الاكثر إيلاما من ألم المعاناة والمأساة نفسه , هو البقاء فيه
وحيدا..يعصف بكِ جيئة وذهابا, دون حضن دافئ يعالج البعض منه .
هي بشدة تحتاج أن ترتمي بين ذراعيه، تعلم أنه الوحيد القادر على أخفاء
تلك الألام بل وربما يسحب روحها معها ..لكن الان باتت ترفض حتى ابسط نظرات الشفقة
منه .
لايزال يراقب في شرفة غرفته .. لم يعد يطيق الاحتمال اكثر لذا هاتف
هيون الذي كان قريبا من الباب الرئيسي للمنزل اي امام ناظري تشانغ ووك
:
- لقد اتصلت بالمدرب كثيرا..لماذا لايرد على اتصالاتي؟ (دفع هيون الفضول
للنظر للخلف وكما هي العادة ينتظرها هناك في شرفته ..التقت اعينهما ) هل لديك اي
فكرة عما يجري هنا؟
ابتلع هيون ريقه لم يكن لديه الا ان يقول :
- لقد..اتصلت به قبل ساعة اخبرني ان تشونسا خرجت منذ زمن..ربما نسيت
نفسها وهي تتنزه في الشوارع .
رفع تشان ووك حاجبا دون الاخر هل يمازحه الان ام ماذا!! .. دلف احد
الحراس واراد اغلاق الباب لكن شيئا ثقيلا كمعه, لذا استرق النظر بعد ان فتحه قليلا
فشهق برؤيتها , دفعت الباب بقوة ودخلت ببطء ..
أراد تشانغ ووك الاعتراض على كل كلمة نطق بها هيون للتو لكنه قطع
انفاسه واتسعت عيونه لما رآها .. استغرب هيون والتفت ينظر لنفس الجهة ,كادت عيون
الاخر ان تخرج من محجرها لما راى من حالها المزري .. شعر عمت به الفوضى وغرتها
المنسدلة بفوضوية تغطي نصف عيونها ليرسم باقي الغرة تلك الهالات السوداء التي خطت
بعمق تحت عينيها , دموعُ لاتزال تترك اثرا كبيرا على وجنتيها .. ملابس ملوثة
بالتراب, وهي تهوي يمينا وتميل شمالا تتعثر قدميها احداهما بالاخرى فتعود تتمالك
نفسها كي لاتسقط.
همس الاثنان معا بإسمها ..ثواني ولم يعرف تشانغ ووك متى غادر الشرفة
وغرفته وهبط الدرجات كانها قطعة واحدة .. بينما اسرع هيون لها ,خاف للغاية فقد تقع
في مأزق لامخرج منه الان .
اقترب منها نظر لها بأمعان محاولا ايقافها, ايقاظها :
تشونسا!..تشونسا!..اجيبيني, هل انتِ بخير تشونسا؟ ها؟
ابتسمت ساخرة ودفعت صدره بكفها ثم هوت تهتز قرب خصرها وهي تكمل طريقها
كالثملة.
يكاد يفقد عقله بسبب حالها عاد يسير بقربها : تشونسا!..( واخذ نفسا
عميقايستنشق عطرها ) انتِ لست ثملة مطلقا..ماذا بكِ؟ ( نظر لمن حوله ثم همس بصوت
خافت ) ماذا حصل هناك..اخبريني..ها ؟؟
لا يعلم ان ألم الجراح اقوى تأثيرا من كل المشروبات.. كانا قد وصلا
للباب حالما وضعت يدها لتفتحته دون ان تعير همسات هيون اي اهتمام , كان الباب قد
فتح بعنف وظهر فورا تشانغ ووك امامها , شهق واحمرت عيناه اكثر فالصورة مكبرة ابشع
بكثير مما كانت عندما رآها من فوق..فعلت نفس الشئ دفعت صدره بيدها كي يبتعد عن
طريقها :
- تشونسا..تشونسا!..توقفي ماذا حصل؟
يستمران يلاحقانها حتى الطابق العلوي وتفلت من تمسكهما بذراعيها كل
مرة ..حتى وصلا الطابق العلوي ,تكرر صوت تشانغ ووك ونداءه لها يثير جنونها اكثر...
كيف ومتى في رمشة عين سحبت مسدس هيون من خصره ووجهته فوهته نحو وجه تشانغ ووك
بأبتسامة عابثة وعيون ناعسة تجمد الاثنان مكانهما وخفت صوت انفاسهما .. سكون فظيع
اطبق على ذلك الممر ,تلعثم تشانغ ووك بفزع :
- هيو..هيوجو..ماذا يحصل معكِ؟
ضحكت بسخرية ثم تعالت قهقهاتها الساخرة تمحي كل السكون , ابتلع هيون
ريقه بينما دب الرعب اكثر في قلب تشانغ ووك :-
- انا؟..هيوجو؟..حقا؟..هل انت متأكد انني هي!!
رفع يديه المرتجفة امامها :
- فقط..أهدأي ..ها اعلم انها هناك, لاتزال هناك في الداخل
فتكلم هيون بحدة :
- تشونسا!...توقفي في الحال..هي اعطيني سلاحي
التفت لتتلاقى اعينهما نظرة التحذير والغضب في عينيه ذكرتها فأفاقت
قليلا على تصرفاتها اغمضت عيناها تدور بها الارض مررت انامل يدها الاخرى رفعت نصف
غرتها للخلف فتظهر جبهتها ثم تعود تسقط بالتتابع الى مكانها ..هوت يدها قرب خصرها
تبعها صوت ارتطام المسدس بالارض مدويا في المكان اكلمت خطواتها القليلة الى غرفتها
واغلقت الباب بهدوء
حينها فقط تنفسا الصعداء .. وخصوصا هيون الذي تقدم ببطء منحيا التقط
سلاحه .. تشانغ ووك لايهدأ مطلقا , هدوء هيون يريبه ما ان رفع هيون جزئه العلوي
حتى جذبه تشانغ ووك بقوة وامسك قميصه من الامام بكلتا يديه كادت ازراره ان تتمزق
قرب وجهه منه بعيون كالجمروتحدث من بين اسنانه :
- اخبرني..انت تعلم كل شئ اشعر بذلك(تفاجأ هيون كثيرا) مالذي تعرفه
تكلم..اين كانت هيوجو لتعود هكذا..انطق!
بقي هيون مطبقا فمه ينظر بتحدٍ له , فقد زمام نفسه صارخا : قلت لك
اخبرني!
لكمه بقوة مال جسد هيون ثم استعدل يضع يده على شفته التي جرحت قليلا
وتشانغ ووك يلهث من شدة الغضب..تلك الصرخة كانت كفيلة لإيقاظ هيوجو اكثر وهي تسند
ظهرها للباب فأحست بما يجري .. فتحت الباب بقوة وخرجت امامهما فرأت منظر هيون
فأشتعلت مقتربة من تشانغ ووك بنظرات صارمة : قلت لك لاتتدخل في شؤوني..لذا دع هيون
وشأنه
رفعت سبابتها مهددة: لاتتدخل

عادت غرفتها صفقت الباب بقوة كأنها حينها تأكد لتشانغ ووك أنها هي
فعلا قد عادت ..عاد الاثنان يرمقان بعضهما بنظرات تحدٍ..وضع تشانغ ووك يده في جيبه
ودلف غرفته المجاورة لهيوجو .
حينها فقط تنفس هيون الصعداء، نظر لباب هيوجو متساءلا والحيرة تقتله :
اعرف اين ذهبت ولماذا, وكيف.. كل هذا اعرفه ..ولكن ما لااعرفه..مابالها؟..مالذي
حصل لها هناك؟ اي خبر سئ جديد قد تلقته اليوم؟
مسح طرف شفته بأبهامه ونظر له ملطخا قليلا بالدم تنهد بحيرة وغادر
المكان .
.
ومرت تلك الليلة الثقيلة تطبق على صدورهم..لم تتزحزح من مكانها خلف
الباب مطلقا .. تخبأ رأسها بين يديها المطوقتان لساقيها .. كان تشانغ ووك بمنامته
بين لحظة واخرى يخرج يقترب من باب غرفتها يسترق السمع واضعا اذنه ملاصقة للباب
لعله يسمع اي شئ يريحه فذلك الصمت المريب ارجف قلبه اكثر .
في النهاية تعب من المجئ والذهاب لذا اسند ظهره لباب غرفتها وانسدل
اليه بهدوء جالسا مثلها ..لايفصل بينهما سوى قطع خشب رقيقة .. فدائما مانضع حواجز
بسمك الورقة تفصلنا عن بعضنا دهورا وسنين بلامعنى او فائدة فقط نخسر انفسنا شيئا
فشيئا .
عندما انسدل على بابها شعرت به فورا رفعت رأسها ببعض التفاجئ بعيونها
المغرقة بالدموع وكل تركيزها الان لما خلف الباب .
.
شارفت الشمس على البزوغ .. كانا كلاهما قد نام في مكانه .. بينما رأس
تشانغ ووك يترنح للامام والخلف كثيرا حتى انتبه على نفسه نظر لما حوله وتذكر كيف
وصل لهنا..لذا نهض بتعب وعيون غائرة من النعاس ، نظر للباب ثم مد يده برفق يتلمسه
ضم قبضته له بقوة ..واتجه لغرفته يغرق في نوم عميق .
.
جلس السيد على مائدة الافطار مندهشا لاتضم سواه ,سأل بحدة : اين تشانغ
ووك, تشونسا؟
فأومأت مدبرة المنزل : كلاهما نائم سيدي.طرقت الباب كثيرا فلم يجبني
اي منهما
هز رأسه متفهما وعاد بنظره الى الصحن والحيرة بدأت تشتعل فيه
** **
**
شارفت الساعة ان تنتصف ظهرا .. حينما دخلت تلك الفتاة بجسدها الممشوق
وقوامها الجميل .. ملابس رجالية شعر ينسدل كالحرير يغطي نصف ظهرها ملامح انثوية
بارزة تعلقت جميع انظار ذلك القسم يتتبعون خطواتها بأفواه مفتوحة
.
تتجه نحو مكاتب فريق سيونغجي حيث بدأ الشرطيين بالتراقص كلما اقتربت
منهم اكثر الا سيونغجي الذي لم ينتبه اصلا شارد يدقق في حاسوبه .. نهض فورا وفي
يديه بعض الاوراق حين انحنت قربه : ايرين ..انا الشرطية ايرن ..سيدي
وقدمت التحية بكل رقة وابتسامة مشرقة تذيب القلوب توقف حينها سيونغجي
ملتفتا منسحرا بما يرى ..
انهمك الاثنان بمدح جمالها وسيرتها الممتازة وتنوعت تعابيرها بين
الغضب والخجل ومحاولة لكم احدهم مخوفة اياه حتى وقعت عيناها على سيونغجي الذي شل
بالنظر لها لم يرمش بعيون مسحورة وقعت فيه ترى جمالا اغريقيا لم يخيل لها يوما
رؤيته ونظرته الساحرة لها تزيد حالها سوءا ..
بينما همس لنفسه : انها..جميلة للغاية..ترى..هل اصبحت هيوجو هكذا بشعر
طويل كهذا كما هو خاصتها ؟ كان مميزا مشرقا يزيد في جمالها .. وتلك
الابتسامة!..انها نفسها .. كم أود رؤيتها لاعرف كيف غير الزمن تعابيرها..كم اصبحت
أمراة جميلة الان..بعيدا عني ؟
حتى افاق توا على نظرات ايرين الغريبة فتنحنح من فورا مشيحا نظره عنها
علم بأنها امسكته ينظر لها بشغف لكن لم يكن يقصدها مطلقا ..
وقال بصوت بارد : مرحبا بكِ في فريقي...اعملي بجد.
فأنحنت ولم تفارقها ابتسامة ناظريها وشفتيها هياما به ..وعيونها معلقة
به حتى اختفى في الممر القريب
** **
**
استيقظ تشانغ ووك منهك الجسد والروح , غير ملابسه مسرعا الى باب
غرفتها ليخيب امله برؤيته لايزال مغلقا, طرقه عدة مرات ولم تفتح ولم تجب.. اطرق
رأسه مستاءا اكثر علم انها لاتزال هناك ولن تخرج مهما حصل .
تناول الغداء والعشاء , وكل مرة تجئ الخادمة تهز رأسها معلنة رفض
تشونسا للاجابة حتى!.. فينزعج اكثر ويؤلمه قلبه اكثر لعدم رؤيتها
..
استغرب والده الامر : ماذا هناك؟ماذا يجري معها؟؟
ابتلع تشانغ ووك اللقمة بصعوبة حتى كاد يختنق بها تلعثم وعيونه معلقة
بصحنه : آااه..انها..انها مجرد وعكة صحية لااكثر
عاد الاب يكمل طعامه وتكلم بنبرة حادة : عليها الاعتناء بصحتها ...
ألاتعلم ان لدينا عمل كثير
حينها توقف تشانغ ووك عن مضغ الطعام اعتصر العيدان في قبضته المهتزة
وروحه تستعر غضبا لمعاملة والده لها كانها بيدق شطرنج ...
** **
**
حل المساء .. مركز الشرطة يعج بالحركة..وقعت بعض الاوراق من المكتب
فأنحنت هاريم لجلبها وينسدل شعرها من ظهرها الى الاسفل تباعا ..
بينما سيونغجي كان قادما يقرأ بعض الاوراق رفع رأسه فرآى العديد من
الشرطة يحدقون بها فلوى شفته واضعا يدا في جيبه وقف بقربها تماما..
عندما رفعت رأسها تفاجئت به : اوه محقق كيم
ونظره موجهه للامام عاقد الحاجبين : هل نحن في حفلة؟؟
ابتعلت ريقها ..التفت ينظرلها يحدق في عينيها بغضب يزيد الرعب في
قلبها : اجيبي!..انظري بنفسك( واشار برأسه لخلفها)
التفتت وتفاجئت بنظرات الشرطة الذين سرعان ماتداركوا الامر وتصنعوا
الانشغال بالعمل .. التفت تنظر لـ سيونغجي : اجمعي شعرك في الحال
.
ومشى بعيدا.. يتركها تهيم به اكثر وترسم ابتسامة مرهفة على وجهها ..
وقف عند نهاية الممر واحتظن جبهته بيده مغمض العينين : أأاه ياللهي..زدت الامر
سوءا..تبا لي.
بالفعل زاده سوءا إذ تحدق إيرين في حمام السيدات بشعرها تتحسسه
بأناملها كفراشة تحلق من السعادة ظنت ان شعور الغيرة بدأ يدب في قلبه .. انشغلت
تظفر شعرها وتدندن بحب..حتى عندما عادت الى مكتبها رمقته فورا بنظرة خجل ثم اتجهت
لمكتبها فتآوه يختفي خلف حاسوبه .
** **
**
مر اليوم بطوله ولا احد رأى تشونسا .. تعبت وارهقت روح تشانغ ووك
بالوضع السائد، يتصل مرارا يطرق ويعيد ولافائدة .. بدأت المخاوف تراوده ان سوءا قد
اصابها ... وجد الحل، عبر ارجاء المنزل جريا الى الحديقة الامامية الكبيرة باحثا
عن هيون حتى رآه..استغرب الاخير وعلم فورا من نظرات تشانغ ووك انه جاء بحثا
عنه..اقتربا من بعضهما .
حالما اصبحا وجها لوجه , اشار له تشانغ ووك بغضب : اخرج هاتفك في
الحال
عقد هيون حاجبيه : ماذا؟! ..
صرخ به بنبرة حادة : قلت لك اخرج هاتفك هيا اتصل بها
فهم هيون فورا ورد : ولكن!
لم يعد تشانغ ووك يحتمل المزيد , جذبه من قميصه فورا: ماذا قلت للتو؟!
فرد هيون بهدوء : حسنا..فقط أهدأ..سأفعل
بالفعل خفف تشانغ ووك من ضغط يده على القميص .. هدأت تعابيره عاد خطوة
للخلف ينظر جانبا خجلا من افراغ غضبه المستمر عليه.
هيون الذي سرعان ما اخرج هاتفه وبدأ بالأتصال عليها وتشانغ ووك يراقب
نافذتها من مكانهما حيث الاضواء لاتزال مطفأة منذ يوم امس .. هناك حيث الظلام
الدامس يخيم الاجواء تنام كجثة هامدة صامتة تراقب السقف بعيون ذابلة ووجه شاحب.
صوت الهاتف فقط من قطع ذلك الصمت الرهيب.. مدت يدها تلمست السرير حتى
وصلت اناملها للهاتف..عندما تأكدت من إسم المتصل حينها فقط اجابت .. تفاجأ الاثنان
لانها فتحت الخط منذ يوم كامل ولا احد يعرف حالها .
: آوه هيون!
ارجفه صوتها المنهك بالكاد استطاع سماعه..وتشانغ ووك يراقب بلهفة
تعابير هيون وتارة نافذتها المظلمة ..
اجاب بلهفة : آوه تشونسا!...هل انت بخير؟؟اجيبي..ماذا حل بك؟
ابتعلت ريقها الجاف : لاتقلق..سأكون بخير
كادت ان تغلق الهاتف .. اشتعل غضب تشانغ ووك خطف الهاتف بسرعة نظر
لنافذتها وصرخ: يااا هيوجو!!
اتسعت عيناها فورا كأن صوته انقذها من مخدر ما : توقفي عن هذا الهراء
وافتحي الباب..تناولي الطعام..هل تودين الموت؟
ترقرقت الدموع في عينيها ..اكثر شخص يؤلمها اكثر شخص تحتاجه .. غطتهما
لتبكي في صمت ولأنها لم تجبه صرخ مجددا : يااا هيو..
انعقد لسانه فقد لاحت لأذنيه احدى شهقاتها الخافتة انه متأكد انها
تبكي فأسرعت اغلقت الهاتف ورمته بقوة كي تطلق صرخاتها الحبيسة :
لماذا؟..لماااذااا؟
مجرد صراخ مع كل علمها ان لااحد في العالم يمكنه اجابتها مطلقا...هوت
يد تشانغ ووك عند خصره بعيون مذهولة
لم يتحرك من مكانه ..جلس يشبك يديه بين ساقيه المتباعدتين قليلا جالس
على دكة حجرية في الحديقة راقب نافذتها غرفتها المظلمة والقلق يقتله.
هيون استغرق في النظر عدة مرات له والاستياء لحالها .. ويوما بعد أخر
اصبح موقنا ان مافي قلب تشانغ ووك شئ اكبر واعظم من الحب نفسه
فجاة اشتعلت انوار غرفتها فأنتفض تشانغ ووك من مكانه واقفا وكأن
الحياة اعيدت له للتو وابتسامة ساحرة انتصفت وجهه ،بلحظة جرى للداخل بلهفة.
.
: لافائدة من كل ماافعله..لاشئ سيتغير
هكذا همست لنفهسا عندما نهضت من السرير الذي بات مأواها لاكثر من يوم
.. استحمت غيرت ملابسها خرجت وكأن شيئا لم يكن تعود لحياة البؤس خاصتها..
نزلت السلالم وهو ينتظرها عند الاسفل راقبها بلفهة..مرت بقربه مرور
الكرام كنسمة باردة في كانون الثاني .. اثلجت صدره ومحت ابتسامته بقسوة .. وفي
داخلها اشتعلت كشمس حارقة لكل ماتفعله ...
** **
**
في مكان ما من سيؤول .. كان السيد اونسانغ يجلس على مكتبه .. يشتعل
غضبا وحراسه على جانبيه وامامه مطرقين رؤوسهم خجلا مماحصل قبل ايام
.
دوى صوت ضربه لمكتبه وصرخ بهم مؤشرا بيده : انتم مجرد جبناء..على
الاقل ماكان عليكم تركها تخرج!..انها تدمر كل شئ كل مرة..انها ثاني مرة تسلبنا
مخزوننا بكل سهولة ونحن غافلون..ماذا افعل بكم؟!..ماذا افعل؟
قطع صراخه فتح باب مكتبه وصوت تسلل للداخل نبرة حادة واثقة : لست وحدك
من يعاني بسببها
نظر الجميع نحو الباب حيث ملئت الغرفة برجال ضخام البنية نظارات
وملابس سوداء ومن وسطهم ظهر صاحب الصوت الذي ارجف دخوله قلوب كل من السيد اونسانغ
ومرافقيه الذي انتفض فورا من مكانه لرؤيته هنا في مكتبه المتواضع
.
اكتاف عريضة بمعطف فوق بذلته الرسمية يزيد من هيبته .. عصا تلمع من
الفضة لتنتهي برأس نمر يسند عليه كلتا يديه بأحكام .. هيبة وجبروت ثقة فوق الحدود
كأنهم عجنوا مع جثته وملامحه ,يجبر كل من حوله على الوقوع في بحر الخضوع والامتثال
له ..إلا هي من افقدته صوابه.
تلعثم اونسانغ : سيد..الرئيس هوانغ!..انت هنا؟!
أسرع مرحبا به ليجلس محله عند مكتبه.. جلس بأريحية وقبضتاه محكمتان
على رأس العصا التي توسطت مابين ساقيه : قصدت الذئب الاسود!..أليس كذلك؟
اجاب اونسانغ بلهفة التابع : نعم هي!..وهل هناك غيرها من يمثل خطرا
علينا؟!
ارتسمت على وجه هوانغ ابتسامة عابثة : اذن!..الخطر علينا التخلص منه
بهدوء كي نصبح بأمان , صحيح؟! (ونظر لأونسانغ المدهوش ) أليس كذلك؟..انا وانت
علينا فعل ذلك لسلامتنا
اكتفى الاخير بالإيماء عدة مرات سعيدا بتضامن من يرعب اسمه عالم
التجارة.. تجارة الفضة بالذات السيد هوانغ ملك الفضة .
تشونسا وحدها من قللت من ايراداته السنوية وخطفت اهم شحنة من
مستودعاته حسب اوامر سيدها دون اي رفض .
.
مرت يومين كاملين من المعاناة .. سيونغجي من جهة في قلق متزايد لتأخر
الرد من قبل مركز مدينته الام دايغون على تسليمه ملف قضية الشرطة الثلاثة ومتابعة
التحقيق في قضية سفاح الفضة .
عمله مع فريقه جيد ومستتب .. يفهمون اعصابه الثائرة والنار المتأججة
داخله في كشف المجرمين والمحافظة على سلامة الناس .
وتشانغ ووك من جهة أخرى .. يزداد غضبه وألمه يوما بعد يوم..فقد اصبحت
الحال اسوء من قبل..لايُسمع لتشونسا صوت او همس حتى..تجنبت الحديث حتى مع هيون كي
لا يسألها عن تلك الليلة فلاتزال جرحها دميما.
مهما تحدث تشانغ ووك وعلق لاتجيبه .. لغت حتى النظرات البسيطة الباردة
بينهما، تجلس على المائدة فقط لأسكات السيد عن سؤال هيون وتشانغ ووك عن سبب تغيبها
.
ملعقتان او ثلاث وتترك المائدة بحجة ان لاشهية لها .. ويزيد حنق تشانغ
ووك اكثر.
ذهبا الى العمل خلال اليومين الماضيين الى الشركة كتمثال تسير بجانبه
مهما نظر اليها واطال النظر لاتشعر شاردة الذهن في عالم أخر باردة في كل تصرفاتها
.
.
عادا الى المنزل اليوم..جلسا الى مائدة الطعام .. يعلم تشانغ ووك
مسبقا انها تحب وجبة اليوم كثيرا لذا انحنى بجسده فوق المائدة يتقدم نحوها كي يسكب
لها كثيرا كي تتناول اكثر فكل يوم غذائها كالعصافير .
بينما عيونها الناعسة معلقة بالصحن الذي ملئه تشانغ ووك لها : هيا
كلي..تبدين متعبة جدا
ما أن انتهى وعاد مكانه حتى ازاحت الصحن جانبا ووضعت صحنا أخر
..استغرب السيد وتفاجأ تشانغ ووك بشدة اصبحت عيدانه وملعقته تهتزان كالريشة بين
قبضتيه وعيونه تحمر غضبا .
انهت تناول القدر اليومي نفسه من الطعام .. نهضت : اسمح لي ..ساغادر
انحنت باحترام له وغادرت صالة الطعام...
انتفض تشانغ ووك من مكانه فورا نظر له والده متسائلا : ماذا
تفعل؟..ماذا هناك؟
صر تشانغ ووك على اسنانه نظر لوالده بغضب افزع والده اجاب بكل جرأة
:
- احبها!..ألاتعلم؟؟
كادت عيون والده تخرج لجرأة ابنه بعد صمت دام كل تلك السنين .. خرج
تشانغ ووك مسرعا ليوقفه خارج الصالة صوت ارتطام الصحون بالارض علم ان والده فقد
صوابه عقد حاجبيه ولم يهتم واكمل خطاه المسرعة الحازمة .
في نفس اللحظة التي وضعت فيها تشونسا يدها على مقبض باب غرفتها اطبقت
يد تشانغ ووك على معصمها تفاجأت رفعت رأسها فتلاقت عيناهما تفاجأت اكثر بعيونه
المحمرة وانفاسه اللاهثة:
-تعالي معي!
جذبها من معصمها خلفه بقوة..غضبت هي الاخرى وسحبت ذراعها بعنف من يده
موقفة تشانغ ووك مكانه وصرخت :
- هل فقدت عقلك ؟!
التفت اليها بغضب عاد ادراجه : قلت لك تعالي معي
وجذبها من سترتها بعنف فشهقت ثم حاولت افلات يده بقوة ولكمت ذراعه
:
-تشانغ ووك .. هل جننت؟..افلتني..قلت لك اترك يدي!
لم يعرها اي اهتمام, يتنفس من انفه نارا حارقة , فتح باب غرفته سحبها
للداخل واقفل الباب صُدمت من تصرفه الغريب :
- مالذي تفعله؟؟
وضع يده على خصره عض شفته بحرقة ونظر لها :
- فلنتعارك
فشهقت في +++× وسخرية : ماذااا؟؟...أفعلت كل ذلك لأجل منافستك السخيفة
توجهت نحو الباب اسرع بخطاه نحوها جذبها بقوة ودفعها فترتطم بالحائط
اندهشت حقا من جنونه وضعت يدها على صدرها متألمة..
علم مافعل لكنه يتمالك نفسه : لن تخرجي...لن تخرجي قبل ان نتبارى
..
بتعابير مذهولة تحدثت بغضب : مؤكد لقد جننت..ليس لدي مزاج اليوم ..هل
ستجبرني ها؟؟! (صرخت) لااريد !
فصرخ اعلى منها : بل ستلعبين
سحبها بقوة تسارعت خطواتها لتصبح وسط الغرفة واصبح امامها، اشار لها
كي تبدأ القتال وهو حقا يود ضربها كي يريح قلبه ..او يتركها تضربه وتخفف من كتلة
الالم والحزن التي انهكتها .
يعلم جيدا انها لن تنطق بكلمة لأي احد لذا يوافق على ان تحطم عظامه كي
تستريح ولو قليلا لهذا يثير غضبها..أو!..ليفعل ما يحلم به منذ زمن!
اطبقت شفتها بقوة..بالفعل بدأ غضبها يتصاعد لم يعاملها هكذا ولا مرة
واحدة .
ابتسم ساخرا : ماذا؟..هل ستعلنين استسلامك لاول مرة؟..هل اصبحتِ ضعيفة
لهذه الدرجة هيوجو؟..أوه نسيت انتي تشونسا.
فثارت : يااا تشانغ ووك!
فأقترب منها اكثر ضرب كتفيها بقوة عدة مرات يرتد جسدها كل مرة من
ضربته :
-ألست كذلك؟..أيا منهما انتي؟..اجيبي؟
أوصل جنونها عنان السماء ..برمشة عين اطبقت يدها القريبة على معصمه
عندما ضربها، نظرا لبعضهما حينها لكمته بيدها الاخرى فمال جسده..نهض يتحسس شفته
التي خدشت قليلا ونظر لها بإبتسامة نصر :
- هذه هي..هيوجو تشونسا التي اعرفها
اقترب منها سريعا ولكمها بقوة فأنحنت متفاجئة, هذه اول مرة يلكمها
بقوة هكذا! ..رفعت رأسها تنظر له بصدمة عقدت حاجبيها مسرعة كي تلكمه فتفاداها
وتفادت الثانية امسك بذراعها جذبها بقوة فدفعته اقوى وارتطم بالحائط
.
حينها امسكت بملابسه ابتسمت بمكر، تراجعت للخلف كي ينحني جسدها على
السرير فترفعه وتقلبه الى الجهة الاخرى حركة قتالية عادية لكنها حالما جذبته تمسك
هو الاخر بها بقوة هبطا على السرير معا ابتسم هو الان بمكر وعيونها المصدومة بما
حدث تغرقان في النظر له.
اصبح فوقها لكن دون ان يتلامسا ولايفصل بين وجوههما سوى مسافة قريبة
جدا سكنت حركاتهم فقط انفاسهم من ملء صوتها ارجاء الغرفة ويديها التي تمسك بملابسه
تنتفض بقوة ضربات قلبه التي شعرت بها تهز يديها حتى!
شعرت بالارتباك وكأن شبح ثقيل يتربع على صدرها ..بينما غرق تشانغ ووك
سحرا بالنظر لها .
انتبهت من غفلتها رفعت قدميها وضربت بطنه بركبتها المثنية فتألم
وانقلب جانبا، انتفضت واقفة بسرعة وظهرها يقابله .
التقطت انفاسها التي قطعت توا لقربه الشديد منها ومن بينهم تحدثت :
لقد ..لقد انتهينا..انتصرت كالعادة..سأغادر
بينما لايزال منحنيا على السرير وقعت عيناه على رباط عنقه المفتوح على
ذراع الكرسي ثم نظر لها وهي على وشك المغادرة لوى شفته عازما نهض بسرعة سحب الرباط
وركض نحوها.
لفه من الخلف على معصها الايسر بسرعة رهيبة تفاجأت
:
- تشانغ ووك ماهذا؟؟!
حاولت الحراك فجذب يدها الاخرى واوثق رباطها مع الاولى ..جن جنونها
صرخت :
- تشانغ ووك..ماذا تفعل؟؟ابتعد !
براكين الغضب تثور منه جذبها من يديها المربوطتين بقوة فأرتمت جالسة
على الكرسي وذراعيها المقيدتان خلفها.
حاولت النهوض فتفاجأت بوجهه امامها ثبت يديه على ذراعي الكرسي ودفعه
ليرتطم بالحائط وتحتجز ذراعيها بينهما .
لوت شفتها، حاولت تحريك قدمها لتضربه فأطبق عليهما بين ساقيه
بقوة..رفعت رأسها بلهفة نظرت في عينيه بصدمة.. اختلطت مشاعرها ولايزال يطبق يديه
على ذراعي الكرسي محني الظهر امامها يزيد تحديقه بها ارباكا اكثر .. ارتجفت
مفاصلها بصمته واستغراقه بالنظر لها ،اشاحت نظرها جانبا ابتلعت ريقها بقلق تلعثمت
:
- حسنا..لقد انتصرت..دعـ..دعني اخرج هيا ابتعد!
لايزال يحدق بها بمكر :
- لكن لايزال عليكِ تحقيق طلبي!
فقالت ولازالت تنظر جانبا بصوت مرتبك:
-
بالطبع.لاتقلق سأصرخ
امام الجميع انك انتصرت علي
فقاطعها :
-كلا!..ليس هذا ما اريد
تفاجأت التفتت وتلاقت عيناهما مجددا، خافت تلاحظ شيئا غريبا،
شغفا مجنونا وعيون مسحورة بها ..بدأ بغلق عينيه بالتدريج يميل برأسه يقترب منها
فتخشبت مكانها بعيون متسعة قد فهمت مطلبه .
مسافة معدومة وتتلامس شفاههما فأسرعت تلف رأسها جانبا شاهقة
:
- تشانغ ووك..توقف!
فأبتعد برأسه قليلا قال بصوت هادئ :
-لماذا؟..ألايحق لي..لقد فزت وعليكِ تحقيق امنيتي..التي تمنيتها منذ
دهور والتي اخترعت اللعبة من اجلها
اتسعت عينيها طوال تلك المدة كان يهدف لشئ اخر وهو ينازلها.
لم تلتفت فأزداد غضبه انقض عليها ممسكا وجهها بكلتا يديه ولفه نحوه
فتلاقت عيونهما ارتجفت فصائلها للمسته لنظراته الوالهة :
- فقط لمرة واحدة!
تكاد عيونها تخرج وقلبها بدأت طبوله تعزف بجنون تخشبت مكانها مجددا
نسيت ان ترمش وهو يقترب منها مغمض العينين لم تتبق على شفاههما سوى القليل، فتح
عيونه الناعسة مرتبك ربما يرتجف اكثر منها ابتلع ريقه كأنه يعيد قلبه المجنون
مكانه.
اغمض عينيه واكمل طريقه لثم شفتيها لاول مرة التي راقبها لسنين ومنع
نفسه منها لنفس السبب.. حبا وعشقا .
قلبها يكاد يخرج من صدرها يكاد يفجر اضلاعها بعد هدوء دام لسنين بعيدة
عنه، ارتفعت حرارتهما واللهيب يشتعل داخلها لاتحادهما لاول مرة ..ينعش قلبه
ويذيبها بين يديه حتى تقطعت انفاسهما.. فبدأ بالإبتعاد قليلا نظر عن قرب واحتضن
عيونها المذهولة بكل المشاعر المجنونة التي هجمت عليها الان، ابعد يديه عن وجهها
لم تعد قدماه تحملانه فهوى جالسا على طرف السرير .. هما يلثهان وكأنهما قطعا صحراء
قاحلة جريا لعدة ايام .
لم يتخيل يوما ان شعور إتحاده به سيكون جارف لهذه الدرجة يقتلع قلبه
ويعيده! .. لم تتخيل البتة ان قبلة منه ستحدث كل تلك البراكين والزلازل داخل قلبها
بعد ان كان صحراء قاحلة خلت من اي شكل للحياة!
نهض مجددا انحنى فتح قيدها وعاد يجلس مكانه..نهضت وهي شبه ثملة.. كادت
تتعثر لاتزال اطرافها مخدرة ابتعلت ريقها واتجهت للباب.
حالما وضعت يدها على المقبض تحدثت بصوت مرتجف : هذه..هذه اخر
مرة..نلعب فيها
خرجت وصفقت الباب بقوة فعاد بجسده للخلف ينام بنصف جسده على السرير
تنفس بصعوبة وضع يده على قلبه الذي فقد صوابه، تبسم بحب وراحة تاركا اياها تتعثر
في مشيتها في الممر جيئة وذهابا كأنها ثملة.
لمحها هيون بمنظرها ذلك خارجة من غرفة تشانغ ووك وتعابيرها التائهة
فعلم ان شيئا سيئا قد حصل ،عقد جبهته مستاءا واستمر بمراقبتها حتى اختفت داخل
غرفتها.
انفاس لاهثة وخفقات قلب ظنت لوهلة انه توسط غرفتها يعزف بقوة يعلن لكل
العالم انه عاد حيا جُن جنونه.
تسند جسدها الى ذلك الباب الذي اصبح سندها الوحيد منذ زمن..تضغط بقوة
على موضع قلبها لعله يهدأ ويرحمها ابتعلت ريقها والصدمة لاتفارقها
:
-توقف!..توقف ارجوك..ارحمني من جنونك هذا..هذا خطأ كله خطأ !( اغمضت
عينيها وصرخت ) توقف حالا !
لكن هيهات كأنه يعاند ويزداد وقعه داخلها كجنين دبت فيه الحياة بقوة
ولن تغادره مطلقا يتمسك بها بقوة ليس بحبل سري واحد وانما بشبكة تمددت فروعها
وتمسكت بها بقوة بكل اجزاء جسدها .
ماكانت تخشاه وارتعبت منه سنين بدأ يحصل الان حقيقة لاثاني لها...صحيح
انه دنس انتظارها المقدس لسيونغجي , سرق اول قبلة ربما كانت تخفيها له...لكن! وان
خدعتَ اقرب الناس لسنين أما نفسك فهذا مستحيل ..فهي منذ ان بلغت وترعرت بين يديه
كزهرة شقت طريقها في الحياة تزهر وتنشر عبيرها منذ ان بدأت الاشياء الغريبة تراود
قلبها ..بسمة, راحة, حاجة, رغبة بعد ان بدأت تمر بكل مراحل الحب كانت تشدو وصاله
كل ليلة .
حتى جاءت تلك الليلة العاصفة وهدمت كل شئ اصبحت تحتقر أبسط نظراته ..
هو الان ينتشل قلبها من بين ركام الالم لينبض ليحيا من جديد
وارتمى الاثنان الى أسِرَتهما على أمل ان يناما ويخمدا ماحصل تحت رماد
النسيان لكن هيهات للقلوب النابضة ان تستجيب يوما.
يغفوان ساعة ويفيقان اكثر مرت تلك الليلة كأنها دهور...وسيونغجي ليس
افضل حالا يتقلب في سريره وهو يحتضن القلادة يضمها لوجهه يحدثها بشوق ولهفة.
.
.
واشرقت خيوط الصباح .. تمحي ظلام الامس ..لكن اثاره اقوى من ان تُزال.
اقترب هيون من باب غرفة تشونسا بتردد طرق بخفة :
- تشونسا!..تشونسا!..هل انت مستيقظة؟.
كانت سارحة امام النافذة ايقظها صوته منها :
- السيد يرغب برؤيتك حالا..هل تسمعينني؟
ارتدت سترتها الجلدية السوداء وفتحت الباب بسرعة تفاجأ بسرعة
استجابتها :
-أوه قادمة.
د
قق في تعابيرها ولاحظ فورا توترها..اتجها معا لغرفة السيد ..طرق الباب
ودخلا..حالما دلفا سرعان ما ابتعد المرافق جين عن اذن الرئيس حيث كان يهمس له بشئ
جعل الابتسامة تزين وجهه..
وقفا كلاهما مستغربان ثم أنحيا ..حالما وقعت عينا السيد عليها تذكر
ردة فعل تشانغ ووك ليلة امس فعقد حاجبيه مستاءا ..لكنه سرعان مافرج عن تعابيره
بإبتسامة متكلفة , ففي النهاية لايمكنه التخلي عنها مطلقا :
-كيف اصبحتي؟؟
ابتسمت بتصنع :
- بخير سيدي..شكرا لسؤالك.
ارخى جسده في كرسيه وبانت الجدية عليه :
- لقد وصلتني معلومات الان .. أن تشارلي يستعد لاستقبال شحنة
جديدة..اخشى ان يتجاوز حدوده كما السنة الماضية ويخطف شحنتنا مرة اخرى
فأردفت تشونسا :
- أذن سنبدأ المراقبة
ابتسم بفخر:
- سريعة البديهة كعادتك...عليكِ بدأ المراقبة لمعرفة مجريات الامور
خصوصا ان شحنتهم وخاصتنا ستعبران الحدود اليوم في نفس الوقت.
أومأت له بثقة :
- تعرفين ماعليكِ فعله..لا حاجة لي لاشرح اي شئ
فردت:
- بالتأكيد لاتشغل بالك سيدي وارتاح.
- اذن يمكنكِ الانطللاق
إنحنت له مع هيون وغادرا الغرفة .. مشيا لمسافة في الممر. . التفت
هيون فوجدها خلفه عاقدة الحاجبين استغرب حالها اقترب منها بقلق
:
- مابكِ؟
اطلقت زفيرا عميقا :
- هيون!..منذ متى نؤدي انا واياك هذا العمل؟!
لوى شفته لايفهم ماتقوله.
- هل أقتنعت يوما بما نقوم به؟..هل تصدق ان مع كل حراسنا وشرطة الميناء
وقوانين التجارة الصارمة كلما عبرت شحنتنا البحر يقوم احد منافسينا بسرقتها
فيرسلنا بعد نزال دامٍ وممـ..
قطعت انفاسها بيده التي اطبقت على فمها بقوة اسكتها فورا اتسعت عيناها
مصدومة تحدق في عينيه الحادة التي التحمت بها..هز رأسه بحزم :
- توقفي..في الحال..هل تودين الموت تشونسا!!
نظر يمينا وشمالا ..حقا اوقفها في الوقت المناسب اتسعت عيونه لما ظهر
امامه...كان تشانغ ووك قد صعد السلم الثاني للطابق العلوي وتوقف عند نهايته ليرى
ذلك المنظر بين هيون وتشونسا الذي أرجف قلبه، من الجيد انه لم يسمع اي كلمة.
استغربت تشونسا الصدمة في عيون هيون فأمسكت بمعصمه واستغربت اكثر انه
ابعده كالمخدر بهدوء .. نظرت لنفس الجهة حيث تعلقت عيون هيون لتصدم مثله برؤية
تشانغ ووك الذي سرعان ماعقد حاجبيه ورسم الغضب ملامحه.. وضع يدا في جيبه واستدار
ليقابلهما بكامل جسده والحنق والغضب يتطايران منه.
ابتعلت ريقها واشارت لهيون بالنزول .. اختفيا من امامه ينزلان الدرج
تباعا..وقلبه يرتجفُ لرؤيتها لأول مرة بعد ليلة امس..اخرج يده لتتوسط خصره مغمض
العينين :
- ماذا افعل مع هيون هذا؟؟
عند نهاية السلم انتفضت غاضبة :
- لماذا اسكتني هكذا؟؟
فعاد نحوها تحدث بغضب :
-هل انت مجنونة تشونسا؟؟ماذا لو سمع السيد أنك تشكين في عملنا..ماذا
سيحل بكِ؟!
انزعجت منه وتوجهت للخارج فلحق بها...بعد لحظات لم يستطع الصبر
اكثر..لحق بهما الى الاسفل فوجد المرافقين الخاصين بها يصطفون امامها أومأوا لها
وبدأوا بالاسراع كقطيع نحل منتظم الى السيارات الخمسة رباعية الدفع سوداء مظللة.
اقترب منهم لحق بهما قبل ان يتحركا :
- الى اين تذهبون في هذا الوقت؟
وعيناه معلقة على تشونسا التي لم تستطع اخفاء توترها كطفلة صغيرة قامت
بشئ مخجل وتخشى النظر لمن يذكرها به.
نظر لها هيون مطولا فلم تجب وهي تشيح نظراتها بعيدا عنهما وهكذا تأكد
أن فعلا شي ما حصل ليلة امس بينهما..لذا نظر لتشانغ ووك واجاب
:
-في مهمة مراقبة..وايضا نستقبل الشحنة القادمة من لندن.
حينها اسرعت تشونسا بخطاها الى سيارتها متجاهلة إياه واغلقت سحاب
سترتها الجلدية بخفة ..أومأ لتشانغ ووك ولحق بها ..ركبت سيارتها الخاصة وانطلق بها
بسرعة رهيبة تتبعه السيارات الواحدة بعد الاخرى في موكب مهيب .
.
.
بُعد الطريق اختصرته سرعة سيارتهم وصلوا قبل موعد وصول الشحنات عند
الميناء .. ارتجلت بنظارتها السوداء وطلتها المهيبة ..تدب الرعب في قلوب مرافقين
السيد تشارلي والحراس الذين كانوا ينقلون بحركة مستمرة شحنتهم من السفينة الى
سيارات النقل خاصتهم .. وعيونهم بين لحظة واخرى تراقب تشونسا ,هيون ومرافقينهم.
لحظات ووصلت شحنتهم ..انطلق المرافقين, قاموا بتفريغها الى سيارات
الشحن الكبيرة .. وتشونسا تسند ظهرها الى سيارتها راقبت العمل بعيون كالذئب ..
هكذا انتهى النقل لكلا الشحنتين.
تحرك الموكبان .. موكب تشونسا اولا ثم تبعها موكب السيد تشارلي حتى
وصلوا الى تفرع .. استدار موكب تشارلي الى اليمين بينما موكب تشونسا محافظ على
اتجاهه للامام.
حالما ابتعد موكبها بمسافة جيدة .. تحركت بسرعة رهيبة سيارات سوداء
انتقلت من الشارع على اليسار الى اليمين حيث توجه موكب تشارلي (التفرع بشكل زائد
+) .. لحقوهم بسرعة مذهلة ارتعب المرافقين وعلموا ما ورائهم ..رجال ملثمون يغطيهم
السواد.
زاحموهم في السير بحركات مخيفة يمينا ويسارا حتى تجاوزتهم بعض من
سياراتهم واحاطوهم من الجهات الاربعة مع اسحلتهم التي اشهرت من كل النوافذ مصوبة
نحوهم , اضطروا موكب السيد تشارلي على التوقف .
ارتجلوا بسرعة بحركات منظمة .. اجبروهم على النزول سلبوهم اسلحتهم ..
ركب بعض الملثمين سيارات النقل الكبيرة وانطلقوا .. وانطلق بقية الملثمين
بسياراتهم بسرعة خاطفة بلمح البصر سلبوا كل شئ
جلس المسؤول عنهم على حافة الرصيف يسند رأسه بين يديه يرتجف
:
- ماذا سأخبر السيد الان؟!..انها كارثة مكيدة ..لقد خدعتنا وتظاهرت
بالبراءة والهدوء ثم خلفت بعدها عاصفة مدوية .. يالللهي!!
صرخ ضاربا حافة الرصيف بقبضته التي تألمت وهو يصر على اسنانه
.
اغلقت مخازن السيد جي بإحكام .. تشونسا تستند الى سيارتها كما السابق
..جاء هيون نحوها رفعا كفيهما وصفقاهما في الهواء براحة كبيرة لان الامر تم بسلام
.
ركبا سيارتها وانطلقا ولحقهما السيارات الرباعية الدفع ... بعد دقائق
من ابتعادهم صفت السيارات المظللة مع سيارات نقل السيد تشارلي بسرعة الريح ..ارتجل
الملثمون بسرعة كبيرة فتحوا بوابة المخزن الضخم بهيئته المهيبة ادخلت سيارات النقل
بسرعة افرغوا شحنتها وانضمت مع الشحنة الاولى خاصتهم .
.
.
في المنزل الفخم .. انحنت تشونسا امام السيد بإحترام نظرت له
بلاتعابير :
- تم الامر بسلام سيدي
ترك القلم الي كان يوقع به على بعض الاوراق :
-احسنتي صنعا عزيزتي..يمكنك ان ترتاحي الان.
انحنت مجددا ولحقها هيون...حالما اصبحت خارجا رن هاتف المرافق جين نظر
لاسم المتصل ثم الى السيد الذي رمقه بنظرة ترقب ثم اجاب :
- نعم,تكلم....اوه هذا رائع ..احسنتم صنعا
حينها التفت السيد جي الى الامام وزينت ابتسامة عابثة محياه نصرا
وتفاخر .
** **
**
في مركز الشرطة ..طرق موظف باب رئيس القسم كيم :
-تفضل بالدخول.
تقدم خطوة نحوه محني الظهر واضعا امامه ظرفا كبيرا طبعت عليه العديد
من الاختام :
- سيدي تم الرد على طلبكم من قبل مركز مدينة دايغون
تفاجأ السيد كيم ابتسم بسعادة وهو يتناول الظرف بلفهة وبدا بفتحه
:
-يمكنك الذهاب ،شكرا لك.
سحب الاوراق من داخله بسرعة وتمعن النظر فيهم وهو يقرأ
"
بناءا على طلبكم بإعادة التحقيق في قضية
المحققين الثلاثة من مركزنا..بالاضافة الى فتح قضية سفاح الفضة مجددا .. سيتم
تحضير كافة الملفات والمستندات وما يتعلق بالقضيتين من شهود ودلائل لتصبح في
متناول ايديكم راجين منكم العمل الدؤوب متمنين لكم كل التوفيق
"
رئيس شرطة مركز مدينة دايغون
اغلق السيد كيم عينيه وتنفس الصعداء ..فورا رفع سماعة الهاتف المكتبي
ليتصل به يزف له خبرا طال انتظاره اثنان وعشرون سنة :
-سيونغجي تعال الى هنا ..بسررعة .
صرخها بقوة فقفز سيونغجي من مكانه وهرع جريا الى مكتبه .. فتح الباب
بقوة ولهفة نظر الى عمه الذي حالما رآه تنهد براحة ومد يده نحوه وبيده كل الاوراق
تناقلت نظرات سيونغجي بين الاوراق وعيون عمه التي تشع سعادة .
تقدم بخطى بطيئة ..سحب الاوراق بهدوء من عمه لفهم نحوه وقرأ .. واخيرا
ارتسمت ابتسامة سعيدة مشبعة بالامل
جلس عند مكتب عمه ممسكا الاوراق بكلتا يديه يدقق النظر في الاوراق عدة
مرات لايصدق التفت بعجلة لعمه :
- عمي..سأذهب غدا
فهز العم رأسه رافضا تفاجأ سيونغجي واجابه :
-لاتتردد على المكان كثيرا..بعد غد اذهب لهناك..هل نسيت الذكرى ؟؟
اختفت ابتسامة سيونغجي من جديد اطرق رأسه يعتصر حافات الورق بين يديه
بغضب ..
** **
**
تتلاقى عقارب الساعة عدة مرات خلال اليوم ..حرصت تشونسا خلالهم جيدا
ان لاتلتقي به ولا مرة واحدة.. كلما افتقدها بحث عنها اختفت من امام عينيه .. بعد
جلوس طويل في غرفتها ،أحتاج قلبها للتحدث قليلا بعد ان خفت وطأة ذلك اليوم المتوج
برحيل نسمة الحياة العابرة في طريقها .
شارف الوقت على المغيب ... قرص الشمس يغادر من الجهة المعاكسة لشروقه
.. ومعظمنا يأمل ان تكون نهايته عكس بدايته بكل ما فيها من الام وحرمان
...
كان هيون قد انهى جولته في تفقد الحرس حول ارجاء القصر لتبدأ المناوبة
الليلية لهم .. على حين غفلة استدار نظر جانبا فتفاجأ بتشونسا تقترب منه بهدوء
مطرقة رأسها تشبك يديها خلف ظهرها .. رفعت رأسها فتلاقت عيونهما ثم نظرت جانبا
فأبتسم قليلا .. عَلم انها الان هيوجو الهادئة مجرد لحظات لكن يمكنه تمييزها جيدا
كما تشانغ ووك .
تشانغ ووك الذي كان في الطابق العلوي متجها الى غرفته لمحها من
النافذة تتجه نحو هيون بتلك الخطوات الرقيقة وهيون يبتسم لها ... قطب حاجبيه تزايد
غضبه اكثر من ذي قبل وتحرك بخطى حازمة عائدا ادراجه .
اصبحت تشونسا وجها لوجه مع هيون وتتحاشى النظر في عينيه وهو راقب
دوران عيونها في المكان :
- ماذا؟..هل ستتحدثين الان؟؟
فقط همهمت : هممم
فأبتسم بخفة على تصرفاتها :
- لن تتغيري مطلقا
زمتت شفتيها كي لاتبتسم , جلست على دكة الحديقة وظهرها لنوافذ الطابق
السفلي .. بينما هيون خلفها اسند ظهره للجدار الفاصل بين نافذتين تعوادن لمكتبة
المنزل الفخمة .. حيث تشانغ ووك يسند ظهره تماما لنفس الحائط من الداخل عاقد
الحاجبين منزعجا .
فجأة وبدون مقدمات اطرقت رأسها وقالت بحزن : لقد ماتت, تركتني ورحلت
اتسعت عينا تشانغ ووك , بينما اطرق هيون رأسه :
- كنت اعلم بذلك.. شككت بالامر منذ البداية
اكملت بصوت مخنوق :
-تركتني بعد ان كانت رشفة الحياة التي اتجرعها كل شهر كي اقاوم
همس تشانغ ووك لنفسه بحيرة :
- من تكون هذه؟؟ .
أكملت :
- أتعلم ماذا كانت نصيحتها المستمرة لمدة سبع سنين..ان اترك هذه الحياة
واعود لمدينتي..لأحيا كفتاة عادية انزع قناع البرود هذا..واعود كما انا هيوجو
الطفلة المولعة بالحياة
ابتلع تشانغ ووك ريقه واطرق رأسه اكثر ملء الحزن تعابيره
-لكن هذا صعب..انه مستحيل ..انه اشبه بحكم سجن مدى الحياة .. حكم علي
لجرم لم اقترفه ولا اعرف ماهو !
كتفت ذراعيها فوق ركبتيها واخفت رأسها بينهما لاتحب ان يرى احد
تعابيرها ضعيفة واهنة .. راقبها هيون بحزن .. بينما التف تشانغ ووك قليلا اقترب
بأنامله بهدوء يلامس اطراف الزجاج يضعهما فوق هيوجو من الخلف وهي في الحديقة خارجا
.. بينما تمزق قلبه ألما لاشلاء من اجلها .. زمت شفتيه بقوة عقد حاجبيه وسار بخطى
ثابتة محدثا نفسه :
- حتى لو رحلت!..حتى لو ابتعدت عني!..لو اختفت للابد..المهم ان تحيا
بسلام، بسعادة ،ان تستعيد نفسها هذا اكثر شئ يهمني في الحياة.
رن هاتف هيون فجأة اخرجه وتحدث : نعم سيد جين!..اوه تشونسا..نعم انها
هنا بجانبي.
حينها رفعت رأسها ونظرت لهيون بوجه محمر من التنفس في ذلك الحيز الضيق
- حسنا سأخبرها في الحال
نهضت فورا نفضت ملابسها من الخلف واقتربت منه : ماذا هناك؟؟
.
فتح تشانغ ووك بعنف الباب حالما دخل وقعت عيناه على المرافق جين قال
بنبرة حادة :
- دعنا وحدنا في الحال.
تبادل هو والسيد جي النظرات فكرر :
- قلت لك دعنا وحدنا!
انحنى المرافق للسيد وخرج ... بينما تشونسا انهت درجات السلم وصلت
للطابق العلوي رتبت غرتها التي تبعثرت قبل قليل .. مرت هي والمرافق جين بجانب
بعضهما وكأنهما لم يمرا ..رغم كل تلك السنين لم تنسَ مطلقا مافعل ذلك اليوم
..لمساته صراخه وضرباته لاتزال محفورة في قلبها لذا فكلاهما يعامل الاخر بكل حذر،
بمنتهى البرود
وصلت امام الغرفة .. حالما وضعت يدها على المقبض تجمدت مكانها بسماع
صراخ تشانغ ووك يضج بالمكان :
-قلت لك هذا يكفي.
كان يتجول في الغرفة كالمجنون ...لذا ابتعدت خطوة وقررت الرحيل
والعودة لاحقا ..فضرب تشانغ ووك المكتب محني الظهر امام وجه والده
:
- دع هيوجو ترحل من هنا..اعطها حريتها
حينها تخشبت مكانها ثم عقدت حاجبيها مستغربة : ماذا؟؟
التفتت تنظر للباب ..ابتسم الاب ساخرا :
-هل عدت الان...لتراهاتك نفسها
فقال تشانغ ووك من بين اسنانه :
- ومن قال لك انني نسيت..تلك المرة تغاضيت عن الامر لانك هددتني انك
ستدعها ترحل لكن جثة هامدة.
اتسعت عيونها شاهقة وتسارعت انفاسها تلعثمت : جثـ..جثة!!..هدد تشانغ
ووك!!
اكمل تشانغ ووك معنفا :
- نعم هددتني لهذا اصبحت شخصا ثانٍ مثلكم بلاروح..تركتها خلفي وخاب ظنها
بي ..فقط لكي تمنعني من التدخل في تدريباتها..كي تفعل بها مايحلو لك
.
مع كل كلمة تنهار قواها لم تعد قدماها تحملانها تراجعت للخلف فأستند
ظهرها على السور الممتد من السلم حتى ربع الطابق العلوي ... تقطعت انفاسها ومرت
لحظات اخر عيد ميلاد صنعه لاجلها ثم صرخاتها المستمرة وضرباتها الاقوى على باب
غرفته وصراخه عليها بعدم المجئ له مجددا .
همست لنفسها :
- كل هذا!..بسببه .. فعله من اجلي! ..لحمايتي!..تشانغ ووك!...لكن لماذا
يقتلني؟!!
استيقظت من غفلتها على تعالي صراخ تشانغ ووك :
- انا لست سوى مثلكم ..كنت شريكا لك في جعلها على ماهي عليه الان ..مجرد
جسد يتحرك بلاروح ولا حياة ..ألايكفيك مافعلته بها ..صنعت لك حرسا لامثيل لهم
..وحصدت بسببها الكثير من الارباح والصفقات..دعها ترحل بسلام
والاب يكتفي بطرق رأسه وابتسامته الساخرة لم تفارقه فصرخ تشانغ ووك
اعلى :
- لماذا لاتجيبني؟
الان فقط رفع رأسه بهدوء وضحك بخفة :
-أنتظرك كي تنهي مهزلتك
ابتسم تشانغ ووك بسخرية مصدوما :
- مهزلة!..أحياة انسان ما مهزلة لديك؟!
فأوما له بثقة واجاب :
- لأن حياتي اهم، وحياتك ايضا
فصرخ تشانغ ووك منتفضا :
- ومادخل تشونسا بذلك؟..مادخلها؟!
تتسارع نبضاتها اكثر كلما سمعت كلماته ودفاعه المستمر عنها بهذه
الكلمات بهذه اللحظة بالذات بدأت تنعش تشانغ ووك القديم بداخلها تمحو الصورة
البائسة وتعيد لها لروحها الحياة معه.
وجدت ابتسامة الم واعجاب طريقها لترفع زوايا شفتيها امتنانا له.
سأل بكل هدوء ممتزج بالمكر :
- ألست تحبها؟..هل تخليت عنها ام ماذا لتدعها ترحل هكذا بسهولة؟
اتسعت عيناها وضرب قلبها اصبح اقوى :
- ما..ماذا..يحــ..يحبني؟ هل يعلم به ؟!
نظر تشانغ ووك بحزم في عيني ابيه :
- نعم احبها اكثر من نفسي حتى
تلألأت دموع لم تفهم من اي نوع هي كانت وهي تسمع اعترافه بحبها وعشقها
المجنون لاول مرة :
- احبها اكثر من نفسي حتى..لهذا لايهمني ماذا سيحصل لي ان ابتعدت المهم
ان تعيش بسلام وسعادة (ابتسم مستهزءا) نسيت انت لن تفهم هذه الكلمات ..شخص كان حبه
بين يديه يتمسك به بجنون انتزعه من قلبه كما تنتزع الشوكة ورماه بعيدا..أليس هذا
مافعلته مع اكثر اسنانة والوحيدة التي احبتك واحببتها في هذه الحياة ؟!
اشتعل غضب والده انتفض واقفا :
- يااا تشانغ ووك ايها الوقح..تشانغ ووك ان هذا النقاش قد اغلق منذ سنين
..لذا مهما حاولت ومهما فعلت لن أتخلى عن تشونسا..مطلقا..هل فهمت!
فتح تشانغ ووك فمه فضرب ابيه المكتب بقوة :
- تشانغ ووك..اخرج حالا
وصدره يعلو ويهبط ارجع تشانغ ووك رأسه للخلف مغمض العينين بقوة والم
ثم ركل ساق الطاولة التي توسطت الكتب.
فتح الباب بقوة لم تلحق ان تغادر شهق الاثنان برؤية بعضهما راوده
الخوف فورا مما تكون قد سمعت وراودتها ثقة كبيرة لفتح الماضي ..بسرعة اغلق الباب
ثم نظر لها حذرا وقال بصوت خافت :
- هل..منذ..منذ متى و أنت هنا؟
نظرت في عينيه نظرات جديدة ثقة وامتنان واطالت النظر، ابتلع ريقه وهو
يحاول قراءة عينيها واستيعاب مايجري اردفت قائلة :
- علينا ان نتحدث..تشانغ ووك
وتحركت قبله الى طابق اخر تصعد السلالم بقي ثابت مكانه للحظات وهو
ينظر لخلفها ثم لحق بها بسرعة .. مازاد في غرابة الوضع هو توجهها للطابق العلوي
آخر غرفة في الطابق .
تشانغ ووك عاقد الحاجبين غارق في حيرة مع كل خطوة خلفها ينبض قلبه
اسرع فلم تصل قدماهما هذه الغرفة منذ آخر يوم لهما معا .. كانت المخبأ الجميل
خاصتهما حيث يهربان من كل ارجاء المنزل يختبأن هناك في عالمهما الخاص .. لم يكونا
يعلمان ان كليهما كانا يزوران الغرفة دون علم الاخر .. ينتحب لآلامه وفراق صديقه
اقرب الناس اليه .. كلاهما كان يبث حزنه ويفرغ مافي قلبه وكأنه يتحدث الى الطرف
الثاني كأنه لايزال حقيقة امامه.
كانت تشونسا مع كل خطوة تمحو لحظة بائسة وليلة موحشة ونظرات باردة
كانت قد استوطنت الحياة بينهما ... فتحت باب الغرفة دخلت تبعها يتمتم بصوت خافت
:
- لكن!..لماذا هنا فجأة؟!
التفتت تنظر له ثم اكملت طريقها تقترب من نافذة كبيرة جدا قد احتلت كل
الجدار الامامي تشرف على ارجاء المنزل بكامله وتسمح لهما برؤية جميلة واسعة على مد
البصر حيث كانا يراقبان العالم من هنا لعدم السماح لهما بالخروج او اللعب خارج
السجن المظلم هذا .
اقترب يقف بقربها فيصدم اكثر بمنظرها مغلقة العينين استنشقت عبيرا
ترابيا اختلطت به ذكريات بريئة لحظات جميلة وصداقة مليئة بمشاعر الحنان اغنتها عن
كل العالم .
اكثر شئ جعلها تنسى كل الماضي والالم كان هو!..وهذا المكان الذي جهزه
لها منذ اول مرة طلب ان يتنزه معها ومنعه والده في اول ايام لها
.
فتح فمه مصدوما ثم ابتلع ريقه فكر للحظات خاف بدل ان يفرح * ربما سمعت
كل شئ * همس عقله لقلبه يزيد في ارعابه .
لكنه عاد يمتع ناظريه بإبتسامة فارقها لسنين وارتسمت ابتسامة الاعجاب
على محياه يراقبها بحذر حينها التفتت غفلة تلاقت عيناهما ارتبك الاثنان وعادا
بنظرهما بسرعة الى النافذة كما كانا يفعلان قبل سنين.
دقائق صمت مرت أحبا ان يستغلاها .. قاطعها قلبه الخائف
:
-
هل سمعتي كل شئ؟؟
فكرت لثواني :
-
كلا!..جئت في أخر لحظات
حينها فقط تنفس الصعداء مغمض العينين ليفتحهما مصدوما على ماقالته توا:
- لكن تشانغ ووك ارجوك!..لاتفعلها مجددا (عقد حاجبيه ونظرا لبضعهما)
لاتشاجر والدك من اجل خروجي من هنا (اتسعت عيناه مندهشا ثم التفت للنافذة ) فأنا
لم اعد اود المغادرة..لذا لا اريد ان تدخل في مشاكل مع والدك بسببي..ارجوك
رغم انه كان يقاتل قبل قليل من اجل رحيلها ابتسم توا كالمنوم سعادة
بقرارها يراقب تعابيرها تشعر به لذا لم تتحرك .. التفت يشاركها المنظر
:
-كما تشائين
حينها التفت تنظر له وهمست :
-تشانغ ووك .. شكرا لك ..
عادت الكلمات تطرب اذنيها "كنت سأسمح لها ان تخرج لكن كجثة هامدة
"
ثم كلمات جدتها "انه هو من فعل ذلك هو من اخفى الميتم من
الوجود له دخل في كل شئ حولك" هذا ما جعلها تنفي سماعها لكل ماقيل ويزداد
اصرارها للبقاء وايضا لاتقوى على فراقه اكثر بعدما سمعت .
مهما بدت قوية قلبها ارهق من الصدمات المتوالية ارتجفت قدماها كادت
تهوي لولا انه احس بها بلمح البصر اسند مرفقيها ونزلا معا الى الارض ببطء جلست على
ركبتيها وجلس بقربها وعينياهما لم تفارقا بعضهما يلاحظ الما معتصرا داخلها يود
الانفجار :
- ما..مابكِ؟؟
تلعثم يرتجف خائفا اشاحت نظرها للامام فأبعد يديه عنها وجلس لكن
مواجها لجانبها الايسر يجمع ساقيه لجسده .
قالت بصوت ناحب فاجأته :
- انا فقط لااعلم..لا اعلم لما يفعل والدك كل هذا بي!!
شعرت بعد ان تأكدت بأن تشانغ ووك بجانبها معها قلبا وقالبا دائما لذا
له الحق لمعرفة كل شئ ..عقد حاجبيه :
- تشانغ ووك ..انت لاتعلم اي شئ
نظرت له جمدته في مكانه والدموع تسبح في عينيها دون ان تهبط
:
- لقد سرقني عنوة من الميتم
ابتلع ريقه بحرقة : ماذا؟؟
نظرت للامام :
-لم اكن وحيدة ابدا كان بجانبي..توفي والدينا معا ..لذا عاهدنا نفسينا
ان نبقى معا للنهاية ونعتني ببعضنا كما كنا واهلنا احياء بل واكثر...واخذنا للميتم
معا .. كان ابي وامي وكل الامان الذي في العالم يظلني
بدأ الالم يجتاح قلبه من منافس حتى لو كان طفلا انها تتحدث عنه بحب
امامه :
- فجأة دخل والدك..فجأة سحبوني من بين يديه وضربوه امامي كي يتركني
..فقد صوابه وهم يجروني بعيدا عنه
اتسعت عينا تشانغ ووك وضرب قلبه اضلاعه بقوة , تتلامع دموعها بفعل ضوء
القمر الذي تسلل من النافذة ليرسم طريقهم واضحا جليا لعينيه ينسابون بسرعة للاسفل
لاول مرة بعد سنين * تبكي!..انها تبكي..امامي * همس وكرر كثيرا لايصدق
.
بدأ بأخفاض قدميه كالمنوم عيونه معلقه بها وبدموعها وملئت الدموع
عينيه :
- وحبسني هنا واستخدمني كيفما يشاء..لم اعترض لم ارفض لكن من حقي ان
اعرف السبب..لماذا؟
وتعالى صوت نحيبها وشجن بكائها : لماذاا؟..لماذاا؟
حينها سالت دموعه الحبيسة ,اكثر من شاهدها تموت وتحيا تتألم امام
عينيه وشاركها نفس جرعات المها .
فجأة اخذت تضرب فوق قلبها بقبضتها بقوة وهي تتحدث بصوت مخنوق
:
- انني اموت ..كل يوم..الف مر..انني اختنق
اسرع مذعورا على ركبتيه واعتصر قبضتها بيده لكنها حركتها رافضة فشد
عليها اكثر صارخا بحزم : كلاااا
فتوقفت عن الحركة ويده المرتعشة تمتد خلف ظهرها كي تحيط بها وهي لم
تعد تشعر بما تفعله افرغت ما اعتصر في قلبها لسنين ..كم ارادت فعل ذلك امامه وحده
بجانبه..ضغط بكفه على كتفها البعيد وبدأ بجذبها برفق فاجأته لم تبدِ اي رفض ومال
جسدها وانسدل رأسها على صدره ابتلع ريقه بقوة يعيد قلبه لمكانه الذي هرب فور
ملاسمتها له .
اغمضت عينيها تسمح لنفسها ولو للحظات قليلة ان تشعر بالامان بالدفء
بين يديه كما كانا صغيرين ومراهقين.
من بين دموعها تحدثت بصوت خافت :
- اود البحث عنه اود رؤيته ..لابد ان اجد سيونغجي ..لابد ان اطمأن عليه
بالكاد استطاع استيعاب ألم الضياع الذي هجم عليه، لاول مرة بعد غياب
عندما اصبحت بين يديه وجد قلبها يهذي بإسم غيره ..نظر لها من أعلى ترك قبضتها
واحاط بها من الامام ايضا اغمض عينيه متألما وضمها بقوة كبيرة يسند رأسه لقمة
رأسها يعتصرها داخله يهدا قلبه * توقف انها هنا..هنا بجانبك...لاتخف لم تبتعد بعد
بحثا عن غيرك *
وتراقصت شعاعات القمر تضئ تلك الغرفة التي كانت تزهو وعادت تزهو
بأجتماعهما من جديد بعد سنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق