الجمعة، 20 يناير 2017

°●جعلني مجرمة ●° ~ OnE ShoT ~


° جعلني مجرمة °

~ OnE ShoT ~



By Šařa


تذمرت بملل تأففت بوجه والديها في مطبخ المطعم ... حدق بها والدها بغضب فتأففت مرة اخرى عندا بهما ... حملت اكياس النفايات وبدل ان تخرج من باب المطبخ الجانبي أبت الا ان تخترق صفوف الطاولات في المطعم لتثير ازعاج الزبائن ثم والديها فأما ان يكملا غضبا عليها او يطرداها وتلك اغلى امانيها وايضا المستحيلة!... قريب عائلتها من يعمل في المطعم ,الان صرخ بأسمها حين مرت وهي تسحب الاكياس خلفها ولم تعره اي اهتمام فرمى منديل التنظيف بقوة فلم تبدو تلك اول مرة.. انزعج الزبائن جدا وهذا المطلوب... ونالت جزاءها هي اذ عند الباب صدمت برجلين اثنين ضخام البنية بتعابير تقشعر لها الابدان اغلقا الطريق امامهما ارتعبت وعادت خطوة للخلف سامحة لهما بالمرور لوت شفتها بغضب 

واكملت للخارج متجهة لممر صغير جانبي مجاور تماما لباب المطعم وهي تتمتم بحنق:وضع بائس لن ينتهي الفتيات يخرجن لوقت متأخر ويسهرن وانا لأني بدون عمل يجبرونني على الالتزام بالمطعم كما لو كان خدمة عكسرية (رمت الاكياس بعصبية في حاوية القمامة الضخمة وصرخت) حتى الخدمة العسكرية سنتين ..اما انا فأبدية...ضربت الارض بقدمها ثم التفت عائدة ادراجها 

هبط للتو في الممر من فوق حائط قصير مطل على الممر ,صوت هبوطه على الارض افزعها لتتجمد مكانها .. انتصبت قامته بهدوء خلفها وسط ظلام نهاية الممر ..واثار فضولها رغبة شديدة لديها لتلتفت برفق شديد ليس بكل جسدها .. كما الذئب وسط الظلام لمعت عينا واحدا له من تحت قلنسوته رعب شديد تسلل لها بشكل مهيب التفتت بالكامل وهي ترتجف ...


ركز في عينيها المرتعبة ثم امسك بطرف قلنسوته وسحبها للاسفل لتخفي نصف وجهه الظاهر واختفى في ظلام الممر.. عادت خطوة اثنتين تعثرت وكادت تسقط اختنق صوتها لتصرخ وهمت بالجري سريعا عائدة للمطعم .. وصلت وعند الباب لفظت انفاسا تقطعت امام جبروت مرعب لم ترَ له مثيلا..
نظرت لخلفها وتساءلت في نفسها عن هويته:ماكان هذا؟؟كالاشباح ظهر ثم اختفى!؟.(اسندت يدها على جبهتها ادمعت عينها)بدأت اهلوس من شدة التعب...علي ان ارتاح كان يوما متعبا...

صرخ بأسمها قريبها مجددا منبها لتقوم بخدمة طاولة جديدة لوت شفتها بحنق عليه وطوعا توجهت لها

:ماذا تطلب سيدي؟؟..شهقت برفق وهي توزع نظرها بينهما نفسهما الرجلين الذي التقتهما عند الباب.. حدقت بحنق اكبر على قريبها ماكس الذي يكبرها بسنين كثيرة .. لطالما اتفقا على ان يتولي امر اناس يشبهونهم لكنه بدا كمن يعاقبها اليوم لما فعلت.

قدمت لهم طلبهم وخدمت طاولة اخرى ونظفت البقية اذ اوشك المطعم على ان يفرغ ومنتصف الليل بات يقترب اكثر والاثنين ثابتين في مكانهما اثارا غيضها اكثر اذ لو انتهت من طاولتهما سينتهي اليوم بالنسبة لها..



حركاتهما كانت غريبة ..قطبت حاجبيها وهي تحدق وتحلل كل حركاتهما :الطعام ليس سوا حجة!..انهما يلهوان به اكثر مما يأكلان..عينيهما تطالع الشارع والاسطح بشكل مريب(أمالت رأسها)هل يبحثان عن شخص ما!

تحولت للجدية وتصنعت تنظيف طاولة قريبة وبات سماع حديثهما ممكنا جدا :تبا.. لم يظهر له اي اثر!
فأجاب الثاني صاحب الندبة الكبيرة على وجنته :اقسم انني رأيته بأم عيني يجري سريعا لهذه المنطقة... وفجأة اختفى من امام ناظري...باتت تندهش اكثر من كلامهما وكما توقعت هما يلاحقان احدهم

سأله صديقه:هل انت متأكد انه هو؟؟
فأجابه بلهفة :نعم صدقني انه معطف الفرو نفسه طريقة جريه وهيأته انا اعرفه تماما!...لو فقد امسكه لمزقته لأرب وانتهينا تماما من المعاناة .. كلمة منه ستكون كافية لنزج في السجن جميعنا!...

رفعت رأسها بعيون مذهولة وهي تفغر فمها من هول ماسمعت ولم تتراءى امامها سوى صورة ذلك الرجل من شبهته بالاشباح:انه..انه ..

اطبقت على فمها كي لايستمعان ..فجأة ارتسمت على وجهها جدية غريبة خلعت مأزر العمل بسرعة وجرت بكل سرعتها خرجت من المطعم

وقفت على ناصية الممر تطالع الظلمة التي احتلت نهايته ..خطوة واحدة فقط منها وستقتل ميرو وتخلق أخرى غريبة هي نفسها ستتعجب منها لوجودها... ازدردت ريقها بصعوبة وخطت بقلب قوي منجذب له رغبته باتت غريبة مفعمة بالشجاعة لأخفاء ذلك الغريب وكلها أمل انه لم يغادر ...

بسماع خطاها تأهب لقدوم احدهم , كان مختبأ خطف نظرة لها وبرؤيتها وقف فتوقفت مكانها حدق بها بحيرة متساءلا في نفسه سبب عودتها قطبت حاجبيها بعزم وركضت بأتجاهه وفي طريقها خطفت معصمه مجبرة اياه على اللحاق بها ..صَدمهُ فعلها توقف عنوة واوقفها جذبها من ذراعها بقوة الان واطبق عليها عند الحائط وهو مواجه لها تماما وحاصرها ..

ارتعبت من حدة نظرته وخفقات قلبها ارتفعت اغمضت عينيها بقوة ولفت رأسها جانبا وبررت سريعا: ارجوك لاتفعل اي شئ..لست سيئة..انا احاول مساعدتك في المطعم المجاور رجلان يبدوان كأفراد العصابات يبحثان عنك من الافضل ان تأتي معي ...هدأت ملامحه مستغربا ..

واحتلت قلبها شجاعة اكبر لتفتح عينيها وبرفق التفتت لتحدق في عينيه ورمت بقلبها الى الهاوية... تلاحمت عينيهما وبات العزوف خارج المدى مستحيلا ..حدقت بكل تعابيره ليس شبحا كما تخيلت اول مرة .. وفعل هو المثل لمعة عينيها قوية وجميلة ايضا .. بتوتر نطقت: ثـ..ثق بي ها!!.. اتسعت عينيه اكثر ولم يجد حرفا لينطق به اذ لايمتلك حلا سوى الوثوق بهذه الغريبة التي تلاهفت عليه هكذا..

ابعد حصاره عنها بخطوات منه للخلف.. فتحركت مكملة طريقها لنهاية الممر هناك حيث يوجد سلم حديدي رفيع مثبت بالحائط نظرت له فتقدم منها بحذر تمسكت بالسلم وبدأت بالصعود نظر لها ثم لنهايته وعلم انه ينتهي عند الطابق الثاني... تمسك بالسلم ولحق بها ... سلم ربما يبدو سخيف ان يتصل بغرفة نوم فتاة لكن بالنسبة لها كان منقذها لتتملص بواسطته من المرور وسط المطعم والزبائن بزيها المدرسي عندما كانت في الثانوية اول سنوات فتح بها المطعم وكان المنزل فوق المطعم لايزال يرمم لذا اصرت على تشييد هذا السلم لتهرب وتعود منه صباحا حتى انتهى بناء المنزل بباب منفصل عن المطعم! ...

فتحت النافذة ودخلت ابعدت الستار له ليستقر في الداخل حدق بها ثم بالغرفة وفورا تعجب اكثر ولم ينطق بحرف!
تركته متجهة لباب الغرفة حدقت بالممر بحذر ولم تلمح احدا .. اشارت له بيدها فأقترب منها... قرب باب غرفتها تماما درج مؤدي لطابق علوي اخير .. صعدت برفق خلفه حيث انتهيا ببابين احدهما للسطح .. وفتحت هي الثاني ودخلت حدق بها بلا محلامح:هيا... استعجلته في الدخول..واغلقت الباب خلفه بهدوء.

كانت غرفة خالية فقط بعض الاغطية والصناديق واشياء فائضة عن حاجة المنزل.. شبكت يديها بتوتر تشيح نظراتها عنه تارة ثم تنظر بتركيز تارة اخرى..وللان لم ينطق بحرف ..فكل كلمة ينطقها ستغدو محتملة الخطر و ربما ستصبح كالسم الذي يدس له فيما بعد!..

توترت مالذي ستفعله له..لمحت الاغطية فأسرعت لتفسح مساحة كبيرة وسط الغرفة  فرشت احد الاغطية وسائد وعدة اشياء وضعتها بجانبه الفراش وهو بعيون متسعة متعجبة بقي ملاحقا كل تحركاتها انتهت نفضت يديها وابتسمت بحب لما صنعت ثم له  فتفاجأت بنظرته المصدومة...نظفت حنجرتها وبدأت: حسنا يمكنك النوم هنا بسلام..لا احد يصعد لهذه الغرفة الا نادرا ودوما ما اكون انا عندما يحتاجون منها اي غرض..لذا لاتقلق.. انت جائع صحيح!!...لم يجبها ونظر جانبا ...
لوت شفتها منزعجة قليلا من صمته:حسنا انتظرني...

التفت ملاحقا لها بعينيه وهي تختفي خلف الباب بسرعة..ركضت للطابق السفلي حيث المطعم.. حدقت بالمطعم اولا فوجدته فارغ والاهم ذلكما الرجلين قد غادرا ايضا تنهدت براحة وانطلقت للمطبخ...  صفت اطباق عدة سكبت بعض الاطعمة تحت هول انظار والديها الذين تساءلا وأجابت وهي تجري عائدة للداخل:من اجلي ... انا جائعة.

دور عينيه محدقا بكل شئ في الغرفة حتى بأركانها بكل تركيز باحثا ربما عن كاميرا مثبتة او اي شئ .. وعاد بسكون محتارا في امر تلك الفتاة لايزال يذكر نظرتها الاولى كم بدت مرتعبة منه ثم عادت ثانيا كمنقذة ظهرت من العدم.. 

رغما عنه وجد نفسه يتبسم بشبح ابتسامة اختفت فور فتحها لقفل الباب دخلت بصينية متوسطة الحجم .. تعجب بمنظهرها وتعجبت هي منه لانه لايزال واقف..لوت شفتها بحنق متذمرة:ألن تجلس حتى!...

افاق على نفسه وجلس على الغطاء السميك بهدوء ولم يستطع كبت تآوه جسده المتألم من الجوب في الشوارع ليل نهار مختبأً... رفعت حاجبيها بتعجب منه نظر لها وسريعا اشاح نظره للصينية قربتها منه وانهمك في الاكل بشكل غريب كأنه لم يتذوق طعاما منذ ايام ولم تكن سوى الحقيقة!.. وهو يمضغ على عجلة شعر ببعض الارتباك وهي تراقبه بتعجب اذ جلست القرفصاء امامه 

رفع نظره لها برفق فأرتبكت وشعرت انها وجودها فضول محرج جدا..
أومات له وهي تنهض :ان ان احتجت لاي شئ ..امممم ..(احتارت اي وسيلة تقول... شهقت)هل لديك هاتف..
حدق في عينيها بلاتعابير.. لديه لكن لن يعطيها رقمه...لوت شفتها يمينا وشمالا نظرت له وتنهدت ببؤس :حتى لو كان لديك وهل كنت ستتكلم من الاساس!
ارتعبت من عبوس وجهه فتحولت تنظر جانبا..هزت رأسها :ومع ذلك سأجلب لك واحدا انتظر!..

فغر فمه برؤيتها تعود للجري مجددا خارجا .. وقتها اهتز جسده قليلا بمفعول ضحكة صامتة لم يستطع منع نفسه من الضحك عليها .. اختفت تماما ليعود لوضعه البارد فور دخولها وهي تلهث ..اقتربت ومدت يدها بهاتف عادي:خذه(اخذت عدة انفاس ولوحت بالهاتف مجددا) هيا خذه اعرف انه قديم لكن لااملك غيره ..ستجد فيه رقم واحدا فقط انه خاصتي... نظر لها ثم للهاتف وتناوله برفق .. أومأ لها ,وضعه بجانبه وعاد لطعامه مجددا كي تخرج كما قررت اول مرة.

تنهدت ببؤس بسببه ,صمته مزعج جدا.. هزت رأسها :سأغادر..اقول لك سأغادر..أوما برأسه وحسب ووجهه داخل الصحن وهو يتناول الشعيرية..

خرجت وا قفلت الباب بالمفتاح.. صُدم فورا وانتفض على عجل طرق الباب عدة مرات تفاجأت وعادت مسرعة حدثته بهدوء:ماذا تفعل؟..لاتحدث اي صوت...اقفلته كي لايفتحه احدا صدفة وانا لا ادري.

هدأ وقطب حاجبيه وعاد مكانه متنهدا بحيرة من كل ماتفعله...عندما شعرت ان الصمت عاد المسيطر على الغرفة هدأت هي الاخرى واكملت خطاها خمس درجات فقط توصلها لغرفتها في الطابق الاسفل... تشتتت افكارها كثيرا وعاتبت نفسها لأنها احضرته ثم عادت معاتبة كيف لها ان تتركه بعدما سمعت ..
وتقلب الاثنان طيلة الليل بتعب جسدي وفكري .. حتى اوشكت الشمس على الشروق فقط حينها داعبه النوم بأمان لاول مرة بعد فترة طويلة مرهقة جدا لم يمر بمثيلتها طيلة حياته.

~ ~ ~ ~

وحل الصباح وموعد افتتاح المطعم... وميرو نائمة في عالم ثانٍ تحل الغاز ذلك المجهول من علقت نفسها معه... دخلت والدتها لغرفتها والتوتر ينهشها حتى انها لم توقظها مبكرا اليوم كي لاتزعجها فوق الخبر الذي ستزفه لها... بعد وكز كثير ونداء رفعت رأسها بتثاقل بشعر فوضوي وتمتمت بعدة كلمات باتت يومية تتذمر فيها على حياتها:ماذا..ماذا..ماذا تريدين؟؟ألن تتركوني لوحدي ولو ليوم واحد!..واحد فقط انام فيه لوقت متأخر...

زفرت الام قائلة :في الواقع لقد حدث وتركتك اليوم تنامين لوقت متأخر..انظري كم هي الساعة ... شهقت ميرو برؤية الساعة تشرف على العاشرة صباحا فرمت نفسها للخلف مطلقة انفاسا مرتاحة من اعماق قلبها :هاااا هذه السعادة كم اشعر بانني شخص ثانٍ تماما.(اتسعت حدقة عينيها على اوجهما وانتفضت جالسة على عجلة) ياللهي ياللهي.. كيف نسيت تبا لي..كم اكره نفسي

اصابت امها بالذهول وهي تسمعها تعارض النوم لوقت متأخر لأول مرة!... تخرج الملابس سريعا لتغيرهم ثم عادت للمرآة سرحت شعرها لذيل حصان بسرعة رهيبة وخرجت مسرعة ... وقبل فوات الاوان عند اول درجة لفوق كبحت نفسها والتفتت لامها بأبتسامة صفراء :سأ...سأستنشق بعض الهواء على السطح وانزل في الحال لاتقلقي.

هزت الام رأسها مبعدة صدمتها جانبا واسرعت فورا للباب موقفة ميرو بنداءها:يااا ميرو انتظري..هناك خبر مهم عليكِ ان تعرفيه..في الواقع...انا ...انا ووالدك سنضطر لان نسافر اليوم للمدينة المجاورة لان ميسو اقترب موعد ولادتها وعلينا البقاء بجابنها كون زوجها التحق بالجيش مؤخرا

وعضت شفتها من ردة ابنتها الحادة كونها ستبقى تعمل في المطعم وفوق ذلك لوحدها.. لكن ميرو في حال معاكس تماما فغرت فمها اتسعت عينيها بذهول سعادة لسماع هكذا خبر ..هكذا ستخبأ الشاب المجهول دون قيود ومراقبة ...لذا التفت لتقابل امها بتلك الابتسامة :امااااه كم هذا رائع ميسو سوف تلد قريبا..كم انا سعيدة
تصلبت الام بصدمة لامثيل لها ...انها ليست ابنتها ابدا...وفوق ذلك نزلت الدرج سريعا ولفت امها لغرفتها:هيا هيا اسرعي لمَ التأخير!
التفتت الام وتفحصت وجهها بعناية :انتِ بخير لاتعانين من اي شئ!!
جمعت انفاسها وصرخت لتبعد الام بتخوف اكثر:يااا اماااه ألن اعجبك في اي حال أكون ..فقط دعوني وشأني
ومشت بخطوات عنيفة متجهة لفوق كما قالت حتى صوت خطواتها كانت ضربات عصبية أحدث صوتا عاليا ارعبت امها منها اكثر لذا اثرت الرحيل اسرع قبل ان يتغير مزاجها اكثر..

فتحت القفل برفق وكذلك الباب واطلت بنصف وجه بكل هدوء وسكنت مكانها بكل هدوء  .. بدون معطفه لاول مرة رأته بقميص قطني ابيض رغم اتساخه قليلا لكنه كان يزيد اشراقا على طلته بشكل رهيب ... شعره ملامحه وهو يضع ذراعه على الوسادة خلف رأسه نائم بفوضوية لم تكد تعرفه .. وتساءلت ان كان هو نفسه الرجل الصارم ذو الدم البارد والتعابير المخيفة .. ابتسمت بلطف مقتربة حتى ثنت ركبتيها قرب وجهه محدقة بأبتسامة هادئة بدا كل شئ فيه مثالي لتراه حقيقة ..

فتح عينيه على وسعهما والتفت ينظر لها بلاتعابير فزعت شهقت وفقدت اتزانها لتسقط للخلف بعيون مذهولة اغمضت عينيها واطلقت انفاسها بحرقة قلب بينما هو جلس بهدوء امامها 

ليبدأ بالاستماع الى تذمرها الذي لن ينتهي :اااه هل انت مجنون..هل هناك احد يصحو بهذه الطريقة المرعبة لقد اوقعت قلبي انت...واشارت له بيدها مهددة... برؤية تعابيره الهادئة

وكأنه يخبرها "متى تنتهين!" صمتت فورا وزمتت شفتها

لملمت نفسها التي تبعثرت بسخف امامه.. نهضت واقفة ..سأجلب لك الفطور فقط انتظر دقائق... وصلت للباب وكادت ان تفتحه اطبقت يده على المقبض قبلها ... ارتعبت مجددا والتفت لتنظر جانبا فصدمها قربه الشديد وعادت تضطرب بشكل رهيب عاد خطوة للخلف ومد يده نحوها مطالبا.. وزعت نظرها بينه وبين يده .. فأشار للمفتاح الذي بيدها فبررت سريعا :ولكن!.. اشار مجددا بنظرة حازمة ..زفرت مجبرة وناولته اياه!

حالما خرجت اقفله على نفسه... ازداد انزعاجها منه وجَرت سريعا لتجلب صينية الافطار .. حضرتها جيدا خبأتها لتستمع لأخر نصائح واوامر والديها وحاليا ماكس هو المسوؤل عنها حتى وقت عودتهما .. اكتفت بهز رأسها لكل كلمة قاما بتليها موقعة اياهم بصدمة غريبة بدت حقا ميرو اخرى امامهم... فور مغادرتهم سحبت صينية الافطار من تحت الطاولة وتسللت هاربة قبل ان يمسكها ماكس ويمنعها..

تناولا الطعام معا هذه المرة ... وتناول معهم الصمت حصته!... وقتما انتهت حملت الصينية وعند الباب أدلت أخر جملتها :ان احتجت لاي شئ فقط.. فقط اتصل بي كما اتفقنا..أوما برأسه بخفة... تفاجأت حقا لانه ابدى رد على جملتها لاتكاد تصدق.

وباشرت عملها في المطعم بشكل نشيط وغريب .. يبقى ماكس يحدق بها بنظرة متفاجئة بين لحظة وآخرى انهت حتى جزءا من اعماله .. وكل لحظة تتطلع للساعة وبالها مشغوله به ومتى يأتي وقت الغداء لتلتقيه!... بينما هو جاب الغرفة مرارا وتكرارا يعض شفته بحرقة تارة  ينفث شعره بحرقة تارة أخرى يضع يديه على خصره بحزم وتلك الصورة البشعة تداعب مخيلته دائما ليتعذب مطولا وعلى اثرها سالت دمعة وحيدة مسحها بكم قميصه بعنف.. اقترب من النافذة ابعد الستارة مفسحا مسافة كافية لعينه ليرى.. فزع والتف ليلصق ظهره بالحائط وهو يلتقط انفاسه..فقد رأى أحدهم يتجول في الشارع ..صر على اسنانه بقوة فهم مؤكد قد ضيعوا اثره في هذه المنطقة ولن يتزحزحوا من هنا حتى يجدوا له اي اثر...

هدأ بتذكر تلك الفتاة واي ورطة ادخلت نفسها معه وكيف سمح لها ..والاهم اي دافع قوي هذا الذي يدفع فتاة لتساعد شخصا مجهولا تطارده العصابات ... وبمداعبتها لمخيلته طرقت معقبة بهدوء:انها انا..هيا افتح..بسرعة..سيفتقدني ماكس في الاسفل.

فتح الباب وتفاجأ بصينية الغداء بين يديها حدقت بعينيه واشارت بالصينية له :هيا خذها.. اطال النظر في عينيها مما اثار استغرابها..تناول الصينية منها برفق ..فجاءهم صراخ ماكس من الاسفل :مــيروو!..ميرو! اين اختفيتي وتركتني في ذروة ازدحام فترة الغداء .. نظرت للدرج وهي ترفع شفتها بغيض بينما عاد يحدق بها وقد عرف اسمها للتو نظرت له وعادت تستغرب لنظرته تنحنحت:حس..حسنا سأغادر الان(اشارت له وهي تنزل اول الدرجات) هيا اغلق الباب.

واختفت للدرج الثاني للاسفل فأغلق الباب..حدق بصينية الطعام وابتسم بحب..وتحولت لألم كبير اخترقه عميقا وآلم قلبه..استنشق هواءا عميقا متجنبا بكاءا ونحيبا قد لاينتهي كم اشتاق للاطباق المنزلية منذ زمن وتلك الفتاة تغدق عليه بلامقابل ولاسؤال حتى!

مر يومين على هذا الحال ... ومجدداعندما فتحت الباب استغرقت دقيقة او اكثر محدقة به بتعجب كبير حتى انهى ضياعها فيه بأستيقاظه المخيف ذلك.. لوت شفتها وهي تنظر جانبا!...:سأحضر لك الافطار..انتظرني..
اثار اهتمامها شئ ما فعادت ملتفتة وابدت اشمئزازا سرعان ما اخفته امام نظراته المتساءلة بحيرة:ملابسك!..انها متسخة جدا وشعرك ربما!(حدق بقميصه واللطخات التي تناثرت هنا وهناك وهو يجذبه برفق) يجب ان تستحم!..اما الملابس امممم ملابس والدي كبيرة ..وماكس اوووه انسى امره... (جمعت قبضتها في الهواء مشجعة) اذا لاحل أخر سوى الشراء...

رفع حاجبيه منذهلا منها تلك الفتاة!..الى اين ستودي به بكل ماتفعله..أومات له بفرح وركضت دون ان تعيره يده التي ارتفعت لتشير لها مانعة لتترك قرارها..لكنها خرجت بالفعل واغلقت الباب بالفعل!...

انهى فطوره وهويوزع نظره بين الصحن وبينها!..رغبة شديدة اجتاحته للتحدث لها... اقل شئ يقدمه لهاهو الاحترام على الاقل..فإي دليل ستقدمه له اكثر ليأتمن على الحرف الذي سينطقه معها.. لكنه بقي مترددا ..حملت الصينية حدقت به ركزت على جسده يمينا شمالا كأنها تقدر مقاسات جسده... هزت رأسها مقتنعة بما دونت في ذاكرتها ثم خرجت ...
تركته في استغراب من نظراتها سرعان ماتذكر امر نقود الشراء...

التفت امام المرآة وهي تثبت المعطف على كتفيها واخرجت شعرها من تحته التفت جانبا فشهقت من اعماق قلبها ويدها عليه فتحت عينيها تطالعه بحنق شديد وهو يتابعها ببرود كتم ضحكة خفيفة على منظرها عندما ترتعب كلما ظهر بهذا الشكل :انت ماذا؟؟..ارجوك توقف عن الظهور بهذه الطريقة انت ترعبني!..انك تتسلل كاللصوص والمجرمين!
رفع حاجبا بحنق فتداركت ماتفوهت به سريعا:اخبرني لمَ نزلت قد يصعد ماكس ويراك هيا عد
مد يده نقودا لها..نظرت لهم ثم له بتعجب واشتعلت غيضا :ألهذا السبب نزلت وارعبتني بهذا الشكل..انت..انت .. هزت رأسه يائسة منه والتفت فعاد جذب ذراعها وثبت النقود في كفها.. تذمرت في وجهه مجددا:هل انت اخرس..ايششش.

ادخلتهم لجيبها وتوجهت الى النافذة لتنزل من سلمها الخاص بدل الباب الرئيسي وتواجَه بتحقيق كبيرمن قبل ماكس .. وكذلك هو التفت متوجها لخارج الغرفة.. 

نزلت اول درجة الثانية لم تقدر استغربت امرها ولم تعرف ان معطفها قد علق جزء منه بنتوء السلم العلوي حين التفتت لتنزل فباتت تشد نفسها للاسفل بقوة وتصرخ عليه متذمرة ..
سمع كلامها عند السلم واستغرب اكثر.. في اخر مرة جذبت نفسها بقوة تمزق طرف المعطف واختل توازنها صرخت موشكة على السقوط للخلف .. :مــيــرووو!
نداءٌ بأسمها جاء هاتفا سريعا بلمح البصر برعب شديدا خرج نصف جسده من النافذة وتمسك بذراعيها من الاسفل وثبتها للسلم!..

استكانت كل حركاتها حتى انفاسها باتت خافتة لتستوعب انها لاتزال مكانها شعرت بدفء يخيم عليها .. فتحت عينيها وبرفق رفعت رأسها لتقابل وجهه على مسافة شبه معدومة اتسعت عينيها بذهول لتمتلء بخاصته..



ضرب قلبها بقوة حتى اقوى من رعبها وهي مقبلة على الموت قبل قليل!.. تلامعت عينيهما في الاخر هام في النظر لها ..
لقد خاف كثيرا عليها حتى انه مشلول عن تحريرها الان بات وكأنه هو من هوى للارض بقوة وأذى قلبه وتفكيره المتماسك.. افاق على نفسه فنظرت جانبا..وتذكرت ما سمعته قبل قليل واتسعت عينيها اكثر

ظل صوته يتردد في دماغها بشكل غريب طوال الطريق ابتسمت براحة :اذا هو ليس اخرس كما ظننت..سأريه ..لوت شفتها بمكر!... اشترت الكثير من الملابس له ثم عاد بأقسى سرعة ممكنة ...

وقتها كان يشبك يديه حول ساقيه معيدا تلك اللحظة اكثر من مرة!...لمعة عينيها في عينيه لمَ اثارت الفوضى في نفسه وقلبه اذ منذ ان غادرت شعر برغبة كبيرة للتحدث معها وفتح قلبه لأحدهم فالصمت والوحدة تقتله منذ اسابيع!...





رفع رأسه منتبها حين طُرق الباب..هذه المرة بلهفة اسرع ليفتح لها ..دخلت بالعديد من الاكياس صفتهم على الارضية بتعب وهي تلتقط انفاسها حدق بها من الخلف وتردد الف مرة ليكسر شيئا وعد نفسه به ان لايتقرب من احدا ابدا حتى ينهي مصيبته:شك..شك...شكرا ..لكِ

فغرت فمها بصدمة فطوال الطريق كانت تتوعده بالكثير الان أردى كل محاولاتها ارضا امام صوته الذي للمرة الثانية يتسلل عميقا لداخلها بشكل عجيب يدغدغ قلبها غريبا جدا عن بقية الاصوات!...

التفت برفق لتقابل عينيه التي امتلئت بالامتنان فجاة:شكرا لكِ كثيرا..لكل ماتفعليه..انت لاتعرفين اي شئ عني ولم تسأليني ورغم ذلك تغدقين علي بأشياء كثيرة ثقيلة عليَّ جدا لاردها لكِ يوما ما!..لكنني أعدك بأنني سأحاول من اعماق قلبي سأحاول ان ارد لك ولو جزءا صغيرا مما تفعلين!


وجهها الخالي من التعابير وهي تركز في عينيه اضاع عليه فرصة معرفة مايختلجها.. فما يداعبها كبير حقا ليسبر اغوارها فيعرفه بالتفصيل... ميرو نفسها تضيع وتهوي لشئ لم تعرفه ولم تدركه يوما!..ذلك الكائن الغريب! ..انجذاب كبير فقط دون اي سبب فقط من نظرة واحدة رغم انها كانت مرعبة جعلتها تعود وبأصرار لتعلق به ..نظرة منه سرحت بها لتتعرف عينيها بشكل جديد ..كلمة منه.. وكانت الخاتمة لتنهي كل شئ!.. ماتت ميرو المشاغبة المتذمرة هذه اللحظة واحيا واحدة جديدة مجنونة وشجاعة ستحارب العالم كله ان وجب لتحميه!..
هزت رأسها لتتزن امامه مجددا.. استغرب ملامحها التي بدت غريبة عليه ..تنحنحت وتصنعت المزاح :حسنا اذا..سأنتظر ان ترد لي دينك بفارغ الصبر.

اطرق رأسه مبتسما شبح ابتسامة متألمة "ليتني فقط استطيع..ان اضمن حياتي لوقت اطول لما تأخرت"
رفع رأسه فرآهامحتارة في تصرفه فقطع عليها السؤال بسؤال:هيا اريني ماذا جلبتي لي...(انحنى يتفحص مابداخل الحقائب.. رفع .ونظر لها) لاتخبريني انك جلبتي اشياء تناسب ماكس ذلك..يبدو من كلامك ان ذوقه ياااا...
قلد حركتها الصباحية عندما اشمئزت من ذوقه ... رفعت حاجبيها بدهشة كبيرة "هل يعرف ان يمزح ايضا" ...

وصله صوت ضحكتها التي ارتفعت نبرتها تدريجيا... ومعها تراقصت نبضات قلبه بحنين بعد يتم غربة!..التفت برأسه محدقا بها وهي واقفة بالقرب منه تعابيره بدت هائمة بها جدا لتسكتها تماما وتتلاحم عينيها بخاصته... صمت كبير اطبق على تلك الغرفة .. لكن داخلهما يضج بفوضى عارمة قد بدأت ولن تعرف الخفوت... انخفضت سريعا لتتدارك الامر بينما عينيه مصرة على عدم الخروج عن مسار عينيها ووجهها!


انهمكت بأخراج ما اشترت له..ثم تركته ليستحم في غير ملابسه... في حمام غرفتها... خرج وشعره يقطر ماءا على وجهه تنسدل برفق لرقبته جبينه تجد طريقها براحة نشف شعره بقوة ثم انحنى قليلا ليسرحه امام المرآة... ميرو كانت تقف عند باب غرفتها وهي تغلقه لتضمن الامان له ..لكن المنظر السابق لم يفتها ان تغرق به مجددا... حين ادخلت رأسها لتتأكد انه انتهى ام لا!..

الان عندما انتهى واتجه ليخرج تفاجا به فعبرت بأعجاب :تبدونظيفا جدا(ضحكت بخفة )امزح وحسب!....تبسم بمرح هو الاخر :الفضل يعود لكِ.

~ ~ ~ ~

كهدوء نسائم الربيع ودفئها .. مرت الايام القادمة ليس عليه فقط بل وهي ايضا.. شعرت بأنها انسانة حقا ولها هدف..تعمل بجد وسعادة غريبة يتعجب ماكس وايضا يرتاح لها بدت اكبر مما اعتادوا عليها رزينة وهادئة .. تداوم على تناول وجبات الطعام معه دون تركه وحيدا وكأنها تحبسه!... استمرت كما هي احاديثها لن تنتهي ... الغريب انه كان منسجما جدا معها مشاركا اياها لساعات متأخرة حدثا بعضهما عن مواقف جميلة واخرى مضحكة واصدقاء رحلوا واخرين تغيروا... اما الليل المتأخر فهو خاص به وحده!

يخرج ملفات واوراق غريبة ويستغرق ساعات طويلة في حل شفرة معينة يهلك لساعات متأخرة كل ليلة دون ايجاد الحل لها.. كاد يمزق شعره ... ضرب بقوة الاوراق بجواره فتطايرت لتملئ ارضية الغرفة... زفر بحرقة قلب شديدة ..انتحب بهدوء باكيا بصمت ككل آهاته المكتومة داخله :شيونااااه.. اسف اسف جدا..اتمنى ان تسامحني حقا..ان السبب في كل ماحصل..كله بسبب عنادي واصراري لكشف كل شئ..انا السبب..انا السبب.. بات يكررها ويضرب رأسه بالحائط خلفه بعد كل مرة.

تأخرت اليوم في احضار العشاء له.. وهو هادئ تماما وفقا لرسالة ارسلتها له قبل ساعات "سأتأخر قليلا لنتناول الطعام معا"... ابتسم براحة افتقدها لفترة طويلة!.. استغل تاخرها واخرج تلك الاوراق مجددا وعاد منهكما لحل لغزها!

قلب بعض الاوراق وهاتفه مدققا في التواريخ ,اشتد غضبه فضرب الهاتف بالارض بجواره :ذلك الغبي الاحمق...أكان عليه وضع كلمات صعبة كهذه كحل لشفرة القفل ثم يختفي هكذا ويدعني بكل بساطة

فزع فور طرقها للباب سريعا لملم الاوارق واخفاهم في معطف الفرو خاصته ثم فتح لها الباب متلبسا وجها هادئا كالعادة .. بدءا بتناول الطعام وكالعادة لم تنكف عن سرد ماحصل معها اليوم في المطعم من مواقف وشخصيات بعض الزبائن.. 
فجأة صمتت وهي تطالع ورقة اختفى نصفها تحت احدى الصناديق المتراكمة في نصف الغرفة .. 

تعجب من صمتها وبرؤية نظرتها الهادئة للورقة شل مكانه اسرع ناهضا ليلتقطها فجذبتها قبله..حدقت بها بحيرة كبيرة فجذبها من يدها بحدة:هاتها!..
تفاجأت من غضبه الكبير ونظرتها اعادت له وعيه :اسف ولكنها تخصني ولايجب عليك الاطلاع عليها.

صمتت كالعادة ..توقع اسئلة, تذمرا لوضعه اي شئ ..الصمت من احتل المكان بقي يحدق بها مطرقة الرأس تتناول طعامها ..لذا شعر ان الامر مسؤوليته الان :اسف ولكن!..الافضل ان لاتعرفي عني اي شئ!...فهذا اكثر امانا لكِ( نظرت في عينيه)انا وضعي صعب جدا لذا عليكِ البقاء بعيدة!
:اذا!..هل ستبقى مختبأ ومطاردا هكذا؟؟

ابتلع ريقه وبدا القلق عليه :لاتشغلي بالك..قريبا سأرحل من هنا.
اتسعت عينيها وشعرت بالظلم :هل انت معقول!.. يااا لمَ فكرت هكذا... قصدت بسؤالي عن حياتك..الى متى ستبقى هكذا؟

استغرق لحظات ليجيب محدقا في عينيها ولم يعرف كيف يرد على قلقها الجميل ..ابتسم بوهن :حسنا سأعيد صياغة الجواب... لاتشغلي بالك..هناك حل ولكنه صعب جدا..حالما انتهي منه سوف يحل كل شئ واعود لحياتي!
شعرت بالشفقة عليه كثيرا واطرقت رأسها : أن كان بأمكاني مساعدتك ارجوك اخبرني.
:مؤكد سأفعل..فلست املك شخصا غيركِ الان لأثق به.. بعجلة رفعت رأسها فحلقت في عينيه مجددا ثم ابتسمت له ..

وقفت والحماس يملؤها :ايها الغريب انتظرني للحظات سوف اعود بشئ ربما اممم سيكون جميلا ان تراه..ضحكت بخفة وانطلقت خارجا

فور دخولها غرفتها تنهدت بحيرة اغمضت عينيها متسائلة بقلق :ماذا لو تأخر اكثر وعاد والداي ستتقيد حريتي في المنزل ومهما استطعت اخفاء الامر مؤكد سيكشفانه..وايضا!.. ابتلعت ريقها ولم تحدث نفسها حتى برغبة بدأت تداعب قلبها وعقلها انها تعلقت به وجوده ملء حياتها بشئ ثمين .. تعود لتكتمها حقيقة ان بقاءه مؤقت لا اكثر.

جلست بجواره على الفراش الابيض على الارضية.. نظرا في عيني بعضهما ثم لألبوم صورها منذ ان كانت صغيرة.. خجلت من بعض الصور وحاولت منعه من رؤية البعض واستعادت معه ذكريات مدرسية واخرى من المعهد... لحظات مرت ولم ينتبه لصمت الذي حل.. كتم انفاسه للحظات ليستوعب ان رأسها قد حط على كتفه بقوة .. تنفس بحرية ونظر جانبا لوجهها المائل على كتفه احس بأنه سيهوي ..بسرعة اسند يده لقمة رأسها مثبتا له مكانه... وتحولت بسمته لألم صوتها يداعبه مجددا كم اشتاق لها حد الالم هو السبب في كل ماتعانيه هذه اللحظة صديقة طفولته وعزيزته الصغيرة كُسر قلبها الزاهر وليته يستطيع فعل شئ لها ..الموت خط تقف عنده كل الحلول والاعتذارات في حالة عزاء ابدي.

حملها برفق هبوطا الى غرفتها... مددها على سريرها غطاها جيدا ولدقائق سرح في النظر لها ... كل يوم تزداد جمالا في عينيه وقلبه ... وكل يوم يزداد خوفه عليها بشكل غريب ... يمكنه المغاردة الان والاختفاء تماما وهكذا ينهي مخاطر كثيرة قد تدخل فيها بسببه ... لكنه واثق انها ستجن في البحث ستشعر بالخيانة لانها وثقت به... وايضا!!..هذه الايضا من اوقفته على طرف السلم بحيرة بحجم السماء.. هل سيتمكن من فراقها بشكل ابدي بعد الان!!..اطبق جفنيه بقوة واكمل طريقه لغرفته واغلق الباب!

~ ~ ~ ~

ها قد انقضى اسبوع كامل منذ اول يوم افاق به الغريب في هذا المنزل.. اشتد البرد كثيرا وانخفضت درجة الحرارة اكثر!... فور استيقاظها المعتاد اتصلت والدتها لتخبرها بأن ولادة اختها لايزال امامها بعض الوقت لذا سوف يتأخران ربما اسبوع ثالث فرحت جدا حتى وان كانت سعادة مؤقتة.

صعدت له بصينية الافطار خلسة ككل مرة من اعين ماكس المراقبة على المطعم قبل افتتاحه بلحظات!
فتحت الباب بمفتحاها الخاص وكالعادة وجدته يغط في نوم متأخر ظنت انها عادته ولاتعلم انه يسهر اغلب الليل محاولا حل الشفرة التي تركها صديقه قبل ان يغادر او مفكرا يتقلب في سريره يجافيه النوم لساعة متأخرة من القلق او التفكير..

تعجبت اليوم برؤيته يكور نفسه تحت الغطاء فأنتهبت ولم يغفلها كم كان جو الغرفة باردا جدا عليه بل تساءلت كيف غفل له جفن... لوت شفتها مستاءة من نفسها وضعت الصينية ارضا .. حوطته جيدا بغطاء آخر شغلت مدفئة كهربائية صغيرة ... تركت له ورقة صغيرة قرب الصينية واغلقت الباب بالمفتاح مسرعة لغرفتها ثم للخارج من خلال نافذتها...

هرعت الى السوق الصغير بجوار الحي لشراب ملابس أخرى اسمك وجوارب بعض الحلويات لنفسها وقد تعطيه منهم ...رفعت الكيس نظرت لهم وابتسمت ... وصلت لمنطقة العبور وهي تدندن بكلمات اغنية تحفظها...

نظرت للجهاز مراقبة عداد الثواني وبقربها تماما عندما انخفض نظرها لاسفل العمود ..توقف العالم ايضا للحظات تصلبت كل حركاتها برؤية ملصق تحذيري احتلته صورة الغريب ذلك بزي الشرطي محذرا 


" الشرطي لي دونغهي .. متهم بجريمة قتل لزميله الشرطي ... هارب من العدالة ..على من يعثر عليه او على اي علامة ترشد اليه الاتصال على الارقام التالية لأبلاغ الشرطة...."

عادت لوعيها تسارعت انفاسها بشكل رهيب واغرورقت عيناها بالدموع  ضاعت حرفوها وتشتت امام عظيم صدمتها :ذلك..ذلك الشخص(هزت رأسها برفق مستنكرة) كلا ..هذا كذب ...كله افتراء
تراجعت خطوة للخلف...رنت اشارة المرور منقذتها من المثول امام الصورة اكثر..جرت وجرت ركضت بسرعة رهيبة... كأنها ستهرب من الحقيقة مما قرأت او منه حتى! لكنها وجدت نفسها تجري اليه ..التقطت انفاسها امام السلم مسحت تلك الدموع التي لم تسمح لهم ان ينزلوا... سيكون بلاسبب!

~ ~ ~ ~
بينما هو استيقظ بعد رحيلها بدقائق احس بشعور منتعش اكثر فالحرارة ملئت الغرفة مطط يديه براحة نظر جانبا فتفاجأ بكل مارآى وهي غير موجودة... جلس وحدق بالورقة "سأشتري لك بعض الاشياء ..دقائق واعود".. رسمت ابتسامة لطيفة على وجهه منذ صباح هذا اليوم!

بينما عينيها معبأة بالدموع خلف الباب جففتهم بحرقة مجددا.. وفتحت القفل ودخلت ..حيَّاها براحة سرعان ما مُحيت ابتسامته بردها البارد عليه :تفضل!...هذه ملابس اخرى..درجة الحرارة ستنخفض اكثر... وضعتهم بقرب الفراش على الارض لم يهتم لهم بل عينيه لم تتحركا من عليها.. جلست وازاحت الغطاء عن الصينية :هيا دعنا نأكل ..لأنزل بالصينية لدي عمل كثير في الاسفل...همهم والشكوك تسايره بات يحفظها هي ليست طبيعية!

غصبا كانت تبلع الطعام غصة الكلام تخنقها والصدمة تثقل حركاتها ... وعيناه تتابعانها بشكل دقيق.. انهيا طعامهما حملت الصينية سريعا وقبل ان يفتح فمه ببنت شفة كانت قد اغلقت الباب خلفها .. صراعها الداخلي كبير لتتكلم الان ربما ستظلمه وتجرحه... ربما هي تخبأ مجرما فعليا في منزلها وهي لاتعلم...لايمكنها تخيل انه قد يقتل أحدهم بل وكُتب انه صديقه!... اي مصيبة رمت فيها نفسها...

انهمكت في عمل كثير وتركته في فوضى يصارع افكاره.. مرة اخرى لمح عدة رجال يجوبون الشارع وبيدهم العصي والغضب لجم كل تحركاتهم ...اطلق انفاسه بحرقة مرر انامله في شعره بقوة :علي ان اتحرك وسريعا.. قبل ان يتحقق ما اخشاه و يتجهون لعائلتي!

كسرت صحنا اخر صرخ بها ماكس :يااا مابالكِ اليوم؟؟انه ليس اول صحن... فلتنتبهي ستجرحين نفسكِ ... ردت بصراخ وهي تشتعل :فلأجرح لاشأن لك...يكفي صراخا وعتابا على كل حركة..لست طفلة..لســـت طفلة!!....

حملت صينية العشاء وامام عينيه متحدية صعدت بها لفوق ... لأول مرة تتردد هكذا امام باب الغرفة ..تمالكت نفسها لتدخل... افاق من قراءة ملف بيده وضعه جانبا ليستقبل وجهها الغريب هذا اليوم ركز بها ولاتزال كما هي 

وضعتها ارضا :كل انا لست جائعة!...
بتعجب سأل :ماذا؟
ردت بنبرة باردة :قلت لك لا اريد

نهض سريعا فور فتحها للباب صفقه بقوة واُغلق بوجهها فزعت والتفت له لتصرخ به فكتمت كل كلماتها امام حدة نظراته الموجهة لها..
نظرت جانبا :دعني اخرج
رد بتحدٍ:لن تخرجي...حتى اعلم مابكِ اليوم؟..لقد سمعت صوت صراخكِ وتشاجركِ مع ماكس..انتِ لست طبيعية شئ ما خاطئ..تكلمي.

بدأت تتنفس بحدة انها فرصتها لبت كل شئ... استدارت لتقابله نظراتها الجامحة صدمته :اخبرني من انت؟؟ وماذا فعلت؟؟ ولماذا يلاحقك اولئك الرجال؟؟..رأيتهم اليوم في الشارع كانوا يبحثون عنك كالمجانين!.

هدأت ملامحه امام اسئلتها اكثر مايخشى الاجابة عليهم امامها هي بالذات..التفت عائدا ادراجه بخيبة :لاشئ..تحدثنا يوم امس وقلت لكِ لا اريد ان تتدخلي في الموضوع.

اعلنت بجدية لتثبته مكانه :لكنني تدخلت!!...منذ ان أدخلتك منزلي واعتنيت بكِ... اصبح الامر يخصني..أليس كذلك؟..ايها الشرطي لي دونغ هي!!

جحظت عينيه والتفت على عجل ليقابلَ بجديتها الكبيرة ونظرتها القوية له :ان كنت خائف من اخباري بهذا القدر..فهل هذا يعني ان ماقرأته كان صحيح حقا!(أدمعت عينيها بذكر الامر)انت لم تقتل صديقك صحيح؟؟ لم تفعل شيئا بهذا القبح أليس كذلك؟؟

سالت دموعها بحرارة لتتلامع في عينيه من اغرقت بدموعه هو الاخر وأخيرا اعلنوا انهزامهم امام احدهم وبكى رثاء روحه فلم يجد حتى الوقت للبكاء .. تراجع خطوة للخلف لشدة صدمة الموقف ومعرفتها بكل ماحاول جاهدا ان لاتعرفه وقلق طيلة الايام الماضية ان تسأله ويضطر اما للمغادرة او الاجابة!

افترش الغطاء واعتصر وجهه بيده!.. عندما رأت دموعه زاد بكاءها الصامت اقتربت منه سريعا وركعت امامها ,راجية وجع قلبيهما لايوصف :ارجوك ..دون..غهي ...ارجوك اخبرني..اي شئ كل شئ لافهم..انت لست قاتل صحيح؟..انا لايمكنني تخيل الامر البتة!

ابعد يده ليرى محاولاتها الجاهدة في اقناع نفسها انه ليس وحشا! ... شعر بالفراغ يسحبه والآلام يزداد قرعها داخله وقلبه بقوة لها يدفعه اصبح على ركبته جذبها بقوة وطوقها بعنف بين ذراعيه تحول صوته للنحيب:لاتصدقي!..ارجوكِ لاتفعلي!
بينما هي تخشبت مكانها بلاروح احتضانه زاد اشتعالها وتألمها عليه وله اكثر...خفق قلبها برعب شديد عليه فطوقت رقبته بكلتا ذراعيها طمرت وجهها باكية وهي تتمتم :لن افعل!..أعدك!. انت لست قاتل!

صدح صوت نحيبها اعلى من صوته ليملء الغرفة ثم يحل بعدها صمت تبعثرت فيه شهقات خفيفة صدرت منها بين لحظة وأخرى وهما على حالهما يحتضنان بعضهما بقوة... بعيدا عن البكاء تحسسا ذلك الشعور العميق يداعب قلبهما ونبضه بقوة منعشا اياه بشئ حنين ودافئ... ابتعدت عنه برفق وجلست مكانها امامه تفصل بينهما مسافة قصيرة جدا كل منهما حدق في اعين الثانية

... شعر بأنها سند اللهي مُد به ليبقى صامدا اكثر..مجرد تصديقها بدون ان تسمع منه اي كلمة ذلك لوحده يعد معجزته!

برفق اسند رأسه للخلف خلفه مسترجعا كل ماحصل... جلست بجواره وعينيها معلقة به بلهفة ممزوجة بالألم

: كنا ثلاثة اصدقاء تعرفنا في كلية الشرطة منذ اول ايام التحاقنا... انا وشيون ومينهو!...شيون كان الشجاع والشهم ومينهو كان العبقري بلامنازع وانا ..كنا نكمل بعضنا البعض ... منذ ان عرف شيون ان لدي أخت وهو يصر على رؤيتها وكأن قلبه يعرف مسبقا انها مالكته الحقيقة ويتلهف لأمتلاكها ايضا.. وحقا كما توقعت يوم تخرجنا عندما حضرت عائلتي ,من نظرة واحدة ثم حركة ثانية قبل يدها وقع الاثنان في سحر بعضهما واصرت أختي على العمل في سيوؤل والاعتناء بي حيث اسكن لوحدي بينما في الواقع هي لم تنتقل سوا من اجله لتكون قريبة منه .. احبا بعضهما بشكل جنوني ...

تم قبولنا معا في مركز شرطة واحد وبدأنا نتسلم المهام ونتمها على اكمل وجه.. سنة مضت ونحن في اجمل ايام حياتنا... حتى جاء ذلك اليوم .. تغير مينهو بشكل كبير ولاحظنا ازدياد عوارض مرضه النفسي ..اذ يعاني مينهو من اضطراب نفسي شديد اثر حادث مخيف تعرض له في صغره.. عرفنا بأمره من اول ايام صداقتنا لذا قمنا انا وشيون بالتغطية عليه لكن بعد العمل في مركز الشرطة من اول مهمة توليناها أتته ازمة خوف شديدة واوشك ان يفصل ..استطعنا انا وشيون اقناع المركز ببقاءه ليعمل في الداخل فحسب..فعبقريته شئ لايمكن الاستهانة منها وركنها جانبا وهكذا واقفوا واستقر مينهو ..

لذا في ذلك اليوم عوارض اضطرابه ظهرت وازدادت مع الايام.. لفتت نظري كل تصرفاته لذا تحدثت لشيون جانبا :انه ليس بخير..انظر له!...هناك شئ ما خاطئ..هو لايضطرب هكذا الا عندما يخاف او يشعر بوجود خطر..
رد شيون عليَّ بجدية : دعنا ننتظر حتى انتهاء الدوام ..وسنرى مابه!.

مينهو كان يراقب شاشة حاسوبه والقلق والخوف يقتله ببطء.. فور انتهاء الداوم وغادر نصف الشرطة والموظفين.. تفاجأ بوقوفنا خلفه ارتعب حينها ولم يجادل فهو يعلم اننا لن نتركه حتى يشاركنا كل شئ وهنا كانت الكارثة... قال :بدل ان اخبركم انتظروا ساعات بعد وسترون بأعينكم مايجري..فهو شئ مستحيل اقسم ان لا احد رأى مثله من قبل!
حدقنا ببعضنا انا وشيون وبدأ اضطرابه ينتقل الينا ايضا..وطوال تلك الليلة بقينا مستيقظين متأهبين لما سنعرفه.. تماما عند منتصف الليل ... صرخ بنا مينهو لنقترب سريعا منه وهو مركز في شاشة حاسوبه لازلت اذكر مشاعر الصدمة لحظتها حقا كما قال شئ لم نرَ له مثيلا من قبل .. اذ فتح مينهو بطرقه الخاصة ملفات سرية لمخازن مراكز الشرطة في مختلف ارجاء المدينة .. قائمة الجرد كانت تحتوي على ارقام كبيرة من الاسلحة والمعدات في اقل من دقيقة اختفت القائمة من الشاشة كأن عطلا اصابها ثم عادت لتظهر بشكل طبيعي بأرقام مختلفة تماما ...شهقنا وصدمتنا لاتوصف حين دققنا بالارقام وقد اختفت على الاقل ربع القائمة من كل المخازن!...شئ مخيف للغاية!..

اعقب شيون بعدها بتلعثم بعد تفكير :ان كانت القوائم في اغلب المخازن تتغير بهذه الطريقة وربما منذ مدة ليست بالقصيرة ولا احد يشعر..اذن فالامر مدبر من الداخل..ليس هناك تفسير أخر

كلمته بقيت ترن في أذني طويلا!.. انتظرنا ودققنا في موعد الجرد التالي الذي يتم مرة كل شهر!..وتكرر الامر مجددا!.. جن جنوني وقتها واعتقد بأن شيون وقتها قد وافقني افكاري فورا دون ان انطق ... ومن حسن حظنا كان الشهر القادم موعد تجديد كميات الاسلحة في المخازن نظرا لقلة العدد .. وهذا كان امرا صادرا من الجهات العليا هذه نقطة أكدت وبقوة احتمالنا ان للامر يد قوية داخلية تساعدهم!... وانتظرنا الموعد الذي كان قريبا جدا ... شرحنا لمينهو ماسنفعل واستعدينا وقتها جيدا... قام فورا بنسخ القائمة القديمة...ثم الجديدة وهنا كانت سرعة مينهو هي منقذتنا اذ لم تظهر القائمة سوى لثواني حتى اختفت لتظهر القائمة الجديد وقد اختفى نصفها... نسخها مينهو ايضا وبذلك انتهينا وتنفسنا الصعداء!...كانت هذه اصعب خطوة ..انتقل بعدها مينهو لكاميرات مراقبة المخازن قام بنسخ كل التسجيلات يومها ..كلهم اظهروا نفس التسجيل ,بعد اغلاق المخازن دقائق وتفتح مجددا برجال بنفس ملابس الموظفين  ..يبدءاون بسحب الصناديق حسب الرقم الذي كتب في القائمة بعد التعديل ويغلق بشكل رسمي ولا احد يشك بهم مطلقا!...

احتفظت بكل شئ عند مينهو في خزنته واقفل عليهم برمز سري في منزله.. وانتظرنا الشهر القادم لنبدأ الهجوم وقت الجرد الشهري .. مينهو زاد توتره ومهما حاولنا تهدأته لم يكن يستوعب حتى افقنا صباحا على اختفاءه تماما ترك لي في طرد بريدي مفتاح شقته عدة ملفات ومنها الرمز السري لخزنته وخاتم! ..وهنا شعرنا انا وشيون بالضياع بين البحث عنه وبين المحاولة لفك الرمز كل يوم قبل ان يأتي يوم الجرد الاخر ولايمكننا امساك اولئك الرجال متلبسين...

رجعت يومها متعبا جدا من العمل ..بينما اختي بدت قد تجهزت بشكل انيق جدا للخروج ..ضحكت بخفة عليها وانا اخلع حذائي : لست متعبة من العمل الان..لكن لو كنت طلبت منك طعام العشاء لأحتضرتي من التعب...

قهقهت بخجل منه قائلة :يااا اوبا انه شيوني!... اننا نسرق الوقت سرقة لكي نلتقي انت معه وتعلم ان عملكم لم ولن ينتهي!...
هززت رأسي وانا اتجه لغرفتي : لو كان بيدي لقتلته وارتحت لقد جنت اختي...فقدت عقلها معه..
اخرجت لسانها ساخرة مني ثم قبلة هوائية ولوحت مغادرة ..ماكادت تفتح الباب حتى وصلتني رسالة من شيون نفسه :تعال الى منزلي في الحال ...الامر خطير جدا

لم ارتح للرسالة وقتها والتفت فورا صارخا بأختي:انتظري..لاتذهبي هناك امر طارئ اتصل بي شيون لنتفقده معا...عندما ننتهي منه سأتصل بكِ بنفسي كي تأتي.. توقفت مكانها قرب الباب مستغربة وليست اقل مني..

قدت بسرعة والقلق يرجف قلبي اكثر فقبل قليل كنت معه مالذي طرأ معه فجأة.. وعدت لأتفاجأ اكثر فصدماتي تلك الليلة بدت لانهاية لها...وجدت الباب مفتوحا او بالاحرى مكسورا عندما تفقدت مقبضه ... ثم الفوضى التي ضربت المكان .. اغلب الاشياء محطمة ومقلوبة ... خلف الاريكة هناك كان يقبع بلاحراك بركة الدماء التي غرق بها نصف جسده وجهه الملطخ ببعض الكدمات والدماء... 

شعرت بأن الارض تسحبني للاسفل قدماي تخشبت تأبى الاقتراب منه اكثر تسارعت انفاسي بشكل مخيف لم اعرف معنى للخوف ابشع واقوى من تلك الساعة ... دموعي انهدرت بلهفة وحرقة كيف له ان يتركني هو الاخر ... 

سمعت صوت حركة غريب افقت بها من ضياعي بمنظره وفراقه ... دب القلق في اكثر نظرت باحثا فلمحت مسدسه ارضا تناولته واخذت وضعية الاستعداد للاطلاق .. ظهر امامي هو وصديقه بكل برود مقنعين فلم ارَ وجهيهما ضحكا بسخف علي ..ثم هما بمهاجمتي نلت نصيبي من اللكمات ثم هربا فالمسدس كان فارغا.. كان علي ان ادرك وقتها ان مافعلاه كانت أخر لمسات لفخ محكم الصنع ...

لحظات من خروجهما وقفت بجسد مترنح من الضرب وبيدي مسدس شيون .. دخلت اختي فقد تأخرنا عليها كثيرا.. اقسم انني لن انسى نظرة عينيها للابد لحظتها كدت ان اموت من مجرد التفكير انها ستفارق الحياة تلك الساعة لاحقة به... تفاجأت بمنظري والمسدس بيدي خطوة اكثر وهي تبحث عن صوتها حتى اختفى تماما عندما رأت جثته نظرة اخرى لي وكانت غريبة عني نظرة مليئة بالشك والاتهام..نظرة مدمية بدموع القهر والموت ..ركضت واحتضنته عناقا اخيرا عبق براحة الدم والموت وانتحب كلانا بصوت عالٍ ..

قطعه علينا صوت صفارات سيارة الشرطة من حاصرت المكان توزعت نظراتها المقهورة المتزعزة الثقة بين شيون المسدس وعيني المصدومة وانتحبت بصوت اعلى ..الان فقط فهمت الصورة كاملة لم اكن سوى دمية في مسرح جريمتهم نفذت مايرغبون دون وعي "تشاجر شرطي مع زميله الشرطي في منزله واشتدت حدة الشجار لتتفلت اعصاب احدهما فيسحب سلاح صديقه مرديا اياه ارضا جثة هامدة" جريمة كاملة والفاعل انا! ... افقت من هول المصيبة التي وقعت بها على اصوات الشرطة من دلفوا غرفة المعيشة بأسلحتهم الموجهة لي وصرخاتهم متتالية :قف مكانك!..القِ السلاح ارضا وارفع يديكِ في الحال..انت متهم بجريمة قتل ..

جملة اعتدت قولها انا وهو معا كلما دلفنا مسرح جريمة..الان باتت جملة فاصلة بيني وبينه!...مؤلمة بحجم عذاب جهنم تلك اللحظات فعلى من ابكي واي ألم منهم اختار ليعتصر قلبي ... نظرت لأختي ولوجه شيون المدمى اخر مرة ... ان اخذ للسجن يعني ان توضع نهاية سوداوية لكل شئ وكل شخص منا .. لذا كان الهرب هو الحل الوحيد ..

جريت بسرعة رهيبة كسرت احدى النوافذ الخلفية واختفيت بين الافرع وشتتهم فلم يتستطيعوا ايجادي! ... سكنت ازقة قديمة وموحشة مليئة باللصوص والمجرمين لايام!... كان اول همي ان اعرف حال عائلتي ومن الجيد ان اختي قد اعاداها والداي لمنزلهما لكنها فقدت النطق حقا بسبب الصدمة الكبيرة على قلبها وعقلها... ثم الخطوة الثانية ان أحصل على الملفات التي كنا نعمل بها انا وشيون والشفرة التي تركها مينهو اللعين خلفه!... مسبقا انا اعرف ان منزل شيون ومنزلي قد تم التفتيش بهما بشكل جيد من قبل العصابة لإيجاد المستندات والتسجيلات وكل شئ يدينهم لكن ايجادهم امر مستحيل! ... لذا سيضطرون للعودة لي مجددا!... ادركت وقتها انني اصبحت صاحبة الكفة الاثقل ..

لذا ورغم شدة قلقي ذهبت متخفيا الى منزلي وكما توقعت من اول خطوة رآيت المنزل فقد قلب رأسا على عقب .. خطوة ثانية توقفت مكاني وانخفضت للورقة الكبيرة التي بدت وكأنها دفعت من اسفل الباب ..ابتسمت بمكرٍ  فهذا ماكنت انتظره!... "دعنا نقم بالتبادل.. نعطيك تسجيل فديو لكل ماحصل ليلة موت صديقك ,دليل يثبت براءتك... بالمقابل سنتسلم منك كل المعلومات والتسجيلات التي قمت انت وجماعتك بأخذها ادلة على عملنا"

هذه الرسالة فقط ستكفيني لتكون اول الادلة ضدهم!.. فور قراءتها هرعت لغرفة اختي مكان سري صممته لأخبأ فيه اشياء مهمة كهذه سيكون الابعد عن اعينهم ومخيلتهم ... سحبت الملفات وبعض الاوراق ركضت هاربا ... وفور خروجي قابلاني هذين الرجلين وبدأنا المطاردة  تمكنت من ان اضيع اثري  عليهم بسبب القطار الذي مر سريعا كدت ان اصاب وقتها ... وجدت نفسي في الحي هذا تخفيت في الممرات الضيقة وحالما هبطت في اخر ممر التفتي لي والتقينا"



التفت بأبتسامة مصطنعة فألتقى بعينيها التي تدفقت فيهما الدموع كنهر جاري لتملؤها فتزيدها احمرارا وحرقة... حينها شعر برغبة جامحة بالانكسار او يبث ضعف وألما عميقا كبته بداخله لفترة طويلة تحت سطوة الهرب والخوف ان شيون لن يرتاح إن لم يحقق العدالة التي سعيا لها معا ومات مظلوما من أجلها

ضغط قبضته بين اسنانه بقوة كابتا صرخة من اعماق قلبه ستفضح وجوده هنا لكل العالم وانهمرت دموعه بحرية أخيرا انتحب بصوت مسموع كالاطفال طاوعت قلبها بلهفة وجذبت رأسه برفق فأستند لصدرها ربتت على رأسه وكتفه مستمعة لنداءه المنتحب بأسم شيون باكيا فراقه المباغت بحرقة وانفجاع قلب اليم!.. صورة اخته التي لم تفارقه شعوره ان تلك الثرثارة توقفت عن الكلام بسبب الصدمة يقتله اكثر يثقل كاهله حين كان يجوب تلك الشوارع عندما كان وحيدا..بين يدين ميرو بات الالم أخف والحمل مشترك منقسم بالتساوي بين اثنين دون  طلب او تحضير.

انهكهما التعب حتى توقفا عن البكاء بالتتابع ... ابتعد عنها برفق فنهضت على الفور ليستلقي براحة على فراشه... غطته جيدا ..ما ان التفتت حتى اطبق قبضته على قدمها! فأوقفها مكانها التفتت له مستغربة :هل تريد شيئا ما!

رد بصوت مخنوق من شدة النحيب قبل قليل :نعم!.. سكت لثواني فأنحنت لتسمعه ..نظر في عينيها بجدية :انتي!... اتسعت حدقة عينيها لم تلبث ان تتفهم الجواب حتى اطبق على معصمها وجذبها بقوة فأرتمت على الفراش ورأسها فوق ذراعه اطلقت للتو انفاسا كانت قد احتبست داخلها من هول الصدمة وامام عينيه الوالهة بها التي اعلنت احتياجه لها الاف المرات عادت انفاسها لتخفت بهدوء تلفح رقبته وذقنه بأنتظام ... طوقها بذراعه الاخرى جاذبا لها بقوة لتختفي وسط احضانه رائحتهما الدافئة والعبقة اختلطت وامتزجت كمشاعرهما التي امتزجت تلك الليلة وانتهت لتصب في بحر واحد... قلوبهما من تشاركت نبضا خفيا من بين براثن الالم رفع هامته شامخا نبض شجي ملئ بالحب والامل!... 




تسلل الامان والدفء يداعبان قلبه وعقله ليهنو بنوم جميل متمسكا بها كضمادة ستشفي جروحه .. هي بقيت مستيقظة لوقت اطول تحاول استيعاب حقيقته وماقاله..والاهم اين هي الان!!.. ضائعة تائهة ووجدت نفسها بين ذراعيه تمسكت به بيديها آملة عدم فراقه لوقت اطول واغمضت عينيها مستسلمة لنوم مريح ربما حلمت لو يدوم للابد.

ساعات الليل ذاك بدت طويلة وسحرية له ولها..حين فتح عينيه اولا وثبت مكانه لاحساس الدفء العميق الذي تسلل لاعماق قلبه ..اخفض نظره قليلا وابتسم وجمعت ابتسامته الحب والالم!...نقيضان هما لكنهما يجتمعان.. نراهما كتؤامين يجوبان كل العالم معا...
متألم لانه تعرف عليها في وضع كهذا..ووضعها فيه خائف عليها..غريق بات في الحب هو وهل له ان ينكر او يغفل الحقيقة الوحيدة الجميلة لايام سوداوية الماضي مجهولة المستقبل!..

شعرت بأن انفاسه تلفح وجهها اكثر حركت جفونها بعشوائية حتى استقرت الرؤية بلمعان عيون الماثل امامها رغم ذبولهن بدن الاسحر للعنها للابد! وهي موافقة متأهبة!...
قطع شرودها فيه بنبرة امتنان :شكرا لكِ... هل ستكفيكِ هذه الكلمة!... هزت رأسها رافضة فورا منهية حديثه :كلا..بل ان تشركني لأساعدك هكذا ترد لي دينا عظيما..انك تثق بي من دون كل العالم!




تنقل بين عينيها بشغف :وهل لي ان لا افعل!! ..اي وقاحة امتلك كي لا اثق!..اصبحتِ انتي نفسي ..بل اصبحت اشك بنفسي وانتِ لا..انه المستحيل عندي!..لكنني فقط!...
كتمت على باقي الحروف له حين وجهت كفها لفمه : لقد سمعت موافقة من قلب دونغهي لي لأساعده.. لذا احتفظ بالبقية لك موقنة انا ماذا يأتي بعدها وموافقة!..لايملك احد السلطة لمنعي
تحولت نظرته لأمتنان بينما ارتبكت من يدها الشبه ملاصقة لفمه اوشكت لتبعدها فداعب كفها بقبلة لطيفة!..بدلا منها هي عضت شفتها بخجل ونهضت متفلتة من حضنه مسرعة للاسفل.

جاءت به بالافطار وهما يتناولان الطعام تساءلت : هل الاوراق التي كنت تعمل عليها هي تلك الملفات والشفرة ايضا صحيح!
هز رأسه ونظر في عينيها :تماما!..لقد كتب مينهو الشفرة بلغة الارقام وبعض الرموز وبعض الجمل ايضا تمت لعلاقتنا به ربما بعض التواريخ لا افهم.

فردت بثقة : مؤكد صديقك عندما كتبها وسلمها لك كان واثقا من مقدرتك لحلها والا لما ارسلها لك بالذات
هز رأسه مؤيدا ..وليبدأ بتنفيذ طلبها حقيقة.. تناول معطف الفرو خاصته ومن جيب داخلي كبير اخرج تلك الملفات قَلب عدة صفحات وناولها الملف ... رفعت حاجبيها بتعجب وهي تنظر في عينيه فأستغرب نظرتها فردت سريعا : انني افهم الكثير من هذه الرموز!... ليس الامر مستحيل ..صعب قليلا لكن بمساعدتك وايضا بعض المساعدة من صديقتي الذكية سوف نحلها صدقني

ابتسامة امل عريضة كشفت صف اسنانه البيضاء لتخدر تعابيرها وهي تحملق به بكل شغف ..فيعود الاثر على ابتسامته التي اختفت تدريجيا حتى فهم ملامحها نظر جانبا متنحنحا بأبتسامة كبتها ضاحكا على حالهما اطرقت رأسها بخجل قاتل ..حملت الاغراض للخارج ...عند الباب توقفت مفكرة للحظات... بدا شاحبا بشكل كبير ومرهق الجسد والتفكير... هزت رأسها رافضة لهذا الوضع ان يستمر
:دونغهي!..رفع رأسه فوجدها قد عادت والجدية تميز ملامحها.

عند نافذة غرفتها التفت بحدة :هل انت مجنونة!...لماذا تعرضين نفسك للمخاطر!
هزت رأسها :لست مجنونة بل مجنونة حقا ان ابقيتك في تلك الغرفة اكثر... لن يحصل اي شئ سئ..هيا اسرع
دفعته ليستدير وينزل السلالم تفحص الممر جيدا ..ثم عند الركن تفحص  الشارع جيدا وهرع راكضا بسرعة فتح باب المطعم ودخل بشكل متماسك واثق..

نظر يمنة ويسرى سمع صوت هبوط قوي على السلالم بالكاد توقفت وهي تكبح جريها السريع ابتسمت له وهي تلهث انفاسها ...




رتبت ملابسها واقتربت محيية:اووه مرحبا دونغهي انت هنا اليوم!... سلم عليها برسمية :اوه صباح الخير ميرو..نعم لقد جئت ...
وبالفعل استطاعا لفت انتباه ماكس لهما لذا بعفوية اقترب منهما وزع نظراته بينهما ففهمت ميرو مقصده :اوه ماكس شي..انه صديق تعرفت عليه من فترة..لقد خسر عمله ويحتاج بعض النقود ليشتري تذكرة العودة الى بلاده ...لذا طلبت منه ان يأتي للعمل هنا ..فكما ترى نحن نحتاج لنادل اضافي انا وانت اننا نتعب بشكل كبير...
لوى شفته غير مقتنع بشكل كبير حدق بدونغهي من الاعلى للاسفل :حسنا..ستعمل لاسبوع وسنرى عملك..من اجلها فقط سوف اساعدك... التفت عائدا ادراجه نحو المطبخ.. نظرا لبعضهما برفق وتنهدا معا براحة ثم ابتسما...

بدأت بتعليمه طريقة سير العمل وارشاده لكل شئ هنا..أومأ لها اخبرا قد حفظ كل ماسبق بشكل جيد.. وبدأ بأخذ طلبات الزبائن معها شعر بالحياة تعود تتفق لتملؤه حديث مع الناس سماع مزاح هنا وضحكات هناك ..التفت ينظر لها فوجدها قد سبقته وتنظر له منذ فترة ..فأبتسم لها بأمتنان... اوشك ان يتقرب منها وكالعادة انزلق الصحن من يدها لكنه حلق في الهواء وصولا لوجهها كما يفعل الصغار بالطائرة الورقية الصغيرة امام دهشتها ظهر وجه دونغهي مبتسما كان نبها سريع الحركة ليلتقطه... غمز لها : لاصحون تكسر بعد اليوم!
اختفت صدمتها الى خجل ثم ضحك خفيفة واشارت بعلامة الاوكي فأعقب ضاحكا عليها :لكن لذلك ثمن!...ردت بسرعة :اعلم هيا تعال..

جذبته من يده الى المطبخ رصت الاطباق تناولا الطعام تمازحا وضحكا بخفة على بعض الزبائن... غسلا الصحون معا ..كان هادئا جدا سارحا في ذكريات غابرة.. رفعت رغوة كبيرة وخطت بها نصف شعره من الجانب التفت لها فبات المنظر مضحك بشكل كبير كأحد اعداء باتمان لذا مجبرة انخرطت في الضحك فأنهال عليها بالرغوة حتى اغرقت الارضية ... انتبهت الى الفوضى التي احدثاها بدل ان يكونا قد انتهيا ..صرت على اسنانها بخوف شديد:ماكس سيقتلني ..ياللهي!..ماهذا!
فأنتبه معها لما صنع..مشت بخطى متراجفة بسبب الصابون على الارضية لجلب المكنسة فقدت اتزانها سحبته من يده كي تتماسك لكن جذبها له جاء على حين غفلة منه لذا تفاجأ وهوى معها ارضا تآوها معا من الالم ثم نظرا بعضهما وهما مستليقان على الارضية وانهمكا في الضحك على حالهما المزري...

تنحنح عند الباب وهو يكتف يديه لصدره انتبه دونغهي له لذا نهض وجذب ميرو لتقف مجددا! .. وهي تتلافى النظر في عينيه مستعدة لصراخه :ايتها الطفولية...هل ارسلتك لتنهي العمل ام تزيديه سو...  توقف عن الطق فورا حين لمح الغضب المستعر لكن بهدوء في عيني دونغهي وهو يرفع حاجبا دون الاخر ..تفاجأت ميرو هي الاخرى بنظرته ..




نطق بحدة :سننظف مافعلناه في الحال...لذا لا اريد سماع كلمة اخرى..اياك وان تصرخ عليها.

اتسعت عيناهما بذهول وتراقص قلبها برؤيته مدافعا لها بقلق عليها هكذا..نظر لها مشيرا لأن يبدءا أومأت له واكملا عملهما بسرعة...

لم يتبق على موعد اقفال المطعم سوى نصف ساعة خرج دونغهي بأبتسامة هنية مطط ذراعيه في الهواء بحرية كان يوما شاقا جدا بالنسبة لشخص كان تحركه ضمن حيز غرفة صغيرة وحسب وقبلها كان هاربا في الشوارع... خرجت ميرو من المطبخ وهي تخلع عنها المئزرة البيضاء فأنتبهت للرصيف من خلال النافذة الكبيرة شهقت بملء فمها وارتعش قلبها اذ رأت الرجلين يمران من امام النافذة ويبدو وكأنهما سيدخلان المطعم..

حولت نظرها لدونغهي انه مشغول بشئ أخر مبتسم بسعادة ...صرت اسنانها وركضت مسرعة نحوه تفاجأ بها حالما اصبحت امامه في ثانية جذبت رأسه من الخلف بقوة وضمته لصدرها بين ذراعيها وكأنها تخفي صغيرها الوحيد!...تلعثم بأرتباك :مي..ميرو!..
همست وفمها فوق رأسه:هششش اثنان منهم هنا لاتتحرك!...

كان يجب ان يرتعب ويخاف للغاية بدل ذلك تسلل لقلبه الدفء والامان غمرته نشوة مشاعره وهي تضمه برعب لها هكذا نبضات قلبها التي اهتزت خائفة عليه حد الموت بدت كسموفنيات تطربه اغلق عينيه ترك العالم بما فيه وراح يحلق بعالم برئ ناصع البياض ليس فيه غيرهما...

نظرت لهما بطرف عينها وهي تناولهما ظهرها حدقا بعينين تقدح شررا ويبدوان حقا يبحثان عنه جذب احدهما منظرها فلفت رأسها على الفور وضمت رأسه بقوة لها اكثر ..ابتسم الرجل ساخرا من منظرهما الجرئ في وسط المطعم واشار للاخر فتحركا خارجا .. لفت رأسها مرة أخرى على صوت اجراس الباب العلوي وبرؤيتهما يخرجان تنهدت براحة .. حتى التنهيدة كتمتها شلت وروحها كانت قد ذابت بين يديه منذ فترة ولم تكن تشعر مشاعر الخوف عليه كانت قد اغلقت كل حساساتها الاخرى.. نسائم انفاسه تلفح رقبتها وصدرها ..تزايدت نبضات قلبها الان لكن بنوتة مختلفة وقد شعر بهم.. حوط ذراعيه حول خصرها من الخلف ورفع رأسه وتحت سطوة تخدرها بقيت ثابتة ..حدق في عينيها بشغف تجاوز عنان السماء ضمها له اقوى وقبل قمة رأسها واغمض عينيه متمسكا بها ..شعوره عظيم جدا لايتخيل العيش بدون لثانية اخرى..


~ ~ ~ ~ ~
في غرفة دونغهي ..اعلنت وهي تدخل خلفه وتغلق الباب : دعنا نبدأ بالعمل منذ الان ..لدي احساس اننا سنجد الحل قريبا.
التف لها بأبتسامة :نعم انا واثق بذلك.. حسنا ..دعينا...
:اوه انتظر لحظة...(اوقفته مكانه واسكتته)هناك شئ ما عالق وسط شعرك..ضحكت بخفة وهي تمد يدها عاليا ارتبكت وهي تعبث بشعره بأنامله مبعدة قطعة الورق وهي تضحك بخفة :يبدو انها علقت عندما سقطنا في المطبخ معا.. اختفت ابتسامتها وحل الهدوء واطبق الصمت امام عينيه الهادئة التي تحدق بها برغبة كبيرة لمعت بها كل تفاصيلها..ابتلعت ريقها بأرتباك وهمت بجذب يدها التي بقيت معلقة في الهواء هجم عليها وخلل انامله بقوة شبكهم مع خاصتها جذبها بقوة له بيده التي حوطت خصرها من الخلف ..شهقت وهي تميل برأسها للخلف لتبتعد قليلا عن وجهه اختفى صوتها لتتساءل او تمنعه.. وكل تركيزها في عينيه بينما انصاع لثمالة قلبه وغرق محدقا بشفتيها ...
اضطرب قلبها مجددا من نظرته معلنا عن قدوم لحظة ستقف بها على هاوية الموت بدون اتزان ... اقترب سريعا وآسر شفتها اتسعت عينيها اكثر وباتت حقا مشرفة على الموت قلبها فاقت ضرباته حدود تحملها اغمضت عينيها وشدت على تشابك اناملها مع خاصته بقوة ... بات غريقا وجرها خلفه ليصبح الموت في الحب له طعم واحد تشاركاه معا!

سهرا ليلتها حتى الصباح اتصلت بصديقتها لمساعدتها بحل اللغز امتلئت الغرفة بالاوراق واكواب القهوة والشاي ...تثائبت عدة مرات فأمرها بالذهاب للنوم لكنها امتنعت واصرت لاكمال المحاولة... فتحت عينيها على اتساعهما بقوة كي تركز اكثر..استطاعوا اخيرا حل جملتين وبقي اثتنان وكل لحظة يشد شعره ويشتم مينهو فتضحك عليه بخفة فيعود مزاجه ليهدأ فيشاركها الابتسامة..
شهق بملء فمه مكررا :لا اصدق..لا اصدق ..لقد انتهينا هل هذا معقول!
..رددت بفرح وهي تطبق يديها :لقد حولنا كل الرموز هذا ممتاز فعلا!...

انحنى للورق مجددا :دعينا نرى!..بدأ بترتيب الكلمات التي حصل عليها فباتت جمل لها معاني عميقة ..حدق بلاتعابير لهم.. واغرقت عينيه بالدموع وهي تتابعه بصمت ..تحدث بصوت متزن

:يوم التقينا .. يوم حدد ميعاد افتراقنا مستقبلا..يوم خط القدر عشق شيون لاختك.. يوم كشفنا كل شئ معا.. يوم حدد نهاية مصيري بعيدا.. يوم ستنقلب حياتكم رأسا على عقب...

سالت دمعة منتحبة تلك الايام التي مضت شعرت ميرو بالشفقة عليه كثيرا :هذه ايام كثيرة كيف لك ان تحلها
هز رأسه برفق مردفا :انه يوم واحد فقط.. يوم لقاءكِ بأحدهم هو المالك الحقيقي لبقية الايام والاحداث التي تليه كالميلاد ...كالأم مهما ابتعد اطفالها كبروا ونسوا..يبقى موطنهم هو اليوم الذي ولدوا فيه مع امهم!.(دهشت ميرو من تفسيره) لقد قصد مينهو اليوم الذي التقينا فيه يوم تأخرت في النوم ثاني يوم لنا في كلية الشرطة وقبل ان يصل التعداد لي فسح الاثنان لي مكانا فممرت بينهما لاصل لصفي المجاور لهما خلسة..و هكذا اصبحنا اصدقاء حميمين...لكان الافضل لهم لو لم يتعرفوا علي!...
نهرته فورا:لاتقل ذلك!...انت نعم الصديق لهما ...الان ماذا؟مالخطوة التالية؟؟

مسح دمعته ودون تاريخ ذلك اليوم نظر لها :هذا الرقم هو من علينا ادخاله في خزنة سرية في شقة مينهو لطالما اخبرنا عنها..( خلع خاتمه) هذا مفتاح ظهورها مكانها الوحيد ارسله لي في البريد مع الشفرة

سحبتما من يده ونهضت :اذا سأنطلق!...
شهق منتفضا من مكانه بفزع :ماذا!!..من قال أنك ستذهبين!
اعلنت بجدية :انا قلت وقررت...ألم ترَ كيف جاءوا باحثين عنك اليوم..فمابال الظهور عند شقة صديقك!...امر خطير للغاية...لذا سأذهب انا...تأفف وهو يحدق بأصرارها الكبير ولامجال له للرفض.




دلها على عنوان شقة مينهو... صباحا ارتدت زي توصيل الطعام رصت علبتين جاهزة للاطعمة خلف دراجتها الثنائية العجلة عدلت قبعتها السوداء بشكل جيد وهي تخفي كامل شعرها تحتها..رفعت رأسها لاعلى وحدقت به عند نافذتها والقلق عليها يخنقه متوتر منذ اللحظة ...ركبت دراجتها وانطلقت..وابتعدت من امام ناظريه 

حملت صناديق الطعام تصنعت طرق باب شقة مجاورة عندما تأكدت ان الممر خالي تماما اسرعة لباب شقة مينهو بخفة فتحت الباب واختفت خلفه... صدمت كما هو متوقع بالكارثة التي قلبت المكان..لم تهتم وركضت لصورة تجمع الاصدقاء الثلاثة معا.. مثبتة لوحدها في ركن في غرفة المعيشة بحثت بعينيها حتى وجدتها اخيرا ...هدأت لحظات بها كم كانت السعادة والصداقة تشع من اعينهم وهم مجتمعين معا...انزلتها من الحائط وتماما كما اخبرها الحائط خالي تماما اعادتها مكانها ثم ضغطت بالخاتم على ركنها السفلي فسمعت صوتا خفيفا ..عندما ابعدت الصورة هذه المرة كان هناك فجوة مرعبة في الحائط تفاجأت بشكل فضيع:ياللهي وكأنني في احد افلام الخيال العلمي..
ضحكت بسرعة سرعام ماتمالكت مجددا ادخلت التاريخ على لوحة الارقام ففتحت فتنهدت بسعادة.. سحبت مابها من اغراض كاملة وحدات تخزين تسجيل كاميرات ملفات عدة ... خبأتهم داخل معطفها المطري بدون اكمام واغلقت السحاب عدلت قبعتها تركت الطعام في الشقة لينجح التمويه ..

فتشت الممر بعينها حتى خرجت واغلقت الباب خلفها وبسرعة همت بالتحرك صوت سحب زناد المسدس اثلج اطرافها لتقف مكانها بهلع مخيف :مكانك!(قهقه منتصرا) ظننت انك ستفلت منا للابد..كم انت غبي لتأتي الى هنا وفي وضح النهار!...
همست مفكرة *انهم يظننون انني دونغهي!..هذا سئ*
ابتعلت ريقها وقالت بصوت انثوي :عن ماذا تتحدث..انا عاملة توصيل وحسب ..رأيت الباب مفتوحا فدخلت لانوه ساكنيه لكن لاحد فيه لهذا كنت متجهة لابلغ صاحب المبنى...صدقني ارجوك ...
والتفت برشاقة وهي تشتت تركيزه بكلامها ضربت  يده فطار سلاحا ارتعبت مجددا وبدأت بالجري بشكل رهيب لحق بها وصراخه خلفها يعلو بل وشعرت ان اصوات الجري باتت كثيرة فحقا ظهر اخرون شاركوه الجري وراها .. هربت ولم تلحق ان تاخذ دراجتها ..استمرت بجري عنيف قطع انفاسها ..التفت لترى قدر المسافة بينهما لفت رأسها للامام مجددا فضربها ركن الحائط وهوت مكانها بلاحراك!

انشغل دونغهي في المطعم مبررا غيابها بأنها قد ذهبت لرؤية صديقتها!... وهو فاقد التركيز تماما كل فكره يتصارع متخيلا وضعها في خطر او ان يسمكوا بها اشياء سيئة ليس من الجيد تخيلها!...ويظل ماكس يسأل بين لحظة واخرى انه لم يرها تغادر المنزل بقي شاكا في امرها وكل مرة دونغهي يطمأنه وهو من يحتاج له!

مرت نصف ساعة تقريبا وميرو على حالها اشتد بها الالم ليوقظها طرفت واغلقت عينيها عدة مرات لتعي اين هي ..جلست واسندت ظهرها للحائط بتآوهات موجعة وايقنت انها لاتزال في الممر الصغير تحسست جبهتها وشئ دافئ يغطي وجنتها ايضا... اهتزت يدها امام عينيها وهي ملطخة بالدماء فأيقنت انها قد جرحت بالفعل... مر احد الرجال سريعا من امام الممر فشهقت ولفت رأسها جانبا وعاد لها رعبها ان امسوكها ستضيع ويموت دونغهي لا محالة!.. عليها ان لاتمسك مهما كان الالم يعتصرها نهضت وهي تسند يدها الى الحائط بقوة فالدوار يفقدها اتزانها خلعت سترتها طوتها بين يديها ثم خلعت القبعة اسدلت شعرها كله وحاولت ان تغطي نصف وجهها الملطخ بالدم وتحركت لخارج الممر باتزان مهزوز...مشت وهي مطرقة الرأس ..مر اثنان بقربها وهما يبحثان عنها بلهفة كالمجانين... تجاوزاها فاصبحت تمشي بشكل اسرع ..طوت قبعتها وضغطت بها على جانب جبهتها!...استقلت سيارة اجرة عائدة بها الى منزلها!...

الان طريق السلم سيكون متعب جدا وبصعوبة اكملته وتوقفات كثيرة لتلقط انفاسها من بين الالم والدوار حالما انتهت من النافذة ارتمت على السرير وهي تفتح ذراعيها وتلهث بلا انقطاع.. 




جذبت هاتفها بصعوبة واتصلت به بلهفة مضطربة اجاب بسرعة :ميرو؟..اين انتي!...اتسعت عيناه انفاسها المختفية ارعبته ليصرخ :مابكِ تكلمي..انتِ بخير؟؟...
كل مااستطاع سماع منها فقط :انا فوق ..غرفتي تعال! ..اصابه الذهول اكثر

اخترق الدرجات بخطوات متفرقة فور فتح الباب وصدم بمنظرها ارتعب قلبه بجنون 



جرى وحط فوقها بعينيه متفحصا :انتِ بخير؟؟انظري لي..ميرو..ميرو.. 
وهو يبعد غرتها التي تجمعت عن وجهها شعر بشئ غريب يده ثم جبتها ورقبتها كانت دماءا كثيرة لتكون سبب تدفق الدموع في عينيه كمهووس احتضنها خاف من فقدانها :ليس شخصا اخر ارجوكِ(انتحب وهو يضمها لها بقوة) تماسكِ اتوسل اليكِ...
رفعت يدها بتعب وحوطت ظهره فأطمأن قليلا.. اعاد مدها على السرير مرر يده في شعره بحيرة كيف يأخذها للمشفى الان..هو حتى لم يسأل ان كانت قد حصلت على الملفات والتسجيلات ام لا!..كان نبضها سلامتها هي كله همه... 

لمع الحل في رأسه فتح باب غرفتها وصرخ عاليا :ماكس!..ماكس تعال في الحال ..لقد وقعت ميرو وضربت رأسها انها تنزف!...ميرو فقدت الوعي ولم تعد هنا...اصاب ماكس الذعر وركض سريعا للطابق العلوي خاف اكثر بمنظرها حملها سريعا وانطلق بها الى المشفى لوحده
ولم يخطو دونغهي خطوة خارج باب المطعم .. وهي يراقب السيارة تبتعد اهتزت قبضته والدموع تتراقص في عينيه ضرب كفه بالنافذة بقوة ارعب الزبائن لشدة اهتزازها وهو يلهث بأنفاس حارقة شبت من نار حرقة قلبه لما سببه لها ولايمكنه حتى اخذها ليتم معالجتها..اي شخص حقير هو!

اكمل الطبيب علاجها أومأ لماكس بعد ان طمأنه... انتظر ماكس وهو يشتعل قلقا ولايزال مشوش البال كيف صعد دونغهي لغرفتها.. افاق بتفاجأ بسبب تحركها السريع كان كابوسا فضيعا لترى دونغهي يسحب بعيدا عنها والدماء تسيل منه بغزارة بسبب الضرب الكثير.. انفتضت جالسة بقوة منادية بأسمه :دونغهي!!... وقف ماكس فورا وتمسك بها اذ هاجمها الدوار فورا واعادها مستلقية مكانها :أهدأي ..انت بخير لاتقلقي..مادخلك ودونغهي ها!!
بلهفة حارقة حدقت في عينيه وتمسكت بذراعه :دونغهي هل هو بخير ها اخبرني!!
هز رأسه في انزعاج كبير:انتِ مجنونة انت من اصبتِ وتسألين ان كان هو بخير!...جرحك كبير!... هنيهات فقط واسترجعت صورة لكل ماحدث قبل ان تفقد وعيها بين يديه... حينها فقط تنهدت براحة عظمى وارخت توتر جسدها ..ثم ابتسمت براحة وماكس في حيرة كبيرة من كل تحركاتها.

دخلت المطعم وماكس يسندها قليلا وعيناها بلهفة سرحت في المكان باحثة عنه فلمحته حين خرج بهدوء من المطبخ وبيده عدة اطباق عابس الوجه والقلق واضح عليه.. وضع الاطباق للطاولة المطلوبة ... شهق برؤيتهما وركض نحوهما بلهفة كبيرة متفحصا رأسها :انتِ بخير؟؟لايؤلمكِ؟؟ماذا قال الطبيب ...دون مراعاة لوجود ماكس من اشتعل غضبا.. بينما عيناها تتحركان تباعا مع عينيه القلقتين كانتا لذيذتين جميلتين بسحر مختلف كل مرة تكتشف لهما خواص اخرى ..انخفضت عينيه لتلتقي بخاصتها المبتسمة فهدأت ملامحه ابتسم بحنو واحتضنت كفه :لاتقلق هكذا انا بخير صدقني..مجرد جرح بسيط!

نظف ماكس حنجرته بحدة فانتبها له وعاد دونغهي ليحدق بها :هيا بنا..حوط ظهرها بذراعه فتحركت طواعا معه...

:حسنا تحاولان تجاهلي هذا رائع(تحرك ووقف امامهما)هل يمكن ان تشرح لي سيد دونغهي كيف كنت في غرفتها(حرك بيده امامهما) وكل هذه الحركات واللمسات ماذا تعني بالضبط...

خافت ميرو منه كثيرا التفت لدونغهي فخافت اكثر من تعابيره التي تصلبت اخفض يده من ظهرها واقترب خطوة اكثر ليقابل وجه ماكس من ارتبك بالفعل :سيد دونغهي هذا يعد ميرو حبيبتــ ... اقصد (هز رأسه) بل اكثر انها ملكي تعود لي ...لذا من فضلك انت لاتتدخل!...حدقة عينيها المتسعة ثبتت لفخامة مانطق به للتو!
التفت لها واحتضن عينيها بدفء :انها روحي انا ..انا سئ لأكون السبب نعم لكني سأحاول الاعتناء بها على قدر استطاعتي اقسم!...



فاضت عينيها بالدموع تأثرا به لشدة صدقه والحب الذين فاضا من عينيه ليغمراها بشعور دافئ يدغدغ قلبها أبتسمت بألم أومأت له واحتضنت كفه:انها تثق بالفعل انك الوحيد القادر لفعلها!
ابتسم بحنو لها اقترب وضم رأسها لصدره مسد على شعرها برفق ..كل ذلك امام ماكس مفتوح الفم من شدة صدمته وضع يديه على خصره وزفر بحنق بماذا سيخبر والديها الان ان حضرا ورأيا شخص كهذا!

جلست على طرف سريرها وجلس بقربها دون ان يبعد عينيه عنها مسح على شعرها وهو يبعد خصلاتها بعيدا عن وجهها :كنت خائف جدا..خائف من ان اخسر شخص آخر وانا السبب في كل مرة!...(ركز في عينيها الدامعة) اشكرك من كل قلبي لانكِ عدتِ بسلام!...
زينت وجهها بأبتسامة لتخفف شعور الثقل عن كاهله ... مدت يدها وداعبت شعره كطفل صغير:لاتقلق ..يبدو انك لاتعلم ولكنني وعدت نفسي وقلبي بذلك مسبقا..انني لن أتأذى ابدا كي لا اسبب لك ألما اضافيا ..لن تكون ميرو من تثقل كاهل دونغهي اكثر(هزت رأسها) مطلــقا!

جذبت السترة من الارض ...فتحت سحابا داخليا فيها وجذبت كل شئ احضرته من الخزنة ..تلامعت عينا دونغهي كمن رأى النور بعد ظلمة سنين..تمسك بهم ثم نظر لها نظرة امتنان لامثيل لها :انتِ!..
وضعت يدها على فمه :يكفي اعلم انا ماذا..أنت من تستحق الكثير..

تحولت نظرته بجدية وهو يعتصر الظرف البني اللون بقوة :لم تتبقى سوى خطوة واحدة..واحدة فقط تفصل بين الحق والباطل ..بين الظلم والنور..بين براءتي وسمعتي او ..موتي العاجل!..




تأملت للحظات :لكن خروجك لوحده خطر جدا...لقد باتوا يمشطون المنطقة كل يوم تقريبا...سيصعب عليك الخروج من هنا...

أوما موافقا لما قالته :هذا مؤكد... سنحاول ايجاد حل لهذا.. ربما سينفع التنكر(حدق في عينيها) دعي هذا الامر للغد...الان فلترتاحي ارجوكِ...
فكرت لثوانٍ ثم أومأت له على مضض...

استلقت على سريرها فتفاجأت به تمدد ملاصقا حين لفت رأسها جانبا تقابلت مع عينيه الشغوفة مجددا :ماذا تفعل؟؟..سألت بتوتر شديد  لشدة قربه
ابتسم بحب وجذبها لتنام بين ذراعيه :افعل ماوعدت به..اعتني بكِ
ضحكت بخفة على جملته وطمرت وجهها عميقا بين احضانه.. قلب ميرو يضرب ويجن جنونه لقربه الشديد فيزيد اصرارا وتأكيدا على قرار عقلها الذي تم الانتهاء منه قبل ثوان...

بينما دونغهي وهو يحتضنها محلقا في السماء فتعود به مخاوفه لتهبط به بقوة اي خطوة مقبلة ربما ستكون الخاتمة لحلم بزغ كشعاعات الشمس الاولى عند دقائق الفجر الاولى وسط ظلامه الحالك... حدق بها وقد نامت بفعل الادوية المسكنة... ماذا سيفعل بهذه التي وهبته حرية خاصة ثم عادت مقيدة له فبات كل تحرك له متوقفا عليها حبها ضحكتها أمانها الذي بات الاهم خصوصا هذه اللحظات!...ابتلع ريقه وانخفض طابعا قبلة خفيفة بث بها عشقه وشغفه

~ ~ ~ ~ ~
واشرقت شمس الصباح .... اي نوع سيكون!... هي قررت وسوف يتبع قرارها!... ارتدت المعطف خاصته اغلقت سحابه وقلبت القلنسوة المنتهية بالفرو فأختبأ وجهها تحتها تماما بدت مثله ... لن تنزل من النافذة وتمر بغرفتها حيث هو نائم وقفت امام الباب للحظات كأنها تتلو وداعها الاخير اسفة ان غضب وزمجر بها لابأس الاهم ان تنتهي مأساة حياته ويغدو كباقي البشر! انه لايستحق عيشا كهذا ولاظلما كذلك!

نزلت بسرعة ..اخترقت المطعم وصولا الى الباب دون الاهتمام لماكس من تخشب مكانه بمنظرها المخيف قليلا : ميرو!..ميرو! ميرو توقفي حالا...اغلقت الباب خلفها غير آبهة له فصل عقلها عن العالم تماما بل حتى المنطق لتتجه الى الفروع المظلمة ثم الكثير من الممرات أملا بأن يراها احد اولئك الرجال.

تحرك دونغهي الكسول كالعادة فشعر بالفراغ بجواره تفاجأ بالفعل ونهض وهو يحرك شعره بفوضوية ثم مشطه بأنامله سريعا ... غسل وجهه عدة مرات قبل ان يخرج لفت نظره عند المرآة ورقة كبيرة لصقت بها..اقترب منها بحيرة جذبها وتعجب جدا لما دونت عليها  "انتظر اتصالي واذهب بعده سريعا للشرطة..ارجوك لاتتأخر عن اثبات براءتك.. ميرو"

قطب حاجبيه والكثير من الاسئلة تزاحمت تملء عقله ..قابله وجه ماكس العابس فلم يأبه له دونغهي..تجول قليلا وعينيه تبحث في المكان بدقة توقف سائلا :اين هي ميرو؟..ألم يرها احدكم؟؟..تلفت كلا الموظفين هنا لبعضهما وهزا اكتفاهما دلالة النفي ...
لوى ماكس شفته بحنق قبل ان يجيبه :لقد خرجت منذ الصباح
تعجب دونغهي ثم ملئه الغضب عليه :كيف لك ان تسمح لها بالخروج.. ألم ترَ جرح رأسها بأم عينك...تبااا ...عبث بشعره من الخلف بقوة وغضب
رد ماكس بحدة :لاتصرخ...أتعلم كم حاولت وكم هي عنيدة...بدت غريبة جدا اليوم..كان معفط الفرو كبيرا عليها ..لقد فقدت عقلها بالفعل... وعقل دونغهي تجمدت اطراف اعصابه لتستوعب الكلمة التي نطقها ماكس لِتوه...

اضطرب وتسارع تنفسه جرى بسرعة كبيرة متسلقا الدرجات الى الطابق الاخير حيث غرفته تمنى وصلى ان لايكون ماتوقعه للتو حقيقة ..فتح باب غرفته بعنف فأتسعت عينيه بذهول بعدم رؤية  المعطف معلقا مكانه اهتز واسند يده الى الباب ... صرخ بحدة من بين اسنانه :تلك الفتااااة!!...عاد ادراجه راكضا بسرعة كبيرة ..عبر المطعم وانطلق راكضا على الرصيف بسرعة مهولة متجاوزا المارة واشارة المرور داعبت مخيلته اول نظرة مرتعبة منه ثم ثانية محملة بالاصرار ثالثة مليئة بالحياة وتلمع بالحب ... اول كلمة كانت بينهم هي اسمها!..ميرو!..ميرو! صرخ بها مرارا ضج بداخلها فوضى عارمة لمجرد تخيل ان شعرة منها قد تلمس وبسببه هو لاغير!

وصلت لاحد الممرات كانت متأكدة انهم مهما ابتعدوا سيبقون في هذه النقطة بالذات الفاصلة بين منزله ومنزل شيون القريب منه ومنطقة منزلها ... ابتلعت ولم تتهاون لثانية لتفكر بتردد.. سحبت قلنسوتها اكثر ادعت التنقل بسرعة من ممر لاخر فلمحها احد الرجال وصرخ بملء فمه بفزع :انه هو.. انه هو.. اسرعوا في الحااال!

وكما خططت حصل تلاحقت خلفها اصواتهم الخشنة المرعبة منادية مهددة :توقف مكانك!...ايها الحثالة توقف ..لن تهرب هذه المرة..وغيرها الكثير ... 

وهي تجري بتلك السرعة اخرجت هاتفها وبصعوبة بالغة اتصلت بدونغهي!...بينما كانت تبتعد بهم لابعد نقطة عن الحي خاصتها... رن اتصال دونغهي كمنبه للموت جاءه..شله مكانه بعيون متسعة فهذا يعني ان خطتها تنجح في ابعادهم عن المكان اخرجه سريعا واكمل جريه واتصل مالبث ان نطق بأسمها لاهثا حتى اغلقت الخط ..صر اسنانه غضبا جامحا عليها وزاد سرعته الى هناك ..

اخفضت الهاتف وكبحت جريها فورا بظهور بعض الرجال امامها .. التفت للخلف وقد حوصرت بشكل محكم خافت من ان تكشف الان رغبتها لانقاذه لاتوصف سحبت قلنسوتها وتمسكت بها بقوة...بينما بدأوا يقتربون منها اكثر ويزداد ضحكهم لانهم تمكنوا من دونغهي اخيرا!... وكزها احدهم على ظهرها :يااا هل اصبحت جبانا كالنعامة لتخفي وجهك!..في النهاية تم الامساك بك كما أردنا
جذب قلنسوتها بقوة لكنه يديها شدتها بقوة اكبر منه فبقي وجهها مخفيا!.. اشتد غضبهم ركلها على قدمها بقوة تألمت فهوت ارضا وقوعها اصاب الجميع بصدمة بدأ الشك يسايرهم...اشاروا لبعضهم تمسك احدهم بيديها بقوة وسحب الاخر القلنسوة بقوة فهوت عن رأسها وظهرت امامهم ودبت الصدمة لتزين تعابيرهم ثم تحولوا للغضب بالتدريج جذبها بغضب يشتعل في عينيه لتقف امام وجهه وهي غير مبالية :اين ..هو؟..  ابتسمت بشكل جانبي فأتسعت عيونه بغيض كبير فرماها ارضا بقوة :ستندمين!...صدقيني..تساهلي معي واخبريني اين هو ..أهبك حياتك التي ستنتهي الان ان لم تفعلين
عادت لتبتسم بسخرية :لست من وهبني الحياة لتهددني بانك ستسلبها مني!..انت حقا بلاعقل!... اهتزت قبضته بجنون ..رفعت جسدها عن الارض فقوبلت فورا بلكمة قوية اردتها ارضا مجددا! انحنى على ركبته وجذبها مجددا حدق بعيون مرعبة بلاحياة :اخبرتك ستندمين!...

:بل لايوجد غيرك من سيندم هنا...اتسعت عينيها بصدمة ثم امتلئن بالدموع حين رأته من خلف جسد الحارس المجنون..




فكل مافعلته له الان ذهب مع أدراج الرياح!..هاهو الان امامها وليس في مركز الشرطة يعلن امام كل العالم ببرءاته.
وصدمتهم المغلفة بالنصر لم تكن اقل منها ..التفتوا له وخطت ابتسامات المكر على شفاههم :انت!(قهقه ضاحكا) انت هنا جئت بقدميك!... وهذه معك أليس كذلك!!
تصنع الخيبة والغضب وحدق بميرو محدثا : تبا لكِ كله بسببكِ انتِ!... لماذا سرقتي المعطف ورحلتي.... صدمتها لاتوصف حقا هل حقا هو يتهمها بسو مآلت اليه الامور... التفت لرجل الضخم قائلا  : ثم من معي!..هذه!..انا حتى لا اعرفها..لقد تركت معطفي ارضا للحظات فسرقته مني!

الان فعلا تخبط كل شئ في دماغها فماعادت تستوعب مايقول كأن الصمم والعمى اصابها وفقدت تركيزها حولهم..شعر بالاسى من عينيها الشاردتين اللواتي فضحنها.. لكنه ضغط على قلبه واكمل :انا لا شأن لي بها ولا اعرفها...

لعله يجرهم خلفه فيتركوها ... تراجع خطوات للخلف فتأهبوا جميعهم وافلت الرجل الاخر ملابس ميرو من الخلف وكأنها كان سندا تتكأ عليه هوت على ركبتيها قفز قلبه كم ود ضمها له وشفتها تنزف قليلا ... ارضاءها بقبلات متناثرة تشفي روحها من الصميم وتهدأ النار التي اضرمت في قلبه! ..


ضغط بقوة على قدميه ليبقى ثابتا ووجه نظره لهم وتحدث مهددا: خطوة أخرى نحوي وسأتصل بصديقي لكشف كل اسراركم... ضحك الرجل ذو الجرح العميق ساخرا : اي صديق احدهم هرب وتركك لوحدك والاخر مات وتركك ايضا!..صر دونغهي اسنانه بقوة تمالكت لتقف بتعب وحدقت بهم فأرتجف قلبها اكثر!...تقدمت نحوه متناسية كل ماقال..

خطوة فقط وجمدها مكانها بنظرة حادة مشتعلة فتوقفت بصدمة مكانها هدأت تعابيره وهي يضيع بين عينيها : مخطأون!..انا املك العالم .. لدي صديق رائع قلب دافئ هو كل ما املك قد يخسر حياته لأجلي انا واثق!... أذن لدموعها ان تسيل بحرية مقيدة بالالم عليهم ان لاينتبوا لها وهي تبكي  لكنها تستمر




عاد لها محدقا احد الرجال فأنتبه كليهما بذعر جففت دموعها بعنف وحاولت التسلل فجذبها سريعا له وحدث دونغهي بخبث :مارأيك بها هل ستغدو اجمل لو عبثت ببشرتها الصافية ببعض الخدوش ها!!...
دونغهي الذي ارتجفت كل خلية فيه وهو ثابت بلاحراك انه تحطيم للروح وتمزيق للقلب عذاب لايعرف طعمه الا من تذوقه ... ان خطا نحوها ستؤذى وان تركها ستؤذى كأنه مربوط بحبل مشنقته ولاحركة له مسموحة وبقاه ثابتا كذلك قاتل هو الاخر...
صرخ ولكن بتملق :وهل ستقوى على فتاة لا اعرفها... (ابتلع ريقه بغصه وهو يرتجف اكثر لنظرتها الدامعة) لادخل لي بها ...(احتقن عينيه بالدموع الحارقة) افعلوا ماتشاءون ...قلت لكم اننا لانعرف بعضنا..هي ليست سوى سارقة ماهرة....(ركز في عينيها بألم فضيع) سرقت أغلى ما املك بكل براءة.. سرقتني ووقعت بالفخ

فسالت دموعها اكثر.. صر الرجل على اسنانه لافائدة من كل شئ يفعله :سنرى اذا!..سحب بخفة سكينا صغيرا من خصر صديقه وثبتها على رقبتها أهتزت بين يديه كورقة بينما  قفز قلب دونغهي مرتعبا لم يحاول سوى افشال مخططهم بينما هو حثهم عندا على دفعه ليحقق المثل العليا التي تدرب كشرطي عليها حماية الناس ايا كانت هويتهم!

ضغط بها على عنقها مهددا :ليس جرحا خفيفا كما قلت ..سأذبحها امامك والان..وستكون السبب في موت شخص اخر محقق لي دونغهي..تكلم!...

رأت كل الام العالم تتجمع في عينيه باتت موقنة ان لحظة انهياره قادمة شدت على يد المجرم صارخة :فلتفعل مايحلو لك..قال لك لايعرفني..انه لايعرفني مطلقا ولن ينقذني مهما حصل..اجري بعيدا ايها الغبي..لماذا لازلت هنا...ابتعــــد!!

لم تخفت عزيمته بل اثارت جنون الاثنان وهم الرجل بجرحها حقا لتتألم ولو قليلا ... جذب سلاحه بسرعة البرق ووجهه نحوهم.. ليس سوا سلاح شيون نفسه من ارداه قتيلا..الان سيحقق به عدالته ويأثر له وينقذ معشوقته :اتركها في الحال..اشار بالسلاح يمينا وعيونه تتقد شررا ..الكل مصدوم منه ..
فصرخ بحدة بهم :قلت لك افلتها في الحال ...ألاتسمع!!

رفع يدها عنها فسعلت لشدة اختناقها نهضت بتعب تعثرت وهي تقترب منه بلهفة لضمه لكن يد دونغهي كانت الاسرع جذبها من يدها بقوة للجانب ودفعها بعنف بخطوات للخلف مبعثرة فأصبحت خارج الممرات :اغربي عن وجهي!... 

تخشبت اطرافها مجددا امام فضاعة كلماته... حدق بها بألم وصرخ مجددا :قلت لكِ اغربي عن وجهي!..غادري في الحال!... عات خطوات للخلف ثم بدأت بجري سريع ركضت بسرعة وتركت قلبها مضرجا بالدماء وراها... خيبتها كبيرة وألمها لايوصف هي من اوصلته الى هناك بدل ان ترسله لبراءته ارسلته لجحيمه الذي تهرب منه ليالي وايام ... 

تجاوزت السيارات بدون وعي صدمت بخفة بأحداهن واكملت وهي غير مهتمة او حتى تشعر بركبتها التي نزفت بحرارة... كل همها الان الوصول للمنزل...صعدت المنزل بتعب سقطت على درجاته تلتقط انفاسها.. جذبت المستندات وعادت للجري الى المركز الشرطة ..غريب  كيف انقلبت الادوار كان يجب ان يكونا في اماكن مختلفة.. لكنها وعدت وهو اصر على تنفيذ وعدها: "لن تثقل ميرو كاهل دونغهي يوما"...اغمضت عينيها بحرارة بتذكر الوعد ذلك!..

دلفت مركز الشرطة وصرخت بهم :لقد وجد الشرطي دونغهي دليل براءته انه معي هذا صدقوني .. قفزت مرتين من شدة جنونها وتوترتها بدموع منهدرة ثم جثت على ركبيتها تحت صدمة اعينهم بمنظرها واقترابهم منها وهي تنشج في المكان لحنا اليما عنوانه هو ورحيله الذي تأمل ان لايكون عاجلا 

اشتد شجارهم بشكل مخيف بات يمسح الدماء من فوق جبهته وهو يبتسم بسعادة يثير جنونهم اكثر ولا يعلمون انه حقا في قمة سعادته ..اصبح يردد وهو يضربهم ويلكم :هي باتت بعيدة في أمان(ضرب الثاني بقوة) لدي كل اوراق برائتي ستسلم للمركز انا واثق انها ستفعل!(ركل الاخر ورماه ارضا) ستظهر براءتي لكل العالم الى اختي التي بقيت نظرة الشك تختلط بعينيها كلما حدقت بي!..تلك النظرة التي تذبحني سوف تختفي حتى لو نظرت لقبري ستنظر بحب حينها ....وميرو!...روحي معها اينما ستحل..ملاكي الخاص بي تلك المشاغبة... 
ابتسم بخفة فجاءته ضربة قوية بكرسي قذفه احدهم عليه من بعيد ارداه ارضا بلاحراك ونضحت الدماء من فوق اذنه لتغطي عينه بغزارة... صفارات الشرطة ضجت المكان حولهم اصابهم الرعب والذهول وهم يتلفتون هموا بالهرب... ففاجأؤوهم رجال الشرطة وهم يظهرون من مكان فراغ ممكن...تم القاء القبض على الجميع وأخذ دونغهي سريعا الى المشفى...

ميرو من منعها الشرطة من المجئ معهم بالقوة لم تعلم ماذا حصل سوى اعداد المجرمين الذين يتم سحبهم لداخل  المركز بحثت بعينها بلهفة وهي تعرج فلم تره ابدا عينها لم تميزه تكاد تفقد عقلها فصرخت بهم ... اخذها الشرطي للمشفى ...حين وقعت عينيها عليه بكت مجددا بكاءا اخر لتلك الجروح والكدمات التي ملئت جسده بسببها ... طمأنهم الطبيب كون حالته مستقرة وربما يصحو بعد برهة... جففت دموعها بقيت بعض الشهقات الخفيفة متمسكة بها ... ابعدت اناملها عن زجاج غرفته ابتعدت وابتعدت لتكمل لخارج المشفى تماما رفعت رأسها عاليا  اخذت نفسا عميقا واطلقته ببعض الراحة.

عندما استيقظ دونغهي اخبره الشرطي المسؤول عنه :ان الفتاة الي جلبت المعلومات عانت بشكل كبير لتقنع الشرطة حتى اتجهوا للمكان المقصود فعلا... كما انها غادرت قبل قليل..هدأت ملامح دونغهي مستوعبا فعلها فهي تلقي اللوم على نفسها لكنها في النهاية انقذته ولا احد غيرها فعل!

مرت الايام التالية سريعا اثبتت براءة دونغهي واعلن ذلك رسميا لتنظيف سمعته المهنية في سلك الشرطة... فرحة عائلته لاتوصف..عناق اخته المعبأ بالذكريات الشوق والالم عانقته بقوة ودفنت رأسها تستشفي عبير الاثنين معا!.. ومن اول لحظات اختلطت دموعهما !..
طمأنهم الطبيب ان حالتها سببها صدمة وهي وقتية لا اكثر... مع ارادتها القوية وتصميمها ستنجح بأستعادة صوتها ..صوتها الذي كان شيون يعشقه!..نهاية الجمل احيانا تهدم كل البداية وتمحي كل معانيها!..لكنها اصرت على اسعاد دونغهي ولو قليلا هكذا تخفف من وطأة ماحصل معه.

عاد اهل ميرو للمطعم واتفقت مع ماكس على اخفاء كل شئ ووعدها بذلك فقد تفهم وضع دونغهي بعد الاعلان الذي ذيع عنه في كل مكان!... تعجب الوالدين من ابنتهم الماثلة امامهم انها ميرو جديدة غريبة عنهم .. تدعو للفخر خصوصا بالنسبة لماكس الذي عرف كل شئ وماذا فعلت!

تأهبت صباحا بملابس انيقة سرحت شعرها بعض الزينة الخفيفة ...شهقا الاثنان بصدمة وماكادا يتعرفانها ابتسمت لهما بحب :لاتتفاجأ ارجوكما هذه انا من الان فصاعدا..انا ذاهبة...
:الى اين؟؟...نادت امها لتقطع سيرها عند الباب...
التفت بأبتسامة مشرقة :لقد وجدت عملا في شركة صغيرة..ادعو لي.
فغرت الام فمها والاب يقترب بأفكار مشوشة عن حالها!...

عاد دونغهي لمنصبه..الوضع صعب طبعا ..ان يجلس وحيدا يناظر مكاتبهم الفارغة ...لكنه يتذكرها فتهدأ براكين روحه التي ربما لن تعرف الهوادة الا بحضرتها.

عادت مساءا من العمل ..اوقفها الممر برغبة شديدة..التفت وحقا سرحت في ايام خلت هنا!...




كيف لممر كرهته بجنون ان تلتقي عشيق روحها الذي ملئها حبا وشغفا كيف تغيرت لهذا الحد بسببه وماذا اصبحت...تعلمت الكثير حقا منذ ان التقته تعلمت ان العطاء نعمة مهما كان الثمن بعدها ..حلوا او مراً...(ادمعت عينيها) هو اشد مرارة مماتخيلت ... فراقه ترك ثقب اسود في حياتها هناك فراغ يفصل بين ايامها السابقة وهذه!..ولاشئ غيره يملؤها... ابتسم بحنو وشوق مميت وهو يطالعها من ممر مقابل عن الطرف الاخر من الشارع...

تنهدت بحسرة ودلفت الى المطعم...بعد ساعة تقريبا ...خرجت بملابس العمل!.. وهي تحمل بعض العلب الكارتون الفارغة..صفتهم على الارض رفعت رأسها تنهدت بتعب ثم التفتت مغادرة شئ ضخم خيم عليها من الخلف ثم التف حولها من الجانبين ايقنت انه معطف مطر ضخم باتت حبيسة تحته الان تخدرت وشلت اطرافها مكانها رائحته التي تحفظها بدون عطر هي خاصة به..هذا دفئه وتلك نبضاته التي تداعبها الان...




ابتسم ابتسامته الجانبية المعهودة عند جانب رأسها فغرت فمها منبأة عن هطول امطار متشوقة لارض جافة... :دعيني اصحح كل عباراتي السابقة... انا لااعرفك حقا!...انتي الغريبة التي حررتني من قيودي ووهبتني قيدا ابديا... اخترقت كل دفاعتي بكل بساطة وبكل ود وكرم زهيد...انا حقا لااعرفك..وهل يسأل المرء عن نفسه..هل تعرفها!!...اي سؤال غبي هذا!...انا انتِ ..اعرفكِ لأبسط شئ لن تتوقعيه!...وتعرفينني دون كلام ...فهل نحتاج للتعارف حقا!...

علا صوت شجن بكاءها الذي سمعه اول مرة وهي تبكي ظلمه التفت لدفن نفسها عميقا وتختفي واستمر محوطا بمعطفه مقبلا قمة رأسها مطولا بحنان!..وتمتمت كل ايات الاعتذار لما حصل اخيرا... 

رفع رأسها لتقابل عينيه:ان اعدت جملة اعتذار اخرى فأزجك في السجن آنستي!(مسحت دمعتها وضحكت بخفة..نهرها بمكر) لاتضحكي لست امزح...خبأتي مجرما في منزلك وتسترتِ عليه بعناية وساعدته في كل اعماله..هذا جرم فضيع



رفعت حاجبا وابتسامة خفيفة تزينها:بل هو المجرم من جعلني مجرمة!...اوقعني بشباكه فأصبحت اكذب كل العالم واصدقه لوحده... 
زم شفتيه وهز رأسه رافضا بحدة : انت مجرمة حقا بدون الحاجة له..مجرمة وجئت استرد حقوقي..انا فعلا قصدتها عندما قلتها ايتها السارقة الماهرة..حقا سرقتِ قلبي.. فبِتُ سجينك انتي!

تلامعت عينيها بعشق كبير معلنة من قلبها :احبك دونغهي!
اغمض عينيه متلذذا بسماعها..مالبثت ان تضحك بخفة على تعابيره حتى شهقت وتراجع رأسها قليلا للخلف لشدة قرب وجهه المائل الذي كاد يلتصق بوجهها قرب شفاهها نطق :ودونغهي ثمل بكِ... وخطف شفتيها مغرقا اياها حد الجنون به بحب ولد بجنون وسيستمر بجنون...

♥~  النهاية ~♥


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق