أنت لي
"سيعود
مذكرتي العزيزة سأراه مجددا فتنتي الخاصة التي إبتلتني منذ سنوات مراهقتي إشتقت له
لقد مرت ست سنوات بل ست سنوات و ثلاثة أشهر و يومان يا إلهي لا اصدق أنه مضى كل
هذا الوقت منذ أن غادر مذكرتي هل تذكرين في الصفحات التي تسبق هذه الصحفة أخبرتك
بسري بالطبع تذكرين لقد أفضيت لك بمشاعري و بما إكتشفته منذ سنوات عندما أيقنت
أنني لم اعد أشعر كما كنت قبل ذلك السن لم أعد أعتبره كأخي الذي لم يكن لي يوما
وصديقي الملازم لي و الذي يدافع عني دائما بل أنني بدأت أشعر بشعور مختلف ناحيته
في البداية لم استطع تحديد كنه مشاعري نحوه لقد كنت أشعر بالحرارة تستعر بوجنتي
عندما يبتسم لي أو فقط ينظر إلي أشعر بدقات قلبي تخرج عن إيقاعها المعتاد عندما
يلمس شعري و يربت عليه بيده مع أنه كان يفعل ذلك كثيرا من قبل و لم أكن أشعر بما
أشعر به الأن من مشاعر مختلفة تجعل أحاسيس غريبة تتدفق إلي بدأت انظر إليه نظرة
مختلفة و أنت تعرفين لأنني كنت كل ليلة أشكو لك معاناتي مع مشاعري وإضطراباتي
الغريبة التي وجدت تفسيرها عند سونغ جي التي ما إن أخبرتها بما يعتمل في صدري حتى
هتفت ببساطة: إنه الحب يا حمقاء أنت تعشقين أخي
منذ تلك اللحظة أصبحت هائمة
به كنت ألازمه أينما ذهب أغار عليه إعتبرته بطلي و فارس قلبي لكن ذلك اليوم عندما
قرر السفر ليدرس في أمريكا أحسست بالإختناق آلمني قلبي حينها مرضت لأسبوع لابد أنك
تذكرين ذلك مذكرتي لأنني غبت عنك في تلك الفترة لقد قررت وقتها الإعتراف له لم
أستطع كتمان حبي لوقت أطول و ياليتني كتمته...."
توقفت إيونجي عن الكتابة و قد عادت إليها ذكرى ذلك
اليوم كانت ليلة سفر إنجوك عندما تحلت بالشجاعة و قررت مصارحته طلبت منه لقائها في
الحديقة عندما وصل كانت تجلس على الأرجوحة تحاول تمالك نفسها حياها بصوته الأجش: مساء الخير إيونجي هل
حصل شيء؟
تلعثمت و هي تجيبه: مرحبا في الواقع أنا...
أنا....
عقد إنجوك حاجبيه بحيرة: ما الأمر؟ لما هذا
الإرتباك؟
إحمر وجهها إحراجا: أنا.. أنا أحبك...
رأته كيف رفع حاجبيه في ذهول و كيف إتسعت عيناه: عفوا؟
شعرت بالحر رغم النسمات الخريفية التي تداعب شعرها
و كانت واثقة أن وجهها يحترق إحمرار و مع ذلك لم تتراجع: أنا معجبة بك
إزداد ذهوله و تحول لصدمة لكن لحظات وعادت معالم
وجهه تدريجيا لوضعها الطبيعي ثم لمحت إبتسامة صغيرة لطيفة ترتسم على وجهه فانشرح
قلبها و خف توترها رغم أنها لم تستطع السيطرة على إرتجاف يديها فشبكتهما معا عيناه
هبطتا لتنظرا ليديها الصغيرتين ثم عادت لترتفع و تنظر لوجهها المتوهج همس أخيرا
بصوته الرجولي الساحر: أنت تجعلينني أشعر بالإطراء شابة
صغيرة بجمالك تعجب بي أنا دونا عن بقية الشباب الذين من المؤكد ينتظرون نظرة رضا
منها
ضحكت إيونجي ببشاشة و براءة و شعرت بالإسترخاء و
الثقة بالنفس لكن هذا الشعور لم تهنئ به طويلا فسرعان ما أضاف برقة بالغة: أنا آسف و لكنني
لا أستطيع قبول مشاعرك
تقدمت إيونجي خطوتين و هتفت باعتراض: لكن.. أ.. أنا ...
قاطعها ليقول لها بهدوء ورقة: صغيرتي إنسيني ببساطة
صدقيني بعد بضعة سنوات ستضحكين من هذا الموقف و ستقولين كيف جننت و حملت بعض
المشاعر لرجل و أنا في الثالثة عشر لازلتي طفلة لست أهلا للتحدث عن الحب في هذا
العمر
تعكر جبينها الناعم و هي تحاول أن تقول المزيد: لكن ..
أوقفها مرة أخرى عن الكلام و قال ببعض الحزم: وداعا إيونجي
و تركها و إستدار ليبتعد بخطوات ثابتة راقبتها بقلب
متوجع
إرتفع رنين هاتف إيونجي في تلك اللحظة ليجفلها و يوقظها من ذكرياتها زفرت بحدة و هي تجيب: سونغ جي أنت تختارين أسوء الأوقات لتتصلي بي
تعالت ضحكة سونغ جي و هي تجيبها: ايقوووو إيونجي لابد أنك منغمسة مع مذكراتك
تخطين بعض السخافات
تذمرت إيونجي بطفولية: يااااااا هل إتصلتي
لتسخري مني!! ماذا تريدين؟ فليس لدي وقت أضيعه معك
اجابتها سونغ جي بحزن مصطنع: ألم تشتاقي لي يا فتاة؟
يالك من جاحدة
مطت إيونجي شفتيها: و لماذا سأشتاق لك ها؟
ابتسمت سونغ جي: ياااا توقفي عن الإدعاء
أعلم أنك تفتقدينني و تشتاقين لي
تمتمت إيونجي بسخط: لست من قرر السفر و ترك
البعض خلفه بدون سؤال
قهقهت سونغ جي: جوجو تتحدثين كحبيب
متذمر الان
هتفت ايونجي باستنكار: هل تسخرين مني الان؟ ثم
منذ متى تنادينني جوجو؟
أجابتها سونغ جي بلهجة مبطنة: لقد سمعت اوبا
يناديك بهذا الإسم فأعجبني ألم يعجبك؟
خفق قلب ايونجي بعنف عند سماع إسمه فتلعثمت: اجل... كلا.... أقصد هل
وصلتما؟
إبتسمت سونغ جي من إرتباك صديقتها: لقد وصلنا منذ
ساعة ألن تأتي لرؤيتي؟
هتفت إيونجي بحماس: دقائق و أكون عندك
إبتسمت سونغ جي بسعادة و هي تغلق الهاتف
- هل كنت تحدثين إيونجي؟
إلتفتت لتجد إنجوك يقف مستندا على الحائط إبتسمت
له: نعم ستأتي بعد قليل
إلتمعت عيناه: حقا! إشتقت إلى تلك
الصغيرة
هزت سونغ جي رأسها بعدم رضى: أوبا لو سمعتك تناديها
بالصغيرة ستغضب كثيرا لقد أصبحت شابة جميلة يتهافت عليها الشبان
ضحك إنجوك على إنفعال أخته: أيقووو تبدين كلبوة مفترسة تدافعين عن أحد أشبالك مهما كبرتما
ستبقيان صغيرتاي بعد عدة أعوام عندما تملأ التجاعيد وجهيكما ستلحان علي كي
أناديكما صغيرتاي
إقتربت سونغ جي منه مضيقة عينيها: إعترف أوبا ألم تنظر
لها كامرأة من قبل لقد أريتك صورها و رأيت التغيرات التي طرأت عليها ألم تنجذب لها
أبدا؟
صاح باستنكار: ياااااا سونغ جي لم أكن
أعلم أنك منحرفة هكذا
رفعت سونغ جي حاجبها: أوبا أنا أتكلم بجدية
ألم تجذبك عيناها إمتلاء جسدها نعومة بشرتها و لن أتحدث عن شفتيها...
شهقت فجأة من نظرات أخيها البلهاء: لا تخبرني أنك لم تلاحظ
هذا؟ يا إلهي أنا أنثى و أراها قمة في الإغراء و أنت لم تلاحظها حتى؟ اوموو لا
لا... يمكن أنت... لا يعقل..
عقد حاجبيه و سألها: ما الذي لا يمكن و لا
يعقل؟
أجابته و هي تشير له بصدمة: أنت لطالما إعتقدت أنك
تحتفظ بقلبك لفتاة ما لكن اليوم فهمت أنك شاذ
فغر إنجوك فمه بصدمة قبل أن يصرخ بها بغضب: يااااا سونغ جي هل
تريدين الموت؟
هزت سونغ جي كتفيها: و ماذا تتوقع مني و أنا أرى عدم إهتمامك بالفتيات من حولك
أجابها بنفاذ صبر: ألم تفكري بأنني لم أجد
الفتاة المناسبة بعد؟ يالك من سخيفة سونغ جي لو صرفتي الوقت الذي أمضيته في تحليلي
على نفسك سيكون أفضل
ثم إستدار ليغادر فصاحت سونغ جي: أوبا إلى أين؟
ألن تنتظر إيونجي؟
أجابها بدون أن يتوقف: سأذهب لغرفتي لأنام لا
وقت لدي لأحاديث الأطفال
تأففت سونغ جي: ستظل أحمقا سيو
إنجوك
بعد بعض الوقت وصلت إيونجي و بعد العناق و القبلات و العتاب جلستا في غرفة سونغ جي لتبادل أخبارهما بعد أن أقنعت هذه الأخيرة إيونجي بقضاء الليلة معها و بعد تردد تشجعت إيونجي و سألتها: احمم أين سيو أوبا؟ أنا لم أره هل خرج؟
إبتسمت سونغ جي: ماذا ألم تعودي قادرة
على تحمل غيابه؟
إحمر وجه إيونجي و تلعثمت و هي تجيب: لما تأولين
سؤالي البريء أوني؟
غمزت لها سونغ جي: بريء؟؟ ايقووو إيونجي
لا داعي لأن تخفي الأمر عني أعلم كم تتلهفين لرؤيته
تنهدت إيونجي بحزن: هل أنا مكشوفة إلى هذا
الحد؟
ربتت سونغ جي على رأسها بحنان: فقط مكشوفة لي لأنني
أعرفك أكثر من نفسي
إبتسمت إيونجي لصديقتها و إقتربت منها لتضع رأسها
على ركبتيها لطالما كانت سونغ جي الصديقة التي تدعمها و الأخت التي تستند
عليها و الأم التي عوضتها حنان أمها التي لا تعرفها سألتها سونغ جي و هي تمسد
شعرها بحنان: هل مازلتي تحبينه؟
تنهدت بيأس: و هل لدي خيار أوني؟ في
البداية كنت أظن أنه إنبهار طفولي سيختفي مع الوقت لكنني في كل مرة أظن أنني
تجاوزته يعود ليحتل أفكاري صرت أخشى الليل لأنه يهاجم أحلامي غرقت فيه و لم أجد
شاطئ الأمان حتى مع نبذه لي منذ سنوات و رفضه لمشاعري إلا أنني لا أزال أعشقه بنفس
القوة كم أنا مثيرة للشفقة
اجابتها سونغ جي بتأثر: لست مثيرة للشفقة
إيونجي ليست غلطتك أن أخي أحمق لا يمكن أن تستسلمي مازالت أمامك فرصة خصوصا أنه
غير مرتبط يجب أن توقعيه في حبك
هزت إيونجي كتفيها: لا أعتقد أن الأمر
سينجح لطالما إعتبرني أخته الصغيرة فقط لا فائدة من إذلال نفسي مجددا
هتفت سونغ جي بإصرار: لا تيأسي قبل أن تحاولي لقد مرت سبع سنوات على كلامه ذلك يجب
أن تحاولي من جديد كلاكما كبر و لا أعتقد أنه سيرفضك مجددا
إستقامت إيونجي في جلستها: لا تتعبي نفسك أوني فهو
لن يفكر بي أبدا
نظرت لها سونغ جي بحدة: حتما لن يفكر بك و أنت
لازلتي ترتدين هذه الملابس الطفولية و تتمسكين بهذه التسريحة السخيفة ايقوووو لا
عجب أن أي شاب لا ينظر لك أكثر من مرة
تأملت إيونجي ملابسها بعبوس: لا يهمني رأيك
يعجبني شكلي هكذا
هزت سونغ جي رأسها بعدم رضى: غبية هل
ستتحملين خسارته من جديد؟ يجب أن تحاولي على الأقل و إذا لم تنجحي سنقفل هذه
الصفحة إلى الأبد
تمتمت إيونجي بغيظ : لا أفهم ما
علاقة شكلي بالأمر
هزت سونغ جي رأسها بأسف من سذاجتها: علاقتها بالأمر أنه شاب
وسيم معتاد على النساء الجميلات الناضجات و المحنكات و المستعدات لفعل أي شيء لأجل
لفت إنتباهه لن تثيري إعجابه إن بقيتي تتصرفين هكذا تصرفي كطفلة عاملك كطفلة تصرفي
كامرأة لاحقك كما على أي رجل أن يلاحق امرأة جميلة
هتفت إيونجي باستنكار: لن أغير من نفسي لكي
أحظى باعجابه أنا لن أرمي نفسي عليه
ضيقت عينيها و سألت سونغ جي: أهذا هو الأسلوب
الذي تعتمدينه لتجعلي سونغجاي اوبا متيما بك؟؟
لم تتمالك سونغ جي نفسها و ضربتها على رأسها: يااااا ما دخل هذا
الموضوع بوضعك؟ ثم أنا لم أغري أخاك هو المصر على ملاحقتي رغم إخباري له أنني لن
أرتبط بأحد أبدا
فركت إيونجي مكان الضربة بألم: ايقووو أوني أنت معجبة
به رغم إنكارك لهذه الحقيقة لما لا تمنحيه و تمنحي نفسك فرصة لبداية جديدة
أخفضت سونغ جي رأسها بحزن: أنا قضية خاسرة
إيونجي لم أعد أصلح لأحد لست أنانية لأظلم سونغجاي معي أنا معطوبة مهشمة من الداخل
الكسر الذي أصابني غير قابل للإصلاح
نظرت إليها إيونجي بحزن: ما من كسر غير قابل للإصلاح أوني خاصة فيما يتعلق بالنفس البشرية و
مع الوقت ستشفين
هزت سونغ جي رأسها بشيء من اليأس: ماذا إن اضطررت
للانتظار طويلا ماذا إن لم اشفى؟ حتى طفلي لم أستطع المحافظة عليه فقدته و كأنه
رفض أن أكون أمه....
قاطعتها إيونجي و هي تمسك بيدها: سونغ جي أنا
أفهم سبب ارتباكك الفكرة التي أكسبتك إياها تجربتك عن الحب خاطئة الحب لا
يشبه إطلاقا القيم التي أذاك فيها يونغوك اعتمادا عليها ما دفع ذلك الفتى لفعل ما
فعله لم يكن حبا
لم تقل سونغ جي أي شيء وهي تحدق بصديقتها بينما
تابعت إيونجي: أن تحبي شخصا هي أن تسمحي له بأن يكون جزءا منك
و أن تصري على أن تكوني جزءا منه أن تكوني شريكته في السراء والضراء أن تثقي به و
أن تكسبي ثقته سونغجاي لطالما أحبك منذ الطفولة كان دائما بجانبك عندما احتجت إليه
فكيف تحرمينه من وجودك إلى جانبه في أعز حاجته إليك؟
سالتها بشك: و هل هو محتاج لي؟
تنهدت إيونجي: أنت لم تري حالته منذ
سفرك لم أعد أعرفه لقد قسوتي عليه جدا و جرحته بشدة
حاولت سونغ جي إخفاء تأثرها من حالة سونغجاي: يتألم الان أفضل من أن
يمضي بقية حياته متألما
ثم رسمت إبتسامة شاحبة مغيرة الموضوع: لقد جرفنا
حديثنا عن موضوعنا الأساسي
هزت إيونجي كتفيها بعدم إكتراث: إنسي الأمر سيو انجوك
لن يحبني يوما و كلما أقنعت نفسي بهذا أسرع كان هذا أفضل
رمت سونغ جي الوسادة في وجهها بحنق: حمقاء
ثم نهضت لتغادر الغرفة هتفت إيونجي: إلى أين؟
أجابتها سونغ جي بدون أن تلتفت: سأحضر شيئا نأكله
تنهدت إيونجي و استلقت على السرير ثم فجأة وقفت و
اقتربت من المرآة تاملت شكلها ببيجامتها الوردية تزينها صورة كبيرة لسبونج
بوب و شعرها مقسوم لنصفين رابطة كل جهة بربطة حمراء كانت بشكلها هذا لا تختلف
كثيرا عن طفلة نظرت إلى نفسها
لبعض الوقت ثم عبست لصورتها قبل أن تبدأ بعدها في أداء احد عروضها و التي تتهمها
جدتها بالجنون حين تقوم بادائها خاصة عندما يشاركها سونغجاي الرقص
كانت منغمسة غافلة عن العينين التان تتأملانها
باعجاب تمتم سيو لنفسه: كم هي جذابة متى أصبحت بهذا الطول؟ و متى أصبحت اقرب الى
الأنثى من الطفلة الصغيرة التي يحب رؤية ابتسامتها
تغيرت نظراته وهو يحدق في تمايل جسده باعجاب فرغم
ارتدائها لبيجامة طفولية عليها صورة كارتونية إلا أنها لم تخف جسمها الكامل
المتفجر أنوثة أسفلها لم يشعر بتأنيب الضمير لاستراقه النظر إليها هكذا بل ابتسم
بصبيانية وهو يفكر هل ذنبه أنه دخل إلى غرفة أخته و هي تقدم عرضها المغري؟ أوشك ان
يضحك عاليا بعد هذه المحاورة السخيفة مع النفس و بدلا من ذلك تنحنح قليلا لينبهها
لوجوده
كانت إيونجي غارقة في عالمها لذلك لم تشعر بشيء حتى
نبهها لوجوده تجمدت للحظات كان قلبها يخفق بجنون بينما تبذل جهدا جبارا لتستدير و
تنظر في وجهه لقد علمت هويته قبل أن تراه قلبها بهديره أخبرها ظلت تنظر له عاجزة
عن تمالك نفسها بينما عقلها يخبرها انه هنا تراجعت خطوة للخلف وهي تترنح
تحدق فيه تحاول التصالح مع قلبها الذي ارتفع وجيبه وهو يأن تحاول ان تستعيد شيئا
من التعقل لتحيد بنظراتها بعيدا عنه بينما هو يتطلع لجسدها المرتعش تمتمت لنفسها:
ماذا يحدث إيونجي؟ أنت لم تعودي مراهقة لتتأثري به هكذا لقد أصبحت شابة ناضجة تدرك
أن احلام المراهقة تبقى للمراهقات فقط لقد اتيتي اليوم خصيصا لتثبتي انك قادرة على
مواجهة رؤيته مرة أخرى دون أن ترتجفي دون أن تحتاجي لتقاومي رغبتك في الإغماء
اتيتِ وكنتي مستعدة لتتصرفي بأدب و لياقة تناسبان سنك مع رجل رفضك رجل داعب خيالك
المراهق وهذا طبيعي فهو وسيم جدا يا الهي لما هو وسيم بهذا الشكل؟
إبتسم إنجوك بتسلية و هو يراقب إنفعالاتها
المرتسمة على وجهها لطالما كانت إيونجي ككتاب مفتوح بالنسبة له يستطيع فهمها من
نظرة هتف مازحا: أيا كان ما تناقشينه لست موافقا عليه
نظرت له إيونجي بحيرة فأكمل و هو يتصنع الحزن: يااا ألن ترحبي بي؟ مضى
وقت طويل على آخر لقاء لنا ألم تشتاقي لي؟
بل أكاد أموت شوقا حتى و أنا أراك الآن أمامي كادت
هذه الكلمات تخرج منها لكنها تمالكت نفسها بصعوبة سيطرت على ارتجافها و أبعدت
عينيها عن مرمى نظراته التي تحاول التسلل لدواخلها لكن يديها تحركتا بشكل عفوي نحو
خديها في محاولة واهية لتبريد الحرارة المشعة هناك عندما تنبهت لحماقتها أبعدت
يديها بعنف عن وجنتيها و نظرت لإنجوك بحرج أكبر عقد ذراعيه على صدره و هو يبتسم
بطريقة أحرجتها: وجهك ما زال أحمر هل كل هذا الحرج
لأني ضبطتك ترقصين؟ لقد كنا نرقص معا في الماضي صغيرتي لا داعي للخجل
رفعت رأسها و هتفت بسخط: لا تنادني هكذا لم أعد
صغيرة
إنفجر ضاحكا: لم تتغيري
لازلتي تلك الصغيرة التي عرفتها دوما
تنهدت بحزن و هي تنظر لنفسها في المرآة المقابلة
لها إنها جميلة لما يقول أنها لم تتغير تتبعت عيناه عيناها و أجابها مازحا: لم أقصد هذا أنت تكادين
تكونين جميلة و لكنني قصدت تصرفاتك لازلتي طفلة كما عهدتك
تكاد تكون جميلة؟ إستنكرت إيونجي ذلك المغرور
الوقح عبست في وجهه و هي تعقد يديها: أنت أيضا لم تتغير
مازلت ذلك المغرور المتبجح الذي لا ينظر أبعد من أنفه
قهقه إنجوك ضاحكا قبل أن يتمتم و قد إلتمعت عيناه
ببريق لم تفهمه إيونجي: أنت كنز إيونجي
أجابته ببرود: شكرا إذا كنت تبحث عن
سونغ جي فهي في المطبخ
رفع إنجوك حاجبه: هل تطردينني الآن؟ لم
أعهدك بهذه الوقاحة
إحمر وجه إيونجي إحراجا: لم أقصد هذا فقط إعتقدت
أنك تريد سونغ جي
إلتمعت عيني إنجوك و هو ينظر لها: ليس لديك فكرة عما
أريده إيونجي
ثم بخطوات بطيئة إقترب منها و نظراته مركزة على
وجهها المتورد كان قريبا منها أنفاسه لفحت وجهها لم تستطع التحرك من مكانها فجأة
تناول يدها الباردة من شدة التوتر و رفعها لفمه: لقد كنت مخطئا أنت لم
تعودي تلك الصغيرة لقد أصبحتي آنسة فاتنة و يجب أن أتصرف على هذا الأساس
ثم قبل يدها قبل أن يردف بابتسامة ساحرة سلبت
أنفاسها: سعيد برؤيتك مجددا إيونجي
ثم إستدار متجها نحو الباب و قبل أن يخرج رمقها
بنظرة خطيرة: أراك في الجوار
بقيت إيونجي مسمرة في مكانها لعدة دقائق لا تعرف كم مر من وقت بالضبط و هي على تلك الحالة كل ما تعرفه أنها سمحت لإرتجافها أخيرا بالتحرر بينما عيناها ظلتا تراقبان الباب لتطلق بعدها سراح بضع دمعات إحتبستها دموع لا تفهمها ربما لأنها لم تكن قد تهيأت نفسيا لمواجهته هكذا إنه لم يتغير لا بل تغير قليلا أصبحت وسامته لا تطاق
لم يغمض جفن لإيونجي تلك الليلة و هي تعي قربه
منها على فراش من الجمر تتقلب تغزوها ذكريات إعتقدت أنها دفنتها ليأتي لقائهما و
يجعلها تطفو على السطح مجددا تشتمه تارة لسخريته منها و تغازل طيفه تارة أخرى
و لم يكن حال إنجوك بأفضل منها فقد جافاه النوم
تلك الليلة و بعد محاولاته يأس و نهض من سريره إتجه إلى شرفة غرفته ليداعبه نسيم
الصيف الذي تتخلله رائحة الورود التي تحرص أمه على زراعتها و الإعتناء بها تنهد
براحة لقد إشتاق لهذه الرائحة إشتاق لدفأ عائلته لأمه لأبيه لأصدقاء طفولته و
بالأخص إشتاق لإيونجي إبتسم و هو يتذكرها كم بدت لذيذة و لطيفة ببرائتها التي لم
تتغير منذ تركها كم أراد أن يعتصرها بين ذراعيه يبثها شوقه و لهفته عليها لكنه
تمالك نفسه يجب عليه أن يتأكد أولا من مشاعرها نحوه
يعلم أنها أحبته يوما لكنه كان قاسيا رفضها و رفض
حبها جرحها وقتها لكنه كان مجبرا على كسر قلبها حينها من أجلها تخلى عنها رغم أنها
كانت حلم مراهقته و حبه الأول لا يعلم متى تجاوزت مشاعره حدود الأخوة لتصبح شيئا
آخر كل الذي يعلمه أنه لم يكن يستطيع قضاء يوم بدون إيونجي إلى أن أتى ذلك اليوم
عندما أزعجها بعض الأولاد قام بضربهم و توجه بعدها لجدها وقف أمامه و حدثه بثقة: جدي أنا أحب إيونجي أريد الإرتباط بها
قهقه عندها جد إيونجي مما جعل إنجوك يستاء سأله
الجد: هل تحب إيونجي
أو تعجبك؟
هتف إنجوك بثقة: أحبها
نظر له الجد باعجاب لثقته: لم تفكر في
إجابتك
هز إنجوك كتفيه: مشاعري واضحة و لا
أحتاج لتفكير
إعتدل الجد في جلسته: تعجبني صراحتك بني لكن
ألا ترى أنك تبالغ فأنت لم تبلغ التاسعة عشر و هي في الثالث عشرة لا تزالان طفلان
نظر له إنجوك بحدة: أنا متأكد من
مشاعري سيدي و أعلم أن إيونجي تميل لي
أجابه الجد بحزم: إيونجي تميل للكل إنها
مجرد طفلة متعلقة بك كتعلقها بأخيها آسف لا يمكنني أن أسمح بأن تعبث بمستقبل
صغيرتي
هتف إنجوك باعتراض: أنا لن أؤذيها أبدا
تأمله الجد للحظات قبل أن يجيبه: حسنا لدي إقتراح سيضمن
لي أنك لن تأذي إيونجي
أجابه إنجوك بلهفة: أنا موافق على أي شيء
إبتسم الجد: لا تتسرع ربما لن يعجبك
عرضي
سكت لبعض الوقت قبل أن يكمل: أنا أحبك إنجوك لكن
مصلحة حفيدتي أهم عندي أريد منك أن تبتعد عنها إيونجي ليست في عمر يخولها إتخاذ
قرار مهم و حتى لو كانت تميل لك أخشى أن يكون علقها بك مجرد تعلق طفولي سيختفي مع
الوقت لذا لن تتودد لها قبل أن تصبح في العشرين
هتف إنجوك باستنكار: ماذاا! تريد مني أن
أنتظر سبع سنوات؟ ماذا لو سرق قلبها شخص آخر خلال هذه الفترة؟
هز الجد كتفيه: و ربما ستقع أنت في حب
فتاة أخرى إنها مخاطرة لابد منها هذه الفترة ستكون مفيدة لكليكما يجب أن تعمل على
أن تكون شخصا جديرا بحفيدتي و لو عدت بعد خمس سنوات و طلبتها مرة أخرى سأكون أكثر
من سعيد للموافقة
سأله إنجوك: و ماذا إن رفضت؟
إبتسم الجد بهدوء: عندها ساخذها و أرحل من
هنا و لن تجدنا أبدا
تنهد إنجوك عند تذكره لذلك اليوم فقد تغيرت حياته منذ ذلك الوقت و تغيرت نظرته للحياة أصبح هدفه أن يكون الشخص المناسب لأيونجي لم تكن مهمته سهلة و هو يراقبها تكبر امامه و أنوثتها تتفجر نظراتها التي ترسل له رسائل حب كان يتجاهلها و يدعي عدم الفهم أتعبه الأمر و كاد يتوسل لجدها تغيير رأيه لكنه كان يتراجع لمعرفته أن الأمر لمصلحتهما و كانت المنحة التي حصل عليها و سفره للخارج أفضل حل لمحنته لكن إعترافها له ليلة سفره أفسد كل شيء كان قلبه ينزف و هو يشاهد جرحها عندما رفضها تألم كثيرا و ظلت صورتها الحزينة تأرقه طيلة فترة سفره لقد جرحها يعلم لكنه عاد الآن و سيستعيدها لقد درس و اشتغل ليكون الشخص المناسب لها يحتاج لأن يستعيد ثقتها و معرفة إن كان هناك بقايا من حبها له و سيتكفل ببناء أمجاد حبهما
عاد إلى سريره ليسترق بضع ساعات في عالم الأحلام
قبل أن ينهض بنشاط أخذ حماما سريعا و إرتدى ثيابه تأمل نفسه في المرآة يتحقق من
هندامه ببنطاله الجينز و قميص أبيض ضيق أظهر صلابة صدره أرجع شعره للخلف بأصابه و
رشة عطر خفيفة زادت من تأثيره الرجولي حمل معطفه و نزل إلى المطبخ يدندن بسعادة
نظرت له سونغ جي التي كانت تحتسي قهوتها بدهشة: اووووه أوبااا تبدو وسيما اليوم
بعثر شعرها: اليوم فقط أبدو وسيما؟
يبدو أنك تحتاجين إلى نظارات
عبست في وجهه و هي تعيد ترتيب شعرها: ايقوووو مغرووور
إبتسم و هو يصب قهوته: أين إيونجي؟ مازالت
نائمة؟
تمتمت سونغ جي: لقد غادرت بسرعة
متعذرة بالعمل حتى أنها لم تمنحني لا الوقت و لا الفرصة لأعارضها
إحتسى إنجوك رشفة من فنجانه وابتسامة صغيرة تعلو
شفتيه و هو يفكر: الجبانة هربت من أول مواجهة
ضيقت سونغ جي عينيها بريبة: هل أزعجتها
أوبا؟ لقد أخبرتني بزيارتك لغرفتي أعرف مزاجك عندما تحب مشاكسة أحدهم لابد أنك قمت
بشيء جعلها تغادر بهذه السرعة
رفع إنجو كتفيه مدعيا البراءة: لم أفعل شيئا فقط ألقيت
عليها التحية
رفعت سونغ جي سبابتها بتهديد امام وجهه وهي تقول
بصرامة ناعمة: لو علمت أنك أزعجتها لن تنجو من غضبي
أسبل أهدابه و هو يحاول إخفاء ضحكته حتى لايثير
حنقها أكثر: صدقيني لم أفعل شيئا يستوجب غضبك أنت تعلمين مكانة إيونجي عندي
لن أؤذيها أبدا
صمتا للحظات قبل أن يسألها: ألن تذهبي إلى
العمل؟
أجابته و هي تقف: سأذهب الآن
أفرغ بقية الفنجان في جوفه و وقف بدوره: هيا سأوصلك إذا
لم تستغرق رحلتهما سوى بضع دقائق سرعان ما وصلا
إلى المحل حالما ترجلا إلتقيا بسونغجاي تبادل الرجلان التحية قبل أن يتركهما إنجوك
و يدخل إلى المحل تبعته نظرات سونغ جي الحانقة تعلم أنه تعمد تركها مع سونغجاي
الذي أغمض عينيه للحظات متمالكا نفسه كي لا يأخذها بين ذراعيه فتحهما مجددا ليجدها
على نفس وقفتها المتوترة: ألن تلقي التحية على الأقل؟
إلتفتت له بارتباك: آسفة مرحبا سونغجاي كيف حالك؟
أجابها بصوت أجش: لست بخير
أخفضت سونغ جي رأسها متهربة من عينيه: يجب أن أدخل إيونجي تنتظرني
أكملت جملتها لتسير خطوة واحدة قبل أن توقفها يده
التي إمتدت إلى ذراعها ليتحرك بخطوة فيقف أمامها و قد أغاظه أسلوبها البارد في
التعامل معه إقترب منها أكثر و يركز على عينيها المصدومتين من تصرفه و همس بحنق: لم أعتد هذا الإستقبال
البارد منك سونغ جي
ثم إقترب منها طابعا قبلة على خدها و يبتعد عنه
راسما أجمل إبتسامة رأتها و أكمل بحزم: لا تعتقدي بابتعادك و
تجنبك لي سأستسلم أنا أحبك و لن أتخلى عن محاولة أسر قلبك
ثم تركها و غادر مخلفا وراءه جسدا مرتعشا و قلبا
يهدر كأمواج البحر بعد أن ملأه بالعواصف و التقلبات
أما إنجوك فبعد تعمده ترك سونغ جي مع سونغجاي فقد تعب من عنادها و رفضها له دخل إلى المحل بحثا عن صغيرته عندما لم يجدها سأل إحدى العاملات فأخبرته أنها في الحديقة الخلفية
في تلك الأثناء كانت إيونجي تحاول تسلق الشجرة
العالية بحذر فرغم انها تجيد التسلق منذ الطفولة لكن مضى وقت طويل عندما لعبت دور
طفلة شجاعة او مراهقة ذات حيوية لقد توقفت عن هذا منذ ان اكتشفت انها تريد ان تكون
انثى مبهرة لكنها مجبرة على الصعود لانقاذ تلك القطة الصغيرة التي بدت خائفة و
عاجزة عن النزول زحفت بحذر بين الأغصان المتشابكة هي تحدثها برقة: لا تفزعي صغيرتي سأنقذك
وصلت أخيرا لتلك القطة المرقطة بالأسود فإبتسمت
بانتصار و هي تحملها بلطف: ها أنت إهدئي ستكونين بخير
كانت على وشك النزول عندما فاجأها ذلك الصوت
الساخر: هل أعجبك المنظر فوق؟ تعبت من الوقوف تحت الشجرة و أنا أنتظر نزولك
بأمان لا تعولي على شهامتي كثيرا و إنزلي
بقلب خافق حدقت إيونجي للأسفل لتجد إنجوك ينظر
إليها بتسلية وعيناه تلامسان بنظراتهما شعرها المشعث و وجهها المتوهج كانت هيئته
تحبس الأنفاس مد كلتا ذراعيه للأمام و غمز لها: هذا في حالة تعثرك و
سقوطك المتوقع قريبا
شدت إيونجي على فكيها وهي تتحرك لتنزل عبر الأغصان
شعرت بغضب عارم نحو هذا الذي يثير جنون قلبها زمت شفتيها و هي تتمسك بأحد الفروع
كان النزول صعبا و هي تحمل القطة بين يديها جاءها صوت إنجوك و هي تمد قدمها لترتكز
على الغصن: أسرعي قليلا صبري نفذ
أدارت وجهها نحوه بحنق شديد: لاداعي لبقائك أنا قادرة
تماما على النزول وحدي فعلتها مرارا منذ كنت... آآآه
لحظة واحدة و أفلتت قدمها ليفقد جسدها توازنه و
يحدث ما توقعه هو بالضبط لحظات ضائعة من الزمن وهي تستوعب سقوطها أغمضت عينيها في
إنتظار إرتطامها بالأرض لكن تلقفتها ذراعين صلبتين
لوقت لاتعرف كم طال ظل عقلها مشتتا يحاول أن
يستجمع الأحداث وتوابعها إنها بين ذراعيه إنجوك يحملها بين ذراعيه في أكثر أحلامها
تطرفا لم يكن سيحصل ما يحصل الآن إنها بين ذراعيه و هي تغمض عينيها بقوة لتحاول
نفي هذه الحقيقة الكارثية المذهلة أن تستوعب حادث كسقوطها من على الشجرة شيء و أن
تستوعب وجودها بين ذراعيه شيء آخر تماما
و رغم كل الإشارات المعنّفة من عقلها تجد نفسها ترتجف
بينما تقاوم أمواج بهجة برية هاجمتها و غلفت عقلها بغشاوة لتمنعه من التفكير
المنطقي توترت عضلاتها و هي تحاول التعامل مع كم هائل من المشاعر المضطربة في وقت
واحد كيف تستطيع أن تفكر بعقلها و قلبها أعلن سيادته و سيطرته على ردود أفعالها
إنها تلتصق التصاقا بصدره العريض تشم رائحة عطره الرجولية تحس بحرارة أنفاسه التي
تلفح وجهها
- إحمم هل أنقذتي القطة
من الشجرة لتقتليها إختناقا؟
عادت للواقع عندما إخترق ذهنها صوته و أخرجها من أفكارها
فتحت عيناها كتمت تأوهها و هي تتطلع إليه في لحظات مسروقة أخرى من تحكم العقل
تواجه هذا الوجه الرجولي الفاتن عن قرب مدمرا لدفاعاتها أخفضت عيناها لترى القطة
الصغيرة تتلوى بين ذراعيها خففت من إمساكها لها لتقفز مغادرة حضنها أشفق إنجوك
عليها و هو يراقب إحمرارها و إظطرابها سألها بنعومة: أنت بخير؟
عضت شفتها السفلى كم هو سؤال بسيط لكنها لن تعرف الإجابة
أبدا فعدا الدوار الذي تشعر به فليس هناك شيء محدد يستطيع وصف ما تمر به كل خلية
منها العودة لأرض الواقع مريعة حقا ألا نستطيع ان نمسك حلما مستحيلا و لو للحظات
ندعي فيها أنه حقيقة
حاولت الرد لكن لسانها إنعقد إتسعت إبتسامته و
تمتم بمزاح رقيق: أنا أشعر بالتعب؟ تبدين مرتاحة و أنت محمولة
هكذا لا أعلم ما الذي تتناولينه لتصبحي ثقيلة هكذا
السحر الذي كان يحيط بها تلاشى في لمحة إحتقن
وجهها غضبا و دون أدنى تأخير أخذت تتملص للتخلص من ذراعيه و هي تقول بحدة: دعني أنزل لم أطلب منك
حملي
فاجأته حركتها فاختل توازنهما ليسقطا و يرتطم
رأسيهما ببعض آآآآه صرخة ألم أطلقها الإثنان معا فرك إنجوك جبينه: أنت كارثة متنقلة
إيونجي
إمتلأت عيني إيونجي بدموع الإحراج إستقامت و ركضت
إلى الداخل لم تكترث لنداء سونغ جي التي إندهشت من منظر صديقتها ضيقت عينيها خصوصا
مع دخول إنجوك ورائها إعترضت طريقه و سألته: ما الأمر ما الذي فعلته
لإيونجي و جعلها تبكي؟
تأفف إنجوك: لما دائما
تعتقدين أنني المذنب سونغ جي؟ إنها طفلة مشاغبة ناكرة للجميل لقد أنقذت حياتها و
بدل أن تشكرني تصرفت كقطة وحشية
إزداد عبوس سونغ جي و هي تقول مؤنبة: لا تتكلم عنها هكذا
أكيد أزعجتها بسخريتك
أحنى إنجوك رأسه قليلا و هو يشير لجبهته: انظري لجبيني كل هذا
لأني كنت أحاول مساعدتها
زفرت سونغ جي و صمتت للحظات قبل أن تحدثه بجدية: إبتعد عن إيونجي
أوبا لن أسمح لك بإيذائها
إشتد سواد عيني إنجوك: لقد إبتعدت لسبع
سنوات سونغ جي حان الوقت لأستعيد ماهو لي
ثم تركها و غادر بينما وقفت سونغ جي حائرة تحاول
تفسير ما قاله قبل أن تذهب للبحث عن إيونجي التي إنزوت في المطبخ و دموعها لم
تتوقف عن الإنهمار كانت تبكي و لا تعرف لماذا بالضبط هذا التخبط المألوف الذي تعيش
فيه يسيطر على تصرفاتها و يجعلها ترتكب الحماقات أخذت تردد بصوت مسموع: غبية غبية كل هذا
لأنه فاجأك ؟ لم يا غبية لم لم تأخذي الأمور ببرود ألم تخططي لهذا؟ ألم تقرري أن
تواجهيه و تتعاملي معه بشكل طبيعي؟
صمتت للحظات ثم عادت لتردد و دموع الغضب تأخذ
طريقها لوجنتيها: حمقاء لماذا لاتجيدين التصرف عندما يحتاج الأمر
لعقلك فقط؟
ضربت على جبينها فتوجعت اتسعت عيناها و هي تتذكر
إرتطم رأسيهما لامست بشرتها بشرته حتى و لو كانت اللمسة يصاحبها الألم
- أنت بخير؟
إلتفتت إلى سونغ جي فعادت عيناها الجميلتان
لتغرقان بالدموع و هي تقول بحرقة: لست بخير أوني
إقتربت منها سونغ جي و جلست بجانبها: ماذا فعل أوبا
ليجعلك تبكين هكذا؟
تنهدت إيونجي و هي تمسح دموعها: هو لم يفعل شيئا
لكنني أبكي خيانة هذا القلب الذي كلما أحس بوجوده هدر كزلزال لما لا أنساه أوني
لما لم أتجاوز تلك المشاعر الغبية؟ لما أستمر بإحراج نفسي أمامه و أبرهن له أنه
محق حينما رفض هذه الصغيرة الخرقاء؟
أمسكت سونغ جي بكتفي إيونجي و أدارتها نحوها: توقفي عن البكاء و
الرثاء على نفسك لقد حان الوقت لتقرري هل تحبين أخي أم لا؟
أجابتها بسرعة: تعلمين أنني لم أحب
أحدا غيره
أجابتها سونغ جي بجدية : إذا يجب أن
تحاربي من أجل الحصول عليه أولا يجب أن تتخلي عن تصرفاتك الطفولية و المفتقرة
للنضوج أنت ما عدت طفلة بعد الآن أنت امرأة فتصرفي كواحدة إنما لا كأي امرأة أخرى
يجب أن تثيري جنونه و تجعليه يتمنى نظرة منك
إلتمعت عيني إيونجي و قد أعجبتها فكرة أن يهيم بها
إنجوك: ماذا علي أن أفعل؟
بعد أسبوع
كان إنجوك و سونغجاي يقفان في باب قاعة الإحتفال و قد بدى الملل عليهما تأفف سونغجاي: لا أعلم لم تستغرق الفتيات كل هذا الوقت ليجهزن؟
ضحك إنجوك بمرح: شخصيا لا أمانع طالما
أن النتيجة ستكون مبهرة
حرك سونغجاي حاجبيه بمكر: إذا جهز نفسك
فأختي ستطيح بك الليلة
وضع إنجوك يده على قلبه بحركة مسرحية: لقد أطاحت بي
منذ حملتها و هي رضيعة
نظر له سونغجاي بحيرة: لا أفهم سبب تخليك عنها
منذ سنوات و أنت تعشقها
تنهد إنجوك بحزن: كان علي القيام
بهذا الشيء لمصلحتنا معا لقد كانت طفلة كان يجب أن تنضج و تتأكد من مشاعرها لم أرد
جرحها لكنني آذيتها رغما عني لكن كل هذا سيتغير الآن لن يفرقنا شيء مجددا
ربت سونغجاي على كتفه: أثق بأنك ستسعدها فهي
رغم إنكارها لازالت تحبك
صمتا للحظات قبل أن يسأله إنجوك: الذي لا أفهمه كيف
تخليت عن حبك لسونغ جي و تركت ذلك الفتى يسرقها منك و يأذيها بهذا الشكل؟
إبتسم سونغجاي بمرارة: رغم حبي لسونغ
جي لكنها لم تعتبرني سوى صديق طفولتها و يوم حدثتني عن يونغوك قررت دفن حبها في
قلبي و لعبت دور الصديق كنت دائما أحس بخلل في ذلك الفتى لكنني إعتقدت أن ذلك بسبب
غيرتي منه و تجاهلت حدسي عندما إنفصلت عنه فرحت كثيرا و فكرت أنها فرصتي لكسب
قلبها لكن بعد ذلك الحادث أحسست أن المسافة تقلصت بيننا حاربت لأنقذها من نفسها و
أخرجها من المتاهة التي دخلت فيها حتى أنني صارحتها بمشاعري لكن يبدو أنه لا أمل
لي معها
هز إنجوك رأسه بعدم رضى: لم أعهدك بهذا الانهزام
سونغجاي هل ستتخلى عن حربك قبل أن تخوضها؟
وضع سونغجاي يديه في جيبه: أنا هزمت قبل أن أخوضها
إنجوك: لقد أصبحت غبي في غيابي
أؤكد لك أن سونغ جي تحبك لو رأيتها كيف تتلهف لسماع أخبارك من إيونجي في الفترة التي
قضتها برفقتي لعلمت أنها تعشقك لكن للأسف أختي غبية فهي إلى حد الآن لم تكتشف
مشاعرها
سأله سونغجاي بلهفة: هل أنت واثق من
كلامك؟
هز إنجوك رأسه بثقة: مائة بالمائة لذا لا
تستسلم يا صديقي بسرعة يجب أن تجعلها تدرك حقيقة مشاعرها قبل أن تشن هجمتك القادمة
إرتسمت إبتسامة ملتوية على شفتي سونغجاي: أعتقد أنني أعلم ما
سأفعله بالظبط
نظر له إنجوك بفضول: ماذا ستـ... اوووه يا
إلهي....
إبتلع بقية تساؤله ثم إتسعت عيناه بشدة و تجمدت
ملامحه بعدم تصديق عندما إلتقطت عيناه من بعيد دخول أخته و ذلك الخيال الذي يتبعها
بارتباك عجز عن النطق و عيناه تحاولان رؤيتها بوضوح
أحست إيونجي بالإرتباك و هي تقف بجانب صديقتها
أحست أن كل الأنظار موجهة لها بان الإنزعاج على ملامحها فسألتها سونغ جي: مابك؟
تأفف إيونجي و هي تعيد طرف فستانها المتدلي على
كتفها بنزق: هذا الفستان ليس مناسبا لي الجانب الأيسر منه يتدلى دوما كاشفا عن
كتفي
لمعت عيناها بعدم الثقة وهي تسأل سونغ جي: هل الفستان يليق بي
حقا؟ لم أكن مقتنعة عندما إخترته لي و لكن تأكيدك لي انه رائع علي جعلني أقبل
إرتدائه حتى شعري لولا اصرارك أن أرفعه في هذه التصفيفة لتركته مسترسلا كي يغطي
كتفي أشعر أنني غريبة و الكل يحدق بي
مطت سونغ جي شفتيها و هي تقترب منها: ايقوو لا تكوني متذمرة
فستانك رائع يظهرك غامضة و جذابة جدا إنه يليق بك و كأنه صمم من أجلك أنت تبدين
أجمل مني و أنا صاحبة عيد الميلاد التي يفترض أن تبدو الأجمل
ضحكت إيونجي و غمزت لها: صدقيني بفستانك
الأحمر هذا ستتوجه الأنظار إليك وحدك تبدين كشعلة
إبتسمت سونغ جي: أظن أننا نجمتي السهرة
- مساء الخير
تجمدت إيونجي للحظات قبل أن تستدير إلى إنجوك
غزاها الموج الهادرعقلها شرد عن الواقع بينما عيناها تعلقتا به ببدلته الكحلية و
قميص أبيض أنيق و ربطة عنق تراوحت ألوان خطوطها المائلة ما بين الكحلي و الأزرق
وسامة غير عادية تبرزها هذه البدلة و رجولة فياضة لم تستطع مجاراتها مهما بلغت
أناقتها كان مذهلا عطره تسرب إليها بهجوم متسلل مباغت لتستنشقه رغما عنها فيحطم
تماسكها لم يساعدها و هو ينظر إليها هكذا بدى غامضا حتى في إبتسامته بينما عيناه
تتمليان النظر من وجهها
هتفت سونغ جي: أهلا أوبا تبدو مذهلا
الليلة
إبتسم إنجوك بمرح: عيد ميلاد سعيد عزيزتي
يبدو أنني سأقضي الليلة أطرد معجبينك
قهقهت سونغ جي بصوت عال: لا تقلق علي أستطيع
تدبر أمري أستأذن سأذهب لأرحب ببعض الضيوف
ثم سارت مبتعدة خيم عليهما الصمت قبل أن يقطعه
إنجوك: مرحبا إيونجي
نظرت له ببلاهة دون أن ترد إلتمعت عيناه و إختفت
إبتسامته بينما نظراته تنساب من وجهها لعنقها ثم تركزت على كتفها بنظرة حارة
جعلت قلبها يخفق بجنون غريزيا تحركت نظراتها نحو كتفها لتجد طرف الفستان متدلي
ليظهر كتفها الناصع عاريا أمام نظراته المتفحصة بإرتباك شديد عدلت طرف الفستان و
هي تهمس بصعوبة: مرحبا
همس بصوت مبحوح: تبدين فاتنة هذه الليلة
إشتعل وجهها خجلا و تلعثمت و هي تجيبه: شـ.. شكرا أنت أيضا
تبدو جميلا
ضحك باستمتاع: عزيزتي لا نقول لرجل
أنه جميل بذلك تطعنينه في رجولته
نظرت له بأسف: آسفة لم أقصد أي سوء
إبتسم لها بحنان: لا داعي للإعتذار
صمتا للحظات قبل أن يتكلم إنجوك: هل لاحظتي إنها
أول مرة منذ إلتقينا نتحدث كل هذا الوقت بدون شجار
إبتسمت إيونجي: و ذنب من هذا؟
هتف باستنكار: ياااا هل تحملينني
المسؤولية الآن؟ ألست أنت من يجن كلما رآني و يركض هاربا؟
مطت إيونجي شفتيها بطفولية: أنت لم تتوقف عن إحراجي
و السخرية مني
رفع إنجوك يديه: حسنا أعترف أنني إنجرفت
قليلا لكن لم أستطع قاومة الأمر فهو ممتع
ثم مد لها يده: ما رأيك بأن نبدأ صفحة
جديدة
نظرت إيونجي إلى يده الممدودة بدهشة وهي تتطلع
لعينيه بإنبهار عيناه كانتا تموجان بأحاسيس أبى عقلها أن يفسرها بينما قلبها يتآلف
معها بترحاب صاخب قبل أن تبتسم و تمسكها: حسنا موافقة
همس إنجوك بصوت مبحوح: سعيد برؤيتك مجددا
إيونجي
إرتفع وجيب قلبها من جراء كلماته تحمحمت لتخفي
إرتباكها: إذا كيف كانت هذه السنوات؟ هل إستمتعت ببعدك عنا؟
هز كتفيه و شردت نظراته للحظة: لقد مررت بوقت عصيب في
البداية لكنني قضيت وقتا رائعا و تعرفت على أصدقاء مميزين هونو علي فراقي عنكم
أخفضت إيونجي رأسها بحزن: حقا؟ من الجيد
معرفة أنك لم تشعر بالسوء
لفتت نظره نبرتها الحزينة فلم يقاوم رغبته في
ممازحتها: لما الحزن إيونجي؟ هل كنت تريدينني أن أخبرك بأنني كنت شبه ميت
أبكي لفراقكم و أعد الأيام لأعود لإزعاجك المتواصل
نظرت له بألم و غضب: لم أطلب أن تقول شيئا
من هذا القبيل كان سؤالي بسيطا و كان بإمكانك إجابتي بدون أن تشير إلى تعلقي
السخيف بك في الماضي
هتف إنجوك بضيق: لما أنت حساسة هكذا إيونجي لم أقصد ما فهمته كنت أمزح فقط لما
أصبحتي تأولين كل ما أقوله لك لن أمزح معك مجددا
أجابته بحدة: إذن لا تفعل بل
الأفضل لكلانا ألا نطيل البقاء مع بعضنا عن إذنك
أدارت ظهرها له و بخطوات سريعة إبتعدت شد إنجوك
قبضته و همس و هو يراقب إبتعادها: أحمق لقد أفسدت الأمر
مجددا
سارت إيونجي و قد أعماها غضبها عن رؤية كل ما
أمامها حتى إصطدمت بأحدهم إنحنت بإعتذار: آسفة لم أنتبه
- لابأس يسرني الإصطدام
بالجميلات
رفعت رأسها بحدة لتهتف بدهشة: أووه هيجين شي مرحبا
سألها هيجين بقلق بعد أن لاحظ شحوب وجهها و دموعها
المهددة بالإنهمار: مرحبا إيونجي هل أنت بخير
لما لم تجبه أمسك بيدها و قادها كطفلة صغيرة
لاتجيد المشي بعيدا عن زحام المدعوين ليجلسها على احد المقاعد في الزاوية ثم إنحنى
ليجلس القرفصاء أمامها يتطلع لوجهها المنكس بقلق سألها برقته: هل تشعرين بالمرض؟
حنانه ورقته كان لهما أثر غريب في تخدير حواسها
وسكينة نفسها و كأنه أدرك ما تشعر به فقال بصوته الواثق: خذي نفسا عميقا
أطاعته و أخذت عدة أنفاس حتى شعرت بعودتها تماما
لأرض الواقع سألها مجددا: أفضل
رسمت إبتسامة شاحبة: لا تقلق أنا
بخير ليس أمرا لا أستطيع تجاوزه
رأته يخرج منديلا من جيبه ويقدمه لها: تفضلي إمسحي أنت وجهك
لأني إذا فعلت سأفسد زينتك تماما
ضحكت بخفة و هي تأخذ المنديل لتمسح وجهها بحذر و
لم تشعر إلا بيده على كتفها فاقشعرت لملامسته بينما قال مازحا: أعدت طرف الفستان
لمكانه أنت مغرية كفاية بدون ظهورك كتفك الناعم هذا
إحمرت رغما عنها بينما أغلقت عقلها عن أي ذكرى
لعينين تنظران لكتفها هذا بمشاعر ملتهبة رفعت لهيجين وجها محمرا و قد رسمت إبتسامة
جميلة على وجهها: شكرا هيجين شي أنا ممتنة لاهتمامك
بادلها إبتسامتها: ألا تعتقدين أننا
تجاوزنا مرحلة الألقاب انظري أنا أناديك إيونجي فقط لا داعي لهذه الرسمية بيننا
هزت رأسها موافقة: حسنا هيجين
إبتسم برضى: بما أن وجهك إستعاد
لونه و تألقه ما رأيك أن تكوني رفيقتي هذه الليلة وسط كل هؤلاء المدعوين الذين لا
أعرف منهم أحدا
رفرفت روحها و هي تجد بر الأمان و لم تبخل عليه بيدها
عندما إستقام واقفا مادا يده: يسرني ذلك
رافقته إيونجي في تجوال تعريفي بين الحضور بينما
يده لم تفارق يدها قضت وقتا ممتعا برفقته إهتمام هيجين بها حجبها عن التفكير كانت
تخشى إنتهاء الحفل لتضطر للعودة لبيتها حيث ستنهشها أفكارها و مشاعرها على حد سواء
لقد أجادت الهروب من نظرات إنجوك التي لاحقتها دون هوادة تقدحان بنار تأججت
كالبراكين تراقبهما من بعيد نظراتهما توقفت كثيرا عند يد هيجين التي تلمس كتفيها
كل حين كان غبيا ليراقب المشهد بألم مشهدا سيكون رفيقا له الليلة و هو يتقلب في
سريره يتلظى بنار الغيرة أخذ جرعة كبيرة من السائل البارد في كأسه دون أن يبالي
بطعمه المهم أي شيء ليطفئ هذا الحريق المشتعل في جوفه عيناه لا تنصاعان لإرادته و
هما تراقبان ذلك الشاب و هو يتصرف معها بأريحية و هي لا تمانع و تبدو سعيدة حارب
مشاعره التي تخبطت بعنف بين غيرة محرقة و رغبة بلكم هذا الشاب على وجهه و جر
إيونجي بعيدا عنه وجاءت القشة التي قصمت ظهر البعير عندما إبتدأ الرقص و قاد هيجين
إيونجي إلى الحلبة تحرك خطوتين قبل أن يستطيع السيطرة على قدميه و يمنعهما من
الذهاب إليها و إثارة فضيحة عيناها إلتقتا بعينيه لثوان عدة كانت كافية لتدرك جحيم
الغيرة الذي يتلظى به ليراها ترفع نظراتها لهيجين و تمنحه إبتسامة غرزت سكينا في
صدر إنجوك لم يعد يحتمل لا هذا فوق طاقته و بخطوات هادرة غادر قاعة الحفل تتابعه
عينا إيونجي اللتان إنطفأت جذوتهما
في تلك الأثناء كان قلب سونغ جي يرتجف ألما و هي تنزوي في أحد الأركان تحتمي بالظلمة و الظلال لتخفي نفسها لتلتقط ما تبعثر من سكينتها و هي تراقب سونغجاي يقف مع تلك الفاتنة التي لم تخفي إعجابها به و هي ترمقه بنظرات مغرية أحست بقبضة تعتصر قلبها يا إلهي كم تحتاج لوجود إيونجي في تلك اللحظة
كان رائعا رائعا جدا إلى درجة تدمي القلب المحروم من
حنانه الغيرة إشتعلت و هي ترى السعادة التي تظهر في عيني تلك الفتاة الجميلة ذات
الشعر الاسود و الثوب المغري لكن الغيرة شيء و الإحساس بالتمزق شيء آخر فما إن
رأته كيف أخذ ينظر لها باعجاب رجولي واضح حتى شعرت بأحشائها تتمزق و بدهشة نظرت
لكأس العصير الرقيق الذي تحطم في يدها ثم بهلع أدركت ان الدماء تسيل من أصابعها
بقيت لثواني تنظر ليدها بصدمة قبل أن تحاول تمالك نفسها همست في سرها: لابأس سونغ
جي مجرد إنتكاسة صغيرة و ستستعيدين توازنك مرة أخرى لقد نجحتي لحد الآن و ستنجحين
في القادم أيضا
كلمات إستمرت في قولها لنفسها علها تهدأ بشكل كامل
رفعت رأسها بعد أن أخذت عدة أنفاس ثم وقفت على قدميها بهدوء شديد و كأنها تستعد
لمعركة تحركت بخطوات محترسة لتخرج من هذه العزلة لتخرج من هذه الظلال التي تختبئ
فيها لم تكن تنظر أمامها ترفع طرف ثوبها الطويل و تتنفس بعمق محاولة تجنب لفت
الأنظار توقفت قليلا لتسمح لأحدهم بالمرور ثم عاودت تحركها البطيء حتى إعترضها شخص
آخر المكان كان أضيق الآن فرفعت رأسها لتعتذر للرجل عندما إختنقت الكلمات في فمها
لتتراجع ما إن تطلعت إليه
هتف سونغجاي: أنت بخير؟
أجابته ببرود: أنا في أحسن حال أريد
المرور
أمسك يدها الدامية بقلق: أنت تنزفين لابد أن
تعقمي الجرح
سحبت يدها بغضب و أجابته بسخرية: لست بحاجة لك لابد أن
رفيقتك تنتظرك لا تتأخر عليها
شتم سونغجاي بصوت منخفض قبل أن يمسكها من يدها
السليمة و يجرها خلف غير آبه للنظرات الفضولية التي لاحقتهما قادها إلى غرفة
جانبية أين تركها لدقائق و عاد حاملا علبة إسعافات أولية جلس بجانبها و أمسك بيدها
برقة ليعالجها
وجودها قريبة منه بحيث كانت قادرة على أن تشعر بدفء جسده
برائحته العطرية المسكرة إحساسها بأن كل ما تحتاج إليه هو أن تمد يدها إليه لتتمكن
من أن تلمسه كان أشبه بالجنة و النار صدمها هدير قلبها و أربكتها تلك المشاعر التي
إجتاحتها أخفضت رأسها لتخفي إنفعالاتها كان سونغجاي يراقب إنفعالاتها بتسلية سألها
بهدوء: لماذا أنت غاضبة؟
رفعت رأسها بحدة: أنا لست غاضبة
رفع حاجبيه ثم قال بنعومة: إذا لم تكوني غاضبة
الآن لا أريد أن أكون موجودا عندما تغضبين فعلا
زمت شفتيها بحنق و أدارت رأسها جانبا إبتسم
سونغجاي برقة رغم أن قلبه كان يرفرف و قد رآى غيرتها من بورا لن يخدع نفسه و يقول
إنها غيرة الحب و لكنها مؤكد غيرة التملك إنها تشعر أنه ملكها و لا يحق لإمرأة أن
تقترب منه عليه أن يستغل ميلها الطبيعي لحماية ممتلكاتها عليه أن يحفز طباعها في
القتال من أجل كبريائها و يحولها إلى قتال من أجله هو نظر إليها فذاب قلبه و هو
يراها ما زالت تنظر بعيدا عنه و هي تعقد حاجبيها بغضب واضح تنهد قليلا و همس في
سره: آآآه حبيبتي لو تعرفين أنني قضيت السنين أراقب و أحلل كل صغيرة فيك حتى أصبحت
أعرفك كخطوط كفي
إنتهى من تضميد جرحها فسحبت يدها هامسة بكلمات شكر
و وقفت لتغادر هتف سونغجاي: إن ظننت بأنني سأستسلم باعتمادك هذا الأسلوب
فأنت مخطئة إن كنت أنت جبانة بما يكفي بحيث تعجزين عن أخذ شيء تريدينه فأنا عنيد
بما يكفي للتمسك بما أريد
نظرت إليه للحظات مشوشة الذهن قبل أن تسقط قناع
الجمود فجأة و هي تقول باضطراب: أنا فقط لا أفهم أحس
أنني في دوامة
هز كتفيه: ألا يمكنك على
الأقل في الوقت الحالي أن تسيري مع التيار؟
ازدردت ريقها بصعوبة : ماذا إن جرفني
معه أنا لا أحب أن أفقد السيطرة لا أحب أن ... عندما .. عندما ..
أجفلها بأن مد أصابعه نحو فمها مسكتا إياها: لا تشرحي لي سونغ جي
أنا لن أطلب منك قط ما لا تستطيعين تقديمه
همست بصوت مكتوم وهي تبعد وجهها عن ملمس يده: أخبرتك من قبل بأنني لا
أمتلك ما أقدمه لك
أحاط وجهها بيديه: أنا لن أنتظر أن تقدمي
لي شيئا سآخذ ما أتاجه بدون إذنك
إرتعدت و هي تمنع نفسها بصعوبة من الإستسلام لنوبة
هستيرية عنيفة لقد كان قريبا جدا منها كانت رائحته التي تشبعت بعطره الخفيف تغمر
أنفاسها ودفء جسده كان...
- سونغ جي!!
لم تدرك بأن أنفاسها كنت تتلاحق بسرعة بأن شفتيها
قد إبيضتا و أن قطرات من العرق البارد قد تجمعت فوق جبينها صوته كان حازما قويا
جعلها تنتفض و هي ترفع رأسها إليه لتنظر مباشرة إلى وجهه الواجم و هو يسألها: ما هو إسمي؟
رمشت بعينيها و هي ترد تلقائيا: سونغجاي
- مجددا
- سونغجاي
هتف بحزم: هذا صحيح إياك أن تخلطي
بيني و بينه
إغرورقت عيناها بالدموع دون أن تتجاوزا حدود
مقلتيها إحساسها بأنه قد التقطها في لحظة ضعف و شهد شيئا من مخاوفها جعلها تشعر
بالهشاشة بالصغر همس برقة: إهدئي صغيرتي و
اسمحي لي بمشاركتك حملك الثقيل
أجابته بقهر: لا أحب أن يرى
أيا كان ما فعله بي ما أحالني إليه ما تراه الآن هذا الظل الواهي لا يشبهني إطلاقا
يده الكبيرة الدافئة تحركت نحو وجنتها الباردة
تحيط بها بحنان بينما يقربها منه أكثر كي تشعر أنفاسه فوق بشرتها وهو يتمتم بصوت
أجش: ما ترينه ظلا واهيا أنا
أراه كيانا قويا و جذابا لا مثيل له لا تسمحي لهم بأن يحددوا رؤيتك لنفسك لا تسمحي
لهم بأن يمنعوك عن رؤية صورتك الحقيقية أنا أعلم أن سونغ جي التي عرفتها مازالت
قابعة هناك داخلك
تلاحقت أنفاسها و هي تنظر إليه مضطربة: أهكذا تراني؟
هز رأسه و عيناه تلتهمان تفاصيل وجهها الناعم: أخشى أن أخبرك بالطريقة
التي أراك فيها فتهربين
إتسعت عيناها و هي تحدق فيه مذهولة جسده قريبا
منها جدا دون أن يلمسها لم يكن أي جزء منه يلمسها في هذه اللحظة إلا أنها كانت
تشعر به في كل خلية من جلدها في كل ذرة من كيانها تلاحقت أنفاسها إنبهارا
عندما لامست كفه وجنتها مجددا إنتفضت مبتعدة عنه
غريزيا إلا أنه لم يسمح لها برفض لمسته سرعان ما حاصرت يده وجهها معيدة تركيزها
إليه مرغمة إياها على النظر إلى عينيه حيث توقعت للحظة أن ترى عينين تشعان بالرغبة
و جنون التملك إلا أن ما رأته كان عينين بلون الشوكولا الذائبة التي كانت تحبها
فيما مضى و كل ما كان يطل منهما هو العاطفة العنيفة عاطفة صادقة تضمنت لهفة حنانا
تملكا و حماية عاطفة ثم و بدون مراعاة للذعر الذي إرتسم فوق صفحة وجهها أحنى رأسه
من جديد و قبلها
بعد أسبوع
تحركت أصابعها تبحث عن مصدر الرنين و هي مغمضة العينين حتى وجدته وضعته على أذنها لينساب اليها صوته: صباح الخير لا تقولي أنك لازلتي نائمة أيتها الكسولة
إبتسمت سونغ جي بكسل: صباح الخير أوبا مازال
الوقت باكرا لا أعلم من أين تأتي بكل هذا النشاط
تنهد سونغجاي قبل أن يجيبها: عندما تكونين بطلة
أحلامي و يقظتي و تخيلاتي فلا تعجبي من نشاطي و لهفتي لإسكات نيران أشواقي
إبتسمت سونغ جي بخجل: من أين تأتي بهذا الغزل
الغريب؟
ثم أغلقت هاتفها بسرعة قبل أن يتمادى بكلامه
فيخجلها أكثر فهو ينتهز كل لحظة يقضيانها معا ليمطرها بوابل من الكلمات العاشقة
منذ تلك الليلة و بعد أن أقنعها بأن تعطي لنفسها و له فرصة تشعر أنها سعيدة تغمرها
سكينة و راحة لم تشعر بهما منذ وقت طويل كان رقيقا معها متفهما يعاملها بحنان
يشعرها أنها ملكة متوجة على قلبه الأهم في حياته
رن هاتفها معلنا وصول رسالة إبتسمت عندما علمت
أنها منه: أمامنا رحلة إنهضي هيا سأبدأ بعد الثواني إلى أن نلتقي
نفضت الغطاء من فوقها و نهضت من سريرها بحماس أخذت
حمامها الصباحي قبل أن تقف أمام خزانتها لتختار ما ستأخذه معها رن هاتفها في تلك
اللحظة ليخرجها من تأملاتها عندما وجدت أنها إيونجي فتحت مكبر الصوت ليأتيها صوتها
المتذمر: أوني لما أقحمتني في هذه الرحلة لا أريد الذهاب إعتذري بالنيابة
عني سأتظاهر بالمرض
أدارت سونغ جي عينيها بملل و هي تضع أحد الفساتين
في الحقيبة: إيونجي لما تعقدين الأمور إنها رحلة بحرية سنستمتع صدقيني ثم أنا
بحاجة لوجودك معي أحتاجك في هذه الفترة هل ستخذلينني؟
تأففت إيونجي: يااااا أنت
تبتزينني الآن تعلمين أنني بعد سماع هذا لن أستطيع تركك
كتمت سونغ جي ضحكتها: إذا لا داعي لكل هذا
التذمر و استعدي سنستمتع هذا أفضل من بقائك حبيسة جدران غرفتك الكئيبة
عبست إيونجي: صدقيني كآبة غرفتي تبدو
أفضل لي
تنهدت سونغ جي و سألتها بهدوء: أصدقيني القول إيونجي
هل ترفضين الذهاب لعدم رغبتك أم لأن إنجوك ذاهب أيضا؟ لا تظني أنني لم ألاحظ تجنبك
له في الأيام السابقة
توقفت يد إنجوك عن قرع الباب عند سماعه لذلك
السؤال و قد تحفزت كل حواسه لسماع إجابتها بلغه صوت إيونجي: الذي يقلقني كيف سأتصرف
معه تعلمين أن علاقتنا متوترة و نحن لا نتكلم حتى
هزت سونغ جي رأسها بعدم رضى: أنت تعقدين
الأمور إيونجي لا تنسي أنكما صديقان قبل كل شيء ألا يمكنما التعامل على هذا
الأساس؟
تنهدت إيونجي بحزن: سونغ جي لقد
حاولت لكن كلما إعتقدت أنني نجحت عاد هو و آلمني لم أعد أحتمل سخريته مني أحس أن
الماضي سيبقى بيننا سأظل في نظره الفتاة التي إلتصقت به منذ الصغر و رفض حبها
هتفت سونغ جي بسخط: أنت غبية إيونجي كيف
تتخلين عن حب حياتك بهذه البساطة؟
أجابتها بمرارة: لأني تعبت سونغ جي تعبت من إنتظار شيء لن يحدث تعبت من إستجداء
مشاعر لن تكون لي تعبت من كل شيء لقد حان الوقت لأطوي هذه الصفحة و أمضي قدما
تصلبت ملامح إنجوك عند سماعه حديثها أغمض عينيه
بقوة و هو يشد عل قبضتيه حتى إبيضت مفاصله سار مبتعدا و هو يردد في سره: أنت واهمة
إيونجي إن ظننتي أنني سأتركك فأنت لم تعرفينني بعد إعلمي أنك لي و لن أسمح أن تجعلينني
صفحة مطوية من ماضيك لقد وقعت مسبقا على ملكيتك سأنسيك كل الألم الذي سببته لك
إنتظريني فقط
تنهدت إيونجي و هي تغلق سماعة الهاتف و تدعو في
سرها أن تنتهي هذه الرحلة على خير فهي لم تعد قادرة على الإحتمال فتصرفات إنجوك
المتناقضة منذ عاد أصبحت تربكها أحيانا تشعر به قريبا حتى تكاد تقسم أنه معجب بها
و أحيانا أخرى يتباعد و يسخر منها فتكاد تقسم أن ما يحدث وهما من نسج مخيلتها لن
تسمح لمشاعرها بأن تتحكم بها مجددا لن تتحمل خيبة أخرى لقلبها و جرحا لن يندمل
أبدا قاطع تأملاتها صوت سونغجاي و هو يحثها على الإسراع ركب أربعتهم في سيارة
واحدة و لكي يصبح الأمر أسوء إحتل سونغجاي المقعد الخلفي متحججا بأن هناك أمرا
مهما يريد محادثة سونغ جي به وجدت نفسها مجبرة على الجلوس بجانب سونغجاي قبل أن
ينطلقو مال عليها فجأة فاتسعت عيناها بصدمة و تراجعت إلى الخلف لكنه واصل إقترابه
حتى لفحت أنفاسه وجنتيها أغمضت عينيها باستسلام منتظرة خطوته التالية لكنها بعد
لحظات سمعت تكة حزام الأمان و هو يغلقه و يبتعد عنها أدارت وجهها للنافذة لتخفي
إحمراره موبخة نفسها على جموح خيالها: غبية هل إعتقدتي أنه سيقبلك؟
راقبها إنجوك بطرف عينه مستمتعا بتجاوبها معه متوعدا في
سره: صبرا يا جميلة لم أبدأ بعد
ربع ساعة و وصلو لليخت الذي سيبحر بهم إستنشقت
إيونجي رائحة البحر بسعادة و ما إن همت بالصعود حتى أمسك إنجوك بيدها ليساعدها على
الصعود إلى اليخت الواسع شكرته بصوت خافت و إبتعدت بارتباك لتختلط ببقية الركاب و
ما إن صعدو حتى بدء الإبحار
إنضمو إلى بقية الحشد المنتشر على السطح نظرة تلهف
طفولية علت وجهي الفتاتين و هما تتجولان في أنحاء اليخت الفخم هتفت إيونجي: المكان رائع
غمزت لها سونغ جي: ألم أخبرك أنك
ستستمتعين
إقتربت إيونجي من السور لتفغر فمها إنبهارا أمام
ذلك المنظر البديع و قد إنعكست ألوان الغروب على زرقة المياه لتشكل نظرا يحبس
الأنفاس هتفت سونغ جي موقظة إياها من شرودها: هيا فتاة علينا أن
نستعد للسهرة
تنهدت و هي تتبعها بعد حمام منعش إختارت ثوبا
صيفيا بسيطا و تركت شعرها ينسدل على كتفيها خرجت من غرفتها لتجد سونغجي يستند على
الحائط إبتسمت بسخري: ألم تجهز الأميرة بعد؟
إستقام في وقفته و إقترب منها مادا يده: لقد سبقتنا إلى
فوق أنا في إنتظار أميرتي الصغيرة لترافقني
قطبت حاجبيها باستغراب و هي تتأبط ذراعه: هل أت بخير أوبا؟
إبتسم لها: يااا ألا يمكنني
مرافقة أختي الجميلة؟
قبلته بخفة على خده: حسنا سأصدق أنك
لا تخفي شيئا رغم أنك غير مقنع بتاتا
سارا إلى القاعة أين وجدا سونغ جي في إنتظارهم
إقتربت منها و قبلتها: عزيزتي تبدين ساحرة
إزدادت حيرة إيونجي: ما سبب هذه الإبتسامة
الواسعة التي تملأ وجهك ماذا هناك؟
هزت سونغ جي كتفيها: لا شيء سعيدة برؤية
صديقتي العزيزة
لما تشعر بأن هناك شيئا يدور حولها و لا تعرف ما
هو هناك شيء غريب في نظراتهما و هي تعرف هذه النظرات جيدا كلما كانا متحمسين لشيء
ما أو سعيدين ترى هذه النظرة عادت لتسأل: لما أنتما سعيدين بهذا
الشكل؟
هتفت سونغ جي باستنكار: ياااا ألا يعجبك رؤيتنا
سعداء؟
أجابت ضاحكة: حسنا حسنا أنت تعرفين
كيف تجعلينني أشعر بالذنب آسفة يسرني رؤية سعادتكما بعد ما مررتما به
تجولت بين الضيوف ضحكت كثيرا و لكنها كانت تشعر
بفراغ داخلها منعت نفسها من البحث عنه بين الوجوه بينما كان هو يراقبها طوال
السهرة بلهفة و شوق تلك الصغيرة العنيدة أخيرا سيتوج سنين البعد بينهما بالوصال
ستكون له لقد حسم أمره نظرة أخيرة منه وجهها نحوها قبل أن يشير إلى صديقه أنه
مستعد ليقف بثقة فجأة أظلمت القاعة لثواني معدودة أحدث لغطا بين الحضور قبل أن
تنبعث أضواء خافتة عبر أحد الأركان لتتسلط الأنظار عليها بعدم فهم لحظة عابرة ثم
بدأت الصور تتالى عبر شاشة العرض لتتعالى الشهقات مستغربة بينما أطبق الذهول شفاه
تلك الواقفة بوجوم و هي ترى تجسيدا كاملا لطفولتها عبر تلك المشاهد المتتابعة و
تبدأ رحلة الغوص مع أحداث ظنت أنها إختفت داخل ذاكرتها فهاهي صورة لها و هي رضيعة
يحملها إنجوك و تلك الصورة و هي بعمر السنتين كان إنجوك يقفل لها فيها حذائها و
هذه لما بلغت السادسة في أول يوم دراسي لها كان يمسك بيدها لأنها خائفة الصورة
التي بعدها ذكرتها بألمها فقد كانت في ليلة رحيل إنجوك كانت واقفة تنظر لجسده
المبتعد خرجت من ذكرياتها بصورة أخرى في عيد ميلادها الثامن عشر تليها صورة أخرى
ليوم تخرجها لتتالى الصور التي تحكي ما عاشته في غيابه حتى عرضت صورة ليوم لقائهما
بعد عودته لم تستطع إيونجي منع دموعها كل شيء حولها توقف و قد بلغ وجيب قلبها عنان
السماء تدرجت الصور لتسرد قصة حياتها لحظات نسيت أنها عاشتها ما بين صورها مع سونغ
جي و مع أخيها و معه هو بكل تعابيرها عابسة كانت أو ضاحكة وديعة أو عدائية في كل
حالاتها مشعثة أو مرتبة ناعمة أو نارية دون أن يخفي لمحة الشقاوة التي منحتها
سحرها الخاص واحد و عشرون سنة هو ذلك العمر الذي حكت عنه الصور عشر دقائق مرت على
إيونجي و هي جامدة كل صورة عرضت رافقها تعليق تحتها إبتدأت بكلمات مقتضبة لتطور مع
تطور سنوات عمرها إلى مقاطع شعرية معبرة و كأنه إختزل كل قصتهما في تلك الدقائق
كأنه يخبرها أنه كان دائما معها لم يتركها لحظة
فجأة عادت الأضوء ليظهر إنجوك بابتسامته التي تخطف الأنفاس
بدأ يتحدث و عيناه لم تفارقها: كنت بعمر الأسبوع عندما رأيتك أول
مرة أمسكت بيدك الصغيرة و شعرت بسعادة طفولية سألتني أمك هل ستحبها فأجبتها بثقة
دائا
شعرت إيونجي بدوخة لذيذة و هي تستمع لكلامه و ترى
النظرة التي يرمقها بها أكمل حديثه: عندما نطقتي إسمي أول
مرة شعرت بسعادة غامرة حتى أنني ظللت ألح عليك لتعيديه كان وقعه يطرب قلبي يومها
أصبت أمي بصداع و أنا أخبرها عن مدى سعادتي قالت لي إنك تحبها كثيرا إنها محظوظة
فسألتها بأمل هل ستحبني هي أيضا؟ فربتت على رأسي: ستفعل حبيي لا تقلق
تقدم لبضع خطوات و هو يكمل: في أول يوم لك في
المدرسة عندما تشبثتي بي و عيناك تتوسلان ألا أتركك يومها قررت أنني لن
أتركك أبدا
لم تتصور إيونجي أن تشعر بمثل هذه السعادة منذ أن
وعت على الحياة و هي تتخيل لحظة يعترف لها إنجوك بحبه لكنها لم تتصور أنها بهذه الروعة أكمل إنجوك حديثه و هو يقترب منها: يوم رفضتك كرهت نفسي كثيرا كنت في الثالثة عشر صغيرة جدا و بريئة
جدا ساعتها لم أفكر بنفسي فكرت فيك رأيت أن هذا الأفضل لك لكنني طوال الست سنوات
التي مرت و أنا بعيد كنت أشعر بالندم كانت كالجحيم لا تتصورين كم إشتقت لك إشتقت
لسماع صوتك لرؤية وجهك و رؤية عينيك اللتان لطالما كانتا قادرتين على جعل قلبي
هائما كنت خائفا من أن تكوني نسيتني و أن قلبك إنشغل بغيري
أوه يا إلهي سيتوقف قلبي!! فكرت إيونجي و هي تضع يدا
مرتجفة على قلبها لتخفف قليلا من دقاته أمسك إنجوك بيدها الباردة من التوتر ليضعها
برفق على قلبه الثائر بين ضلوعه شعرت بأن دقات قلبه تتراقص بتناغم مع دقات قلبها
المتفجرة أدخلت بعض الهواء الذي نسيت إستنشاقه لبعض الوقت و هي هائمة بملامحه
الرجولية الساحرة
أكمل بصوت مختنق من المشاعر: منذ صغرك و أنا أخاف عليك من كل شيء تلك الليلة كنت خائفا عليك من
نفسي من حبي الغير محدود لك كنت صغيرة جدا كنت أخشى أن أفضح كل ما أكنه لك و يكون
حبك لي مجرد نزوة عابرة مجرد مشاعر مؤقتة ستندثر مع الأيام و لم أكن لأسمح لك أن
تبتعدي رغبت أن أعطيك مزيدا من الوقت لتنضج مشاعرك كنت قاسيا أعلم أنني كسرت قلبك
و أعلم أنني جرحتك لكنني تألمت بقدرك شعرت بأن قلبي ينكسر إلى قطع صغيرة عندما عدت
حاولت التقرب منك لكنني في كل مرة أفسد الأمر و أجرحك أكثر
إبتسمت إيونجي من خلال دموعها و تمتمت بصوت باك
فبدت كطفلة صغيرة: أحمق كنت تسخر مني طوال الوقت
إبتسم بحنان: آسف صغيرتي لما
سببته لك كنت خائفا ألا أجد تجاوبا خشيت أن أكون قد فقدت حبك أردت أن أتأكد أنك
لازلتي تحبينني أولا قبل أن أخطو أي خطوة نحوك
أحاط وجهها بيديه: أحببتك إيونجي و أحبك
أنت صغيرتي صديقتي حبيبتب حلم حياتي فهل تجعلين لي مكانا بحياتك؟ هل تسمحين لي بأن
أمسك يدك دائما كما أمسكتها بصغرك؟ هل تسمحين أن أرى إبتسامتك و شرارة عنادك و
أتحمل نوبات غضبك هل تسمحين لي بأن أرى تجاعيد وجهك و شيب شعرك سأحبك كل يوم في
حياتي فهل تقبلين أن أكون شريك حياتك و حبيبك؟
هتفت سونغ جي و هي تمسح دمعة تأثر: لو كنت مكانك
لعذبته قبل أن أوافق
ضحكت إيونجي من مشاكسة صديقتها أخذت نفسا عميقا: إنجوك لطالما
حلمت بهذه اللحظة لم أحلم أن يتحقق ما تمنيته يوما أنا أحبك لطالما أحببتك أنت
دائي و دوائي فتنتي الخاصة منذ أن بدأت أدرك علمت أنك لي و أنني لك...
أسكتها بقبلة جامحة وضع فيها كل شوقه و حبه و لم ينتبها
لعاصفة التصفيق التي إرتفعت من حولهما و تصفير سونغجاي و سونغ جي الفرحان بهذه
النهاية التي إنتظراها منذ زمن
النهاية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق