][ معـزوفـــــة
عشـــق.,.,. ♥
Written By ::
Yasmeen ^^
ملاحظـــة ::
هـــذهـ القصــة إهـــداء خــاص إلى صديقتـي إيمــان بمناسبــة عيد
ميلادهـا الـعشرين أتمنـــى أن تنــال إعجــابهـــا وإعجـابكـــــم... ^^
" كانت نائمة في سريرها
تغرق في أحلامها الصغيرة .. تتراقص أناملها فوق آلتها الموسيقية بمعزوفة فنية ..
تطرب جميع من حولها وتجلب الراحة لمسامعهم .. أحلام صغيرة تسلل إليها صوت غناء ,
ظنت بأنه ينبع من أحلامها ولكنها أيقنت بأنه حقيقي عندما فتحت كلتا عيناها واستمر
ذلك الصوت بالانبعاث , اعتدلت وأضاءت زر الإنارة بجانبها ونظرت إلى الساعة قائلة
وعلامات العبوس والانزعاج بادية على وجهها :: من ذاك الأحمق الذي
يغني في هذا الوقت المتأخر من الليل ؟! هل هو مجنون أو ما شابه ؟ يا له من مزعج
ايشششش! ::
ثم أطفئت الإنارة ووضعت
الوسادة فوق رأسها محاولة تفادي ذلك الصوت والعودة إلى نومها وأحلامها مرة أخرى ..
لم تمضي دقائق حتى قطع عليها أحلامها مرة أخرى طرقاتٍ عنيفة على الباب مع صرخات ..
استيقظت من نومهـا مذعورة , نهضت عن السرير وهمت بالخروج من غرفتها بعد أن ارتدت
سترتها وكان هناك مائة ألف سؤال يجول في خاطرها (( ترى
من يكون ؟ لمَ يطرق الباب بهذا الشكل ؟ أيعقل بأن أبي قد عرف مكاني ؟! يا إلهي
ماذا أفعل ؟ ))
كان يطرق الباب بقوة ويصرخ
(( أعلم بأنكِ بالداخل , افتحي الباب ! ))
وقفت بجانب الباب وأخذت تنصت
إلى صوتـه علها تستطيع معرفته ولكنها لم تستطع تمييزه .. قررت أن تفتح الباب بعد
أن تناولت عصا كانت بجانبها حملتها بيدها وفتحت الباب وهي ترتعش خوفـًا .. نظرت
إليـه فوجدت شابًا يقف أمامها وهو يذرف الدموع .. بدت علامات الدهشة على وجهها
وأخذت تتساءل :: مـــن أنـــــت ؟! ::
بدأ بالاقتراب منها ودموعه
تنزف دمعة دمعة من كلتا عيناه :: لم تقدري على فراقي
وعدتِ إليّ صحيح ؟! ::
فبدأت بالتراجع بخطواتها إلى
الخلف وهي مذعورة وترفع العصا بيدها إلى جانب وجهها :: ابتعد عنــي , مــن
أنـت ؟! ::
استمرت بالتراجع إلى الخلف
حتى التصقت بالحائط فاقترب منها وأمسك رأسها بكلتا يديه وهو ينظر إليها بنظرات
مليئة بالحب مع دمعاته المنهمرة :: أعلم بأنكِ تحبينني
لذلك عدتِ لتكوني معي .. لا تعلمين كم اشتقت إليكِ وأريد أن تعودي إليّ لتكوني
ملكي وحدي من جديد! لا تذهبي وتتركيني وحيدًا مرة أخرى حبيبتي ! ::
اتسعت كلتا عيناها بصدمة لا
تستطيع استيعاب ما يحدث حتى وزادت صدمتها أكثر عندما اقترب منها بشكلٍ أكبر ليذيب
شفتيها بين شفتيه بقبلة عميقة واعتصرها بين ذراعيه بعناقٍ حار ليعبر بهما عن مدى
شوقه لها , كانت متجمدة في مكانها كقطعة جليد لم تقوى على تحريك جفن واحد حتى من
فرط دهشتها بما يحدث .. "
" كانت ترتعش بين
ذراعيه بخوف مع خفقات قلبها التي بدأت بالاشتعال بجنون , أخذت تحاول إبعاده عنها
وضربه ليستفيق على نفسه ... كان مخمور كليــًا ولم يشعر بضرباتها له وسقط نائمًا
بين ذراعيها بسبب تأثير الكحول .. ليزيد اتساع بؤرة عينيها ويزيد خوفها أكثر .. لم
تدري ماذا تفعل حتى , كانت ستسحبه خارجًا لتتخلص منه ولكنها قررت بأن تبقيه في
بيتها بعد تفكير عميــق (( تُرى من يكون ؟! هل ينبغي
عليّ أن أستدعي الشرطة لتتدبر أمره ؟ لا لا يبدو مخمورًا وليس بوعيه .. سأدعه الآن
وعندما يستيقظ سأفهم منه كل شيء ...! ))
... , قامت بسحبه داخل البيت ومددته فوق الأريكة ثم أحضرت بطانية وغطته بها
.. كانت تنظر إليه بحيرة ومائة ألف سؤال وسؤال يخطر ببالها ثم تنهدت بعمق وعادت
إلى غرفتها كي تنام .. تمددت على سريرها , حاولت النوم واستمرت بالتقلب في السرير
, لم تستطع أن تغفو حتى .. كيف ستنام بأمان وذلك الغريب الذي دخل دون استئذان
موجود في بيتها ؟! كيف سوف تعم الراحة في قلبها وتنام وهي لا تعلم إذا ما استيقظ
ماذا قد يفعل .. فاعتدلت في جلستها وتناولت كتاب كان بجانبها وبدأت بقراءته لتلهي
نفسها وتفكيرها بشيء آخر دون التفكير بذلك الغريب النائم في الخارج .. "
>> إيمـــي , شابة
جميلة بـعمر الزهـور .. انتقلت للعيش في شقة بمفردها في مدينة سيئول بعد أن هربـت
من منزل والدهـا في موكبـو لتحقيق حلمها في دخول الجامعة ودراسة الموسيقى .. تنتمي
إيمي إلى عائلة صغيرة مكونة من والدهـا فقط بعد أن ماتت والدتها منذ بضعة سنوات
....
بعد أن انتهت إيمــي من دراستها المدرسية أرادت أن تدخل الجامعة لتكمل مسيرتها العلمية ولكن في تلك الفترة تعرض والدها لعملية نصب واحتيال من قبل بعض أصدقاء السوء وأدى به ذلك إلى فقدان عملـه نهائيًا فتدهورت أوضاعه الاقتصادية وخسر جميع أمواله وممتلكاته , تعرض إلى صدمة كبيرة إثر ما تعرض له وامتنع عن العمل بسبب سمعته السيئة التي انتشرت بين الجميع مما أصابه بمرض نفسي وأصبح مهووس بالحصول على المال بأي طريقة كانت ولو حتى اضطر به الأمر إلى السرقة ليعود كما في السابق .. فقامت إيمـي بتأجيل أمر دراستها في الجامعة حتى تتحسن أوضاع والدها ويتمكن من دفع تكاليف الدراسة .. كانت إيمي محبطة للغاية وحزينة لأن جميع أصدقائها تمكنوا من الالتحاق بالجامعة في نفس سنة تخرجهم من الثانوية العامة إلا هي ولكنها كانت تلهي نفسها بالاهتمام بالموسيقى التي تحبها حتى تتحسن أوضاع والدها الاقتصادية ..
بعد أن انتهت إيمــي من دراستها المدرسية أرادت أن تدخل الجامعة لتكمل مسيرتها العلمية ولكن في تلك الفترة تعرض والدها لعملية نصب واحتيال من قبل بعض أصدقاء السوء وأدى به ذلك إلى فقدان عملـه نهائيًا فتدهورت أوضاعه الاقتصادية وخسر جميع أمواله وممتلكاته , تعرض إلى صدمة كبيرة إثر ما تعرض له وامتنع عن العمل بسبب سمعته السيئة التي انتشرت بين الجميع مما أصابه بمرض نفسي وأصبح مهووس بالحصول على المال بأي طريقة كانت ولو حتى اضطر به الأمر إلى السرقة ليعود كما في السابق .. فقامت إيمـي بتأجيل أمر دراستها في الجامعة حتى تتحسن أوضاع والدها ويتمكن من دفع تكاليف الدراسة .. كانت إيمي محبطة للغاية وحزينة لأن جميع أصدقائها تمكنوا من الالتحاق بالجامعة في نفس سنة تخرجهم من الثانوية العامة إلا هي ولكنها كانت تلهي نفسها بالاهتمام بالموسيقى التي تحبها حتى تتحسن أوضاع والدها الاقتصادية ..
ومن فترة تعرف والد إيمي على
رجل كبير بالسن فاحش الثراء صدفة عندما سقط والد إيمي مغشيًا عليه في أحد الطرق
فوجده هذا الرجل وقام بأخذه إلى المستشفى بسيارته .. وعندما استيقظ تعرف عليه وقام
بشكره ثم قام الرجل بإيصاله وكان يزوره من فترة إلى فترة كي يطمئن عليه ويوفر له
ما ينقصه , كانت صدفة رائعة مليئة بالأمل بالنسبة إلى والد إيمي .. فربما يساعده
هذا الرجل صاحب الشركات والثروة الضخمة في مشكلته المادية ويوفر لهُ عملاً , تطورت
العلاقة بينهما وأصبح يزوره في كثيرٍ من الأحيان .. في حقيقة الأمر كان ذلك الرجل
معجبـًا بإيمـي من خلال مقابلته لها عندما كان يزور والدها وها هو يطمح للحصول
عليهـا وعندما لاحظ حاجة والدها الشديدة إلى المال استغل الفرصة وعرض عليه فكرة
زواجه من إيمي مقابل حصوله على عمل محترم مع راتب عالي .. صعق والد إيمي من طلب
الرجل وتردد فأخذ ذلك الرجل بإغراقه بالعروض المغرية فأعمته رغبته في الحصول على
المال ووافق في النهاية على زواج ابنته من ذلك العجوز مقابل حصوله على وظيفة وراتب
محترمان ينتشلانه من هذا العذاب ..
أخبـر والد إيمـي إيمـي بذلك
وبأن تستعد لزفافها خلال أسابيع .. شعرت إيمـي وكأن صاعقة كهربائية قد قامت بضربها
ولم تصدق ما كان يصدر من والدها حتى , فصرخت في وجهه معارضة (( مـــــاذا ؟ هل جننت
أبـي ؟ هل ستزوجني إلى ذلك العجوز حقـًا ؟! لن أفعـل ! لـن أفعـل ! على جثتي ! لن
أتزوج بل سأدخل الجامعة وأكمل دراستي ! )) ..
أنهت كلماتها من هنا وهوت صفعة قوية على وجهها من هنا من والدها وبنبرة غاضبة (( ليس لديك خيار .. لقد تم الاتفاق على كل شيء وما عليك سوى التنفيذ دون معارضة ! بزواجك هذا ستحظين بفرصة الذهاب إلى الجامعة كما تريدين و تفعلين ما شئتِ بنقود زوجك ! )) ...
كانت إيمـي تضع يدها على
خدها إثر الصفعة التي تلقتها والدموع تنزف من كلتا عينيها وهي تنظر إلى والدها
بصدمـة .. لا تستطيع استيعاب بأن هذا هو نفسه والدها الحقيقي الحنون والذي يحبها
ويفعل أي شيء من أجل سعادتها ولم يسبق له أن ضربها ضربة خفيفة حتى .. كيف تحول
وأصبح بهذه القسوة وقام بصفعها ؟ ويريد بيعها إلى ذلك العجوز ؟ هل أعمته النقود
إلى تلك الدرجة ؟! ... كادت إيمـي أن تنطق بكلمة ولكن والدها قاطعها قائلاً (( ستلتقين به غـدًا
لتتعرفا على بعضكما البعض أكثر , ارتدي أجمل ما تملكين لتبدي بأروع حلة أمامـه ! ))
زادت صدمة إيمـي أكثـر وأخذت
بالبكاء بحرقة بعد أن تركها والدها وذهب ليستريح في غرفته .. بدأت بالتفكير لساعات
عديدة عن حل مناسب لتتخلص من هذه المصيبة التي حلت عليها .. فما كان منها سوى
الهرب بعيدًا .. لم تتردد لحظة , دخلت إلى غرفتها وبدلت ملابسها سريعـًا ثم أخرجت
حقيبة ظهرها وبدأت بتعبئتها ببعض الملابس والنقود وحاجياتها الضرورية ثم أغلقتها
وارتدتها .. أخذت تراقب تحركات والدها في الخارج فوجدته يغرق في نومٍ عميـق في
سريره فاستغلت الفرصة وغادرت المنزل بسرعة البرق .. كان الظلام حالكًا في الخارج
فقد كان وقتـًا متأخرًا من الليل , كانت إيمـي تمشي والذعر والخوف يدبان في قلبهـا
بشدة ولا تدري إلى أين تذهب حتى قادتها قدماها إلى الساونا فدخلت إليهـا وهناك
كانت تنام في الليل وفي النهار تجوب الشوارع بحثـًا عن عمـل يناسبها ..
جربت أعمال كثيرة وفي النهاية استقرت بالعمل في أحد الفنادق وقد وفر لها هذا العمل غرفة صغيرة وراتب جيد .. أخذت إيمـي بادخار الأمـوال من أجـل الالتحاق بالجامعة وتحقيق حلمها وبالفعل تمكنت من ادخار مبلغ جيد خلال ستة أشهر مكنها من مغادرة موكبو إلى سيئول والالتحاق بالجامعة , وهناك أقامت بفندق في البداية وأخذت تبحث عن عمل لتلبي احتياجاتها وتغطي تكاليف الجامعة فعملت في مطعم كنادلة بدوام جزئـي .. أما والدها فجن جنونه عندما علم بهربها ولم يدع مكان إلا وبحث به عنها ولكن دون جدوى لم يستطع إيجادها .. وفي مرات عديدة كاد أن يراها ولكن إيمـي كانت تهرب بسرعة كي لا يلاحظها .. وظف ذلك الرجل رجاله أيضًا في البحث عن إيمـي ولكنهم فشلوا في إيجادها كذلك فلم يخطر ببالهم بأنها قد تنتقل للعيش في سيئول وحدهـا ؟! ولكنهم مستمرون في البحث عنها دون ملل أو كلل حتى هذه اللحظة .. استمرت إيمـي بادخـار النقود حتى انتقلت للعيش في شقة قامت باستئجارها بسعر بسيط ومناسب .. وكانت ليلتها الأولى في تلك الشقة حافلة بدخول ذلك الغريب إليها ليعتصرها بين شفتيه وذراعيه بقبلة وعناق مليئان بالشوق .. <<
" .. حل صباح اليوم
التالي وتخللت الشمس المشرقة من النافذة لتداعب بشرته البيضاء بأشعتها وتضايقه
وتوقظه من أحلامه المتلبدة بالحزن .. فتح عينيه بتثاقل وبدأ يتأمل كل جزء حولـه
بحـب وشـوق وهو يراها أمامه بابتسامتها الرائعة وهو يغمرها بين ذراعيه بحنـان ثم
تفلت منه ليعاود الإمساك بها ويحاصرها بعناقٍ دافئ مصحوب بقبلة ساحرة من شفتيه على
شفتيها .. كل تلك الذكريات كانت تمر أمامه وهو يتأمل كل جزء في ذلك المكان الذي
فتح عيناه ليجد نفسه به من جديد .. كيـف ؟ ومتـى ؟ ومـا الذي أتى بي إلى هنـا ؟ هل
عادت وأعادتني إليهـا ؟! هل أنا أحلـم ؟! ... قطع عليه سلسلة أفكاره سماعه لصوت
خطوات قادمة نحوه , اعتدل في مكانه ونظر إليها بلهفة من أسفل جسدهـا وحتى أعـلاه
.. تخبطت أفكاره في داخله وصعق من هول صدمـته عندمـا نظر إلى وجهها قائلاً :: أنتِ لستِ بيكـا .. من
تكونيــن ؟! وماذا تفعلين هنـا ؟! ::
اقتربت إيمـي منه ووقفت
أمامه وهي تعقد ذراعيها ببعضهما البعض بجدية :: هذا ما أنتظر أنا
إجابته منك أنت! من تكون ؟ ولمَ اقتحمت بيتي البارحة ؟ هل تعرفني ؟! ::
اعتلت علامات الدهشة على
وجهه قائلاً :: هل هذا بيتك ؟! كيف ومتى ؟ ::
فأومأت برأسهـا إيجابـًا :: أجـل , لقد انتقلت
للعيش فيه البارحة ! ::
ثم تحدثا قليلاً وأخبرها
بأنه لا يتذكر أيًا مما حدث فأخبرته كيف قام باقتحام بيتها وهو مخمور ويصرخ ويضرب
على الباب بقوة ثم عانقها ونام بين ذراعيها دون أن يشعر .. تجنبت إخباره عن القبلة
بسبب شعورها بالإحراج والخجل منه فهذه المرة الأولى التي تقابله فيها , حينها ضرب
رأسه بيده قائلاً :: يا لي من أحمق , لقد ارتبكت خطئًا فادحـًا بسببها مع فتاة غريبة ..
حسنـًا بما أنني قد وقعت بهذا الخطأ سأوضح وأشرح لكِ كل شيء .. ::
أومأت له برأسها إيجابًا
ليتابع فنظر إليها وبدأ يسرد عليها قصته :: أولاً أنا
تشو كيوهيون , أبلغ من العمر خمسة وعشرون عامـًا وأعيـش وحيـدًا هنا في سيئول بسبب
دراستي وعملي وعائلتي تسكن في بريطانيا .. ::
تنهد بعمق ووهجت لمعة حزن في
عيناه وتابع قائلاً :: وقعت في الحب منذ ثلاثة سنوات .. كانت زميلتي في الجامعة , فتاة
جميلة ورائعة ببساطتها وتسحر كل من يراها وتأسر قلبه بسهولة .. تدعى بيكـا , استمر
إعجابي بها لمدة أشهر ثم تشجعت وقررت أن أعترف لها بذلك .. لم تبادلني نفس الشعور
ولكنها منحتني فرصة لـ مقابلتها .. بدأنا بقضاء أوقاتنا معـًا , نخرج ونمرح سويـًا
حتى بدأنا نقع في حب بعضنا البعض , وبعد فترة اعترف كل منا بحبه للآخر وبدأنا
بمواعدة بعضنا .. كانت بيكـا تقطن في شقتك هذه .. كنا نقضي أجمـل أوقاتنا هنـا ..
كم كانت ذكريات رائعة مزينة بحبنا .. وكم أحبهـا .. ::
كان يتحدث وهو ينظر حوله
ويتأمل الشقة بنظرات مليئة بالحزن .. كانت إيمـي تستمع إليـه باهتمام وهدوء دون أن
تنطق بكلمة واحدة حتى .. تابع قائلاً بنبرة مليئة بحزن أكبر :: استمر حبنا ومواعدتنا
لبعضنا البعض حتى جاء ذلك اليوم المشئوم .. يوم فراقنـا .. اليوم الذي غادرت بيكا
فيه هذه الشقة , كانت قد وضبت حقيبتها وأمتعتها ثم توجهت إلى المطار دون أن تعلمني
حتى واتصلت بي من هناك وبصوت بارد قالت كلماتها (( آسفة
كيوهيون ولكن النصيب لم يكتب لنا أن نكمل حياتنا معـًا .. ربما أحببتك ولكنني
سأتزوج وأكمل حياتي بعيـدًا عنك فقد وجدت نصفـي الآخر خارج كـوريـا وأنا في طريقي
إليـه الآن .. ستقلع طائرتي بعد قليل .. إلى اللقاء ! )) ..
تجمعت الدموع في كلتا عينيه
بعد أن أنهى كلمات بيكا له .. كان يتألم بشدة وهو يقول تلك الكلمات القاتلة
بالنسبة إليه .. فتابع كلماته بحزن :: جن جنوني حينهـا وأخذت
أصرخ عليها من الهاتف وأنا أقول لها (( توقفِ
عندك لا تتحركي بيكـا ! تمزحين معي , صح ؟! )) ثم أغلقت الهاتف وأخذت
أركض في الشارع كالمجنون وركبت سيارتي وبسرعة البرق توجهت نحو هذه الشقة , اعتقدت
بأنها تمازحني لكي آتي سريعـًا إليها وأخذت أطرق باب الشقة بقوة ولكن لم يجبني أحد
فظهر من خلفي رجل ليخبرني بأن صاحبة هذه الشقة قد تركتها وسافرت , كدت أفقد عقلي
فتركته وركبت سيارتي وتوجهت إلى المطار بسرعة البرق حتى وصلت .. أخذت أركض وأركض
باحثًا عنهـا في كل أرجاء المطار حتى وصلت إلى البوابة التي كانت ستدخل منها لتصعد
إلى الطائرة .. أخذت أنادي باسمها فالتفتت إلي وأهدتني ابتسامة باردة ثم بدأت
البوابة بالإغلاق لتختفي بيكا خلفها .. جن جنوني بل فقدت عقلي حينها أخذت أصرخ
وركضت نحو البوابة وأنا أضرب عليها بقوة وأصرخ (( افتحوا هذه البوابة اللعينة ! بيكـا عودي إلـي! لن
تتركيني صحيح ؟! هيا عودي كفاكِ مزاحـًا )) .. استمريتُ بفعل ذلك
حتى جاء اثنان من رجال الأمن وقاما بسحبي وإلقائي خارج المطار وأنا أصرخ وأقاومهما
.. حاولت الدخول مرة أخرى وباءت كل محاولاتي بالفشل بسبب قيام أولئك الرجال بضربي
بعنف وعندما فقدت الأمل ركبت بسيارتي وتوجهت نحو نهر الهان لأفرغ ما بداخلي من
آلام وجروح عن طريق الصراخ .. شعرت وكأن روحي قد سلبت مني , حاولت القفز في النهر
والانتحار ولكن لحسن حظي قام أحد الرجال بمنعي وأخذني إلى المستشفى عندما لاحظ
أثار الكدمات على وجهي واطمئن عليّ ثم رافقني إلى منزلي .. كنت أمر بأصعب أيام
حياتي وحتى الآن أعيش على ذكرياتها وأوهم نفسي بأنها لم تتركني .. بسببها أذهب إلى
حانات الشرب كل يوم واستمر بالشرب حد الثمالة حتى طلوع الفجر ثم أتوجه إلى هنا
واستمر بالغناء تحت شقتها وأنا أستعيد ذكرياتي معها وأتألم ..أهملت جامعتي ودراستي
ونفسي .. فقدت حياتي ألوانها وغدت باهتة من بعدها وأصبحت بدونها جسدًا بلا روح! ::
شعرت إيمـي بالحزن لأجله و
رق قلبها له , تجمعت الدموع في كلتا عينيه وأكمـل :: أحببتها بصدق وجنون ,
بل عشقتها لذا لم أقدر على فراقها لي , آتي إلى هنا كل يوم أملاً بأنها قد تعود
مرة أخرى فأنا لم أسمع عنها أي شيء منذ أن غادرت البلاد .. والليلة الماضية كنت
ثملاً كعادتي وتوجهت إلى هنا ووقفت أسفل الشقة وأنا أغنـي .. فجأة لاحظت ضوءًا
خافتًا ينير أحد الغرف .. دبّ في قلبي الأمل وأيقنت بأنها قد عادت فقررت الصعود
إلى الشقة لأتحقق من ذلك ...وبعد ذلك لا أتذكر شيء مما حدث فقد غرقت في نوم عميق
لم أستيقظ منه سوى الآن لأجد نفسي هنا وأراكِ أمامي ! ها هي كل قصتي , أتمنى منك
بأن تتفهمي ذلك وتسامحينني على كل ما بدر مني مسبقًا فأنا لم أكن بوعيي وتهيأتِ لي
هي .. أنا آسف! ::
تفهمـت إيمـي موقف كيوهيون
وتضامنت معه وأخبرته بأنها تتفهمه وبأنه لا بأس بذلك طالما أنه لم يقصد فعل ما بدر
منه فشكرها كيوهيون وساد الصمت بينهما فعاود كيوهيون التأمل بالشقة لترتسم أمامه
ذكرياته مع بيكـا مجددًا ويخفق قلبه بجنون ويمتلأ بالحزن .. نظر إلى إيمـي متوسلاً
والدموع تشق طريقها على وجنتيـه :: هلَ سمحـتِ لي بالبقاء
هنـا ؟ لمدة شهرٍ واحد فقط ؟! ::
توسعت كلتا عينا إيمـي بصدمة
من طلبه الجريء والغريب بنفس الوقت فهزت رأسها يمينًا ويسارًا معلنة الرفض مباشرةً
.. فألح كيوهيون عليها قائلاً :: أنني بأمس الحاجة
للبقاء هنا لأستعيد روحي , لن أزعجك أبدًا أو أتحدث أو أحتك بكِ , سأجلس بهدوء
وصمت , لن تشعري بوجودي حتى .. فقط اسمحي لي بالبقاء هنـا .. شهر واحد فقط ولن
أطلب منكِ أكثـر .. أرجــوكِ ! ::
ترددت إيمـي في الموافقة
وشعرت بالإحراج منـه وأخبرتـه بأن يمنحها بوقتٍ للتفكير بالأمر وستعطيـه إجابتها
خلال يومـان .. احترم كيوهيون موقفهـا وأخذ بإقناعها أكثر بأنه لن يزعجها ثم هـمَ
بالمغادرة بعد أن أخبرها بأنه سيعود بعد يومـان لمعرفة قرارها .. جلست إيمـي على
الأريكة تفكـر بكلامه , أخذت الأفكار تلعب في عقلها خلال هذان اليومان .. تارة
ترفض وتارة توافق .. فقد مالت إليـه بعض الشيء وتضامنت معـه , شيءٌ ما في داخلها
كان يخبرها بأنه شاب طيب ولن يضرها أو يسيء إليهـا لو سمحت له بالبقاء لمدة شهر واحد
فقط .. فاعتمدت الموافقة على بقاءه معهـا في الشقة وعندما عاد كيوهيون ليعرف
قرارها أخبرته بموافقتها ولكن بشروط (( ألا يثمل أبدًا أو يشرب
الكحول , أن يلتزم بحدوده في كل حركة يقوم بها وأن يخبرها مسبقًا بأي شيء يود فعله
, ألا يتعدى حدود غرفة المعيشة إلا للضرورة , عندما تطلب منه مغادرة الشقة يغادر
فورًا دون معارضة )) كانت تلك شروط إيمـي التي فرضتها على كيوهيون
وهو بدوره وافق عليها دون اعتراض وابتسم إليهـا بامتنان :: شكـرًا جزيـلاً لكِ ,
لن أنسى معروفك هذا معـي ما حييت آنسة ... ما اسمك بالمناسبة ؟! ::
فأجابته بثقة :: إيمـي .. أتمنى أن
تكـون مسالمـًا وتلتزم بالشروط وإلا لن أسمح لك بالبقاء هنا ولو للحظة واحدة !
أعذرني أنا بحاجة إلى الدراسة الآن .. سأذهب إلى غرفتي وإن احتجت إلى أي شيء قم
بمناداتي فقط وسأجيبك .. اجلس وارتاح .. ::
رسم ابتسامته الجميلة على
شفتيه :: اووهـ آنسة إيمـي .. أعدك بألا أزعجك أبدًا .. بالتوفيق في دراستك
! ::
أومـأت له برأسها إيجابـًا
ثم تركته وتوجهت نحو غرفتها , جلست على مكتبها الخاص والأفكار تلعب بعقلها حول
كيوهيون , أمسكت بقلمهـا وبدأت بمذاكرة دروسهـا باجتهاد لترسله بعيدًا عن رأسهـا
.. ولكن ما هي لحظات حتى تسلل صوت غناءه إلى أذنـها .. كان صوته أشبه بمعزوفة فنية
أقل ما يقال بحقهـا (( رائــعة ))
, حاولت إيمـي التركيز بالمذاكرة ولكنها لم تستطع منع نفسها من التلذذ بصوته
الجميـل فهو ببساطة تمكن من سحرها بذلك الصوت الأخاذ الذي أخذها إلى عالم آخر ,
عالم يملؤه صوته العذب الرنان الصادر عن حنجرته الذهبية الثمينة .. "
" مر أسبوعان بالفعل
على تواجد كيوهيون مع إيمـي في نفس الشقة .. وخلال هاذين الأسبوعان لم يزعجها
أبدًا كما وعدهـا فقد كان هادئًا جدًا وملتزمـًا بحدوده ويعاملها باحترام ولا
يتحدث إليها إلا للضرورة القصوى .. كـان يتأمل كل جزء في الشقة بحزن شديد ويردد
أغاني حزينة ليعبر بها عن آلام قلبه وشوقه لبيكا وأيامه معها , مارست إيمـي حياتها
بشكل طبيعي ولم تشعر بوجوده معها حتى فكانت تدرس , تطبخ , تأكل , تنام وتستيقظ كل
يوم على أنغام صوته التي أدمنتهـا بجنون وأصبحت جزء لا يتجزأ من روتينهـا اليومـي
.. "
" وفي الأسبوع الثالث ,
أشرقت الشمس معلنة عن بدأ يومٍ جديـد , كانت إيمـي نائمـة في سريرهـا .. تسلل
صوتـه المخملي إلى أحلامهـا ليوقظها كعادتـه ففتحت عيناها لتبدأ يومهـا ثم
أغمضتهما رغم أنها كانت قد استيقظت للتو ... أغمضتهما محاولة تفسير ذلك الإحساس
الذي بات يباغتها بمجرد سماع ذلك الصوت .. ذلك الصوت الساحر الذي تعبت وهي تحاول
إيجاد كلمة تصفه لكنها عجزت عن ذلك ... ما تعلمه أنها في كل مرة تستمع بها لغنائه
المذهل ينقلها صوته في جولة فريدة من نوعها ... تجوب العالم كله من أقصاه إلى
أقصاه وهي جالسة في مكانها ... تعبر بحوره وجباله ... تجوب غاباته ووديانه ...
تختبر فصول السنة الأربعة في ذات اللحظة .. تشاهد الأمطار والغيوم والثلوج ...
وتحترق بنور الشمس ... وفي نهاية الأمر تجدها تراقص دميتها داخل غرفتها على أنغام
ترنيمات صوته ... ثم تتجهز لتذهب إلى الجامعة , خرجت إيمـي من غرفتهـا إلى الصالة
بعد أن ارتدت ملابسها وحملت حقيبتها على كتفهـا لتجد كيوهيون قد تجهز ويبدو بأنـه
مستعد للخروج .. انتابها الفضول حيال ذلك فلم يسبق له أن خرج في هذا الوقت المبكر
صباحـًا , عندمـا لاحـظ كيوهيون وجود إيمـي ابتسم إليهـا بعفوية قائلاً :: صباح الخير آنسة إيمـي
^^ ::
فأومأت له برأسهـا إيجابـًا
وصبحت عليـه كذلك ودفعها فضولها لتسأله :: هل أنت ذاهبٌ إلى مكانٍ
مـا ؟ّ! ::
تنهد قائلاً :: أجـل سأذهب إلى الجامعة
وإلا سيتم طردي لو غبت عنها أكثر .. ستخرجين أنتِ أيضًا ؟! ::
فأجابته بالإيجاب فسألها عن
موعد عودتها إلى المنزل حتى يعرف متى يعود هو الآخر فأخبرته ثم خرجا من البيت
سويـًا , كانا يمشيان بمحاذاة بعضهما البعض ويسلكان نفس الطريق ليركبان في النهاية
في نفس الحافلة بجانب بعضهما البعض .. استغربت إيمـي ونظرت إليه متسائلة :: ما هذه الصدفة ؟ أيعقل
بأن نكون بنفس الجامعة ؟! ::
فأخبرهـا باسم جامعته لتكتشف
بأنها نفس جامعتها أيضًا .. دهـش كل منهمـا وسعدا عندمـا علما بذلك .. وتابعا
الطريق والصمت سيد موقف .. عندما وصلا إلى الجامعة ودعت إيمـي كيوهيون لتنطلق إلى
قاعة محاضرتها وهو كذلك .. دخلت إيمـي إلى إحدى القاعات التي ستتلقى فيها أحد دروس
الموسيقى , ظنت نفسها متأخرة ولكن لحسن حظهـا لم يكن المحاضر حاضر بعد .. جلست على
الكرسي وأخرجت كراستها لتراجع بعض النوتات الموسيقية وأشكالهـا .. اقتربت إحدى
الفتيات من إيمـي وجلست بجانبها قائلة :: هل سمعتِ إيمـي ؟
يقولون بأنهم قد قاموا بتبديل محاضرنا بمحاضرٍ آخر!! ::
نظرت إليهـا إيمـي متسائلة :: حقـًا ؟ ولكـن لمَ ؟
محاضرنا ممتاز ! لمَ قد قاموا بتبديله ؟ ربما قد يأتينـا محاضر أبله الآن -.- ! ::
وفي حينها دلف المحاضر
الجديد إلى القاعة .. التزم جميع الطلاب والطالبات بمقاعدهم احترامًا له .. نظرت
إليـه إيمـي فاعتلت نظرات الدهشة وجهها وأشارت بإصبع يدها نحـوه :: كيوهيـــــــون O _________ O ؟! ::
فهمست لها الفتاة التي
بجانبها بحمـاس :: هل تعرفينه ؟ يا إلهـي كم هو وسيم ! ::
استمرت إيمـي بالتحديق به
وهي تتمتم :: كيـف ؟ هل هو محاضرنا الجديد ؟ هل تمزحون معي الآن ؟! ::
لم يلاحظ كيوهيون وجود إيمـي
وجلس على كرسي أمام الطلبة وأخذ يتحدث بعفوية وهو ينظر إليهم :: مرحبـًا جميعـًا , في
البداية أود أن أخبركم بأن محاضركم لي قد طرأ لديـه حدثٌ مهـم خارج البلاد وقد تم
وضعي لآخذ مكانه حتى يعود من سفره .. سأعرفكم بنفسي , أنا تشو كيوهيون .. أعمـل
كمعيد هنـا في الجامعـة وأدرس كذلك , لا أود التفاخر بنفسي ولكنني ممتاز جـدًا
ولدي مجـال كبيـر في الموسيقى فقد كنت الأول دائمـًا على جميـع طلاب دفعتي ..
سأبذل وسعي في تدريسكم وتدريبكم لتكونوا الأفضل وأتمنـى بأن تستفيدوا من خبرتي
بقدر المستطاع .. ::
لم تكف إيمـي عن التحديق به
والصدمة تعلو وجهها وهو يتحدث .. أخذ الطلبة بسؤال كيوهيون عن بعض الأسئلة وهو
يجيبهم ويمزحون معـه ويضحكون وهو كذلك .. أثناء حديثه مع الطلاب لفت نظره تلك
الفتاة الجالسة في المقعد الأخير ولا تكف عن التحديق إليـه , عرفها فـورًا وأخذ
يلوح لها بيده وهو يبتسم :: اووهـ آنسة إيمـي أأنتِ
بهذا الفصل ؟! ::
فنظـر كل الطلبة إليهـا
فـورًا فشعرت إيمـي بالارتباك وبعـض الإحراج فنظرت إلى كيوهيون وأومأت له برأسهـا
إيجابـًا وهي تبتسم إليـه .. فسأله الطلبة عن علاقتـه بها فأخبرهم بأنهم أصدقاء
يعرفان بعضهما البعض منذ مدة .. ثم قرر كيوهيون بأن يبدأ بتدريسهم وتعليمهـم , كان
شرحـه ممتازًا كبدايـة وكان ينظر إلى إيمـي من حيـن لآخر تلقائيًا وإيمـي تحاول
التركيـز معـه كمحاضر وليس كـذلك الشخص الذي يقضي وقتـه وينام ويستيقظ في بيتهـا
وهو يسترجع ذكرياته مع حبيبته ويغني لفراقهـا بصوته العذب .. شاءت الصدفة بأن تجمع
كل من كيوهيون وإيمـي في كل مكان مع بعضهمـا البعـض علهـا تكـون فرصة لبدايـة قصة
حب جديدة تنسي كيوهيون بيكــا لتأسر قلبه إيمـي ويأسر قلبهـا هو أيضـًا ويصبحان
مكبلان بشباك الحـب ومتيمـان .. فمـن يعلـم ماذا قد يخبئ لهمـا القـدر ؟! ...
مـرت الأيـام وأصبح كل من
كيوهيون وإيمـي يتقابلان في البيت وفي الجامعة أيضـًا .. تقربا إلى بعضهمـا وأصبحـا
يتحدثان إلى بعضهما البعض أكثـر وبأريحية بدون رسميات حيث أخبرت إيمـي كيوهيون
بحكايتهـا مع والدهـا فشعر بالحزن لأجلها وتضامن معها وأخذ يواسيهـا
ويطمئنها بألا تقلق وبأن كل شيء سيكون على ما يرام وسيعود والدها إلى رشده
ويتنازل عن قراره ذلك فهي بالنهاية ابنته التي يحبها ولن يرضى إلا بأن تكون سعيدة
ومرتاحة .. لتنظر إليـه إيمـي بنظرات حزن تملؤها الحيرة :: هـل حقـًا سيتخلى والدي
عن قراره ذلك ؟ لابد وأنه غاضب مني كثيرًا الآن ولن يمرر لي ذلك الأمر بسهولة إذا
وجدني ! ::
فأخذ كيوهيون يربت على كتفها
وبنظرات عيناه المليئة بالدفء :: سيكون غاضبـًا في
البداية ولكنـه سيلين في النهايـة , لا تقلقي إيمـي ! ::
فتشعر
إيمـي بالطمأنينة نوعـًا مـا فتومئ برأسهـا إيجابـًا وهي تبتسم إليـه فيرسم لها
ابتسامة دافئة يسحرها بها ويأخذها إلى عالم آخر , نفس العالم الذي يأخذها صوته
إليـه .. كذلك كانت إيمـي تلجئ إلى طلب المساعدة من كيوهيون في بعض دروسهـا
الموسيقية فلا يمانع أبـدًا ويساعدهـا فـورًا .. في الجامعة وفي البيت وأينمـا
أرادت يلبيهـا .. حيث في إحدى المرات ظلا يدرسان معـًا في البيت حتى وقـتٍ متأخر
من الليل فغلب النعاس على إيمـي ونامت على الطاولة وهي تكتب بجانب كيوهيون , عندما
لاحظ كيوهيون ذلك لم يرد أن يزعجها فأحضر غطاء وقام بتغطيتهـا حتى لا تصاب بالبرد
.. أثناء تغطيته لها وقع نظره على وجههـا .. فلم يمنع نفسه من تأمـل ملامحهـا
الملائكية النائمـة الهادئة فارتسمت ابتسامة عفوية على شفتيـه بتلقائية مع نبضات
خفيفة في قلبـه أصبـح يشعـر بهـا كلما كـان متواجـدًا مع إيمـي .. حتى غفى
بالنهاية بجانبهـا على الطاولة دون أن يعي من شدة نعاسـه .. ليستيقظا في النهاية
ووجوههما متقابلة معتقدان بأنهمـا يحلمـان , وعندمـا استفاقت إيمـي على نفسهـا
احمـرت وجنتـاها خجلاً ورفعت رأسهـا عن الطاولة بسرعة وبارتباك وهي ترتب خصلات
شعرهـا ثم نهضت من مكانها وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة .. فأخذ كيوهيون يضحك على
تصرفاتها العفوية تلك ثم أخذ يمدد عضلاته براحة وبدأ بالغنـاء ليطرب إيمـي بصوته
الذي باتت تعشقه بجنون بأغنياته الصباحية الهادئة التي تحمـل في طياتهـا معانـي
رقيقة للحـب .. ففي الآونـة الأخيـرة تغير كيوهيون كثيـرًا فبدأ بنسيان بيكـا
وحبهـا تدريجيـًا بفضل تقربـه من إيمـي وقضاء أغلب أوقاتـه معهـا , لتتحول
أغانيــه من الحـزن والفراق إلى السعادة والحـب .. حتى نبرة صوته أصبحـت أجمـل
بأغنيات الفرح والعشق .. بعدمـا تعمقت علاقة إيمـي بكيوهيون أصبحت تعامله بلطف وكانت
تصرفاتها معه ودية وعفوية للغاية وعلى طبيعتها كما لو أنهـا تعرفه منذ سنوات عديدة
.. وذلك ما كان يعجب كيوهيون بهـا ليبدأ بالوقوع بحبهـا , كذلك إيمـي لا تختلف
عنـه حالاً فقد بدأت تقع بحبـه هي الأخرى بداية من إدمانهـا لصوتـه ثم معاملته لها
وتقربه منـها بعفوية دون أن يزعجهـا حتى .. فلم تندم يومـًا حتى على سامحاها له
بالبقاء في بيتهـا فلم ترى منـه إلا طيبـًا ...
كانا يذهبان إلى الجامعة
سويـًا كل يـوم ويتسابقان إلى ركـوب الحافلة ليروا من سيصـل إليهـا أولاً .. كانـت
إيمـي تسبق كيوهيون أحيانـًا وفي أحيانٍ أخـرى يسبقها كيوهيون ويمد لها يده كي
يساعدها في الصعود إلى الحافلة , فوجئـت إيمـي عندمـا مد يده لها في أول مرة وشعرت
بالارتباك والخجـل وبدأت نبضات قلبها بالخفقان بمجرد ملامسة يدها ليده عندما أمسكت
بهـا ولكنهـا اعتادت على ذلك فيمـا بعـد وكانت سعيدة بتلك الملامسة اللطيفة
بينهمـا وكذلك كيوهيون .. وعندمـا تكون الحافلة مزدحمة بالشبان يقف بجانبهم هو
ليكون عازل بينهم وبين إيمـي كي لا يحتكـون بفتاته الصغيرة .. وإذا حاول أحدهم
الاحتكاك بهـا يطوق كلا كتفيهـا بذراعـه ويقربهـا منـه ليلتصقا ببعضهمـا وتصبـح
بين أحضانـه تقريبـًا ليشتعـل قلـب إيمـي لهيبـًا تحدق بقميصه لا تقوى على النظر
بعينيه اللتان تكونان بدورهمـا قد التهماتها ...
كانا يقومان بتحضير طعامهما
معـًا وعند انتهائهم من تناوله يقوم كيوهيون بتنظيف الطاولة وتقوم إيمـي بتنظيف
الأواني , عندمـا ينتهي كيوهيون من تنظيف الطاولة يتجه نحو إيمـي حيث تقوم بتنظيف
الأواني ويقوم برشقهـا بالماء لإغاظتهـا فتغضب منـه إيمـي وتقوم برشقه هي الأخرى
لتبدأ بينهما حرب المـاء التي تستمر حتى يبللان أنفسهمـا بالماء بالكامل كالأطفـال
الصغـار ثم يقومان بتنظيف المكان سويـًا ويبدلا ملابسهمـا سريعـًا كي لا يمرضـان ,
وفي مرة من المرات قام كيوهيون بمضايقة إيمـي كالعادة ورشقها بالماء فردتها إليه
هي كذلك ووضعت على رأسه كومة من رغوة الصابون وهي تضحك على شكله فنظر كيوهيون
إليها بعبوس وأحضر كوبـًا كبيرًا وملئه بالماء ثم سكبه فوق إيمـي كامـلاً ليتبلل شعرهـا
وكذلك ملابسهـا بالمــاء , كانت إيمـي ترتدي قميـصًا أبيـض اللون ومع المـاء أصبـح
شفاف اللـون .. يظهر ملابسهـا الداخليـة أسفل القميـص بطريقة مثيرة .. أخذ كيوهيون
يحدق بهـا بصدمة مع خفقات قلبـه المشتعلة ثم وضع يده على فمـه وأخذ يضحك بخبث وهو
يشير إلى جسدها بإصبعه , نظرت إيمـي إلى جسدهـا فاتسعت كلتا عيناها بصدمة واحمرت
وجنتاها خجلاً وأصيبت بإحراج شديد أمامـه .. نظرت إليـه فوجدته يحدق بهـا ولا يزال
يضحك ضحكته الخبيثة تلك فأخذت تضربـه بكلتا ذراعيهـا بغضب :: إلى ماذا تنظر هـآآهـ ؟
كـف عن الضحك >< ::
ثم هرعت إلى الحمام مسرعة
لتختبئ من نظراته لها وضحكاته عليهـا .. أغلقت على نفسهـا الباب ووقفت أمام المرآة
لترى نفسهـا فأخذت تضرب رأسهـا بيدهـا بغضب :: يا لكِ من غبية إيمـي
ما كان يجدر بكِ اللعب معه أبـدًا بهذه الطريقة ! ما هذا الإحراج آآآآآآآآآآآهـ
>< ::
أما كيوهيون فبقي متجمدًا في
مكانه يضحك على تصرف إيمـي الطفولي .. توقف عن الضحك ووضع يده فوق صدره نحو قلبه
الذي يخفق بقوة وأغمـض عينيه وتنهــد براحــة ليتخيـل صورة إيمـي المثيرة أمامـه
مرة أخـرى وهـو معهـا , يقترب منهـا , يعانقهـا بقـوة.. ويقبلهـا بشغـف بينما تتراقص
أصابعه على أماكن متفرقة من جسدهـا بإثارة ... نفض كيوهيون تلك الأفكار من رأسه
وفتح عيناه وضرب رأسه بيده وبضحكته البلهاء :: ما الذي تفكـر فيـه
الآن تشو كيوهيون ؟! هل جننـت ؟! يا إلهــي -.- .. ::
وفي يوم أصيبت إيمـي مـرة
بحمـى شديدة جعلتهـا طريحـة الفراش لمدة ثلاثة أيام .. فأحضر كيوهيون الطبيب إلى
البيت ليطمئن على إيمـي فأخبره الطبيب بألا يقلق وبأنها ستكون على ما يرام وأوصى
لها ببعض الأدويـة وأخبـر كيوهيون بأن يعتني بهـا جيدًا ويستمر بوضع الكمادات لها
لتخفيض الحرارة ثم غادر .. نفذ كيوهيون كلام الطبيب فقام بإحضار الأدوية التي أوصى
بها الطبيب إلى إيمـي واستمر بوضع كمادات لتخفيض حرارتهـا .. كان كيوهيون قلقلاً
على إيمـي ويسهر الليل على راحتهـا لكي يعتني بهـا فقد كانت حرارتهـا ترتفع أكثر
ليلاً , كان يطعمهـا عندمـا تستيقظ بنفسه خشية عليهـا من أن تتعب نفسها , كانت
إيمـي تحمـر خجلاً عندما يطعمهـا بيده فتزيد حمـرة وجنتاها أكثـر وتعطيهـا رونـق
جمـالي خـاص حتى وهي مريضـة .. كان كيوهيون يراهـا ملكة جمال عرشـه و سعيدًا
باعتنائه بهـا فكانت كالطفلة الصغيرة تمامـًا بين يديـه .. وفي ليلة اشتدت حمى
إيمـي أكثـر , كان كيوهيون يجلس بجانبهـا ويتحسس جبهتها ليجدهـا كالنـار تغلـي ..
زاد خوفـه عليهـا فأوشك على النهوض من جانبهـا ليذهب ويستدعي الطبيب ولكن قوة جذب
دفعته إلى الخلف ليعاود الجلوس مرة أخـرى مكانـه وينظر حول خصره ليجده مطوقـًا
بذراعـي إيمـي بقوة وأحـس برأسهـا المتكئ على ظهره فتخشب في مكانه من فرط دهشته
ليصدر صوتهـا ذو النبرة الضعيفة بسبب تأثير المرض عليه من الخلف قائلة :: لا تذهب وتتركنـي ,
ابقَ بجانبي .. ::
فوضع كيوهيون يده فوق يدهـا
وقلبـه يخفق بشدة وبنبرة هادئة :: لن أذهب وأترككِ ,
سأستدعي الطبيب فقط وأعود بسرعة لن أتأخر ! ::
وأوشك على إبعاد ذراعيهـا
عنه ولكنهـا تمسكت به بقوة أكبـر وأحكمت قبضتيها حول خصره وبنبرة حزينة :: لا أريـد البقاء وحدي
.. لا تذهب ! ::
لتشتعل نبضات قلب كيوهيون
أكثر لالتصاقهـا بـه بشدة فيجيبهـا بقلق :: ولكن حرارتك مرتفعة
للغاية , يجب أن نستدعي الطبيب لكي نطمئن على حالك ! أعدك بألا أتأخر ! ::
فزادت إيمـي من إحكام
قبضتيها حول خصره وأسندت رأسها على ظهره وبنبرة ضعيفة :: لا داعي لاستدعاء
الطبيب وأنت بجانبي .. غني لي فأنا أحـب صوتك وسأكون بخيـر عند سماعه .. ::
فوجئ كيوهيون من كلمـات إيمـي
الصريحة تلك ومن طلبهـا منه بالغناء لهـا فلم يسبق أن طلبت منه أن يغني لهـا ,
فرضخ لطلبهـا وبدأ بالغنـاء لهـا بأغنيـة حـبٍ هادئـة مليئـة بإحساسـه الرائــع ..
عبـر بتلك الأغنيـة بإحساسه عن مشاعره في تلك اللحظة وهو يقطن بين ذراعيهـا
الصغيرتان الناعمتين اللتان تطوقان خصرهـ .. أمـا إيمـي فنسيت المـرض والألـم وكان
صوتـه خير من ألف دواء وعلاج بالنسبة إليهـا وغرقت بين نبضات قلبهـا بقربه وبين
نبرات صوتـه التي تدمنهـا حتى أغمضت كلتا عينيهـا وغطت في نومٍ عميـق على ظهره
الدافئ وعلى صوتـه الحنون , عندمـا أيقن كيوهيون بأنها قد نامت أزال ذراعيهـا عنه
بهدوء وأمسك بهمـا بحذر والتفت إليهـا لكي يقوم بتمديدها على سريرهـا بشكل صحيح ..
وضع ذراعه أسفل مؤخرة رأسهـا وأخذ يخفضه نحو الوسادة برقة وحذر لكي لا يزعجها
وتستيقظ .. وقع ناظريـه نحو رقبتهـا الناعمة الطويلة ثم ارتفعت نظراته نحو شفتيهـا
الورديتان بطعم الفراولة اللتان تنتظران قطفهما ولكنه تمالك نفسه وانتقل بناظريه
ليتأمل بقية ملامح وجهها لكي لا يقدم على فعل شيءٍ سيء يفقد ثقة إيمـي بـه فحبـس
رغبتـه تلك في داخله حتى يحين وقتهـا المناسب وأخفض رأس إيمـي على الوسادة ومدد
جسدها على السرير براحة ثم قام بتغطيهـا وأخذ بوضع الكمادات لها لتخف حرارتهـا ..
واستيقظت إيمـي في اليوم التالي بنشاط وكأن شيء لم يكن فقد تعافت تمامًا بفضل
اعتناء كيوهيون بهـا ..
قـارب الشهـر
المقـرر لبقـاء كيوهيون مع إيمـي على الانتهـاء .. أيام قليلة تفصلهمـا عن يومهمـا
الأخيــر معـًا .. كـل من كيوهيون وإيمـي كانا قلقين بشأن ذلك اليـوم ولا يريدانـه
أن يهـل عليهمـا حتـى .. كل منهما يشعر بقلبه الذي
ينبض بقلق وتوتر من الفراق .. يرتجف قلبيهما في داخل صدريهما بمجرد تذكر اقتراب
اليوم الموعود ولكن لم يجرأ أي منهما على الكلام و تخطي حاجز تردده في
البـوح عن مشاعرهمـا التي تحفـر في قلبيهمـا وتزيـد أكثـر بازديـاد فتـرة بقائهمـا
معًا .. قدمـت إيمـي امتحانها الأخير للفصل الأول من الجامعة بعد أن قام كيوهيون
بتدريسهـا بنفسـه وقد تراهنـا بأنهـا لو حصلت على درجات عالية في هذا المساق سوف
تقـوم بدعوة كيوهيون على وجبة على حسابهـا وإن لم تفعل سوف يقوم كيوهيون هو
بدعوتهـا وبالفعـل بعد مرور عدة أيام وهو اليوم ما قبل الأخيـر لتواجد كيوهيون مع
إيمـي في الشقة ظهرت درجات إيمـي والتي كانت ممتـازة , فرح كيوهيون كثيـرًا عندمـا
أخبرته إيمـي وعلم بالأمر أخذ يربت بيده على شعرهـا وهو يبتسم بنصر :: يا لي من أستاذ رائــع
, هيا متى ستقومين بدعـوتي لتناول الطعام ؟ ما رأيك بالليلة ؟! ::
فنظرت إيمـي إليه بعبوس :: آآآهـ كم تحب معدتك تشو
كيوهيون ! ما الذي جعلني أوافق على رهاني معكـ ؟ سوف أخسر مجموعة من نقودي الثمينة
لكي أطعمك ؟ ما كان يجدر بي أن أقدم الامتحان بشكلٍ جيد لتقوم أنت بدعوتي ! ::
أخذ كيوهيون يبتسم بخبث :: حدث ما حدث تقبلي الأمر
الواقع , لا تتهربي من سؤالي .. متى سوف تقومين بدعوتي ؟! ::
كادت إيمـي أن تقتله بنظرات
عينيهـا المليئة بالحقد ثم أخذت تربت على كتفه بيدها :: حسنـًا الليلة كما قلت
.. لن أبخل عليك بوجبة طعام فأنت لم تبخل علي أبــدًا عندمـا ذاكرت لي .. استعد
الليلة إذًا ! ::
فأخذ كيوهيون بقرصها من كلا
خديهـا بلطف وهو يبتسم إليهـا قائلاً (( فتاة لطيفـة يا إلهـي
كم أنتِ كريمة عزيزتي ! ))
كانت إيمـي تحدق به وعلامات
الدهشة ترتسم على وجهها فلم يسبق له بأن قام بقرص خدودها .. عندمـا نظر إليهـا
كيوهيون ووجدها تحدق إليـه بذلك الشكل بدأ بالضحك وهو يقرصهـا بقوة دون أن يعي ذلك
فتألمت إيمـي (( آآآآآآهـ )) ليبعد
يديه عن خديها وينظر إليهـا متسائلاً (( مــاذا ؟! )) فتضع
إيمـي يديهـا على خديهـا وتنظر إليـه بعبوس (( إنـه يؤلــم ! )) فأبعد
يديهـا وأعاد كلتا يديه على خديهـا وأخذ يدلكهمـا برقة ونعومة (( اووهـ آسف , هل آلمتـك
كثيرًا ؟! )) ..
فأخفضت نظرها عنه واحمرت كلتا وجنتيها خجلاً وأخذت تومئ له برأسهـا إيجابـًا وقلبهـا يخفق بشدة .. فاستمر بتدليك خديهـا بنعومة ثم ربت على شعرهـا وهو يبتسم بلطف (( لن أفعلهـا ثانيـة إذًا ^_^ )) .. فابتسمت إيمـي إليـه ثم انسحبت إلى غرفتهـا ومددت نفسهـا على السرير وهي تضع كلتا يديهـا على خديهـا المشتعلتان وتتذكر لمسات ونظرات كيوهيون لهـا وقلبهـا ينبض بقوة .. أما كيوهيون فجلس على الأريكـة وهو يتذكر ملامح إيمـي الخجولة أمامـه فضرب رأسه بيدهـ وهو يبتسم (( يا إلهـي كم هي لطيفـة ! )) قـال تلك الجملـة وأغمض كلتا عينيه ليسمح لخياله بالتفكير بهـا .. وكذلك قلبـه ليخفق من أجلهـا ..
بعد بضع ساعات .. تجهز كل من
كيوهيون و إيمـي للخروج في موعدهم على العشاء كما تم الاتفاق بينهمـا .. ارتدت
إيمـي فستان أبيض مزركش بألوان وردية زاهيـة , قصير يصل إلى أعلى ركبتيهـا وحذاء
ذو كعبٍ عالٍ وردي اللون .. وقامت بتسريح شعرهـا بطريقة مرتبة وجميلة ووضعت بعض
مساحيق التجميل الخفيفة والناعمة لتبـرز ملامحهـا الأنثوية الجميلة أكثـر .. ترددت
إيمـي كثيرًا قبل الخروج ومواجهة كيوهيون بهذا الشكل الذي لم يعتده عليهـا من قبل
ولكنهـا تمالكـت نفسهـا وخرجت لمقابلته في النهاية .. خرجت من الغرفة وهي تمشي
بثقة لفتت نظر كيوهيون الذي كان يعقد أزرار قميصـه .. تجمد في مكانـه وانشـل عن
الحركة من فرط دهشتـه وتعلقت كلتـا عينـاه بهـا حتى كادت أن تخرجا من مكانهمـا
وتلتهمانهـا .. كذلك قلبـه الذي أخذت نبضاته بالازدياد كلما اقتربت إيمـي منـه
أكثـر .. وقفت إيمـي أمامـه وعقدت كلتـا ذراعيهـا ببعضهمـا البعض وابتسمت
ابتسامة ساحرة قائلة :: هل أنت مستعد للخروج أيهـا الوسيم ؟! ::
فوضع كيوهيون يده أسفل مؤخرة
رأسه وبابتسامة بلهـاء :: أجـل , فلننطلق أيتهـا
الجميلة ! ::
وانحنى إليهـا بطريقة خرقـاء
فأخذت تضحك عليـه ثم خرجـا معـًا وتوجهـا إلى مطعـم قام كيوهيون باختياره .. وهناك
تناولا وجبتهمـا ومشروبهمـا سويـًا وهم يتجاذبون أطراف الحديـث معـًا .. وطوال
الوقت لم يزل كيوهيون عينيه عن إيمـي أبدًا وهو يتأمـل الجانب الجديد من جمالهـا
الذي ظهر فجأة ... أما إيمـي فلم تكف وجنتيهـا من الاشتعال خجلاً من نظراتـه
إليهـا , وعندمـا قام النادل بإحضار الحساب إليهمـا رفـض كيوهيون أن تدفع إيمـي
الحساب وقام هو بدفعـه وعندمـا اعترضت أجابهـا بجملة واحدة فقط (( ليس من اللائق أن تقوم
الفتاة بدفع الحساب وبرفقتها رجـل ! ))
ثم خرجـا من المطعـم وبدءا
بالسير إلى جانب بعضهمـا البعـض .. كان الصمت سيد الموقف بينهمـا وأخذت أيديهمـا
بالارتطام ببعضهـا البعـض بدون قصد وهما يسيران معـًا حتـى قـام كيوهيون بإمساك
يدهـا .. اتسعت كلتا عيناها بصدمـة وزادت نبضات قلبهـا أكثـر ..
نظرت إلى وجهه فوجدته ينظر أمامـه وابتسامتـه الدافئة تعلو وجهه .. لم تقاوم تلك السعادة الغامرة في كلتا عينيه وابتسمت هي الأخرى ونظرت أمامهـا وتابعا المشي سويـًا وأيديهمـا متشابكة بقـوة الحـب .. كانت خفقات قلبهمـا تضرب بقـوة وأصبح من الممكـن سماعهـا وليعبـر كيوهيون عن مشاعره ويكسر حاجز الصمـت بدأ بغنـاء أغنيـة عشـق بصوتـه العـــذب المليء بالدفء والحـب .. لتتراقص نبضات قلـب إيمـي على نبراتـه بحريـــة , كـان يسير معهـا ويغنـي وهو ينظر إليهـا بين الفينة والأخرى .. كل نظرة وكل كلمة في أغنيتـه كانت تعبـر عما يخالجـه نحوهـا من مشاعـر , وكأنه يعترف بحبـه لهـا من خلال تلك الأغنيـة وإيمـي كانت كالدميـة تمامـًا تتبعـه ويخفق قلبهـا له فقـط ولكن نظراتهـا كانت تحيطـه لتعبـر عن مشاعرهـا اتجاهه هي الأخـرى .. صادفهمـا في الطريق متجـر لبيع الآلات الموسيقية وكان على باب المتجر = بيانو = يقبع هنـاك .. سحـب كيوهيون إيمـي من يدهـا نحوهـ وجلـس وأجلسهـا بجانبـه وهو يغنـي.. ولكنه صمت قليلاً ونظـر إلى إيمـي بابتسامتـه الساحـرة قائلاً :: أتعلمين بأنكِ تبدين جميلـة للغايـة اليـوم ومختلفة عن باقي الأيام التي رأيتك فيهـا ؟! ::
احمرت وجنتا إيمـي وأخفضت
بصرهـا خجلاً فوضع يده أسفل ذقنهـا ورفع رأسهـا إلى الأعلى ليقابل وجهها وجهه
قائلاَ :: ما رأيك بأن نعزف ونغني سويـًا ؟! ::
فأومأت له برأسهـا إيجابـًا
وهي تبتسم بحيـاء :: فلنفعلها إذًا ! ::
فنظرا أمامهمـا وبدأت أصابعهمـا
تخط على أزرار البيانو باحترافية لتعلو نغماتـه الجميلـة مع نبـرات صوتيهمـا
الرنانـة المشتعلة بنـيران الحـب .. كـانا يغردان معـًا كما لو أنهمـا كنارييَ
الحب , الانسجام بينهمـا تعدى القمـة .. يغنيـان ونظرات أعينهمـا متعلقـة ببعضهـا
تأبى الابتعاد ولو لثانية واحدة .. لحظـات مليـئة بالسعادة والحـب كانت
تحيطهمـا ..
ثنـائـي مثالـي جديد يصعد على درجـات الحـب ويهبـط بسرعة بمجرد انتهـاء أغنيتهمـا معـًا ليأتيهمـا ذلك الصوت الخشن الغاضب من خلفيهمـا ويفسد عليهمـا لحظاتهمـا الجميلـة :: وأخيـــــرًا وجدتــــــك ابنتــــي الهــاربـــة , سوف تدفعين ثمـن غلطتـكِ هـذه دمــًا ! ::
دب الرعب في قلب إيمـي وسقط
من مكانـه من شدة خوفهـا والتفت لتراه أمامـها وتتأكد مما سمعتـه لتتسع عيناها
بشدة :: أ...أ..أبــــــــــــي
O ____ O ؟! ::
مر عام بالفعل وقد تغيرت
ملامـح والدهـا كثيرًا فقد ظهـر على وجهه الكبـر بسبب تناوله للكحول بشكل كبير وقد
كانت لحيتـه الكبيرة تكسو ذقنـه .. لم تتعرف عليه إيمـي في البدايـة ولكنـها أيقنت
بأنه هو سريعـًا من صوتـه الذي لم يغشى عنهـا أبــدًا .. منذ يومـان انتقـل والد
إيمـي إلى سيئول للبحث عنهـا ومعـه اثنـان من رجـال ذاك الرجـل العجـوز .. استمروا
في البحث عنهـا في كل مكان وبالصدفة وهم يبحثون رأوهـا مع كيوهيون تعـزف وتغنـي
على البيانــو .. اقترب والدهـا منهـا بسرعة البرق لتهوي صفعته على وجهها بقوة
وبنبرة تملؤهـا الغضـب :: أتجرأتِ على الهرب من
البيت والاختباء في مدينة أخرى لمدة سنة كاملة ؟ هل قمت بتربيتك بهذه الطريقـة
إيمـي ؟! ::
وضعت إيمـي يدهـا على خدهـا
لا إراديـًا وتجمعت الدموع في كلتا عينيهـا وهي تحــدق بوالدهـا الذي لم تتغيـر
قسوتـه عن آخر مرة وعينـاه يملؤهمـا الغضـب .. فجذبهـا كيوهيون نحوه بقوة وأحاطهـا
بكلتا ذراعيـه وهو ينظر إلى والدهـا وبنبرة جديـة :: كيـف يطاوعك قلبـك أن
تعامل ابنتك بمثل هذه القسـوة ؟ أليس من المخـزي أن يقـوم أب بصفع ابنتـه في
الشارع وأمام الجميـع ؟! ::
فاشتد غضب والد إيمـي حينهـا
أكثـر من كلمات كيوهيون وأخذ يصرخ بوجهه :: هذا الوغــد حقــًا ! ::
واقترب من كيوهيون وأبعدهـ
عن إيمـي ولكمـه بقوة ثم سلمـه للرجلان اللذان كانا في رفقته ويكمـلان ضربـه
ليتأوهـ كيوهيون ألمـًا , أما إيمـي فأخذت تصرخ باسم كيوهيون بقوة وهي تبكـي
وحاولت الاقتراب منـه لتبعدهم عنه ولكن والدهـا أمسك بهـا من قبضتهـا بإحكـام
وأبعدهـا .. كان الرجلان ذوي عضلات قويـا البنيـة ويضربان كيوهيون ذو الجسد النحيل
الضعيف بقـوة وهو يصـرخ متألمـًا , حاول جاهـدًا مقاومتهمـا ولكنـه لم يتمكـن من
ذلك .. علـت صرخـة إيمـي بين شهقات بكاءهـا وهي تنادي باسمـه ووالدهـا يجرهـا
بعيدًا معـه .. فنظـر كيوهيون إليهـا وهو يُضـرب ويتـألم بشدة :: أحبــــــــك
إيمــــــــي ! أحبـــــــــــك ! ::
نطـق تلك الكلمة بكـل ما
أوتـي من قـوة وهو ينظـر إليهـا بعينـان تملئهمـا الدمـوع ثم سقط من بين أيديهـم
على الأرض مغشيـًا عليـه من قسـوة ضرباتهـم ولكماتهم الموجهـة إليــه .. تجمدت
الدمـوع في جفـون إيمـي لسمـاع تلك الكلمة التي لطالما أرادت سماعهـا منـه , جـن
جنونهـا وشعـرت وكأن روحهـا تخرج من صدرهـا لتسيل الدمـوع من كلتا عينيهـا بغزارة
وهي تقاوم والدهـا وتصرخ باسمـه :: كيوهيــون , أنا أحبـك
أيضـًا .. أحبــك ! ::
واستمرت بمقاومة والدهـا
لتصل إلى كيوهيون ولكنهـا لم تتمكن من الإفلات منـه فقد كان أقوى منهـا بكثيـر ..
ثم سحبهـا إلى السيارة ودفعهـا إلى داخلهـا رغمـًا عنهـا وهي تصرخ , تبكي وتقاوم
بشدة ولا تزيـل عيناها عن كيوهيون الذي تركـاه والدهـا ورجالـه ملقًا على الأرض في
منتصف الطريـق غير قادر على الحركـة وآثار الكدمات تخـط على وجهه وجسده .. قامـوا
بتشغيل السيارة ثم انطلقـوا بهـا بعيـدًا فأخذت إيمـي تصرخ بوالدهـا بحرقة وهي
تضرب بيدهـا على زجاج السيارة بقـوة :: أنزلني الآن من السيارة
اللعينة هذه ! هل ستترك كيوهيون يموت ألمـًا هناك ؟ أعدنــــي إليــــــه ! لا
يمكنك تركه بهذا الشكل! ::
أنهـت كلماتهـا من هنـا فهوت
صفعة قـوية من والدهـا على وجهها من هنـا وبنبرة تملؤهـا الغضـب :: اصمـــتِ , ألن تصمـتِ
؟ أم أجعلك أنا تصمتين على طريقتـي ؟! ::
ازدادت دمـوع إيمـي وشهقات
بكائهـا وكادت أن تتفوه بكلمة أخرى فرفع والدهـا ذراعـه أمامـه ليهوي على وجههـا
بصفعة أخرى فوضعت إيمـي كلتا يديهـا على فمهـا وهي تبكي بحرقة وترتجف خوفـًا من
والدهـا الذي تحـول إلى وحـش لم تعهــده بهذه القسـوة من قبـل .. واستمرت طوال
الطريق على تلك الحـال حتى وصلوا إلى بيتهـم في موكبـو .. نزل والد إيمـي من
السيارة وهو يجـر إيمـي من يدهـا خلفـه ثم فتح باب البيت ودخـل ثم دفعهـا إلى داخل
غرفتهـا بقـوة وأغلـق الباب عليهـا بالمفتـاح لكي لا تحاول الهـرب مجــددًا ..
فهوت إيمـي على سريرهـا تبكـي بحرقــة وقهر وألـم ولا يغيب كيوهيون عن تفكيرهـا
ويشغـل بالهـا .. بينمـا على الطرف الآخر استيقظ كيوهيون من غفلتـه ليجد نفسـه
ملقيًا على أحد الأسرة البيضاء في المستشفى بعد أن قام المارة من الناس من الاتصال
بالإسعاف ونقلـه إلى حيث هو الآن .. شعـر بصداع في رأسه بالبدايـة ثم أخذ يستعيد
ما حصل معـه وإيمـي قبل أن يسقـط مغشيـًا عليـه فانتفض من مكانه وغضب بشدة ولكن
آلام جسده أعادتـه طريحـًا للفراش يتألــم وقلبــه يؤلمـه بشدة وهو يفكـر بإيمـي
.. قاوم ألمـه ونهـض عن السرير رغمـًا عنـه .. أزال المحاليل عنـه وبدل ملابسـه
وأخذ يستند إلى الجدران لتساعده في السير والخروج من المستشفى , عندمـا رآه
الممرضين قاموا بإمساكـه لكي يرجعوه إلى غرفتـه ليتعافى بالكامل ولكنـه أبـى
الاستماع إليهـم وأخذ يصرخ بهـم بغضـب (( ابتعـدوا عنـي ,
اتركونـــي ! )) حتى خرج من المستشفى وقام بتأجيـر سيارة تاكسـي
وتوجـه إلى الشقة التي كان يقطن بهـا مع إيمـي ظنـًا منـه بأنه قد يجدهـا هنـاك ..
دخـل إلى الشقـة وهو ينـادي باسمهـا , لم ترده أي إجابة فأخذ يتنقل بين الغرف
بصعوبة وجروح جسده تؤلمه بشدة وهو ينادي باسمهـا فانتهـى الأمر بـه إلى غرفتهـا
ليقلي بنفسه على سريرهـا ويعانق وسادتهـا التي كانت معبقة برائحتهـا وكأنـه يحتضن
إيمـي بين ذراعيـه .. ودموعـه تدلف من كلتا عيناه بغزارة وهو ينادي باسمهـا ثم بدأ
بالغنـاء بصوتـه العذب الحزين حتى غلبـه النوم بين أضلع سريرهـا الناعم الدافئ
وأغراضهـا ولمساتها التي تضج بالمكان .. لتراوده في أثناء نومــه كوابيـس يـرى
فيهـا والـد إيمـي يقـوم بضربهـا وتعذيبهـا ويزوجهـا إلى ذلك العجوز رغمـًا عنهـا
.. ولا يستيقظ كيوهيون من تلك الكوابيس إلا على صــوت صراخـه وهو يتصبب عرقــًا ,
يتجـول في أرجـاء الشقـة وهو يلعـن حظـه السيء في الحـب .. بات يكـره هذه الشقـة
ويمقتهـا كثيــرًا فها هو حبـه الثانـي الذي نمـا في هذا المكـان قد ابتعـد عنـه
كذلك كمـا الأول تمامـًا .. مـر أسبـوع على كيوهيون بهذا الحـال , بحـزن تكويـه
نـار الشـوق والقلق .. يبحث عن إيمـي في كـل مكـان علـه يجدهـا ولكــن بدون جــدوى
وقد كان يحترق شوقـًا لمعرفـة خبر واحد عنهـا فقط ..
بينمـا إيمـي المسكينة على الطـرف الآخر لم يختلف حالهـا عنـه كثيــرًا .. امتنعت عن الطعام والشراب ولكنهـا لم تمتنع عن البكـاء والتفكير بكيوهيــون .. كان القلق ينهـشهـا عليـه , ماذا حـل بـه ؟ هل هو بخيـر ؟ هل أصابـه مكروه مـا من بعد ما تعرض للضرب من قبل والدهـا ورجـاله ؟! كل تلك الأفكـار كان تجول بخاطرهـا طوال الوقـت ... كـان والدهـا قاسٍ جـدًا في معاملتهـا فإن أبــت فعـل أي شيء يطلبـه منهـا كـان يضربهـا وبقـوة ويحبسهـا في الغرفـة .. وأرغمهـا على مقابلة ذاك الرجـل العجـوز عدة مرات والجلوس معـه , كانـت تعاملـه ببرود وتأبـى أن تحادثه حتـى فينزعـج الرجـل منهـا ويشتكي منهـا إلى والدهـا فيغضب والدهـا منهـا فينتهي الأمـر بضربـه لهـا كعادتـه ثم يحبسهـا في غرفتهـا لتدلف إلى سريرهـا وهي تبكـي بحرقـة وألـــم وتنادي باسم كيوهيــون .. لتمـر ذكرياتهـا معـه أمامهـا وتغمــض كلتـا عينيهـا ليتسلل صــوت غنـاؤه الرائــع الذي تعشقــه إلى أذنيهـا وتنام على ألحـانـه .. وفي ليلـة سمعـت صوتـه يتسلل إلى أذنهـا فجـأة وهي متمددة على سريرهـا , ظنت بأنهـا تحلـم أو تتوهـم لكـن الصـوت كان حقيقيـًا هـذه المـرة .. هرعـت إلى نافذة غرفتهـا ونظـرت إلى الأسفـل لتجــده أمــامــها بشحمــه ولحمــه يغنـي بصوتـه الرائــع الرنـــان بأغنيــات الشــوق والحـب .. تجمعت الدموع في عينيهـا ولم تصــدق بأنـها تـراه أمامهـا مرة أخــرى , أمـا هو فكـان يغنـي وعلامـات الحـزن باديـة على وجهه ولكـن بمجرد رؤيتـه لوجههـا شعر وكأن روحـه عادت وارتدت إليـه .. أخذ يلوح لهـا بيده وبصوت خافت أخبرهـا (( هـل والـدك نائــم ؟! )) فأشارت له بيدهـا بأن ينتظر قليلاً فأومئ لهـا برأسـه إيجابـًا ووقف منتظـرًا .. تركت إيمـي النافذة ثم توجهت نحو الباب وقامـت بشقه قليلاً لتراقب والدهـا فوجدتـه ممددًا على الأريكـة وغــارق في نـوم عميـق بسبب تأثير الكحـول التي قد تناولهـا .. استغلت إيمـي الفرصــة وتسللت من الغرفة إلى الصالة و خرجت من البيت على أطراف أصابع قدمهـا بحـذر ثم ركضـت بسرعة حيـث يوجد كيوهيون .. كان يقف هنـاك منتظـرًا إياها وهو يضـع كلتا يداه في جيبي بنطاله ويعطيهـا ظهـره .. انتفضت جميـع المشاعـر في قلـب إيمـي ونادت باسمه بنبـرة ممزوجـة بشهقات بكاؤهـا :: كيوهيـــــــــــون ! ::
لمـع صوتهـا في أذنـه
كمعزوفـة رنـانـة أشعلت جميـع براكيـن قلبــه .. التفـت إليهـا ليجدهـا تركـض
نحــوه بسرعة البرق ثم تهـوي بين ذراعيـه بقوة كالعاصفة بعنـاقٍ حــار تبــرد
فيـــه قلبهـا المشتعـل شوقـًا إليــه .. لتتعلق بـه بشدة وتذرف دموعهـا وتسير على
كتفـه .. أحـس كيوهيون وكأن قلبـه قد قُلــعَ من مكانـه في تلك اللحظـات وأحــس
بأن جميـع مشاعره وحواسـه قد عادت إلى الحيـاة بمجرد خطو لمساتهـا على جســده ..
أمسكـها من كتفاها وأبعدهـا عنـه قليلاً ليتمكن من رؤيـة وجههـا الذي يعشقـه ويشتاق إليـه بجنـون .. نظـر إليـه .. جـن جنونـه بل فقد عقلـه .. ذلك الوجـه الجميـل الرقيـق ذو الخدود الكرزية يشوهـ بذلك الشكـل ؟ كـانت آثار صفعات والدهـا العديدة لهـا تخـط على وجههـا كالخريطـة .. كان وجههـا نحيـل وكذلك جسدهـا بسبب ما مرت به خلال ذلك الأسبــوع .. أمسك رأسهـا بكلتا يديـه وبحرقـة :: هل ما زال يضربـك بتلك الطريقة الوحشيـة ؟ أي نوع من الآباء هو والدكـِ ؟! ما كان يجـدر بـي تركهـم يأخذونكِ منـي .. آسف إيمـي .. آسف لأنني لم أستطع حمايتكـِ .. آسـف لأننـي لم أخذك وأهـرب بـكِ بعيــدًا .. سامحيني على تقصيري ! ::
ازدادت شهقات بكـاء إيمـي
أكثـر عندمـا سمعـت كلماته تلك ورأت الدموع التي بدأت تتجمع في كلتـا عينيـه وأخذت
تحرك رأسهـا يمينـًا ويسارًا وهي تنظر إليـه :: لا كيوهيون أنت لم تخطئ
بشيء لمَ تعتذر الآن ؟ لم ألومـك في يوم على ما قد حدث .. بل أنا من يجـب عليهـا
أن تعتذر , لقد ضربت وأهنت من أجلـي وأنت لا تستحـق ذلك .. لا تدري كم كنت قلقـة
عليـك وأتحـرق شوقـًا لمعرفة شيئـًا عنـك راجيـة ربـي أن تكـون بخيـر وبصحة جيدة
..وأنت الآن أمام ناظريّ مجددًا , هذا يكفيني ولا أطالب بالمزيد! ::
بدأت دموعـه بالسقوط فجذب
إيمـي بين ذراعيـه بسرعة لكـي لا ترى دمــوعه وعانقهـا بقـــوة كبيـــرة ليفرغ
بهـا شوقـــه وحبـــــه الكبيــــران لهـــا .. فتمسكت إيمـي بـه بقــوة كبيـــرة وهـي
تبكــي وسألتـه كيف تمكن من الوصول إليهـا .. فأجابهـا :: لقد قمـتِ بكتابة
عنوانك هنـا على ورقة لي مــرة .. ومن غبائي قد نسيـت ذلك تمامـًا ولكـن بفور
تذكــري بحثـت عن الورقة وعرفـت مكانـك وأتيـت إلى هنـا فـورًا .. عندمـا وصلت إلى
حيكـم وجدت امرأة عجـوز وسألتهـا عن مكان بيتكم فأخبرتني وتوجهـت إلى هنـا مسرعـًا
, بدأت بالغنـاء لكِ لتعلمي بوجودي وبالفعـل وجدتك ! آآآهـ يا إيمـي لو تعلمـي كـم
عانيـت.. اشتقت إليـك حد الجنــون وبدونك أصبحت حياتي باهتـة بلا طعمٍ أو لـون ,
فقد كنتِ كالنـور الذي أشعـل حياتي بمجرد دخولك إليهـا .. بفضلك نسيت طعم الحزن
والفراق ليتبدل بالحـب والسعادة .. كم أحبــك ! بل أعشقــكِ ! أعــدك بأن أخلصـك
من هذا الجحيم لنكمـل حياتنـا معـًا بسعادة إلى الأبــد ! ::
أخذ قلب إيمـي ينبض بقـوة
وتزداد نبضاته مع كل كلمة كان يقولهـا ويشعـل كيانهـا بهـا .. ازداد تمسكهـا بـه
ونطقت بكلمة واحدة فقـط :: دعنـا نهـرب بعيــدًا
معــــًا ! ::
فأخذ يلمس على شعرهـا بحب
وحنـان :: أيجـدر بنـا فعلهـا إذًا ؟! ::
فأتاهمـا ذلك الصـوت المخيـف
من الخلف بنبرته الغاضبة :: ما الذي ستفعلانـه من
وراء ظهـري إذًا ؟! ::
دب الرعـب في قلـب إيمـي
وتجمدت في مكانهـا كقطعة الجليد من شدة خوفهـا أما كيوهيون ارتعش قلبـه في داخلـه
عندمـا سمـع صوتـه وتمسك بإيمـي بقوة أكبـر وأبـى تركهـا أو الابتعـاد عنهـا ..
فاقترب منهمـا ليبعدهمـا عن بعضهمـا ولكن كيوهيون احتضن إيمـي بقوة كبيرة لكي لا
تفلت من بين يديـه فأخـذ والدهـا بضربه بقوة على ظهره لكي يفلت إيمـي ولكن كيوهيون
تحمـل الألـم وظل متمسكـًا بهـا .. واستمرت هذه الحال لدقائق وكيوهيون مازال
صامــدًا حتى هـوت لكمـة قوية على وجهه من والد إيمـي آلمتـه بشـدة لتضعف قواه ,
يبتعد عن إيمـي ويسقط على الأرض وهو يمسـك برأسـه متألمـًا .. خافت إيمـي وجثت على
ركبتيـها بجانبـه ودموعهـا تنـزف بغزارة وهي تمسك رأسه بقلق :: كيوهيون هل أنـت بخيـر
؟! ::
أخـذ كيوهيـون يصـرخ بألـم :: إنــه يؤلــم , رأسـي
يؤلمنـي وبشدة , أشعـر وكأنـه سوف ينفجـر! ::
قلقـت إيمـي حينهـا عليـه
أكثـر :: انهـض دعنـا نذهب إلى المستشفى لنطمئن ! ::
حينهـا غضـب والدهـا وأمسك
بهـا من معصمهـا بقوة :: لن تذهبِ إلى أي مكان سوى غرفتـك الآن ليتم عقابـك ! ::
حينهـا فارت الدماء في عروق
إيمـي وسحبت ذراعهـا من يده بقـوة وأخذت تتحدث بحرقة وغضـب ودموعهـا تكسو وجههـا :: هذا يكفـــي ! ألـن
تتوقــف أبــي ؟ إن لم تتوقـف في الحـال سيتصـل هو بالشرطة ليبلغ عنكـ في
الحـــــال ويتم حبســك إلى الأبــد لاعتدائك عليــه بهذه الطريقـة الوحشيـة ! ::
قالت تلك الكلمة وهي تشير
بإصبع يدهـا نحو كيوهيون .. نشفت الدمـاء في عـروق والدهـا في تلك اللحظة وتجمد في
مكانـه لا يستطيع استيعـاب ما ألقتـه ابنتـه عليـه من تهديـد حاسـم .. لم يتوقـع
صـدور تلك الكلمـة منـهـا أبـــدًا , أحــس وكـأن صدمـة كهربائية قد أصابتـه فأخـذ
يهـز برأسـه يسارًا ويمينـًا وهو يهذي بكلمـة (( لا
, لا ! )) .. وما كان منـه بالنهـايـة إلا أن ركـض في
الشارع وهـرب بعيـدًا كالمتهم المفروض عليـه حكـم الإعدام .. هـرع من بينهمـا حتى
اختفـى أثره من أمامهمـا حتـى قادتـه قدمــاه إلى أحد الحانات .. أما إيمـي فبعـد
أن اختفـى والدهـا من أمامهـا عادت لتطمئن على كيوهيون هي ترتجف من الخـوف عليـه
.. أمسكت رأسـه بكلتا يديـها ونظرت إلى وجهه :: هل ما زال رأسك يؤلمك
؟! يجب أن نستدعي الطبيب حالاً ! ::
فأمسك بكلتا يديهـا وجذبهـا
نحوه وعانقهـا بقوة وأغلق عينيـه وتنهد براحة :: الآن أصبحـتُ بخيـر .. ::
ولكـن إيمـي كانت قلقة عليـه
وأخذت تحاول الابتعاد عنـه لينهـض وتأخذه إلى المستشفى لتطمئن عليـه ولكنـه تمسك
بهـا بقوة ومنعهـا من الإفلات من بين أحضانـه وأخبـرهـا بألا تبتعد عنـه وهو بأفضل
حالاته طالمـا هي بقربـه .. تعبت من محاولاتهـا معـه فسكنت في النهاية بين أضلاعـه
لتعـوض بذلك العناق الأيام التي ابتعدت فيهـا عنـه .. انشغـل بالهـا بوالدهـا
وكانت قلقة عليـه من أن يفعـل بنفسه شيء من بعد أن قامـت بتهديده بذلك الشكـل ..
ولكنهـا كانـت تدرك بأنـه سيعـود في النهايـة بـلا شـك ,.,., ثم انتقلت هي
وكيوهيون من الشارع إلى البيت .. دعـت كيوهيون لينام في سريرهـا وشارفت هي على
الخروج من الغرفة لتدعه يرتـاح فتمسك بهـا وسحبهـا بين ذراعيـه لينام بين ذراعيهـا
بعد أن اتكئ برأسه على صدرهـا ليتمكن من سماع خفقات قلبهـا وأحاط خصرهـا بكلتـا ذراعيـه
وهو مغمـض العينـان براحـة .. كانت نبضات قلـب إيمـي تضرب بقوة داخل صدرهـا
ووجنتاها محمرتان خجـلاً وهـي تلمـس على شعره بحنـان ولا يغيب والدهـا عن تفكيرهـا
أبــدًا وقلقـة بشأنه بشدة ..
استمـرا على تلك الوضعية حتى غلـب وطغـى النـوم عليهمـا وهمـا يقطنان في أحضان بعضهمـا البعـض .. ليستيقظ كيوهيون في اليوم التالـي ويجد نفسـه ممددًا سرير إيمـي ولكنهـا ليست بجانبـه .. فعـدل جلستـه على السرير وأخذ نظراتـه تجـول في الغرفة بحثـًا عنهـا فوجدهـا تدلف من باب الغرفة نحوه وهي تحمـل صينية تحوي طعامـًا .. عندمـا وجدتـه ينظر إليهـا بنظراته المليئة بالحب تلك أهدتـه ابتسامتهـا الهادئة قائلة :: صباح الخيـر ^^ ::
فبادلهـا بالرد بابتسامتـه
الجميلـة .. اقتربت إليـه ووضعـت الطعام بجانبـه وجلست هي أمامـه لتطمئن عليـه
فأخبرهـا بأنه بحـالٍ أفضـل وبدأ يتغـزل بهـا بمقطـورة غــزل لتتورد وجنتـي إيمـي
بغـزل وتسكتـه بوضع ملعقة الطعام في فمـه .. وملعقة تلو الأخـرى حتى أنهـى طعامـه
واستعاد كامل طاقتـه .. مــر اليــوم بكاملــه وكيوهيون وإيمـي معـًا ينتظـران
ظهـور والدهـا بأي لحظــة حتـى كادا أن يفقدا الأمـل بظهوره ولكن عندمـا حل المسـاء
كانا يجلسان بالصالة سويـًا فطـرق أحدهم الباب فجـأة ليطرق قلبي إيمـي وكيوهيـون
معـه بخـوف وتوتـر .. هرعـت إيمـي نحو الباب بسرعة وفتحتـه لتجــد والدهـا يقـف
أمـامـه بوجهه المليء بالكآبة ورائحة الكحـول تصــدر منـه .. كانت ملامحـه مختلفـة
هـذه المـرة , فقد اختفت ملامح القسـوة والجبـروت عن وجهه لتتبدل بالحــزن
والنــدم .. نطقـت إيمـي باسمـه بتردد :: أبــــــي ! ::
ظل يحــدق بهـا بنفس
النظـرات فتابعت كلماتهـا :: هـل أوصلك شجعك بالنقود
إلى هذا الحـد ؟ لتبيع ابنتـك وتعذبهـا من أجلـــه ؟ هل النقود هي كل شيءٍ في
الحيـاة ؟ أرجوك أبـي أفق من غفلتـك وعـد أبــي الطيب الحنـون الذي أعـرفــه !
الذي لا يستسلم أبـدًا ويخضع للهزيمـة مهمـا ضاقـت بـه الظروف .. ؟! ::
آلمـه قلبـه فأخفـض نظره
للأسفـل وهو يستمع لكلمات إيمـي الصادرة من قلبهـا :: أتذكر أبـي عندمـا كنـا
نخرج ونلهو سويـًا ونحن سعـداء ؟ أتذكـر كم كنـت تدللنـي وتوفر لي كل ما أرغبـه
وتحضـر لي كل ما أحبـه ؟ أتذكـر عندمـا أكون حزينـة وأبكـي تأتـي إليّ وتحتضنني
بقـوة وتربت على شعري بحنان وأنت تقـول لي ابنتي حبيبتي كل شيء سيكون أفضـل .. لا
يستحق شيء في هذه الحيـاة أن تسقـط دمعـة من دموع ابنتي الجميلة من أجـله ..
أتذكــر أبــي عندمـا فشلـت في مسابقتي الموسيقية بماذا أخبرتنــــي ؟! ::
كانت تتكلم وهي تبكي بحرقـة
ودموعهـا تنـزف على خديهـا بغزارة ووالدهـا يستمع إلى كلماتهـا ولا يجرؤ على النظر
في عينيهـا حتـى فقد بات قلبـه يلين فأكملت :: أخبرتنـي بأنهـا ليست
النهايـة وبإمكاني الفـوز مـرة أخـرى فبنظرك أنا أفضـل فنانــة في هذا الكــون ..
جاء دوري لأخبرك أبـي بأن هذه ليست النهايـة , يمكنك البدء من جديد وبذل وسعـك في
إيجـاد عمـل يناسبك وتفعـل أفضل ما لديك من جهود وتنجح فيـه وتعـود كما في السابق
وأفضـل .. فكـل نهـاية لهـا بدايـة جديدة أبــي لا تستسلم وتكـون بمثـل هذا اليأس
والإحبـاط .. عـــــــد أبـــــي الحنـون المثابــر إلــــيّ عــــد أرجــــــــوك
! أشتـاق إليـــك بشدة أبـــــي عــــــد أرجـوك كفـاك عنـادًا ! ::
عنـد صـدور كلماتها الأخيـرة
انفجـرت مشاعـر والدهـا كالبركان الملتهب وانهمرت دموعـه بغزارة لتكسو وجهه ..
أفاق من غفلته وشعر بتأنيب الضميـر والنـدم .. أحـس وكأن الشيطـان الذي كان
يتلبسـه قد انخلـع عنـه وولـى بعيـدًا وتلاشـى .. بدأ ينطـق بكلمـة (( آســف ))
بين شهقات دمـوعه و نظـر إلى إيمـي قليلاً ثـم أخذهـا بين ذراعيـه بعناقٍ أبــوي
حــار تملؤه الأشــواق :: إيمـي , ابنتي , حبيبتي
وكل ما أملك في هذه الحيـاة .. والدك الأحمـق كان فاقـدًا لعقله تمامـًا فقد
سلبتـه منه النقود اللعينـة , آســف ابنتـي آســف سامحيني .. سامحي والدك الساذج
على ما ورد منـه نحـوك .. أخطئت بحقك كثيرًا يا ابنتـي ولا أعلـم ماذا أفعـل كـي
أصلـح أخطائـي .. سوف أعمـل حتى آخر يوم في حياتي من أجـل إسعادك وأمحو تلك الذكرى
القبيحـة من مخيلتك , أعـدك بأن أبدأ من الجديد لأصبـح الأفضل بنظرك يا ابنتـي
وتفخـري بي كمـا في السابق وأكثـر .. وسأكون عند وعـدي هذا , آسف سامحيني يا ابنتي
.. ::
رقَ قلب إيمـي من تلك
الكلمات الصادرة من والدهـا بصـدق وعانقتـه بقـوة وهي تبكـي كالطفلة الصغيرة التي
كانت دميتهـا قد ضاعـت منهـا وعادت إليهـا من جديـد .. استمـرا بمعانقة بعضهمـا
البعـض ووالدهـا يعتذر إليهـا ويطلـب منهـا السمـاح وهي تتمسك بـه بقـوة وتبكـي ..
طوال تلك المدة كان كيوهيون الذي لم يتمكن من حبس دمـوعـه يقـف متفرجـًا من بعيـد
وقلبـه ينبـض بخليـط من مشاعـر الحـزن والفـرح بنفـس الوقـت .. وبعد أن هدأت
الأجـواء تقدمـت إيمـي وهو تمسك بذراع والدهـا نحو كيوهيون الذي مسح دموعه ورسم
ابتسامتـه الهادئة على وجهه بمجرد رؤيتهمـا يتجهـان نحوه ثم وقفـا أمـامـه ..
أشارت إيمـي بيدهـا نحو كيوهيون وهي تبتسم :: أعرفـك أبـي بتشو
كيوهيون , محاضري في الجامعة وصديقـي .. ::
فانحنـى كيوهيون لـه
احترامـًا ثم ابتسم إليـه .. فتحدث والدهـا قائلاً :: آسـف جـدًا على ما قد
بـدر منـي مسبقـًا بحقـك , سامحنـي يا بني .. ::
فأومـئ كيوهيون له برأسـه
إيجـابًا ثم اقترب منـه ليعانقـه :: لا داعي لأن تتأسف أبـي
.. وكيـف يمكنني ألا أسامح نسيبي والـد زوجتـي المستقبلية هــآآهـ ؟! ::
توردت وجنتـي إيمـي خجـلاً
لسماعهـا تلك الكلمات التي لم تكن تتوقـعها من كيوهيون حتـى .. أما والـد إيمـي
فأخذ يضحك ويربت على كتف كيوهيون :: آآهـ صهري المستقبلي
يجب أن تعتني بابنتي وبي جيــدًا إذًا ولا تجعلهـا تحـزن أو تتألم أبــدًا وإلا
حرمتـك منهـا أتفهم ؟! ::
فابتعد كيوهيون عنـه وأحاط
كتفـي إيمـي بذراعـه وهو يبتسم بثقة :: لا تقلق سوف تكـون بين
أيدي أمينـة ولن أجعلهـا إلا سعيدة حتى آخر يوم في حيـاتنـا معــًا .. فهـي تمثـل
كل حياتي الآن ولن أفرط بهـا مهمـا حــدث ! ::
فأخـذ والد إيمـي يربت على
كتفـه وهو يبتسم إليـه :: أثـق بـك يا بنــي ..
والآن فلتعودا إلى سيئول معـًا لكـي تكمـلا دراستكما الجامعيـة .. أريـد درجـات
عاليـة وإلا سأقوم بمعاقبتكمـا معـًا ! ::
اتسعت عينا إيمـي بصدمـة ولم
تصـدق ما بدر من والدهـا حتـى وعندمـا سألتـه ماذا سيفعل هـو .. أخبرهـا بأنه
سيقـوم ببعض الأعمـال في موكبـو ويبيع البيت ثم يتبعهمـا إلى سيئول للعيـش معهمـا
.. كما أخبرهمـا بأنه سيعرض نفسـه إلى طبيب نفساني وسيبدأ بالبحث عن عمـل جديد
ليحسن من حالـه بشكل أفضـل .. فرح كل من كيوهيون وإيمـي لسمـاع تلك الأخبـار
السارة من والدهـا وشعـرا بالطمأنينة والراحة أخيرًا .. وأكملوا اليوم ثلاثتهم
سويـًا بسعادة وفي اليـوم التـالي عاد كل من كيوهيون وإيمـي إلى سيئـول ليستأنفى
دراستهمـا في الجامعـة .. أبـى كيوهيون أن يعود إلى تلك الشقـة مجـددًا وبدأ
بالبحث عن شقـة جديدة لـه ولإيمـي لكي يسكنـاهـا معـًا .. وبالفعـل وجدا شقـة
مناسبة وقريبة من الجامعـة بنفس الوقـت .. كـانـت أجمـل وأوسـع من الشقـة القديمـة
وقد بدئـا فيهمـا حبهمـا الصغيـر لينمـو ويكبـر أكثـر بوجودهمـا معـًا إلى الأبـد
.. وفي يــوم كانا يجلسان في شقتهما الجديدة ويشاهدان
التلفاز .. كان كيوهيون مندمجـًا للغـايـة فقد كان يحـب ذلك البرنامج بشدة , بينما
إيمي كان مندمجـة مع كيوهيون فأي مشاهدة تلفاز وهو يجلس بجانبهـا ؟! كانت مشاهدته
بالنسبة إليها تغنيها عن كل شيء .. تراقب تحركاته أمامهـا بتطلع ودقة كبيرة
.. فجأة و بكل عفوية أخرج لسانه و أدخله مرة أخرى ليرطب شفاهه الجافة ويضيف
إليهمـا لمعـة وجاذبية خاصـة..
لتكون هذه الحركة بالنسبة
لإيمي كالعاصفة التي جعلت قلبها ينبض بنبضات مجنونة وعابثة لتعبث بعض الأفكار التي
كانت كامنة في عقلها فجعلت وجنتيها تتوردان بخجل و أنفاسها تتسارع فتخبره بعصبية :: هيــــه
لا تفعل تلك الحركة أمامي تشو كيوهيون ! ::
فالتفت كيوهيون إليهـا
متعجبـًا من انتفاضهـا بتلك الطريقة ونظـر إليهـا بنظـرة تملؤهـا البراءة كطفـل صغير
متسائلاً :: مـاذا
تقصديـن ؟! ::
لم تستطع إيمي تحمـل
لطافتـه تلـك أكثـر , انتفضت جميع المشاعر في داخلهـا واشتعلت خفقات قلبهـا بجنـون
لتثبت يدهـا على عنقـه وتجذب رأسـه نحو رأسهـا وتقرب شفتيـه من شفتيهـا وتقبلـه
بشغف معلنـة استسلامهـا لـه ولحبـه .. فوجئ كيوهيون من جرأة
إيمـي التي ظهرت فجـأة وبدأت نبضات قلبـه تخفق بشدة أكثـر من كل مـرة فأطلـق
العنـان لمشاعره ..أغمـض كلتا عينيـه وأخـذ يقبلهـا بجنـون , أحاط جسدهـا
بذراعيـه لتتراقـص أصابع يديه عليـه بحريـة كمـا لو أنـه يعـزف على البيانـو
خاصتـه .. كـانت قبلتهمـا الأولـى أو الثانيـة بالأحـرى مليئة بالمشاعـر القلبية
الحبيـة الحـــارة ...
لتتبعهـا قبلات خلـف قبـلات مع مرور الأيـام بينهمـا بسعادة لتنتهـي بتخرج إيمـي من الجامعـة و تثبيت كيوهيون كأستاذ موسيقى رسمـي فيهـا .. أمـا والد إيمـي بعد أن قام ببيع بيته في موكبـو انتقـل للعيش في سيئول مع كيوهيون وإيمـي وهنـاك أصبـح يذهـب إلى طبيب نفسي مختـص قـام بمعالجـة حالتـه .. وبعد أن قام والد إيمـي بالبحث عن عمـل وجـد وظيفـة في شركة مقاولات كبيرة وأبـدع في عملـه فيهـا نظـرًا لخبرتـه السابقـة في هذا المجـال .. وبعد مـرور عـام من تلك الفتـرة , كانت إيمـي كعادتهـا غـارقة في نومهـا ليتسلل صــوت غناءه إلى أحـلامهـا وتضفي عليهـا رونقـًا من العــذوبة والجمــال , تفتح إيمـي عينيهـا بتثاقل وتعـدل من جلستهـا على السرير بتذمــر :: يا له من مزعــج , ألـن يتوقف عن هذه العادة -_- ؟! ::
ونهضـت من السرير واقتربت من النافذة لترآه أمامهـا وهو يغنـي بالأسفــل وفـور رؤيتـه لهـا اعتلت ابتسامته الساحرة وجهه :: هـلَ نزلــتِ إليّ قليلاً حبيبتــــــي ؟! ::
أخذت تتددل عليـه وتحرك رأسهـا يمينـًا ويسارًا معلنـة الرفـض , فنظر إليهـا بخبـث :: ألا تريدين رؤيــة المفاجـأة التي قد قمت بتحضريـها لكِ ؟ حسنــًا أنت الخاسرة ! ::
فأخذت إيمـي تتحدث بسرعة وحمـاس وهي تقفـز :: مــاذا ؟ مفاجأة ؟ سآتي حالاً , انتظــــر ! ::
فأخذ كيوهيون يضحك على طفوليتهـا تلك , سارعت إيمـي بالنـزول إليـه وفـور وصولهـا دقــت نغمات البيانـو أصواتهـا معلنـة عن أغنيـة عشـقِ يصحبهـا صوتـه العذب .. كان كيوهيون يعـزف على البيانو ويغني من أجـل إيمـي , تجمدت إيمـي مكانهـا وهي تحدق بـه لا تستطيع استيعاب ما يحدث حتــى .. تحدق به ونبضات قلبها تسبقها إليه ، كان ينظر إليها وهو يغني وابسامته الساحرة لا تفارق وجهه وأشار لهـا بيده لتجلس بجانبـه , فاقتربت منـه وجلسـت بجانبـه وهي تحدق بوجـه وقلبهـا يخفق بشدة .. أكمـل معــزوفــة عشقــه إليهـا وفـور إنتهائـه اقترب بشفتيه من جبينهـا ليطبع قبلة رقيقـة عليـه وتحمـر وجنتـا إيمـي خجـلاً وحيـاءًا ..
ثم ابتعد عنهـا وأدخـل يده إلى جيبـه ليخرج منـه علبة صغيرة ويضعها فوق يدهـ ويعرضهـا على إيمـي ثم يفتحهـا ليتلألأ الخاتـم الألماسي بداخلهـا ويتوهـج في عيني إيمـي اللاتـي بللتهمـا دمـوع الفــرح والحــب .. ليمسك كيوهيون بيدهـا بيده الأخـرى وبابتسامتـه الجذابــة وصوتـه الرجولـي الساحـر :: هـلَ سمحـتِ لـي بأن أطـوقك وأربطـكِ بـي بهذا الخـاتـم الذي اخترته بنفسـي ليناسب رقـة ونعـومـة أصابعـكِ أميـرتـي ؟! ::
أخـذت نبضـات قلـب إيمـي تخفق بقوة أكبـر من كل مرة .. شعـرت بسعادة غامـرة وكأنهـا تحلــم , نظرت إلى عينيـه مباشـرة وأومأت له برأسهـا إيجابـًا ودموعهـا تخط طريقهـا على وجنتيهـا :: وكيـف لي ألا أسمـح لك بذلك وأنـت عمـري وكـل حياتي ؟ بالطبــع موافقـة ! ::
غمـرت كيوهيون السعادة وأخذ يبتسم بنصر وقلبه يخفق بشدة فأخرج الخاتم من العلبة فــورًا وألبسهـا إياه ثم قرب يدهـا من شفتيـه وطبـع قبلـة عليهـا بكل حـب أفاضت جميـع مشاعر إيمـي بداخلهـا , وتوجهـا بكلمــة (( أحبــــــك ! )) ..
^^
...النهـــــــــــــــــــآآيــــــــــــــــــــــة ...^^
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق