على حافة جهنم
الفصل العاشر
Written By : Ňoồr
~ مهرجان سفك الدماء ~
إسبوعٌ كامل مر على أبطالنا .. كلٌ في شأن .. منهم السعيد وآخر التعس .. منهم
العاشق وآخر المشتاق .. منهم المطمئن وآخر القلق .. كالكواكب تسبح في فضاء شاسع
كلٌ منها في فلكٍ معين لا يمكن أن تحيد عنه .. أو أن يتقابل كوكبان في فلكٍ واحد
.. هكذا هو حالهم لا يمكن أن يلتقوا بمشاعر واحدة تعلن مبدأ سيادتها .. مشاعر
الحيرة كان لها النصيب الأكبر في حياة مروة لتلك الفترة .. أين اختفى دونغهي فجأة
؟ ولماذا ؟ الحياة أصبحت مملة وبلا معنى .. كلوحةٍ بلا ألوان تُبهجها ..
انقطعت اتصالاته ولم تعد تعرف عنه شيء .. في البداية ظنت أن مكروها أصابه ..
هاتفته من رقم والدتها ليصلها صوته بكامل عافيته .. لم تجب .. فقط انزلقت دموعها
في صمت وهى متوجسة من القادم .. أما هو فأصبح عصبياً سريع الغضب .. لم يعد يُطيق
سماع اسمها .. رافضاً حكم القدر عليه .. أغلق أبواب قلبه منذ زمن .. بل لم يعد
لديه قلب ولن يسمح لتلك الفتاة بأن تعيد إحياءه من جديد .. منغمثٌ في الشرب والسهر
وقضاء الأوقات برفقة فتيات الليل .. بعد تقديم إجازة لبضعة أيام من عمله وتم
الموافقة عليها ..
أما عن نور فقد زالت الحمى وشُفيت
تماماً .. تأقلمت مع عدم وجوده واكتفت بكبح دموعها ولمس بطنها لتشعر بطفلها الذي
أحبته كثيراً وارتبطت به في الآونة الأخيرة .. اطمأن كيبوم لإشراقتها وقرر العودة
إلى منزله وزيارتها من الحين للآخر .. في الحقيقة لم يعد قادراً على مواجهة مروة
كل يوم وتمثيل البرود القاتل الذي يثلج الأجواء وكأنه لم يكن مشتعلاً يوماً بحبها
..
عن مريم وهنري فلا جديد في حياتهما .. ولا خطوة واحدة للأمام في علاقتهما قد
خطاها آحدهما .. الحديث, التنزه, وانتهى الآمر .. كل ما تبحث عنه مريم لم تجده بعد
.. لم تكشف الحقائق ولم تصل إلى ما تصبو إليه .. وصولاً لليتوك الذي يكاد يفقد
عقله وتختل أعصابه .. نفذ صبره على تحمل هذا الوالد المزيف .. وملّ من هذا
الكيوهيون الذي لا يفارقه وكأنه ظله .. في كل مكان .. المنزل الشركة وحتى أوقات
التنزه .. أصبحت مهمة البحث عن معلومات شبه مستحيلة .. وعلى هذا النمط مر الإسبوع ..
في الشركة تحديداً مكتب ليتوك .. جلس على كرسيه المتأرجح بتململٍ واضح .. وهو
يزفر أنفاسه بضيق بالغ .. أما كيوهيون الجالس أمامه وقد بدأ بشرح كيفية سير الأمور
في الشركة ككل يوم .. ظن أنه كالعادة ملّ من هذا الحديث الذي لا يفقه فيه شيء ..
أما الحقيقة أن ليتوك يريد بدء البحث حتى عن معلومةٍ واحدة مفيدة لتلك القضية
المعقدة ..
نهض من فوق كرسيه واتجه ناحية الشرفة .. نظر له كيوهيون بملل ثم نهض عاقداً
ذراعيه إلى صدره : في ايه ؟ وبعدين بقا ؟
أعاد ليتوك نظره إليه
قائلاً بلا اكتراث : زهقت
رفع إحدى حاجبيه دون الآخر
وقبل النطق ببنت شفة .. طرق الباب وأطل آحد الموظفين موجهاً الحديث لكيوهيون على
عجل : الباشا عايزك ف مكتبه بسرعة
عقد حاجبيه بتعجبٍ ثم تبعه
ناحية الباب : ماشي , ثواني وراجع ( وجه كلمتيه الآخيرتين إلى ليتوك )
غادر من الغرفة وكذلك
الموظف الآخر .. زفر ليتوك بقوة وبعثر شعره بيده ثم جلس على آحد الكراسي بضيق ..
تحسس ذقنه بعد رفع ساقه إلى الآخرى قائلاً بهمس : وبعدين بقا ,
عدة طرقات متتالية على مكتب كيم وبعدها دلف كيوهيون .. اتسعت ابتسامته واقترب
من مكان جلوسه بصمتٍ مترقباً .. التف كيم وأشار له ليجلس ثم حرك ورقة بأنامله
لتصبح أمام كيوهيون تماماً .. رفعها الأخير ونظر فيها مع عقد ما بين حاجبيه : شركة
شين للأدوات الطبية , الساعة 12 بليل ,
شيندونج , ( رفع نظره إليه ) مهمة جديدة يا باشا ؟
أومأ كيم مع ابتسامةٍ
واسعة : سيب جونغسو دلوقت وارجع المستشفى , في
خلال ساعات محدودة عايز الأعضاء المطلوبة في الورقة دي ( أعطاه ورقة آخرى ) اما
بالنسبة لشركة شين فخد دونغهي وخلص الموضوع بسرعة
قرأ الورقتين جيداً وكأنه
يحفظ ما بداخلهما .. ثم أخرج قداحة وقام بإحراق الورقتين وخرج لينفذ ما طلب منه
بأسرع ما يمكن .. وجهته الأولى كانت مكتب ليتوك ليخبره بأن يعتمد على نفسه اليوم
وكالعادة ألا يفسد شيئاً .. وبعدها غادر نحو المشفى .. في الواقع كاد ليتوك أن
يحلق من فرط السعادة .. وأخيراً سيتحرك بحرية بدون عينا كيوهيون الثاقبتين ..
مرت ثلاث دقائق من مغادرة كيوهيون وطرق الباب من جديد .. اكفهر وجه ليتوك
ظناً منه أن كيوهيون قد عاد .. ولكن ملامحه تحولت للتعجب عندما دلف شاب وسيم
بملامح هادئة يرتدي معطفاً أبيض ويبدو مضطرباً .. اقترب من المكتب قائلاً بتوترٍ
ملحوظ : مستر جونغسو لو سمحت ممكن اتكلم حضرتك خمس دقايق ,
قطب ليتوك حاجبيه قائلاً :
اتفضل اتكلم سامعك
تنحنح الشاب ونظر بطرف عينيه
للكاميرا الصغيرة المعلقة في الغرفة .. كان يتعرق بشدة وكأنه يصارع وحشاً .. فطن
ليتوك إلى أنه يود إخباره بأمرٍ خطير ويخشى الكاميرات .. فتصرف بحنكة : الاول انت
اسمك ايه ؟
- سونغمين
- ماشي يا سونغمين ,
مالك عرقان كدا ليه ؟ باين المكيف اتعطل ولا ايه ,
بقولك ايه تعالى مشيني ف الجنينة ف الهوا وقولي اللي انت عايزة براحتك
ابتسم سونغمين برضا
فالبداية مبشرة للغاية .. أخرج منديلاً وأزال به حبات العرق الندية النائمة على
مسام وجهه .. وتنفس الصعداء .. نهض ليتوك وأغلق زر بذلته السوداء الأنيقة وتقدمه
بثقة ناحية الباب والوجهة هى الحديقة ..
***
أزالت دمعتها التي لمعت
بمقلتها معلنةً عن ولادة المزيد من الدموع .. حاولت كثيراً الوفاء بوعدها ومنع
تدفق دموعها ولكنها فشلت .. هبطت أرضاً على ركبتيها ووضعت الأزها فوق القبور
الثلاثة .. وراحت شهقاتها تتوالى واحدة بعد الآخرى وهى تزرف دموعا ساخنة تحرق ما
بداخلها ..
تنهد هنري بحسرة .. ثم هبط
لمستوها واضعاً يده على كتفها معلناً بصوته الرخيم : وعدتيني مش هتعيطي
ارتفع صوت بكاءها كثيراً في تلك اللحظة .. ليبدو وكأنه بكاء رضيع وصل للحياة
تواً لتغادرها والدته بلا رحمة .. فيبدو الأمر وكأنه ينتحب على رحيلها .. عض على شفته
السفلى بقوة .. ما كان ينبغي أن ينصاع لها ويأتي بها إلى هنا .. تحول بكاؤها لصراخ
وهى تضرب القبر بيديها : سبتوني ليه , حرام عليكم ليه عملتوا فيا كدا , ليه
كلكم مشيتوا ؟ ليه مأخدتونيش معاكم , سبتولي ايه ؟ الوجع والدموع ؟ سايبني لمين ( آلمتها
يدها التي احمرت بعض الشيء .. ولكنها واصلت الصراخ بقهر ) سبتني لمين يا هيتشول
تدفقت دموع هنري لا إرادياً هو الآخر .. أمسك بذراعها وجذبها إلى أحضانه
بعناق دافيء .. دفن رأسها في عنقه وراح يُمسد شعرها وهو يربت على ظهرها بيده
الآخرى لتهدأ .. أصبحت الآن أحضانه بالنسبة لها ملجأها الوحيد من شراسة هجوم
الذكريات المؤلمة .. تسكن بداخله كالطفلة النائمة .. تستنشق عبقه ليخدر كل مشاعرها
ويجفف دموعها .. تكرر هذا المشهد كثيراً .. رثاؤها لموت أخيها وتركه لها .. واحتضان
هنري لجسدها الضئيل وكأنه يخبرها بأنه هنا بجانبها .. ليست وحيدة كما تقول ..
دائما تتساءل لمن تركها هيتشول .. وكذلك دائما يجيبها هنري بعناقه أن هيتشول تركها
له .. سيحميها من الآلم قبل الأشخاص .. ففي الواقع الآلم النفسي أقسى بكثير من
طعنات متتالية من شخص لا يعرف الرحمة .. عناقه هو ما يحتوي ثورتها لتهدأ بعد ذلك
وتتمسك بملابسه .. دائماً كان يبتعد ويلاطفها لتبتسم .. أما هذا المرة فتمسك بها
هو الآخر وانتقلت دموعها إليه ليبكي بحرقة ..
ابتعدت قيد أنملة وجففت
دموعها .. ثم مدت شفتها السفلية معلنةً : انت بتعيط ليه دلوقت ؟
نظر لها بوجهٍ متأثر
للغاية وعينان حمراوتان قائلاً : ماتش الاهلي والزمالك ف الاستاد ضاااااع بسببك
قطبت حاجبيها لثوانٍ
كمحاولة لاستيعاب ما قيل تواً .. ضيقت عينيها قائلة بصدمة : مـ ماتش اهلي وزمالك ؟
( صرت على أسنانها .. ثم ضربته على رأسه بقوة ونهضت بغضب طفولي )
وضع يده على رأسه متذمراً
: يا غبية ايدك تقيلة
نهض وهو يحك رأسه فضربته
عليها مجدداً وركلته في قدمه : انت اللي غبي المخ والقلب
سارت مبتعدة عن المقابر
وهى تُزيل آثر الدموع تماماً .. وتحاول كتم الضحكات التي تفلتت منها .. تعلم جيداً
أنه بكى لأجلها كان هذا واضحاً .. فحقاً حالتها كانت يُرثى لها .. ولكنه أراد أن
يخفف من احتدام الأجواء بمزاحه المعتاد .. ركض وراءها وطوق خصرها من الخلف دافناً
وجهه في شعرها المنسدل بنعومة .. شغر فاهها وجُنت خفقات قلبها فراحت تتراقص .. هذا
العناق الخلفي المفاجئ أذاب أوجاعها بالكامل .. بل وأنساها حزنها وألمها ومن تكون
أيضاً .. لكأن الوقت تجمد ومعه تجمدت حركة جميع الكائنات الحية حتى ادقها لتصبح
سكنات هادئة كنسمات ربيعية تتمايل لها سنابل القمح التي تعلوها قبه زرقاء تحتضن
العالم أجمع .. عناقٌ خلفي أذابها تماماً ..
ابتعد أخيراً ثم سبقها نحو
سيارته المرابطة .. ولوح لها بيده هاتفاً : عشان الماتش اللي ضاع ده هتعزميني على
كنكاكي ( ضحك ببلاهة على نفسه عندما قلد كلمة بطل تلك المسرحية التي شاهدها أمس
" كنكاكي " )
أغمضت عينيها بهيام ثم ركضت نحوه وطوقت خصره بذراعيها طابعةً قبلة على خده ..
ثم ابتعدت قيد أنملة هامسة له : هعزمك بس بشرط ,
عايزة ارقص معاك سلو
تركته مصدوماً بما قالت
وصعدت السيارة وهى تتلاعب بأصابعها بتوتر وسعادة كبيرة في آنٍ واحد .. وضع يده على
قلبه ورفع نظره للسماء التي باتت لوحة كبيرة تحتوي على ابتسامتها وفقط .. صعد
السيارة وانطلق إلى آحد المطاعم ...
***
وصل كيوهيون إلى المشفى ..
وجهته الأولى كانت مكتب الاستعلامات .. وقف عاقداً ذراعيه إلى صدره قائلاً بصوتٍ
أجش لموظفة الكمبيوتر : ابعتيلي كشف بأسماء الحالات الخطرة الموجودة ف القسم
الخيري
أومأت الموظفة وبدأت في جمع ما طلبه منها .. أما هو فتوجه إلى مكتبه انتظر
خمس دقائق حتى وصله طرق على الباب .. وبعدها دلفت الموظفة ووضعت ملف بالمعلومات
المطلوبة أمامه : اي اوامر تانية يا فندم ؟
أمسك بالملف وبدأ يمعن
النظر فيه .. ثم قال بلا اكتراث : قولي لجاك ومايك يجو حالا على مكتبي
أومأت له وغادرت تنفذ ما طُلب
منها .. أما كيوهيون فأمسك بقلم حبره بلون الدم وبدأ يضع بعض الدوائر على أسماء
أكثر الحالات خطراً كما هو موثق أمامه في الملف .. بمجرد انتهاءه دلف الطبيبان
السابق ذكرهما ..
مايك بتساؤل : نعم يا
دكتور ؟
رفع كيوهيون الملف في وجهه
قائلاً بابتسامة صغيرة : الحالات دي لازم تخلص النهاردة
أمسك جاك بالملف ثم نظر له
بإستفسار : مش كتير يا باشا ؟
رفع كيوهيون إحدى حاجبيه :
افندم ؟
تنحنح وأردف سريعاً : حاضر
يا دكتور , ساعتين بس وهننقلهم تحت
أومأ كيوهيون وأشار لهما
ليبدأا العمل .. فغادرا سريعاً وبدأت عملية تخدير الحالات المختارة ونقلها للمشرحة
الفرعية من غرفة مكتب كيوهيون في سريةٍ تامة .. وبالفعل كانت هي الساعتين والتف
الثلاثة حول سرير واحد من تلك الأسرة المتعددة .. وبدأوا في انتهاك حقوق الإنسانية
جمعاء وتدمير قواعد الطبيعة بسلب هؤلاء المرضى حق الحياة والاستيلاء على أعضاءهم
.. كالعادة كان كيوهيون متفرجاً يقوم بإعطاء الأوامر والطبيبان أو بالأصح السفاحان
يقومان بتنفيذها ..
أزال مايك حبات العرق
المستقرة على جبينه وتحدث بهمس : بس يا دكتور مش خطر الكمية دي كلها مرة واحدة ؟
ابتسم كيوهيون بثقل وعقد
ذراعيه إلى صدره قائلاً بثقة : شايفني بريالة قدامك ؟
- ها ؟ مـ مش فاهم يا دكتور
- وانت من امتى بتفهم اصلا ,
الحالات دي ملهاش اهل , جاية من الارياف وحالتها بالبلا عاملين ازمة سكانية
وخلاص , لا حد عارفهم ولا حد هيصدعنا بيهم ,
وخلاص معلوماتهم اتحزفت من الكمبيوتر يعني مبقوش موجودين ف الدنيا بكل الادلة
- برنس
- انت اللي غبي ومخك محطوط بداله صفيحة زبالة , خلص
شغلك يلا بلاش لكاعة
***
جلس ليتوك على آحد المقاعد
الخشبية في الحديقة مستنداً على يده المستندة عمودياً على قدمه : ها يا سونغمين
اتكلم
ابتلع سونغمين لعابه بتوتر
وهو يخشى من نتائج البوح ولكن مهما كانت النتائج فسيتحملها .. جلس بجواره وأخفض
رأسه وهمس بتوترٍ بالغ .. يحارب حروفه ليخرجها من حلقه : فـ في حاجات مينفعش تحصل , في
شغل تحت الترابيزة
اتسعت حدقة عين ليتوك
وتوترت أنفاسه .. نظر له بتمعن لمدة دقيقة .. ثم تنحنح قائلاً بهدوء مصطنع : قصدك
تقول ايه ؟
تنهد بعمق وشد على قبضة
يده قائلاً بثقة مفاجئة : انا من المشرفين على تصنيع الدوا , في
المرحلة الاخيرة من التصنيع واختبار الدوا ,
دايما بيقوم بيها تلاتة بس وممنوع اي حد غيرهم يشرف على المرحلة دي , ف
الاول افتكرت ان ده من باب الثقة والحرص علي اهم واخطر مرحلة ف بيختارو ناس كوفء (
صمت (
عقد ليتوك ما بين حاجبيه
ونظر له بقلة صبر : سكت ليه ؟ كمل
- السرطان ,
فيروس C ,
الايدز
- انت بتقول ايه ؟؟
- ف اخر مرحلة في ادوية معينة بتتغير ,
بيشيلوا الاقراص الحقيقية وبيحطوا بدالها اقراص تانية بدل ما تعالج الامراض دي , هي
اللي تجبها للمريض , وبتتوزع على الصيدليات الخيرية والصيدليات ف الاماكن
الشعبية ومتوسطة المستوى الاجتماعي
- ا انت متأكد من الكلام ده ؟
- يا مستر جونغسو حضرتك انا بقالي سنتين بجمع معلومات عن الحكاية دي , دي
كارثة , ا انا حاولت اقول لوالدك على اللعبة القذرة اللي بتحصل
من ورا ضهره وبيستغلوا اسمه وثقة الناس فيه , بس
فشلت ومكدبش واقولك اني مخفتش منهم
- هما مين ؟
- المكلفين بالحكاية دي , انا
معايا ادلة ادانتهم كلهم , بس هما حاسين ف الفترة الاخيرة اني عارف عنهم حاجة , لو
جربت اتكلم مع والد حضرتك هيتأكدوا اني عارف حاجة
- طب ما انت جيت كلمتني
- لـ لا , مهو انا قعدت اطالب بتزويد المرتب ولما مرضوش ,
قولت اني هكلم حضرتك وانت عشان جديد اكيد هتبقا عايز تخلي الموظفين يحبوك وهتوافق ,
طبعا ده مش غرضي بس كان مجرد تمويه
- كان ممكن تقابلني بره الشركة
- ا انا متراقب
حك ليتوك ذقنه وصمت ليفكر
قليلاً .. في الحقيقة لا يبدو أن ذلك الشاب يكذب .. ولكنه أحمق يظن أن الأمر دون
علم كيم .. هذا يعني أن جميع الأدلة تُدين من يعملون تحت يده وليس كيم نفسه .. زفر
باختناق هذا الرجل لا أثر له مطلقاً في أي عمل مهما كان تافهاً .. إنه بارعٌ بكل
معاني الكلمة في طمس جميع أدلة الإدانة .. هو فقط لا يكفيه أنه يسلب المرضى حقهم
في الحياة .. بل أيضاً يضع السم في الدواء ويصدره للفقراء الأصحاء ليصابوا
بالأمراض وتزداد نسبة رواد مستشفاه القذر .. والطبقة المتوسطة القادرة على العلاج
.. تشتري الأدوية السليمة فتدر على شركته بالنقود .. لقد عجز عن وجود وصف يصف
بشاعته .. أفاقه سونغمين بقوله : حتى الادوية الزراعية مسسمة عشان تنقل الامراض
للاكل وبعدها للناس , وده طبعا في صالح شركات الادوية اللي هما اكيد
متعاقدين معاها وبياخدوا منها فلوس الشغل القذر ده
- معالك الادلة دي ؟
- اه
- طيب اسمعني كويس , انت بتقول انك متراقب ؟ اكيد لو ادتني ورق هيكون ده
الدليل الاكبر على شكوكهم , في محامي هقولك على عنوانه هتروحله وتديله الادلة اللي معاك , كل
اللي هتقوله الورق ده من جونغسو ويوصل لكيبوم ,
متقولش كلمة زيادة , واكيد محدش هيشك انك رايح لمحامي ف مكتبه ,
واطمن يا دكتور انا هعرف ازاي اشوف شغلي معاهم ,
واطمن انا هحميك , ودلوقت انا هامرلك بزيادة
فعلا عشان ميشكوش ف حاجة , وكمان عشان انت تستاهل فلوس الدنيا كلها على امانتك
واخلاصك , اللي زيك بقوا قليلين اوي في الدنيا دي
أومأ سونغمين بابتسامةٍ
سعيدة للغاية صافحه بحرارةٍ ثم نهض على الفور لينهي ساعات عمله وبعدها يتوجه لمكتب
هذا المحامي منفذاً الاوامر .. كي يرتاح ضميره الذي لم يكف عن تأنيبه طيلة العامين
الماضيين .. أما ليتوك فكظم غيظه واكتفى بعض شفته السفلى ودماؤه تغلي في عروقه من
بشاعة ما سمع .. زفر أنفاسه بحرقة كي يبدو طبيعياً وعاد مكتبه وأمر بزيادة راتب
سونغمين ..
دقائق ووصله طرق على الباب
.. ثم دلف الطارق قائلاً : مستر جونغسو ,
الباشا الكبير عايز حضرتك ف مكتبه
غادر سريعا فشد ليتوك على
قبضة يده متمتاً : اقسملك بالله ان اخرتك هتكون على ايدي ,
هخليك تتحايل عليا عشان اقتلك وارحمك من العذاب اللي هتشوفه مني
زفر أنفاسه بغضب بالغ ثم
توجه إلى مكتب كيم .. بمجرد دخوله هب واقفاً وهو مبتسم بسعادة بالغة : حبيبي عامل
ايه من غير كيوهيون تايه اكيد
بإقتضاب قال : ااه
قطب حاجبيه متساءلاً :
مالك يا حبيبي في ايه ؟
تنحنح قائلاً : معلش يا
بابا تعبان شوية
- الف سلامة عليك , حاسس بايه ؟ ثوانى اطلب دكتور يكشف عليك
- متخافش يا بابا دول حبه ارهاق بس ,
حضرتك كنت عايزني ف ايه ؟
- كنت هقولك يا سيدي تروح ترتاح وتنام عشان عندك طيارة بكرة بليل وهتحتاج
ترتاح
- طيارة ايه ؟
- في شحنه ادوية هنعمل تبادل بيها مع شركة اجنبية ف المانيا ,
وانا عايزك تحضرها عشان تعرف كل حاجة عن شغلنا يا حبيبي انا مش هعيشلك العمر كله
ولازم تعرف كل حاجة في شغلتنا ديه
نظر له ليتوك مطولاً بلا ملامح .. تبادل أدوية
مع شركة المانيا .. هذا مثير للضحك .. وهل يعقل أن تستورد المانيا الإمبراطورية
الصناعية من مصر الدواء ؟ إنه أمرٌ سخيف .. لا بُد أن الموضوع أكبر من هذا .. أو
أن شحنة الأدوية تلك خلفها أمرٌ خطير بخصوص تجارة الأعضاء .. يا للصدف السعيدة
وآخيراً تنهال المعلومات وفرص جمعها فوق رأسه .. انفرجت أساريره قائلاً : المانيا
بقا وكدا ؟ لا ده انا شكلي مش راجع مصر
قهقة كيم بصوتٍ عال ثم
تقدم ناحيته وآخد يربت على كتفه : ماشي يا سيدي خلص شغلك وقضيلك اسبوع هناك
اومأ ليتوك بسعادة مزيفة
.. ثم التف ليغادر الشركة متوجهاً نحو القصر .. ترجل عن سيارته .. ضرب بنظره في
الحديقة فكانت خالية تماماً من أي آحد .. إنها فرصة جيدة لمهاتفة كيبوم وإخباره
بكل ما حدث وسيحدث .. ففي الإسبوع الفائت لم يحدثه مطلقاً بسبب كيوهيون الذي لم
يفارقه إلا اليوم .. إن القدر حقاً لبارع ..
- ليتوك اخيرا اتكلمت
- كيبوم اسمعني بسرعة , في معلومات مهمة هتوصل مكتب ريووك النهاردة ,
ادرسها معاه كويس وخليه يحتفظ بيها عنده عشان ف اقرب فرصة اروحله واطلع عليها انا
كمان , المهم ان وقع تحت ايدي معلومات خطيرة جدا ,
هسافر بكرة المانيا وانا متأكد انهم بيسلموا اعضاء لحد معين هناك وحاسس اني هجمع
معلومات كتيرة عن المافيا اللي بره دي وعلاقتهم بكل رجال الاعمال اللي شغلهم وسخ
هنا , هقعد هناك فترة بحجة تغيير الجو بس هحاول اجمع اكبر
قدر من المعلومات , المهم عايزك تودي جهاز تصنت البيت عندي ,
عشان بكره كلهم هيكونوا مشغولين واحتمال اقدر اروح البيت اخده من هناك
- اخيرا هتشوف الغلبانة اللي سايبها وراك , على كدا بقا هسيبها هى تقولك الخبر بنفسها
- خبر ايه ؟
- هتعرف اما تروحلها
- ما علينا , اعمل اللي قولتلك عليه وخلي بالك
- متخافش عليا , بس قولي اي حاجة مختصرة عن اللي عرفته
- ده مش انسان , لا يمكن يكون انسان يا كيبوم , انا
لازم اجمع اكبر عدد من الأدلة , الراجل ده لازم يتعاقب بابشع الطرق ( شد على قبضة يده
بعنف ) اقسم بالله لو مخلتش الراجل ده يتمنى الموت لهكون قالع البدلة العسكرية
بتاعتي وحارقها , لاني وقتها مش هستحق اكون ظابط
شهق هنري الواقف خلفه بعد
سماعه لتلك الكلمات .. وقال بتلعثمٍ : انت ظابط ؟
سقطت يد ليتوك الممسكة
بالهاتف وشعر وكأن أنفاسه تركض بعيداً عنه .. كسمكةٍ أخرجت من الماء للتو وبدأت
بالقفز بعنفٍ لانقطاع الأكسجين عنها ببطء .. بينما على الجانب الأخر حيثُ كيبوم
الذي سمع الصوت .. انحبست أنفاسه لا إرادياً وهو يرتجف خشيه أن شيئاً سيئاً سيحدث
لصديقه بعد اكتشاف أمره ..
وضع هنري يده المرتعدة على
كتف ليتوك وأعاد سؤاله بتلعثم .. على حين غرة وضع ليتوك يده على يد هنري والتف
بسرعة .. وبكل قوته قام بركله في قدمه ثم رفع جسده وأسقطه للخلف .. ولوى ذراعه خلف
ظهره ممسكاً بشعره بعنف وضرب رأسه بالأرض عدة مرات كي يفقد وعيه .. صرخ هنري بتآلم
وضعف قائلاً : انا معاكم
قطب ليتوك حاجبيه وتوقف
عما كان يفعله .. رفع رأس هنري بطريقةٍ عنيفة للغاية وقام بغرس أظافره في عنقه
قائلاً بعنف : انت بتقول ايه ؟
راح هنري يسعل بقوة .. واحمر
وجهه وبرزت عروق رقبته كثيراً .. بينما جرح رأسه ينزف .. وقال بصعوبة وهو يلهث :
انا عارف كل حاجة عن شغل كيم , ومعايا ورق من هيتشول قبل ما يموت , انا
بضور على ادلة تدين كيم
خفف ليتوك من قبضته على
عنق هنري ثم قال باسفسار : ومقولتش كل ده ليه لما كيبوم حقق معاك؟
- كنت خايف على مريم
قطب ليتوك حاجبيه وتركه
ونهض ثم ساعده على الوقوف .. وآخذه إلى غرفته .. جلس على آحد المقاعد ومنحه ليتوك
.. علبة الإسعافات الأولية ليضمض جروحه بنفسه .. ثم جلس قُبالته ونظر له بعيونٍ
كالليزر تكاد تخترقه .. ازدرد هنري لعابه بصعوبةٍ ليبلل حلقه الجاف ثم راح يحكي
لليتوك كل شيء منذ عمله في المشفى مع هيتشول وصولاً لهذا اليوم الذي اكتشف فيه
هيتشول كل شيء عن حقيقة عمه عندما اكتشف أمر المشرحة الفرعية المتصلة بغرفة
كيوهيون ..
أدمعت عينا هنري وهو يسرد كل التفاصيل ومشاركته
لهم بوجوده أثناء فعلتهم الشنعاء تلك .. لينقذ مريم من براثنهم ونفسه من ذلك الاعتراف
الكاذب بأنه آحد المسؤلين عما يحدث في المشفى .. اطمأن ليتوك لصدق حديثه ووعده
بأنه سيقف معه لحماية شقيقة هيتشول وليثبت براءته .. وكذلك وعده هنري بأن يكون
ساعده الأيمن في مهمته تلك .. أعاد ليتوك الاتصال بكيبوم وطمأنه بأن كل شيء على ما
يرام .. في الواقع عندما ذهب هنري برفقة مريم إلى المطعم لتناول الطعام ..
قابلوا هان هناك وآخذ
يثرثر مع مريم كثيراً .. وشاركهم الطعام وتحدثت إليه مريم مطولا فهما صديقين منذ
الروضة ولكن كل منهم درس تخصص مختلف في جامعة غير الآخر .. فهان قد سافر إلى
الولايات المتحدة ولكن لم تنقطع اتصالاتهما .. وعندما عاد عادت معه المياه إلى
مجاريها .. نفذ صبر هنري فألقى بالمنديل على الطاولة بعد أن نظف به فمه ونهض بوجهٍ
مكفهر معلناً عن رغبته في العودة .. ودون سماع إجابه انطلق عائداً .. ابتسمت مريم
ولا تعرف لمَ كانت واثقة من أن الغيرة هى ما دفعته لفعل هذا .. وعندما عاد إلى
القصر سمع حديث ليتوك .. تفرق الإثنان بعد أن أمر ليتوك هنري بالذهاب إلى مكتب
ريووك وإعطاءه ما يملكه من أدلة ..
***
أعلنت عقارب الساعة أنها
العاشرة مساءاً .. ترجل كيوهيون من سيارته ونظر لتلك البناية الشامخة بابتسامةٍ
بسيطة .. دلف للمصعد الذي أوصله أمام الشقة المطلوبة .. قرع الجرس فلم يجد أي رد
.. عقد ما بين حاجبيه بتعجبٍ .. ثم كرر الأمر عدة مرات متتالية دون انقطاع .. حتى
فُتح الباب آخيراً .. وأطل دونغهي من خلفه عاري الصدر وشعره مُبعثر بفوضوية وذقنه
بارزة بعض الشيء ..
قطب كيوهيون حاجبيه بتعجب
وأشار عليه مستفسراً : ايه يا بني اللي انت عامله ف نفسك ده؟
ترك له الباب مفتوحاً
ليدلف للداخل .. ثم سبقه وألقى بجسده على الأريكة قائلاً بضيق : فكك مني يا كيو
دلف كيوهيون للداخل وأغلق
خلفه الباب .. ثم وقف أمامه عاقداً ذراعيه إلى صدره مع تضييق عينيه ورفع إحدى
حاجبيه دون الآخر : فكك مني يا كيو ؟! ده انت مجنون , قوم
احلق دقنك دي وخدلك حمام نضيف والبس حاجة واطلعلي
- كيوهيون انزل من على ودني , مش نقصاك
- انا مش بهزر معاك يا دونغهي , قوم اعمل اللي قولتلك عليه وبسرعة
نظر له دونغهي بانزعاج ثم
نهض بتلكؤ ونفذ ما طُلب منه .. و بعد نصف الساعة وقف أمام كيوهيون قائلاً : افندم
؟
نهض كيوهيون وربت على كتفه
عدة مرات : مسدسك وكاتم الصوت وتعالى ورايا
ببرود أعلن دونغهي : ليه ؟
انفرجت أسارير كيوهيون
ومرر يده على عنقه مقلداً حركة السكين عند الذبح : موحشكش طعم الدم ؟
ثوانٍ من اللاتعبير لدى
دونغهي ثم دخل إلى غرفته وخرج منها وهو يضع حزاماً حول خصره عُلق به مسدس وسكين
صغيرة .. ثم ارتدى سترته الجلدية السوداء .. ووضع كمامه سوداء على فمه قائلاً :
ايه المهمة المرة دي
دلفا للمصعد سوياً وبعد
صعودهما للسيارة تحدث كيوهيون بثقة وهو يقود قائلاً : شيندونغ ,
صاحب شركة شين قال ايه تاب عن الشغلانة ,
فطبعا اوامر الباشا الكبير وصلت بانه هيوحش الدنيا
- كيم ؟
- الباشا الكبير بقولك
صُدم دونغهي وقطب حاجبيه
.. ثم ضيق عينيه المُتكحلتان بالسواد و قال : ايه المطلوب ؟
- جمعوا كل المعلومات اللي هتساعدنا , دلوقت هنراقب الجراج بتاع الشركة ,
النهاردة شيندونغ بس اللي هيفضل ف الشركة لحد الساعة 12 فطبعا حضرتك هتخلص الحكاية
زي كل مرة ( وصلت بالفعل السيارة إلى مرآب الشركة .. توقف كيوهيون ورمق دونغهي
بقوة ) ايه الي حصلك بقا ؟
- قولتلك فكك مني
- انت حبتها ؟
اتسعت حدقة عين دونغهي
ورمق كيوهيون بصدمة .. ثوانٍ من الصمت والتحديق به ثم أشاح بنظره قائلاً بثقة :
بطل تخريف
بثقةٍ أعلن كيوهيون : احنا
مش بتوع حب يا دونغهي ( تنهد بعمقٍ وكادت أن تتفلت منه دمعة على حين غرة ولكنه
تمالك نفسه قائلاً ) بعد ما نخلص هنطلع على قصر كيم ,
هنسافر انا وانت وابنه بكرة المانيا عشان نسلم الاعضاء المطلوبة ,
فعايزين نرسم الخطة اللي هنسلك بيها الامور
أومأ دونغهي برأسه دون
التلفظ بحرفٍ واحد .. مر الوقت ببطء والصمت يسيطر على الأجواء حتى قطعه صوت خطوات
تقترب .. وضع دونغهي يده على مقبض الباب .. وبمجرد أن وصل شيندونغ ببذلته الأنيقة
إلى سيارته .. هبط دونغهي وركض بأقصى سرعته .. ثم أخرج المسدس من مكانه ووجه فوهته
نحو رأس شيندونغ من بُعد مترين صارخاً به : استشهد على روحك
وقبل أن يضغط على الزناد
.. وُجِهت ركلة عنيفة من قدم احدهم ليد دونغهي فطار المسدس منها بعيداً .. لم يكد
يبتلع صدمته حتى التفت الفتاة بطريقةٍ حرفية وقامت بركل وجهه .. تراجع بضع خطواتٍ
للوراء بصدمة من تلك الفتاة التي ظهرت من العدم ..
يبدو أنها حارسته الشخصية أو ما شابه .. انقضت
عليه ووجهت له عدة لكمات متتالية .. ثم ثنت قدمها وضربته بقوة في معدته .. كان
دونغهي مصعوقاً تماماً مما يحدث .. وهو مستسلم لها لا يعرف كيف تمكنت فتاة من فعل
هذا .. في الواقع ليس لأنها أقوى منه ولكن لأنه يرى مروة في شخصها .. كان متصلباً
يستقبل الضربات وفقط .. راقب كيوهيون الموقف بذهول .. ولكنه ابتلع لعابه في الآخير
وأخرج المسدس من جيبه و سدد ضربته في قدم شيندونغ الذي كاد يفر .. من على بعدٍ
كبير يصعب التسديد منه .. إلا أنه أثبت وبجداره أنه قناصٌ ماهر .. سقط جسد شيندونغ
وكونت الدماء الساخنة بقعة كبيرة حوله ..
فصرخت الفتاة وتركت دونغهي
مصعوقاً كما هو وحاولت رفع جسد شيندونغ الملقى أرضاً يتأوه وهى تصرخ " اخويا
" .. أعاد كيوهيون تعمير مسدسه ووجه فوهته نحو ذراعها .. وبدل أن تخترقه
الرصاصة طارت بعيداً .. فدونغهي قد سدد رصاصته هو الآخر ليبعدها عنها ونجح في هذا
.. نهضت الفتاة لتصارعه من جديد وهي تبكي فضربها بجسد المسدس الحديدي على رأسها
فسقطت أرضاً متألمة ..
سدد ضربته لرأس شيندونغ وركض
ناحية السيارة ليفرا قبل انتباه آحدهم .. ولكن كيوهيون أوقفه وبصيغة الأمر قال
بحدة : اقتل البت ( ابتلع دونغهي لعابه وحرك رأسه ببطء لا .. فصرخ به كيوهيون بحدة
) انت معندكش قلب , قلبك مات من زمان ومش بت مفعوصة اللي هتحييه تاني ,
الحب ذل وانا وانت دوقناه كتير , مفيش حب يا دونغهي مش رحمة
صرّ دونغهي على أسنانه
وتملكت منه مشاعر اللارحمة .. وكأن كلمات كيوهيون كانت تعويذة أيقظت الوحش الكاسر
الذي خدرته مروة .. أيقظته تلك التعويذة أكثر شراسة .. لمعت عيناه ببريقٍ غريب ..
ثم خلع كمامته وسترته وألقاهما أرضاً وركض عائدا إلى الفتاة التي نهضت ونظرت له
تتوعده .. بمجرد وصوله لها أخرجت سكيناً من الحزام الملتف حول خصرها هى الأخرى
ووجهته نحوه وهى تصرخ وتصر على أسنانها .. لم يتحرك به ساكن بل كانت نظراته قاتلة
ومخيفة حد الموت ..
اقترب السكين من قلبه ..
فمد يده بسرعة فاقت سرعة ارتداد طرفة العين وأمسك بشفرة السكين .. ورغم الدماء
التي تنزف من يده إلا أنها لم تؤلمة البتة .. شد على قبضته وسحب منها السكين
وألقاه بعيداً .. ثم أمسك بشعرها وقام بلفه بعنفٍ على قبضة يده وآخد يلكمها بقوة
رهيبة .. صرخت بتألم وضغطت بكعب حذاءها على قدمه بقوةٍ كبيرة .. ابتعد قيد أنملة
فتحررت منه .. وجهت له لكمة على وجهه ليمسك بذراعها بيديه الإثنتين وحركهما بقوة
رهيبة في اتجاهين متضادين .. فصدر صوت قوي ناتج عن كسر عظام ذراعها .. صرخت الفتاة
حتى تجرحت حنجرتها ..
فزاد دونغهي في عنف ضرباته
.. وسدد لمعدتها عدة لكمات متتالية لتنبصق الدماء من فمها بغزارة .. ثم عاد ليمسك
بشعرها وآخذ يضرب رأسها في زاوية الحائط الرفيعة بوحشية تامة .. غطت الدماء جبهتها
ووجهها بالكامل .. وقبل أن تُزهق روحها أخرج سكينه وقام بتحريك شفرتها على عنق
الفتاة لتقع بعدها جثة هامدة ..
هبط دونغهي لمستواها ومد
إصبعه ليلطخ بدماءها .. ثم أغلق عينيه وقام بلعق تلك الدماء بتلذذٍ غريب كما يفعل
دائماً مع ضحاياه .. ثم نهض مع ابتسامةٍ شقت ثغره بالكامل .. والتقط السكينين
والمسدس لأن تلك الأشياء تُعد دليل يمكن أن يوصل الشرطة لهما .. أما عن بصماته على
جسد الفتاة فلا يوجد لأنه ارتدى قفازات بيضاء وهى ما لُطخت بالدماء وامتصتها تماماً
.. أي أن حتى تحليل الدماء لن يوصل التحقيقات إلى أي شيء .. تناول سترته والكمامه
وعاد للسيارة ابتسم كيوهيون بنشوة وهو يرمق هذا الكائن اللابشري بنصر أنه أعادة
لطبيعته اللا آدمية .. ثم صعد السيارة هو الآخر وانطلق في طريقهم إلى قصر كيم ..
***
وصل الشابان إلى القصر ..
بمجرد أن قرع كيوهيون جرس الباب .. فتحت إحدى الخادمات وأشارت لهما بالدخول :
الباشا مستنيكم ف المكتب , اتفضلوا
ولج كيوهيون للداخل أولاً .. طرق باب المكتب وبعدها
دلف ليجد كيم جالساً على كرسيه ويقرأ إحدى الصحف .. ابتسم وأشار له بالجلوس ..
بمجرد أن جلس على الكرسي بيمين مكتب كيم .. دلف دونغهي هو الآخر بتعابير مكفهره ..
وجلس على الكرسي في ناحية اليسار ..
ابتسم كيم قائلاً : اهلا
بالاستاذ المشغول
تنحنح دونغهي قائلاً :
معلش يا باشا بخصوص حفلة ابن حضرتك وكدا
- ماشي يا سيدي , ولو ان معلش دي مبحبهاش لان مفيش منها فايدة , ما
علينا ها عملتوا ايه ؟
نظر دونغهي لكيوهيون كي يتحدث هو .. فعقد ذراعيه إلى صدره قائلاً بتحذلق :
الشحنة بقت جاهزة , الصبح انا ودونغهي هنشرف على حطها في قاع السفينة
بنفسنا زي كل مرة , وطبعا دونغهي هيسهل موضوع التفتيش , اما
بالنسبة لشيندونغ فخلاص زمانه بيتحاسب دلوقت
صفق كيم بيديه وابتسامته
ملأت شدقيه .. ثم قال باتزان : جميل اوي ,
دلوقت بقا لازم تعرفوا الخطة اللي هتنفذوها ,
كيوهيون جونغسو لازم يبقى تحت عينك 24 ساعة ,
وحاول بالبطيء اوي تديله نبذة عن شغلنا الحقيقي ,
احنا هنوصله الموضوع على مراحل , الاهم دلوقت انكم هتنقلوا شحنة الادوية على الشركة
الالمانية , دونغهي انت هتقابل الراجل بتاعنا هناك وتتفق معاه يفتح
المخازن الفرعية , والتسليم لازم يبان قدام الكل ان دي ادوية مش اعضاء
وبعدها تتأكد بنفسك ان الفلوس وصلت للحساب البنكي لشركتنا ف المانيا وبعدها يتنقل
انجلترا , اي اسئلة او حاجة ؟
ابتسم كيوهيون بثقل : ايه
يا باشا هي اول مرة ؟ متخافش كله تمام , يلا يا دونغهي هبات معاك النهاردة كلها كام ساعة
والصبح يطلع مش مستاهلة
نهض دونغهي محركاً يديه :
تيجي معايا فين ؟ لاء طبعا
اصطدمت يده بالإطار
الموضوع على المكتب ويحتوي على صورة جونغسو أو بالأحرى ليتوك .. ضحك كيم قائلاً :
واضح ان انتوا صحاب اوي فعلا , ( نظر لدونغهي مشيراً على الأرض ) هات البرواز اللي
انت وقعته ده
جثى دونغهي أرضاً لالتقاط الإطار .. وبمجرد
رؤية الصورة به اتسعت حدقة عينيه حتى كادتا تغادران مقلتيهما .. وراح يحرك أهدابه
بذهول وأنفاسه تتلاشى .. ثم نهض ببطء موجهاً الحديث لكيم : ميـ مين ده ؟
- جونغسو , ما انت لو كنت جيت الحفلة كنت عرفت ان ده ابني يا سيدي
- نعم ؟!
- ها ؟!
- ابنك ؟ ابنك منين ؟
- ايه يا دونغهي مالك ؟ في ايه ؟ بقولك جونغسو ابني
- في مصيبة , في كارثة وقعت على دماغنا كلنا
نظر له كيوهيون وكيم كل
منهم عاقدٌ ما بين حاجبيه وقالا في
نفس الوقت : مصيبة ايه دي ؟
ألقى دونغهي الإطار بين
يدي كيوهيون قائلاً : اخو مروة
شغر فاه كيوهيون .. ثم ازدرد
لعابه بصعوبة ليبلل حلقه الذي جف من الصدمة : الـ الظابط ؟
نهض كيم كمن لدغه عقرب ..
وضرب بيده على المكتب بتوجس : انتو بتقولوا ايه ؟
وضع كيوهيون يده على رأسه
وهو يشعر بدوارٍ قوي .. لقد انتهى كل شيء وبدلة الإعدام في انتظارهم جميعاً .. جلس
على الكرسي بجسدٍ يرتعد وعقلٍ مشوش للغاية .. أما دونغهي فنظر لكيم قائلاً بتلعثم
: انت اضحك عليك , ده مش ابنك ده ظابط ابن ظابط ,
الظاهر ان الداخلية اكتشفت شغلنا وبعتوه يجمع الادلة
سقط كيم جالساً على كرسيه
هو الآخر .. وصدره يعلو ويهبط بأنفاس مضطربة للغاية .. شحب لون وجهه وكأن الموت
يجثو على صدره قائلاً بشفاه ترتجف : يعني روحنا ف داهية ؟
نظر لكيوهيون مستنجداً بعقله الذي دائماً يخرج لهم بحلٍ جذري ينهي كل شيء عن
بكرة أبيه .. فوجده خائر القوى غير قادرٍ حتى على تمالك نفسه كي يفكر .. جلس
دونغهي على الكرسي واضعاً رأسه بين كفيه محاولاً استجماع شتات أفكاره .. مرت عليهم
ربع ساعة كاملة بتلك الطريقة .. والصمت بينهم موحش كلٌ يفكر في نهايته المآساوية
.. إلى أن صدح هاتف كيوهيون بالرنين المتواصل .. أخرجه من جيبه بأصابع ترتعد ..
ووضعه على آذنه غير قادر على التفوه بحرف واحد ..
- كيوهيون اتأكدنا ان سونغمين معاه ادلة
أغلق عينيه بضعف بالغ ..
وهو لا يستطيع تمالك نفسه من الصدمات المتتالية .. صمتٌ دام لدقائق ثم قطعه قائلاً
: عرفتوا ازاي ؟
- تليفونه متراقب , اتصل بمستر جونغسو وقاله انه سلم الورق ,
واتكلم شوية عن الادلة وكدا , بس مقالش هو سلمه لمين , بس
يظهر انه ميعرفش ان كيم باشا يعرف كل حاجة لانه بيكلم معاه على اساس اننا بنستغل
اسمه وكدا
شد كيوهيون على قبضة يده
قائلاً : طب اقفل انت دلوقت , ( أغلق الهاتف ونظر لهما عاقداً ذراعيه إلى صدره ) احنا ف
السليم , الظابط ده بقا جه لاخرته برجليه
نظر له كيم بلهفة : بتفكر
ف ايه ؟
رمق كيوهيون دونغهي بقوة
قائلاً : معندكش قلب صح ؟ ( نظر
له دونغهي بلا ملامح ثم أومأ برأسه موافقاً ) احنا بقا هنخليه يتمنى الموت بسرعة
بس هنسويه الاول على نار هادية , عشان قبل ما يموت يعرف انه كان غلطان اوي لما قل بعقله
وفكر انه ممكن يضحك علينا , بس قبل اي حاجة في اتنين نهايتهم قبل نهايته
سأل كيم بعد أن اطمأن
قليلاً .. فكون كيوهيون قد وصل لحل فلا داعي للقلق : مين الاتنين دول؟
أخرج كيوهيون المسدس من
حزام دونغهي .. ثم قام بتعميره وأعطاه إياه : سونغمين وبارك
أومأ دونغهي ثم أعاد
المسدس إلى مكانه مجدداً .. ابتسم كيوهيون بانتصار ثم أشار لكيم كي يهدأ وانطلق هو
ودونغهي سريعاً إلى وجهتهما الأولى .. والتي كانت شقة بارك ..طرق كيوهيون باب الشقة ففتحها بارك بعد مدة ليست بالطويلة .. بمجرد أن رأه انقبض
قلبه .. وبالفعل ما كانت هى إلا ثوانٍ حتى انطلقت الرصاصة من المسدس الكاتم للصوت
لدونغهي الواقف خلف كيوهيون .. واستقرت في عنقه .. وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخير ابتسم
كيوهيون قائلاً : الطلقة دي للخاينين , ابقا سلملي على حضرة الظابط يا ابو هنري
أغلق باب المنزل وعادا
بهدوءٍ إلى السيارة وكأنهما لم
يقوما بإزهاق روحٍ قبل قليل .. الوجهة الثانية كانت منزل سونغمين .. هذه المرة نفذ
دونغهي المهمة بمفرده .. فبمجرد أن قام سونغمين بفتح باب المنزل .. وضع دونغهي
فوهة المسدس على منتصف جبينه قائلاً : هتوحشنا,
اخترقت الرصاصة التي لا
صوت لها رأس سونغمين لتنهي حياته بمنتهى السهولة بمجرد طرفة عين .. عاد للسيارة
بعد إغلاق باب المنزل .. وبمجرد أن تقعد كرسي السيارة .. انسلخ نور الصباح من
العتمة المظلمة .. معلناً عن بدء يومٍ جديد أكثر صعوبة ووحشية من الفائت ..
***
استيقظ ليتوك بسعادة وحماس
لا مثيل لهما .. بالنسبة له اليوم حقاً رائع .. سيرى زوجته آخيراً بعد هجر طويل استنزفه
حتى الرمق الأخير .. وكذلك سيجمع المزيد والمزيد من المعلومات التي تقربه كثيراً
مما يصبو إليه .. نهض واغتسل ثم ارتدى ثياباً أنيقة ونزل إلى الطابق الأول .. ليجد
كيم جالساً على الطاولة يتناول فطوره بسكينةٍ تامة وكأن شيئا لم يحدث أمس ..
- صباح الخير يا بابا
- صباح النور يا حبيبي ,
اقعد افطر بسرعة وجهز نفسك قبل الطيارة هتروح مع كيوهيون المصنع تشرف على الشحن
معاه,
- حاضر , بس انا هفطر برا عشان عايز اشتري شوية حاجات كدا وابقا
اكلم كيوهيون ونتقابل نروح سوا
- تمام اعمل اللي يريحك يا حبيبي
أومأ له وغادر بدون أدنى شك بأي ألعابٍ قذرة تُقام .. ولم يدري شيئاً عن
المصيدة التي تُحاك له .. استقل سيارته ووجهته كانت منزل الزوجية .. ورغم سعادته
التي لا توصف شعر بصداعٍ غريب سيطر على رأسه .. قرر التحمل لحين الوصول وعندها
سيتناول قرص مسكن للصداع من النوع الذي اعتاد عليه دائماً ..
على الجانب الآخر حيث نور التي باتت وحيدة هذه الليلة بعد مغادرة كيبوم ..
وعودة مروة إلى المنزل ليلة أمس للاطمئنان على صحة والدتها ومن ثم ستعود قرب العصر
لنور لتبقى معها .. راودها ذات الكابوس المرعب مجدداً .. بعد انقطاعه عنها طيلة
فترة وجود كيبوم ومروة بجانبها .. لكن هذه المرة كان أشد رعباً .. من شدة ما كانت
مرتعبة وتتعرق انفصلت عن الواقع تماماً .. حتى أنها لم تسمع الطرق المتواصل على
الباب .. وقرع الجرس ..
عقد ليتوك ما بين حاجبيه باستياء
.. أين ذهبت صباحاً ؟ لقد كانت فرصته الوحيدة لكي يروي عطش عيناه للتكحل برؤياها
..
زفر بخيبة .. ثم رفع الفخار المحتوي على بعض
أنواع الورود على باب الشقة وآخذ من أسفله المفتاح الموجود عادةً في هذا المكان ..
عليه الدخول لإحضار جهاز التصنت الذي وضعه كيبوم على الطاولة .. ولم يخبر نور بأمر
ليتوك كي تكون مفاجأة لها .. فتح ليتوك الباب وولج للداخل باستياء كونها ليست هنا
.. وجد الجهاز الصغير بحجم الزر على الطاولة كما أخبره كيبوم .. فدسه في جيبه
وتوجه نحو غرفة النوم للحصول على أقراص الصداع .. بمجرد أن دلف للداخل وجد نور
نائمة ووجهها للجهة الآخرى ..
طرق قلبه بشغفٍ وأراد أن يركض إليها ويعتصرها
بين ذراعيه .. إلا أنه قرر آخذ الدواء أولاً .. جلس على طرف السرير بهدوء .. ثم
قام بفتح الدرج الموجود بالطاولة المجاورة للسرير والتقط علبة الأقراص .. وأمسك
بكوب الماء ليتناوله ..
حينها استيقظت نور فزعة
مرتعبة من الكابوس .. وبمجرد رؤيته صرخت من الرعب فقد كان قلبها على وشك أن يكف عن
نبضاته وضخ الدماء .. نظر لها بصدمة من شحوبها ذلك قائلاً : نور اهدي انا ليتوك ,
مالك ؟ كنتي شايفة كابوس ولا ايه ؟
من صدمتها ورعبها من الكابوس .. لم تستطع إعطاء مساحة واسعة لمشاعرها للتحكم
بها .. كانت تلهث وكأنها ركضت لأميال وتتعرق بغزارة .. ازدردت لعابها لتبلل حلقها
.. وبمجرد وقوع نظرها على القرص في يد ليتوك .. نهضت كمن لدغتها حية .. وأخذت
القرص من يده وأنفاسها لم تنتظم بعد مطلقاً .. ومشاعرها المضطربة لم تتحرر لتدفع
بها إلى أحضانه ..
تعجب من ردة فعلها فنهض
وهو ينظر لها بغرابة : مالك يا نور؟ واقفة متسمرة ليه ؟ وبعدين هاتي البرشامة انا
مصدع خالص
طرق قلبها بخوفٍ أكبر من
ذي قبل ونبضاته المضطربة على وشك أن تفجره من شدتها .. حركت رأسها بالنفي وعادت
للخلف بضع خطواتٍ برد فعل غريب جعل ليتوك يرفع إحدى شفتيه بذهول ودهشة .. اقترب
منها فعادت للوراء حتى التصقت بالحائط .. انزلقت دموعها الخانقة وهى ضائعة ومشتتة
لا تعي ما يحدث حولها .. حرك ليتوك كتفيه بتعجب .. وحاول آخذ العلبة من يدها ..
دفعته وهى تقول من بين
شفاهها المرتجفة : لاء !
- لا ايه يا نور مالك ؟ فيكي ايه انتي كويسة ؟ ايه اللي حصل ؟ وبعدين
هاتي البرشام انا مصدع بقولك
توقفت غصة بمنتصف حلقها .. لم تستطع ابتلاعها أو حتى بصقها .. كونت دموعها
خيطاً رفيعاً ينسدل من عينها اليمنى .. ثم بدأ يتكاثف وتكون في اليسرى أيضاً ..
ضمت العلبة إلى صدرها وهى تعض على شفتيها بندمٍ أنها لم تتخلص منها .. ماذا ستكون
ردة فعله لو عرف أنها فكرت يوماً ما في حرمانه من الأطفال ؟ بالطبع سيحزن لهذا حتى
لو عرف أنها لم تنفذ الفكرة .. مجرد التفكير وشراء الأقراص تعد خيانة .. بالإضافة
إلى كابوسها المخيف الذي يسيطر عليها تماماً ويشل تفكيرها .. فوجدت نفسها بدون وعي
منها تقول : ده مش برشام صداع
- ازاي يا بنتي ؟ لا هو انا اللي جايبه بايدي اصلا
بشفاه زرقاء لا نقطة دماء
بها قالت : مش برشام صداع يا ليتوك
ضيق عينيه بتوجس : اومال
برشام ايه يا نور اللي خلاكي كدا مش عارفة تتلمي على نفسك؟
زاد نحيبها وارتفع صوته
وتفلتت منها شهقة تبعتها آخرى .. حتى دوى صوت بكاءها وهى تعض على شفتيها بخوف .. انقبض
قلبه وضيق إحدى عينيه .. نظر للقرص في يدها .. حقاً شكله مختلف عن القرص المعالج
للصداع .. اتسعت حدقة عينيه حتى كادتا تغادران مقلتيه .. إنها أقراص منع الحمل ..
نعم لقد رأها مراراً وتكراراً عندما كان كيوهيون يريه أكثر الأدوية المباعة .. احتقن
وجهه وأمسك ذراعها بعنف وهمس من بين أسنانه بطريقة اقشعر لها بدنها : ايه ده يا
نور؟
شُل لسانها تماماً فلم
تستطع التفوه بحرف .. قوت قبضة يده على ذراعها .. حتى أن أظافره انغرست بقوة في
ذراعها وقرب جسدها منه ينظر لها بعينين تقذفان الحمم .. تلاشت أنفاسها وازداد بكاؤها
وهى تقول : ا اسمعني بس
لم تستطع الإكمال فلسانها
بالفعل لا يقوى على الحراك .. تريد إخباره بألا يسيء الفهم .. يجب أن يعلم أن طفله
بداخلها .. ولكن القدر الأعمى الذي يخطط ببراعة قيد لسانها بسلسال وهمي لا وجود له
لتصمت بعد ذلك للآبد ..
تأكدت شكوكه .. فترك
ذراعها الذي احمر كثيراً إثر قبضته وتلوث ببعض الدماء .. أغمض عينيه لثوانٍ ثم
أعاد فتحهما وصفعها على خدها بقوة .. صفعة أدمت خدها ليقع القرط من آذنها وتتسرب
الدماء على عنقها .. أمسك بشعرها ولفه على قبضته مقرباً جسدها منه مجدداً وهو يصر
على أسنانه : برشام منع حمل؟ ( صفعها مرة آخرى عندما لم تبدي أي ردة فعل .. كانت
كالتمثال بلا روح ولا إحساس .. استفزته كثيراً بفعلتها تلك .. ولم يعلم أنها فعلة
القدر .. انخرطت بموجة بكاء حارقة زادت من اشتعال براكين الغضب بداخله .. ما الذي
فعله لها لتحرمه من الأطفال .. كيف لها أن تفعل هذا .. هكذا بالفعل خانته .. ألقت
بخنجر سام في منتصف قلبه .. لم يتمالك نفسه فدفعها على الحائط .. وألقى بسترته
أرضاً وهو ينظر لها بطريقة مرعبة .. عاد ليقترب مجدداً وأمسك بملابسها بقوة رهيبة
جعلت أصابعه تنغرس بجسدها لتدميه .. وهمس ) بتاخدي منع حمل ليه؟ مش عايزة تخلفي
مني ليه؟ ( صرخ بها بعد أن صفعها بقوة مجددًا .. وقعت أرضًا على إثرها ) مش عايزة
تخلفي مني ليه؟ حرامي ولا حشاش ؟ مدمن ولا نسونجي ؟ ولا تكونيش اكتشفتي انك
متجوزاني غلطة ؟ معملتيش حاجة اسود من ديه!!
ركلها بقدمه وهو يستشيط
غضباً والتف ليغادر المنزل .. بعد نوبة غضب غريبة جداً .. لمَ ردة فعله مُبالغ
فيها بتلك الطريقة .. لمَ لم يحاول تهدئتها والاستماع لمبرراتها كما دائماً .. لمَ
قام بضربها بتلك القسوة وهو الذي لم تمتد يده إلا لتربت عليها بحنو .. لتعانق يدها
.. ليجذبها إلى أحضانه .. ليقبلها .. كيف امتدت الآن وضربتها بتلك الوحشية .. لمَ انعقد
لسانها رافضاً أن يصدح صوتها بحديث يوقف تلك المهزلة .. إلى ماذا يخطط هذا القدر
الذي فعل بهما كل هذا ؟!
فقدت قوتها كاملة .. لكنها بآخر ذرات تبقت لها تمسكت بقدمه .. بل احتضنتها
وهى كالميت الذي يودع الحياة .. همست بحشرجة لا يكاد صوتها يغادر جوفها حتى : مـ
متمشيش , متسبنيش انا خايفة , لـ
لو مشيت دلوقت , هترجع مش هتـ هتلاقيني
نظر لها باحتقار .. نظرة
أدمت قلبها الذي لم يندمل به جرح واحد بعد .. ركل يدها بعنف وغادر المنزل صافعاً
الباب خلفه بقوة اهتزت لها جدران المنزل بأكمله ..
***
نزل هنري الدرج بتلكؤ
ووجهته كانت الحديقة .. ليوقفه صوت قادم من المكتب .. اقترب يسترق السمع ..
- الباشا الظابط اتصل بيا وقالي نتقابل عند ( .... ) ,
صوته كان غريب حبه زى كأنه بينهج ومش عارف يتنفس , او
كان بيزعق حاجة زى كدا
- تمام روح وخده عالمصنع القديم زي ما اتفقنا ,
اعتقد خمس دقايق بالظبط ويكون دونغهي وصل لمراته
- ماشي يا باشا
وضع هنري يده على فمه
ليكتم شهقته .. ثم تسلل على أطراف أصابعه عائداً لغرفته وهو يرتجف .. إنها كارثة
لقد اكتشف أمره .. زوجته في خطر لا بد من تحذيره للإسراع لها .. أخرج هاتفه وحاول
الاتصال به .. ويا للتعاسة لقد نفذ شحن هاتف ليتوك بمجرد أن انتهى من مهاتفة
كيوهيون .. فألقى به على الكرسي بجواره وهو يقود في طريقه للمكان المتفق على أن
يلتقوا به .. وضع هنري يده على رأسه وجثى أرضاً يفكر في حل لتلك الورطة .. ثوانٍ
من التفكير بعدها ركض بسرعة ووجهته هى مكتب كيبوم ..
***
اقتربت السيارة من مكان
مهجور .. نظر كيوهيون لليتوك قائلاً : مش عايز تقولي مالك برضو ؟
زفر ليتوك بقلة صبر : مفيش
يا كيوهيون قولتلك , بعدين ايه المكان الغريب ده ؟
ترجل كيوهيون عن السيارة
قائلاً بمرح : على فكرة برضو هعرف ايه اللي مضايقك ( نظر له ليتوك بحدة .. فتنحنح
قائلاً ) انزل وهتعرف كل حاجة دلوقت
ترجل ليتوك هو الآخر وصفع
باب السيارة بقوة .. سار هو وكيوهيون حوالي سبعة أمتار .. وبعدها توقفا أمام مصنع
يبدو مهجوراً .. نظر له ليتوك بحيرة وشيء من القلق .. فأشار له ليدخل .. ابتلع
غصته بتوجس وقلبه مُنقبض ثم تقدم ليتوك وولج إلى المصنع .. ومن بعده فوراً كيوهيون
ثم أغلق الباب حارسان ضخام البنية بطريقةٍ عنيفة .. قطب حاجبيه وهو يمرر نظره
بينهما وبين كيوهيون ..
- احنا فين ؟
ابتسم كيوهيون بخبث وأشار بإصبعه
: بص كده
رمقه ليتوك بتعجب ثم التف
ليرى ما يشير كيوهيون إليه .. اتسعت حدقة عينيه وتخبطت قدميه ببعضهما .. أنفاسه
تعالت بشدة حتى أصبحت تدوي في المكان .. إنها نور جالسه على كرسي وحارس ضخم البنية
بشكل مرعب كتفها بيديه .. بمجرد رؤيته لها علم أن أمره قد كشف ..
في الواقع بعد مغادرة
ليتوك بثوان فقط .. وصلت سيارة دونغهي الذي آتى إلى منزل نور مسبقاً مع مروة ..
وكسر باب المنزل وتم اختطافها وإحضارها إلى هنا ..
اقترب منها ببطء وهو يحاول
تمالك أعصابه التي تفلتت منه .. وبمجرد أن أصبح بينهما مسافة ثلاثة أمتار .. ضربه
آحد الحرس بعصا على رأسه .. صرخ بتآلم وصرخت نور معه ونهضت لتركض له فأمسكت بها
يدا دونغهي .. وكتفها في أحضانه .. بدى الأمر كأنه عناقٌ خلفي ...
صرخت بكل قوتها باسمه ..
عندما سقط على ركبتيه أرضاً إثر تلك الضربة المبرحة .. وتسللت الدماء من رأسه
ساقطةً على جبينه ووجهه .. اقترب كيوهيون وقام بضرب ظهره بعنف .. موجهاً له عدة
ركلات وليتوك خائر القوى ..
- حضرة الظابط ليتوك , برافو عليك تنفع ممثل شاطر , بس
يا بابا تمثل على الشياطين ؟ طب ازاي ؟
أمسك بشعره وقام بضرب رأسه
في الحائط .. تفلتت عدة صرخات مدوية من نور وهى تحاول التملص من قبضة دونغهي ..
ولكنها في كل محاولة تفشل وعن جدارة .. وضع يده على عنقها وغرس به أظافره بعنف
قائلاً : بطلي فرك يا بطة , دورك جاي متستعجليش
وضعت يدها على يده
الموضوعة على عنقها وهى تأوه بتألم من قبضته وأظافره الحادة المسننة وكأنها سكين
.. عندما سمع ليتوك صراخها شعر بالدماء تتدفق إلى أطرافه التي شُلت .. فأمسك بيد
كيوهيون وعضها بقوةٍ رهيبة حتى أن جلد يده تمزق .. صرخ مبتعداً عنه .. فنهض مترنحاً
ونظر له من خلف الدماء التي غطت عينيه .. ثم مد يده وأزال الدماء العالقة بشفاهه
من كيوهيون ..
أزال كذلك دماء وجهه ليتمكن من الرؤية بطريقة
جيدة .. ركض بسرعة نحو كيوهيون وبمرونة جسد ضابط شرطة من أمهر الضباط .. قفز موجهاً
ركلة عنيفة إلى وجهه .. وضع كيوهيون يده على وجهه بتألم .. نظر له ليتوك وهو يلهث
.. فاقترب كيوهيون منه ولكمه بقوة .. أمسك ليتوك بيده وقام برفع جسده وأسقطه للخلف
.. ثم ثنى قدمه وضربه بقوة في معدته .. صرخ كيوهيون وانبصقت الدماء من فمه .. فقام
دونغهي بدفع نور لتصطدم بالحائط بعنف وتسقط أرضاً .. وركض نحو ليتوك الذي بمجرد أن
التف له .. حتى داهمه دونغهي بعدة لكمات متتالية .. ثم ابتعد قيد أنملتين .. وأخرج
السكين الصغير من الحزام المُلتف على خصره ..
وعلى حين غرة مرره بوحشية
على قدم ليتوك .. فسقط أرضاً صارخاً من الألم الرهيب الذي آلم به .. ألقى دونغهي
بالسكين أرضاً .. ثم أمسك قدم ليتوك المجروحة بعمق وقام بسحبه منها وكأنه ينظف به
أرض المكان .. فاتسخ وجهه بالرمال التي اختلطت بدماءه ..
سحبه إلى زواية قريبة بها
عمود حديدي مُثبت .. مربوط به سلسلة حديدية غليظة .. ترك قدمه فحاول ليتوك النهوض
.. ولكن كيوهيون كان قد سبقه وآتى ناحيتهم وهو يلهث .. فآخذ يركله بقدمه خاصةً في
الجرح ..نهضت نور هي الآخرى وركضت
عليهم في محاولةٍ بائسة لتخليص ليتوك من قبضتهم .. وبالرغم من كل ما قام به في
حقها منذ ما لا يتعدى الساعة .. إلا أن فؤادها كاد أن ينفطر عليه ..
جذبها دونغهي من شعرها ثم
صفعها بقوة .. ولوى ذراعها خلف ظهرها وهي تصرخ وتستنجد ..رفع ليتوك نظره بضعف وبؤس شديد فقد خارت قواه تماماً .. عيناه امتلأت بالدموع
وهو ينظر لها بين يدي هذا الوحش الذي يضربها بعنف .. فتذكر تواً أنه منذ أقل من
ساعة كان نفس هذا الوحش .. ومع ذلك ها هى تصرخ باسمه وتحاول مساعدته ببؤس يشبه
بؤسه ..
أمسك كيوهيون بشعره وضرب
رأسه بالأرض عدة مرات متتالية وقبل أن يفقد وعيه .. ترك رأسه ينزف بقوة كما هو
الحال مع جرح قدمه العميق الذي إن تُرك هكذا ستُزهق روحه .. أمسك كيوهيون بطرف
السلسلة الحديدية الآخر .. وقام بفتح ذلك القوس الحديدي وتثبيته على قدم ليتوك ..
ثم إغلاقه مجدداً ..
رفع رأسه لينظر له قائلاً
بشماتة مع أن قواه خائرة هو الآخر : اتفرج عالعرض اللي هيحصل دلوقت , بس
بمزاج بقا هاه
ضحك بطريقةٍ حقيرة للغاية
.. قهقهات دوى صوتها بأعمق نقطة بقلب ليتوك الذي جعلته يد كيوهيون ينظر لدونغهي ..
لكأن الزمن توقف هنا وتوقفت معه حركة الكون بأكمله .. وقبل أن يصرخ بكل ما تحمله
أحباله الصوتية من قدرة .. قام كيوهيون بربط فمه بعدة أقمشة فوق بعضهما حتى يحرمه
من الصراخ .. وهنا بالفعل بدأ العرض ..
أمسك دونغهي بأكمام قميص
نور وهو يبتسم بجانب شفتيه بسخرية .. وعينيه تلمعان بشهوة قذرة تكاد تبتلع
المسكينة : ممم الا قولي يا اسمك ايه ( يقصد ليتوك ) هى مراتك جسمها حلو ؟
اتسعت حدقة عين نور وارتجفت
بين يديه كعصفور صغير حديث الولادة .. سقط عشه في أرض الغابة فارتعد خشية أن
يفترسه آحد الحيوانات .. أما ليتوك الممدد أرضاً بلا حول ولا قوة .. مُقيد بسلسلةٍ
فولاذية يستحيل التخلص منها .. مكتومةٌ صرخاته بأقمشه تآبى أن يجهر بصوته لم يجد
أمامه غير تحريك جسده كالدودة في محاولةٍ فاشلة للتحرر ..
يصرخ بتكتم من أسفل الأقمشه .. ويأن أنيناً
مكتوماً .. ضحك دونغهي بسعادةٍ لا مثيل لها .. بينما كيوهيون الجالس يُعالج حراجه
بالمطهرات والأقطان يتابع العرض بحماس .. مزق دونغهي أكمام قميصها .. فصرخت بضعفٍ
وقلة حيلة .. صفعها بقوة لتسقط أرضاً .. ثم قام بخلع سترته وألقاها بعيداً .. حرر
أزرار قميصه وألقاه هو الآخر .. ثم هبط لمستواها أرضاً وهى مُنكمشة على نفسها تحضن
جسها بذراعيها شاخصٌ بصرها وترتعد فرئصها .. كقطة تموء بضعفٍ عل آحداً ينقذها من
تحرش الكلاب بها ..
وضع يده على قميصها وجذبها
إليه نظر لعينيها بحدة وكأنه يقول لها استعدي فأنا مغتصبك .. إنه دونغهي الذي
تعشقه مروة كيف حدث هذا ؟! .. كانت صدمتها لا توصف عندما قام باختطافها حتى أنها
كذبت عينيها ولكن هما بالفعل صادقتان .. لكن ليتوك لم يصدم فهو لم يُمنح فرصة لمثل
تلك الصدمات التافهة ...بحركةٍ فجائية مزق قميصها
بالكامل .. ليظهر من أسفله جسد أنثى يدفع أي رجل للجنون ..
مط ليتوك جسده وهو يأن
بقوة ويغرس أصابعه في التراب غير مستطيع لتحمل هذا المشهد القاسي أمام عينيه .. كم
هو قاتل أن يقوم باستباحة جسدها أمام ناظري زوجها العاجز حتى عن الصراخ !!
صرخت هى .. صرخت بطريقةٍ
هسترية حتى تجرحت حنجرتها .. أعمض عينيه كثملٍ بمجرد رؤية مفاتنها .. اقترب محاولاً
تقبيلها فعضت شفتيه حتى كادت أن تخترقهما بأسنانها .. وهى تحاول التملص من بين
يديه وهى تبكي بهستيرية دموع كالشلالات لا تتوقف ولا يتثنى لها أن تتوقف .. غرس
أظافره في عنقها فابتعدت عنه .. صفعها بعنفٍ حتى كادت تفقد وعيها .. أخذت تجرح
جسده وعنقه ووجهه بأظافرها لتُبعده عنها .. فربط يديها ببعضهما بقماش قميصها المُمزق
.. وكتم صرخاتها تماماً كزوجها الذي يتلوى من الآلم .. وفاجعة ما يحدث لها .. ثم
آتم اغتصابها بمنتهى العنف والوحشية اللا إنسانية أمام عيناي زوجها العاجز ..
الذي يلعن دونغهي وكيوهيون
.. يلعن القدر والأيام .. يلعن تلك السلسلة التي أعجزته عن انتشال هذا الجسد
الطاهر من بين براثن ذلك المغتصب .. التي أعجزته عن حماية من تُعد روحه وجزءاً لا
يتجزء منه .. لطالما كانا كياناً واحداً .. والآن تم استباحة هذا الكيان بإثمٍ لن
يمحي أثره دهورٌ متعاقبة ..بكى ! بكى بحرقة ألهبت
روحه .. وأوقدت بداخله براكين متأججة بغضبٍ يشبه غضب طوفان جيش جرار مشمر لمعركة
دامية .. بل ملحمةٍ لا مثيل لها على وجه الأرض .. حقدٌ اشتعل ووصل لظاه عنان
السماء .. انتقام تخفى بصورة رياحٌ عاتية تطبع على جبينه قبلة الموت الدامي ..
انتشل أغلى ما تملك ..
جردها من طهارةٍ لم تتلوث يوماً بدناءة .. ترك على عنقها خدوشاً .. وذراعيها كدمات
.. وصدرها أثار أسنان .. حتى وإن تم محي تلك الأثار بتعاقب الأيام .. فلن تُمحى
جراحٌ كُتبت على جبين الدهر عنوان .. حتى وإن ابتسمت الحياة ملء شدقيها لتلك
الضعيفة الغارقة في دماء نكبتها .. فلن تكون ابتسامتها تلك مُرضية مهما بلغت من اتساع
..
نهض وأساريره مُستهلة ..
نظر لها بنصرٍ وابتسامةٌ تشمئز لها أبلد الأبدان .. لعق الدماء المستقرة على شفتيه
بحقارة يتعفف منها أبشع الحيوانات .. اقترب من هذا الليث الذي يسكن بهدوء هرة ..
وبداخله يمتلأ بالفراغ .. ويصرخ باللا صياح .. يتحدث قلبه بكل لغات الآلم .. وتبكي
عيناه دماء قرمزية .. كوشمٍ ناري يحرق وجنتين اشتعلتا بخيطين كما البارود ..
أمسك بشعره جعله ينظر له
عن قربٍ .. وهو يبتسم بسعادةٍ لا تعرف حدود الطبيعة .. أنفاسه القذرة المختلطة
بعبقها الطاهر جعلت ليتوك يتمنى الموت عدد العناصر المكونة لنقطةٍ واحدة من مياه
المحيط مضروبةٌ في كل نقطة ماء على وجه الخليقة .. ردد بصدى يدوى بداخله كطلقات
متتالية فقط يواجهها قلبه الضعيف بمفرده : بصراحة جسمها كرباج
لمعت عينا ليتوك ببريقٍ
غريب .. وصلت درجة حرارة دماءه إلى ما بعد مرحلة الغليان بوحدة قياس كالسنين
الضوئية .. دبت القوة في عروقه فمد يده لتستقر على عنق دونغهي .. ليسلبه أنفاسه
القذرة .. ويقدمها ترياق لتلك العصفورة الملقاه أرضاً لربما اندمل جرحٌ واحد من
تلك الجروح التي لا تستطيع الأرقام مهما حاولت أن تُحصيها ..
أكمل دونغهي ضحكه ثم ضربه
بعنفٍ عدة ضربات متتالية لتخور قواه مجدداً .. حينها نزع القماش من على فمه : فين
الورق والادلة اللي جمعتها ؟!
انهال عليه ليتوك بالسب
والشتم والتوعد .. كان يصرخ بصوت هز أركان الكرة الأرضية وصدح في المجرة بأكملها
.. وهو يتوعده بانتقام يشيبُ له شعر الرأس ..
- شكلك معجبكش العرض الاول ,
وعايز تستمتع بالعرض التاني, ( خفف من حدة صوته ليشبه في طبقته صوت فحيح الأفعى )
العرض التاني والأخير
أمسك بشعر نور وأجبرها على
الوقوف بصعوبةٍ فهي بالفعل لا تقوى على حمل نفسها .. التقت عيناها بعيني ليتوك .. اخترقته
نظراتها .. كم كانت نظراتٌ ضعيفة وبائسة .. نظراتٌ تستنجد .. نظراتٌ لم تعاتب ولم
تلُم .. فقط نظراتٌ تبكي آلم الفراق الذي يلوح شبحه من بعيد ..
نظراتٌ تحاول أن ترتوي من
رؤية من عشقت حد الجنون .. نظراتٌ من عينين بكت أياماً وليالي من مشهد يشبه هذا ..
نظراتٌ تنذر بالرحيل الآبدي .. نظراتٌ بها فاجعة .. فاجعة الرحيل التي لا تكف عن
الظهور بأشباح الحزن والآلم والفقد .. فاجعة الرحيل التي تعصف بالقلوب وتلقيها على
قارعة الطريق .. أسفل المطر في وسط الرياح التي تُزيل الملامح .. وتختم على القلوب
طابعاً من نوعٍ فريد ومؤلم يدعى الرحيل .. كُنيته الفراق الآبدي .. نظراتٌ أوقفت
نبض قلبه ليصبح جثة على قيد الحياة ...
أخرج دونغهي سكينته ذات
الشفرة الحادة .. حركها أمام وجه ليتوك .. وانعكاس جسدها الذي يعتصره بين أضلاعه
جليٌ عليها .. تنفس بعمقٍ في استعدادٍ لبدء المشهد الثاني .. المشهد الأقسى بين
جميع المشاهد في العالم .. الحقيقي منها أو الخيالي .. في ترقبٍ وأنفاس تتلاشى
وتتبعثر في الفراغ .. صدر دوي صياحها ليمتد كيدٍ غليظة تخنق عُنق ليتوك الذي نفذت
قواه على تحمل هذا الاختبار الذي لا تصفه واصفة وتكفي بشاعته ..
جفت دموعه .. لم يعد لديه دموع لتتدفق .. اختنقت
صرخاته فحتى بعد نزع القماش عن فمه .. تمت سرقة صرخاته منه .. ليس هناك أي رد فعلٍ
يكفي ما يحدث لها الآن .. فها هى السكين تُداعب جسدها بوحشية .. تمزقها .. حقاً
تصدر صوت تمزيق جلدها ثم ما بعد الجلد .. ثم تخبطها بالعظام .. بدء بتمزيق ذراعها
.. شفرة السكين تحركت عمودياً على ذراعها الذي غطته الدماء في وقت لم يكتشف مدى
سرعته بعد, انتقلت من ذراعها لوجنتها, صدرها, قدميها .. مرر الشفرة في كل أنحاء
جسدها .. لم يترك بجسدها حجم عقلة لم تتمزق .. أي صراخٍ يمكن أن يصف ألم فتاة
ضعيفة وهزيلة يتم تشريح جسدها وهى حية تُرزق ..
كانت الصدمة هى مانعته عن
الاعتراف لهم بما يريدونه .. وكان الآلم هو الذي أعجزها عن البكاء أو الصراخ ..
فلا هذا يكفي ولا ذاك يمنع !
صرخ به دونغهي ليوقظه من
غفلته : ايه للدرجة دي يهمك اوي الورق والادلة التافهة , ومش
هامك السنيورة اللي بتتقطع حتت قدامك ؟؟
كان صوته المُنقذ الذي
أفاقه من ثمالته .. ثمالة لا تعرف حدود الطبيعة .. ثمالة لا تمت للكحول بصلة ..
ثمالة لم ولن يُجربها آحدٌ غير ليتوك .. ثمالة أغرقته في مستنقعٍ من الطين ..
والآن أفاق على صوت دونغهي الذي كان بمثابة شرب لترات من القهوة التي أعادته
للحياة بعنف .. أعادته لواقعٍ مازال قائماً .. واقعٍ مازال شاهداً عليه بأم عينه
.. صرخ بكل ما تبقى لديه من طاقة : مكتب ريووك ف ( ..... ) كل الورق والادلة واي
حاجة ليها علاقة بكيم او شغله كبيرة او صغيرة ف المكتب ده
ركض كيوهيون مع مجموعة من
الحراس ووجهتهم هى العنوان الذي أخبرهم به ليتوك .. أما دونغهي فاقترب منه ومازال
ممسك بجسد نور الذي اختفت معالمة من أثر الدماء .. وكان جلياً أنها تلفظ أنفاسها
الأخيرة ..
- مد ايدك خدها
بكى ليتوك مجدداً .. مد
يده المرتعدة والملطخة بالدماء ليلتقطها من دونغهي الذي يبتعد كلما قاربت يد ليتوك
على الإمساك بها .. وإذا بنور تُمد يدها هي الآخرى بضعفٍ يبكي الحجر الأصم ..
ويدها غير ظاهرة من الدماء التي تتساقط أرضاً مكونةً بقعة دماء كبيرة .. تلامست
أطراف أصابعهما .. وأخيراً سيخبأ جسدها بداخله .. وأخيراً سترد إليه روحه ..
وأخيراً ستسكن بأحضانه بعد هجرٍ طويل .. انفرجت أساريره بضعفٍ .. حاولت الابتسامة
أن ترتسم على شفتها الجافة واليبسة .. كادت أصابعهما أن تتعانق .. علت الابتسامة
ضواحك ليتوك .. تقوست عينا نور في محاولةٍ للابتسام بأمل واهي كان كالعطر يُحاول
التسلل بداخل كليهما .. فإذا بقسوة القدر ودناءة البشر يتحول لرماد تزروه الرياح !
ابتعد دونغهي وهو ممسك
بجسدها .. ابتسم تلك الإبتسامة التي لن تُمحى من ذاكرة ليتوك إلى أن يلفظ أنفاسه
الأخيرة ولو بعد ألف عام .. حرك شفره السكين على عنقها .. قام بشق رقبتها .. أقدم
على ذبحها .. ذبحها بسكين الغدر والخيانة .. سلبها آخر أنفاسها .. وقتل بداخلها روحاً
طفلة في شهورها الأولى .. مزق عُنقها .. أزال اسمها من دفاتر الأحياء وأرسلها إلى
السماء هي والروح النقية بداخلها .. مزق رحمها قبل أن تُعلن صرخة الولادة .. اتفق
مع القدر على القيام بتلك المسرحية المآساوية .. أنهى كل شيء ومن ثم ألقى بجسدها
أرضاً ..
- ده عقاب اللي يوقف على حافة جهنم
شغل القنبلة الموقوتة ..
وغادر المصنع .. ربما كان الزمن وعقاربه يتحركان بالنسبة لدونغهي بطريقةٍ طبيعية
للغاية .. لكن بالنسبة لتلك الجثة الموضوعة على قيد الحياة ( ليتوك ) .. عاد الكون
إلى لحظة ما قبل الانفجار العظيم .. حيثُ انعدام الوزن والكتلة والزمن والحركة ..
عالمٌ لا يصل العقل مهما حاول لحدوده وليس اختراقه!
عالم مهما حاولنا تخيله
نفشل وبجدارة .. ولكن الآن عرف ليتوك كيف يعيش بهذا العالم وليس مجرد التخيل .. هل
رحلت ؟ أحقا تم إرسالها للسماء ؟ إذا ناديتها وصرخت باسمها .. تُرى هل ستجيب ؟ إذا
توسلت وترجيت .. تأسفت وأقسمت عليها بكل شيء أن تجيبني .. ستجيب ؟ أريد أن أصرخ
حتى أقضي نحبي .. إلى أن يواري التراب سوئتي .. أريد أن يعود الزمان وأكون أنا
بدلاً عنها .. أريد أن أتذوق أنا هذا العذاب الذي لا يتحمله البشر .. فكيف بعصفورةٍ
رقيقةٍ مثلها .. تُرى كيف تحملته .. كيف عانت ؟ بماذا شعرت ؟ هل شعوري أنا الآن
يعد جزءاً بسيطاً من شعورها أم أنه لا شيء مقارنة بويلات ما لاقت .. لمَ السجين
معذب والجلاد حر ؟ لمَ قُتلت بتلك الوحشية .. لمَ أستبيحت وأستبيح جسدها ؟ لمَ
تمزق جسدها بجنون اللا بشرية .. لمَ ذُبحت وتم إلقاء جسدها بتلك الطريقة ؟ لمَ لا
تنفجر هذه القنبلة الآن وتخلصني أنا الآخر ؟
هذا ما كان يدور بداخل
ليتوك الذي يحاول جاهداً مط جسده بكل الطرق وشتى الوسائل ليصل إلى جسدها ويعانقها
قبل أن تحتضن التربة جسدها المُمزق بسكين الغدر .. يود أن يُقبلها بجنون قبل
الرحيل .. أن يشتم عبقها حتى يلتصق به فلا يفارقه .. يودُ أن يتمسك بها بقوة ويصرخ
طالباً العفو والسماح .. يتأسف على قسوته .. على ظلمه .. على جفاءه .. على ضربه
لها .. على هجره الطويل ..
اشتاق للمسة يديها ..
لنعومة شفتيها .. لعناقٍ دافيء منها يطفأ لهيباً مشتعل منذ فترةٍ طويلة .. ثلاثُ
ثوانٍ فقط يريدهما من الدنيا ولتفعل به ما تشاء بعد ذلك .. ثانيةٌ يرى ابتسامتها
وهى تقول له ساحمتك .. ثانيةٌ يُعانقها وهي تقول له أنت حياتي .. ثانيةٌ يقبلها
وهى تهمس له أحبك ..
ولكن أياً من هذا لن يحدث ..
وصلت أطراف أصابعه لها, فقط ظفرٌ واحد ويستطيع
لمس جسدها .. حاول .. حاول جاهداً بكل طاقته أن يصل لها .. ظفرٌ واحد فقط !
السلسلة قيدته .. أعجزته .. جعلته بحقٍ عاجز .. وعندما نشعر بالعجز فلتسقط جميع
المشاعر الآخرى .. أُنهكت قواه وهو مُمدد على الأرض ووجهه مدفون في التراب .. لقد
تقطعت جميع السبل والوسائل التي تمكنه من الوصول لها .. وبمنتهى القسوة التي تُصر
عليها الحياة للنهاية .. جعلت ما يفصلهما مسافة ظفر !!!! صرخ بشعور أقسم أني حاولت
بكل طاقتي .. حاولت أن أصفه لكم أعزائي ولكني أنا الآخرى فشلت .. فلم آجد أنسب من
تعبير .. الموت الأقسي رحيل آحدنا للسماء وبقاء الآخر حيًا ميتًا على الأرض ..
ليوصل لكم شعورٌ لامس شغاف قلبي واستنزف روحي ..
مُزق قلبه بنصال الفقدان
.. وتُيم بدموع الحسرة ..
الجحيم حيثُ
هذا المكان وهذان الجسدان وتلك القُنبلة التي تتكتك مُعلنةٌ عن قرب النهاية ..
وشعور العجز الذي دفع ليتوك ليضرب رأسه بالأرض بمنتهى الوحشية حتى فقد وعيه تماماً
.. ومع هول المشهد انحبست الأنفاس عندما دوى صوت انفجار القنبلة معلناً بالدماء أن
مراسم الرحيل قد انتهت ومراسم الفقد على وشك أن تبدأ .. انتهى الرحيل .. أما الفقدان
فهو قائمٌ كعروسٍ لم يُكتب لها أن تشيخ يوماً !!..
ـ
*.* ـ *.* ـ *.* ـ*.* ـ
مقطتفات من
الفصل القادم :
ـ بمنتهى البساطة الي ف الدنيا عشان انت بتحبني
ـ لا لا , انا الدكتور بتاعها والمسؤل الوحيد عنها عشان اهلها
ماتوا في حادثة عربية , ومن وقتها وهي حالتها صعبة زي ما انت شايف ف الاستاذ
ابن صاحب والدها وقرر يتحمل مسؤليتها
ـ بعد كل ده ولسه بتحبيه يا مروة
ـ اغتصبها ولا
اقطعلك جسمها حتت ولا ادبحها ولا التلاتة؟
لا تعليق .....!!!!!!
ردحذفابداع !! ما اكدر اشوف و الله من دموعي بيانيه .