الجمعة، 23 يونيو 2017

حافة الحياة : The Fate (الفصل الثالث )

  . > حافة الحياة < .
.. الفصل الثالث ..

                               
                  BY : KIM NANA                 





اذا أردت شيئاً يقال ..
إسأل رجلاً..
و اذا أردت شيئاً يفعل ..
إستنجد بإمرأة ..
___________________
تجرع هيون بين كوب قهوته الصباحية داخل مكتب مؤسسته
مبتسماً راضياً عن سير الأمور على ما يرام

بينما سو دام تتذمر على عكسه :
- لا أقول بأنني لستُ مسحورة بذكاء كيون ، لكن الأمر مبالغ فيه جداً،
عندما تسمح له بإلقاء قذاراته هنا و هناك.

( حلقت يدها معصبة مستدعية انتباه هيون بين قاتلةً ابتسامته)
هيون بين-آه ( تذمرت مجدداً وهو ضاق من ثرثرتها )
عليك أن تعلم كان بإمكاني التعامل مع لي سو مان ومن دون طرق ملتوية أيضاً.

يرد هيون بين هادئ الأعصاب :
- و أخبرتك بأنني أعارض ذلك يا سو دام.

سألت بإستياء شديد :
- لماذا؟!

- لأنه ....

بترت إجابته بصوت كيو هيون الذي دلف تواً :
- لأنه عندما تضع إثنين لا يملكان خصلة الوداعة ، في غرفة واحدة
فإن الأمور لن تسير جيدا.

حولتّ سو دام نظرها ناحية مصدر الصوت :
- آوه عظيم (سخرت) إنها الساعة الحادية عشر، من الجميل وصولك بعد أن بدأنا العمل بساعتين.

تجاهلها كيو هيون ، يعلق نظره ب هيون بين  :
- سهرتُ على الملف الذي كلفتني به الأمس.

علقت سو دام بفظاظة :
- نعم .بالطبع لديك سبب جاهز ( اتأكت على الحائط مكتفةً يديها على صدرها)
أو لنقل كذبة ملفقة لكل شيء.

حظيت عندها اخيراً بإنتباه هدفها الذي مطّ فمه :
- فلتنتبهي لطول لسانك أيتها القردة.

سو دام : ياا .. من هي القردة؟ ها؟ ( رنت اليه بنظرة تطفح غضباً) هل تريد الموت؟

تنهد هيون بين رافعاً أبصاره نحو السماء :
- أنتما . ألن تكفا مطلقاً عن التراشق بالكلمات حيثما إجتمعتما؟!

لطالما وجد هيون بين أن كيو هيون و سو دام مثل الين و اليانغ
يكمّلان بعضهما بتناقض متضاد
فقد كانت سو دام بشعر قصير بلون الكارميل المحروق
تمثل إمرأة اليانغ البيضاء

كانت تنسى كل ما تريد و تتذكر كل ما تنساه
ضيقة الخُلق، مندفعة جامحة عصبية
إمرأة القانون المثالية ، مدافعة عن حقوق المرأة من الطراز الأول
راعية مبادئ لا تسمح لها التعايش مع ألاعيب كيو هيون
التي يبتدعها من أجل الفوز فقط

بينما يمثل كيو هيون رجل الين الأسود، هادئ كالليل ببرود القطبين
كان أشبه بالمنجنيق الذي قذف بضميره كل مشاعره و حتى مبادئه
بعيداً .. حيث اللامكان

أعرب هيون بين مغيراً سيّر  الحديث :
- حسنا كيون ءأتممت صفقة الأمس؟

أجاب بثقته التي تغلي دم سو دام :
- بالطبع

هيون بين  :
- وانتِ.  تجهزي لتقودي لجنة تقييم و قبول المقدمين للعمل هنا.
( قسم نظراته بينهما)
كما تعلمان نحن بحاجة لبعض المحامين الكفوئيّن،
سيكون من الأفضل لو يحصل كل منكما على مساعد حتى تركزان على الصفقات و القضايا المهمة فقط،
فشركتنا أصبحت هدف لكثير من المستثمرين.

امال كيو هيون راسه :
- هل يمكن ترك هذا الأمر منطوياً على سو دام فقط؟
أنا أعمل بشكل أفضل منفرداً.

أيده هيون بين :
- أعلم ذلك ، لكنك بالذات تحتاج لهذا،
فكل نائب رئيس في أيّ شركة يحصل على مساعده الخاص

( إبتسم رافعاً كتفيه في حركة سريعة ) إنها مجرد قاعدة.

- أنا آسفة .. مااذا ؟! ( كانت نظرة سو دام لهيون بين كأنه طعنها غدراً)
أنا من يستحق هذه الترقية
 أنا هنا ليلاً و نهاراً، أفعل كل ما عليّ فعله،
(أشارت ناحية كيو هيون ) بدلاً من الذي يتسكع هنا و هناك
كلما أراد حاظراً جميع أرقام الشركة عن هاتفه.

إبتسم كيو هيون بإستهتار داساً يديه داخل جيوبه
بينما قوس هيون بين فمه :
- سو دام لقد تم الأمر و أخذتُ قراري،
عليكما أن تتعاملا مع هذا الوضع الجديد،
بشكل عقلاني بدون خلافات شخصية تؤثر على سيدلي أوستن (إسم الشركة).

انحنى كيو هيون بجزعه العلوي :
- سو دام العزيزة أعتذر لقد تجاوزتُ الحّد ( ضغط على اسنانه) أيتها القردة.

إكتفى هيون بين بتكتيف ذراعيه فوق صدره بضجر
يناظر سو دام التي لم تنبس ببنت شفة لكن خيبة الأمل المريرة كانت تلحو على وجهها وهي تغادر من مكتبه
ثم تقعد ظهر طاولة مكتبه:
- لقد علم لي سو مان بشأن كذبتك حول العقد.

إبتسم كيو هيون بسخرية :
-  و إن يكن ، ألم يتم الصفقة؟

- نعم و هذا هو سبب غضبه بالتحديد ، عليك أن تعتذر منه.

- و انا لن أعتذر.
نظر هيون بين مباشرة الى عيون كيو هيون متجاهلاً إبتسامته الساحرة :
- إن لم تعتذر فسيضعك أمام لجنة المحامين* التي ستجردك من رخصتك (نصب سبابته) فلتجهز إعتذاراً خطياً.

كان لدى كيو هيون الجرأة الكافية ليرسم إبتسامة إرتياح و رضى على شفتيه :
- كذبت على زبون لجعله يكمل الصفقة و يحترم عقده.

- لكنك لم تنجو بكذبتك.
- هيون بين-آه اسمعني .

قاطعه هيون بين مستقيماً و قد غشيته قمامته الثلجية
ليتجلد و جهه برداَ :
- أنا لا استشيرك هنا ، أنا أمرك كرئيس لك و مسؤول للشركة،
لن اسمح لك أن تعرضها للمسائلة بسبب غرورك.
( إقترب من كيو هيون تفصلهم 7 ياردات ) محامي تشوي كيو هيون فلتكتب الاعتذار.

اطبق كيو هيون شفتيه  ، كم يمقت اسم التشوي الملتصق بإسمه
كما يمقت تماماً تلك الهالة الغريبة التي تتلبس هيون بين عند جديته
التي تشعرك بنسمة باردة تعبر طول ظهرك

ضغط الاخير جهاز المحاكاة :
- هايكيو.

- نعم ( طرقع صوتها عبر المكبّر )

- اذا لم يسلمك المحامي كيون حتى نهاية الغد خطاب اعتذار للسيد لي سو مان
فلتعطيه انذاراً خطياً أولي من الدرجة الثالثة.

صمتت هايكيو برهةً قبل أن تجيب :
- عُلم.

ثم تقعد كرسيه منتظراً لرد كيو هيون
الذي ما زال طابقاً فمه ، ثم أوما رأسه عدت مرات
كأنه إكتشف للتو شيئاً جديداً، كان غائباً عنه لوقت طويل
و استدار عقبيه نحو الباب دون ان يحّر شيئاً

فقد أدرك كيو هيون في قرارة نفسه أنه قد دخل نطاق هيون بين الأحمر
مؤسسة سيدلي أوستن
رغم أن هيون بين كان قد تغاضى عن الكثير من اجله سابقاً
لكن يبدو في النهاية لم تكن تجاوزته القانونية من اجل كيو هيون في شخصه
بل من اجل المؤسسة ، التي خسر هيون بين في سبيلها ما خسره
لتمسي نقطة ضعفه و قوته بذات الوقت



مضى شهران حملا معهما الخريف بكل جفائه
مخلفان ورائهما مدينة سيئول الراقدة الآن تحت غطاء سميك من الثلج الأبيض

كان يجب عليها أن تعود الى فراشها في صباح هذا اليوم
عندما تحول خط الأيلاينر الذي كانت تحاول رسمه الى شيء يشبه توقيع مسؤول إداري

حتى عندما تلاه إنسكاب فنجان القهوة على تنورتها الجديدة
الذي ابتاعتها خصيصاً لهذا العمل

غسلت وجهها ثم إردت بنطالها القديم الذي بهت رونقه
رافضةً أن تكون تلك القطة السوداء التي أفزعتها فور استيقاظها قبل ساعة

اعتقاداً منها بأنها رمزٌ للنحس او الشؤم لحبها للقطط
خرجت إيفا من شقتها متفائلة مع إبتسامةٍ معانقةٍ للحياة


عندما وصلت الى وجهتها هبت نسمة هواء ، فتمايلت أعمدة المياه
من النافورة المزينة للمبنى أمامها كما الريش
مبنى مؤسسة سيدلي أوستن ، إنه المبنى الملائم لإحدى أكبر شركات المحاماة و أكثرها نجاحاً في سيئول

بدا المبنى الأكثر ضخامةً بين المباني الموجودة في الحديقة المخصصة للأعمال
فقبل شهر ونصف فقط ، كانت هذه اللحظة مجرد حلم بالنسبة لها
أن يتم قبولها للعمل في هذه المؤسسة المشهورة
رغم ما عاشته من ضغط نفسي خلال فترة المعيانات مع تلك المحامية القاسية التى تدعى بارك سو دام
ولم تندهش إيفا عندما وردها اتصال أنها قد نجحت و تم قبولها

خطت عبّر بهو المدخل الضخم
سألت موظفة الإستقبال عن الطابق الرئيس كما وردها من تعليمات
- الطابق الثاني عشر (اجابتها الموظفة دون أن ترفع رأسها عن الورق امامها)
إستقلي المصعد عند اليسار.

صعدت إيفا المصعد حيث الطابق الثاني عشر
و فور أن فُتح بابه
شعرت بوخز خفيف ينسل نزولاً على عمودها الفقري
عندما وقع نظرها على سو دام التي كانت تلقي تعليماتها على شخصين امامها

تابعت إيفا سيرها فوق الأرضية الرخامية ، مبتلعةً ريقها :
- صباح الخير محامية سو دام

حدجتها سو دام :
- صباح الخير ( نظرت ساعة معصمها ) 45 دقيقة هذه بداية سيئة يا إيفا.

- اعلم . آسفة أعدك ألا اتأخر مرة ثانية.

- يجب عليك ذلك ( اخدت سو دام نفساً مبتسمة) حسنا،
انتم الثلاثة فقط من تم قبولكم نظراً لما اظهرتموه من تفرد ،
بارك تشانيول و بارك سول و إيفا كوماتسو ( قالت بفخر أمٍ تخرج  اولادها بمراتب شرف)

في تلك الثانية بالذات خطى كيو هيون خارج المصعد متأخراً كما العادة ، حاملاً كوب قهوته بيد
و ملف يتفحصه بتركيز بيد آخرى
مرتدياً بدلة زرقاء صوفية بها تخطيط بسيط من العلامة التجارية كريستيان ديور ، و ربطة عنق سوداء ناعمة
بشعره الكستنائي المسرح جيداً و يرقد على جبهته في كسل

و ما إن وقع نظر سو دام عليه ، حتى رفعت رأسها متبخترة :
- كيون ( ثم نظرت الى ساعتها دون أن تضيف شيئاً )

لكن كيو هيون عرف مقصدها بأنه متأخرٌ كما في كل يوم
فتابعت : مرحبا

اهداها إمأةً برأسه فقط ، قاصداً تفادي أي حوار لفظي بينهما
إلا انها اصرت بالتحدث إليه مشيرةً خلفها :
- هؤلاء هم المتعيين الجدد ( إبتسمت بأنفة ) إنهم النخبة.

ألقى كيو هيون نظرة سريعة دون إهتمام :
- صبيان و فتاة ( تابع بسخرية لعلمه أن سو دام متطلبة و صعبة الإرضاء في كل شيء تقريبا)
إن العدد كبير ، قد فاق توقعاتي.

لم تدخر هي فرصةً للظفر به :
- سلامة النظر يا عزيزي.

عبس  ثم عاود تفحص ثلاثتهم و تفحص كامل المكان حولهم
باحثاً عن سبب لتعليقها الأخير ، بيد أنه لم يجد شيئاً يبرر إتهمها

فأغمض عينيه متأكداً أنها تحاول إثارت تحفظه ليس إلا  :
- قردة مزعجة.

قطبت المقصودة حاجبيها ناظرةً له، إذ شعرت أنه قال شيئاً
رغم أنها لم تسمعه
الا انها متأكدة  أنه إهانة لها

فتحت فمها لتصحح له معلومة أنهم فتاتان و صبي ، و ان إيفا التي تغطي شعرها بقلنسوة سترتها ليست بصبي

غير انه ابتعد عنهم بخطى واسعة ، قبل أن تسبب له سو دام صداع الرأس

و على نحو مباغت وجد كيو هيون أنه إرتطم بجسد هيون بين
الأخير الذي كان يتحدث مع سكرتيرته هايكيو

هيون بين : أين بالك؟

هزّ كيو هيون الملف  في يده ثم إبتسم :
- معذرةً سيدي رئيس الشركة الموقر و صباح الخير.

ضحك هيون بين كما في كل مرة على صبيانية  كيو هيون بإظهار إستياءه منه بهذه الطريقة:
- لا بأس و صباح الخير.

(ثم أرجع نظره نحو هايكيو مكملا ما انقطع ) ارسلي له أن يحضر بنفسه الى هنا لا نريد نوّاب.

أومات هايكيو رأسها بينما سار هيون بين قاصداً سو دام التي اخطرته قبل اربعة دقائق بوصول المتعيين الجدد.

فيما إلتصق كيو هيون بمقدمة طاولة هايكيو التي كانت تتفحص الجي ميل الخاص بعمل هيون بين

- مرحباً جميلتي هايكيو ( أهداها كيو هيون إبتسامته الصافية الحصرية عليها)
اذ كانت عنده بمكانة الأم تريزا

إلا انها قابلته بالعبس :
- أما زلت تنادي هيون بين بهذا اللقب السخيف؟

أجاب بصوت مشحون :
- و هل تريدني أن أترك أمر إجباري على ذلك الاعتذار يمر مرور الكرام؟

- لقد مضى وقت طويل على الأمر بالفعل، كنتُ أظن أن قلبك أسود ، لكن يبدو أن الأسود ملون بالنسبة لك.

إكتفى بالضحك على تعليقها، مقرراً عدم مجادلتها أكثر
فمهما حدث و مهما قال فإن هايكيو ستظل تتخذ جانب هيون بين ظالماً أو مظلوما

كيو هيون في إذعان : حسناّ سأتوقف عن منادته من اجلك فقط.

اهدته إبتسامتها الملائكية اخيراً :
- هل قابلت المتعيين الجدد؟ فأحدهم سيصبح مساعدك.

استقام من إتكائته  قاصداً مكتبه ملوحاً بيده الشاغرة بعلامة لا يهمه الأمر
اذا كان هنالك ما يكرهه كيو هيون أكثر من الإستيقاظ باكراً
هو إجباره على شيء لا يريده ، فهو حتى اللحظة لم يبتلع قصة الإعتذار المكره
حتى يحصل الآن على مساعد إجباري


و على مرمى حجر  منهما
أعربت سو دام للمرة الخامسة منذ الصباح :
- إنهم النخبة.

إعتاد هيون بين أن يسمع من سو دام ثرثرتها و مديح نفسها
فأيدها داعماً :
- أنا متأكد طالما هم من إختيارك.

- سول ستكون مساعدتي و ضمن فريقي كمحامية قضايا الإدعاء (الهجوم).
بينما تشانيول و إيفا كمحاميي دفاع ، و على كيون أن يختار أحدهما مساعداً له.

أمال هيون بين رأسه بإيجاب،  فهو لم يعتبر أن إتخاذ سو دام مثل هذه القرارات دون الرجوع اليه اهانةً له
فهو يثق بتركيبة رأسها المتكاملة
رسم الجميع إبتسامة رضى على افواههم

عدا إيفا التي مازال ذهنها عالقاً عند تلك الجملة
صبيان و فتاة ، هل هو قصدها بالصبي؟!
بالطبع لا ، و لكن لا يوجد غيرها
فالفتاة الصهباء الواقفة يسارها بفستان أنيق ، أرضيته البيضاء يتناثر عليها زهر بتدرجات الأزرق
من المستحيل أن يقصدها ذاك المحامي بأنها صبي

و حتى الشاب الطويل يبدو أكثر من متأنق بسترته البنية و شعره المملس بترتيب للخلف
يبدو أكثر أنوثةً منها و رقي ،
فهي ببنطالها  المنتفخ و قميصها الباهت  تحت سترتها الزرقاء المهترئة ذات القلنسوة الفوق رأسها

هو حتما قصدها هي بالصبي ، إنها ضمن اسواء الإهانات التي وجهت لها طوال حياتها
رفعت إيفا يدها تزيح قلنسوتها بغضب زائد عندما تأكدت لها تلك الحقيقة

لينكشف شعرها المنتكش رغم أنها قد لفته على شكل كعكة مرتخية مهملة
و قد فاتت هذه اللقطة هيون بين الذي إستدار مبتعداً ، ليرحب بأحد زبائنه

استغرق تجوالهم في اروقة الشركة مع سو دام
أكثر من نصف ساعة ، لكن إيفا حفظت كل شيء فيها تقريباً
مكاتب الشركاء متركزة في الأجنحة ، الطابق الخامس للحراسة ، السادس للبحوث
كل عمل يتم توثيقه حتى و إن كان ايجاد قطة

و الاخير مكتبهم الصغيرمختلف تصمميه ، فهو على عكس باقي المكاتب و الغرف ذات الحوائط النصف زجاجية ، كان مكتبهم بحوائط اسمنتية و باب من خشب المهوقني
و يحتوي ثلاثة طاولات مكاتب ، إثنان متجاوران و الاخير مقابل لهم في الجهة الأخرى
تركتهم سو دام بعد أن اخبرتهم ألا شيء لليوم

إتخذ تشانيول المكتب الأبعد المقاصد لمكتبين مخرجاً إحدى الكتب  من حقيبته يطالعه
بينما جلست إيفا بالمكتب المجاور لمكتب سول
هذه الأخيرة التي أخرجت من فورها قطعة قماش
بدأت بالمسح لجد على كرسيها و الطاولة
وخلال وقت قصير، بات سطح مكتبها نموذجاً عن الهلوسة في الترتيب و الدقة
أقلام الرصاص المبرية ببراعة مصفوفة بشكل متكامل بجانب أقلام الحبر بكافة الوانها و الأوراق و الملفات الفارغة مرتبة بتناسق
 مروراً بقلم توقيع فضي و اخيرا دباسة و مثقاب للورق

وجدت إيفا نفسها الوحيدة الطبيعية بين هذا الصامت المنعزل و مهوسة النظافة و الترتيب هذه
أسندت رأسها علي كفيّ يديها ليقفز طيف سوهو إليها
هو في الحقيقة لا يغادر تفكيرها
حتى صباحاً قبل أن تستيقظ على حقيقة أنها موجودة
في منتصف اليوم، و عند الليل يجيئها طارقاً على شكل حلم خجول
تفاصيله رفيقاً تحبه ، و حبيباً ترافقه

إيفا كانت إستبدلت رقم هاتفها المحمول ، مسكنها ، مشفى أمها
حتى بريدها الإلكتروني قامت بإلغاه
قطعّت كل السبل التي يمكن أن توصله لها
لكنها نسيت أن تقطع سبيله الى قلبها
أو بالأصح هي لم تستطيع

مضى اليوم ثقيلاً على قلبها ، رغم تبادلها الحديث مع سول اتضح انها فتاة لطيفة و خجولة
و جذابة شاءت أم أبت، من اللواتي قد يُذهلنّ أي شخص
وعلى رأسها هالة من الضوء، لكنها تبدو جاهلة بما يمكن أن تفعله بسحر جمالها

إنتهى موعد الدوام
إستقامت إيفا محتضنةً حقيبة ظهرها ، قاصدةً باب المكتب الخشبي
وما إن وضعت يدها على مقبضه حتى استدار من تلقاء نفسه
ليُفتح و يطل ذلك المحامي الذي بغضته منذ أول دقائق جمعهما

أهداها نصف إبتسامة عادية ، إلا أنها قد بدت لإيفا صفراوية مزيفة و مزعجة
تحدث كيو هيون دون مقدمات :
- أعلم أنه وقت الإنصراف لكن لا يمكنكما المغادرة ( اشار بيده نحو إيفا و تشانيول)
و انت يمكنك الذهاب. ( قصد سول)

التي احنت رأسها في تهذيب:
- حسنا. سأذهب الآن أراكم غداً.

جلس كيو هيون على طرف طاولة إيفا ، ثم رمى نحوها نسخةً عن مستند و نسخة آخرى لتشانيول
- تعلمان أن أحدكما سيصبح مساعدي.(صرّح)

اجاب تشانيول بحماس :
- نعم.

بينما جلست إيفا على كرسي سول قاصدةً صنع مسافة آمنة بينها و بين كيو هيون

بادر الاخير:
- حسنا هذه قضية مهمة للصالح العام ( اشار بأصابعه أن يفتحا المستند )
إنها قضية إدعاء ضد شركة دودج للسيارات،
ببساطة من يحضر مرافعةً تخولني لكسب هذه القضية يصبح مساعدي.

تحرك تشانيول في كرسيه بحماسة :
- حسنا . سأبذل قصاريّ جهدي.

كان لكيو هيون أن يفطن لنظارات إيفا المنزعجة منه
لولا زحام فكره بمكالمة عرّابه الاخيرة
التي طالبه فيها بإرسال مساعده يوو جي.تاي اليه ، لسبب لم يفصح عنه
ثم إستقام موضحاً قبل أن يخرج :
- ستلتقيان الموكلة  الآن في صالة الإجتماعات.

ثم قصد وجهته التي كان من المفترض أن يذهب إليها قبل خمسة عشر دقيقة

ما حدث قبل ربع ساعة

كان كيو هيون يوشك أن يخطو داخل المصعد قاصداً رؤية يوو جي.تاي
حول أمر إستدعاء عرابّه له
عندما جاءه صوت هايكيو من الخلف :
- هيون بين يود رؤيتك في مكتبه ( قالت جملتها متابعة سيرها دون رغبةٍ منها في سماع تعليق منه )

زفر كيو هيون متخذاً نفس مسارها ،كأن هذا اليوم لم يكن طويلاً كفاية
المشهد الملل عينه يتكرر كل يوم عمل تقريباً
سو دام تتذمر ممطرةً أسئلة و مقارنات عقيمة بينها و بين كيو هيون
بينما هيون بين يستمع بصبر

الأخير الذي كان شاكراً لوصول كيو هيون هذه المرة أكثر من غيرها ، اذ بدا الألم بالتفشي في دماغه

سو دام : هو لم يُعرّف عن نفسه بشكل رسمي أمامهم حتى.

كيو هيون : ما القصة هذه المرة أنا في عجلةٍ من أمري.

أطلقت سو دام صوت استنكار :
- أحدهما سيبيت مساعدك ، على الأقل أخبرنا كيف تريد إختبارهما ،محاكاة محاكمة؟ مناظرة اسئلة؟

كيو هيون بعدم إكتراث :
- أي شيء لا يهم ، أنتِ من بدأتِ الإختيار ، و انتِ من يجب أن تنهيه.

أيده هيون بين :
- إنه محق . أنت على دراية بهم.

سو دام تعض شفتيها بشدة :
- هو لا يهتم ألا ترى ذلك هيون بين-آه ،حتى أنه يظن بأنهم صبيان وفتاة وهم على العكس ، على الأقل فليحضّر القضية أو نوع الاسئلة او ...

رفع كيو هيون يده في وجهها أنّ تصمت،
ثم أخذ ملفاً ما بعشوائية من بين عدة ملفات كانت على مكتب هيون بين :
- هذه سأخذها.

اعترضت سو دام :
- لا. ( مدت يدها لتأخذ الملف الذي رفعه كيو هيون عاليا في الهواء عنها ) هذه قضيتي ، ثم إنها قضية إدعاء إرجعها يا كيون.

إبتسم كيو هيون في سخرية :
- لن أفعل سأخذها و كفى.

إستنجدت نظراتها بهيون بين الذي لم يحّر حرفاً
فعاودت الصراخ قافزةً في الهواء علّها تلحق المستند :
- إنها قضية للصالح العام* ، ثم إنها قضية إعتداء ( رفعت صوتها كأنه أصم )
إعتداء جنسي.

بيد أن كيو هيون الواقف على اطراف اصابعه ليوصل طوله للحد الاقصى
لم يتردد في قصد الباب ، فوصلته جملتها مليئة بالحقد :
- لتحل عليك اللعنة يا كيون.

حولت غضبها نحو هيون بين الذي يماثل الجماد :
- فلتعلم أنه ما اذا حلت على رأسنا مصيبة في يوم ما ستكون من تحت رأس هذا الجحش الاخرق.
( ضربت الطاولة بيدها ) و أنت ستكون السبب يا هيون بين.


كليهما إيفا و تشانيول يحدقان بذات الإتجاه و ذات ملامح الوجه
الذي لم يكن يخص سوى  موكلة قضية الإعتداء الجنسي السيدة جيسيكا

إستهل تشانيول  :
- أخبرينا بقصتك سيدتي.

عدلت جيسكا من جلستها و تنحنحت:
- أنا في الأصل كاتبة، و بدأت القصة قبل سنة و سبعة شهور أنفة ( أغمضت عينيها مستحضرةً ذلك اليوم )
كنت مخطوبة حديثاً من رجل يدعى هيتشول
كان شاعراً و درس الهندسة الميكانيكية، أعجبتُ به منذ أول مرة شهدته فيها في أحد تجمعات إلقاء الشعر

بشكله المتمرد الرافض لواقعه، كنتُ أستلذ بفوضويته و بنطال جنزه الي لم يتوقف عن إرتدائه حتى بدأ يتهتك
كنتُ ألح عليه أن يستمر في تمرده و عصيانه ضد التقاليد،
 لكن بعد ان تقدم لخطبتي إتخذ وضعنا منعطفاً جاداً، 
و أصبحتُ ممتعضة من تمرده و أدركتُ أن وراء كل متمرد بائس إمرأة غبية

كان لا يهتم بمظهره و بحثه عن عمل بشكله المقزز ذاك ، 
لم يصدق أحد أنه مهندس ، و لربما تعامل معه الجميع على أنه متسول.
(توقفت جيسيكا عن الحديث تمسح دمعة متمردة و تقاوم إرتجاف صوتها)


أطبقت إيفا يدها على كفي جيسيكا فوق المنضدة :
- لا بأس خذي وقتكِ سيدتي.

أومأت جيسيكا و كان الألم شديداً يحز قلبها و يعتصره:
- لهذا قررتُ أن أبحث معه عن و ظيفة تناسب مستقبلنا، 
فطلبتُ من إحدى صديقاتي أن تساعدني في إيجاد وظيفة له، 
فهي لديها علاقات واسعة،
و فعلاً لم تخيب ظني فبعد أيام من إخبارها ذهبت معها لمقابلة رئيس ، 
و مؤوسس شركة دودج للسيارات

كان رجلاً ينهاز الستين بمظهر وقور، طلب لقائي لمرة أخرى على إنفراد،
 و لبيت طلبه ظناً مني أنه رجل أعمال محترم،
ولم أخبر هيتشول لأنني أردتُ أن أفاجئه.

(إختنقت بعبراتها لكنها إبتلعتها و واصلت)
إنتظرتُ السيد دودوج عند إستقبال مكتبه حتى فرغ ، 
و كان الوقت عندها متأخراً قليلاً يقارب الثامنة و النصف مساءً،
تحدثنا قليلاً و قام بطلب الطعام و التحلية و الشراب و أشياء كهذه،
ثم إختفى مجدداً لمدة تقارب النصف ساعة، إستغلتتها في التسجيل ما نزل عليّ من إلهام لحظتها ، إذ اني كنتُ وقتذاك أقوم بكتابة رواية لي

و بمجرد أن السيد دودج من  غيابه ، أزاح قناعه و ظهر لي كشخص حقير لم يراع حتى لبياض شعره،

(بذلت جيسيكا مجهوداً جباراً لمواصلة الكلام)
صارحني أن أنام معه وهو سيعتني بوظيفة هيتشول جيداً،
بالطبع رفضت ، ولما هممت بالذهاب قام بالتهجم عليّ محاولاً إغتصابي
لا أعلم من أين جاءتني القوة لدفعه و الهروب. (سكتت)

خرج تشانيول من صمته دون أن يبدي أي تأثر واضح لما سمعه:
- اذا ما الذي حدث بعدها؟

قوست جيسيكا شفتيها للأسفل لترتسم مزيد من التجعدات على ذقتها الحاد :
- ذهبتُ الى مخفر الشرطة ، قالوا بأن تحقيقاتهم لم تجد  شيئاً يدعم ما ادعي،
و عندما علم هيتشول ما حدث، 
قام بالتهجم على السيد دودوج عندما كان خارجاً من شركته و أربحه ضرباً،

 و حُكم على هيتشول بالسجن لمدة سنة،
و .. و .. (أرادت جيسيكا أن تواصل لكنها صمتت في تلك اللحظة و إنفجرت باكية)

و لم تجد إيفا نفسها الا وهي تربت على ظهرها :
- لا بأس يمكننا المواصلة فيما بعد.
حررت جيسيكا نفساً حاراً نافية برأسها في عصبية:
- و بعد شهرين من سجن هيتشول و ردني إتصال أنه مات بسبب إصابته بجرثومة السالمونيلا
(بكتريا من نوع العصوية سالبة الصبغة تسبب تسمم الطعام)
من الأطعمة في السجن و رفضه للعلاج حتى تدهورت حالته و لم يتمكنوا من إسعافه،
أنا لا أريد تعويضاً لنفسي أو أن يكف الناس عن قول أنني اغويت الرجل العجوز فقط من أجل المال، 
كل ما أريده هو تنظيف إسم هيتشول و إسكات الأفواه التي تقول بأنه قد إنتحر بسبب العار،
أريد فقط أن يعترف ذاك الوغد دودوج بفعلته و أن يعتذر عند قبر هيتشول ،
 أيمكنكما فعل ذلك؟!

أعربت إيفا دون تردد و هي تمسح الدمع الذي سال عن مقلتيها :
- بالطبع يمكننا.
غادرتهم جيسيكا بآمال كبيرة حطت ثقلها على كتفيهما


~.~.~.~.~


أشرقت شمس صباح اليوم التالي دون أن تشرق على شقة إيفا
يحجبها عنها هذا المبنى الضخم ، كتذكير بسيط بالأشياء التي نملكها دون أن نلحظ
محجوبة بالاعتياد و العادة و الغرور
إرتدت تنورتها الجديدة بعد أن نظفتها من بقعة القهوة
مع قميص منقط و شعر متطاير عكصته للأعلى

وصلت مبكرةً بربع ساعة عن موعد الدوام  لتجد سول قد سبقتها مع إبتسامة تشف عن سعادتها الجبلية غير المكتسبة
جلست إيفا تقلب ملف القضية الذي ظل يشغل بالها طوال الليل
حتى أنها لم تفكّر لدخول تشانيول ،

و عقبه كيو هيون الذي قال دون أن يلقي التحية :
- أعطوني ما توصلتما إليه من الأمس لليوم .

بادرت إيفا من فورها :
- السيدة جيسيكا إمرأة مظلومة و مغلوبٌ أمرها و قد تمزقت حياتها كلياً و ...

قاطعها كيو هيون  بجفاء و حدة :
- قصدتُ القضية ،  لا تخبروني عن الزبونة (رفع من حدته) لا أكترث للزبائن و لا أتعلق عاطفياً بهم.

طرفت إيفا عينيها غير متقبلةً قسوة تصريحه الزاهدة
ليستقل تشانيول صمتها :
- قمتُ بقرأة جميع التحقيقات التي أخذتها من المخفر، لكنها لم توصلني لشيء،
و لا أعتقد أن يقوم أيّ موظف بشركة دودج ليشهد ضد رئيسه.

كيو هيون : اذا !!

تشانيول بزهو :
- طالما فعلها السيد دودج مرة ، اذا فعلها قبلاً
لذلك سأبدا البحث في حياته الخاصة و علاقاته السابقة.

- ممتاز ( دس كيو هيون يديه داخل جيبه محولاً نظره الي إيفا )
كأنه يطالبها مشاركةً او تعليقاً ، لكنها إكتفت بالصمت

فهي في الحقيقة لا تملك ما تشارك به حول القضية
فقد حصرت جُل تركيزها و اهتمامها على جيسيكا في شخصها

أعرب تشانيول بعد أن تشفى انتصاره :
- و يمكننا أيضاً الإستفادة من الصحافة و تحويل القضية لقضية رأي عام.

و فعلاً حدث كل شيء على نحو سريع ، حيث تمكن كيو هيون في خلال ثلاثة ايام من ايجاد إمرأتين
لهما نفس الادعاء ضد دودج  ، بعد أن أمر مساعده آدم بتسريب المعلومات للصحافة
و صار الخبر ذا صيت عند المجتمع
كان يحلق فوق رأس تشانيول أمل واثق بأنه سيغدو مساعد كيو هيون لا محال بعد جلسة المحاكمة

الا أن أماله أُجهضت، اذ لم تسر المرافعة على خير
لإنسحاب الشاهدتين بعد ان تم رشوتهما من قبل محامي دودج

ساورت  كيو هيون الشكوك أنه لربما يخسر هذه القضية ، و تمسي أول قضية يخسرها مذ ولوجه  سيدلي أوستن

طرق القاضي مطرقته قُبيل إصداره الحكم
وفي تلك اللحظة بالذات إقتحمت إيفا القاعة على مضض من الحارس

وهي تلهث موجهة حديثها لكيو هيون:
- دليل .. بحوزتي دليل يخص القضية.

تابعها الجميع بأعين تقطر فضولاً كما حال كيو هيون.

اعطت إيفا الأخير مسجلة صغيرة على بشكل مستطيلي نحيف رمادية اللون :
- فلتستمع لهذا التسجيل.

كما زعمت إيفا قبل ثوانٍ أنها تحمل دليلاً
كان بالفعل دليلاّ قاطعاً قلب الطاولة رأساً على عقب
اذ كانت المسجلة تحتوي في بدايتها على صوت جيسيكا وهي تقوم بتسجيل أحد المشاهد لروايتها التي كانت بصدد كتابتها ، 
ثم يصدح صوتاً جلياً واضحاً في محاولة للسيد دودج  لإغتصاب جيسيكا

هتف محامي السيد دودج ضاغطا صدغه بقوة :
- إعتراض، هذا الدليل لم يتم تسجيله ، أو الكشف عنه قبل الآن ، و لربما هو تسجيل مزيف،
ثم من هي هذه؟ ( اشار نحو إيفا)

الأخيرة التي وقفت بجانب كيو هيون تهمس مطولاً على أذنه ، 

تصدع صوت الأخير راسماً إبتسامة من نجى من مأزق حقيقي:
- سيادة القاضي هذه المحامية كوماتسو (مدّ بطاقتها للقاضي) من شركة سدلي أوستن
و هذه مسجلة المدعية السيدة جيسيكا ،
 كانت في مكتب امانات شركة دودج نفسها حتى نصف ساعة أنفة،
كما أنه دليل يمكن تبرئة إسم موكلتي ، و لا تحتاج مثل هذه الأدلة الدامغة لتسجيلها او الإفصاح عنها مسبقاً للطرف المدعى عليه
و يمكن التأكد بسهولة أن هذا التسجيل غير مزيف بتحليل صوت السيد دودج.

~.~.~.~


عند تمام الساعة السابعة مساءً ، بعد إنتظار دام لساعتين ونصف
أطرق القاضي بمطرقته مُطلقاً حكماً بإدانة السيد دودج استناداً على القانون الجنائي،
وحبسه لمدة لا تقل عن الثلاث سنوات مع الأعمال الخيرية التطوعية،

و بتعويض يصل الى ربع مليون دولاراً للسيدة جيسيكا مع كامل حقوقها

حبست إيفا عاصفة الفرح داخلها حتى وقفت امام جيسيكا التي احتضنتها بعيون دامعة،
ربتت على ظهرها تشاركها ذات الفرحة و كلمات مواسة
بينما تشانيول يراقبها من بعيد غير مصدق لمّا حدث حقاً
و كيو هيون الذي ذهب منذ دقائق ، بعد ان  صافح جيسيكا مباركاً لها .

~.~.~.~


وصلت إيفا مشفى مايو كلينك التخصصي،
و حالما وصلت غرفة أمها دلفت مصدرة هتافاً بعد ان تأكدت ان والدتها مستيقظة، قبلت جبين والدتها بقوة ثم خديها

 خلعت حذائها بسرعة مبالغة فيها لتتكور بجانب جسد أمها الهزيل فوق السرير
- أومّااه.

( رفعت رأسها نحو والدتها التي رمقتها بنظرة ناعسة نسبة لجرعة المسكن التي لا تخلو جسدها بسبب ألم كبدها القوي )

أمها بوهن :
- يبدو أنك سعيدة لليوم على عكس ألبارحة.

- صحيح . لقد كسبنا القضية لصالح السيدة جيسيكا.

ربتت والدتها على شعرها :
-  أرأيتِ كنتُ أعرف ( قبلت رأس صغيرتها) لقد سببت لنفسك القلق دون داعٍ في الأمس.

- اوتعلمينّ كيف أمي ( تابعت بحماس متصاعد) لأنني إهتممت ، إهتممتُ بالسيدة جيسيكا على عكس ما اخبرنا ذلك المحامي البغيض الا نفعل

( دست وجهها بصدر أمها مواصلةً ) أضاعت السيدة جيسيكا هاتفتها في شركة دودج،
و كان يحتوي البومات صورها الوحيدة التي تجمها مع خطيبها الراحل،

أرادتها بشدة و انا كنتُ حريصة جدا أن تسترجعه،
جاهدتُ مكتب الأمن و الأمانات حتى حصلتُ عليه،

ولم يكن الهاتف هو فقط ما حصلت عليه ، كان معه مسجلة في ذات الجُراب ، ثم قمت بفتح المسجلة لأتأكد من أن ملكيتها ترجع للسيدة جيسيكا ،
 فوجدتُ تسجيل بصوتها تصرخ و تناشد السيد دودوج أن يتوقف عن إنتهاكه لحرمتها
( حررت نفساً طويلاً )

إنه القدر عندما يتخذ جانبك بدهشة ، أنا الى الآن لا أعلم كيف حدث كل هذا حقاً ، لم أتوقع أبداً أن أكون سبباً في حلي للقضية
(رفعت نظرها نحو والدتها فوجدتها قد نامت  بسبب المسكنات)
فعاودة إيفا دس رأسها مستنشقةً عبق حنانها بسعادة
رغم ان أمها لم تستمع لكامل قصتها إلا أنها كانت أسعد من أن يزعجها هذا
فقد كانت تشعر برضى شديد، و قد إضطرمت في داخلها حماسة محببة الى نفسها

كانت قبل اليوم تعتقد أن هبة إنقاذ الحيوآت محصورةٌ على الأطباء فقط
لكنها تبينت العكس ،
اذ هي بالمعنى الحرفي نجحت في انقاذ حياة جيسكيا المحطمة

يكفيك نجاح واحد، نجاح واحد صغير
و ستجد نفسك تحاول تعميم الأمر على حياتك بأسرها
ستقلع عن التدخين و ستحاول فقدان و زنك الزائد
و ربما تغسل أسنانك بإنتظام إن لم تكن تفعل ذلك.

~.~.~.~


كانت جيسيكا تقف أمام قبر هيتشول مغمضة العينين و طيفه يحتضنها من الخلف بإحساس يشابه الواقع ، 

و بدا همسه حقيقياً و مسموعاً كفاية بالنسبة لجيسيكا:
- كان من الممكن أن تسوء الأحوال ، و نولد في عصرين مختلفين حبيبتي،
تخيلي صعوبة أن تفصل بيننا مئات الأعوام!!
حركت جيسيكا شفتيها و أخرجت صوتاً ناعماً كفاية حتى يسمعه هيتشول من خلفها:
- لا مشكلة، كيف ستفتقد شيئاً تجهله؟
ضحك بخفة:
- بل كيف سأجهل شيئاً أفتقده على الدوام؟
إستنكرته جيسيكا :
- على الدوام؟! إنها بضعة أعوام ليس إلا.
إحتضن جسدها عليه بقوة أكبر :
- بل حبي لكِ إبتدأ قبلك بكثير، باليوم الذي تمنيتُ فيه إمرأة مثلك، و سأحتسب أيضاً كل الأعوام التي سيتطلبها نسيانك.
تململت في حضنه تبحث عن دفئ أكثر:
- لكن ما زلتُ أكبرك بعامين.
داعب أنفه أذنها من الخلف و زفر نفسه بعمق هناك مثلما تحب أن يفعل لها دائما:
- أعتذر عن التأخير، الطريق الى الحياة كان مزدحماً 
(طبع قبلة على رقبتها) ثم إنها سنتين ليس إلا،  كما يحلو لكِ القول.
تدحرجت دمعة عميقة ساخنة من عينها:
- إذا إستمريت تحبني هاكذا، سأصغرك يوماً ما.


يتتببع . . . . .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق