت وكلمات تلك الخاطرة ذلك اليوم رنت في رأسها بقوة وهي تسمع صوتها تدندن بها في مخليتها على ذلك المقعد

" تصرف اليـــــــــوم لأن الغـــــــــــد قـــد لا يأتـــي 
" نَبْكـــيْ دَاَئِمَاً صَدَاقَـاتٍ تَحَوَلَتْ لِــ حُـــبْ
 نَبْكـــيْ أُنَـاسً كَانُوا هُنَا خُيِلَ لَنَا أَنَهـُــمْ بَاَقُــــــونَ إِلَى مَالانِهـَايَـــــــــــةْ . . . حَتَّى بَعْــــدَ اَلْمَـــوْتِ !! وَ لَكِنْ رَحَلُوْا فَجْــأَةْ 
. . . نَشْتَاقُ لَحَظَاتٍ . . . وَعُمْـــرً خُطِفَ مِنَــا عَلَى عَجَــلْ . . . 
ذِكْرَيَاْتٌ شُرِبَتْ بِــ اَلْدَمـَــارِ صُوَّرٌ مُزِقَتْ . . وَ أُخْــرَى حُرِقَتْ . . 
نَنْدَمْ ثَـوَاْنٍ لَـمْ نَسْتَطَعْ أَنْ نَكُوْنَ فِيهَا مَعَ مَنْ نُحِبهـُـمْ تَشَوَهَ اَلْأمسْ وَ اَلْغـــَــــــدُ مَحْضُ مُقَاْمَرَةْ 
تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي...... Sevan elf sone girl  :BY"

:كلااااا لا احد سيرحل... صرخت بهم بدموع هادرة ..هزت رأسها بقوة تبعثر دموعها وهي تهبط درجات محطة القطار برعب مميت... توقفت وسط ازدحام من الجيد تحرك فيه اصلا...

يونا في طرف بعيد تتحرك بهدوء تسحب حقيبتها خلفها ..أومأت لعاملة المحطة بعد ان ختمت تذكرتها ثم اكملت سحب الحقيبة عائدة الى مقاعد الانتظار...

:يونـــا ...صرخت بأسمها بصوت عالٍ اثارت انتباه بعض المسافرين ثم عادوا للاهتمام بأعمالهم... بكت بصوت ناحب واعادت النداء مرة أخرى بينما يونا على مسافة منها تلهو بهاتفها وترد على بعض المعجبين في صفحتها الخاصة مع ابتسامة لطيفة... وعلى بعد امتار يقف الخطر...يديه في جيوبه يخط السواد كل ملابسه.. يقلب قلنسوته على رأسه فلم يعد مرئي الملامح لإي احد.

تقدم خطوة تلتها خطوة وشرارات الحقد والجنون تتقد من عينيه ...نادت العاملة بأسم قطار بوسان الذي اوشك على التوقف لنزول المسافرين القادمين... افاقت يونا من شرودها ادخلت هاتفها جيبها ثم نهضت لتسحب حقيبتها خلفها بكل اناقة... لمحتها سول اخيرا من بين فسح بين المسافرين وهي تنهض...نظرة للخلف اكثر كتمت شهقتها برؤية الملثم الاسود خلفها تماما يناسق خطاه مع خطواتها... ازدادت سرعة تنفسها وانطلقت بالجري عابرة بين الركاب تزاحمت بينهم.


اوشكت يونا على الالتفاف حول الركن يده القوية جذبتها بخفة سقطت اغراضها منها وتزحلقت قدميها بقوة رافضة سحبه لها من يده التي قيدت رقبتها بقوة كادت ان تصرخ لكن يده كتمت كل امل ينادي للحياة.


لحظة لم تخفَ عن انظار سول التي علقت عينيها بيونا كالصقر شهقت برعبة صارخة بأسمها :يووونا!

باتت تضرب زحام المسافرين الذي نزلوا من القطار لتمر بينهم :يونـــا....نادت مجدددا ..نداء وصل لمسامع يونا لذا قامت بالمقاومة اكثر كادت تفلت من يده فأعاد سحبا بقوة لركن بعيد في اخر الممر قرب رصيف القطاراسقطها ارضا وتربع فوقها.

ومن بين النداء بأسم يونا الذي لم ينقطع.. نادت ايضا الشرطة وهي تركض سريعا اليها :هناك مجرم يخطف صديقتي...ارجوكم..يونــا

لاح لعينيها تربعه فوقها فتذكرت ذراعها الدامية تشنج قلبها للوجع اكثر وصرخت بكل قوتها :يونا ذراعك انتبهي!..

يونا عرفتها انها سول من صوتها ...رفع يده عاليا بسكين كبيرة ..تصلبت اعين يونا جذبت حقيبتها في ثانية متلازمة مع طعنته القوية.. وتحت الظلمة التي خيمت عليها من حقيبتها القابعة فوق صدرها حين ثبتتها بقوة 
سكن كل شئ...:اللللعنة..سمعته يشتم اخفضت حقيبتها قليلا لترى ان السكين قد استقرت في الحقيبة بقوة...سحبها مجددا بكل قوته وهو يصر اسنانه كصرير اسنان ذئب مفترس أبى الا تفكيك فريسته.

رفعت يونا ذراعيها للمقاومة للدفاع .. بعشوائية حاولت ضربه :مالذي تريده ابتعد...فلتدعني وشأني...لم تستطع التعرف عليه بسبب لثامه وحركتها المستمرة للدفاع جذبته بدون قصد بشكل مائل ليكشف عن وجهه فصعق الاثنان بلا حراك وبقي بحدة يحملق في عينيها المصدومة :مارك!....هتفت بأسمه بصدمة


وفي عينيها تلامعت شمس الصباح من اسبوع مضى...حين احرقت عينيها وهي تحدق بها على الرصيف ابتسمت بدفء لها ثم دخلت الى  المجلة...وكلما اقتربت من باب المجلة اكثر في الطابق الخاص كلما ازداد وضوح صوت حركة وفوضى عارمة تنساب لمسامعها ..اسرعت بخطاها لتقف عند الباب الزجاجي الذي فتح لها اليكترونيا بكل صدمة... التقطت انفاسها لتستوعب ماتراه :مارك!..هتفته بأسمه غير مصدقة... كان يعبث في حاسوبها ثم انتقل لحاسوب كاتب اخرى.. سريعا نقل اغلب المواضيع والبحوث واللقاءات...نهض بسعادة ليصعق مكانه تلاقت عينيهما سقطت حقيبتها ارضا لشدة تخدرها لايمكنها ان تصدق اكثر شخص تثق به هنا يخون ثقتها :ما..مالذي كنت تفعله.(ترقرت الدموع في عينيها) تسرق زملاءك..لاي مجلة كنت تهرب..اي قناة تلفازية

ادار وجهه جانبا وهو يعض على شفته بقهر بحاجبين معقودين توعدان بكل شر : لا احد.

اتسعت عينيها بصدمة اكثر صرخت بصدمة :ماااذاا!...اسرعت بخطاها نحوه ودوى صوت صفعتها ذلك الطابق الفارغ تلك الساعة من الفجر.

التفت لها بعيون مستعرة كالجمر لم تسمح له المجال للنطق بحرف :ظننت بأنني لما اكن اعلم...منذ ان قالت مي وتايمين ان حواسيبهم فتحت...ان مقالتك كانت مشابه لما عملا عليه طيلة اسبوعين..كتمت ذلك بداخلي وانتظرت...انتظرتك لتكشف حقيقتك لكن(صرخت بصوت اعلى) تماديت اكثر لتسلب المكان كله تعبه دفعة واحدة...جلبتك هنا وثقت بك ,أتيت بك الى هنا لتصقل موهبتك لا ان تخون كل شئ

صر اسنانه وحدق بها بحدة :لدي موهبة..لدي بالفعل لكن من النوع الذي لايعجبك انتقاداتك لاتنتهي..لقد مللت وانهكت تماما...انتِ هي السبب

هزت رأسها رافضة :لادخل لي...هل كنت تريد ان ابدأ وانتهي بالثناء لكل حرف تكتبه...مالذي تعرفه انت عما مر به كل كاتب هنا...اي مأساة عاشها لترى حروفه النور..ولاتزال تُنتقد بعد كل سنين الحرفة تلك...النقد بناء..انه شئ لن يسعه عقله المتحجر هذا..هاته..قلت لك هاته

اشارت بيدها بحدة ومقصدها بطاقة الذاكرة التي وضعها في جيبه...اخرجها طواعا لها ولصراخها..ضغطته بقوة تحت قبضتها ثم اغمضت عينيها بحدة لتصرخ به مطرقة الرأس :اخرج..اخرج في الحــال...لا اريد رؤية وجهك بعد الان
التمعت الدموع في عينيه دموع اسى وخيبة على نفسه..وانكسار بسببها كان يمكنها التمسك به اكثر :نونا

:قلت لك اخرج..من يسرق الكلمات من حجور امهاتهم وابائهم اللذين خلقوهم  لايحق له ان يكتب حرفا واحدا فهو ليس سوى طاعون خبيث...(ضربت الارض بقدمها بقوة صارخة)اغرب عن وجههي ...واثر الاهتزاز هربت دمعتها خلسة دون ان يراها احد.

صرخ بحدة عليها :اللعنة عليكم جميعا... تحرك ليتجاوزها متجها الى الباب الخارجي صدم بمنظر بعض الموظفين يحدقون به بدهشة كبيرة ..تجاوزهم وارتطم بكتف احدهم غير مبالٍ لنداءه :مارك..يا مارك عد الى هنا!.

عندما سمعت صوتهم مسحت دمعتها بقوة وتجلدت جديتها مجددا ثم التفتت لهم حدقوا بها بحيرة اوشك احدهم ان يسألها فقاطعتهم بحدة :ماذا هناك...اساء في العمل...ينتقد الانتقادات ويداوم على تكرار اخطاءه..يعيق المجلة بكل تصرفاته ولايتطور..لذا لامكان له هنا..لا اريد ان اسمع أي كلمة نقاش..اسرعوا كلٌ الى عمله هيا في الحال.

توجهت بخطاها الثابثة من اطربتها على اللحن كعبها العالٍ...سحبت حقيبتها من امامهم ثم توجهت لمكتبها وهي مكسورة مثله لكم وثقت به واعجبت بأسلوبه عندما كان طالبا في محاضراتها ذات يوم وجاءت به الى هنا ..لكنه قتل كل شئ بيديه.

عادت الصورة الى عينيه اللتان تلمعان بوجهها الان وقد تسللت لها الصدمة برؤيته مهددا لها بالقتل ...تنفس بصعوبة ليصرخ بها :نعم نونا...لم تخبري احدا كنت مخلصة حتى النهاية...لكنهم عرفوا بطريقة ما كل المجلات والمكاتب عرفت..جميعهم ينادونني بالسارق ثم يطردونني بالقوة...لماذا لم تسامحيني وقتها!

ردت عليه بصوت حاد وهي تبكي :لقد غفرت لك مرتين بالفعل دون ان تعلم

فعاد يصرخ عليها :ولم لم تفعلي في الثالثة..انت دمرتي كل شئ ..لذا انا لن اسامح لن اقتل..سأجعلك تعيشين ميتة معذبة...سأمزق هاتين اليدين فيحرمان من الكتابة وانتِ حية تماما كما فعلتِ معي..ياااا ...صرخ بقوة مهددا بسكينه للاعلى وصرخة يونا الرافضة.. مع صوت الجري السريع من خلفه تلاها صوت تأوهه وصرخة سول وهي تنقض عليها من جانبه..فهوى ارضا بعيدا عن يونا وارتطم رأسه بالحائط..فشعر بالدوار ولحين يستعيد توازنه كانت سول قد سحبت يونا لتتقعد الارض .. رفعت يونا رأسها فصدمت بمن ترى امام عينيها بعد كل السنين :سو..سول!...والتمتعت النظرات بينهما افاقتها على صوت صراخه وهويستعد ليهجم مرة اخرى :سوف تموتين على يدي لامحالة

لكن يد الشرطة تلاقفته من كل جهة امسكوا به اذ تحول لكلب مسعور لن يهدأ الا بتمزيقها وسحبوها بقوة مبتعدين ووعيده بتدمريها لم تنتهي .

وتحولت يونا من البكاء وهي تحدق بمنظره المخيف الى انفعال شديد وهلوسة بكاء وصراخ تعالى في ذلك الجزء المغلق.. بكيت سول ضمتها لها بقوة وهي تسند ذقنها لرأس يونا من اختفت بداخل حضن سول تتشبث بها بكل قوتها .. تنهدت سول اخيرا ومسدت على شعرها :لابأس..انتِ بخير..كل شئ بخير...هششش اهدأي عزيزتي.


جلسا على مقعد انتظار في المحطة وعيني يونا الضبابية الدامعة بأحاسيس مختلفة لم تبرح عن سول الممتنة كونها بكل خير جالسة امامها تحرك يدها براحة وهي ترتب شعرها للخلف ...ثم تنهدت وركزت في عيني سول لتفيقها من رؤية ذلك الحلم من المستقبل الذي ماعاد له وجود الان ... رفعت حاجبيها يونا متساءلة :كيف وصلتي الى هنا !...اقصد كيف عرفتِ بما يجري!.

اختفت ابتسامة سول مع سؤالها ابتعلت ريقها وبيدها اليمنى ضغطت على معصمها الايسر بقوة ودماغها يجري تحليلات عديدة *يستحيل ان اخبرها ستضحك عليَّ مؤكد ولن تصدق ستدعي انها مجرد صدفة او انني جننت أي شئ من هذا القبيل* 
افاقت كمن عاد من النوم  على نداء يونا :يا سول انني اسألك..كيف وصلتي الى هنا تلك اللحظة بالذات...ثم ملابسك!..ونظرت لهم ثم لعينيها من ارتكتب اكتر هي جاء ببجامة النوم حقا

تصنعت سول الهدوء والابتسامة اللطيفة :ما ادراني انا... اتصلت بكِ فور استيقاظي..وعندما علمتُ انك مسافرة اسرعت الى المحطة للحاق بكِ..(تمعنت النظر في عينيها بحنين) اشتقت لك كثيرا ..لجميعكم.. التزمت الفتاتان الصمت بعد تلك العبارة..كلاهما ناغش قلبهما الحنين بقوة.

ابتسمت يونا بألم وتمسكت بكلتا يدين سول بكل أمتنان بصوت محشرج قائلة :لو لم تأتي ..لو لم يدفعك قلبك كغبية بملابس النوم للحاق بي لرؤيتي فحسب (ضحكت كلتاهما بخفة..واكملت يونا بصوتها المتأثر) أن لم اكن في عداد الموتى على الاقل لأصبت بأعاقة ابدية حتى الموت...وسأفقد اوكسجيني الخاص بي..الكتابة...(سالت دموع يونا برفق على وجنتيها وتباعا لهم تأثرت سول كثيرا )حقا لا اعرف كيف اشكرك انا مدينــ.... قطعت كلمات يونا بعناق سول المفاجأ لها بقوة واكملت عنها محدثة :هل نسيتي... نحن كنا عائلة وسنبقى مهما ...لم تستطع ان تكمل الكذب ليس من شيمها.. أومأت يونا بحزن وتشبث بذراعيها.


انتظرا لبعض الوقت حتى مجئ موعد الرحلة الثاني... سحبت سول الحقيبة ليونا وهما يسيران بأتجاه القطار ..نظرت يونا لسول وبتردد سألت لم تشأ ان تهيج مواجع سول : ألم..ألم تعثري على أي خبر عن شينهاي!

تناثرت روح سول وتقلص قلبها بقوة مولدا نبضات قوية لتضخ الدم بعاصفة ثم يكتم حركته لثوانٍ اطول.. ألم غياب شينهاي مختلف عنهم جميعا... لأنها مرآتها الجميلة تؤام روحها.. رفعت سول رأسها للسماء استنشق نفسا طويلا عميقا مدد رئتيها لتنظم قلبها مجددا وتتمالك نفسها قبل ان تجهش بالبكاء ..
اجاب بصوت مهتز :لا اعلم...لا شئ..لقد خصصت يومين كل شهر للبحث عنها وحدها طيلة اليوم...لكن لاشئ...لقد مرت اكثر من اربع سنين وهي غائبة ..لا اريد ان اصدق او اضع احتمال أي شئ... انا فقط سأبقى ضمن مشاعر الانتظار احبس نفسي واعيش... يجب ان اجدها مهما حصل

وصل القطار تناولت يونا مقبض الحقيبة من سول ابتسمت لها بأمتنان اخيرا ثم اعقبت :لن اطيل الغياب..سأرتاح قليلا ثم اعود..استعدي لأني سأزورك...وغمزت لها بمرح.. شهقت سول كمن ردت له الحياة...ضيف يزوها!!..ومن الفصل ألف نفسه!.. ابتسامة انتصف وجهها افضل ماتصف بأنها ابتسامة حياة..احتضنت يونا بسرعة ثم ابتعدت :سأنتظرك بفارغ الصببر...والان هيا هيا 
أومات لها يونا ودخلت القطار مع المسافرين... لوحت لها سول حين جلست في مقعدها ثم تحرك القطار مغادرا.


التفتت سول لتعود ادراجها ..اوشكت على وضع يديها في جيوبها تذكرت وشمها توقفت لترفع يدها امام عينيها نظرة اختلطت بمشاعر غريبة وهي تحدق به بأمتنان وحيرة..سعادة لاتوصف لأنها لم تتأذى...تنهدت براحة لاتوصف ثم اكملت مسيرها.

.................................

يومان مرا على ذلك الحلم.. من يومها ولم ترَ سول أي شئ ... شعرت بالراحة ربما والقلق لغيبابهم ايضا.. لكن الان تنهدت بتوتر كبير ..وهي تتحرك في ممر طويل انيق بتصميم فخم.. تنتظر دورها لينادي الموظف بأسمها فخلف الباب هناك تقبع فرصة مهمة لها ولا اثمن.. مقابلة عمل في مجلة مشهورة للغاية.

عدلت سترتها الكحلية لأخر مرة امام مرآة صغيرة مسندة للحائط.. عدلت خصلة غرتها الجانبية جيدا قرب اذنها.. جاءها صوت الموظف فألتفت بسرعة لتجده عند الباب يلوح لها : هيا يا أنسة حان دورك..

أومات له بجدية حتى اختفى,  فعادت لتوترها وهي تسحب حقيبتها واغراضها من المقعد المجاور لها ثم انطلقت نحو الباب.. نظمت انفاسها عند الباب وثبتت يدها الي المقبض ارتجفت لبرهة وهي تحاول فتحه.. ودخلت ..

 خلت الغرفة من كل شئ سوا طاولة طويلة بقماش ساتان ابيض خلفه جلس 3 رجال بأعمار متفاوتة ومقعد فارغ ..اقتربت لتنحني امامهم ثم تجلست المقعد المتمركز منتصف الغرفة يناظر الطاولة.. ابتعلت ريقها وهي تناظرهم يتهامسون ثم يقلبون ورق ملف سيرتها الذاتية ..ترك اوسطهم الملف من يديه شبك يديه فوقه ثم رفع رأسه اليها.. اشار لها بيده : يمكنك البدء أنسة سول اذا اردتي عرفيني بنفسك مقدرتك وكل شئ اين بدأتي ..ولماذا مع كل هذه الامكانيات تخلى عنك مديرك السابقة بسهولة!... تلك النقطة السوداء في ملفها التي بسببها تنقلت طيلة الفترة الماضية مقابلات عقيمة انتهت بالرفض للسبب نفسه التخلي عنها من قبل مديرها رغم براعتها.

 هذه المرة طفح الكيل بها .. تغلفت بالجدية بدت نظرتها ثابتة وحازمة .. واسترسلت مدافعة عن نفسها :سيرتي قد عرفتها تماما على الورق... لو اعجبك ما أملك لكنت وافقت... هناك احتمال 90% انك سترفضني كما فعل السابقون ...والسبب يعود لأننا اصبحنا سطحيين بشكل مخيف ولانسبح عميقا لاعمق نقطة ممكنة (بينما عيناها تتابعهم لكن دماغها غيب سارحا في احلامها كيف تغوص فيهم كل مرة..لترى مالايمكن للعين البشرية رؤيته) حقائق كخيوط العنكبوت كم تبدو دقيقة وتافهة لمسة واحدة خاطئة وتغيب فلايعود لها وجود وتضيع الطريق للنقطة المركزية للموضوع الاهم...رئيسي رفضني رغم كل مهارتي..لماذا على اللوم ان يقع علينا نحن الطبقة العاملة من قال ان السيد ملاك من السماء... لن اتكلم عن السبب فذلك امر يخص شركتي السابقة وتلك اسرارها وهذا ولائي لمكاني القديم... اما عن السبب يكفيكم ان اتعهد بأنني كنت مظلومة..ان لم تصدقوا فلا احب التواجد في مكان لاثقة فيه.

 بهرت الثلاثة بشكل رهيب حملقوا ببعضهم ثم لها من لاتزال نظرتها حازمة بهم..نهضت انحنت وتحركت نحو الباب دون الحاجة لمعرفة رأيهم وافقوا ام رفضوا .. يكفيها معرفة بنفسها.. تهامسوا بينهم سريعا أوما لهم ثم اسرع مناديا حين فتحت الباب الثاني :أنسة سول!.

قطبت حاجبيها والتفتت لهم أومأت له ليكمل ..فأردف قائلا :انتظري اتصالا من المجلة.... اطلقت شهقة حياة لو احبت تسميتها انها شعلة امل ولو كانت ضئيلة برؤيتها هكذا ابتسم رئيس اللجنة بلطف له فأومأت له بأحترام عدة مرات ثم التفتت صارخة :yes yes  

رتبت هيئتها نظفت حنجرتها انحنت لأخر مرة بكل احترام ثم التفت فتحت الباب الثاني بأكمله ومرت لتخرج وهناك فُتح الباب الاول وبينما هي تخرج هو دخل برفق وكأن سرعة الوقت قلت بشكل غريب ليدخلا بشكل متعاكس تماما.. اغلقت الباب خلفها فأصبح وسط الغرفة تماما وضع يده في جيوب بنطاله مبعدا معطفة برفق للخلف :هل انتهيتم فعلا!.

اشار له اصغرهم ونحو الباب :نعم لقد خرجت للتو أخر وحدة
نظر جونغ كي للباب ثم لهما ..صغر حدقة عينيه وهو يناظر اصغر الجنة واشار اليه بسبابته مهددا :انا لا أؤتمن خياراتك المتحورة حول الجمال والملابس وحسب .. عيونك الهائمة بجنون هي من تختار اششش (اعاد يده لجيبه) كيف لم الحق بكم تأخرت بسبب المقابلة للاسف.

استشاط ونهض مهددا بيده :يا جونغ كي الزم حدودك اششش (عبث شعره مدمرا تسريحته المرتبة جيدا قبل قليل) وهل انت لاتنظر ابدا للجمال ها... ثم اسألهم هيا بنفسك لقد كنت دقيقا حقا هذه المرة..والاخيرة اعجبني فعلا كل شئ يخصها...

انبهر جونغ كي :اووه حقا انت واعجبك كل شئ !..اتوق لمعرفتها حقا.. ماكاد ينحني للبحث عن ملفها سحب الرئيس الملفات كلها ونهض مع العضو المجاور : سأخرج انا واكملا انتما سخافتكما

فغر جونغ كي فمه وهو يتابعهما يتحركان للباب خارجا..عاد بملامحه الغاضبة نحوه والتف سريعا لضربه :ايها الوغد..هل سمعت ماقال كله بسببك ... وتهرب منه بصعوبة للخارج وهما يضحكان.

............................

اغلقت باب شقتها وقفت مكانها والصدمة لاتزال كما هي عليها تعانق ملامحها :ماهـــذا الذي حدث للتو!...انتظر اااه...صرخت غير مصدقة...كادت ان تخسر ثقتها بنفسها مع كل الرفض الذي أخذته حان للوقت البائس ان ينتهي!

:واخيـــرا انا واثقة انهم سوافقون 85 % مجرد نقاش بسيط ثم سأضع في مرحلة اختبار وهكذا سيوافقون نعم نعم...اششش... النسب مجددا

ضحكت على نفسها ثم انطلقت تتمايل واتجهت للشرفة اسندت يديها للسور مستنشقة عبيرا قويا جدا بعض نسائم الامل تكفي لتطيل الحياة...

هدأت ملامحها عادت متذكرة انها لم تحلم منذ أيام :هل كل شئ بخير.. أكانت نوبة عجيبة وستتنتهي (قلبت شفتها ..رفعت معصمها تحملق في الوشم) اذا لم يختفي!...هل يعني ان هناك المزيد..ربما لكن لمَ لم احلم منذ يومين..أخاف ان يحصل على احدهم شئ ولايمكنني اللحاق به او المساعدة..اشش


تنهدت وهي تفتح تخلع سترتها دخلت لتعلقها الى الشماعة...ثم مشت بخطوات محتارة حتى توقفت وسط الصالة...سارحة في هيئة احلامها وشكلهم..ذلك البحر الذي يفتح كبوابات ينقلها كيفما يشاء بين ماضي ومستقبل دون اي قيود
رفعت نظرها للامام بجدية :لكن ماذا لو قررت انا ان انام واحلم...هل هذا ممكن ..هل الامر تحت سيطرتي أيمكن ان يحصل فعلا... صغرت حدقة عينيها مركزة ثبتت تركيزها في النوم وحسب ثانية اثنتان غيب دماغها فقدت الاحساس اوشكت جفونها على الانسدال..مال رأسها وجسدها للخلف وهوت!...افترشت الارض جثة هامدة بلاحراك فقط انفاس خافتة تبقيها حية.

وهوت!"" في الوادي السحيق... فتحت عينيها فوجدت نفسها تحلق للاسفل بقوة رهيبة الرياح عالية جدا هذه المرة معبأة بدخان اسود كان يخنقها ..انفاسها اختفت لذا اصبحت تكتم تنفسها كي لاتستنشقهم... وغطست بقوة كبيرة...احست بأن قفصها الصدري تهشم نتيجة ارتطامه بسطح خرساني حديدي صلب...تأوهت وهي تتكور حول نفسها في الماء..اطلقت سعالا قوية بعيون دامعة رفعت رأسها قليلا..الماء بلون الفحم كظلام سماء معزية رحيل جميع نجومها ثم ماذا ..اتسعت عينيها اكثر انها لاتتنفس...شهقت دون قصد فدخل بعض الماء الى صدرها ضغطت بقوة على حنجرتها واخرى تغلق فمها انفها بقوة كي لايطلبها الهواء دون وعي منها...
تحركت بعشوائية تهز رأسها رافضة البقاء هنا اكثر سينهك روحها ... اثار انتباهها ضوء خافت من الجانب بات يلمع التفت وكنجمة صغيرة انبثق النور منه وكبر كشق دائري يتسع بياضه ناصع لماع جدا آلم عينيها لتغلقهما ثم بالتدريج خفتت قوة بريقه لتستعيد سول تركيزها فتح عينيها برفق... وكشاشة عرض ثلاثي الابعاد ظهر ذلك الفديو في الماء من تلك البقعة البيضاء انبثق ... في ممر ضيق امام ابواب الشقق جونغ كي بملابسه المدرسية كان يجري بسرعة شيئا فشيئا باتت تبعد يديها غير مصدقة رؤيته وغفلت انها عادت بأمكانها التنفس كسابق الاحلام

همست لنفسها بأسمه ثم صدمت...اذ وقف امام باب شقتها القديمة بأنفعال شديد صارخا :سول!!...سول ايتها الغبية الحمقاء..لايمكنكِ ان ترحلي...ليس مسموح لكِ بذلك..انا اثق بكِ انا افعل...فقط لاترحلي افتحي الباب هياا..ياااااااا.. لقد رحلت تبا تبا... توقف عن الطرق بشكل جنوني وضع يديه على خصره وهو يلهث شتم وركل باب شقتها مرة ثم تحرك راكضا مجددا.

ارتجف قلبها لرؤيته لصدق لهفته عليها وكلماته همست بداخل عقلها :متى حصل ذلك؟؟..هل جاء بعد رحيلي حقا!!

افاقت من التفكير برؤية الثقب الابيض يكبر بشكل كبير جدا ويقترب منها تراجعت للخلف قليلا بعيون مرتعبة لكنه كان الاسرع ..اتسع بشكل رهيب وبأقترابه التهمها ايضا بداخله صرخت وهي تحمي رأسها بذراعيها كي لاتتأذى ...احست بقدميها تستقر على شئ صلب ..

برفق ابعدت ذراعيها لتسوتعب اين اصبحت بالضبط دهشت ملامحها دارت حول نفسها لتستوعب انها على الرصيف تقف امام مفترق طرق والناس حولها في حركة مستمرة دون ان يراها احد ...لم تشعر ان المكان غريب تلفتت خلفها لأعلى هناك يقع المبنى خاصتها تلك شرفة شقتها فعلا... عادت تناظر الشارع والمارة :ماذا الان!!...ركزت في كل شئ حولها باتت جزءا من أحلامها تتقبلها وتعايشها ربما من يراها الان يعدها مجنونة لكنها بات همها الأكثر الانقاذ ان كانت احلامها السبب فلا بأس.

مرت ثوانٍ وهي تتلفت مررت يديها في شعرها ضاغطة بقوة :لاشئ!..ليس هناك شئ حتى
تيبست تعابيرها وانخفضت يديها برفق وبكل هدوء تلفتت لتشاهد ذلك الواقف وسط الشارع والسيارات محيطة به من كل جانب مستعدة للانطلاق ..اتستعت عينيها بجنون خفق قلبها برعب وانطلقت تجري بسرعة .. وصلت على  طرف الرصيف الموازي له ..كبح ركضها نبض قلبها وكل شئ فيها اضطرب... هزت رأسها يمنة ويسرى لاتريد التصديق... ليس هو!...

شُلت لتلفظ اسمه وهو سهل لها الطريق..التفت فورا وكأنه شعر بحضورها مباشرة ..ارجع رأسه للخلف قليلا محدقا بها نظرة انكسار وألم عين تتلألأ بدموع وداعها ..ابتسم بألم لرؤيتها ..فشهقت بأسمه أخيرا :جونغ كي!

بصوت مكسور اشبه بالهمس اجابها :ألا تعلمين!..كم تعنين لي!...(تجمدت مكانها بلاحراك..وقلبها انتفض بشكل غريب لم ترَ جونغ كي يحدثها هكذا سابقا..ابتسم بوهن على وشك البكاء) يوم واحد فقط..لو لو تعطيني يوم واحد ... هناك الكثير لأقوله..الكثير لأفعله...ارجوكِ سول

سالت الدمعة اخيرا من ركن عينه لتنسدل برفق على وجنته.. قطرة اشعلت حرارتها للالف... ازداد تنفسها تناقلت بعينيها بين السيارات التي تحيط به..اشتعلت اضواءها الامامية... بدأت تتلعثم بجملها :كلا كلا ..لاتفعلوا... واطلقت العنان لقدميها كأن كل شئ توقف سامحا لها حرية سباقه...
انطلقت السيارات بسرعة صوت احتكاك اطاراتهم بالارضية بدى مزمجرا كشبح موت كاسر سيسلبها اغلى ماتملك بطرفة عين... عبرت الى الشارع جريا وقفت امامه تماما انوار كل السيارات كلما اقتربت ازدادت شدة ضوءهم وتحطم ضرب بقوة امام عينيها و لشدة الضياء اغمضت عينيها بقوة ..وتحطمت...اطلقت تأوه يهز الجبال..كل شئ في جسدها تلقى ضربة واحدة دامية""...

 فتحت عينيها على اتساعهما على الارضية اطلقت صرخة ألم مدوية ثم الثانية واستمرت هكذا انقلبت للجانب بكل قوتها تحاول سحب الحياة اليها ..فقدت القدرة على التنفس وكل شهقة تألم اكثر من سابقتها كشعور اضلاع المحطمة تنهش في رئتيها اكثر كلما اتسعت تحاول التنفس ..تأوهت لتبكي رغما عنها لشدة تأوهها ..حاولت سحب نفسها للخارج للشرفة لبعض الهواء...كل شئ بات خانقا... 

زحفت نصف الطريق ثم وقفت مترنحة خطوات قليلة ثم سقطت فأكملت كما بدأت .. تنفست بعمق اكبر فزاد الالم...سعلت بقوة كبيرة ابعدت كفها عن فمها...فصعقت برؤيته غارق في الدماء التي بدأت تنهمر من بين اصابعها حتى... فأنهارت باكية :ماهذا!..انه مؤلم للغاية...ياا جونغ كي لاترحل!..لاتفعل!... انا ارجوك
بكت اكثر سعلت واختنقت وهوى رأسها ايضا على ارضية الشرفة ... 

مرت الساعات... وانتهت الظهيرة وبدأت ساعة غروب الشمس ... الخيوط التي انعكست تداعب بشرتها ... ابتلعت ريقها الجاف تحركت بجسدها عن الجانب اسندت كفيها للارض لترفع جسدها المحطم قليلا وارتمى مسندا الى باب الشرفة...طالعت سماء العصر في الدقائق الاخيرة..بصمت بقيت تطالعه...ثم انتبهت لنفسها ان تنفسها طبيعي ولا يؤلمها جسدها كالسابق... تنهدت ظانة انه جزء من الحلم.. ظن طرح قتيلا فورا حين رفعت كفها فوجدت الدماء قد جفت عليه اتسعت عينيها وهي تناظر قميصها الابيض الذي اتسخ قليلا :انه حقيقة فعلا!

دهشت مجددا ثم عادت بوعيها لجونغ كي ارتبعت خافت :كيف سأصل اليه ...انا حتى لا اعرف مكانه منزله..عمله..رقم هاتفه..لاشئ ..لا اعرف عنه اي شئ منذ اربع سنين.. اغمضت عينيها بحرقة قلب سيجن الان!..)حلم جونغ كي لم يكن عاديا..لماذا تألمت لتلك الدرجة..لقد جرحت معه..كل السيارات كأنها صدمتني حقيقة..لمَ شاركته المه كاملا!... مو....ت قضمت شفتها ولم تستطع ان تكمل

حلمه مخيفا كان الموت بعينه..اوشكت ان تضغط بيدها على محجرها لكن منظر الدماء على يدها اوقفها... اغمضت عينيها ببؤس ونهضت بصعوبة كبيرة.. ترنحت في مشيتها يمينا وشمالا وقفت للحظة لتستعيد اتزانها الذي فقدت ... تنهدت بصعوبة ...

واتجهت للمغسلة في المطبخ توقفت عندها ثوانٍ ثم بدأت بغسل دماء يدها ابتسمت بسخف على مايجري :اصاب بحادث في الحلم ..استيقظ وأنا انزف..ماهذا الجنون...دعكت يدها بقوة وتوقفت فجأة بدأ الوشم باللمعان بريقه ازداد بقوة ومعه ازداد اضطرابها خوفها :جونغ كي

سالت دموعها بحرقة هذه المرة..ماكادت ترفع رأسها لتفكر...حتى اتسعت عينيها لفت رأسها بسرعة للشرفة...ركضت نحوها سريعا ليوقفها السور تماما بقوة.. دارت بعينها تحدق بدقة كل شئ حولها حتى صدمت بما ترى..:انه تقاطع الشارع ذلك نفسه مســ  مستحيل...غير معقول ..انه هناك!


التفتت بلهفة بأنفاس متقطعة ...ركضت مجددا... هذه المرة اخطر..تسابق الموت هي!...ولا اقسى وابشع منه عدو ليُطارد... ركضت درجات المبنى بقوة...انطلقت على الرصيف تطاير شعرها للخلف عاليا... دموعها الهادرة امتزجت بطعم خاص ..انه جونغ كي ... ذلك الملاك الذي يسير على الارض..هكذا تراه بترافته بنقائة بجمال ضحكته..عينيه الساحرة لكم مرة امسكتهن سارحين فيها طويلا خجلا تهربت منهم الى ايل وو سريعا..

لكن لم تعلم انهن اعين عاشقة!..معجبة على الاقل!.. تناظر بطريقة خاصة لها لم تطرأ لعقلها ابدا... اغمضت عينيها بحرقة وهي تجري سريعا...حتى  وصلت الى التقاطع .. لكن لاشئ ..تلفتت كمهووسة تبحث عنه تحدق في كل المارة واحدا واحدا... ارجعت شعرها للخلف وهي تلهث انفاسا متعبة جدا :هذا مستحيل ..انني امر من هنا كثيرا بشكل شبه يومي منذ سنتين ..كيف لم الحظه يوما... اطرقت نظرها للوشم من ازداد وميضه بقوة جدا

مر جونغ كي بقربها!..  يدا تحمل حقيبته الجلدية واخرى ترفع الهاتف ليتحدث به منفعلا :اخبرتك اخبرتك الف مرة لاتتعجل ..ها قد نسينا اغلب الورق هناك..نعم نعم انا عائد... خلفها كان تماما وهي تعوث بعينيها ماسحة كل الاشخاص.

اعاد هاتفه لجيبه استنشق نفسها عميقا ...التفتت انشات لليمين ..تحركت الاشارة للخضراء... استعد ليعبر.. التفتت اكثر فمر من امامها بهدوء نزل الرصيف الى الشارع...تناست اي كارثة ستحل .. مر من امامها منذ اكثر من خمس سنوات لم تره..شلت حركاتها لمَ يخفق قلبها بتلك الطريقة...جن وتلاطمت امواجه ..افاقت على المصيبة القادمة ..

 تحركت سريعا..خطوة تلتها خطوة بدى لها وكأن العالم توقف حقا كل شئ فيه سكن وليس يدوي فيه سوى وقع قدميها طق..طق الثالثة تمسكت بمعطفه من الخلف بقوة وهي تصر اسنانها صارخة به :توقـــف!!

جذبته بقوة ليتراجع معها للخلف كاد يتعثر بالرصيف تمالك نفسه ووقف ...تفاجأ بشكل مخيف انه الشارع اي مزح يتم فيه!...كاد يلتفت ليرى المجهول الذي جذبه..شد انتباهه الشارع اكثر صوت احتراق الاطارات بالارضية عالي التركيز بينما هوت هي ارضا على ركبيتها تلتقط انفاسها ماعادت لها قوى حتى لتحملها او لتدفعها للتنفس  ...

 تحركت السيارة بعشوائية مخيفة خالفت اشارة المرور ودخلت في هذا الشارع المعاكس لسيرها وامام ناظري جونغ كي تماما صدمت السيارة بأخرى قادمة بسرعة ارتفعتا السيارتان عن الارضية قليلا...صوت ارتطامهما شل المارة والشارع...شهق جونغ كي وحوط ذراعه عاليا حول وجهه ليحميه من شدة الانفجار... ثم رويدا اخفض يده بصدمة مهولة كان مكان سيره هناك تماما... 

تذكر الشخص الذي سحبه ..التفت بسرعة سائلا بحيرة كبيرة
:كيف عرفـــ ... ـــت... لم يجد احدا هبط بنظره اليها فتوقفت الحروف توقف العالم...بدت مألوفة أمال رأسه محتارا بينما هي تحاول تجاوز الرعب الذي مرت به ثم تنظيم خفقات قلبها المجنونة لرؤيته مجددا...

 وهي مطرقة الرأس تناظر حذائه قد استدار فعلا بأتجاهها وسأل ,اغمضت عيينها قويا جدا...ثم نهضت بهدوء ولايزال مركزا معها بدقة يحاول معرفتها.. هي حفرت في قلبه سرا ولا احد يعرف..حتى قلبه اغلق عليه الباب وغادر دون السماح للاستماع لحرف منه.

برفق رويدا رفعت رأسها لتراه..بعد كل السنين..اتسعت عينيه صاعقة ضربت قلبه وعقله ليتزن... بينما سرحت بهدوء تناظر تعابيره التي جنت متناسين اي فوضى عارمة خلفهم...تلعثم بأسمها : سو..ول..انتِ حقا هنا!

تحاشت النظر لعينيه اكثر تهربا منه...اوشكت على الالتفات...صر اسنانه زفر انفاسا حارقة..وثبت يده بأحكام على معصمها الذي خفت وميضه للتو..مسكة قوية مطالبة لها بالعودة... شهقت حين لُفت بسرعة من قبله ورُمت لحضنه مقيدة بين ذراعيه بقوة..كأنه يعتصرها لتختفي فتسكن من جن بها سنينا وحيدا! عينيه المتلألأة بدموع العشق والشوق مجنونة ...بينما اضطربت امواج بحرها الهادئة لسنين لتتلاطم بقوة امام هيبة مشاعر قلبه..تتلامع في عينيها اضواء وامواج الانفجار الكبير مشابه للذي اشتعل بينهما.
..............................................................
تتبع ...




هناك 3 تعليقات:

  1. واااااو ما شاء الله احداث مليانة بالبارت وتطور سريع بالاحداث كل شي بيجنن والغموض زاد بالنسبة للماضي ... جداااا جميلةةةة ومسليةةةة واسلوبك ووصفك رائع مش عارفة شو اقول كمان ... موهبتك خطيرة ♡♡♡

    ردحذف
  2. واااااو ما شاء الله احداث مليانة بالبارت وتطور سريع بالاحداث كل شي بيجنن والغموض زاد بالنسبة للماضي ... جداااا جميلةةةة ومسليةةةة واسلوبك ووصفك رائع مش عارفة شو اقول كمان ... موهبتك خطيرة ♡♡♡

    ردحذف
  3. اول مرة اشوف رواية جميلة كدة وطويلة
    حاسة اني بتفرج علي مسلسل بجد

    ردحذف