Written By : Miral MK
أشعر وكأنني أسقط في بئرٍ مظلم ..
أنظر إلى سقفه؛ نحو السماء ! أسقط بخفة
وذراعاي تحلقان أمامي تحاولان التشبث بشيء، أي شي .. حتى لو كان الهواء !
كلما خَفُت ضوء الشمس كلما أدركت بإنني
أتعمقُ بالسقوط أكثر .. أقترب نحو القاع ! يجعلني أُدرك مدى ظُلمة هذا البئر
وقذارته .. بعيدًا عن ضوء الشمس ونقاوة السماء، أنا أسقط في حُفرةٍ بعيدة عن كل ما
هو جميل في هذه الحياة.
من المفترض أن الإنسان عندما يُحلق .. يُحلق نحو السماء، لكن لماذا أُحلق أنا نحو الهاوية؟ بعيدًا عن السماء !
من المفترض أن الإنسان عندما يُحلق .. يُحلق نحو السماء، لكن لماذا أُحلق أنا نحو الهاوية؟ بعيدًا عن السماء !
قلبي لم يعُد في مكانه منذ وقت !
لكنني لا أستطيع ان أُحدد ! أتركته في الأعلى أم انهُ سقط قبلي في القاع ؟!
أريد أن أغمض عيناي لكي لا أشعر بإن
الموت أقترب ! لا أُريد أن أرى .. رؤية ما يحدث لي قاسية حد الموت !
نفس عميق ... لطالما أخذته، ولكن بلا
جدوى .. أنا أسقط بالفعل !
متى سأقترب من النهاية؟ تعبت وأنا
أُشاهد عذابي ببطء .. أُريد الوصول إلى القاع، لربما رؤيته ستُشعرني بإن النهاية
هُنا وأنا لن أذرف الدموع مجددًا.
أرجو في أعماقي ألّا أجد قلبي في
القاع .. يكفي ألم ! أُريد التخلص منه، التحرر من قيوده المرهقة، لا أريد أن أشعر
بشيء مطلقًا بدءًا من الآن !
أنا مجرد إنسان يرغب بإن يعيش حياة
طبيعية .. بلا ألم، أن أبكي في لحظات الحزن المفاجئة ! أن أبتسم في لحظاتي السعيدة
التي أرغب بإن تستمر طوال الوقت !
أريد أن أكون إنسان يعيش في هذه
الحياة، يتنفس بحرية .. بهدوء !
لا أريد أن أصل إلى القاع وأحاول
التسلق وأنا لا أجد ما اتشبث بهِ .. حتى الهواء انعدم !
أُريد لقلبي أن يرافقني لكي أبقى
سعيدة وأشعر كباقي البشر .. أريد أن أحيا بهِ لا أن أموت بهِ .. أريدُ قلبًا ينبض
بجسدي ويضخ الدم .. لا أن ينكمش بصدري ويضعفني هكذا .. أريد ان أكون أنا .... أريد
أن أعيش حياتي كغيري ... كإنسان يُمكنه العيش بحق.
لطالما شعرت وكأنني على حافة السقوط كلما أقترب أحدهم وسَخِرَ مني بهذه
الطريقة !
الشتائم التي كنتُ أسمعها، والمضايقات
الجسدية التي كنتُ أتعرض لها، ضحكات الجميع علي، نظراتهم المغلفة بالإهانة،كنتُ
مُحاطة بكم هائل من الوحوش وأنا الفريسة الوحيدة امامهم، يتصارعون بين بعضهم من سينقض عليّ أولًا، من
سيغرس أنيابهُ الحادة في جسدي ومن سيلعقني بقذراة ملافظه أكثر .. عانيتُ الكثير
ولا زلتُ أُعاني .. التنمر أقسى ما يُمكن أن يتعرض له الإنسان.
انتشلها ذلك الصوتُ الأُنثوي من قيعان
ذكرياتها المؤلمة، انتفض جسدها بتوتر، نظرت إلى اللوح الرقمي أمامها تشاهد الرقم
ذاته الذي كُتب في مُنتصف الورقة الصغيرة بين يديها، تجمدت أطرافها لا تقوى على
التُحرك، مُرهقةٌ هي بشدة لكي تتحمل هذا العبء الآن، تكرهُ هذا اليوم من الشهر،
تبغضهُ بشدة .. لكنها مُجبرة !
لملمت جزيئات عقلها المبعثرة ووقفت
على قدميها تحاول التقدم بخطواتها، تضغط على الورقة بإصابعها وكأنها تستنجد بها
لمساعدتها .. ازدردت لعابها للمرة الثالثة قبل أن تخطو إلى الأمام ببطء، توقفت
للحظات أوشكت بها على مغادرة المكان بأكمله، صراعٌ يُزعجها كل شهر عندما تأتي
لإستلام الحوالة المالية التي يُرسلها والدها لها، تريد التقدم والحصول على ما
جاءت من أجلهِ والعودة بسرعة لكن الأمر بالنسبةِ إليها ليس بهذه السهولة على
الإطلاق .. لكنها مُجبرة !
أخذت شهيقًا عميقًا لتُخرج بعده كُلَ
الشوائب التي بداخلها بزفيرها، تقدمت باتجاه طاولة العملاء حيث كانت تقف خلفها
فتاة عشرينية تحملُ ابتسامة مشرقة على ثغرها.
"تفضلي آنستي كيف يُمكنني
مساعدتكِ؟" سألت الفتاة العشرينية بنبرة صوتها المُبرمجة.
صمتت للحظات لا تعرف بماذا تُجيب، لا
يُمكنها فتح فمها حتى !
"آنسة؟؟" سألت الفتاة مجددًا
بضيق تحاول أن تُنهي عملها سريعًا.
"ح-حوالة مالية" صمتت ثم
تابعت بنبرة ثقيلة "جئتُ لأستلم حوالة مالية" تحدثت أخيرًا لتسألها
الفتاة بالمقابل "حوالة مالية بإسم .. ؟"
ازدردت لعابها مجددًا تُمسكُ بطرف
قميصها تضغطُ عليه بشدة، تحاول الحروف أن تتسلق نحو شفتيها تفتحهما رغمًا عنها
لتنطق أخيرًا "ج-جيني .. كيم جيني"
بدأت الفتاة بالبحث عن الحوالة باسم –كيم
جيني- في الحاسب أمامها، وكأن الموضوع يأخذ منها سنوات طويلة، ببطء شديد ترى
أصابعها تتحرك على لوحة المفاتيح، تعابير وجهها تبدو كوحش تتحرك ببطء لا يُمكنها
تحديدها مطلقًا، تفكر والأفكار تتضارب في رأسها .. بسرعة .. بسرعة، فلينتهي هذا
بسرعة !
بدأت نبضات قلبها تعلو بشدة والمكان
من حولها يدور مضطربًا يصيبها بالجنون، قطرات العرق تتصببُ في جبينها تُزيد من
حرارة جسدها ليشتعل أكثر وتُحيط بمُقلتيها دوائر ملتهبة تحرقهما وتمنعهما من
الرؤية بوضوح، هدوءٌ تام عمّ من حولها، قطراتُ العرق تتساقط على الأرض ليضرب صوتها
مسموعًا في ارجاء المكان متزامنًا مع صوت أنفاسها العالية .. شهيقًا وزفيرًا بقوة.
"آنسة كيم .. آنسة كيم؟"
صوتها الأنثوي عاد مجددًا ليُخرجها من
قاعها المؤلم، حاولت النهوض في اعماقها لتُجيب بصوتٍ مضطرب "ن-نعم؟"
"هويتك الشخصية اذا سمحتي"
أعطتها الهوية التي كانت قد حضرتها مسبقًا بيدها لكي لا تعاني في إخراجها من
الحقيبة.
"تفضلي وقعي هُنا لتستلمي
النقود" تحدثت الفتاة وهي تشعر بالريبة تجاه جيني، لتأخذ الاخيرة القلم
وتُحاول التمسك بهِ بين أصابعها لترسم توقيعها أخيرًا في المكان المخصص وتاخذ
النقود وهويتها وتخرج بخطواتٍ مسرعة تتجاهل كل شيءٍ حولها،تريدُ الخروج هذا فقط ما
يخطر في بالها الآن، البقاء على قيد الحياة.
خرجت تُصارعُ نفسها تندفعُ بجنون
باحثةً عن الوحدة، العزلة في نفسها التي اعتادت عليها، دخلت ترتكز على حائط إحدى
الأزقة الخالية، تنفسها يزداد اضطرابًا، أخرجت البخاخ من حقيبتها وضعت طرفهُ
السُقلي في فمها تستنشقهُ بعمق عدة مرات، أنزلتهُ أخيرًا لترتخي ذراعها قُرب
الحائط ويبدأ تنفسها بالانضباط شيئًا فشيئًا، زفرت تُغمض عينيها باستسلام لواقعها
المرير، عضت على شفتها حتى أدمتها تُحاول كبت دموعها "لا بأس .. لا بأس سأكون
بخير"
-
في مكانٍ آخر حيثُ سحابة الظلام تُخيم
فوق ذلك المنزل وتنشرُ عتمتها في قلوب كل من يسكنه، في تلك الغرفة بالذات يحاول
جاهدًا أن يجعلها تُمطر لعلّ السواد يرحل وتبيّضُ حياتهُ .. لكن السواد في هذا
المنزل تحديدًا يعدُ ظلامًا من نوع العزلة الأبدية.
يجلسُ على كريسه أمام الطاولة، يضع
رأسه بين كُتبهِ مرتديًا نظاراته الطبية وأطراف خصيلات شعره الأسود تنسدل لتُغطي
المنتصف العلوي من جبينه، يُرسل نظراته بتركيز بين المعادلات الكيميائية التي ملأت
دفترهُ بشكلٍ مُستفز.
يحلُها بإتقان، هو ذلك الشابُ الذكي
الذي يُتقنُ ذلك النوع من المواد العلمية، ويحلُها بسهولة، لطالما كانت الشيء
الممُيز في حياته، ودراستُها الأمر الممتع بالنسبةِ إليه قبل أن تتحول إلى الجحيم
الأسود الملتهب في آخر ثلاث سنوات مضوا.
تنهد بتعب وهو يرمي القلم بهدوء على
الطاولة، نظر نحو الساعة أمامه فهمس لنفسهِ "ثلاثة ساعات متواصلة من دراسة
الكيمياء، لنأخذ بعض الراحة"
خلع نظارته ووضعها جانبًا، ثبت كفيه
على حافتي الطاولة ليتراجع بكرسيه نحو الوراء قليلًا، وقف مبتعدًا عنه ليتجه نحو
السرير ويرمي جسده فوقه بتعب .. مرهق للغابة.
عدّلَ جسدهُ ليضع رأسهُ على الوسادة
ويُسند ذراعه فوق وجهه ليُخفي نصفه تقريبًا ويُغمض عينيه ليحظى بلذة الراحة بعد
تعب وإرهاق شديدين.
ما هي إلا دقائق معدودة حتى سمع صوت
باب الغرفة يُفتح ببطء ليعلو صوت والدته بنبرته الساخطة مباشرة "جيمين ! هل
أنت نائم وامتحانات القبول في نهاية الشهر؟"
زفر بضيق قبل أن يتحدث ببرود
"إذًا؟"
"إذًا؟ أهذا ما يُجيب بهِ الطفل
المحترم والدته؟" سألته بنبرةٍ حازمة، فاستند على فراشه دون أن ينظر إليها،
نزل عن السرير وتوجه نحو المكتب الخاص به، أمسك نظارته الطبية وعاد يرتديها
مجددًا، وقبل أن يُمسك القلم تحدث "لا أُحبذ وجود أحدهم معي في نفس الغرفة
أكثر من دقيقتين"
"بالرغم من أن أخلاقك تنحدر هذه
الأيام، إلا أنني سأتجاهل هذا لكي لا أُلهيك عن دراستك" أعلنت قبل أن تبتسم
إبتسامتها التي تُثير اشمئزازه وتخرج مغلقةً الباب وراءها.
فتح الدرج بجواره واخرج دفتر ملاحظات صغير، قلب
صفحاته التي احتوت معظمها على ارقام فوقها خطوط بألوان مختلفة، حتى اقترب من
نهايته، ثبت اصبعه على صفحة تحتوي نفس الارقام لكن نصفهم لا يوجد فوقه أي خط، امسك
بقلمه وخط فوق 3:45 همس بينما يغلق الدفتر "تبقى 4 مرات لكي أتخلص من رؤيتها
اليوم"
فتح الدرج مجددًا ليرمي الدفتر فوق عدد كبير من
أمثاله ويتنهد مجددًا مرجعًا رأسه بعينين مقفلة.
هذه السيدة المدعوة بوالدته ! حفظها عن غيب الآن، كل
45 تدخل إلى غرفته
لتطمئن أنه يدرس، ممنوعٌ عليه النوم أو الراحة حتى الساعة الثامنة ليستيقظ في
اليوم التالي باكرًا ويذهب إلى المدرسة وفور وصوله إلى المنزل يبدأ روتين دراسته
هذا.
وقف يلقي نظرة سريعة من نافذته المطلة على الطريق،
ارجع خصلات شعره المزعجة نحو الوراء متأففًا، لمحها تمشي مسرعة ورأسها موجه نحو
الأسفل، رفع ركن شفتيه يبتسم ساخرًا "جيني هذه ! غريبة الأطوار" اصدر
صوتًا ساخرًا "تشه؛ مزعجة"
دخلت إلى شقتها فأغلقت الباب خلفها سريعًا تتنفس
الصعداء وأخيرًا وصلت إلى ملجأ الحماية الخاص بها؛ منزلها عالمها الخاص والوحيد.
خلعت حقيبتها وحذائها ووضعتهما في مكانهما المخصص ثم
دخلت تستلقي بهدوء على أريكة غرفة الجلوس.
-
كان نائمًا في
فراشه يضم الوسادة بين ذراعيه، كعادتهِ يسدل ستائر الغرفة ليمنع دخول أشعة الشمس
الصباحية المزعجة بالنسبة له.
دبَّ صوت قرع طبول فجأة جعل جسده ينتفض بفزع وكأن هزة أرضية ضربت المكان بأكمله.
نظر من حوله مذهولًا لا يملك أدنى فكرة عما حدث ! لحظات تمكن بعدها ادراك ما يحدث، أمسك الوسادة بين أصابعه يشد عليها حتى اوشكت على اختراقها، همس من بين أسنانه بغضب "تايهيونغ!"
دبَّ صوت قرع طبول فجأة جعل جسده ينتفض بفزع وكأن هزة أرضية ضربت المكان بأكمله.
نظر من حوله مذهولًا لا يملك أدنى فكرة عما حدث ! لحظات تمكن بعدها ادراك ما يحدث، أمسك الوسادة بين أصابعه يشد عليها حتى اوشكت على اختراقها، همس من بين أسنانه بغضب "تايهيونغ!"
فتح باب غرفته عاقدًا حاجبيه مندفعًا باتجاه ذلك
الشاب الطويل الذي يقف أمام طبوله يقرع فوقها مندمجًا بشدة.
خلع حذاءه ورماه على وجه الآخر، ففزع متألمًا
"يآآآآآآه!"
"لماذا فعلت هذا؟"
سأل تايهيونغ وهو يتحسس رأسه بألم.
"ألا تعلم أن هُناك كائن بشري يُدعى نامجون نائمًا في تلك الغرفة اللعينة؟" سأل الآخر بنبرته شديدة الغضب، ليجيب تايهيونغ ببرود مستفز "بلى"
اتسعت عينا نامجون ليخلع حذاءه الآخر محاولًا رميه باتجاه تايهيونغ لكن الأخير تمكن من تفادي الضربة متراجعًا نحو الوراء يبتسم بسذاجة "ه-هيونغ، آسف لم أقصد حقًا"
"تأتي لتقرع الطبول في أذني لتخبرني بعدها أنك لم تقصد!"
"ألا تعلم أن هُناك كائن بشري يُدعى نامجون نائمًا في تلك الغرفة اللعينة؟" سأل الآخر بنبرته شديدة الغضب، ليجيب تايهيونغ ببرود مستفز "بلى"
اتسعت عينا نامجون ليخلع حذاءه الآخر محاولًا رميه باتجاه تايهيونغ لكن الأخير تمكن من تفادي الضربة متراجعًا نحو الوراء يبتسم بسذاجة "ه-هيونغ، آسف لم أقصد حقًا"
"تأتي لتقرع الطبول في أذني لتخبرني بعدها أنك لم تقصد!"
"كما أنه لا يوجد أحد ينام إلى هذا الوقت !
إنها الرابعة" تحدث تايهيونغ بتعجب.
"الرابعة؟" جحظت عينا نامجون منصدمًا.
"أجل!" اومأ الآخر بهدوء.
"وآآه!" جلس على الأريكة ولا يزال منغمسًا
في صدمته.
جلس تايهيونغ على الكرسي المقابل معلنًا "ماذا
يحدث معك؟ أصبحت عاطلًا عن العمل بشكلٍ مثير للشفقة"
رمقه نامجون على جملته الأخيرة بنظرات حادة
"مثير للشفقة؟"
"أجل!"
تنهد نامجون بقلة حيلة وهو يمد جسده الطويل على الأريكة
ليسمع الآخر يسأله "ألم تستلم أي حالة بعد؟"
"ليس بعد" أجاب بوضوح.
"شهر كامل وأنت تعمل في ذلك المركز، هذا
غريب" أعلن تايهيونغ وهو يتجه نحو المطبخ.
"سأنتظر حتى نهاية هذا الأسبوع، إن لم أستلم أي
حالة سأحدث المدير، طفح الكيل"
"شجاع" هتف تايهيونغ بسخرية.
"شجاع" هتف تايهيونغ بسخرية.
"ماذا
قلت؟" سأل نامجون دون فهم.
"قلت إنها بورا ، أحضرت طعام الغداء من أجلنا"
"قلت إنها بورا ، أحضرت طعام الغداء من أجلنا"
ضحك نامجون بخفة متحدثًا "اوه بالطبع! كفاك
تاي، أعلم أنها تكرهني وأكثر ما يُزعجها هي صداقتنا"
ابتسم تايهيونغ وهو يحضر المائدة متسائلًا "أنتما
لا تعرفان بعضكما جيدًا، لماذا حكمتما بالكره على بعضكما هكذا؟"
"دعنا من هذا الحديث التافه رجاءًا فأنا اتضور
جوعًا" أعلن نامجون وهو يقترب من المائدة ليمُد ذراعه ملتقطًا لفافة بيض، إلا
أن يد تايهيونغ كانت سريعة لتضربه بشدة، نظر نامجون يرمق صديقه متعجبًا.
"لا تتحدث عن خطبيتي بهذه النبرة" رفع تايهونغ
حاجبًا دون الآخر وهو يجلس على الكرسي ليكمل مبتسمًا بخبث "ولن تحظى على أيٍّ
من طعامها"
"لم أنسى أنك أيقظتني قبل قليل" تحولت
نظرات نامجون إلى الحدة فجأة، ليبتلع تايهيونغ ريقه متمتمًا بصوتٍ مسموع
"فلنحظى بوجبة شهية، هيونغ" أنهى كلمتهُ الأخيرة بنبرة الشاب اللطيف.
"صحيح، تمكنتُ من تغيير ورديتي في العمل، سيبدأ
عملي بعد ساعتين" تحدث تاي بفمه الممتلئ بالطعام.
اومأ نامجون متفهمًا "هذا جيد، نوعًا ما"
"ماذا عنك؟" سأل تاي في المقابل، دون أن
يبعد نامجون نظره عن الطعام، أجابه "ماذا عني؟"
"هل كتبت شيئًا جديدًا؟"
ارتشف القليل من الماء المملوء بالكأس الزجاجي
معلنًا بصوتٍ مختنق من الماء "ليس بعد"
"أخبرتك مرارًا ألّا ترتشف الماء بهذه القوة،
على مهلك" تحدث تايهيونغ مؤنبًا.
ابتسم نامجون بسخرية "حسنًا امي العزيزة"
حدق تايهيونغ بهذا القابع أمامه يرمش عدة مرات بشكلٍ
متتالي دون أن ينطق بحرفٍ واحد.
"آييش
حسنًا لن أحاول أن أكون لطيفًا" تحدث نامجون بتذمر ليهز تايهيونغ رأسه برضا
"يُفضل"
-
كانت تجلس على الأريكة ترتدي ملابسها المريحة وتضع في حجرها وعاء المعكرونة السوداء تتناوله بهدوء بينما تُشاهد التلفاز.
ذلك النمر أمامها على الشاشة يقترب هو وآخرين من فصيلتهِ بحذر ينظرون بتمعن بدقة شديدة إلى ذلك الغزال المسكين شارد الذهن، يخطو النمر خطواته ببطء شديد وكأنه بشري مُتمرس شديد الذكاء والفطنة، فتح فمه الكبير لتظهر أنيابهُ الحادة ولسانه الوردي يتحرك منتظرًا أن يتذوق طعم فريستهِ، لحظات حتى صدح صوت زمخرتهِ ليتنفض جسد الغزال المسكين يرتعش بخوف يحاول الركض يمينًا تعترضه النمور وكذلك الأمر من الجهة الأخرى، محاصرٌ هو بين أربعة مفترسين بالرغم من موته المؤكد إلا أن فطرته لا تسمح لهُ بالإستسلام والخضوع سريعًا، حاول جاهدًا الفرار لكنه سقط متألمًا ليُدرك أخيرًا أنهُ الموت لا محالة.
كانت تجلس على الأريكة ترتدي ملابسها المريحة وتضع في حجرها وعاء المعكرونة السوداء تتناوله بهدوء بينما تُشاهد التلفاز.
ذلك النمر أمامها على الشاشة يقترب هو وآخرين من فصيلتهِ بحذر ينظرون بتمعن بدقة شديدة إلى ذلك الغزال المسكين شارد الذهن، يخطو النمر خطواته ببطء شديد وكأنه بشري مُتمرس شديد الذكاء والفطنة، فتح فمه الكبير لتظهر أنيابهُ الحادة ولسانه الوردي يتحرك منتظرًا أن يتذوق طعم فريستهِ، لحظات حتى صدح صوت زمخرتهِ ليتنفض جسد الغزال المسكين يرتعش بخوف يحاول الركض يمينًا تعترضه النمور وكذلك الأمر من الجهة الأخرى، محاصرٌ هو بين أربعة مفترسين بالرغم من موته المؤكد إلا أن فطرته لا تسمح لهُ بالإستسلام والخضوع سريعًا، حاول جاهدًا الفرار لكنه سقط متألمًا ليُدرك أخيرًا أنهُ الموت لا محالة.
أقتربت النمور
تنهش لحم هذا الغزال المسكين المشهد جعلها تتنفس بصعوبة حتى تمكنت أخيرًا من اغلاق
التلفاز وضبط أنفاسها المضطربة.
ظنت أن عالم
الحيوان ربما أفضل من عالم البشر لكنه أتضح أنه نفس الشيء بالنسبة لها، لكن الحيوانات
ما تفعله هي لتعيش، هذا أساس حياتها بينما البشر عندما ينقضون بأنيابهم على الضعيف
بينهم يكون بسبب مرض نفسي معمق في دواخلهم.
وضعت الطبق
جانبًا، أمسكت بحاسبها المحمول ووضعته على فخذيها، تنهدت بضيق وهي تفتحهُ
"تبًا لكِ من حياة"
-
كان نامجون
مستلقيًا على الأريكة بجواره رقائق البطاطا يُشاهد برامج الكوميديا على شاشة التلفاز
الكبيرة أمامه.
يتناول بعض الرقائق
ويشرب معها القليل من الجعة، يضحك بشدة من أعماق قلبه، أنهُ برنامجه التلفزيوني المفضل.
"هذه الفتاة
مثيرة إلى حدٍ كبير" همس باستياء ممزوج بنظراته الخبيثة.
عاد يضحك مجددًا،
ضحكته القوية التي بها يظهر صف أسنانه العُلوي بينما تُغلق عينيه بشدة لترتسم تلك الخطوط
حولهما، مندمجًا بشدة.
" آييش، ها
قد بدأت فقرة الإعلانات المملة" تحدث بضجر بعد أن جاءت تلك الإعلانات اللعينة
لتنتقل تلك الخطوط التي كانت تُحيط بعينيه لتُصبح بين حاجبيه يعقدهما بشدة.
أخفض صوت التلفاز حتى أصبح الصوت كالهمس يُسمع ولا
يُفهم، وجه نظره يُحدق بالسقف بهدوء.
غرز أصابعه بين خصلات
شعره الكثيف ليرجعها للخلف عدة مرات قبل أن يمد يده ملتقطًا رقاقة مقلية، وضعها بين
أسنانه يمضغها ليعلو صوتها المقرمش في أرجاء المكان، ارتشف البعض من الجعة مصدرًا ذلك
الصوت عند ابتلاعها لتتحرك تفاحة آدم نحو الأعلى ثم الأسفل، هذه الاجواء هي المثال
الأكثر وضوحًا لساعات الملل الطويلة التي يمكن أن يرى بها الإنسان العمليات الحيوية
التي تحدث في جسده ويسمعها بوضوح.
مد ذراعه بكسل يلتقط
هاتفه من على الطاولة أضاء شاشته الكبيرة، أدخل كلمة المرور ثم بدأ بفتح تطبيقات هاتفه
المتنوعة، يبحث في الرسائل وبين الصور، يستمع إلى موسيقى بيتهوفن .. هه أجل ! هذا الشاب
الفوضوي الكسول يعشق هذا النوع من الموسيقى، فبيتهوفن أذنه اليُمنى وموزارت اليُسرى،
يهيم هو في أعماقه عند سماعه لمقطوعة موسيقية عُزفت بأنامل عبقري من بينهما.
في إحدى الأسواق
التجارية الضخمة تحديدًا في محل الثياب ذلك حيث يقف تايهيونغ مرتديًا قميصًا أبيض
وبنطالًا شديد السواد، يسند ذراعه على شماعة الثياب الكبيرة.
هذه الحياة جعلت
من شابًا طموحًا يملك طومحات ويتمنى تحقيقها أن ينتهي به الحال بائع ثياب لسيدات
المجتمع المخملي، جميلات المظهر وقبيحات في أعماقهن.
بالرغم من كم
الاحباط الهائل في أعماقه إلا أنهُ لا يزال يملكُ الأمل ليتفائل.
لفت انتباهه تلك
الفتاة التي كانت تجري بسرعة تنظر حولها بحذر، لحظات حتى رآها تدخلُ إلى المحل تنظر
من حولها هنا وهناك قبل أن تختبئ خلف شماعة الثياب المجاورة لتلك التي يتكئ عليها.
حدق بتلك الفتاة
غريبة الأطوار مندهشًا لا يمنكه فهم أي مما يدور حوله، تلاقت نظراتهما معًا
فابتسمت بتوتر وهي تلوح له بكفها، ازاح يده ليقترب منها إلا أنها رفعت سبابتها
تطبق على شفتيها ترجوه ألّا يقترب ويصمت.
قطب حاجبيه
متسمرًا في مكانه يرمشُ عدة مرات بهدوء، حدقت بهِ تحاول تحديد ردة فعله الغريبة،
مريب بشكلٍ ... مريب !
قربت رأسها نحو
الامام قليلًا ترفع حاجبًا دون الآخر "هل هو مجنون؟" همست لنفسها
متسائلة "هل سيفضحني؟"
وضعت كفها على
فمها تكتم شهقتها عندما سمعت ذلك الصوت الغليظ المألوف "هل شاهدت فتاة بشعرٍ
أشقر؟"
تسارعت نبضات قلبها بوضوح بشكلٍ مزعج، نظر
تايهيونغ نحو الفتاة ليرى شعرها الأشقر منسدلًا تحت قبعتها الرياضية، أدرك انها
تختبئ منه تحديدًا خاصةً عندما همست بصوت شبه معدوم "أرجوك" وهي تهز
رأسها يمينًا ويسارًا.
ارتفع ركن شفتيه
لتغزو ابتسامته الخبيثة على ثغره، اتسعت عيناها بخوف .. هل سيخبره عن مكانها؟
نظر نحو ذلك
الرجل ضخم البنية ببدلتهِ الفخمة التي يرتديها "ماذا قلت؟" سأل تايهيونغ
بتعابير جامدة.
زفر الرجل بضيق
ليكرر سؤاله مجددًا "أرأيت فتاة-" لم يكمل حتى قاطعته اجابة تايهيونغ
"لم أرها"
سمعت هي تلك
الاجابة فتنفست الصعداء أخيرًا.
قطب الرجل
حاجبيه متعجبًا "متأكد؟"
اتسعت ابتسامة
تايهيونغ المربعة "أجل"
تراجع الرجل
بهدوء متمتمًا "غريب الأطوار"
عاد الآخر ليتكئ
على شماعة الثياب من جديد وهو يطرقع لسانه بسقف حلقه مصدرًا صوتًا مزعجًا.
تنهدت بقلة حيلة
حتى سمعته يحدثها "يُمكنكِ الوقوف الآن"
وقفت أخيرًا
تعدل ثيابها وشعرها مع القبعة، ابتسمت أخيرًا وهي تقترب منه مدت ذراعها لتصافحه
"شكرًا لك"
حدق بذراعها ثم
بعينيها للحظات جعلها ترتبك قبل أن يمد ذراعه لتلامس خاصتها لتسري القشعريرة في
جسديهما لجزء أقل من الثانية.
"هل أنتِ
بخير؟ أهو يزعجكِ؟" سألها أخيرًا بعد أن انتهت مصافحتهما.
ابتسمت بتلقائية
تجيبه بنبرتها الأنثوية "أنه خطيبي"
فتح فمه فارتفع
ركن شفته العلوية بينما قطب حاجبيه مندهشًا، ضحكت على شكلهِ.
"أنت تعلم
الفتاة الثرية التي يُجبرها والدها على الزواج من شاب ثري"
هز رأسه متفهمًا
"آآه مسلسل الورثة"
هزت رأسها
توافقه "أجل تمامًا" رفعت سبابتها بجدية واردفت "لكنه ليس لي مين
هو"
"ألن تشتري
شيء من هنا؟" سألها مقاطعًا أحاديثهما السابقة.
حمحمت قبل ان
تجيب "لا أملك نقود"
"هل انتِ
الفتاة الثرية أم الخادمة في المسلسل؟" سألها بسخرية.
حكت رأسها بخجل
تجيبه "إن تقابلنا في المستقبل ستعلم من أنا من بينهما"
"شكرًا
لمساعدتك" اردفت تبتسم بامتنان قبل أن تغادر وتتركه ينظر إليها بهدوء.
الجميل في هذه
الحياة تلك اللحظات التي تأتي فجأة تفصلنا عن الملل والروتين الذي كنا نعيشه
لتجعلنا نغوص في نوع جديد من المغامرات تسعدنا ربما في بعض الأحيان .. لكنها تترك
ذكريات لطيفة.
-
"لأننا ضعفاء لا نملك خياراً سوى
البكاء" –
اقتباس انمي هجوم العمالقة.
في كثيرٍ من الأحيان نبدو أمام انفسنا جُبناء، ونبدو فرحين بهذا كثيرًا ؛ كالأغبياء.
متى سنملك الشجاعة لنتقدم خطوة نحو الأمام ونرمي
وراءنا دموع سنوات طويلة من عمرنا لنبدأ من جديد ؟
نحن أقوياء ..
كـبشر يُمكننا أن نعيش كما يجب علينا دائمًا.
عضت على شفتها
السفلية بينما كانت تقرأ ما كُتب في أحد المواقع الالكترونية، أنزلت سهم الفأرة
تُكمل القراءة.
مركزٌ نفسي فريد
من نوعه، يُمكنك أن تُغير حياتك بالكامل إن جئت وشاركتنا همومك فنحن دومًا نملكُ أذان
صاغية وقلوب مفتوحة تتسع للجميع.
كثيرٌ منا يجهل
التعامل مع الآخرين، لا يمكنه التحدث أمامهم حتى ! لكنك ستتغير، ستصبح افضل بكثير
بيننا.
تجمعت الدموع في
مقلتيها خائفة من أفكارها التي اندفعت فجأة نحو رأسها.
"ه-هل
يُمكنني فعلها؟ هل سأعيش كغيري حقًا؟"
سألت من بين
أسنانها تكتم شهقاتها المُتعبة.
مسحت دموعها
المتناثرة سريعًا ووضعت الحاسب جانبًا مرددة "ما هذه الحماقة جيني! منذ متى
تصدقين هذه التفاهات؟"
ارتدت حذاء
المنزل وذهبت لتنام وهي تتمتم لنفسها "كفى حماقة"
مع موسيقى
ذكريات الماضي لـ فريدريك شوبان تلألأت بنايات سيول العظيمة وسط ظلمة الليل الحالك،
كنجوم مضيئة على سطح الأرض، منظر أقل ما يمكن وصفه بـ تحفة فنية، قطعة من الجنة
المقدسة على أرضنا، يشعر وكأنه يُحلق بينهم وسط هذه السماء الهادئة في أوج جنونها.
ينظر من شرفة
منزله يُحاول اختطاف الإلهام بعد أن غادره لمدة طويلة، أغلق نامجون عينيه بهدوء مصغيًا
للموسيقى مستنشقًا هواء عالمه الخاص في منتصف الليل.
فتحت عينيها تُحدق
بسقف غرفتها، تُمسك بالغطاء من فوقها بإحكام، تنهدت تُريح صدرها المثقل بالعبء،
بهدوء تام أغمضت عينيها تُصلي في أعماقها أن ترتاح.
بالرغم من أنها
موسيقى هادئة إلى أنها تُحدث جنون في أعماقنا تُلامس جروحنا تجعلها تنزف بألم
يُزيد آلامانا آلامًا متضاعفة.
-
اندفعت أشعة
الشمس عبر نافذة غرفته لتضرب وجهه بقوة تجعله يستيقظ عنوة بينما يسمع صوتها بنبرته
الحازمة "هيا استيقظ بسرعة الفطار جاهز"
فتح جيمين عينيه
الناعسة مُجبرًا يرغب بالنوم قليلًا بعد، لكنه أصبح جسديًا مبرمج على القيام
بتصرفات معينة في أوقات محددة .. تلك ال –هه- أم ! ما أقبح وجودها في حياته.
"عشر دقائق
فقط، لا تتأخر" شددت بنبرتها بنهاية جملتها ثم غادرت.
ازاح الغطاء عن
جسده بتعب وغادر فراشه بتثاقل، التقط منشفته واتجه نحو الحمام علق المنشفة في
مكانها،خلع ثيابه ثم دخل إلى حوض الاستحمام، أخذ حمامًا بروح ميتة دقائق معدودة
خرج بعدها، لف المنشفة حول خصره المنحوت، وقف أمام المرآة يصفف شعره، خرج من
الحمام واتجه إلى غرفته المجاورة له تمامًا، فتح خزانته ليخرج زيه المدرسي المرتب،
اخذ القميص الأبيض وارتداه، أكمل ارتداء ثيابه ثم اتجه نحو المرآة نظر إلى تعابير
وجهه الثابتة التي لا تتغير على الإطلاق، التقط نظارته الطبية ارتداها بهدوء، اخذ حقيبته
يرتديها على كتفه الأيمن، مشى باتجاه الباب يغادر غرفته متجهًا نحو غرفة الطعام.
نزل بهدوء على
الدرج، واحدة واحدة .. كم مرة عليه أن يعد درجاته؟ الغريب في الأمر أنه وفي كل مرة
تزيد درجة، يرغب بحاجز كبير يفصل بين عالمه وعالم والدته .. يومًا ما.
القى نظرة سريعة
على المائدة يلتف حولها وحشين وضحية، والديه وشقيقته الصغرى، نظر إليهما بازدراء
قبل ان يوجه نظره نحو تلك الشاحبة الصغيرة، نظرات الشفقة غزت مقلتيه فجأة ... أيشفق
عليها أم على نفسه؟ ربما على كليهما.
صوت رنين الهاتف
يتصاعد بجانبه على الأريكة، يبدو أنه نام عليها أمس، حك خده لا يريد أن يستيقظ،
تلقى ضربة من حذاء تايهيونغ ارغمته على الاستيقاظ مفزوعًا.
"ألا تسمع
هاتفك أيها العجوز؟" سخر تايهيونغ وهو يجلس خلف طبوله.
نظر إلى صديقه
بصدمة "صدقني يُمكنني الاستيقاظ بشكل طبيعي ! لست بحاجة لمساعدتك
الصباحية" أعلن نامجون بحدة.
"هيا هيا
اجب على المكالمة" تحدث تايهيونغ متجاهلًا كلام نامجون بسخرية.
التقط الأخير
هاتفه يجيب بينما يقرع تايهيونغ بخفة على طبوله مصدرًا أصواتًا لطيفة.
لحظات حتى قفز
نامجون بحماس يتحدث "سآتي فورًا"
جذب انتباه
تايهيونغ ليسأله بفضول "ماذا حدث؟"
"أول حالة
.. تاي إنها حالتي الأولى اليوم" تحدث نامجون بسعادة وهو يقترب من تايهيونغ
أخذ منه عصي الطبل وبدأ يقرع فوقها بحماس ثم دخل يُحدث نفسه كالمجنون "حالتي
الأولى"
كان الآخر يُحدق
بهِ مذهولًا، تأتأ يهز رأسه "فقد عقله"
كانت تجلس على
الكرسي تطرقع أصابعها من شدة التوتر، لا تعلم كيف جُنت هكذا حتى وصلت إلى هُنا، ماذا
حدث لـ "كفاكِ حماقة" التي كانت تكررها في نفسها ؟
كان يرتدي حذاء
أسود لامع يركضُ بهِ مسرعًا صعودًا نحو ساقيه الطويلتين مرتديًا بنطاله الأسود مع
سترة قطنية بيضاء تُظهر رشاقة خصره فوقها جاكيت أسود، صفف شعره جيدًا ليظهر بهذا
الشكل الأنيق، أقترب لم يتبقى شيء ليصل نحو حلمه اخيرًا.
فتح باب المركز
لاهثًا يتابع ركضه، بينما كانت هي تنظر من حولها مرتبطة بشدة، ازدردت لعابها ثم
وقفت على قدميها بصعوبة، جرت نفسها بصعوبة لتخرج من الباب متجاهلةٌ تلك المساعدة
القابعة خلف طاولة الاستعلامات "آنسة كيم؟"
خرجت من الباب
ليدخل هو بعد لحظات متجهًا نحو المساعدة يسألها بصوته المُرهق "أين هي؟"
"لقد غادرت
منذ لحظات" أجابته.
اتسعت عيناه
بصدمة، هل ذهب كلُ هذا نحو الهواء؟ عض على شفته السفلية بقوة، سأل المساعدة مجددًا
"ماذا ترتدي وما اسمها ؟" أخبرته فالتفت مسرعًا وعاد يركض مجددًا خلف
تلك الفتاة، هو لن يترك حلمه يتلاشى بهذه السهولة.
بحث عنها بعينيه
يلهث بقوة انفاسه تخونه تؤلمه في صدره بشدة، هدأ فجأة عندما رآها تمشي باتجاه
الباب، ابتسم بتعب مستسلمًا وهو يقترب منها بهدوء، أمسك بيدها جمدها في مكانها
أشعل النيران في عروقها، التفتت ترتعش لتتلاقا نظراتهما سويًا ... بعد عناء شديد
أخيرًا وصل.
يتبع
....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق