على حافة جهنم
الفصل الثامن
Written By : Ňoồr
~ بداية النهاية (2) ~
الهدوء هو سيد المشهد في
تلك الغرفة .. تكتكات جهاز قياس ضربات القلب وحدها من تتحدث .. فتحت عينيها ببطء
وهى تشعر بكفين يحتضنان يدها الصغيرة .. أول نظرةٍ لها كانت على جدران الغرفة ..
بيضاء بطريقةٍ ترتخي لها الأعصاب .. أمالت وجهها ببطء لتنظر لهذا الذي يُمسك بيدها
.. زادت خفقات قلبها بطريقةٍ عشوائية جنونية .. إنه هو ومن ذلك القرب .. نظرت
حولها لتعرف أين هي بالضبط .. يبدو أنها في المشفى .. من تلك الأجهزة الطبية
الكثيرة .. والمحاليل الموصلة ليدها .. بالإضافة إلى جهاز التنفس الاصطناعي
الموضوع لها كي تتنفس منه .. ابتسمت ابتسامة باهتة .. لقد عرفت أين وهى ولماذا
أيضاً ..
كانت ستبكي إلا أن دونغهي
النائم بجوارها عندما شعر بتحركها فتح عينيه ببطء هو الآخر .. نومه حساس للغاية
وأبسط الحركات والأصوات تستطيع أن تُيقظه ..اعتدل في جلسته وهمس لها :
صباح الخير , بقيتي كويسة ؟
أزالت جهاز التنفس وابتسمت
بوهنٍ : صباح النور , الحمد لله عالاقل قادرة اتنفس
- وقعتي قلبنا عليكي امبارح ( أشار على والدتها النائمة على إحدى الأرائك
وقد غطاها دونغهي بسترته ) في حد يعمل كدا ف نفسه ؟ ازاي متخليش البخاخة بإستمرار
معاكي ؟
- انـ انا اسفة
ـ بتتاسفي ليه ؟ انا مش
بقول كدا عشان تتاسفي على فكرة
اغرورقت عيناها بالدموع :
محدش هيفهم , انا خلاص تعبت ,
تعبت من الدوا , من البخاخة , من
المستشفى , من النفس الصناعي ,
تعبت من الشتا , بكره الفصل ده اوي
ربت على يدها بحنان : خلاص
اهدي متفكريش كتير
مد يده يزيل دموعها بلطفٍ
.. ويهديها ابتسامةً مطمئنة .. ازدردت لعابها ثم بيدٍ مرتعشة ومترددة حاولت أن
تمسك يده .. ولكن ما كادت تصل لها حتى أنزلت يدها مجدداً .. اتسعت ابتسامته ووضع
يده على وجنتها ثم بالآخرى أمسك يدها ووضعها فوق يده وكأنها تمسك بها .. ونظر
لعينيها مباشرةً هامساً : عايزة تقولي ايه ؟
نظرت لعينيه مطولاً .. كان
شعورها وقتئذٍ لا يوصف .. رغبة قوية تُريد منها أن تختبأ في صدره .. وآخرى تريد أن
تستمر في التحديق به .. وثالثة تود منها أن تخبره عن حبه الذي وعته مبكراً ويسكن بداخلها
.. ولكنها اكتفت بابتسامةٍ بسيطة قائلة بتلعثم : شـ شكرا .. واسفة اني تعبتـ
قاطعها عندما تقترب من
وجهها كثيراً وطبع قبلة مطولة على جبهتها .. ثم قال : قولتلك متتاسفيش , بدل
الاسف اوعديني انك هتاخدي بالك من صحتك
ابتسمت بخجلٍ وأومأت بنعم
.. اعتدل في جلسته وآخذ يُمسد شعرها برقةٍ .. دلف الطبيب بعد عدة طرقات بسيطة على
الباب قائلاً : اممم صحيتي يا استاذة مروة ,
ينفع اللي حصل امبارح ده ؟ مش معادك معايا المفروض كان من 3 ايام ,
شوفتي الاهمال وصلنا لايه ؟
حاولت الاعتدال في جلستها
.. فنهض دونغهي وساعدها على الفور .. أسندها إلى السرير ووضع الوسادة خلف ظهرها ..
بداخلها كانت سعيدة للغاية باهتمامه بها .. نظرت له بامتنانٍ ثم أعادت نظرها
للطبيب : معلش يا دكتور , اصل قعدت فترة طويلة ميحصليش حاجة ف كسلت
نظر لها الطبيب بعتاب :
مهو محصلش حاجة عشان كنتي منتظمة اول ما اهملتي رجعتينا لنقطة الصفر تاني
تدخل دونغهي بهدوء قائلاً
: معلش يا دكتور لو سمحت , قولي هى المفروض تيجي امتى وانا هجبها بنفسي
أومأ الطبيب برضا : ايوه
فعلا ده اسلم حل ان حد هو اللي يجبها , كيبوم باشا اما كان بيجبها في المعاد
بالظبط وبيديها الدوا ف معاده اتحسنت , بس
صحيح يا انسة مروة هو فين ؟
أخفضت رأسها بآسى .. فبعد
ما قالته له لا بُد من كل شيء قد انتهى .. تنهدت وهمهمت : عنده شغل كتير ومبقاش
فاضي
أومأ الطبيب بابتسامة :
ربنا يعينه , عموما خلاص انتي بقيتي كويسة وتقدري تخرجي ف اى وقت بس
يا ريت تنتظمي تانى
أومأت برأسها فغادر الطبيب
.. بينما أن دونغهي صرّ على أسنانه بغيظ .. هذا الفتى أكان حقاً يقوم بهذا قبله .. ظن أنه سيكون
مميزاً باهتمامه بها .. مسكين إنه لا يعلم من هو كيبوم .. ذلك الفتى الذي يبدو حاداً
لدرجة الصرامة في تصرفاته .. ولكن الحقيقة أن قلبه صافٍ ويتسع الجميع .. لم يعرف
الكره يوماً لقلبه سبيل .. و عندما أحب جعل حبه أسمى ما يمتلك .. لطالما اهتم بها
على أكمل وجه .. تلك الفتاة التي منذ صغرها وهى مصابة بحساسية حادة .. لا تستطيع
التنفس في البرد القارس .. أو الهواء الرطب .. عدوها اللدود الهواء البارد أو
الساخن كثيراً .. وأزمتها الحقيقية هى الروائح القوية للأطمعة .. ونكبتها تكون عند
إصابتها بالحمى .. وعدم قدرتها على التنفس من أنفها .. إذ أن حلقها يلتهب بشدة فلا
تستطيع التنفس أيضاً من فمها .. وهذه تكون أسوء كوابيسها .. وقتئذ تتلوى من آلم الاختناق
عندما ينقطع عنها الأوكسجين .. ويجب الإسراع فى استعمال البخاخة لتوسيع الشعب
الهوائية حتى تستطيع التنفس .. وعندما تتأزم الحالة كثيراً يتوجب نقلها للمشفى
ليدخلوا الهواء بخراطيم رفيعة إلى أنفها .. إن هذا هو المعنى الحقيقي للتعاسة
والآلم .. ولكن منذ فترة طويلة رحمت من كل تلك الأعراض بسبب اهتمام كيبوم الشديد
بها .. دائماً في جيب سترته بخاخة إضافية لها .. في فصل الشتاء من الحين للآخر
يتفقدها .. كان مواظباً على الذهاب بها إلى المشفى لآخذ جرعتها العلاجية لتجنب
إلتهاب الحلق وانسداد مجرى الهواء المستنشق عن طريق الأنف .. وها هى عند تأزم
العلاقة بينهما بسبب ظهور دونغهي قد عرفت كيف كان هذا العاشق يحبها .. ولكن بمنتهى
السهولة سيتم إلقاء مع فعله لها بين ثنايا النسيان فحبيب الروح قد احتل المكان
بأسرع مما يتصوره بشر !!..
استيقظت والدتها واطمأنت
على صحتها وحمدت الله كثيراً .. وشكرت دونغهي بقلبٍ أم كاد أن ينفطر على ابنتها
التى أنقذها دونغهي من براثن الموت .. فهذا المتصل الذي ظنته ليتوك .. لم يكن سوى دونغهي المرابط بسيارته
أسفل المبنى .. أنهى عمله وذهب نحو منزلها .. واتصل بها ليخبرها بأن تخرج للشرفة
فقد كان معه باقة زهور يود أن يفاجئها بها أو بالأصح بقدومه .. ولكن عندما سمع
كلام الأم وصراخها .. ألقى بالباقة أرضاً وركض بسرعة إلى الأعلى حيث شقة مروة ..
ومن الغريب أن تلك كانت أول خفقة حقيقية لقلبه .. طرق الجرس بقوة ففتحت له والدتها
وهي تكاد تختنق من البكاء .. ركض للداخل صارخاً " لازم نوديها المستشفى بسرعة
, اقرب مستشفى
هنا فين ؟ " لم تهتم الأم من يكون بقدر اهتمامها بنجاة ابنتها .. ارتدت
معطفها وركضت معه إلى سيارته بعد أن أخبرته عن طريق المشفى المسؤول عن حالتها ..
وخلال الطريق عرفت منه أنه صديقها .. وتذكرته أيضاً يوم قدمته لها في زفاف ليتوك
.. ذهبوا للمشفى وتم إنقاذها في الثانية الأخيرة !!..
وقفت السيارة أمام بوابة
المبنى .. نظرت له الأم بامتنان : والله يا بني ما عارفة اشكرك ازاي , لو
قعدت عمري كله اشكرك مش هوفيك حقك
ابتسم بلطف : انا معملتش
حاجة يا طنط ده واجبي طبعا , وبعدين مروة انا افديها بعيوني
ابتسمت مروة بخجلٍ شديد ..
ثم ترجلت عن السيارة وكذلك والدتها لوحت له وصعدت بسرعة .. أما هو فزفر أنفاسه
بقوةٍ وانطلق مغادراً بأقصى سرعة .. جلست مروة على الأريكة بهدوء .. تنظر للفراغ أمامها
وهى شاردة الذهن .. أغلقت والدتها الباب وجلست على مقعد بجوارها .. عم الصمت
لدقائق إلى أن قطعه صوت الأم : ابن حلال الشاب ده
اتسعت ابتسامتها وتنهدت
بعمقٍ : اووى يا ماما!!
نظرت لها الأم بلؤم : اممم
,
بقولك يا مروة وريني تليفونك كدا
أعطته لها بتعجبٍ : اشمعنا ؟
نظرت الأم في قائمة
الإتصالات الواردة .. لتجد أن متصل البارحة كان دونغهي المسجل بإسم ( دوني )
وبجواره قلب صغير .. نظرت لإبنتها بابتسامةٍ خفيفة : امممم ,
بقولك يا مروة ابقي قولي لصاحبتك بتاعة عيد الميلاد ان بيتنا مفتوح , تبقا
تيجي وتعمل الصح يا حبيبتي
رفعت حاجبها الأيمن وهي
تنظر لها بعدم فهم .. فمنحتها الأم الهاتف ونهضت .. عقدت مروة ما بين حاجبيها ..
وحركت كتفيها بلا اكتراثٍ .. أمسكت بالهاتف وأضاءت شاشته لتجد اسم دونغهي .. شغرّ
فاهها ونظرت إلى غرفة والدتها وهى تهمس : هـ هى كان قصدها عليــ ( ابتسمت بتوتر )
بطلي تخريف يا هبلة
***
لمعت حبات العرق على
جبهتها .. كان جسدها ينتفض بقوة .. وضعت يدها على عنقها وهى تلهث وكأنها تركض ..
أطلقت صرخة مدوية وانتفض جسدها وهى ترتجف .. انهمرت دموعها وهى تحتضن نفسها بخوفٍ
.. قلبها كان ينبض بقوةٍ رهيبة وكأنه سينفجر .. مرت دقائق وهى على هذه الحالة تبكي
بفزع .. شعرت بألم قوي بداخلها فأغمضت عينيها بقوة وهى تتأوه .. هدأ الآلم قليلاً
وهدأت معه .. وضعت يدها على قلبها ثم نهضت بصعوبة وهى ترتجف .. دخلت دورة المياه
وشغلت الماء البارد ووقفت أسفله حتى بدون إزالة ثيابها .. أغمضت عينيها بقوة وهى
تحاول استعادة رباطة جأشها .. شردت لفترة طويلة وهى تُعيد ذلك الكابوس للمرة الألف
.. (( لقد كان ظلاماً دامساً ورأت ليتوك
مقيد بسلسالٍ من حديد مثبت على قدمه اليمنى .. وجسده ممدد على الأرض والسلسال
يمنعه من الحركة .. كان يصرخ باسمها .. وهى كانت تشعر بآلمٍ رهيب في جسدها وعينان
حادتان تحدقان بها .. وفجأة وجدت الدماء تنسال من عنقها )) .. واستيقظت بعد ذلك
فزعة .. أيقظها من شرودها رنين هاتفها الذي ارتفع كثيراً .. أغلقت المياه وأمسكت
بالمنشفة وأخذت تجفف نفسها جيداً .. توجهت نحو الهاتف ..
- ايوه يا ماما ,
- كل ده عشان تردي ؟ وبعدين صوتك فيه رعشة كدا ليه ؟
- ولا حاجة يا حبيبتي ده انا كنت نايمة
- طيب , ليتوك عندك ؟
- لا
- اومال فين ؟
- احم , بصي يا ماما هو كان محلفني مقولكيش عشان متقلقيش على
الفاضي , بس هو ف مأمورية وشكلها هتطول لفترة بس مقلش اد ايه
- مأمورية ايه دي يا نور ؟
- متكلمش ف اي حاجة يا ماما والله , بس
متخافيش يا حبيبتي هو قالي هيبقا ينزل بعد فترة ,
وقتها هنعرف منه كل حاجة , متقلقيش انتي بس
- طب ومجاش حتى يسلم عليا قبل ما يمشي اللي مفيهوش خير ده ؟ ماشي يا ليتوك اما اشوفك بس هعرفك ازاى تعمل كدا من
غير ما تقول لامك
- يا حبيبة قلبي اهدي انتي بس ,
وبعدين تعاليلي هنا يا توحا بقا تقوليلي ليتوك عندك كدا على طول من غير ازيك يا
نور , وحشتيني يا نور , طب
ده انا اما كنت لاجئة عندكم ف البيت كنتي بتطمني عليا اكتر من كدا
- لا ما انا زعلانة منك يا هانم ,
خلاص محدش بيشوفك , اخدتي اللي انتي عايزاه يعني ونستينا
- وايه اللي انا عايزاه بقا يا ست توحا
- بقا مش عارفة يا ختي ,
الحلو ابو قصة يا بت , ده انا عجناكي وخبزاكي يا نور
- الحلو ابو قصة ؟ يا لهووي لو ليتوك سمع ابو قصة دي
- هيعمل ايه يا ختي , مهما كبر هيفضل حبيبي ابو قصة اللي كنت بلبسه هدوم البنات
وهو صغير , ولحد ما يبقا عنده عيل شحط طوله هيفضل العيل الصغير اللي
متعلق برقبتي , الا صحيح يا بت انتي مفيش حاجة ف السكة كدا ولا كدا ؟
دانتو بقالكم ادي 3 شهور اهو
ازدردت لعابها لتبلل حلقها
الجاف .. ثم قالت بتوتر : انـ ان شاء الله يا ماما
- هو ايه اللي ان شاء الله ده ؟ انتي مش متابعة مع دكتورة ولا حاجة ؟
بتلعثمٍ قالت : ا اه طبعا
اكيد, ( حاولت تغيير الموضوع بسرعة ) هي مروة جمبك يا توحا ؟
- يووه صحيح , ما ده اللي كنت متصلة عشانه اصلا ( حكت لها ما حصل مع مروة )
- يا حبيبتي , طـ طب انا جايه دلوقت اطمن عليها , الغبية دي برضو لسه مهملة ف صحتها
- ايوه هتجنني , كنت متصلة باخوها يجي يعقلها ويبقا هو ياخدها المستشفى
بدل الغريب
بتعجب قالت : غريب مين ؟
- اما تيجي هفهمك , يلا يا حبيبتي اشوفك اما تيجي بقا
أغلقتا الهاتف .. فتنفست
نور الصعداء أنها استطاعت أن تغلق الحديث في هذا الموضوع ..
أخرجت ثوباً من الخزانة .. وزفرت بقوة : غبية عايزة تموت نفسها , بـ
بس مش كيبوم كان هو اللي بيوديها المستشفى ؟ يا ترى حصل ايه ؟ ( اغتسلت بسرعةٍ
وبدلت ثيابها وتوجهت نحو مبنى العائلة .. وقفت أمام الشقتين وهى تبتسم بحيرة )
ودلوقت ادخل انهي واحدة فيهم الاول ؟
طرقت بإصبعها ثم ذهب نحو
شقة والدها قرعت الجرس .. وبسرعةٍ قرعت جرس شقة والدة ليتوك أيضاً .. ووقفت في
المنتصف بابتسامة بلهاء .. فتح كيبوم الباب في نفس الثانية التي فتحته بها مروة ..
نظرت له بقلقٍ من ردة فعله .. أما هو فلم ينظر لها حتى بل ابتسم لنور بهدوءٍ : عاش
من شافك
تعلقت بذراعه وهى تشد
وجنته اليمنى : عااا وحشتني يا رخم , طب يا اخويا انا مش بسأل عبر اهلي انت, (
سارت به حتى وقفت أمام مروة ) وانتي يا ابلة ,
ماما توحا قالتلي انك كنتي هتموتي امبارح ,
تعرفي والله تستاهلي
ابتسمت ببلاهة .. بينما أن
قلب كيبوم أخذ يخفق بقوةٍ غير معهودة .. أول أمس كان بداية الشتاء تغير الحرارة
يسبب لها أزمة تنفسية قوية .. كان من المفترض أن يصحبها للمشفى كالعادة .. ولكن
كان هذا هو نفسه اليوم اللعين الذي قرر أن ينساها فيه .. شعر بقلبه ينزف بقوةٍ ..
لقد تخيل حالها وهى تختنق .. سحقاً ليّ حتى وإن قررت نسيانها ألم يكن من المُفترض
أن أهتم بمرضها .. ابتسم بحسرة وتمتم : غبى , هى
مش محتاجة اهتمامك , ربنا يخليهولها
نظرت له نور بفضول : بتقول
ايه مش سامعة ؟
بعثر شعرها : مش بقول يا
لمضة, ( نظر لمروة بدون ملامح قائلاً ببرود ) الف سلامة عليكي, ( أعاد نظره لنور ) يلا شوفي هتدخلي فين وانا معلش
لازم اروح الشغل بقا
نظرت له مروة بحسرة من
طريقته معها .. لطالما أحبت وجوده في حياتها بصفة الأخ المقرب لقلبها كثيراً ..
تنهدت بحسرة أما هو فبالفعل دلف شقته مجدداً لتبديل ثيابه كي يغادر .. خرجت والدة
نور ورحبت بها ودلفوا جميعهم إلى شقة مروة تم سرد الموقف بالكامل على نور ووالدتها .. وكالعادة أُمطرت مروة بسيلٍ من
التأنيبات .. وفي منتصف الجلسة انفردت الفتاتان ببعضهما في غرفة مروة .. بينما أن
الوالدتان دلفتا إلى المطبخ فقد اتفقتا على تناول الطعام سوياً احتفالاً بقدوم نور
اليوم تمددت مروة على السرير .. بينما جلست نور على طرفه وهى ترمقها بفضول : ايه
حكاية دونغهي اللي وداكي المستشفى وفضل سهران جمبك ده ؟
ابتسمت مروة بخجل .. ثم
تنفست بعمق وقالت بثقة : بحبه
ابتلعت نور غصتها بصعوبة
وهى لا تعرف أينبغي عليها أن تفرح لأجل صديقتها وتوأم روحها .. أما تحزن وبشدة
لأجل شقيقها التي تعلم جيداً قدر حبها المكنون بداخله .. ابتسمت ابتسامة صادقة
وأنصتت لمروة التي بدأت بسرد التفاصيل حتى أكثرها مللاً .. ربتت نور على يدها
قائلة : طب وهو ؟
- انا حاسة ان هو كمان بيحبني من عنيه ,
تصرفاته , انتي مشوفتيش كان ملهوف عليا اد ايه ف المستشفى , بس
اكيد لسه خايف انه يصرح بمشاعره ههه بس اكيد هيعترف قريب ده انا مروة
ضربتها على كتفها : ماشي
يا ست مروة , ابلعوا بعض يا ختي
نهضت مروة فجأة وأمسكت بيد
نور وأخذت تقترب منها حتى لم يتبقى بينهما سوى بضع إنشات .. نظرت لها نور بتوتر :
ايه يا مروة يخربيتك ؟ انا مش دونغهي فوقي يا بت يا نهار اسود
وضعت يدها على عنق نور
وحركت إصبعها ببطء .. شغر فاهها بصدمة وما كادت تتحدث مجدداً حتى هتفت مروة : ايه
الخرابيش دي ؟
حركت نور أهدابها بسرعة
وهى تحاول ابتلاع صدمتها .. ثم زفرت أنفاسها بقوة : يحرقك يا مروة وقعتي قلبي ف
رجلي
ابتسمت بلؤم وضربتها على
كتفها وهى تغمزها بعينها اليمنى : هبقا اقول لليتوك براحة شوية
صدمتها مروة للمرة الثالثة
على التوالي .. فصرخت بها : يخربيت دماغك ياشمال ,
اتلمي يا حيوانة ده انا اللي كنت بشوف كابوس النهاردة وحطيت ايدي على رقبتي جامد عشان مكنتش عارفة اتنفس
نظرت لها بعدم تصديق : ااه
قولتيلي
ضربتها بالوسادة على رأسها
بقوة : اخرسي يا كلبة
ردت لها مروة الضربة ..
وهى تثرثر بكلام منحرف .. اغتاظت نور بشدة فأخذت تشد شعر مروة .. وأخذت الفتاتان
تضربان بعضهما .. وهما تصرخان .. استطاعت مروة الإفلات من قبضتها بإعجوبة .. وركضت
خارج الغرفة لتحتمي بوالدتها وهى تصرخ : الحقيييييني يا ماما
المجنونة دي هتموتني
وقفت نور أمام والدة مروة
وهى تتحرك يميناً ويساراً تحاول الإمساك بها : انتي لسه شوفتي موت , ده
انتي ليلتك سودة يا مـ
استندت إلى الحائط وهى
تشعر وكأن المكان يدور من حولها .. نظرت لها مروة باستهزاء : هههههأو مش عليا يا
حلوة,
ضربتها والدتها على رأسها
: مش هتعقلو ابدا انتم الجوز , روحو العبو بعيد يلا,
نظرت لها مروة مع رفع حاجبها الأيمن : نلعب ؟ ايه ده شيفانا ماسكين
مصاصة ؟
أخذت تدفعها للخارج وكذلك
نور أيضاً : يلا يلا بلاش لعب عيال
أخرجتهما من المطبخ كادت
مروة أن تفر من جوار نور بسرعة .. إلا أنها لم تركض وراءها بل جلست على إحدى
المقاعد وهى تضع يدها على رأسها .. ذهبت نحوها : انتي كويسة ؟
أومأت بهدوء : دوخت فجأة , بس
خلاص بقيت كويسة
ابتسمت مروة وجلست بجوارها
وشغلت التلفاز وانغمثتا في متابعة إحدى الدرامات .. بعدها تناولوا الطعام سوياً
عند قدوم والد نور و وصول كيبوم .. وطيلة اليوم لم يحتك كيبوم مطلقاً بمروة .. ذلك
الفتى له قدرة رهيبة على إظهار التبلد واللامبالاة .. ولكن بداخله يوجد قلب يشبه
قطعة البسكويت الهشة .. التي تحطمت بالكامل .. وهكذا انقضى اليوم واوصلها كيبوم
إلى منزلها مجدداً ..
أمسكت بيده قبل أن يغادر :
متوقفش حياتك على تجربة واحدة فاشلة
كيبوم بامتعاض : نور
متتكلميش ف الموضوع ده تاني
- يا كيبوم يا حبيبي انا بـ
- انا تعبان وعايز ارجع انام , خلي
بالك من نفسك كويس , ومتحاوليش تتصلي بليتوك عشان تليفونه معايا اصلا
- كيبوم هو مرضاش يحكيلي حاجة , بس
انا مش مطمنة هو في ايه بالظبط ايه المأمورية دي؟
- متخافيش يا بنتي , هو ف مأمورية عادية احتمال تطول شوية بس مسيرة هيرجعلك
اكيد يعني , يلا بقا بطلي رغي عايز امشي ,
تصبحي على خير
غادر سريعاً .. فأغلقت
الباب وهى تزفر بقوة .. نظرت للفراغ حولها بشيء من الخوف .. ثم توجهت بسرعةٍ نحو
التلفاز .. شغلته واستلقت على الأريكة .. حتى غفت كما هى ...
***
ليلة أمس بعد رجوع مريم وهنري
من النادي .. ساعدته على الصعود إلى سريره .. مدد جسده وهو مازال يتأوه .. أمسك
بيده التي تؤلمه وهو يتوجع .. فقد سقط عليها ..
نظرت له مريم بقلق : ايدك
شكلها اتلوحت ثواني كدا
ذهبت لغرقتها لبضع دقائق
وعادت وبيدها علبة .. نظر لها بتعجبٍ : اسعافات اولية ؟ ده انا الدكتور هنا يا طنط
نظرت له بملل : طب والنبي
اتلهي يا بتاع انا مش قليل , وف الاخر عمال تولول زى الولاية
حمحم بخجلٍ وصمت تماماً ..
جلست على طرف السرير وأمسكت يده .. رفعت أكمام القميص وهى تحرك أصابعها على يده
وكأنها تدلكها .. فتحت علبة الإسعافات وأخرجت منها علبة صغيرة .. وضعت بعضا من
محتواها على يده وأكملت التدليك .. كانت ملامحها هادئة للغاية .. وهناك ابتسامة
لطيفة زينت ثغرها .. حدق هنري بوجهها وهو سعيد بما تقوم به لأجله .. نبضاتٌ صامتة
كانت تطرق بداخلة .. شعورٌ لطيف تسلل إليه .. جعله يبتسم بسعادة كبيرة ...
وضعت رباط الضغط على يده
وهتفت : خلصت , حطتلك من كريم الكدمات بتاعي ,
بيقلل الوجع خالص
أومأ برأسه : شكرا
- العفو ولو ده واجبي , يلا دلوقت قوم غير هدومك وارتاح شوية, (
أومأ بهدوءٍ .. فغادرت الغرفة وأغلقت الباب خلفها .. حالما خرجت تنهدت بعمقٍ وهى
تتمتم ) يا ترى ايه الاحساس ده ؟
***
ليلة أمس أيضا كانت مميزة
عند ليتوك وكيوهيون .. فبمجرد مغادرة كيوهيون لشراء الطعام .. تنهد ليتوك طويلاً
.. كان يُجيل نظره في المكان فلمح بطرف عينه كاميرا صغيرة في إحدى زوايا القصر .. ابتسم
بهدوءٍ كما توقع تماماً .. هذا الشاب ليس سهلاً أبداً .. جلس على الأريكة وهو يقلب
في قنوات التلفاز وهو يتمتم : ناس معفنة , فلة
طويلة عريضة زى دي ومفيهاش اكل , وكمان ايه الواد الملزق ف نفسه ده قال ايه اسمه قصر , لا
بقا فلة هه , اااخ يا جونج بقا كل البهدلة اللي كنت عايشها دي وف
الاخر يطلع ابوك مليونير , دي ولا افلام السيما الحكاية دي , يا
صلاااة العيد ده الواحد هيهيص
بينما في سيارة كيوهيون
الذي كان عائداً بعد أن تسوق .. أمسك بالهاتف ونظر له باشمئزاز : انا مش عارف ايه
البني آدم ده , ده عايز قرن عشان يبقا ابن ناس
ألقى الهاتف بجواره وزاد
من سرعة السيارة .. تلك الكاميرا الموجودة بالقصر .. كاميرا من النوع الحديث التي
تعمل عبر الشبكة العنكبوتية .. وتستطيع إرسال ما تصوره عبر الشبكة إلى الهاتف أو
جهاز الكمبيوتر المحمول بمجرد إدخال رقمها السري فقط .. ولهذا استطاع كيوهيون رؤية
وسماع ليتوك عبر الهاتف ...
عاد إلى القصر .. ووضع
المشتريات في المطبخ .. ثم منح ليتوك كيساً صغيراً به بعض السندويتشات : معلش بقا
اتصبر بدول لحد ما الطباخ يجي بكره , انا طالع انام لاني تعبان جدا , يا
ريت بعد ما تاكل تنام انت كمان ومتخربش الدنيا ومتعملش دوشة
نظر له ليتوك بمللٍ .. ثم
أومأ والتقط الكيس من يده .. صعد كيوهيون بسرعة إلى الغرفة التي ستكون غرفته .. اغتسل
وألقى بجسده على السرير بعد يوم شاق وطويل .. لذا سرعان ما غفى ..
تناول ليتوك طعامه .. ومن ثم خلد للنوم هو الآخر ..
***
صباح اليوم التالي .. نهضت
مريم بكامل نشاطها .. ارتدت ملابس رياضية ورفعت شعرها ذيل حصان .. ووضعت السماعات
في أذنها على موسيقى هادئة .. استعدت للركض .. في طريقها لمغادرة القصر إلى النادي
أوقفها عمها .. فأزالت السماعات ونظرت له وهى تحاول الابتسام : صباح الخير يا عمي
بابتسامة واسعة قال : صباح
النور يا قلب عمك , بقالي فترة طويلة مشوفتكيش رايحة النادي تجري , ولا
شوفت الضحكة الحلوة دي
- اصل انت يا عمي جبتلي دكتور شاطر ,
يعرف ازاي يحميني ويضحي بحياته عشاني, ( أعلنت بشيء من الجمود )
لم يكترث كثيراً لكلامها
.. أو بالأصح لم يستشف منه أنها تحاول إيصال رسالة له .. لأنه لم يضع ولو احتمال
واحد بالمئة أنها من الممكن أن تعرف أي شيء مما يخفيه .. فبعثر شعرها قائلاً : هنري
دكتور شاطر طبعا , على العموم ربنا يفرحك دايما يا حبيبتي
أومأت برأسها ووضعت
السماعات في أذنها مجدداً .. وركضت بسرعة .. كانت هناك بعض الدموع تحاول التجمع
وحجز مساحة في عينيها .. إلا أنها تنفست بعمقٍ وكبحتها .. وصلها اتصال من هان
فأجابت على الفور : جبت الحاجات ؟
هان : اسبوعين بالظبط
وهيكونوا عندك
مريم بصدمة : افندم ؟
اسبوعين ؟ لا طبعا يا هان ده انا كنت عيزاهم امبارح اصلا
هان بثقة : اهدي عليا يا
مريم , دي حاجات جديدة اول مرة تنزل السوق , لسه
هتيجي من امريكا طازة , شغل خطير وامكانيات جبارة
زفرت بقلة حيلة : لسه, طب
مينفعش قبل كدا ؟
هان : والله حاولت يا مريم
,
معلش الصبر مطلوب
مريم : طيب ماشي هستنى منك
اتصال تقولي جبتهم
أغلقت الخط وأكملت الركض
... بمجرد أن دلفت إلى النادي شعرت بيد وضعت على كتفها .. التفت بسرعة وأمسكت بتلك
اليد بقوة وكانت ستوجه لصاحبها ضربة قوية .. إلا أن هنري صرخ بفزع :
انا هييييينري يالهوووي والله ما مستحمل نفخة
نظرت له لثوانٍ بدون أن
تنطق بكلمة .. ثم زفرت أنفاسها وضربته على كتفه : يا شيخ خضتني
نظر لها بامتعاض : انتي
على طول عنيفه كدا ؟
ابتسمت بزهو : بقالي فترة
طويلة مش على طبيعتي , سبني اخد حريتي شوية
أومأ بقلة حيلة : خديها يا
ختي
عضت على شفتها ثم طرقت
أصابعها وهتفت : بتعرف تجري ؟
هنري بدون تفكير : ايه
السؤال الاهبل ده , طبعا بعرف ده انا احسن واحد يجري ف مصر
ابتسمت بخبث : طب يلا
مرت ساعتين كاملتين وهما
يركضان بلا توقف .. احمر وجه هنري كثيراً .. وكان يلهثُ وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة
.. تلك الفتاة ستقضي عليه لا محالة .. أمسك بملابسها وهو يستند عليها وأعلن بصعوبة
: احنا بنجري كدا ليه ؟ انا لو بجري على اكل عيشي مش هجري بالطريقة دي
نظرت له بشفقةٍ مصطنعة :
انت تعبت من الجري ؟ ( أومأ لها بصعوبة .. فأردفت ) خلاص نمشي شوية بقا
ترك ملابسها وجلس متربعاً
على الأرض : اقولك على حاجة ؟ انا بوء عالفاضي , انا
بفشر اساسا , انا اما بطلع من الاوضة اروح افتح الباب بيتقطع نفسي , ولو
الاسانسير عطلان ممكن ابات ف الشارع عشان ما اطلعش السلم ,
اقول كمان ؟
وضعت يدها على معدتها وانفجرت
ضاحكة وهى تشير عليها بيدها الآخرى : انت طلعت كارثة ( أمسكت يده وساعدته على
الوقوف ) قوم يا اخرة صبري
جلسا على آحد الطاولات
لتناول الطعام .. بعد ذلك ذهبا إلى السينما لمشاهدة آحد أفلام ديزني ..
***
شعر ليتوك النائم بحركةٍ
غريبة في الغرفة .. فتح عينيه ببطء ثم اعتدل .. حينها دلفت فتاة بملابس أنيقة ..
وشعر أصفر مسترسل .. وعينان بلون المحيط الصافي .. فتحت إحدى الأدراج وضعت بها شيء
ما وخرجت مسرعةً ..
عقد ما بين حاجبيه وهو
يهتف : انتي يا ,, يا ست , يا ابلة , ده ايه يا خويا اللي جات وخرجت كدا على طول من غير لا
احم ولا دستور دي, ( ثوان وعادت الفتاة
مجدداً .. كانت تمسك بيدها هاتف وهي تتحدث من خلاله بلغةٍ غريبة .. فلم يفهم منها شيئا ابداً .. وضعت بعض
الأوراق .. وخرجت مجدداً .. زفر بانزعاج ) وبعدين بقا في الولية دي ؟ ومالها عمالة
تبرطم بكلام مش مفهوم كده ليه, ( قاطع حديثه دخولها مجدداً .. لتضع بعض قطع الثياب في
الخزانة وخرجت من جديد .. رفع إحدى حاجبيه بامتعاضٍ ) وبعدين بقا في الوكالة اللي
من غير بواب دي , ده ايه الليلة الزرقة دى ,
تدخل تحط حاجة وتيجي خارجة سكتم بكتم من غير ولا كلمة ,
اقطع دراعي اما كانت الولية دي ملبوسة , اه ملبوسة وراكبها عفريت احول كمان
دلفت الفتاة للغرفة مرة
آخدى وهى تتحدث بنبرةٍ حادة في الهاتف .. وما لبثت أن تخرج مجدداً حتى نهض ليتوك
سريعاً بعد أن ضاق صدره منها : ايه يا ست انتي , في
ايه , مالك خيلتيني , من
ساعتها رايحة جاية , رايحة جاية , وكل
ده وانا اكل سد الحنك ولا رضيش اتكلم , انتي ايه داخلة زريبة قاعد فيها حمار ولا ايه ؟
الفتاة بشدة : توكابوه ؟
ليتوك بانزعاج : بس اسكتي
خالص , انتي هترجعي ترطميلي تاني , لاء
وماشية تتقصعلي زي الضفدعة الحامل, ( قلد طريقتها في السير والتحدث في الهاتف بطريقة
ساخرة للغاية )
احمر وجه الفتاة بشدة : توكابوه توكابوه
ليتوك بانفعال مصطنع :
انتي كمان هتقولي توكابوه ؟ طب توكابوكي انتي وابو الي جابو ابوكي انتي راخره
أخذت الفتاة تلقي الشتائم
بلغتها وليتوك يجاوبها بنفس الكلمات .. تنهد كيوهيون الذي يراقب الموقف عبر الهاتف
الموصل بكاميرا الغرفة بقلة حيلة وتوجه نحو غرفة ليتوك .. دلف للداخل ونظر له :
وبعدين معاك ؟
- يا عم وهو انا كنت عملت حاجة , انا
نايم لقيت الولية دي داخلة خارجة اما خيلتني ,
وراخره عماله تقولي توكابوه زي الهبلة بتاعة امبارح
- اففف لا ده كدا كتير على اعصابي ( رفع نبرة صوته منادياً ) مسيو يعقوب
ثوانٍ وآتى رجل في
الخمسينيات من عمره .. يرتدي بذله أنيقه .. وانحنى أمام كيوهيون : بنجور مسيو , انا
تحت خدمة
أشار على ليتوك قائلاً :
ده جونغسو , كل اللي معانا اسبوعين بس عشان نعمل اللي قولتلك عليه
نظر لليتوك بتفحص لمدة ثم
أومأ : مش تخاف مسيو , انا هخليها تمام ( انحنى لليتوك ) : بنجور مسيو جونغسو
, انا
مسيو يعقوب اللي هيعرفك ( بكسر الفاء ) ازاي تبقي بنت ناس اكابر و__
ليتوك مقاطعاً : ايه يا عم
الحج انت , يخليكي وبنت ناس شايفني بقصة قدامك ؟
كيوهيون : بطل غلبة , هو
مبيعرفش يتكلم عربي احسن من كدا
ليتوك : انت منين يا عم
عرقوب ؟
يعقوب مصححاً : يعقوب
حبيبي جونغسو مش عرقوب , أأأأ انا من فغانسا
ليتوك مستغرباً : فغانسا ؟
كيوهيون بقلة صبر : فرنسا , ايه
مش عارفها ؟
ليتوك بابتسامة بلهاء :
لاء عارفها طبعا , مش دي اللي جمب شوقي بتاع العصير ؟
صرخ كيوهيون في وجهه وركل
الكرسي من ثم غادر الغرفة .. نظر ليعقوب الذي تنهد قائلاً : مسيو جونغسو ارجوك
تعاون معانا, ( أشار على الفتاة ) دي سيرينا الـ
ليتوك مقاطعاً : سارينه
مين ؟ ههههه حد في الدنيا اسمه زومارة ؟
يعقوب : لاء لاء اسمها
سيرينا مش سارينه
- ودي انا عفهمها ازي دي ؟
- اووه سيرينا بيكلم عربي كويس
انحنت سيرينا بابتسامة
صغيرة : انا سيرينا المسؤولة عن تعليمك اساليب البروتوكول والايتيكيت
وضع يده على أذنه كأنه لم
يسمعها جيداً : الايه ؟ يطلع ايه الببرو كتاكيت ده ؟
- البروتوكول والاتيكيت ,
يعني طرق المشي , الاكل والشرب ,
الجلوس والكلام , التعامل مع الغير ,
باختصار هعلمك كل اساليب التعامل مع البرنامج اليومي والحاجات الي متعودين نعملها
طول اليوم
- وانا مسيو يعقوب مسؤول عن تعليمك بعض اللغات ,
والاشراف على كل شيء يخصك , ها سيرينا تقدر تخلص شغلك في اد ايه ؟
- ده يتوقف على مدى فهمه وادراكه ,
وكمان استيعابه للكورسات مسيو يعقوب
- يعني كام اسبوع تقريبا ؟
- مش تخاف مسيو يعقوب , قبل المعاد اكيد
ليتوك بسخرية : لا لا لا
من الناحية دي اطمني يا حلوة , ربنا يدينا ويديكي طوله العمر
***
مرت الأيام سريعاً على أبطال روايتنا ..
كانت تحمل السعادة والحب للبعض .. والتعاسة والآلم والخوف للبعض الآخر ..
تعددت لقاءات دونغهي ومروة .. وتحطمت بينهما العديد من الحواجز .. الحديث في الهاتف طوال الليل .. التنزة سوياً لفتراتٍ طويلة .. ويوصلها دونغهي للمنزل ليلاً .. ثم يودعها بعناقٍ لطيف ويغادر .. فيشاهد كيبوم هذا العناق من شرفته وتزداد أوجاعه التي ما تفتأ تغادره .. ليزداد وجهه تحجراً وقلبه ضعفاً ورخوة .. وها هي مريم كل يومٍ تذهب للنادي برفقه هنري الذي قدم على إجازة من المشفى للابتعاد عما يحدث بها .. وبالطبع وافق عم مريم .. يقضيان اوقاتاً لطيفة معاً ولا يتركان بعضهما إلا عند النوم .. وقلبيهما يعُجان بالحياة .. وصارا يضخان الدماء بقوة وهما معاً .. خفقاتٌ واهنة .. ونظراتٌ يختلسها كلا الطرفين .. أما في بيت الزوج الذي هجر زوجته مدة إسبوعين توجد نور التي لم تعد تهنأ بنومٍ مريح .. كوابيسها باتت تُطاردها حتى وهي مستيقظة .. الخوف والقلق بات مسيطراً عليها .. والاشتياق له ملأها شجناً .. ولكن ما باليد حيلة تحاول تصبير نفسها بأن هذا عمله وذاك واجبه .. وتكثر الزيارات لبيت والدتها فالخوف الذي يسيطر عليها لا يمنحها فرصة للراحة في بيتها ..
تعددت لقاءات دونغهي ومروة .. وتحطمت بينهما العديد من الحواجز .. الحديث في الهاتف طوال الليل .. التنزة سوياً لفتراتٍ طويلة .. ويوصلها دونغهي للمنزل ليلاً .. ثم يودعها بعناقٍ لطيف ويغادر .. فيشاهد كيبوم هذا العناق من شرفته وتزداد أوجاعه التي ما تفتأ تغادره .. ليزداد وجهه تحجراً وقلبه ضعفاً ورخوة .. وها هي مريم كل يومٍ تذهب للنادي برفقه هنري الذي قدم على إجازة من المشفى للابتعاد عما يحدث بها .. وبالطبع وافق عم مريم .. يقضيان اوقاتاً لطيفة معاً ولا يتركان بعضهما إلا عند النوم .. وقلبيهما يعُجان بالحياة .. وصارا يضخان الدماء بقوة وهما معاً .. خفقاتٌ واهنة .. ونظراتٌ يختلسها كلا الطرفين .. أما في بيت الزوج الذي هجر زوجته مدة إسبوعين توجد نور التي لم تعد تهنأ بنومٍ مريح .. كوابيسها باتت تُطاردها حتى وهي مستيقظة .. الخوف والقلق بات مسيطراً عليها .. والاشتياق له ملأها شجناً .. ولكن ما باليد حيلة تحاول تصبير نفسها بأن هذا عمله وذاك واجبه .. وتكثر الزيارات لبيت والدتها فالخوف الذي يسيطر عليها لا يمنحها فرصة للراحة في بيتها ..
أما مرور هذان الإسبوعان
على ليتوك لم يكن بمرور الكرام .. وإنما بإتقان دوره جيداً .. فعلى مايبدو أنه يثأر
لضحايا كيوهيون .. تدريبه كان على قدمٍ وساق وهو يوازن جيدا بين إتقان ما يتعلم
وعدمه .. حتى تم تلقينه كل شيء على أكمل وجه .. ولكن لنآخذ جولة بسيطة خلال بعض
المواقف التي حدثت أثناء تدريبه ...
***
يجلس على مائدة كبيرة ..
وأمامه العديد من أطباق الطعام الشهية ..
سيرينا : تمسك الشوكة كده
والسكينة كده , وتبدأ تحط عينات بسيطة من الاكل في طبق قدامك ,
وتاكل كده ( بدأت تأكل بهدوءٍ )
نظر لها ليتوك مطولاً ..
ثم أمسك بالسكين والشوكة .. وحاول أن يُقلدها فأصدر أصواتاً مزعجة نتيجة ارتطام
الشوكة بالطبق .. وفي النهاية لم يستطع استعمالها .. فألقاها جانباً وبدأ يأكل
بيده .. احمر وجه كيوهيون المُستند على الجدار بالقرب منهم ويراقب الموقف .. وآتى
ناحيته وآخذ يؤنبه ومن ثم أمسك بيده وآخذ يدربه بنفسه ..
____
يجلسُ بجوار مسيو يعقوب ..
وأمامهم على الطاولة بعض الأوراق والأقلام وكتب اللغات ...
يعقوب : لما تحبي تعرفي
نفسك بالفغنسي أأأ تقولي جومابيل جونغسو
ليتوك بملل : عايز أخش
الحمام
يعقوب باشمئزاز : اسمها
ممكن اروح الدبليو سي
ليتوك : مين ده الي ف دقنه
سيخ ؟
هبط كيوهيون درجات السلم
بسرعة .. وضرب بيده على الطاولة قائلاً بغضب : الـ W.C يا حيووان
____
يقف هو وسيرينا أمام خزانة
الملابس .. التي تحتوى على الكثير من الثياب المرتبة بطريقة رائعة ...
أمسكت بإحدى قطع الثياب :
عندك مثلا ده حلو اوي لو لبسته على هوت شورت في البيت , يلا
ادخل خد شاور والبسه ووريني هتعمل اللوك الجديد اللي علمتهولك بنفسك ازاى ,
هستنى تحت
غادرت الغرفة .. فدلف إلى
دورة المياه ليستحم وبدأ بالغناء : حمام الهنا يا حلاوة ميتك ,
بتعدي السنه اشتاق لغروتك
كان كيوهيون يسير بجوار
الغرفة سمع صوت غنائه .. فارتفع
ضغط دمه واحمر وجهه .. دلف
للغرفة وصرخ به من الخارج : في واحد محترم وابن ناس يغني في الحمام ,
هموت مشلول على ايدك , ارحم بقا
***
وهكذا العديد من المواقف
.. حتى مر الإسبوعان وانتهى ليتوك من تلقي التعليمات وعاد ليتصرف بطبيعته كرجلٍ
راقي وليس بفتى من العشوائيات .. رغم أنه كان قد اعتاد على لغته الجديدة تلك وأحب
بشدة إغاظة كيوهيون .. إلا أنه لا بُد من بدء المهمة التي طال انتظار بدءها ..
صباح اليوم .. الجميع في
القصر على قدمٍ وساق لأجل تحضيرات الحفل الذي سيتم فيه الإعلان عن ليتوك أو بالأصح
جونغسو .. وفي آثناء انشغال الجميع وصل مريم اتصال هان فأجابت على الفور : ها يا
هان ؟
- انا على باب القصر , اطلعي خدي الحاجات
طرق قلبها بقوةٍ وركضت :
ثواني
وصلت عند مكان وقوفه ..
فمد يده بحقيبة صغيرة .. تناولتها منه وهى تكاد تُحلق من السعادة .. شرح لها كيفية
استعمال تلك الأشياء .. فشكرته بحفاوةٍ ومنحته ثمنها .. تمنى لها التوفيق وغادر ..
فعادت مجدداً إلى القصر .. دلفت لغرفتها بسرعة وأفرغت الحقيبة .. ثم تناولت ذلك
الشيء الصغير بحجم الزر .. وبدون أن يلاحظ آحد دلفت غرفة مكتب العم ..
جالت عينيها ف الأرجاء
بحيرة : احطة فين ؟ ( نظرت للمكتب لبرهة فلمعت عينيها وطرقت بأصابعها ) الحقايق
قربت تتكشف اخيرا
توجهت نحو المكتب وجثت على
ركبتيها .. وهى تحاول تثبيت ذلك الشيء الصغير أسفل المكتب .. وما كادت تنتهي حتى
صدمها صوت عمها الآجش : بتعملي ايه ؟
شخص بصرها
وقلبها يطرق بقوةٍ .. وكادت أنفاسها أن تتلاشى .. أغمضت عينيها وهى تزدرد لعابها
لتُبلل حلقها الذي جف .. وجسدها بدأ يرتعد .. " لقد كُشف أمرى " ارتعدت
فرائصها حينما راودتها تلك الفكرة !!
ـ
*.* ـ *.* ـ *.* ـ*.* ـ
مقطتفات من الفصل القادم :
ـ في الحقيقة انا كنت مشغولة جدا لدرجة اني مأخدتش بالي
انك اتأخرت نص ساعة وخمس دقايق وسبع ثواني
ـ جونغسو ونورة
ـ الدكتور قال انك حامل في اخر التالت
ـ حاسس اني بحبك
ـ رخيصة , كلهم رخاص كلهم عارفين كويس ازاي
يبيعوا جسمهم الرخيص والوسخ زيهم
بعد بييييييييييييييييتي فديييييييييييييييييته لدوووووووووووووونغهي و فديت رومانسياته انننننننننننننننننننننننننني !!
ردحذفصراحة اكثر شي حبيته بالبارت حركات ليتوك الغبية ويا كيووونا !! صراااحة هم الاثنين ثنااااااائي و لا اروووووووع !!
انقهرت على نور و خايفة من كوابيسها الرهيبة !!
مقهورة على كيبوم كلش كلش !!
و متحمسة اشوف شنو راح تسوي مريم ويا الاشياء الي وصلتها !!
فعلا فعلا حبيت البارت .
عاشت ايدج يا قلبي .
متابعتكِ .. نورهي