الجمعة، 7 يوليو 2017

حافة الحياة : The Fate (الفصل الخامس)


 . > حافة الحياة < .
                                                      .. الفصل الخامس ..



                                                     BY : KIM NANA








بعد أن بردت الذكرى، و تجمد الحنين وازمهر فيها الشوق.. إلتقيا ..
_________________________________________



نظرت إيفا اليها دون أن تبدي أي حركة
غير شفتيها اللتان حركتهما بحروف لم تصل مسامع سو دام :
- ليس أنتِ، ليس الآن.

ومع تزامن إنتهاء جملتها وقفت الحافلة عند المحطة ، لتستقيم إيفا من فورها وتصعد إليها

مخلفةً سو دام ورائها غارقة في حيرة، الأخيرة التي زادت من تقطيب جبينها

هي متأكدة من أن إيفا بدت غريبة على نوح بائس و مكسور، و في العادة لم يكن لسودام أن تسمح بمرور هكذا أمر دون إحداث بلبلة

إلا أنها كانت قد تأخرت على موعدها ، للإلتقاء بموكلها بقضية النفط السيد دال بو



في تمام الساعة الواحدة ظهراً إلا ربع ، خطت سو دام بثوبها الأسود الرقيق و البالغ الأناقة من ماركة غوتشي الذي تظهر أطرافه من تحت سترتها الفاخرة ذات أطراف الفرو الأبيض

المرتاح على جلدها الأبيض زهري اللون بلا عيوب، و أنفها الرقيق وملامحها البريئة، و نظراتها التي تخفي ورائها الكثير من الحزم المستتر

في فندق السلام روتانا  حيث إستقبلها موكلها دال بو بمصافحة حارة

كانت تعلم تماماً أين تقع غرفة الإجتماع الصغيرة ، إلا أن دال بو إستمر يشير إليها في تهذيب أي طريق تسلك مردفاً عبارة:
- تفضلي من هنا آنسة بارك.

كانت الغرفة بإضاءة مريحة للعينين، فارغة إلا من طاولة صغيرة و كراسيها

وقد سبقها المُدعى عليه السيد إينوي ، كان السيد إينوي في عقده الخامس من العمر
قصيراً بديناً و بلا رقبة تقريباً الى الحد الذي يشبه معه دُمى الماتريوشكا الروسية (دمى كثيرة متناقصة الأحجام داخل بعضها،حيث تحمل كل دمية،دمية أصغر داخلها)

كان في شكله يعاكس دال بو رغم تقارب أعمارهما فكان الأخير طويلاً بشكل ملفت و ملامحه حادة، وعيناه سوداء ضيقة

جلس ثلاثتهم و إحتسوا العديد من فناجين الشاي العشبية ،كانت ضحكات الرجلين تجلجل في الغرفة، و الأجواء بينهما مشحونة بالمجاملات الزائفة

رغم أن العلاقة بينهما ترجع لسنين عديدة، اذ كانا صديقيّ العمر كما يزعمان
فدال بو الرجل المنحدر من عائلة ثرية ، دخل مع إينوي في شراكة لإحدى حقول النفط البرازلية

دال بو برأس المال و إينوي بعمله و جهده العضلي و الذهني، و كان الأخير كما يقال عنه رجلاً أخضر الذراع،
لا يمس شيئاً إلا تحول بين يديه الى مال ، و في أقل من سبع سنوات
كونّ ثروة ضخمة في البرازيل، كان يقتسمها بالنصف مع دال بو
 و الذي بشكل فجائي و لأسباب شخصية رفض الإفصاح عنها

قرر أن يفض الشراكة بينه وبين إينوي و إمتلاك الحقل بمفرده،
و إينوي الذي وثق بصديقه ثقة عمياء ، عند بدء الشراكة دون أن يكون بينهما أي وثائق رسمية
لذلك هو الآن يجاهد ضد دال بو لعدم فض الشراكة
أو أن يبيعه ملكية الحقل

نظرت سو دام ساعة معصمها ، إنها الواحدة وسبع دقائق

إبتسمت جانبياً بسخرة وهي تلك المرأة التي تقدس الوقت
وهوالرجل الذي قد تأخر على أول ميعاد عمل بينهما

إرتفعت وجنتيها أكثر :
- هل السيد كيم لا يحترم مواعيده في العادة؟ (قصدت بسؤالها إينوي)

الذي أجاب بصوت يترنح حرجاً :
- لقد حضر السيد كيم من الصين قبل إسبوعين فقط ، لابد أنه قد تأخر لعدم تأقلمه ، خصوصا في هذا الشتاء القارص.

أيده دال بو :
- نعم. لقد سمعتُ في النشرة الجوية أن موجة برد قوية ستضرب طوال الإسبوع.

تفادت سو دام الإنخراط في حوارهما الذي إمتدد حول الطقس ، و شرعت تستحضر في ذهنها شكل إيفا و ما دبه فيها من شعور غريب وقتها.

 ثم هّم إينوي على قدميه القصيريتن واقفاً:
- آوه محامي كيم العزيز (هتف) جئت أخيراً.

عدلت سو دام من جلستها و إلتفتت بجزعها العلوي الى جهة اليمين، حيث يقف كيم

تسلقت بعينيها من حذائه ذا الجلد الترابي المتلامع، و بدلته ذات اللونين الأبيض و الأزرق الحيوي في تضاد

جسده الممشوق النحيل، شعره الفحمي و المسرح للجانبين مع لمعة بنية خفيفة

شهقت سو دام وهي تتأمل هذا الوجه بإبتسامتها التي تصدعت متكسرة بتزامن مع إبتسامته

ملامحها المطابقة في ذهولها، كأنهما باتا نسخة باهتة و حائرة من نفسيهما
كان كليهما يتجنب أن يغمض عينيه خشية أن تتبدد تلك الرؤية

سو دام التي طالما كانت تغمض عينيها حتى تراه، وهو الان أمام عينيها و لا تسطيع أن تراه

حركت شفتيها غير قادرة على إيجاد صوتها :
- تايهيونغ~آه.

شعرت بالوهن فهذا الجسد لم يعد في إمكانه تحمل ثقل روحها أكثر،
مال جانبها دون وعي منها، كأن جزءً منها على وشك أن ينهار و جزءً آخر يقاوم

ثم أخذ كل شيء يظلم بشكل تدريجي كأنه شاشة تلفاز توشك على الإنطفاء
حتى غتم المكان كلياً و أبحرت في ظلام لا نهاية له


قبل أقل من ساعة ..

إرتفع رنين الهاتف الموضوع جوار فراشه ، إنتزعه من ثبات عميق
بدا الرنين المتقطع كسيل من الرصاص يخترق رأسه المتعب نافذاً عبّر خلايا جسده كله

إلتقط هاتفه خاملاً متكاسلاً لم يفارقه النوم بعد :
- نعم !!

تسلل الى إذنه صوت شريكه الصيني في العمل :
- نهارك سعيد تايهيونغ ، كيف حالك؟

أبعد كيم تايهيونغ هاتفه واضعاً إياه في مجال نظر عينه الواحدة متفقداً الوقت الذي أشار الى الثانية عشر و النصف ظهراً فغمغم :
- كان من الممكن أن أكون بخير لولا إزعاجك ( تدحرج على فراشه مستقراً على الجهة الثانية ) لم أنم سوى ساعة ونصف ساعة منذ الأمس ، إدارة هذا الفرع هنا أنهكتني (تذمر) ياا .. أنا متعب يا هان هيونغ .

عاود هان كيونغ متصنعاً اللطف :
- أعلم ذلك وآسف لإزعاجك.

صمت تايهيونغ متعجباً كيف وأن هان قد إعتذر منه تواً و تحدث بلطف ، تسأل في نفسه إن كان لا يزال نائماً؟!!

صرخ هان ليمحي تسأؤله :

- نائم؟! تنام يا تاي؟! (زاد من حدته مما اضطر تايهيونغ لإبعاد سماعة الهاتف عن إذنه ) لديك شهية للنوم؟ ، و كأنك قد نسيت موعدك من السيد إينوي ، لقد عانينا الأمريّن من أجل أن يوكلنا هذه القضية.

و كان لعمل هذه الجملة عمل السحر على تايهيونغ ، حيث تبخر كل ذلك التكاسل و الخمول عن جسده ، الذي إجتاحه نشاط عارم

قفز عن فراشه:
- دقائق فقط و أكون أمامك.

هان: لا. لا تأتي للشركة توجه من عندك الى فندق السلامــــــــ ....

بترت عبارته بعد أن أغلق تايهيونغ الخط.

كان من المستحيل على من يشاهده وهو يغادر غرفته في النُزل عند الواحدة إلا خمس دقائق أن يصدق حالة التكاسل التي كانت تتلبسه قبيل مكالمة هان

فقد كانت الحيوية تدب في أوصاله ، و كان يبدو في غاية الوسامة ببذلته العصرية بلونها الأزرق الحيوي الفاقع ، لم يرتدي قميصاً بل كنزة صوفية حلبية اللون ، و وجهه الحليق و شعره الليلي مصفف بعناية

نزل من المصعد الى مرآب السيارات مع إبتسامة تشق وجهه ، رغم البرد الذي إقترص وجنتيه و أنفه فحمرتا

ضغط بقوة على دواسة الوقود ليتجاوز باصاً سياحياً كان يسير ببطء شديد على الطريق السريع ، عليه أن يكون بمزاج جيّد فلقد أصبحت قضية النفط التي كان يحلم بها بين يديه

إن لا شيء يصنع منك ناجحاً أكثر من الألم و المعاناة (إقتباس::شمس التربزي) ،
الجميع بدأ من الصفر لكن تايهيونغ بدأ من حطام ما تحت الصفر
خرج من بين أنقاض ماضيه ، عاش و تعايش و تكيّف مع الألم و المعاناة ، ليصبح اليوم محامياً ناجحاً أقام حاضره بنفسه

عِصامياً بعيداً عن تسلط والدته و سطوها ، الأخيرة التي عارضت لعمل تايهيونغ و أرادت منه إدارة شركة العائلة من بعدها

رفض تايهيونغ لأسباب كثيرة و بات كنسر جريح لا يريد الهبوط ، فإن إنصاع و هبط ستلتهمه أسود الحوجة و سيضطر عندها الى العودة لأمه على ركبتيه مترجياً

نعم. لم يعد أمامه إلا أن يواصل الطيران حتى النهاية

و من جهة قلبه، واحدة فقط هي من ظلت تتقافز بإستمرار من صندوق ذاكرته كرؤى الأنبياء ، رغم الجرح الغائر و التصدع الذي أحدثته داخل قلبه

بيد أن شعوره بحقيقة كونه حياً ، كان ما قضاه بين أحضانها الدافئة
كل الأسماء التي عكرت مياه تاريخه لم تستطيع أن تشوش صفاء صورتها و عطرها النقي في داخله.

غير مسار سيارته دائراً الى فندق السلام روتانا ، بعد قرائته لرسالة هان كيونغ
أصبح سيّر الشارع بطيء قليلاً بسبب الثلوج ، لكنه إستطاع الوصول لوجهته خلال عشرة دقائق

وما إن خطئ في الممر الطويل للفندق حتى تسللت الى أنفه رائحة مميزة من الأمس البعيد القريب

رائحة أشبه بالعبق الذي يملأ الأرض عقب الرعد مباشرةً ، رسم على فمه إبتسامة مائلة مفكراً أن أنفه الحساسة بدت تهذي من قلة نومه

كيف لا وهو الذي صنع هذا العّطر بنفسه و أهداه لها في عيد ميلادها العشرين ، وهي من وقتذاك لم تضع غيره

نعم. لا يمكن أن تكون الرائحة حقيقة
فأنفه ذو الحساسية المتميزة و ذاكرته الخارقة لا يمكن أن تخونه

تايهيونغ منذ أن كان طفلاً و وعى للدنيا من حوله ، كانت أنفه تشتم بكل وضوح و تميّز، كل شيء جامد و متحرك، من أشياء ميتة أو مخلوقات حية
كأن يشتم أشياء متماثلة بكل وضوح، كأن ليس بينها أدنى متشابهات
كان بإستطاعته التعّرف على كل شيء بواسطة أنفه فقط ، بجانب التعّرف على الناس المحيطة به شمياً دون أن يراهم

والديه ، الجيّران ، بائعا الجرائد و الحليب ، الأساتذة و كل طالب في فصله على حّدى
اجتمعت الآلاف من الروائح في ذاكرته دون أن ينسى أو يتشوش بينهم

ومع النظرة الآولى التي ألقاها على السيد إينوي بل مع أول شهيق عبئه من محيطه

عرف أنه صادق وكل كلمة تفوه بها حول القضية عدا القليل ، هي حقيقة
وعلى النحو غير المنطقي لهان كيونغ الذي ضحك ملئ شدقيه غير مصدق عندما صارحه تايهيونغ مرة

أن بإمكانه إشتمام رائحة الكذب ، وعلى مرّ السنة التي عملا فيها سوياً في الصين
قبيل قدومهما الى كوريا الجنوبية لفتح فرع لشركة
إنترنيشونال لو كامبني .I.L.C

كان تايهيونغ يرفض قضية عن كل من تنبثق منه رائحة الكذب الفاضحة
وعلى الناحية الآخرى وجد هان كيونغ نفسه يصدقه ، بعد أن شهد معه العديد من المواقف التي لا حصر لها

دفع تايهيونغ باب غرفة الإجتماعات الصغيرة ، التي ضمت عدداّ لا بأس به بإلتقاءه بالسيد إينوي طوال الإسبوع المنصرم

هتف الأخير :
- آوه محامي كيم العزيز ، جئت أخيراً.

وعلى نحو سريع تشوش إدراك تايهيونغ بسبب تلك الرائحة التي اصبحت قوية و واضحة الآن بشكل لا يمكن له إنكاره

يده تصافح السيد إينوي و عينيه مثبتة على الرأس الأنثوي الصغير للمرأة الجالسة
شعرها البندقي المقصوص الذي بالكاد تلامس أطرافه نهاية عنقها
تحركت خصلاته مع إلتفاتتها إليه

بسرعة إنكمش الوقت و تبخر الزمن إثنتي عشر عاماً إنقضت برمشة عين
أصبح تايهيونغ في السادسة عشر مجدداً

كان تضاريس وجهها هي القديمة نفسها ، ذات الأعين ذات النظرة ، و ذات الشعور
إرتفع أزيز في رأسه و للحظة وجيزة إستثنائية ظن فعلاً أنه إنسل راجعاً بالزمن للوراء

شفتّيها التي إستطاع أن يقرأها و هي تهمس بإسمه:
- تايهيونغ-آه.

و عينيها اللتان مُلئتا بطبقة مائية مالحة دون أن ترمش ، لتصبحان ناعستين
أخدت تميل على جانبها الأيسر بعد أن ترنحت لمرة ، مالت شيئاً فشيئاً
الى أن سقطت مغشياً عليها

هو لم يتحرك قيّد أنملة من هول صدمته ، السيد إينوي الذي عَلا صوته بإسمها
بجانب السيد دال بو الذي رفعها من فوره و مددها على الأريكة ، و أخذ يضرب على وجهها تارة و يهزها تارة اخرى

تايهيونغ المتجذر الذي تصله جميع الأصوات من بعيد جداً ، ينظر لها من أعلى ، لملامحها المسلوب منها النضارة

ملامحها التي طالما استحضرتها مراراً و تكراراً ، و تخيل أنه يقضي ليالٍ كثيرة بين ذراعيها الرقيقتين

تدافع غفر من الموظفين الى الغرفة، غير صراخ السيد إينوي و مطالبته بإحتضار طبيب

طبيب الفندق الذي حضّر خلال دقيقة ، و طالب الجميع بالخروج
أعرب أينوي في قلق :
- منذ قليل كانت بخير تماماً.

الطبيب : لا تقلق سيدي سأقوم بفحصها الآن.

خرج تايهيونغ من الغرفة بدفعة غير ذات جهد من دال بو ، خطى بتثاقل

هو لم يكن يتوقع أن يلتقيها قط ، كاد أن يتهاوى على الأرض و شعر بقدميه رخوتين فأسند ثقله على الجدار بجانب الباب

مرّت الدقائق التي استطاع فيها أن يستعيد رابطة جأشه و توجه بسؤاله للسيد إينوي :
- هل سو دام هي (خرج صوته مبحوحاّ) محامية السيد دال بو في هذه القضية؟

أجابه السيد إينوي بجبين متعرق بالرغم من برودة الجو :
- نعم هي . آوه المسكينة لا أعلم ما الذي جرى لها لكن اتمنى أن تكون بخير.

إزدرد تايهيونغ ريقه بعبّرة مؤلمة صغيرة تربض في منتصف حلقه
ثم التفت إينوي ناحية الباب الذي خرج منه الطبيب وهو يريح سماعته حول رقبته
سألوه ليجيب مع إبتسامة متسامحة :
- إنها بخير ، و إستعادت وعيها أيضاً.

أطلق كل من بالخارج زفرات راحة ، و باشر السيد دال بو في القاء المزيد من الأسئلة ، بينما تايهيونغ إنسحب في هدوء يجرجر قدميه في وهن

مشى على غير هدى حتى سيارته ، جلس على كرسيّ القيادة ، مسنداً رأسه المثقلة على المقود
وبدأت الذكريات تأتيه تباعاً ليلوكها مجدداً كعملية الإجترار


قبل 12 سنة- سيئول- فصل الصيف

كان نهاراً صيفياً بسماء صافية الا من بعض السحب المتفرقة
، كان تايهيونغ يجلس تحت المظلة دافناً قدميه الصغيرتين برمل البحر

يناظر الشاطئ أمامه ، لم يتحرك منذ أن وصل و جلس ، رغم أنه قد حضر مع أصدقائه بالمدرسة

الا أنه ظل يتجاهل طلباتهم بالإنضمام إليه و الإستمتاع بالإختلاط مع الفتيات اللائي دعونهنّ معهم

هو في الحقيقة أتى بناءً على رغبة من والدته ، لذلك لم يكّن في مزاج يسمح له في مشاركاتهم سباقاتهم الغبية

و كان على وشك أن يترك الشاطئ الممل و العودة الى بيته ، عندما حملت له الريح شذرات لرائحة طيبة لذيذة

خامره إحساس غريب للمرة الأولى و إعتمل في قلبه الغض ، ذو السادسة عشر
إلتفت على قفير من الفتيات اللآتي كنّ على مقربة منه ، الرائحة تصدر من جهتهنّ ، لم يكن متأكداً من أيّ شيء تفوخ

لم يكن بإمكانه تجاهل الأمر ، فقد أدرك رغم صغره أنه وقع في شباك هذه الرائحة
وهي جذبته إليها دون أيتة مقاومة من جانبه

و تحت نظره أخذ قفير الفتيات
يركضنّ ناحية الشاطيء و مياهه المنعشة ، بملابس سباحة مختلفٌ ألوانها

إلا واحدة من ظلت و اقفة بيدها سلة طعام بلاستيكية متوسطة الحجم ، و كتفيها الضئلين مغطيتان بقطع ملابس صديقاتها

وثب تايهيونغ من فوره متشمشماً الرائحة ، مقترباً ناحيتها ، حتى وقف خلف الفتاة يفصله عنها مترٌ واحدٌ فقط

و الغريب أن الرائحة لم تشتد ، بل أصبحت أكثر نقاءً لا غير ، إنها فتاة في نفس عمره تقريباً

او لربما اصغر منه بعام واحد ، تراقصت دواخله بعشوائية معترفاً أنها أجمل ما رأى للآن

بالرغم من أنه لم يرى إلا ظهرها النحيل ، و شعرها الأسود الطويل الذي يلف جسدها و يتحرك بفعل الهواء ، كأنه وشاح مخملي متلامع و سميك

ما إشتمه تايهيونغ لم يكن رائحة عطر بل رائحة هذه الفتاة ، رائحة روحها كما زعم داخل نفسه

تلك كانت المرة الأولى و الأخيرة التي إستطاع فيها أن يشتم رائحة روح شخص ما
كانت رائحة روحها أشبه بحقل زهر اللوتس الذي زُرع على جانب البحر فإزدهر

خطى مقترباً أكثر مقلصاً المسافة بينهما لسنتيمترات ، و عبئ رئتيه من شذاها
أما هي أنتابها شعور غريب ، تيار بارد سرى على طول ظهرها

فإلتفت خلفها ، فعلقت عيناها المتسعتين بعينيه
وهو تجمد يطالع وجهها ، عينيها المحببتين الى قلبه و أنفها الصغير المرفوع المحمر

و فمها الذي توهم أنه إبتسم له دون أن تبتسم حقاً
ظل كليهما ينظر بوجه الآخر ، دون أن يرمشا لمرة

دقائق إمتدت يعجز تايهيونغ عن معرفة حجمها ، ولم يقطع ذلك الاتصال البصري بينهما
سوى ضربة مبتلة على ظهره من رفيقه بارك بو غوم

الذي هتف مرجعاً شعره المبتل عن جبهته :
- تاي أخيراً قررت النهوض من قبرك و مشاركتنا (حمّل السلة من يد سو دام) هاتِ عنك يا سو دام (استدار وصّرح بصوت مرتفع رافعاً يده لبقية الشباب) تعالوا لنأكل.

حدث تايهيونغ نفسه : اذا هي إحدى الفتيات اللائي دعينّ من قبل صديقه بو غوم
رسم فوق فمه إبتسامة خجلة متمتماً :
- مرحباً.

 ~.~.~.~.~

سو دام التى أفاقت برؤية ضبابية لم تملك الجرأة لتسأل عن تايهيونغ إن كان موجوداً ، أو أنه قد رحل

فهي منذ أن رأته وهي تحس بشيء قد ربّض على صدرها ، إجتاحتها رغبة أكيدة في البكاء

حوجة عنيفة لعناق هايكيو الوافي ، العبّرة تحتشد في حلقها
لكنها تقيدها و تصلبها على جدار لهاتها ثم تسحقها بقوة أسنانها

ورغم هذا رطب الدمع عينيها و بلل رموشها ، و أخذ الحزن يرتّل بداخلها
أمسكت بتميمة الماضي بين يديها ، تتذكر لقاءهما الأول عند الشاطئ ، نظرتها المتعلقة بوجهه المندهش وقتذاك

لحظة لقاءهما الأولى التي خلفت في دواخلها شعوراً لم تشهد مثله للحظة
رغم صغرها ستظل تلك اللحظة محايدة للأبد

وعلى الجانب الأخر كان يشاركها تايهيونغ بنفس الأفكار و المشاعر
فدهشة إحساسهما الأول نقية للغاية

ولم يخدش نقاءها كل ما حدث بينهما من دمار.

~.~.~.~.~.~

أنهى كيو هيون جلسة الإستماع ينبئ بنجاح القضية لصالح ريتا وشقيقها الصغير، ثم إتجه للشركة بإرهاق ذهني

دلف مكتب هيون بين حتى يزف له الخبر :
- مرحبا.

لم يكن من الغريب وجود سو دام و هايكيو برفقة هيون بين ، لكن الغريب كان الوجوم الذي يطرأ على المكان

الجو بينهم ثقيل و يصعب تنفسه بيسر
هيون بين الواقف أمام النافذة مديراً ظهره، يدس إحدى يديه داخل جيبه

بينما يضغط بالثانية على صدغه:
- سيتولى كيو هيون القضية.

بالرغم من أن ثلاثتهم لم يروا ملامح هيون بين إلا أنه كان من السهل التنبوء بضيقه المنجلي ببحة صوته

كيو هيون الآخر يضيق ما بين حاجبيه:
- أيّ قضية؟

أمسكت سو دام ثوبها بطرف أصابعها و شدته بعنف حتى تجعد:
- تعلم جيداً أن بإستطاعتي الفصل بين مشاعري الشخصية و العمل حتى و إن كنت في مواجهة تاي.

كيو هيون: من هو تاي؟

حول نظره الى سو دام التي ما زالت تنظر الى ظهر هيون بين بعينين كئبتين مريرتين
و الأخير الذي إستدار نحوها:
- تفصلين؟! ( رطبّ بلسانه على شفتيه) لقد أغمي عليك عندما رأيته اليوم.

فتح كيو هيون ثغره و طيّر حاجبيه في إندهاش :
-أغمي عليها؟!! ، و لكن من هو تاي ؟

من فورها رمت سو دام سهام عينيها على هايكيو في تأنيب و ضيق
و هيو بين الذي لم يفته تأنيبها الصامت، و بادر:
- لم تكن هايكيو من أخبرتني لقد حكي لي السيد دال بو بنفسه.

أطرقت بنظرها على الأرض ، فتدخلت هايكيو:
- ما حدث شيئٌ طبيعي يا هيون، ثم أنا واثقة كما انك واثق مثلي أنها ستمثل السيد دال بو في القضية جيدا سوى أمام تايهيونغ أو غيره ، عليكَ إعطاها فرصة، فلقد سعت على هذه القضية لشهور.

سأل كيو هيون للمرة الثالثة :
- لكن من هو تايهيونغ هذا بحق خالق السماء؟!

فتّح هيون بين فمه ليّرد ، إلا أن كيو هيون سبقه ووقف في المنتصف واضعاً كفه الأيسر على خاصرته

بينما تتدلى يمناه على مهل ، زفر وقد فاض به الكيل :
- وآآآآه (أطلق ضحكة مغتضبة ساخرة) هل الجميع يقوم بتجاهلي الآن عن قصد؟!

أجابه هيون بين بكآبة :
- كيم تايهيونغ ، ذهب الى جامعة سيئول الوطنية، و تخرج من كلية الحقوق مع مرتبة الشرّف (شبّك كلتا يديه خلف ظهره)

و لقد كان بطلاً مبتدئاً في الرماية ، سجله خالٍ من الرسوم البيانية وهو متخصص في هزيمة القضايا الدعاوية

(بدا هيون بين مثل صحفي يقوم برفع تقريرهإيتش.دبليو و فاميلي لويرز لقد الحق هزيمة نكراء بهذه الشركات

سافر قبل سنة الى الصين، وعمل بشركة إنترنيشونال لو كامبني و الآن عاد و فتح منها فرعاً هنا.

تجهم وجه كيو هيون:
- إنه بارع، كيف أنني لم أسمع به قبلاً؟!

ردّ هيون بين بعقل غائب:
- إنه لا يحب الإئتمان العام، يبتعد عن رادار الصحافة ويتجنبهم.

رفع كيو هيون أحد حاجبيه:
- وكيف لكَ أن تعرف هذا كله؟

تلاقت نظراتهما لوهلة ، ثم تحرك هيون بين نحو كرسيّ مكتبه و جلس
تنهّد وقد جرحه أظفر النسيان الذي إمتد طويلاً:
- لقد كنتُ السنباي (المعلم\المرشد) خاصته في الماضي، و لوقت طويل.

استقامت سو دام التي ما عاد في إمكانها سماع المزيد عن تايهيونغ ، كان وجهها شاحب مثل قطعة قماش بالية ، حنت  برأسها ثم خرجت.

بسط هيون بين ساعديه أمامه و توجه بالسؤال:
- كيف انتهت جلسه آل جرهام؟.

تقعد كيو هيون في الفراغ الذي خلفته سو دام بجانب هايكيو :
- انتهت بشكل أكثر من جيّد، توقع في الغد أن يأتونا رأكضين من أجل التسوية.

هيون بين : ممتاز . أحسنت.

رفعت هايكيو يدها اليمنى و ربتت على شعر كيو هيون بحنان :
- تبدو مرهقاً ، ألا تنال كفايتك من الراحة؟

إلتفت كيو هيون نحوها مربتاً على كرشه الصغيّر :
- آييغو . بل جائع، لم أتناول شيئاً منذ الصباح ( قوس حاجبيه ) و أنتِ كففتي إهتمامك عني منذ فترة.

بعثرت هايكيو شعره :
- لا بأس، سأدعوكَ لوجبة عشاء الليلة.

- تتشه (إرتفع تذمر هيون بين) أنظروا الى هذا المدلل المزعج.

تقلصت شفاه كيو هيون ضاحكاً :
- هل أنا مزعج؟ أم أن هنالك منزعج حقيقي هنا؟

استقام الأخير من فوره ليتدارك ضيق هيون بين الذي إتقد :
- لنؤجل الدعوة لليلة أخرى عزيزتي، سأذهب الآن.

ثم دفع الباب ومشى بخطوات واسعة لكن متزنة قاطعاً صالة الموظفين حتى المكتب الصغير للمستجدين ، فلديه بقية حساب مع إيفا.

وقع نظره على سو دام الخارجة من هناك لتوها، فإرتسمت إبتسامة شماتة على محياه ، لتقطب هي جبينها تعلم تماماً أن كيو هيون لم و لن يفوت ما سمعه بدون الظفر بها

لكنه على عكس توقعها التزم الصمت لكن مع إبتسامة خبيثة ومائلة.

فتح باب المكتب و دار بعينيه بحثاً عن إيفا:
- أين هي إيفا؟ (وجه سؤاله دون أن يختص به أحد) هل غادرت؟

أجابت سول بعد انحنائة :
- لا محامي كيون إيفا لم تداوم اليوم.

- لم تداوم؟ (أطبق فمه ثم أغلق الباب دون أن ينتظر رداً)

كتفت سو دام ذراعيها من خلفه، و إفتعلت ضحكة صغيرة :
- تؤ تؤ تؤ ، بالنسبة لنائب رئيس في قدرك ولا يعلم إن كانت مساعدته قد داومت أم لا، يبدو الأمر مضحكاً.

خطى يقتل المسافة بينهما، متأكداً أن شفقته عليها كانت في غير محلها، نظر لها من أعلى :
- و بالنسبة لشخص فقد وعيه أمام موكله بسبب المحامي الذي سيواجهه بذات القضية، يبدو الأمر أكثر من مضحك (كاد أن يحرقها بنظرته)

ثم  لا يجب عليك دس منقارك في ما لا يعنيك (تجاوزها مع ارتفاع صوته بعلاقة طردية مع مسافة ابتعاده)
الناس تقحم منقارها بكل مالا يخصها، و أنت تأكدينّ لي بشكل يومي أن الإنسان لا ينحدر من سلالة القردة بل من أسراب الطيور.

~.~.~.~.~
تململت إيفا تحت لحافها ذو اللون الأحمر القاني ، معتصرة معدتها التي تؤلمها منذ وقت بسبب البرد الذي نال من جسدها النحيل

إنقلبت على ظهرها تنظر الى سقف غرفتها الممل لذعت عينيها بدموع الوحدة القاسية

الوحدة ذلك الشعور بالفراغ الداخلي الذي يزداد عمقاً و إتساعاً ، مع كل يوم يتغلغل في روحك شأن المرض

كأنكَ تجلس على حفرة سوداء تتسع في كل مرة حتى تبتلعك بالكامل

ظلت إيفا مستيقظة لوقت طويل، تتكابد على نفسها بالألم الذي ضرب عظامها بسبب البرد، و من الجيد أنه خف قليلاً بعد تناولها الأقراص المسكنة
بجانب محاولاتها غير منقطعة النظير في الإتصال من هاتف شقتها الأرضي بعد أن نست جوالها و سترتها في المشفى ، على رقم يوو جي.تاي ، و الذي كان في كل مرة يجيبها الصوت الآلي بأن هاتفه مغلق أو خارج التغطية


كان الليل قد انتهى بالفعل و تكونت خامات الصباح كلها، أصوات باعة الجرائد و القهاوي الصغيرة و أبواق السيارات

هي ما زالت متمددة تحمل الأرق و الأسى ، تحاول ألا تفكر أكثر ولا تستطيع،
غفت عينيها أخيراً لنصف ساعة فقط، ثم فتحتهما وهي تشعر كما لو أنها إستيقظت من كابوس مريع

و لوهلة ظنت أن ما رأته من إسم بالكامل في مكتب كيو هيون كان محض هلوسات أو زلة من زلات الذاكرة،

لكن ذلك التوقيع الذي حفر في ذاكرتها كنقش الصخر أعادها للواقع

و في الثامنة تماماً بلا نعاس أو شُبهة نعاس، استقامت على قدميها بتوتر و قد اتخذت قرارها الأكيد ، هي ستهرب ، ستستقيل عن الشركة

تجهزت، إرتدت سترتها كاكية اللون ، ولفت حول عنقها شالاً سميكاً بلون العسل تقطعه خطوط سوداء متفاوتة الأحجام

كان المكتب خالٍ إلا منها ، فتشانيول و سول بالمكتبة يجريان بعض البحوث
و إيفا لم تُرِدْ أكثر من هذا ، بعض الهدوء ريثما يصل رئيسها تعني زوجها

قضمت بأسنانه شفتها السفلية عندما حطت هذه الكلمة داخل رأسها (زوجها)

~.~.~.~.~

كانت عينا سول تدور بين فترة و الثانية على سقف مكتبة سيدلي أوستن الخشبي بهندسته الإحترافية الراقية ، بينما تحيط به رفوف مكتظة بعدد كتب لا يعلم بها الا الخالق،
لا شيء يدور في رأسها سوى أن تجد مبرراً لتصرف تشانيول البارد إتجاهها،
هو يختصرها دون ريب، لكن السؤال لماذا؟
ما الذي حدث من جهتها حتى يعود الى وجهه المتجهم و تقوقعه ذاك

زفرت مجدداً، بينما تتبادل تكات ساعة الحائط الضخمة مع نبضات قلبها
تكة
نبضة
تكة
نبضة
تك
نب
أخذت تفكر مجدداً في كل الإحتمالات لما حدث، إسترجعت كيف هو فاز في رهان سباق السلاحف، و وجهه الذي كاد أن ينشق للنصف جراء إبتسامته الشديدة وقتذاك ،عكس الآن 
 عبئت رئتيها بالهواء جيداً، ثم زفرت بحرقة مطيرةً غرتها عن جبينها المستدير
في حركة طفويلة متزمرة ، لكن هيهات لتشانيول أن يرفع عينيه عن الكتاب الذي بين يديه
كأن مصيره معلقٌ في بحث حقول النفط اللعينة الذي كلفته بهما سو دام

فما كان من سول إلا أن تتقدم من تشانيول و تحمل الكتاب من بين يديه و تغلقه تحت دهشة الأخير الذي تحدث أخيراً:

- ياإلهي! ماذا؟
- ماذا أنا أم أنت؟ ما بكَ؟
- لا شيء فقط (صمت كمن يبحث عن عذر يهرب منه)
فتبسمت له سول بمعنى ألا بأس ثم نبرت:
- فلنأخذ إستراحة ، سأطلب الطعام الصيني.
أومأ لها تشانيول موافقاً في صمت و قد لفح زمهرير الكآبة و جهه ، ثم أسند ظهره على الكرسي، و مطّ ذراعاه الطويلتان في الهواء، كأنه يواشك الطيران

كان من الطبيعي لأي فتاة في مكان سول ، أن تتجاهل إعجابها بشاب غير واضح المعالم، مشوه التصرفات و لا يمكن سبور غوره
كتشانيول

و من الطبيعي أيضاً أن تحيد تعاملها معه في إطار المهنة فقط،
و تقف لتنتف في حسرة و ندامة حظها الذي أوقعها مع شريك عملٍ مثله

لكن سول حتى أنها عندما قفزت في عينيه، لم تكن أبداً تنوي الغرق
كانت فقط تحاول أن تنقذ صورتها التي إنعكست فيهما،
فحسمت أمرها وهي ترقب و جهه المنحوت كما لو أنه يعود لمحارب يوناني
هي إختارت أن تحبه أولاً ، أياً كانت النتائج

قررت أن ترافق الحب من مهده و تنتظر و ترقب و تراه يمشي أمامها
إختارت أن ترتعش و تشتاق و تخفي محبتها و ترجو الحب ليالٍ طوال

إختارت لو مرة في حياتها أن تكون هناك مغمورةً بكل شيء حين يولد أول إعتراف منه
كانت متأكدة و متيقنة بغباء ،من أنها لو إنتظرت تشانيول سيقبل بها
و ستكون أخر من يتراقص قلبه بالظفر
رفضت بكل تأكيد أن تكون ذلك الذي يؤدي دور من يلحق
بالحب في منتصف الطريق،
أو الذي يباح له بكل ذاك، و عليه أن يجيب بلا أو نعم

~.~.~.~.~

 حوالي العاشرة صباحاً مشت إيفا ببطء تام نحو مكتب كيو هيون، مكتشفةً أن من السهل عليها أن تفعل أي شيء إلا هذا

رأت وجهه الموجه للأسفل نحو كومة الأوراق أمامه عبّر الزجاج الشفاف
أحست بالخوف يطعنها عندما رفع وجهه نحوها بسرعة مفاجئة كأنه إستشعر وجودها من هناك

دفعت الباب الزجاجي ، ساقيها ترتعشان و يداها تتصببان عرقاً ومع أن الهواء كان دافئاً داخل المكتب

الى حدّ يكفي أن تخلع شالها و معطفها السميكين ، إلا أن أسنانها إصطكت

ظل كيو هيون صامتاً لوقت، بينما هي تطرق بنظرها على الأرض غير قادرة على النظر في وجهه

الى أن بادر بكسر الصمت هادراً متجهماً :
- أفهم من تصرفاتكِ هذه أنك تتمردينّ؟!

حركت رأسها للجانبين نافية دون أن تحر شيئاً ، لكنه واصل على نفس الوتيرة :
- لم تستمعي لتعليماتي حول مرافعة قضية آل جراهام ،لم تداومي يوم أمس،

وفوق كل هذا هاتفك المحمول اللعين مازال مغلقاً ( لم يحرك نظره عنها قيّد أنملة) هل تعلمين كم مرةً إتصلتُ بك؟ّ

طرق بالقلم بين أصابعه فوق الطاولة ثلاث مرات مواصلاً :
- اذا أردتِ أن تعملي هنا، إما أن تفعلي ما أمركِ به، أو من الأفضل أن تعودي من حيث أتيتِ.

ردّت إيفا عندما عثرت على صوتها :
- ليس الأمر هكذا (إزدرت حلقها بألم متفادية الإشتباك مع عينيه كما لو أنه سيفضح أمر زواجهما بمجرد ذلك) أنا أسفة.

- لترفعي رأسك على الأقل عندما تعتذرين.

أجبرت نفسها أن تجرجر عينيها للأعلى، و كما لو أنها إستحمت بمياه باردة مثلجة ، أجبرت نفسها التركيز فقط في تعابير خط فمه المنحوت في مسطحات وجهه، أجبرت نفسها رؤية لمعانه الغامض المخيف.

فإرتجف فمها شعور غريب يحفر في تجويف معدتها ، كأن شيئاً ثقيلاً يربض فيها

إنتبه كيوهيون لرعشة خوف في نظراتها وقلق متصاعد تحاول جاهدةً أن تخفيه دون إنقطاع ، فأزفر مخفضاً نبرته :
- هذا آخر إنذار أوجهه لك ، إجلسي.

أشاحت بنظرها عنه للأرض مرة ثانية ، قبضت على الظرف بحرص ألا تتجعد إستقالتها المطوية في داخله :
- أنا آسفة ( مدت كلتا يديها بالظرف ناحيته) أشكرك لحسن معاملتك لي،
و لكنني ( صمتت لتسيطر على الرعشة التي تعتري صوتها المتهدج) أرجو أن تتكرم و تقبل إستقــ....

جلبة صاخبة إنبعثت من الرواق خلفها، جعلتها تتوقف عن الكلام، إلتفت هي و كيو هيون ناحية مصدر الصوت.

و الأخير الذي سبقها بخطواته و فتح باب مكتبه ليتضح الصوت

صوت إمرأة تصرخ و تهتف باكية بصوت مبحوح :
- تشين، تشيين ، تشين-اه ، بُني توقف أرجوك.


يتتببع ....


   

هناك 3 تعليقات:

  1. شتتتتتتتتتتتتتتت يممة جلطة كل بارت بقول هاد أحلى بارت بييجي البارت الي بعدو بيصدمني، كيف رح استحمل كمان!! كيف؟ بيجننن كل تفصيلة كتبتيها حلوة وراقية جدا. البارت كان أكثر من مشبع لكن أول ما خلص حسيت متل الي بيكون بياكل بياكل وفكر حالو شبع واول ما قام عن السفر اكتشف انو البنطلون كان ضاغط على معدتو بس هههههههههه ما كنت متوقعة انو البارت يحمل لكل الابطال مشاهد للصراحة لهيكا لما قرأت الطوول فاق توقعي بعدين أول ما خلص صرت بدي كمان. بدي تنزليها كلها لحتى اعرف كل شيء وابلعهم بلع جواتي. رسم الشخصيات ممتاز وخطهم ثابت يعني كيوهيون بعدو على تناحتو هههههههه ما بيرفلو جفن يخرب بيتو. إيفا الشخصية المسكينة الي بتستلم بسرعة اشش بدي اخدها احضنها واحميها من الأوباش بس هو منطق انو اول ما الواحد يتخرج ويقرر يشتغل بيكتشف انو رايح ع عالم الكل فيه بيوكل بعضو >.< سول شخصيتها استغربت لما قررت تحب تشانيول، هي الوحيدة الي حسيت شخصيتها قلبت فجأة بس يمكن لانها مهيئة لما حكت عنها إيفا انها بنوتة وانثى اغلب الي هيك بيكونو بدهم يحبو وينحبو وتشانيول كاريزما ومو كل الوقت بدو يضل يضحك تفهم هديك الأخت لانو حبيت شخصيتو جدا وحبيت كيف انو فريد والي بيعطيه متعة سباق سلاحف يااااااااح بيجنن. سودام الشرسةة بدت تتكسر لما أجى تاي نياهاهاهاها ما احلاها وهي مذلولة بس بعدها شرسة. هوشتها مع كيوهيون بتموت ضحك. نيجي لتاي الدخول الكاسر الو اخخخ يا قلبي انا كل شوي بتخيل بوغوم وبعدين بحاول اتخيل تاي بس جدددد صاروخ شخصيتو واسرار الماضي الي شكلها رح تشل أملنا. اينوي حبيبي ودال بوزفتت هههههه رسمك لهيئتهم 100% قريبة الا السمنة المفرطة لاينوي بس كأنك شفتيهم فعلا فرق الطول وكلووو كلووو صح اخخخخخ بطير من الفرحة والله .. فايتنغ

    ردحذف
  2. هههههههههه😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
    لو تشوفين الضحكة الفب وشي من تعليقك ، تعليق يثلللللج الصدر ، انا بضحك بضحك بضحك مع كل حرف بتكتبيه ،، ماهي شخصية سول دي صحبتي صغنونة اسمها سلوى حاولت اني ارسمها تمام ، يعني خجولة كده و في نفس الوقت اكسوال متعصبة و بتموت في تشاني و انا وعدتها اني هجننها في الرواية ، اي انتي الوحيدة تقريبا ااي فهمتي شخصية ايفا الي انا رسمتها في خيالي زي ماهي ، فعلا مسكينة و وحيدة مش ناقصها و لازمها حضن دافي و دعم كان لازم تهوب من كيو الشيطان لانه ما عندها قدرة لاي احتمال انه يكشفها
    كيو هيون لسه و الله هاادي ما بدأ للان ، اما تاي تاي تاي تاي حبيببي السكر الجميل اللطيف المثالي رغم كل شي و بوغومااه حبايبي الاتنين بس لقدام بو غوم عندو دور ومش هاقصر فيه اكيد وعد
    اما بالنسبة ل دال بو و اينوي 😂😂😂😂
    ما اقدر اقول شي تركت الوصف للصدفة يا صابت يا لا 😂😂😂😂

    تعليقك عندي بيفرق جدا جدا جدا جددددا و الله شديييد ، و سعيدة جدا انه خلاك تحسي كده *تبكي* فاايتينغ
    اشتقت لك و بحبك 💓💓

    ردحذف
  3. هههههههههه😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
    لو تشوفين الضحكة الفب وشي من تعليقك ، تعليق يثلللللج الصدر ، انا بضحك بضحك بضحك مع كل حرف بتكتبيه ،، ماهي شخصية سول دي صحبتي صغنونة اسمها سلوى حاولت اني ارسمها تمام ، يعني خجولة كده و في نفس الوقت اكسوال متعصبة و بتموت في تشاني و انا وعدتها اني هجننها في الرواية ، اي انتي الوحيدة تقريبا ااي فهمتي شخصية ايفا الي انا رسمتها في خيالي زي ماهي ، فعلا مسكينة و وحيدة مش ناقصها و لازمها حضن دافي و دعم كان لازم تهوب من كيو الشيطان لانه ما عندها قدرة لاي احتمال انه يكشفها
    كيو هيون لسه و الله هاادي ما بدأ للان ، اما تاي تاي تاي تاي حبيببي السكر الجميل اللطيف المثالي رغم كل شي و بوغومااه حبايبي الاتنين بس لقدام بو غوم عندو دور ومش هاقصر فيه اكيد وعد
    اما بالنسبة ل دال بو و اينوي 😂😂😂😂
    ما اقدر اقول شي تركت الوصف للصدفة يا صابت يا لا 😂😂😂😂

    تعليقك عندي بيفرق جدا جدا جدا جددددا و الله شديييد ، و سعيدة جدا انه خلاك تحسي كده *تبكي* فاايتينغ
    اشتقت لك و بحبك 💓💓

    ردحذف