على حافة جهنم
الفصل الحادي عشر
Written By : Ňoồr
~ أكانت النهاية؟ ~
عادت مريم من الخارج تواً .. صعدت غرفتها
لتبدل ثيابها وهى تشعر بالجوع .. اليوم ذهبت للنادي قبل استيقاظ هنري .. أرادت أن
تعاقبه بطريقةٍ مرحة وغير مباشرة كونه تركها ليلة أمس وغادر قبل أن يراقصها السلو
كما طلبت .. ألقت حقيبتها على المنضدة وكذلك قامت بإلقاء جسدها على السرير ..
دقائق مضت واعتدلت في جلستها .. زفرت بتمللٍ ونهضت عن الفراش تتحرك يميناً ويساراً
في الغرفة .. كيف لها أن تشتاق إليه من مغيب يومٍ واحد .. آآهٍ من هذا المتعجرف ..
أعرف أنه يبادلني ذات الشعور ولكنه يكابر .. حسناً يكابر مثلي تماماً .. ضحكت على
تفكيرها الطفولي .. ثم فتحت حقيبتها تناولت هاتفها ..
وبمجرد أن أضاءت شاشته وجدت تنبيهاً بأن هناك
تسجيل قد وصل منذ دقائق .. مطت شفتها بسخرية فكالعادة سيكون صوت عمها وهو يحادث
آحداً بخصوص العمل .. منذ وضعت جهاز التسجيل الحديث هذا أسفل مكتبه وهي لا يصلها
غير تلك التسجيلات التي لا تفيد .. بدايةً قررت عدم الاكتراث .. ففي الواقع مزاجها
لا يحتمل المزيد .. جلست على الأرض متربعة ووضعت رأسها بين كفيها .. لا بُد من أن
تجد طريقة آخرى للوصول إلى مبتغاها غير تلك .. ستستعين بهان مرة آخرى إذاً .. لقد نسيت في الواقع
لماذا أمسكت بهاتفها منذُ البداية ..
بعثرت شعرها بفوضويةٍ وهى تزفر أنفاسها
بقوة : اففف مفيش جديد , عمتا مش هخسر حاجة ( التقطت الهاتف مجدداً ) تعالى اما اشوف فيك
ايه
شغلت التسجيل ليصل لأذنها كل كلمة منذ
دخول دونغهي وكيوهيون مكتب كيم أمس .. وكذلك التسجيل الجديد منذُ دقائق عن الحوار
الدائر بين كيم وكيو عن اختطاف زوجة الضابط .. مستحيل جونغسو لم يكن إلا ضابطاً ..
وعمها يتاجر بأعضاء البشر .. وضعت يدها على جبينها من شدة الدوار الذي شعرت به
وقتئذ .. وشخبت حبات العرق من بين شعيراتها لتنزل إلى جبينها الساخن فتزيد من
سخونته .. توا كشف كل شيء وأصبحت كل الحقائق واضحة كقرص الشمس وقت الظهيرة ..
تمالكت نفسها وهى تتمتم بوجوب إنقاذ ذلك الضابط ..
حاولت الإتصال به هى الآخرى فكانت ذات
الإجابة التي حصل عليها هنري ( الهاتف المطلوب مغلق ) .. ضربت على رأسها بقوةٍ يجب
أن تفعل شيئاً ما .. توترت أنفاسها بشكلٍ ملحوظ وركضت خارج غرفتها .. وجهتها كانت
غرفة هنري .. ظلت تطرق الباب ولكن بلا أدنى فائدة .. فتحته بقلة صبر .. لا بُد من
أنه نائم .. لكنها وجدت غرفته فارغة ضربت الجدار بيدها .. وشرعت في الاتصال به ..
وصل هنري الذي وصل ركضا إلى بوابة القصر رنين هاتفه المتواصل .. أمسك بالهاتف
بسرعة على أمل أن يكون ليتوك قد رأى اتصاله وأعاد طلبه .. ولكن آتت الرياح بما لا
تشتهي السفن .. إنها مريم التي لو كانت اتصلت في وقتٍ آخر غير هذا لحلق هنري من
السعادة ..
فتح الخط باختناق وهو يكمل ركضه للخارج ..
تحدثت مريم بسرعةٍ وهي تلهث من الركض في أنحاء القصر : انت فييين ؟
- مريم بعدين , نتكلم بعدين
- مينفعش بعدين , اللي انت بتعمله هو اللي يتأجل لبعدين , في حياة انسان ف خطر ( تصلبت قدما هنري بصدمةٍ .. فأكملت صارخةً
به ) انت فين بقولك ؟
ابتلع غصته قائلاً بصعوبةٍ : جمب باب
الفيلا
أغلقت الهاتف ووضعته في جيبها وركضت بأقصى
سرعتها حيثُ مكان وجوده .. دقيقتان ووجدها تُمسك بطرف ملابسه وجسدها منحني وهى
تلهث وتلتقط أنفاسها بصعوبةٍ .. ساعدها على الاعتدال وقال بتلعثم : انتي قولتي ايه
؟
وضعت يدها على صدرها وكأنها بتلك الطريقة
تنظم أنفاسها .. ثم قالت بتلعثم : جونغسو , لازم نبلغ البوليس
قبل ما يعملوا فيهم حاجة
اتسعت حدقة عين هنري من شدة الصدمة .. جف
حلقه وأصابته غصةٌ قوية استقرت بمنتصفه : انتـ انتي
قاطعته صائحة : عرفت كل حاجة عن كيم , الظابط ومراته ف
خطر لازم نتصرف
***
وصلا أخيراً المدرية .. ركض هنري نحو مكتب
كيبوم لمعرفته بأنه الشرطي المسؤول عن القضية مع ليتوك .. منعه العسكري الواقف
بجوار الباب في البداية ولكنه صرخ به بأن حياة آحدهم في خطر .. دلف هو ومريم
للداخل .. كانا يلهثان بشدة .. دُهش كيبوم من شكلهما ونهض واقفاً .. وقبل أن ينبس
بحرفٍ ركض إليه هنري واضعاً يديه على المكتب : الباشا , ليتوك في خطر هو
ومراته , سمعت كيم وكيوهيون وهما بيتكلموا , اكتشفوا انه ظابط
ودبرولوه مكيدة , وفي واحد دلوقت في طريقة يخطف مراته , وليتوك هيروح عادي
مع كيوهيون من غير ما يعرف المصيبة اللي هيوقعوه فيها
سمعه كيبوم وعينيه جاحظتان حتى النهاية
وطبول الرعب مما قد يحصل لهما تُقرع بقوة بداخله .. صرخ كيبوم وهو يضع المسدس في
حزامه : نوور لازم نلحقها
ركض نحو الباب وتفكيره بالكامل يكمن في
إنقاذها قبل وصولهم إليها .. أمسك به هنري ومنعه من الذهاب صائحاً : زمانهم خطفوها
يا باشا , دلوقت لازم تعرف هما فين وتوصلهم قبل فوات الآوان
نظر له كيبوم مطولًا ودموعه احتشدت في
مقلتيه .. كانت جموع غفيرة من الدموع تتلألأ في مقلتيه كما الكريستال .. زفر بقوةٍ
وهو يدعو الله بكل جوارحه أن يسلم هذين الاثنين .. أغمض عينيه لثوانٍ وكأنه يستقطب
قواه من جديد .. ثم على الفور عاد إلى مكتبه وقام باستدعاء بعض الضباط تحت قيادته
.. أشار لآحدهم : تاخد قوة وتطلع على بيت ليتوك , لو مراته موجودة
تكون قدامي هنا في ثواني , وسيب قوة تقبض على
اول شخص يوصل البيت ( أدمعت عيناه ) انما لو مش هناك عايز اي دليل هتلاقوه , ( بشدة ) فاهم ؟
أومأ الضابط : تحت امرك يا باشا
ركض بسرعة لينفذ ما طُلب منه .. وجه كيبوم
نظره للضابط الآحر : في اسرع ما يمكن , عايزك تعرف من
مصلحة المرور رقم عربية كيوهيون , والرقم يتوزع على
كل نقط التفتيش ف كل مداخل ومخارج القاهرة , العربية تتمسك فاهم
؟
- طب يا باشا لو العربية كانت عدت من نقطة التفتيش قبل ما
نديهم الاخطار بالقبض عليها ؟ او مفيش في طريقها نقطة تفتيش اصلا ؟
نظر له كيبوم بنظرات تائهة وضائعة .. لا
يعرف إجابة لتلك التساؤلات التي صدحت بداخله قبل أن تراود هذا الضابط .. وضع رأسه
بين كفيه ودموعه انهمرت بحريةٍ تامة .. رمقه الضابط بإشفاق على حالته .. ثم ضرب
التحية العسكرية فوراً .. وأقسم على بذل كل جهده .. فهذا الفريق بالكامل يعمل على
تلك القضية منذ بدايتها وكأنهم جسدٌ واحد فقط يتحرك وليسوا أجساداً شتى ..
ابتلعت مريم غصتها بآلمٍ وقهرٍ شديدين من
حال ذلك الضابط .. نظرت لهنري والدموع في عينيها .. كم قلباً تألم جراء أفعال عمها
هذا .. وكم قلباً سيتألم ؟ ربت هنري على يدها .. ثم تقدم نحو كيبوم وربت على كتفه
.. رفع كيبوم وجهه وهو ينظر له بضعفٍ .. غير مصدق أنه أصبح عاجزاً بتلك الطريقة
وشقيقته في خطر ..
عضت مريم على شفتها السفلية وهى تضغط على
الهاتف في قبضتها بقوة .. زفرت أنفاسها ثم تقدمت نحو كيبوم ومدت يدها له بالهاتف
.. رمقها بضعف وتعجب فأردفت : انـ انا كنت عارفة ان عمـ , ( ابتسمت بسخرية
فهو لا يستحق تلك الكلمة بأي حال من الأحوال ) اقصد كيم , كنت عارفة انه
بيعمل حاجة غلط , عشان كده راقبته وطول فترة المراقبة موصلتش لاي حاجة
غير التسجيلين دول
تناوله منها على عجل .. وقام بتشغيله وكله
آذان صاغية .. وأخيرا اعتراف من فم كيم أنه يتاجر بأعضاء البشر .. ولكن دونغهي!!
وذكره لكلمة مروة أكدت لكيبوم أنه هو نفسه .. يا للكارثة أهذا هو من أحبت مروة كلا
بل وعشقت حد الجنون .. أطفأ المسجل وهو يشهق ويزفر ليس كباقي البشر وإنما بقوة
كأنما صخرة صلبة مثبتة على مجرى تنفسه تماماً
.. على كل حال هذا ليس وقته الآن .. أما هنري فعض على شفته بقوة حتى كاد يجرحها ..
إذاً مريم علمت كل شيء! بعيداً عن كل شيء كونها متماسكة هكذا ولم تنهَر فهذا جُل
ما يريده .. جلس على الأريكة بترقبٍ وجلست مريم بجواره .. أهدته ابتسامة باهتة
وكأنما تشكره بها على صموده كل تلك الفترة لأجلها ..
مر وقتٌ ليس بالطويل ولكنه على أبطالنا
كان أطول وقت عاشوه جميعاً .. الصمت كان هو المهيمن الوحيد .. أو في الواقع ليس
الوحيد فمن الحين للآخر كان يتم تمزيقه بتنهيدات الحرقة المتتالية ..
دلف الضابط لاهثاً وهو يقول بتلعثمٍ : الـ
البيت بابه مقفول ومحدش فيه , ولما اقتحمنا مكنش
في ولا اثر لاي كركبة
خفق قلب كيبوم عدة خفقات متتالية وصرخ
بقهر : ازاي اللي انت بتقوله ده ؟ ( شخص بصره ) نفس طريقة قتل هيتشول ؟ بااارك ؟؟
نظرت مريم لهنري بحسرة فها هو الضابط يعترف
بأن هيتشول مات قتيلاً وليس كأي شخص يموت بطريقةٍ عادية كما كان هنري مصراً دائماً
.. ورغم معرفتها بالأمر مسبقاً ومعرفة دوافع هنري لإنكار الأمر .. إلا أنها شعرت
بأنها تتمزق من الداخل ..
في ذات اللحظة التي ظن فيها كيبوم أن بارك
هو الخائن الخاطف .. دلف شرطي للمكتب صائحاً : بارك والدكتور سونغمين , اتقتلوا بليل , الجيران بلغوا
وضع كيبوم يده على جبينه وحبات العرق تنبت
من وجهه .. أما هنري فابتلع لعابه وغصة قوية أصابت قلبه لخبر موت والده .. ربما لم
يكن بالوالد الصالح .. أو لم تكن علاقته به إلا كرهاً واحتقاراً
فقط .. ولكن في النهاية شعر ببعض الحزن إنه والده .. زفرت مريم بقوة وربتت هى هذه
المرة على يده التي غمرتها بين كفيها ثم رفعتها لمستوى شفتيها وقبلتها بلطف ..
لتخدر بدورها هى تلك المرة آلم هنري ..
أخيراً دلف الضابط المكلف بمهمة البحث في
المرور صارخاً هو الآخر : العرابية عدت على نقطة تفتيش في طريق مصر اسكندرية
الصحراوي , سألنا حرس الحدود في مداخل اسكندرية عرفنا ان
العربية معدتش عالحدود , معنى كدا انها لسه
في الطريق الصحراوي , يا اما اتعطلت , يا اما في مكان
معين هتقف عنده ف الطريق ده
ابتسم كيبوم ببعض الآمل ولكن قلبه مازال
يطرق بخوف : مشطلي المكان بسرعة , وف ثواني تكون
قدامي
- امرك يا باشا
نظر كيبوم لمريم وهنري قائلًا : روحوا انتم
, وجودكم هنا فيه خطر
لو حد شك فيكم , حاولوا تكونوا طبيعين جدا ( شد على قبضة يده بتوعد )
مش لازم حد يعرف انكم معانا , عشان هنحتاج ليكم
كتير بعد كدا
هنري بتساؤل : مش تسجيل مريم اكير دليل
على ادانة كيم ؟
- مش كل اللي يهمنا كيم , عايزين نعرف كل تجار الاعضاء في
مصر وبراها , بعدين هقولكم تعملوا
ايه بالكامل
أومأ هنري وعانق معصم مريم التي كانت
تائهة في تفكيرها وغادرا من المدرية بسرعةٍ .. ومنها إلى النادي لعدم لفت الانتباه
.. دلف الشرطي مجدداً وهو يصيح بنبرةٍ مستبشرة : مخزن كيم المهجور , على بعد30 متر من الطريق الصحراوي
لمعت عينا كيبوم بسعادة فائقة وركض للخارج
صائحاً : هات العساكر وتعالى ورايا بسرعة
***
وصل كيوهيون ومجموعة من الحرس المرافقين
له حيث الحي الذي يقبع فيه مكتب ريووك .. توقفت السيارة وكيوهيون يحك ذقنه بابتسامة
جانبية خبيثة .. وهو يرمق البناية الشاهقة الارتفاع التي تحتوي على المكتب ..
أيقظه صوت آحد الرجال قائلاً : ايه يا باشا مش هنتحرك ولا ايه ؟
عقد ما بين حاجبيه لثوانٍ ينظر له بقوة في
عينيه .. نظرات ملتهبة أخاقته حد الرجفة .. ثم لوى شفته بسخرية نوعاً ما : انت
مستوعب اللي بتقوله ؟ ( أغمض عينيه محركا رأسه بـ (لا) أي لا فائدة .. ثم أردف )
تفتكر ممكن ندخله بكل عددنا ده عادي كده من غير ما حد يشك فينا ؟ ( بشدة ) فتح مخك
شوية , تعالى معايا
أشار للبقية بالمغادرة بالسيارة .. ودلف
هو والحارس معه المبنى .. بهدوء ولج للمكتب الخالي من أي آحد سوى ريووك .. تقدم الحارس
نحوه بخطى وثابة .. اتسعت ابتسامة ريووك ظناً منه بأنه عمل جديد ..
ولكن اختفت تلك الابتسامة بمجرد ظهور كيوهيون من خلف الحارس وبيده مسدس وكاتم صوت
.. قام بتركيب الكاتم بعناية ومنحه للحارس .. ثم عقد يديه إلى صدره يرمق ريووك
بهدوء .. وهو الذي بلغ جنون ضربات قلبه ما يفوق حدود الطبيعة .. بدأت حبات العرق
تشخب من جميع أنحاء جسده .. ارتجافه قوية أصابته بالكامل وصولا لشفتيه : انتـ انتم
عايزين ايه , انتم مين ؟
صفق كيوهيون بيديه ثم إقترب منه ومال
بجسده مستنداً إلى منضدة المكتب براحتي يديه .. وهمس على بعد إنش منه :
عايزين الورق , الورق اللي ليتوك باشا بعتهولك , احنا مين ؟ احنا اللي
هنموتك لو حاولت تقاوم , ايه رأيك ؟ ( غمزه
بعينه اليمنى .. بهدوء وهو جالس على كرسيه ابتلع غصته وهو يوميء ببطء ويده تتسلل
بهدوء ليضغط على اسم كيبوم الموجود بهاتفه حيث كان سيطلبه قبل دخولهم بثوان .. في
غضون طرفة عين أمسك كيوهيون سكين الورق على مكتب ريووك ووضعها على عنقه ممسكا بيده
.. ورفع شفته العلوية مع نظرات مستهزءة ) هو انت متعرفش ان انا للاسف ملاحظتي قوية
اوي , ممم وللاسف ردات فعلي سريعة برضو , فين الورق بقولك ؟
تلعثم ريووك في حديثه وأنفاسه تتلاشى من
هول الموقف المفاجيء .. نظره مصوب على السكين المثبتة على عنقه .. ويشعر بنظرات
كيوهيون تحيطه من كل حدب وصوب .. استنشق كمية كبيرة من الأكسجين حتى تألمت رئتيه
ثم همس : الورق مع الظابط
ابتعد عنه كيوهيون وحرك رأسه بالنفي ببعض
علامات الآسى المصطنع : صدقني كان نفسي تتعاون معانا , كنت هسيبك حي بما
اني تعبت نفسيا من كل مناظر القتل النهاردة , ايوة انا نفسيتي
بتتأثر بسرعة ( بسخرية قالها ) بس معلش انت اللي اخترت
ابتعد من أمامه في ثوان وقبل أن يتخذ
ريووك أي رد فعل من طرفه .. قام الحارس بالضغط على زناد مسدسه لتستقر الطلقة
بمنتصف رأسه .. حرك كيوهيون رأسه بـ (لا) وبحث عن الورق بسرعة بمساعدة الحارس
حتى وجداه .. ابتسم بنشوة وغادر الاثنان بهدوء لعدم لفت الانتباه والوجهة المباشرة
قصر كيم .. في الواقع لم يجدا عناءاً في البحث فكون لا علاقة ظاهرية بين ريووك
ومهمة الشرطة أراحته ليخبأ الورق مع سائر أوراق عمله .. وداعاً ريووك أنت الآخر ..
لكن العدالة السماوية ستدخل في نهاية المطاف لتدمير هؤلاء السفاحين .. فلنكن على
يقين ...
***
وصلت سيارات الشرطة آخيراً إلى المصنع
المهجور .. نزل الجنود بسرعة وفرضوا سيطرتهم على رمال المكان من كل النواحي وتأهبت
القناصات في أماكنها .. واستعد الجنود المسؤلون عن الهجوم وعلى رأسهم كيبوم الذي
يشتم عبق حزن لم يجربه إنسان بعد يتلبس المكان ويطوف به مهيمناً على هذا الوسط
المحيط بأكمله .. أشهر سلاحه وقام بتعميره .. وتقدم بسرعة للداخل ومن حوله جنوده ..
بحذر شديد دلفوا للداخل جميعاً .. وسيطروا على الأنحاء في وضع الاستعداد هى
أسلحتهم للإشتباك العنيف .. ولكن لا أثر لأي مخلوق ..
ابتلع كيبوم غصته وأشار للجنود بالتقدم
أكثر .. سار بخطوات حذرة وكلما صار أقرب لعذابه المنتظر كلما تقلص حجم قلبه بقوة
مسبباً له آلماً رهيباً حتى قبل أن يرى هلاكها بأم عينه .. ضغط على قلبه بقوة
وعضلاته بدأت ترتجف .. خطوة .. اثنتان .. ثلاثة .. عشرة .. وبدأ يسير مترنحاً حتى
بات واقفاً عند رأسها .. بقعه الدم من حولها امتدت مترين من كل النواحي وكأنه تم
تصفية دماؤها بالكامل ..
جسدها المكشوف ساتره الوحيد كانت تلك
الدماء القابعة فوق أثار التشريح الملوثة بالأسود من شدة نزيق الدم وتعفن القديم
منه عندما غطته عدة طبقات آخرى .. أمال رأسه مع ابتسامة ملأت شدقيه .. اتسعت حتى
شملت ضواحكه بالكامل .. تنقل نظره منها إلى ليتوك الذي يفصل بينهما مسافة ظفر ..
والأغلال تقيد قدمه وحوله بقعه دم هو الآخر .. ظل واقفا تتسع ابتسامته .. ثم هبط
أرضاً بقوة ارطدام عنيفة .. زحف بضع إنشات ليستقر فوق الدماء .. ومد إصبعه يزيل
تلك الدموع المستقره على عينيها .. وبدأت ضحكاته تتعالى كمن تلبسه الجن ومسّه بدرب
من الجنون .. والكل من حوله تنبعث منه شهقات لهول المنظر الفظيع ..
صدح صوته في الأرجاء بقهقاتٍ رنانة تُعزف على
نوتةٍ موسيقية مذهلة .. ثم بدأت تلك النوتات تهدأ منشدة لحن حزين بألم مميت .. دوت
صرخاته حتى أصمت آذان الجند وهو يضرب يده بالأرض بجوارها حتى أصابها شرخ قوي من
شدة الضربات .. برزت عينيه وهو بالكاد يلتقط أنفاسه لشدة الدموع التي نزفتها عينيه
.. انتفض جسده وابتعد عنها زاحفاً وهو يرى تلك المسخة تتراقص حوله تحاول كتم
أنفاسه ..
وضع يديه على عينيه يصرخ بكل ذرة قدرة
لحنجرته .. ومرت أمام عينيه ذكرى يوم ولادتها .. أول قبلة على جبينها الصغير ..
يديها الطفولية التي لطالما تشبثت به .. طفولتها التي قضتها بين أحضانه كقطة صغيرة
تنام في أحضانه ليلاً خوفاً من العفريت أسفل سريرها .. أطياف الذكريات حاصرته ..
مراهقتها التي كانت طفولية أيضاً .. عيد ميلادها العشرون .. ضحكاتها الرنانة ..
صوتها البشع في الغناء التي أزعجته به بجنون .. زفافها الذي توجها ملكة لمملكة
الرجل الذي عشقت .. خبر حملها الذي أثلج صدره .. عودتها لتنام بجواره وهو يلمس
بطنها الذي لم يبرز بعد فمازالت في شهورها الأولى ..
ارتفعت حرارته وتلاشت صرخاته وتشنج جسده
فور مهاجمة مصرعها ذاك حلقة ذكرياته معها .. تسرب لآذنه صرخات الجند .. فذاك قام
بخلع سترته وستر جسدها .. وذاك صرخ بأن ليتوك مازال على قيد الحياة وقام بتحرير
قدمه .. وذاك صاح بفرط طاقته بضرورة المغادرة فهناك قنبلة على وشك أن تنفجر .. ولا
وقت لتعطيلها .. ولم يشعر بشيء إلا أن الجند اوقفوه غصباً وأخرجوه كالميت الذي ودع
روحه تواً .. وحملوا جسدها الدامي ووضعوه على السرير النقال لإدخاله سيارة الإسعاف
.. وكذلك ليتوك أيضاً ..
نظر لهذا المكان حيث يتراقص شبح الموت فوق
سريرها وكله حسرة .. عيون مشتاقة وقلبٌ يستعد لمراسم آلمٍ لن تنتهي .. تحامل على
نفسه وسار كما المسوس إلى مضجعها .. أمسك يدها مقبلاً إياها بحرقة .. منتحباً فظاعة
الفراق .. ثم قبل جبينها .. ضمّ جسدها إلى صدره وهو يلامس جروحها بأصابعه يناشدها
هل تألمت منك ؟ هل عانت بقسوة أيتها الجروح ؟ أزالت لمساته دناسة لمسات دونغهي ..
طهر جسدها بلمسات الأخوة .. توجها بقبلات لطالما كانت من نصيبها ..
حتى وإن لم تتطهر بضمات حبيب يزيل عبق
حقير من عليها .. فها هى تُطهر بلمسات أخوة تعرف بحق معنى الأخوة .. على السرير
الآخر يقبع جسد تمنى فقط أن يلمس إصبعها قبل الرحيل .. حاول حتى الرمق الآخير
ولكنه حرم وبقوة .. مازالت عيناه في نزيفها حتى وهو في عالم اللاوعي .. وكأن روحه
الهائمة ترى ذلك العناق وتلك القبلات وتنتحب بقوة على شوقها لفعل هذا الذي حرمت
منه بقسوة ..
أخرج كيبوم منديله أزال دماء وجهها
بالكامل .. رتب خصلات شعرها .. أزال دموعها .. رسم بإصبعه على شفتيها ابتسامة
وزفها للموت عروس .. أدخل السريرين كل لسيارته .. وهو الآخر جلس في الكرسي الخلفي
لسيارته والشرطي المرافق له يقود وهو يحبس دموعه هو الآخر من هول المشهد .. وشبح
عنقها المذبوح وجسدها الممزق لم يفارق خيال كيبوم .. ولكن استفاق على صوت انفجار
القنبلة التي دمرت المصنع فتعالت ألسنة اللهب وتقاذفت الحجارة وتوهجت السماء بنور
أحمر بلون النار بلون الانتقام .. فلاح شبح كيم أمام عينيه وسط هذه النيران .. شد
على قبضة يده وتمتم متوعداً ...
***
- ماما
هكذا صرخ كيبوم وهو يركض نحو والدته التي
وقعت أرضاً وعيناها مغلقتان بمجرد أن تم إخراج جسد نور من ثلاجة
الموتى في المشرحة .. كان الموقف مهيباً يحبس الأنفاس والدموع .. يشل الأطراف
ويعجز المشاعر .. حاول منعها من الدخول لكنه فشل .. ووالده الذي تدفقت دموعه كفيض
نهر جاري للمرة الأولى بعد موت صديقه .. لعلّ رؤيته لموت صديقه بطلقة رصاص استقرت
في عنقه أرحم بكثير من رؤية ابنته بجسدٍ ممزق ومغتصب كما أقرت التقارير الطبية ..
كان واقفاً يستند إلى آحد جدران المكان المعبأ
بالجثث .. يختنق كأنما تم سحب الهواء من الغرفة .. دموعه كانت الوحيدة القادرة على
مواساته وهو يتمتم بعبارت الآسف لابنته .. لم يحرك شفة ولكن قلبه تحدث .. أقسم أنه
حاول منعهم .. حاول بكل طاقته .. رغم وضع نفسه في دائرة الشك إلا أنه حقاً حاول ..
لكن عناد ليتوك ومحايلات كيبوم هي ما أودت بحياتكِ بتلك الوحشية طفلتي ليته كان
أنا ..
هذا ما كان مسيطراً عليه بالكامل .. حتى
أنه لم يسمع صراخ كيبوم وبكاؤه الهستيري وهو يهز والدته التي أعلنت أنفاسها تواً
أنها فارقت الحياة .. ومن بعدها يعلن الأطباء أنها فارقتها بصدمة أعجزت قلبها عن
النبض فسلمت الروح لبارئها .. دموع وصرخات وقلوبٌ ترتعد قبل الأجساد .. وشبح أسود
قاتمٌ لونه يجثو على أنفاس الجميع .. لربما ظن كيبوم أنه تم طردهم من الرحمة
الإلهية لكل تلك الكوارث المتتابعة ..
فها هو يهز جسد والده وهو يبكي فقط يناجيه
بالإستفاقة من صدمته التي أدخلته عالم اللا وعي .. أليس من المفترض أن يكون قوياً
الآن وهو يفقد زوجته وابنته لأجل كيبوم الذي فقد شقيقته ووالدته .. هبط متقعداً
الأرض بجوار والده الواقف بشموخ لا يتناسب مع حالته الحالية .. احتضن قدمه كأنه
طفل صغير وراح يبكي بشهقاتٍ متتابعة من الصميم .. ابتلع والده غصته وكأنما عاد
للحياة هو الآخر .. هبط أرضاً ببطء واحتوى كيبوم بين ذراعيه وراح كلٌ منهما يُساقط
دموعه تاركين الأطباء في بأس شديد من حالتهما .. تم إدخال الجثة لمكانها .. وحمل
الراحلة لاعدادها للرحلة الأخيرة في حياتها .. وهى إرسالها للقبر ...
وعلى جانبٍ أقل مآساوية جلست مروة متقوقعة
في نفسها أرضاً في زواية بعيدة كانت تتخيل جسد توأم روحها المُمزق .. ولكنها مهما
تخيلت من بشاعة فلن تصل إلى الشكل الحقيقي .. لم تستطع دخول المشرحة معهم .. أو تم
منعها رغم محاولاتها المستميتة لتوديع رفيقة دربها الوحيدة .. كانت تلوم نفسها
وتعاتبها بشدة بعنف بجلد للذات .. لو لم تغادر يومها فهل كان من الممكن أن يأخذوها
بدلاً عنها .. يا ليته حصل وماتت هى بدل أن تشهد مصرع أوكسجينها في الحياة .. بكت
بحرارة فراقها .. تجلت أسمى معاني الصداقة التي للآسف عدها الجاهلون افتراءاً أنها
مجرد مشاعر تافهة .. فها هى من أجل الصداقة قلب نزف حتى آخر نقطة دم فيه ..
وعلى بعد مترين من مكان جلوسها جلست والدتها
تمسك بيد ليتوك الممد جسده على السرير بوجه امتلأ بالخدوش والكدمات .. ودموع
مازالت تنسال بلا وعي ولا إرادة .. نزولاً لصدر عاري لا يغطيه إلا الشاش والأربطة
الضاغطة والكثير من الأدوات الطبية بسب بعض الكسور في عظام القفص الصدري نتيجة
الضرب المبرح الذي تلقاه .. نزولاً لساقه المثبتة بعناية حتى لا تفسد الخياطة التي
أجروها للجرح بعد أن نزف الكثير من الدماء تاركاً شفتاه بلون السماء لا نقطة دماء
فيها ..
ليتبرع له والد كيبوم من دماءه ورغم أن البعض
سيراه قاتل ابنته إلا أنه لم يراه إلا ضحية ربما انتهت حياتها بمجرد استعادة وعيه
وتأكده مما حدث .. كلما رأت حال ابنتها وسمعت صوت البكاء والصرخات كانت تحكم إغلاق
قبضتها على يد ليتوك وهى تحارب دموعها .. لعلّها كانت القوية الوحيدة هنا لتتحكم
في دموعها فهذا المشهد يرجعها ليوم وفاة زوجها التي كانت هي الجاهل الوحيد بها وسط
كم ضباط الشرطة الذين يهنؤنها كون زوجها مات بطلاً ..
لم تذكر عبارة آسف واحدة كلها كانت تهنئة
ومباركة .. ولكن تلك الشعارات والتهنئات لم تواسي جروحها يوماً ليضاف لهم جرح ابنها
.. ولكن على الأقل يكفيها أنه يتنفس حتى إن كانت أنفاسه صناعية يمنحها له جهاز مصمت
لا روح فيه .. فهي تعلم جيداً أن من كانت أوكسجينه الطبيعي قد رحلت .. آآه يا
صغيري لقد حكم عليك بتذوق مرارة الفراق كما تذوقتها أنا .. كن قويا يا طفلي أرجوك
!!
***
من خلف آحد السيارات المرصوصة على طول
الطريق تم التقاط العديد من الصور .. وصاحبة الكاميرا تتسع ابتسامتها شيئاً فشيئاً
.. إلى أن رأت في عدستها اقتراب آحد الحرس الذي يتبع الرجلان الذان كانت تصورهما
وهما يمنحان بعضهما حقائب سوداء .. اتسعت حدقة عينيها وشهقت منزلة الكاميرا ..
لتتلقى لكمة مبرحة .. كانت مصدومة كيف لحظها وآتى بتلك السرعة .. أمسكت بالكاميرا
بقوة وضربته بها في قدمه بعنف فصرخ يتألم ممسكاً قدمه .. استغلت الفرصة والتفت
تركض بكل سرعتها .. ومن وراءها الحرس الذين انتبهوا جميعهم .. اخترقت الشارع بسرعة
مهيبة سيارة مكشوفة الصقف وآخذت تلتف حول الفتاة التي حاولت بكل قوتها أن تتبعها
وهى تضرب بالكاميرا الحارس الذي أمسك يدها ..
صرخ ييسونغ بملء حنجرته : عبير نطي بسرعة
تلاشت أنفاسها من الركض .. ولكنها تحاملت
على نفسها وقفزت بكل طاقتها قفزة غاية في الحرفية لتقع في الكرسي الخلفي للسيارة
.. عندها أسرع ييسونغ وكأنه محلق بالسيارة ...
وضعت يدها على صدرها لتنظم أنفاسها
المتبعثرة .. بينما تحدث ييسونغ بسخط وهو يقود السيارة : انا هقفل الجريدة عشان
ترتاحي
ضحكت بصعوبة وهى تتحدث بصوت محشرج : ولا
تقدر تعملها
نظر لها بلا ملامح حالما ابتعدوا عن
الحراس تماماً وهتف باستياء : هتعلم اقدر , مش عارف انا بسمع كلامك ليه ومطاوعك في كل حاجة , يعني الجريدة
بتاعتي وانتي اللي شغالة عندي وانا اللي بسمع كلامك وعملالي فيها شارلوك هولمز
ابتسمت بزهو وحركت ياقة قميصها قائلة بفخر
: بمنتهى البساطة الي ف الدنيا عشان انت بتحبني
نظر لها بابتسامة باهتة تحمل نوعاً من الآسى : بس انتي مش ليا يا عبير
تنهدت بعمق ولمعت الدموع في عينيها :
صدقني يا ييسونغ اكيد لو كنت قابلتك قبله كنت هحبك , بس اوعدك اني لو
قدرت اخلص من اللي باقيله ف قلبي , ( ربتت على كتفه من
الخلف ) مش هكون غير ليك
مسح الدموع التي انزلقت من عينيه .. ثم
قال بمرح : هتنزلي مصر امتي ؟
أرخت جسدها على المقعد وهى تتثائب : على
حسب انت عملت اللي قولتلك عليه ولا لا
أومأ برأسه : هنقابله بعد ساعتين , هو في نيويورك
ف هنحتاج وقت لحد ما نوصل , ( تناول جهاز صغير
يشبه الهاتف المحمول .. وتنحنح بآسى شديد وهو يعطيه لها ) انا عارف ان اللي
هتشوفيه صعب عليكي , بس الراجل
بتاعنا صور الليلة كلها وبعتها وانتي لازم تشوفيها
تناولته منه وهي تقول بحيرة وخوف نوعاً ما : ليلة ايه ؟ ( شغلت الفديو لتتسع عينيها شيئاً
فشيئاً .. وضعت يدها على فمها لتكتم شهقاتها وراح جسدها يرتجف ودموعها الملتهبة
تتدفق على مقلتيها بغزارة .. أكملته حتى النهاية وقلبها يبدو وكأنه ينتشل منها
بمنتهى العنف .. احمر وجهها وشخبت حبات العرق لمتلأ جبينها .. وضعت الهاتف على
المقعد بجوارها وأغمضت عينيها وهي تحاول استعادة رباطة جأشها ثم تمتمت ) ليه يا
دونغهي , ليه ؟
***
في آحد القاعات التابعة لنادي الشرطة .. اقتظ
المكان بالمعذين والأكثربة كانوا من الضباط واللواءات ذوو المناصب المهمة في
الدولة .. منظر مهيب يدب بالرعب في القلوب .. الجميع هنا آتى بالزي العسكري لإقامة
جنازة عسكرية تشريفاً للراحلة ومواساة لوالدها وشقيقها
الجالسان بلا روح في وسط هؤلاء .. ربما لم تحدث مثل هذه الجنازة العكسرية يوماً
لمدني ولكن لهول الموقف أمر الوزير الذي حضر العزاء شخصياً بإقامتها .. وفي الخارج
حيث تلك السيارة المرابطة كان دونغهي يشتعلُ غضباً وهو يرمق القاعة بحقد .. متذكراً
ما قيل له من تأنيب ...
- انت عارف يا استاذ معنى انك تعمل كدا ف مراته وبعدها
تسيبه حي هو هيعمل ايه اما يفوق ؟
- يا كيم باشا انا شغلت القنبلة على اساس انه هيموت
ويختفي هو والجثة خالص
- اساس ومش اساس كله كلام تافه , الوزير بنفسه هيحضر
الجنازة وهتكون عسكرية , عارف ده معناه ايه
؟ ان الحكومة بتوصلنا رسالة ان العسكر مبيسبوش حقهم ( صرخ به بعنف وضرب على
الطاولة بيده ) معناها ان التار بقا بنا وبنهم , رسالة واضحة يا
استاذ , انت ودتنا ف ستين داهية , انت عارف ده لما
يفوق هيعمل فينا ايه ؟ هيعمل فيك انت ايه ؟
- يا باشا انت مكبر الموضوع , ابسط حاجة هنحطله
السم في المحلول ومع الف سلامة
صفق كيم بيديه بسخرية : برافو برافو , شوفت سهلة ازاي , دة على اساس انك لو
هوبت ناحية اوضته هترجع سليم , نص الداخلية بتحرس
المستشفى يا حيوان,
وضع يديه على جبينه الساخن والمتعرق بشدة
قائلاً بتوتر : والعمل ؟
دلف كيوهيون من باب مكتب كيم في الشركة :
اخته
نظرا له بعدم فهم ولكن سرعان ما فهم كيم
مقصد كيوهيون فتنفس الصعداء براحة .. هتف دونغهي بتعجب : قصدك ايه باخته ؟
- مروة النهاردة قبل بكرة لازم تبقا مراتك , باي شكل وباي طريقة
, وطول ما هي معاك
هنمسكه من ايده اللي بتوجعه , وبما انها مراتك
فقانوني تكون معاك ومحدش هيقدر يتنفس , وهما بيلعبوا على
انهم يعرفو كل المتعاملين معانا بس احنا بقا اذكى واشطر منهم , خليهم مستنين على
نار واحنا هنلعب على اقل من مهلنا
شعر دونغهي بغصة قوية في قلبه .. تلك
الفتاة رغم أنه حاول الابتعاد عنها كي لا يتسبب لها في الآذية وهو يحارب قلبه كي
لا ينغمث في حبها أكثر .. إلا أن كل الظروف تتعاون عليه كي تصبح هى الآخرى واحدة
من ضحاياه .. أغمض عينيه يستعيد الوحش القابع بداخله ونظر لكيوهيون ثم أومأ :
اعتبره حصل
جلس كيوهيون علي أحد المقاعد رافعاً إحدى
قدميه إلى الأخرى وأشار لكيم : الخبراء بتوعنا فتشوا القصر والمكتب بتاعه والشركة
والمستشفى وكل مكان هو راحه , كل اللي لقيناه كاميرا تسجيل حديثه ولاقط صوت والاتنين
في مكتبك ف البيت يا باشا
ابتلع كيم لعابه ثم أردف : طب ولقيتوا
التسجيلات ؟
اومأ كيوهيون ولكنه اعتدل في جلسته قائلاً وهو يعتصر
جبينه بين اصابعه : لقينا تسجيلات الكاميرا على اللاب بتاعه في اوضته , واضح انه من كتر
حماسة للسفر مشافش التسجيلات اللي وصلت على اللاب من القمر الصناعي ووصله على النت
, عشان كدا معرفش اللي
مستنيه , الخبراء فحصوا التسجيلات , ملاقوش متاخد منها
اي نسخ معنى كده انهم مش معاهم غير تسجيلات الصوت بتاعة اللاقط بس ( اللاقط هو
الذي وضعته مريم أسفل المكتب .. ولكنهم بالطبع لم يشكوا بأنه لأحد غير ليتوك )
عشان كدا بقولك هما معاهم دليل اه , بس عايزين دليل بجد
وقوي يدلهم على الناس اللي بنتعامل معاها , وعشان كدا طول ما
مروة معانا هيخاف عليها , واهو نلاعبهم
بالبطيء
عودة للواقع الآن .. نظر لساعته ليجدها
الثانية ظهراً .. فكما العادة في الجنازات العسكرية تكون صباحاً .. ابتسم بدهاء وانطلق
نحو المشفى ... نهضت مروة من كرسيها وتقدمت نحو والدتها .. وضعت يدها على كتفها فانتبهت
ناظرة لها .. أردفت بصوت محشرج : ماما عشان خاطري ارجعي البيت ارتاحي شوية , انتي بقالك 3 ايام قاعدة كده,
حركت رأسها بـ
(لا) : مش قادرة يا مروة ادخل العمارة , يا رتني افضل هنا
على طول
- ط طب مش الواجب نعزي ابو كيبوم ( أدمعت
عيناها ) على طنط ونور الله يرحمهم
زفرت بصعوبة : مهو عشان كدا مش قادرة ادخل
العمارة , هو كان هنا امبارح وانتي نايمة اطمن على ليتوك
وصبرني ومشى , هو اللي بيصبرني ( ابتسمت بسخرية فهو الخاسر الأكبر
على أي حال هى ابنها على قيد الحياة بينما زوجته وابنته رحلتا ) هيفضل طول عمره
قلبه يساع الكل وبيجي على نفسه عشان الناس اللي بيحبهم
أومأت برأسها وأكملت : انا هنزل اجبلك اكل
, انتي تعبانة ولازم
تاكلي عشان خاطر ليتوك لما يفوق ميشوفش وشك الدبلان دة ويتوجع اكتر
أومأت الأم فقط لتريح قلب ابنتها التي
تعلم جيداً مقدار آلمها .. ابتسمت مروة ابتسامة باهتة وغادرت تحضر الطعام .. دقائق
من خروجها وطرق الباب .. سمحت الأم بالدخول ظناً منها أنها مروة .. ليدلف دونغهي
ببذلته السوداء الملائمة للعزاء وعلى وجهه ملامح الآسى .. رحبت به الأم وطلبت منه
أن يجلس .. رمق ليتوك بعيون نارية تشتعل حقداً .. بينما بمجرد اندماج عبقه بهواء
الغرفة .. انسالت دموع ليتوك وتسلل إلى عالم اللاوعي الذي يقبع فيه ذكريات هذا
اليوم مجدداً وكأنه يشعر بوجود دونغهي بالفعل ...
بمجرد تلفظ الأم بكلماتها المحشرجة : فيك
الخير يا بني , مروة لسه خارجة تجيب اكل زمانها جاية
أعلن جهاز ضربات القلب عن خطر احتمالية
توقفه .. وأخذ جسد ليتوك يهتز بقوة وهو يرى السكين تتراقص على جسدها مجدداً ..
ودموعه الحارقة تدفقت بغزارة .. نهضت الأم فزعة تمسك يده بقلب يحتضر خوفاً .. وهبّ
الأطباء مسرعين إلى الغرفة ورغم محاولاتهم إخراجها إلا أنها رفضت .. فخرج دونغهي
وبدأوا عملهم وهى معهم بالداخل تدعو الله أن يحفظه ..
بمجرد خروجه وقع الطعام من يد مروة وهى
ترى ضوء الغرفة الأحمر مضاء وتستمع للجهاز الذي يطلق صفيره معلناً عن خطر يترصد في
هيئة حزن جديد لهم .. اندفعت تحاول الدخول فمنعتها أحضان دونغهي التي احتوتها من
الولوج للداخل .. آخذت تبكي بهستيرية وهى تضرب على صدره وتصرخ : عشان خاطري يا
ليتوك متسبنيش انت كمان , عشان خاطري يا
اخويا ابوس ايدك , لو هتروح خدني معاك , كلكم عايزين تسبونى
ليه ؟؟؟
احتوى ثورتها وراح يربت على شعرها بهدوء
وهو يهمس لها بصوت حنون : اهدي انا معاكي
تمسكت بملابسه بيديها الصغيرة ودفنت رأسها
في صدره وهى تصرخ وتبكي : انا تعبانة يا دونغهي مش قادرة استحمل , نفسي اعرف ازاي
حصلهم كدا , ومين اللي عمل فيهم ده وانا هقتله بإيدي
ابتسم بسخرية على حديثها .. فها هي تتمسك
بأحضانه وتبكي بداخلة ناشدة الأمان والراحة .. إنها بين ذراعي من تقسم بقتله ..
أطفئ النور الأحمر وسكتت الأجهزة وعادت لتكتكاتها الطبيعية .. لتعود أنفاسها إليها
ويرتاح قلبها في مضجعه .. حاولت الدخول بعد أن تملصت من أحضانه ولكن الأطباء
منعوها فثورتها تلك ستزعجه وهو لا يتحمل أي أصوات فقط يحتاج الهدوء كفاه وجود
والدته التي تكتم بكاءها بإعجوبة ..
ربت دونغهي على يدها لتهدأ .. فنظرت له
بضعف ليفاجئها بأن حملها وسار وصولاً لسيارته واضعاً جسدها فيها .. وجلس بمكانه ..
نظرت له بتعجب وضعف ساءلة : انت بتعمل ايه ؟
ابتسم لتطمئن له : انتي تعبانة ومحتاجة
ترتاحي , كل اللي هعمله هتيجي معايا تغيري هدومك وتاكلي حاجة
وهنرجع تاني سوا يكون ليتوك اتحسن شوية وتقدري تشوفيه
نظرت له مطولاً
ثم أرخت جسدها إلى الكرسي وأغمضت عينيها فحقاً تحتاج للراحة بعيداً عن المشفى ..
أردات أن تسأله أين كنت ؟ ولمَ عدت ؟ ولكن حالتها لم تسمح لتلك الرومانسيات .. نظر
لها خلسة وهو يقود .. وابتسم بخبث للمرة الأولى وهو يرمق جسدها بعيون ذئب لا أكثر
.. لقد وقعت في المصيدة ..
أكمل قيادته إلى منزله الذي كان قريباً من
المشفى نوعاً ما .. تذكر كم الضباط الذي شاهده فزفر باستياء .. لم يدعوه يدخل سوى
عندما أخرج بطاقته ليعلمهم بأنه ضابط فتحقق الضابط الجالس على الكمبيوتر من
معلومات بطاقته .. وسمح له بالدخول بعد تفتيشه وإخباره لهم بأنه صديق العائلة ...
هبط من السيارة وكذلك مروة .. استندت إليه
وهى تشعر بدوار من قلة تناول الطعام وفرط الصدمات ..ابتسم لها وحملها للداخل ..
وضعها على كرسي وابتسم : اول مرة تدخلي هنا , بس اعتبري البيت
بيتك , انا هفضيلك كوباية عصير اشربيها عبال ما احضرلك
الاكل
ابتسمت بوهن : شـ شكراً يا دونغهي على كل حاجة عملتها
وبتعملها عشاني وانك جمبي
ربت على شعرها ونهض متوجهاً نحو المطبخ .. أخرج زجاجة عصير من الثلاجة .. وملأ كأساً
.. ثم أخرج شريط الدواء الذي منحه له كيوهيون .. أقراص ممنوع تداولها أو صناعتها
.. ولكن الفرع الخفي في شركة كيم ينتجها .. وهي عبارة عن أقراص لها تأثير
كالمخدرات يذهب العقل ويترك الإنسان بلاوعي لما يفعل .. ولكن دون أن يسبب له
إدمانها .. وضع قرصاً واحداً في الكوب وأذابه جيداً ثم خرج ومنحه لها ...
- اتفضلي يا مروة
تناولته من يده : شكرا ( بدأت ترتشفه
بهدوء .. وكلما قارب على الانتهاء اتسعت ابتسامة دونغهي حتى ملأت ضواحكه عندما
أنهت الكوب كاملاً .. دخل غرفته بعد أن استئذنها لدقائق .. أمسك بهاتفه وهاتف
كيوهيون ) هات واحد من رجالتنا معاك والمأذون وتعالى
- تمام ربع ساعة ونكون عندك
وبالفعل كانت هى الربع ساعة وبدأت مروة
تخطرف بالحديث ويترنح دماغها فقد انتشر مفعول العقار بالكامل في جسدها حتى باتت
ترى الأشياء مشوشة .. ابتسم وهو يراقبها بهكذا طريقه حتى أيقظه طرق الباب .. قام
بفتحه على الفور ليدلف كيوهيون والمأذون والشاهد الآخر .. جلس المأذون وهو يرمق
مروة التي يمسك بها دونغهي جيداً كي لا تقوم بأي حركة تثير شكوك المأذون ويرفض عقد
القران .. تنحنح وبدأ في الإجراءات ولكن ترنح مروة الرهيب جعله يتساءل قائلاً : هي
العروسة مالها مش على بعضها كدا , مالك يا آنسة ؟
ضحكت مروة ببلاهة وأخذت تحرك يدها بطريقة
جنونية : بس بقا ده انت رخم اوي
اتسعت حدقة عين الرجل وشهق قائلاً : هي سكرانة ؟
تدارك كيوهيون الموقف سريعاً : لا لا , انا الدكتور بتاعها
والمسؤل الوحيد عنها عشان اهلها ماتوا في حادثة عربية , ومن وقتها وهي
حالتها صعبة زي ما انت شايف ف الاستاذ ابن صاحب والدها وقرر يتحمل مسؤليتها ( ولكي
يتأكد المأذون قام بإخراج بطاقة هويتة المؤكدة على أنه طبيب )
ابتسم المأذون برضى وقال : بارك الله فيك
يا اخ دونغهي
ابتسم دونغهي بتوتر .. فأكمل المأذون جميع
الأمور المتعلقة بعقد القران الصحيح .. ورغم أن حالة مروة أتعبتهم حتى قالت ما
لقنه لها المأذون إلا أنه طوال الوقت كان مشفقاً على دونغهي الذي سيعاشر تلك
المجنونة .. ولم يعرف آبداً بأن الحقيقة أنه الوحش وهي الضحية .. ليته علم وأوقف
تلك المهذلة ...
انتهى الأمر وأصبحت مروة بالفعل زوجته بالقانون
والشرع .. ومعه ما يثبت ذلك من الأوراق .. غادر المأذون وبعد أن ودعه كيوهيون
بحرارةٍ غادر هو والشاهد الآخر ...
حمل جسدها بعد أن غطت في ثبات عميق ..
ووضعه على سريره وجلس بجوارها بعينين تلمعان مستمراً في تحريك يده على وجهها ..
شفتيها وصولاً لعنقها .. اقترب يشتم عبقها الأنثوي الرائع .. طابعاً قبلته الأولى
على عنقها في انتظارها كي تعود لأرض الواقع بعد أن تستيقط معلنة انتهاء تأثير
العقار ...
***
ترجلت عبير من السيارة .. نظرت للقصر
الكبير وهي تضع يديها في جيوب بنطالها وتبتسم بسخرية .. المتاجرة بأعضاء البشر تعود
على المتاجرين بالربح الوفير .. الوفير جداً في الحقيقة .. زفرت بقوة وعبثت في
خصلات شعرها مبعثرة إياها .. هبط ييسونغ من السيارة هو الآخر بعد أن اوقف المحرك
ونظر لها متساءلاً : يلا يا بنتي , هتفضلي واقفة متنحة
ف القصر كده ؟
أومأت برأسها بهدوء .. وفوراً آتى ناحيتهما آحد الحراس المكلفين بخدمة سيد القصر وبعد
أن رحب بهما .. تبعاه للداخل .. أجلسهما في غرفة المكتب وغادر .. دقائق من
الانتظار والقلق مرت عليهما سوياً .. وبعدها آخيراً دخل إليهما بطلته الواثقة ..
ملامحه جافة تبدو قاسية .. طلته فقط مهيبة ومخيفة .. هذا ما فكر به ييسونغ وهبّ
واقفاً ينظر له .. أما عبير فظلت جالسه بل ورفعت قدمها للآخرى بغطرسة ناظرة له ..
أعجبه كثيراً ما فعلت فابتسم وأشار لييسونغ ليجلس ثم جلس هو الآخر ...
- في معادك بالظبط
- عمري ما اتأخرت على معاد , ( حدقت به بقوة ) انت توبت فعلا ؟
ابتسم كانغ ان بحسرة ولكن سرعان ما عادت
ملامحة للتيبس .. ضغط على زر في مكتبه وتحدث : هات عصير يا بني , ( أعاد نظره لعبير
مسترداً ) انا عارف انك لو مش متأكدة من اجابة سؤالك مكنتيش
جيتي
عقدت ذراعيها إلى صدرها ونهضت واقفة ..
نظر لها كلا من كانغ ان وييسونغ بتعجب .. فسارت حتى وصلت لإطار كبير معلق على
الحائط ويحتوي صورة فتاة في الحادية عشر من عمرها .. تنهدت بعمق ثم أعادت نظرها
لكانغ ان : بنتك تعبت بالقلب , ممم بنتك الوحيدة
بعد اكتر من عشر عماليات مراتك الله يرحمها عملتهم عشان تخلف , وفي الاخر اخيرا
نيا جات للدنيا , وبعد 11 سنة ماتت بالقلب , بالرغم من انك
حاولت بكل جهدك تمنع موتها , عملية قلب مفتوح , وعملية زراعة قلب , وفي الاخر برضو
ماتت
صمتت تحدق به .. تقوست شفتيه لأسفل
واغرورقت عيناه بالدموع .. ارتعشت شفاهه وهو يقول بحسرة : انا عارف ان ده عقاب
ربنا ليا , اخد مراتي احلى حاجة في دنيتي , بس للاسف مفهمتش
الرسالة , مفهمتهاش الا لما نيا مـ
ماتت ( تفلتت منه شهقة باكية بحسرة مؤلمة )
اقتربت عبير من مكتبه واستندت إليه براحتي
يدها تنظر له في عينيه .. كل هذا وييسونغ يتابعها كما العادة بإعجاب لشخصيتها
القوية .. وأيضاً قدرتها على بث التوتر في قلب من أمامها لتتمكن من فرض سيطرتها
عليه .. ابتسم بوهن وقلبه يطرق بشغف متأملاً في غد يجمعهما سوياً .. بينما أنها
تحدثت قائلة : هتساعدنا نكشف حقيقة كيم ؟
زفر أنفاسه بقوة ونظر لها بثقة : هعمل اي
حاجة في الدنيا , عشان تريح ضميري وتريح بنتي ف تربتها
***
شعرت بأنفاس ساخنة قريبة للغاية تلفح
وجهها .. وأصابع تتحرك بنعومة على عنقها وما أسفله .. وجسد يحتوي جسدها بين ثناياه
.. اهتز قلبها بعنف معلناً عن خطر يترصد لها .. بدأت بفتح عينيها بصعوبة وهي تشعر
بثقل في رأسها .. بدأت الرؤية تتضح لها .. لترى نفسها بين ذراعي دونغهي على سرير
وأصابعه بالفعل تداعب جسدها بعدما حرر أزرار ملابسها .. اتسعت حدقة عينيها حتى كادتا تغادران مقلتيها ..
وانتفض جسدها بقوة معتدلة .. ضربت يده بعنف تبعده عنها ..زحفت لآخر السرير وهى
تمسك بطرف ملابسها العلوي تحاول اغلاقها وانفاسها متسارعة وكأنها كانت تركض لسنين
..
انزلقت دموعها وهى تضغط على ملابسها
وتتفقد نفسها لتطمئن .. ثم مدت سبابتها في وجهه : ا انا ايه اللي جبني على سريرك , انا نمت ازاي ؟ انت
عملت فيا ايه ( اجهشت في البكاء صارخة )
ابتسم بسخرية على شكلها .. ونهض عاقداً ذراعيه إلى صدره يرمقها بقوة : مممم في الحقيقة انا لسه
معملتش حاجة , كنت مستنيكي تفوقي عشان حابب احسسك باللي هعمله , ( انكمشت في نفسها
غير مصدقة لما تسمع .. ما الذي يتفوه به دونغهي بحق الجحيم .. مستحيل أكان فقد
يخدعها طوال تلك الفترة الماضية ؟! ارتعدت فرائصها وهى تبكي بهستيرية محتضنة نفسها
جيداً .. تخبأ جسدها منه .. نظراته انها حقاً مقززة .. كيف
خدعت .. كيف أحببته .. كيف حدث هذا ؟! فلينجدني آحد .. أين أنت كيبوم !! أغمضت
عينيها تتوسل الله أن تستيقظ من هذا الكابوس بين أحضان الكرسي الذي تقعدته في
سيارة دونغهي ويكون كل هذا مجرد هواجسها الغبية .. ولكن ها هو دونغهي يقترب منها
واضعاً أصابعه على أزرار ملابسها هامسا لها ) ايه بقولك معملتش حاجة , انا بس كنت بتصبر
لحد ما تصحي
ركلته بقوة في معدته وهبطت من السرير ركضاً نحو باب الشقة على آمل الهرب .. وضع يده على معدته
يتأوه بألم .. ركض وراءها ليمسك بها قبل أن تهرب .. فتحت الباب وقبل أن تخرج أمسكت
بها يديه وجذبتها نحوه .. ومنه إلى الأرضية التي ألقاها عليها بعنف .. وقبل أن
يغلق الباب شعر بفوهة مسدس موضوعة مباشرةً على منتصف المسافة بين حاجبيه .. شهق
بقوة من هول الصدمة وعينيه على آخرهما ..
ابتسم كيبوم بضعف ومازالت عيناه متقرحتان
من أثر الدموع التي ظلت تنزفها عيناه منذ ثلاثة أيام .. تقدم للداخل خطوتين ومازل
المسدس على جبين دونغهي .. فتراجع هو للوراء ورفع يده للأعلى وهو يزدرد لعابه
ليبلل حلقه الجاف .. إن هيئة كيبوم ونظراته الملتهبة, عيناه وصوت صرير أسنانه كل
هذا كان كفيلاً ليجمد دونغهي من الرعب والصدمة .. وضعت مروة يدها على فمها لا تصدق
ما تراه عيناها .. وقلبها راح يتخبط بداخلها بجنون .. توقف أيها الأحمق الغبي لا
تقل بأنك ترتجف خوفاً عليه .. هذا .. هذا ليس من أحببت إنه مخادع ..
صر كيبوم على أسنانه مصدراً صوتاً اقشعر
له بدن دونغهي وهو يتحدث بصوت يشبه في حدته زئير الأسد : اهلا اهلا بظابط الشرطة
السفاح , انا كنت هدور عليك بس انت قصرت عليا المسافة وجيت
لقضاك برجلك , ( نظر لمروة ) عمل فيكي حاجة الحيوان ؟
حركت رأسها بالنفي ومازالت ترتعد .. ابتسم
دونغهي بسخرية فأخيراً ابتلع صدمته .. وأيضاً لاحظ رباط الضغط
الموضوع على يد كيبوم الممسكة بالمسدس .. فتحدث باستخفاف : انا لسه معملتش حاجة , بس هعمل ومحدش يقدر
يمنعني , ولا هو في قانون يا حضرة الظابط يمنع ان الراجل ينام
مع مراته
رمقه كيبوم بصدمة أعجزته حتى عن تحريك أهدابه
.. شهقت مروة وهي تحاول تذكر ما حدث بالكامل .. الرؤية مشوشة ولكن ها هي تجلس
بجوار رجل يرتدي عباءة وهى تردد عبارات يلقنها لها لإتمام الزواج .. وفي النهاية أعلن
زواجهما .. انبعثت منها شهقة عالية وهى تنظر لكيبوم الذي فهم من عينيها حقيقة ما
حدث .. أعاد نظره ناحية دونغهي .. نظرات كانت كفيلة بأن تخترقه بقوة أكبر من
الرصاصة نفسها .. انزلقت دموعه مجدداً كاد يضغط على الزناد ليثأر لشقيقته
ووالدته وحبيبته التي لم ينجح ولن يفعل يوماً ويتخلص من حبها .. ربما فقط سيكتفي
بالمكابرة وتعذيب قلبه .. صرخ قائلاً : استشهد على روحك
عندها نهضت مروة على الفور وأمسكت بيد
كيبوم وهى تصرخ وقلبها يكاد يتوقف عن عمله من شدة رعبها على هذا الجسد الذي لربما
انتهى من الوجود بعد تلك الطلقة النارية : لا يا كيبوم , ابوس ايدك لاء
نظر لها بدهشة لا يصدق ما فعلته .. اشتعلت
براكين غضبه فصرخ بها : بعد كل ده ولسه بتحبيه يا مروة !!!
صرخت بقهر وهى تبكي بغزارة : غصب عني , صعب عليا مش بايدي والله ما بايدي
اهتز جسده وهو ينظر لها بابتسامة واهنة
معبئة بالحسرة .. أمازلتِ تحبينه؟ إذا علمتِ ما فعل بها فهل
ستستمرين تحبينه .. لاح أمام عينيه طيف شقيقته بجسدها الممزق وهم يخرجونها من
ثلاجة الموتى لتخر والدته ميته .. فأعاد نظره لدونغهي ورمقه بكره الدنيا وحقدها ..
حتى وإن أحببته فأنا سأنتقم لشقيقتي ولنفسي أيضاً ..
ولكن تلك المرة ما منعه عن ضغط الزناد ليست مروة
.. بل دونغهي الذي دفع مروة بعيداً لتسقط أرضًا ثم أمسك بيديه الاثنتين يد كيبوم
المصابة وحركهما في اتجاهين مختلفين .. تأوه كيبوم من الآلم وسقط المسدس من يده ..
ولكن قبل أن يمسك به دونغهي .. سارع كيبوم وهجم عليه يلكمه بقوة .. رمش دونغهي عدة
مرات ثم ركله في قدمه فوقع كيبوم ارضاً .. ركله بقدمه في وجهه ومروة الساقطة أرضاً
ترتجف بخوف من هول المشد ..
أمسك كيبوم قدم دونغهي مع الركلة الثالثة
.. ونهض بسرعة موجهاً له لكمة في معدته .. وبعدها عدة ركلات وراح يوجه له الضربات
الواحدة بعد الآخرى وقوة غريبة آتته وهو يضربه صارخاً باسم نور .. وهذا هو الأمر
الوحيد الذي لم تفهمه مروة التي تتابع من بعيد بأنفاس لاهثة على وشك أن تتلاشى ..
سقط دونغهي أرضاً ولكن قواه لم تخور
بالكامل مازل قادراً على الوقوف على قدمه .. إلا أن كيبوم التقط المسدس بسرعة
ووجهه نحوه وهو يلهث هو الآخر .. مرت ثوانٍ قاتلة مليئة بالآلم والخوف .. رغبة
ملحة في الانتقام ومبادئ تحاول إخماد تلك النيران التي تعلم جيداً انها لن تحرق
غير المنتقم .. انحبست الأنفاس والقرار الأخير في يد كيبوم .. زفر أنفاسه أخيراً وأعاد
المسدس للحزام الملتف حول خصره .. رمق دونغهي الذي تنفس الصعداء قائلاً : حق نور
هيرجعلها , ( نظر لمروة باحتقار ) وانتي بقا اما اخوكي يفوق يبقا
هو يشوف حكايتك
غادر صافعاً الباب خلفه بقوة وراح يركض
بلا هوادة لمكان لا يعرف ما هو بقلبٍ يتمزق تحت وطأة الذكريات والحب والآلم وكل ما
هجم على حياته دفعة واحدة .. فكيبوم بعد انتهاء الجنازة قرر الذهاب للمشفى للاطمئنان
على ليتوك الواقع تحت تأثير غيبوبة منذ ثلاثة أيام .. عندها علم من الأم بأمر
زيارة دونغهي وآخذه لمروة .. وعندما سأل الجند عن التفاصيل .. أخبره أحدهم بأن
دونغهي خرج من المشفى وهو يحملها وكانت تبكي .. جن جنونه وعلم أنه يخطط لأمر حقير
آخر .. منحه ضابط الكمبيوتر معلومات بطاقة دونغهي ومنها عرف عنوان منزله وذهب إلى
هناك ركضاً ...
نهض دونغهي وهو يتنفس الصعداء .. ازال
الدماء المستقرة على شفتيه بأكمام قميصه .. ثم نظر لمروة الجالسة ارضاً وقد جفت
دموعها على خدها وتبدو وكأنها متجمدة لا تحرك ساكناً بها .. ابتسم وهو يقترب منها وجثى
على ركبتيه .. ثم مد يده واضعاً إياها على خدها : يااااه للدرجة دي بتحبيني ؟
رفعت نظرها تنظر له بإشمئزاز منه ومن
قلبها الذي ظلمها بحب كهذا .. ثم دفعت يده عنها بقوة قائلاً بحشرجة : ابعد ايدك
عني يا حيوان
صفعها بقوة على وجهها ثم أمسك بشعرها وقرب
وجهها من وجهه وهى تبكي وترتجف : لسانك ميطولش عشان مقصهولكيش , ( عاد يبتسم من
جديد ) عارفة النهاردة ايه ؟ النهاردة ليلة دخلتنا
باغتته بأن عضت عنقه بقوة فابتعد عنها
متألماً .. ركضت نحو المطبخ وأمسكت بسكين حادة ومدتها في وجهه :
ده على جثتي
نهض وهو يمرر يده على مكان العضة ليخفف
الآلم قليلاً .. ثم اقترب منها وراح يضحك بسخرية : ارمي السكينة اللي
ف ايدك دي يا شاطرة لحسن تعورك
اقتربت اكثر وهى تحركها في وجهه صارخة به
ليبتعد .. حرك رأسه بسرعة على الجانبين مصدراً
صوت طرقعة من عنقه .. ثم ابتسم ملأ شدقيه وإذا به يمد يده بسرعة ممسكاً بشفرة
السكين غير آبه بالآلم الذي ألم بيده .. وبقوة قام بشدها من قبضتها ثم ألقاها
بعيداً ..
رمشت مروة عدة مرات بذهول وهى لا تصدق
عينيها .. أي وحش هذا ؟! هبطت أرضاً ترتجف خوفاً من القادم .. جثى على ركبتيه
مجدداً وهو يقول : تصدقي , انا طول عمري بقول
ليه الراجل اللي بيبدأ مع الست في يوم زي ده ؟ ايه رأيك لو احنا شقلبنا الحكاية ؟
( رفعت رأسها تنظر له .. ما الذي ينوي على فعله يا إلهي أنقذني .. غمزها ضاحكًا )
عارفة احساس حلو ان الست اللي رفضاك , هي اللي تعرض نفسها
عليك , خلينا نجرب,,,,
حرك إصبعه على شفتيها ثم نهض .. دلف غرفته
وتقدم نحو الخزانة أخرج زجاجة عطر ذو رائحة قوية جداً
.. وعاد حيث كانت تجلس وهى تنتظر قدرها .. هبط لمستواها مجدداً ورفع زجاجة العطر
أمام وجهها مباشرة .. رمقتها بتعجب فلم تفهم مقصده بعد .. ولكنها سرعان ما فهمت
عندما ضغط عليها بقوة فانطلق رزازها بالكامل دون نقصان نقطة واحدة في وجه مروة
وبصفة خاصة أنفها وفمها ..
اتسعت حدقة عينيها وشعرت وكأن نيراناً أوقدت
بداخلها .. التهب مجرى تنفسها بسرعة وأخذت تسعل وهى غير قادرة على التنفس .. وضعت
يدها على عنقها وصدرها يعلو ويهبط بسرعة كبيرة حتى كاد قفصها الصدري ينفجر من شدة
ضغطها عليه لتتنفس .. اصفرت شفتيها وبرزت عروق رقبتها وهى تحرك يدها في محاولة
فاشلة لاستشفاف الهواء .. سحبت الدماء من وجهها بالكامل وكأنها تحتضر .. ما الذي
فعله ذلك المجنون بحق السماء ..
ظلّ في مكانه دون أن يرمش له جفن في انتظار أن
تسوء حالتها تماماً .. ثم أخيراً قام بأخراج البخاخة التي تستعملها في هذه الأوقات
لمعالجة الروائح وتوسيع شعبها الهوائية وتهدئة حلقها لتستطيع التنفس .. وحركها
أمام وجهها بابتسامة قذرة حقاً هى لسفاح :
ايه دي ؟ البخاخة صح ؟ تاخديها ؟ ( نظرت لها مروة بلهفة مدمن على وشك مفارقة
الحياة وآحدهم يمد له يده بالمخدر لينقذه قبل فوات الآوان .. انتفض جسدها وحاولت
أن تأخذها منه .. فسرعان ما أبعد يده عنها قائلاً بذات الابتسامة ) توء توء مش كده
( اشار على غرفة نومه ) ها موافقة ؟ ( ثم أكمل بسخرية ) اصلي مش عايز احس اني بعمل
حاجة زي دي غصب عنك , فلو انتي بدأتي هتريحي ضميري , اه اصله بيتعب
بسرعة
تباً له من كائن أتعفف عن وصفة بإنسان ..
يستخدم مرضها ليجبرها على أمر كهذا .. ترى يا مروة أهذا يستحق ما فعلته بقلب كيبوم
لأجله .. ندمت وليته ينفع الندم ! بكت بحرقة وهى ترى شبح الموت يتراقص حولها ..
فما كان منها إلا أن ألقت بنفسها بين أحضان دونغهي .. أمسكت وجهه بيديها وشرعت
تقبل شفتيه كما أراد وهى تكاد تفقد وعيها من كل ما يحدث لها .. عندها ابتسم برضا
وانتصار ثم نهض حاملاً جسدها على ذراعيه ليعالجها أولاً ثم يدنس جسدها كما فعل
بتوأم روحها تماماً .. وها هى بين يديه مجردة من ملابسها .. من كرامتها وشموخها ..
كما جُردت تماماً من عزريتها !!...
***
الاسبوع الثاني انقضى بالكامل .. وأحداث
روايتنا تزداد اشتعالاً .. علم الجميع بخبر زواج مروة ودونغهي .. ورغم ألم الأم إلا
أنها لم تستطع طلب المساعدة من والد كيبوم .. كما أن كيبوم بمنتهى الصراحة أعلن أن
لا شأن له بالأمر .. فعادت تتشبث بيد ليتوك الذي مازال فاقداً للوعي ترجوه أن
يستيقظ ليخلصها مما هى فيه .. ولكنها تعلم أن ما بعد استيقاظه لن يكون بالسهل ..
تجلد الوالد كما العادة وعاد لعمله يهرب
إليه من كل الحزن والألم .. وهذا نفس الشيء الذي فعله كيبوم الذي لم يعد للمنزل
طوال الإسبوعين .. وظل في غرفة مكتبه في المدرية ليله كنهاره الإثنان سيان .. وحيث
مروة ودونغهي فالأمور معقدة ومؤلمة .. حياتها باتت الجحيم نفسه وهى تعيش مع رجل
تعشقه بينما كل يوم تكتشف مدى حقارته .. أصبح الدمع رفيقها الوحيد .. وكلما بكت
كلما أفقدته اعصابه اكثر ليصب جام غضبه عليها .. الاذلال التام والهوان بجميع
اشكاله تجرعته بكأس قدمه هو لها على طبق من ذهب ..
كانت ككل يوم جالسة على الأرض في زاوية
صغيرة بالغرفة .. تحتضن جسدها بيديها وتدفن بهما رأسها .. تبكي بحسرة أي جنون
أصبحت فيه ولا تستطيع الهروب منه حتى للنوم .. إنه يطاردها في كل مكان .. سمعت
صرير الباب فازداد انكماشها .. عطره ملأ الغرفة .. نظر لها في حالتها تلك فأطلق
زفرة قوية .. تقدم وهبط لمستواها : ارفعي دماغك
لم تُجب, ولم تستطع من الأساس أن تتحدث ..
تنهد بقوة وقبض على شعرها بين أصابعه ثم رفعه غصبًا لمستواه .. زاد تساقط دموعها
وهمهمت بحشرجة : انت عايز مني ايه انا تعبت!
ـ ممم زهقان وعايزك تسليني
ـ حرام عليك, حرام عليك بقا
اعتقني انا معملتلكش حاجة
قلب شفتيه في مللٍ : ولا تقدري تعملي حتى
صرخت به بحنجرة متألمة : انا عايزة افهم
ايه متعتك وانت بتذلني كده! انا عملتلك ايه؟
عقد حاجبيه بغضب وبرد فعل سريع صفع خدها
بقوة : كام مرة اقولك صوتك ميعلاش عليا؟
مدت يدها أخيرًا وقبضت على ملابسه وزاد صراخها : انا
تعبت خلاص! انت بتعمل فيا كده ليه؟ هو ده الحب اللي قولت انك حبتهولي؟
تنفس بعمق وأمسك معصميها يعتصرهما بين قبضته : لاخر مرة
بقولك صوتك ميعلاش!
صكت أسنانها : هعليه وهصرخ واعيط واعمل كل حاجة تضايقك, انت مشترتنيش بفلوسك انت خطفتني
ومعرفش عملت فيا ايه خلتني اوافق اتجوزك اصلا!
ابتسم بسخرية : ده بجد؟ يعني انا لو كنت قولتلك تعالي
نتجوز يا مروة كنتي هتقوليلي لا؟
ـ لا, عارف ليه؟ عشان انا متخلفة حبت واحد حيوان زيك
صفعها مجددًا : متخرجينيش عن شعوري
نهضت بنية مغادرة الغرفة الجحيم حيث وجوده حيث أنفاسه
تملأ المكان .. نهض أيضًا وجذبها من ذراعها دافعًا بها لصدره .. التفت تحاول التحرر
منه : ابعد عني بقا مش طايقة اشوفك!
ـ ولو مبعدتش
لانت خوفًا من نظرات التهديد في عينيه .. هدأت واستكانت
صيحاتها أخيرًا سامحة لدموعها أن تتدفق بغزارة : اعمل اللي انت عايزة انا خلاص
تعبت من كل حاجة
أدخل يده تحت ملابسها بابتسامة جانبية مقرفة .. أغمضت
عينيها باشمئزاز فزفر بقوة وضمها لجسده أكثر .. رفعها بقوة وألقى بها للسرير ..
تأوهت تبكي بحسرة واستسلمت بماهنة!!
والمحطة الأخيرة كانت محطة مريم وهنري ..
فبعد ما حدث انفردت مريم بنفسها في غرفتها لوقت طويل .. تحاشت التعامل مع أي أحد
وأولهم هنري .. فكيف لها أن تكون سعيدة بجوار من تحب بينما هناك قلوب تتألم .. لمَ
تعاقب نفسها وهى الأخرى ضحية لم تعلم .. أو ربما هى أرادت أن تنفرد بنفسها لفترة
فقط دون أسباب .. حاول هنري أن يعرف ما خطبها ولكنها طلبت منه أن يتركها بمفردها
حتى تتحسن وتعود من نفسها لسابق عهدها .. وفي الإسبوع الثاني تم الاتفاق بينها
وعمها على عودة نورة وأخيراً ...
***
توقفت سيارة ييسونغ أمام مدرية الجيزة ..
رمق المبنى المعبأ بالجند برهبة من الموقف .. في أول يوم له في مصر تكون محطته
الأولى هو أخر مكان يحب أحد أن يزوره .. نظر لعبير وهو يزفر باستياء ...
- خلي بالك من نفسك
- متخافش , ربع ساعة وهكون قدامك
أومأ لها .. فسرعان من ترجلت عن السيارة
ودلفت للداخل بخطوات واثقة .. استوقفها أحد الحرس متساءلاً : اي خدمة ؟
اخرجت بطاقة هويتها قائلة بثقة : انا
صحفية من جريدة ( ... ) الامريكية , وعايزة اقابل حضرة الظابط دونغهي
أشار لها على مكتبه فانحنت له انحنائة
بسيطة وأكملت حيث أشار لها .. دلف الحارس لدونغهي قائلاً :
في صحفية جاية لحضرتك يا باشا
نهض كيوهيون من فوق كرسيه قائلاً : همشي انا عشان تشوف شغلك
أشار دونغهي للحارس بأن يدخلها .. ثم نظر
لكيوهيون : يا عم اقعد , زمانها اي واحدة هتسأل على اي قضية هقولها كلمتين وتتكل عالله
أومأ كيوهيون وعاد ليجلس فوق كرسيه ..
حينها ولجت عبير للداخل بقلب يتخبط بداخلها من هيبة لقاء بعد هجر طويل .. ولكنها
تصنعت الثقة كما العادة وأخفت وجهها خلف نظارتها الشمسية كبيرة الحجم .. بمجرد إغلاق
الباب والتفافها لهم .. اتسعت حدقة عينيها وراح قلبها يطرق بقوة وكأنه تم إعادة إحياء
نبضه من جديد .. مستحيل لم تتوقع رؤيته بتلك السرعة .. اقتربت من مكان مجلسهم
وكيانها بالكامل يتهدم ولكنها مازلت تصتنع الثقة .. خطواتها أصدرت صوت طرقات قوية
على الأرض .. وسرت من الأرض حيث قلب كيوهيون الذي راح ينبض بشغف وهو محتار من هذا
النبض الجنوني المفاجئ ...
- اهلا يا انسة , اتفضلي , تحبي تشربي ايه ؟
هكذا أعلن دونغهي .. لترتسم ابتسامة سخرية
على شفاه عبير .. رفعت يدها .. أمسكت بنظارتها ثم بدأت تزيلها ببطء .. وحالما ظهر
وجهها كاملاً .. شهق كلاً من كيوهيون ودونغهي وزاد نبض قلبيهما
بطريقة جنونية .. تجمد دونغهي في مكانه ينظر لها وهو يتمتم بتلعثم بكلمة " مستحيل
" .. بينما أن كيوهيون حاول جاهداً أن يقف مستنداً للأثاث وهو يحاول أن يبتلع
لعابه علّه يبلل حلقه الذي جف فجأة ...
عضت على شفتيها وهى تتحامل على نفسها ..
ثم مررت نظرها بينهما من ثم أطلقت زفرة عميقة قائلة : ايه ؟ شفتم عفريت ولا ايه ؟
حاول دونغهي جاهداً أن يقف .. ونجح بعد
عدة محاولات .. لسعت الدموع عينيه وهو يقول بتلعثم : عـ عبير ؟
صرّ كيوهيون على أسنانه .. تمالك نفسه
وسار تجاهها وعينيه تحشد بداخلها الدموع .. شد على قبضة يده قائلاً : ايه اللي
رجعك ؟
نظرت له بحسرة ولكنها سرعان ما ابتسمت
بسخرية قائلة : انا راجعة عشان زي ما حافظت عليكم وحمتكم سنين طويلة , عشان زي عملتكم
وبنتكم ( أخيراً انزلقت الدموع من عينيها وصرخت بهما ) هدمركم , هدفعكم تمن قتلكم
لدونغهي وكيوهيون اللي اعرفهم , بايدي هدمركم , ده وعد ( أخرجت من
حقيبتها قرص مدمج وألقته على مكتب دونغهي ) فديو موت مرات الظابط , اول ورقة هدمركم
بيها
نظرت لهما من أسفل قدميهما حتى أعلى جبهة
كل منهما باحتقار ظاهري مغلف بالآلم على ما آلت حالتهما إليه وأيضاً شوق وحنين لوصال بعد هجر طويل .. رمقت كيوهيون لثوانٍ
قبل أن تغادر .. تحرك دونغهي بسرعة ليتبعها بنية الحديث معها إلا أن كيوهيون ظنه
سيؤذيها فأمسك بيده ونظر له بحدة : مهو انت لو نسيت نفسك ورايح تأذيها , فاستشهد على روحك
يا دونغهي عشان انا اللي هخلص عليك بايدي
دفع دونغهي يده بقوة وصرّ على أسنانه قائلا : هو مش مفيش حب ؟ ده كلامك ليا ( صرخ
به ) فاكر ولا ناسي ؟
تدفقت الدموع على خده وهو يقول بضعف : دي
عبير يا دونغهي
ابتلع غصته بصعوبة وتدفقت دموعه بغزارة هو
الآخر : حتى لو هموت على ايدها , ( أرجع شعره للخلف
بضيق ) لو فعلا هتدمرني زي ما قالت , لو ضربتني بسكينة ف
قلبي , هتفضل عبير , هتفضل الخط الاحمر
اللي مقدرش اعديه
جثى كليهما على الأرض في نفس اللحظة وهما
يبكيان وفي صوت واحد بمشاعر مختلفة أعلنا : وحشتيني !!!
***
كما العادة كان جالسا خلف مكتبه .. دافناً
رأسه بين ثنايا ذراعيه المعقودان على المكتب .. وهو بالكاد يستطيع التنفس ..
ملابسه غير منظمة .. شعره مبعثر .. ذقنه بارزة .. تلك هي حالته التي لم تتغير منذ
إسبوعين .. دلفت للداخل وهى عاقدة ذراعيها إلى صدرها .. وبصوتها الجهوري أعلنت :
كيبوم
الصوت كان مألوفاً بالنسبة له .. اكفهرت
ملامحة ورفع رأسه ببطء ينظر لمكان الصوت .. فإذا بعينيه تتسعان قائلاً بتلعثم : عبيـر
؟!
***
.. بعد مرور ثلاثة أشهر ..
وصلت الأم لباب الغرفة بملامحها المتعبة
الاعتيادية .. كانت تحمل بين يديها زجاجة مياه .. وضعت يدها على مقبض الباب وفتحته
ببطء .. ولجت للداخل لتنبعث منها شهقة مرتفعة .. وسقطت الزجاجة من يدها أرضاً ...
ركضت نحوه وتشبثت بذراعه وهى بالكاد تلتقط
أنفاسها اللاهثة وأردفت بتلعثم : لـ ليتوك انت رايح فين يا بني ؟ انت لسه فايق غلط
عليك الحركة الدكتور قال ترتاح
عيناه كانت ككهفٍ غائر خالية من أي تعبير
.. وجهه بدى وكأن ملامحه قد زالت .. كل شيء فيه مُربك حد الرعب .. يبدو كشبحٍ
يتحرك في جسد إنسان .. رفع يده الآخرى ببطء وأنزل يد والدته .. تركها خلفه وأكمل
سيره للخارج دون التلفظ بحرف .. جلست الأم أرضاً تضرب على وجهها وهي تبكي حالته
و تصرخ بألم ..
بينما هو أخذته قدماه التي يسير عليها وسط
طريق السيارات كالميت إلى مدرية الجيزة .. طرح سؤالاً واحداً وبعدها انطلق راكضاً
بأقصى سرعة وكأنما قوة الأرض بأكملها بُثت فيه .. كان يركض بلا هوداة .. دموعه
تتطاير من عينيه للخلف .. يرى الكون من حوله في ضيق خرم الإبرة .. في سواد السماء
الخالية من النجوم ليلاً .. يشعر وكأنما يركض على فيض نهرٍ جاري من الدماء ..
وكلما تلفت حوله يرى عُنقها المذبوح محفوراً على الحوائط .. كلما تقدم وغاص في تلك
الظلمة كلما هاجمته صفعته الأخيرة لها .. كلما انتهت دموعه تمده الأحزان بدموع
آخرى وهو يصرّ على أسنانه وقلبه يرتجف ..
دماؤه تغلي وجسده يصرخ مطالباً بعناقٍ أخير ..
كلما تذكر الظفر الذي فصلهما في مشهدٍ يعد الأقصى .. تُزهق روحه ملايين المرات ..
عاصفة غضبٍ وألم وانتقام فرضت سيطرتها عليه بالكامل .. فوصل جموحه بها عنان السماء
.. طريقٌ طويل عبئة بالكثير من المشاعر .. اليوم ستكون النهاية لتهنأ في قبرها ..
توقفت قدميه أمام باب المنزل .. وهنا اختفى هذا العالم الذي انغمث فيه طوال الطريق
.. وعاد كل شيء إلى طبيعته إلا هو ...
وجهه متيبس .. عيناه متقرحة ودامية اختفت
معالمها بالكامل بسبب اللون الأحمر الذي سيطر حتى على عدسة العينين السوداء فصبغها
بلون الدماء .. برزت عروق عنقه ووجهه مكفهر عابس متيبس .. أنفاسه زئير يصمُ الآذان
.. ضغطه على قبضة يده أبرز عضلاته وعروق يديه المحمرة من شدة تدفق الدماء .. بدى
كوحشٍ كاسر لا حد لجباروته .. دق الجرس بهدوء وبعد دقيقة واحدة فتح دونغهي الباب
.. ليُصدم به أمامه لا يفصل بينهما سوى بضع إنشاتٍ .. شهق برعب لأول مرة من شكله
.. وسرعان ما تراجع خطواتٍ للوراء .. دفع ليتوك الباب وتقدم نحوه يبتسم بذات
الملامح : Surprise , Surprise
حاول دونغهي ابتلاع غصته التي استقرت
بمنتصف حلقه ولكنه لم يستطع .. ملامحه كانت مشدوهة بالكامل وعيناه على وسعهما من
الصدمة والخوف .. اختفت ابتسامة ليتوك وصرّ على أسنانه لتسري قشعريرة رهيبة في أنحاء
جسد دونغهي .. وقبل أي ردود أفعال آخرى لكمه ليتوك لكمة قوية أطاحت بجسده ليسقط
على المنضدة الزجاجية وتتهشم .. تفلتت منه صرخة ألم عندما اخترقت شظايا الزجاج
ذراعه .. فتقدم ليتوك بسرعة وأمسك به من ملابسه ودونغهي يحاول التنفس .. أنهضه
وبكل قوته ثنى قدمه وضربه في معدته احتقن وجه دونغهي وانبصقت الدماء من فمه ..
وعلى هذا الصوت ركضت الفتاتان من الداخل إلى الخارج ..
لم تتحمل مروة المزيد من مشاهد العنف ..
فارتجفت وخرت ساقطة على الارض منكمشةً في نفسها تبكي بهستيرية وتضع يدها على أذنها
برد فعلٍ غريب !! هبطت عبير
بسرعة لمستواها واحتضنت جسدها الضئيل والضعيف بين ثنايا صدرها .. وهى تربت على
شعرها لتهدأ من روعها .. بينما تنظر لهذا المشهد الدامي وأنفاسها تتلاشى من فظاعته
.. لكمة بعد الآخرى ودونغهي لا يستطيع تحريك أنملةٍ فيه .. ركله ليتوك ليصطدم جسده
بالحائط وهو يضع يده على معدته ويسعل بضعفٍ ووهن .. تقدم ليتوك وأخفض جسده قليلاً أمسك
بشعره وجعله يرفع رأسه .. نظر له دونغهي بضعفٍ تام والدماء تنزف من جبينه ..
ابتسم ليتوك مجدداً بسخرية وبكل قوته ركله في
وجهه بقدمه .. اصطدمت رأس دونغهي بالحائط بقوة فأغمض عينيه يتأوه .. اجهشت عبير في البكاء وهى تحاول كتم صوتها فقط
لأجل تلك المسكينة التي فقدت أعصابها فأصبحت ترتعد بسرعة غير طبيعية وأصابعها
المتمسكة بملابس عبير انغرست في جسدها وهى دافنةٌ رأسها في صدرها .. وعبير تحيطها
بقوة أكبر وكأنها تود أن تدخلها لجسدها ..
أعاد ليتوك إمساك ملابسه ورفع جسده
لمستواه .. نظر له دونغهي من وراء الدماء التي غطت وجهه نظرات بائسة للغاية ..
فتذكر ليتوك فوراً عيناه التي كانت يتقاذف منها الشر والحقارة .. وتذكر نظراته
البائسة وهو يرجوه بأن يتركها ويفعل به ما يشاء .. انزلقت دموعه بحرقة وضغط على
شفته السفلية بغضب العالم حتى أنها جرحت وتلوثت أسنانه بالدماء .. نظراته بعدها
جعلت دونغهي ييقن بأنه ميت لا محالة ..
وجه دونغهي نظره بضعفٍ للفتاتان وهو يرمق مروة بحسرة وآسفٍ لحالها .. فصوب ليتوك نظره لهما هو الآخر .. لم
يلحظ مروة التي لا يظهر منها شيء .. بل كانت عبير هى ما تنظر لهم مترقبة في خوف ..
حتى الصراخ لإنقاذ دونغهي سيجعل مروة تنهار
تماماً وربما تحدث لها سكتة قلبية كما قال الطبيب .. كانت نظرات دونغهي وكأنه يودعهما .. ولكن ليتوك أمسك
بشعره وراح يركله في قدمه حتى خارت قواه وسقط أرضاً .. جره من شعره بعنف حتى أن
الكثير من الخصلات تمزقت في يده .. رفع جسده بالكامل بيدٍ واحدة من شعره وأخذ يضرب
رأسه في الحائط الزجاجي الكبير المستخدم في المنازل الحديثة للفصل بين الغرف
المفتوحة على بعضها ..
ومن شدة وعنف الضربات تحطم الزجاج بالكامل
.. وأصبح وجه دونغهي وكأنه تم تشريحه .. لم يجد أي مقاومة فغضب ليتوك ورغبته
المميتة في الانتقام بثت فيه قوة هائلة .. لم يكتفي بهذا .. أمسك زجاجة من الشظايا
المتناثرة أرضاً وقبل أن يحركها على عنق دونغهي .. تركت عبير مروة غصباً وركضت
نحوه بكل شجاعتها وقوتها قفزت على ظهره وهى تركله في قدمه من الخلف بقدمها .. نعم
تعلم أنه ليتوك .. نعم تعلم أن لديه كلُ الحق فيما يفعل وسيفعل .. ولكن لم تستطع
السيطرة على مشاعرها .. اتسعت حدقة عين دونغهي وبصعوبة رهيبة تمتم ...
- عبير , ابـ .. ـعدي يا غبية !!
قفزت من فوقه ووقفت أمام ليتوك ودونغهي
خلفها أرضاً يسعل فتنبصق الدماء من فمه .. آخذت وضعيه الدفاع وهى تنظر له بقوةٍ
وتهديد .. ربما هذه كانت مرته الأولى التي أعمى فيها الغضب بصيرته لهذا الحد الذي
جعل منه وحشاً كاسراً يصعب الوقوف في طريقة لمحاولة ردعه .. نظر لدونغهي الذي
يتمسك بقدمها محاولاً النهوض كي يبعدها عن ليتوك .. فوراً أدرك بأنها شخصٌ غالٍ
على قلبه ..
وهذا هو المطلوب ..
ابتسم ابتسامة حسرة واسعة وكونت عينيه خط دموع
ينسال على خديه وإذا به يجذب عبير من شعرها بعنف ويضمها إليه .. حاولت التحرر منه
فصفعها بقوة .. جفت شفاه دونغهي وهو يرى نفس مشهد قتل نور ولكن الأدوار قد اختلفت
..
فكما ذُكر سابقاً أنه في كل روايةٍ عدةُ مشاهد
مع ثبوت الأبطال ولكن في روايتنا نحن إنما هو مشهدٌ واحد تعدد فيه الأبطال ..
انقلبت الأمور فأصبح السجين هو الجلاد .. وبين الكذبة والصدق اندثرت الحقائق كما
النجوم .. والأمور ذات العواقب الوخيمة ما عاد أسهل منها ليصنع .. وفي معركةٍ
آبدية بين الخير والشر ضاع بنو آدم .. ووسط هذا الكرنفال الحافل تم تحطيم العديد
من القلوب !!..
هنا فقط لعن دونغهي اليوم الذي تجرد فيه
من إنسانيته وفعل هذا ليُرَد إليه .. ليتكِ ما عدتِ عبير .. حاول النهوض بصعوبة
ليحررها من قبضة ليتوك .. فركله مجدداً بمنتهى العنف ليسقط أرضاً مرة آخرى .. ظلّ
ممسكاً بها وهو يجرها خلفه باحثاً عن حبل .. وحالما وجده ضرب رأسها بالحائط بقوة
لتسقط أرضاً متألمة .. جثى هو الآخر أمام دونغهي .. ثم أحكم ربط الحبل على قدمه ..
ذات القدم التي ربطه منها يوم الحادثة وثبت الطرف الآخر في إحدى عمدان المنزل ..
أمسك عبير وأنهضها لتصبح في أحضانه تماماً
كما حدث مع نور .. كان قد أحضر سكيناً وهو يبحث عن حبل .. فحرك شفرتها أمام وجه
دونغهي الذي راح يصرخ وهو يحاول التملص من الحبل .. وأخذ يرجوه ويتوسل إليه بكل ما
هو غالٍ ليتركها .. وكلما زاد في التوسل كلما اتسعت ابتسامة ليتوك ودموعه تنهمر
بغزارة .. وفي مشهدٍ حبس الأنفاس وضع شفرة السكين على عنق عبير المقيدة في قبضته
وصرخ بدونغهي في ألمٍ : اغتصبها ولا اقطعلك جسمها حتت ولا ادبحها ( ارتعد جسده
ودموعه الساخنة شوشت الرؤية ) ولا التلاتة ؟؟؟
ـ *.* ـ *.* ـ *.* ـ*.* ـ
مقطتفات
من الفصل القادم :
-
تفوقي يا مريم , ارحمي نفسك وكفايا دراما , دور المجروحة دا بقا اوفر اوي
- خلاص امممم , بص انا
هقولك كيوهيون , وهتعيش معانا في الملجأ ايه رأيك ؟
ـ اللي
يشوفك دلوقت وانت نايم زي الملاك ميشوفكش وانت صاحي بتبقا حيوان
ـ ابننا
! انت فاكر اني هسيب حاجة قذرة من واحد وسخ زيك جوايا ؟
دونغهي .. اكثر اسم كنت احب اسمعه و هسه اكثر اسم اكرهه بالدنيا كلها !!
ردحذفشخصيته تجنن تجنن تجنن بطريقة تخلي الواحد يكرهه !!
ليتوك .. ياريت لو سويت بعبير مثلما هو سوا بنور .. يستاهل الحيوان !!
ما ادري شنو اكتب بعد قلبي مدا يخليني اعبر عن شعوري !!
ابدعتِ كالعادة حبيبتي .
متابعتكِ .. نورهي