الأحد، 10 سبتمبر 2017

|صِرَّاعُ الجَحِيم ـــ Part 5|

صِرَّاعُ الجَحِيم

Part 5

By :Sara and Sara




قطبت جبينها سول وهي تحدق بنفسها في المرآة :
-  ستصبح كارثة.. أحضري لي فستانا مناسبا يونغ هوا
توقفت يديها عن عملها وسرحت في إنعكاسها مستغربة طلبها .
.
مملكة الشمال قد قلبت رأسًا على عقب بالفعل , فالوصيفة المتكفلة بخدمة وراحة الملكة جي يون ؛هي تابعة لتلك المملكة مسبقا وخادمة وفية, كانت قد بعثت مرسالا فوري للملك والد جي يون تخبره بما حصل .. وكما توقع تماما حين رحل بأن إبنته قد نالت جزاءها القاسي منه , لذا لم يتوانَ في ارسال رسالة الى الملك كيو يخبره فيها بأن الامور ستصبح عصيبة بينهم وسيخبر الجميع بما يفعله بملكته.. رسالة من شأنها أن تجعل سخط كيو يحل عليهم ويهد مملكتهم فوق رؤوسهم, إذ ان كو هو الملك الاول وكل الممالك تحت جناحه.

مر البعض من الوقت , كان وقت الظهيرة قد حان وتوسطت الشمس كبد السماء.. نهض من اجتماع هام.. طرقع رقبته وحين لف بإتجاه العرش نادى كيفن وهو يصعد الدرجات بصوت حازم , صدم كيفن من أمره ثم أومأ بإحترام وانطلق لينفذ بسرعة.
.
كانتا يونغ هوا وسول منهمكتان في الحديث عن هذا وذاك ,منشغلة في الاجابة عن اسئلة سول حول القصر والعائلة المالكة, كانت إجاباتها مقتضبة خشية ان يعلم الملك ويغضب .. فجأة قاطع حديثهن طرقٌ سريع للباب فألتفتا معا ينظرن له , أجابته يونغ هوا مستغربة:

-  من هناك؟

انحنى كيفن في الخارج بخفة :
-  الملك يطلب من السيدة سول أن تتجهز بعد دقائق .. من اجل العشاء.

لفت بصدمة مهولة تحدق بيونغ هوا :
-  ياللهي!!.. هل حقا سأخرج!, هل هو جاد!

نزلت من طرف السرير تتحرك في الغرفة بتوتر .. بينما يونغ هوا تحملق بها بإستغراب لايوصف :
-  م مالذي يجري هنا!.. انا لم أعد افهم أي شئ .

حملقت بها سول لبرهة ثم عادت لتوترتها, قطبت جبينها للسر هي الذي يكمن وراء هوية سول هذه , لكن سرعان ما ابتسمت بحبٍ من اجلها.. وقفت من فورها وانتقلت للخزانة ثم فتحت واحدا مقفلا وشدت فستانا انيقا للغاية منه ,جعل سول تفغر فمها على اتساعه :
- واااه..ما أجمله!

حملقت بها يونغ هوا بتحدٍ :
- عليكِ أن تكوني الاجمل.

إبتسمت سول بحب رغم توترها الفظيع وشرعت بإرتداءه فورا ويونغ هوا تساعدها.. ثم قامت بأمر مسؤولة تجميل أدخلتها الغرفة على الفور من قامت برفع شعرها وبعض المساحيق لتغدو عروس زمانها.. وقفت يونغ هوا نفسها مذهولة خلفها تحدق في المرآة ثم تنهدت بحب وهي تسند يديها لكتفها خلف التسريحة :
-  انتِ ملكةٌ بحق.

صدمت سول من كلمتها ثم تمعنت النظر في تعابيرها في المرآة وكلماته يوم أمس ترن في أذنيها:

"أنتِ اجمل من رأت عيناي..انتِ الوحيدة التي أحب.. أنتِ هي زوجتي "

تنهدت بقلق وتوتر رهيب وهي تغرس اظافرها في كف يدها الاخرى بقوة ولم تنتبه أنها زرعتهم بأثار قوية.
.
حالما جلس خلف الكرسي الفخم الذي يترأس قاعة الطعام, غصة في قلبه ألمته كأنه احس بها قد آلمت نفسها فأشتدت نظراته حدة ,حملق بالخادم وصرخ فورا :
- نادها في الحال.

ارتجف الخادم من منظره وجرى سريعا الى جناحه.. طرقات قوية وصلتها مجددا ثم اعلن الخادم بعدهم فورا :
- أسرعي سيدتي الملك سيفقد صبره.

 هي أكثر من بات يعني ماذا تعني هذه الجملة! .. بلت ريقها من فورها ووقفت حالا قدمها ثبتت مكانها تأهب نفسها بكل ثقة لتكمل طريقها بأتجاه الباب وهي تحدق به.. شعرت يونغ هوا وهي تراقبها بجوارها , لذا ربتت على كتفها بحب :
- كوني قوية هيا!

 حملقت بها الى يسارها بحب وهي تتمالك وتخفي ارتجافا غريبا :
 - اوه إطمئني.

فتحت الباب لها يونغ هوا .. خرجت سول تمشي منتصبة الظهر تحمل فستانها بفخامة ,تتابع الخادم ويونغ هوا على يمينها , يمكنها ملاحظة إنذهال المارين في الممرات وهي تقطعهم فقد باتت مشهورة في أيام معدودة "الفتاة التي احتفظ بها الملك في جناحه" .. بالنظر لها الان , هم يعذرونه لشدة فتنتها وجمالها .. بالكاد سيطرت لتخفي إبتسامتها خجلا وتضرجت وجنتيها بالحمرة.

مثلما كان قد أعطى امرا لسول بالمجئ .. كان قد بعث امرا مشابها لوصيفة الملكة لذا دخلت عليها واغلقت الباب خلفها .. هي لديها معرفة مُسبقة لما ستجده.. فور دخولها صُدمت برؤتها ودخلت بسرعة  ,جرت نحوها وهي مسجاة ارضا والسجادة مضرجة بالحمرة من فيض دماءها.. بكت وهي تضمها لها وتحاول حضها على الاستيقاظ ثم حملتها لتحضى بحمام ساخن لغسل تلك الدماء عنها ومنحها بعض الراحة .. أفاقت وهي وسط المياه بينما وصيفتها الخاصة منهمكة في غسل الدماء عنها وعن شعرها ايضا.. لذا شهقت فجأة اتسعت عينيها مذعورة وكادت أن تقع في المياه إذ  تذكرته فورا ,ملامحه ,غضبه وألمها فتمسكت بها خادمتها فورا دامعة :

-  أهدأي أهدأي مولاتي, انتِ بخير الان!

هل حقا هي كذلك!!بل لقد اختفى كل الخير مذ خطت سول هنا!

.....

إنتهى كيفن بفتح بوابة ضخمة واسعة غاية في الجمال والاناقة من زخارف القرن ذلك وهو ينحني لسول كي تدخل.

سول من انشدهت عينيها برؤية بكل شئ تحملق بهم بدهشة من السقف وماحولها ثم الارضية.. انتبهت ليونغ هوا تنحني عند الباب بإبتسامة فتوقفت سول قلقة لترد هي عليها :

- إنتبهي لنفسك .. اعلنت قبل أن يغلق الباب وتنتهي لوحدها هنا.
صوته الرخيم جاءها من الخلف, كان متابعا لها كطفلة صغيرة تماما كما كانت ورأت المكان اول مرة :
- سول!

توقف قلبها هنيهات يعيد صوته الرخيم لها من ليلة أمس ,بلت ريقها ثم استدارت لتلتحم عينيهما مجددا ,انحنت فورا وهي ترفع فستانها بأناقة
- مرحبا مولاي!

هو سارح في كل تفاصيلها وفتنتها الان.. تلك هي ملكته التي كان يجب ان تتوج له منذ زمن .. جمالها يسرق انفاسه لها  ,هل له بقبلة طويلة ليعاقبها بالمثل ويخفي انفاسها! .. رفعت عينها فوجدته بنفس تركيزه حتى ظنت انه لم يطرف حتى! , نظرته الحادة وترت قلبها
- تعالِ الى هنا.. أعلن بهدوء .

اول خطوة منها والان فقط انتبهت للماثلة بجواره, كانت الملكة نفسها! .. شهقت لمَ هي هنا! لمَ يضعها بمواقف غريبة! .. ضيقت حدقة عينيها وهي تراها وشعرها يغطي نصف وجهها وهي تخفيه..فبلعت ريقها متخيلة شكلها من ضربه يوم أمس.

إقتربت بهدوء رغم ارتجاف قدميها ثم حين باتت بقربه إنحنت بخفة مجددا قبل ان تتقعد الكرسي الذي على يمينه أي مقابلا للملكة تماما.. واستمرت سول تحدق بها بهدوء تام.

كانت قد بدت كجلسة تحقيق غريبة .. حدق كيو بها بنظرات غريبة مليئة بالسخف والنصر ايضا :
- أظن بأنكِ تعرفتها منذ اول يوم رأيتها في غرفتي! .. كلم جي اون بهدوء

بدأت انفاسها تزداد ,حدقت بسول فورا بحدة ,وعضت شفتها بقوة ثم نظرت جانبا..صُدمت سول فورا ووزعت نظراتها بينهما :

- ت تعرفني مولاي!..من اين لها ان تعرفني ؟؟ماذا تعرفين؟ .. وجهت كلامها لها الان لشدة انفعالها.

- اريدها ان تقول لكِ بنفسها .. أعلن لها كيو ثم حدق بجي أون مجددا بحنق
فزفرت بقوة واكتفت بالنظر لحجرها بغضب شديد.. ليس هو بذو الصبر الطويل, لوى شفته بحدة .. صرخة ألمها ارعبت سول فجأة ورنت في القاعة ..إذ باتت ذراعها للاعلى ,التوت بقوة بين يده لفوق كان سيكسرها ..شدت سول على فستانها تحت الطاولة بتوتر رهيب

ادمعت عينا جي يون للذل الذي يستمر بوضعها فيه أمام عينها مرارا وتكرارا ,توسلت برجاء بسرعة :
-  حسنا حسنا سأخبرها أقسم .. جُنت لا تريد ألام جديدة.

ترك يدها بسخف :
- تكلمي.

تكاد عينا سول تخرجان بكل تركيز تحملقان بها كمن ينتظر خبر أعلان حريته من مقصلة إعدام , تقدمت لتلتصق بطرف الطاولة كثيرا .. اخفضت جي يون  نظرها الحاد للطاولة وتكلمت بخفوت مجبرة :
-  س سول.. إبنة عمتي.

شهقت سول التصق ظهرها بالكرسي تحملق بكيو بصدمة, بينما ابتسم هو بخبث وبحدة أمرها :
- اكمــلي.

اغمضت عينيها وأنهارت فجاة كل دفاعتها ,فجرت حقد السنين الدفين في قلبها..حملقت بسول بحدة دموعها نزفت وصوتها المحشرج بالدموع ارتفع :
- لقد احببت أميري كيو كثيرا ..لماذا اختارك عليَّ انا! لـــمَ!

صرخت تهز رأسها باكية .. شد يدها بقوة فورا تأوهت من الالم , كتم صراخها تماما وهي تتلوى تحت يده.. وسول ثابتة كقطعة جماد شأنها واي شئ هنا.. صدمات ينهلن فوق بعضهن , هي تُجلد لجرائم لاتعرفها , حملقت به بكل نظرها التائه ذلك وعينيها مترقرقة بالدموع :
- هل هذا يعني أنني أمـ .. أميرة  ايضا!!.

حدق بسول بهدوء ابتسم للجنب ..ترك الشرح لسول الان ليكمل دس الموت لملكته الاولى في كأس عفن :
-  انظري لي! هي الان حامل .

ابتسم بشر مقيت مدققا في تعابيرها , شهقت جي يون ورفعت نظرها تحملق بسول بصدمة مهولة ..أغلى ماتمنته وبكت لأجله ليالٍ ها هو يهديه لها.. وكذلك صدمة سول ليست أقل منها إذ حدقت به بذهول ,بلعت ريقها اذ خشيت حتى الاستنكار ..وأكتفت بأغماض عينيها بقوة تحاول كتم منابع الدموع من النحيب الان.

تمتع بمنظره الملكة المنشده تماما ودموعها التي تجري بلاوعي وقلبها الذي تمزق الان أشلاء, أخفض نظره يبتسم للجانب بشر عنيف .. هو شيطان في انتقامه لايعرف الرحمة ثوانٍ عدة :

-  سأجعلك تدفعين ثمن مافعلتهِ بها وبي غاليا جي يون (رفعت عينها تحدق به بحدة رهيبة فأكمل ليقتل تلك النظرة مجددا) زفافنا سيكون موعده الاسبوع القادم  وستكونين وصيفتها وحسب, سأعدل التأريخ مجددا واكتبه بنفسي .

اتسعت عينيهما برعب مجددا واختفت أنفاس جي يون فقد تناست أن عليها ان تعيش لتكمل رؤية دمارها , هزت رأسها ببطء مستنكرة كل مايفعله .. بينما حدقت به سول بصدمة ورعب لاتفهم أي تعبير هو الاصح لها لتبديه,  قرارتهُ السريعة هذه وماضيها الذي طُرح بدون هوامش ولامقدمات كسُم مركز.. تحدق بكيو بجنون وقتها ألتف وابتسم للجنب محدقا بعينيها المشتعلة.. فسالت دموعها لم يعد لها طاقة للصمود صلدة امام أي احد.

اغمض متنهدا ,حدق بجي يون مجددا بحدة وحزم :
- والدكِ قادم, تعرفين ماعليكِ فعله كما اتفقنا ليلة أمس صحيح!

يذكرها بعقابهِ لترتد هادئة, هزت رأسها بالإيماء وحسب وعينيها شاردة في الفراغ.. لم تعي حتى مالذي أجابته به ولا وقت للرد عليه , إنها تهوي عميقا في ظلمة ليس لها قرار.

حين لف ورآى سول دموعها تجري مطرقة الرأس.. احتدت نظرته بقوة نهض بحدة فورا وزمجر بها  :
-  انهضي هيا

حملقت به لأعلى بصدمة ودموعها تجري.. جلعته يعض شفته بقوة وصرخ مكررا :
- قلت انهضي.

شدها من يدها بقوة ,جرها من مقعدها على الفور لتلحقه ,دموعها تنزف في قلبه فمبال ببائسة مثل جي يون ان تراهم! لذا تحرك بها سريعا , سريعا من امام ناظري أي احد بدل ان يقتلع عيونهم .. تداركت هي نفسها لترفع فستانها قليلا عن الارض بيدها الاخرى وهي تلحقه بالكاد تتماسك كي لاتتعثر.. قطع ممرين وكل من فيهما هم بالإنحناء فورا لهما .. نظراتها المشدوهة لهم بدموع ساخنة تساءلت هل حتى هذه الانحناءات لها ايضا لأنها ... اميرة!! وهذا بالفعل قصرها!!مُلكها!!
.

خرج من الممر للحديقة واكمل بمسافة بعيدة ليختفي بها قرب بوابة خضراء من الاشجاء اطار دائري بوابة للتعمق في حديقة زهور منعزلة عن المروج الخضراء هذه.. في الثانية التي توقف بها كان قد لفها بقوة ليلطمها بصدره بقوة واخفاءها تحت ذراعه ثم لف الثانية حولها ليحتضنها بقوة يصرعلى اسنانه بحدة :
- لمَ تبكيـــن الان! ..  صرخ.

شهقت وكأنه اعطاها الاذن لترفع صوت نحيبها فأنهارت باكية بقوة ,صوتها مزق قلبه ..تجرأت لضرب صدره بخفة .. هو حاد في كل تصرفاته حتى في طرح كل الماضي عليها , طرحه دفعة واحدة دون أي سوابق او تلمحيات دون تخفيف الحكم قبل الاصدار به..لم يجبها تركها تكمل دموعها حتى هدأت قليلا ويديها التفت فجأة بقوة شبكتهما خلف خصره بقوة..تأوه واغمض عينيه براحة ..مشهدٌ حلِمَ بها هنا وها هي تلونه له في واقعه.. وجهها مدفون بين ثنايا صدره باكية تطالبه الامان تشد عليه بقوة ..كان منظرهما كلوحة فنية وسط ذلك المنظر الاخضر البديع .

هدأت لتطربه بحاجتها اكثر بصوتها المحشرج :
- ا انا خائفة, ان إني ارتعب من نفسي, م من اكون!

بقي مغمضا يترك لقلبه الخفق كما يشاء ثم زفر بحدة لِحقهما الذي حُرما منه منذ سنين .. مسح على شعرها بحنو يخفف عنها جل ماستعرفه , ذلك الماضي الاسود الذي سيدفع الأبناء ثمنه غاليا بينهم :

-هشش إهدأي (أحتدت نظرته) أخبرتكِ انتِ اساس كل شئ لهذا ستشعرين بالتعقيد.. لاعليكِ كل هذا سيخفف مع الوقت أنا بجواركِ سأحميكِ مهما حصل.

رفعت رأسها دامعة من صدره لتحلق في مفاتنه بشغف :

- أ اعرف بأنك ستحميني أنني واثقة بك(رسمت شبح ابتسامة على محياه رغم اختناقه) لكنني ماعدتُ اعرف من اكون.. وابي ليس بملك!..كيف عشتُ بين العامة!..لم؟!

أمسك يدها بحب احتواءها وانطلق يسير بخفة يجعلها تتبعه يتوه بين طرق تلك الحديقة الواسعة المتشعبة كقطعة من الجنة, بينما احتدت عينيه كمن بدأ الغوص عميقا في كتاب جحيم اسود بكل دهاليزه.

: والدكِ أمير سكتلندا تمرد على أبيه ,كان يرى حكم جدكِ ظالم جدا؛ لذا تمرد وترك كل المملكة....
.
1505م

لف ذلك الملك العظيم بكل خلقه وعدالته وركب فرسه وزمجر بها , صهلت وأنطلقت به سريعا , أنطلق بخفة محارب  ليخرج مرة وإلى الابد مغادرا ذلك القصر والحكم الظالم كله.. بينما والده الملك الأب يراقب ,يحدق به بغضب وحنق شديد من نافذته العلوية وزوجته بجوارهِ تبكي إبنها الراحل بسبب تعسف أبيه في الحكم وفيه أيضا.. تجاوز المروج الخضراء ليغادر القصر سريعا والقهر يفتت قلبه كلما حاول تصحيح أخطاء والده كلما حاربه أكثر , فظن أنه سيهدده برحيله لكنه مالبث ان طرده فعلا ليتخلص منه.. خطواتها السريعة بفستانها الفخم وأناقتها وهي تلحقه ولصدرها تضم رضيعتها الصغيرة..دموعها الهادرة سكبت كنيران تحرق وجنتيها .. تلك الفاتنة التي علا صوتها مناديا فراق القلب ومالكه :

- مااارك كلااااا! ... إنتحبت بقوة رهيبة تبكي عشيقها وزوجها.
.
أكمل كيو بحذر: أمكُ الأميرة هي عمتي (لف يحدق بها بحب عينيها اتسعت بصدمة لاتوصف وهو يشعر برجفة يدها) كانت متيمة به كثيرا .. لذا قامت باللحاق به والبحث عنه وانتِ لازلتي تملكين من العمر بضعة أشهر وحسب.

بنفس الليلة

"أركبتها الخادمة سرا حصانا ابيضا ثم ناولتها لفافة بيضاء ربطت طرفا لكتفها والاخر حول خصرها ..تضم سول لقلبها بقوة لتلتحم معها طيلة الطريق..حملقت بها الخادمة بحزن, بينما تبسمت الأميرة ليليان بألم ممزوج بإمتنان :
- شكرا لكِ كثيرا, الوداع ..

 انهالت دموع الوصيفة خاصتها بينما تحولت نظرة ليليان لجدية كبيرة, الحب ينادي وها هي تشد رحالها.. حركت لجام الحصان بقوة وراح يهرول بها سريعا في الظلمة الأخيرة التي تسبق نور الفجر القادم, راحت توحد خطواتها بخطواته راحلة

اعتصرت سول يده بقوة أكبر متلعثمة :
- و وهل وجدته؟

تنهد مبتسما ثم لف ليقابلها ماسحا على خدها بهدوء, سارحا فيها ثم عينيها :
- كانت تشبهك..تشبهكِ كثيرا جدا (ابتسم بلطف) كانت المفضلة لدي هنا والمقربة ايضا (تنهد ليفيق من سرحانه) لقد وجدته بالفعل ..لكنه لم يستطع ملازمتها طويلا وسرقه الموت من بين يديها ليتركها الغريبة السوداء حتى تزوجت الطبيب الملكي كيم .. سرح بنظره بعيدا.

1508م

"كانت تقف على ناصية قبره مودعة والحزن والوحدة بدءا يقتاتان عليها بشراسة .. دموعها التي لم تهدأ ,بينما بحنو تتمسك بيدٍ ناعمة بيضاء كالقطن تستمد منها القوة لاتهديها , ذات الثلاث سنين تحدق لأعلى بعيون عسلية هائمة بدموع أمها التي تنهمر دون توقف ,جعلته يتسربُ لها إيضا, قلبت شفاهها الوردية المكتنزة وراحت تبكي بهدوء .. فجأة تناولتها من الارض يدين قوية أمدتها بالقوة والحب دوما.. التفت لتجد نفسها بين أحضان معتقة دفئا وحبا, لترى الطبيب يبتسم لها وهي لاتزال تقلب شفتيها ..قبل وجنتها بحب فأرتمت تحتضن رقبته بقوة تخفي وجهها خوفا هروبا من اليتم الجشع الذي سيسلبها براءتها, ليهيدها هو أجمل ابوة حلمت بها إي فتاة.. التف ليجد الأميرة ليليان تحدق به بصدمة.. إذ لم يتركها البتة قد شغفها حبا منذ اول ايام مرض زوجها الملك وحاول الكثير للحفاظ عليه لأجل عينيها ولكن الموت كان قد شد رحال مارك مسبقا وسرقه من بينهم.. لذا يده الان تجرأت لتمتد لأعلى كمن يدعوها لحلبة الرقص ,كمن ينتشلها قبل أن تهوي في ظلمة الحزن بعيدا, فلتراقص الحياة معه .. بلت ريقها بحزن وبرؤية صغيرتها هكذا متمسكة به أشعرتها أن الرقصة هذه مستباحة لأجلها.. انسلت يدها بلطف ليشدها فورا يلطمها بحضنه وراح يحتوي الاثنتين بين ذراعيه .. معلنا للماثل أسمه أمامه أنه قدر المسؤولية التي خَلفها له يومها.
.
أوقفته سول بقوة إذ شدت يده كطفلة صغيرة للاسفل تحملق به بصدمة شرقت قلبها نصفين :

- ماااذذاا؟؟.. ه هل هذا يعني(ابتلعت غصة روحها بقوة) إن ان الطبيب الملكي ليس بوالدي؟!؟؟

راقب تبدل حالها بقلق عض شفته بقوة كبيرة متنهدا :

- كلا.. لقد اعتنى بكِ كثيرا ككنز عمره.. حين اكتشفوا بأن والدك قد توفي, لم تستطع والدتكِ كأميرة تحمل الحياة خارجا.. لذا عرض عليها الزواج فوافقت(إبتسم سارحا ) كان يحبها بشدة (سرح في عيني سول)  ومن لم يكن! .. أحسن معاملتكم كثيرا وهو(تنهد بضيق) هوأشتهر بكونه عقيم لايمكنه الحصول على أطفال(ابتسم لها بلطف) كنتِ إبنته بحق.

ازدادت سرعة تنفسها ,اغرورقت عيناها بالدموع لتفيض ثم أخفضت رأسها هروبا من عينيه :
-  ن نعم لقد فهمت.

ارتفع صوت نشيجها رغما عنها.. إنها تعشقه بجنون ظنت يوما أنه كل ماتملك وبسبب ذاكرتها المنسية كان هو كل ذكرياتها ودليلها في الحياة .. لكنه اخفى الكثير عنها ؛والسبب خطير لتعرفه.. شعرت أنها فقدت أخر ورقة مملوءة في مفكرتها البيضاء ,حتى تلك كانت سراب.. اعتصرت يده بقوة تستمد منها الأمان فأتسعت عينيه حال رؤيتها هكذا.. لهث معلنا بحدة :
- لمَ تبكين!؟..وماذا أكون انا هنا!

اغمضت عينيها بقوة من صراخه ,حضنت خصره فورا بضيق :
- أ أسفة.. لكنني صدمت بكل شئ (ابتسمت بسخف) أنني اكتشف عالمي مجددا وكأني طفلة صغيرة ,انه مؤلم.

زفر بضيق وحدة ومسح على شعرها محدقا في الافق بغضب :

- بعد فترة عادت والدتكِ للقصر,وقتها كان عندكِ 5 سنوات .. أحتضنها بقوة كما حصل تماما حين وصلت مع أمها صورُ لاتمحَ من ذاكرته..

1510م

في مملكة انكلترا , هذا القصر تماما .. عمت الفوضى فجأة ,الجميع يجري بإتجاه النوافذ وأخر بإتجاه البوابة الرئيسية ليصطف الكثيرون في المروج يحدقون بالفارسة الملثمة التي أقبلت وامامها تجلس صغيرتها وتحكم رباطها لها.. توقفت ولفت حصانها سرعان ماثبت قدميه يلقط أنفاسه , دموع ملأت عينيها المشتاقة بسعادة حملقت بالجميع ,وفي الوسط كان الملك بنظرته الحادة يهديها للتي أخترقت قصره بكل صلافة وبجواره زوجته وشابين بجوارهما, وولد وفتاة بجوار أحد الشابين

الفتاة كانت جي يون وهي بعمر 6 سنين بفستانها الملكي تتمسك بيد والدها.. تناقلتا منذ الان جي يون وسول فوق الحصان نظرات مبهمة , تلك العيون العسلية جعلت جي يون تصر اسنانها بحدة وتظهر شراسة في تعابيرها منذ أول ثانية لقاء..

يقولون أن ارواحنا كانت يوما تسبح هائمة في الفضاء حتى يحين وقت ولادتنا لتهب لأجسادنا حياة ومعنى.. منذ كانت هناك هي أختلفت أو التحمت وكانها واحدة.. او اخرى أنقسمت نصفين, نصفين سيكافحان الحياة والقدر ليستمرا باللقاء بعد كل محاولات القدر للتشتت والفراق .

 كما شعره قلبه بنغزة وهو يتلقى تدريبه في السيف خلف القصر في أحدى حلبات التدريب مع معلمه الجنرال الأول للمملكة.. رمى سيفه فورا وانفاسه تتسارع بلاسبب لذا التف فورا و راح يجري متجاهلا غضب معلمه.. يجري سريعا يقطع الممرات ذاك الوسيم ذو الـ 8 سنوات .. كان متأخرا ليستقبل معشوقته .

في الخارج أعلن الحاجب بحدة :
- إيها الملثم عرف عن نفسك حالا للملك!

ابتسمت ليليان تحت اللثام وعينيها لاتترك عينا والدها الشامخة, ارتفعت يدها لتخفضه عنها وهي تعلن له بالذات :
- جميلة إنكلترا الخاصة بمولاي.

ذكرته بلقبه الخاص فهتف شهق فورا بجنون  :
- ليليان!!

رعشة قلب الاب تلك لاتوصف وهو يراها كفارس مغوار وقد عادت..عادت بعد غياب سنين بعد أن ظن ان فتنة حياته ستختفي عن عينيه للأبد , وأن احد الأعداء قد انهى امرها بغضا في الملك, حين باتت وحدها بعد وفاة زوجها..ارتجلت فورا لتخفض سول بهدوء للارض ثم جرت خطوات لترتمي في حضن حبها الاول وأمانها الشامخ ملك أنكلترا العظيم, إنسلت دموعها تبكيه كل ألم مر بها دون حضنه دون أمانه وحمايته.

حدق الشابين بأختهما بحب , ومن بين الحشود اخترق الصفوف ليظهر بأنفاسه المتسارعة واقفا فصدم بها أمامه فورا.. كأن القدر يقدمها خصيصا له مجددا,  رفع نظره يسارا ليرى عمته.. ففهم من تلك الصغيرة إذا , شهق بأسمها مذهولا كيف باتت :
- س سول!.

فغر فمه مصدوما بينما هي حين سمعت إسمها من بين ثنايا شفتيه ؛ لفت لتنظر له فألتحمت عينيها بخاصته وهي تلعب بأصابعها بكل براءة.. لم تفهم نظرته ولاكيف عرف أسمها..كانت رضيعا حين غادرت بها أمها لقصر والدها الملك.. الشوق تفجر بداخله, اقترب فورا وشدها ليعتصرها بين أحضانه وتحت طوله الفارع أختفت

احتضنها بقوة الان كما أحتضنها وقتها وكانت لاتعرفه ولاتفهم شدة اعتصاره لها.. كان اطول منها قليلا واحتواءها بداخله كقطعة مارشميلو تذوب في القهوة او قطعة سكر في الشاي .. ابتسم الجميع عليهما وقتها وتطلعت اليه لفوق كما الان غير واعية لمدى عمق مشاعره.. حتى زرع فيها الحب كنبتة معمرة ثم جاءت العاصفة وأقتلعتها منها بقوة حتى أعمق جذورها .. مؤلم مامر به حقا.
.
حقا هي تحملق به بضياع جعتله يفيق على صوتها : ل لمَ رجعت للقصر؟
حدق بها فورا للاسفل :

-  لقد عادت من اجلكِ,الى مملكتكِ واهلكِ ,كي تعرفينهم ويتعرف الجميع عليكِ ويثبت بإنك أميرتهم بالفعل , لكن والدها الحيوان ثم هي خربوا كل شئ (صر على اسنانه بقوة يشتعل.. نظر بعيدا )لهذا تزوجتها .. ابتسم كمهووس ارجف قلبها

لم تنتبه للوخزة الغريبة في قلبها كطفلة ستتمرد :
- لمَ تزوجتها اذا! لم تكن تحبها ؟..مالذي صنعوه حقا اخبرني (اتسعت عينيها مفكرة ظنت قد وجدت تحليلا) هل هم من أخبروكِ اني مت..صحيح؟؟

ازدادت سرعة تنفسه وسيفقد السيطرة في اي لحظة.. كل حرف من الماضي يرميه في قعور الجحيم , زفر بقوة نيرانا يتنفس :
- انتهى وقت الحكاايات هيا عودى للغرفة .. حدق بعيدا بحدة

شهقت وشدت قميصه فورا برقة تطالعه برجاء, هبطت دموعها ,كانت تصبر نفسها بالكثير الذي ستعرفه :

-  ك كلا ارجوك ..أخبرني المزيد عن امي وانا ..وانت.

- أسمعي كلامي وحين اقول أمرا تقولين حاضر أمفهوم!(حدق بها بحدة ) سأكمل فيما بعد.

لايمكنه أن يخبرها بالمزيد.. الكثير من الظلام الدامس قد يقسم قلبها نصفين تماما حتى تغدو مثله بكل قسوته وبروده من هذه الحياة..ربما في بعض الاحيان يحسدها لأنها بدون ذاكرة, ولم تعرف ايضا ما حصل في 7 سنين الاخرى..تنهد بضيق

بلعت غصتها, تفلتت من حضنه بهدوء ومسحت دموعها ثم أنحنت بخفة
- سأذهب للداخل,عن إذنك.

 رفعت فستانها لتتجه نحو البوابة من حيث جاءت.

حين لف رأسه كيو قليلا وهو يلهث تفاجأ بذلك الواقف يراقبها من بعيد, سعادة عامرة على وجهه عيناه تتلامع كالنجوم منذ الان.. علم ما التصرف القادم منه لذا نده يونغ هوا فورا , كانت على طرف البوابة مراقبة أنحنت فورا مقتربة بسرعة..اعلمها في الحال :

- خذي الاأميرة الى غرفتها.. ممنوع دخول اي احد مفهوم

شهقت  يونغ هوا من كلمة أميرة تلك.. بلت ريقها في الحال ثم لفت لتجد سول تلف للجانب تحدق به بهدوء ثم تبتسم برفق أخفضت رأسها خجلا ثم حملقت بيونغ هوا لتلحق بها , اسرعت الاخيرة لتسير بجوارها كلاهما سارحتنا في تلك الكلمة بالفعل.. هي فخورة وسعيدة والاخيرة وكأن احدهم قد اهداها حل لغز اهتمام الملك الغريب بها.

حين باتتا في الداخل فعلا.. اقترب سريعا ذلك المراقب الخفي للملك فحملق به  كيو بتعابير تتفحصه بالكامل:
-  أمم تذكرتها صحيح؟؟

لكن عيناه معلقتان بها حتى اختفت في الداخل, لف يحملق في ابتسامة كيو الجانبية :
-  نعم فورا لقد عرفتها لا اصدق أنها هنا اخيرا.

تحول كيو للحدة فجأة وسند يده بقوة لكتف ذلك الشخص محذرا :
- اياااك ان يعرف إي أحد بإي شئ وخصوصا هي مفهوم؟!

حملق بكيو بنظرة ثابتة :
- لاتقلق..أنا لم أعد صغيرا


حملق به كيو أخر نظرة حادة محذرة ثم التفت ليعود أدراجه لداخل القصر.. تنهد جيمين بإبتسامة لطيفة..رفع نظره لفوق كمن يقبل السماء وسط جبينها لأنها واخيرا جمعته بها.. تلك الأخيرة له من الجميع ,هبط بنظره لشرفة كيو حيث يعلم انها تقبع هناك منذ جاءت للقصر ,ابتسم بحب بقلب يخفق بجنون :
- امم وأخيرا.


.................

كان قلقا حين ذهب لمكتبه الملكي, ود لو يبقيها طيلة النهار أمام عينيه رغم محاولته لأخبارها القليل لكنه كثييرا جدا عليها.. تنهد بضيق بعيون حادة بينما الوزير يكلمه.

كانت تصعد الدرجات بهدوء تام سارحة!.. في نقاء صفحات كتابها الابيض, ذاكرتها الفارغة تماما والتي أجتثت منها للتو حتى صفحة والدها الغالي ..أغلى ماظنت انها تملكه بل وأكثر شئ افتخرت به.. ابتسمت بسخف حين انهت السلم دامعة بشدة تود لو تبقى لوحدها لتبكي كل هذا بعنف شديد حتى بعيدا عن عينيه فهو لن يسمح لها البتة..كانت خلفها يونغ هوا , بدل ان تفرح شعرت بغصتها واشفقت عليها كثيرا.. لحقتها بهدوء حتى دخلت غرفتها ثم أكملت لتختفي فورا خلف الستارة الخشبية لتغير فستانها الفخم بأخر بسيط للنوم لتستريح فيه بدون ان تنطق بإي حرف.

 جلست للأريكة قليلا سارحة تماما بعيون ذابلة في عالم ثاني لاتعرفه, أُمها ابوها الطبيب ,سيورا والملك والان هي وذلك الشئ الغريب ايضا في الملك...هزت رأسها بقوة عليها أن تفيق من كل هذا وتشغل دماغها وقلبها بقوة ليس وقت النحيب الان.

وقفت فورا بحدة صدرها يعلو ويهبط ولفت وجهها ليونغ هوا التي توترت من تصرفها قليلا لكنها تتفهم مايجول في خاطر فتاة عادية عرفت للتو كل ماسمعته ..أرادت حثها واشعال تلك الشرارة داخلها أكثر ,أخفضت رأسها بخفة قليلا :
- مولاتي!

شهقت سول تحدق بها بعيون تحاول استيعاب اي كلمة باتت تسبق اسمها واي كيان له قيمة وعظمة! ..فورا مسحت دموعا نديةً كانت تريد فتح نواح لن يهدأ.. هي لم تعد ذلك الشخص العادي ولا الفتاة التي يحق لها الضعف والبكاء متى شاءت, هي اميرة إبنة ملكة مبجلة, هي شخص يعتمد عليه شعب بدل نفسها لوحدها.. شعرت بعزيمة فظيعة تتخلخل داخلها, هي كيان عظيم يقود أمة ولم تكن تدري وعليها الانصياع لقدرها الذي وجدته اخيرا.. هي شخص تحت المجهر وحتى أبسط أنفاسها سيسجله التأريخ لها.
أومأت ليونغ هوا بشموخ :

-  اريد تعلم الامور الملكية كل القوانين والنظام الملكي هنا, كل شئ .. كانت جدية تركز على كل كلمة تقولها بكل شغف وارادة.

إبتسمت يونغ هوا بفخر أحنت رأسها مجددا بخفة :
-  نعم مولاتي.. سأعلمك كل شئ أميرتي الجميلة.

أخرجت سول من جو الحدة الذي تلبس تعابيرها لتبتسم بخفة خجلا :
- جميلة ماذا اشش (فجأة حملقت بيونغ هوا بحب عظيم ..استغربت يونغ هوا نظرتها )بعد التتويج سأرفع رتبتك , سأريحك من كم الاعمال على عاتقك وأخصكِ لي .. شكرا لكل شئ قدمتهِ لي من غير مقابل

 أنحنت بخفة تقدم الاحترام,  شهقت يونغ هوا متوترة تراجعت خطوة للخلف وانحنت اكثر منها :
- مولاتي لا..

ردت سول فورا :
-  على الأنسان أن يقدر المعروف, ان يتعلم كيف يشكر ثم يتلقى الشكر ..

 رفعت رأسها تطالعها ببسمة زاهية فتبسمت يونغ هوا بفخر أكثر :
-  ستكونين ملكة رائعة بحق.

أنهمكتا في الدروس الاولى .. بينما قدمين خطتا طريقهما لذلك الباب, لم يستطع الانتظار ,مهما كانت عقوبته من الملك , هو انتظر عمره كله لرؤيتها ..رؤية اثنتين في واحدة!!

طرقات أنيقة قطعت إندماج سول والسيدة .. ألتفتا تنظران للباب سوية , أومأت يونغ هوا لها واتجهت هي لتفتحه ..حين رأته إنحنت فورا تُقدم الإحترام..إبتسم هو كعادتهِ  كزهو شبابه كربيع لن يندثر ..فتح الباب بيده أكثر ودخل دون الإنتظار للأذن :

-  الأميرة موجودة صحيح؟

إلتحمت عينيهما الفريدتين معا اخيرا.. إبتسم للجانب إبتسامة ماكرة شقية, قلبه يضخ الدماء بقوة رهيبة يملأه حياة أكثر من أي يوم مضى في حياته.


بينما هي لاتعي إي جمال بهي ذلك الذي يحدق بها بشغف وكأنها كل عالمه ..سرحت في ملامحه رغما عنها وعيناه اللواتي تشابهان خاصتها .. إنحنت بخفة ثم أعلنت تطالعه مجددا :

-  م من تكون؟ ..ابتلعت ريقها بتوتر .

لكنه سرح في وادٍ ثانٍ , سارحٌ في تعابيرها حتى أنتبه أنها كلمته :

-  ميني ميني أنني جيمينــي .

 إبتسم بألم خفي لذلك اللقب الذي يدغدغ ذكريات قلبه رغما عنه ثم إنتبه على تصرفاته مجددا لأنه يثير إستغرابها :

- أحم ..إنني الأمير جيمين, أحببت أن ارحب بكِ في القصر

 مد يده بخفة مركزا في عينيها بعمق وشغف.

صدمت هي ثم إبتسمت بخفة إنحنت قليلا :

-  يسعدني لقاءك أميري

ابتسمت بخفة حين رفعت رأسها ومدت يدها بخفة لتصافحه.

إبتسم مجددا بل يحاول جاهدا أن يقلل من اتساعها فرحا لكن العين مفتاح الروح, عينيه تتلألأ سعادة برؤيتها ..إنتبه قبل ان يتم الامساك به هنا :

- اه أنا اسف , يبدو أنني إقتحمت وقتك الخاص ,فقط أحببت ان نلتقي .. اعذريني.

إنحنى بخفة وذراعه ممتدة على صدره بكل إحترام  .. أومأت هي له وابتسمت حبا للطفه ثم إلتفتَ خارجا, كان هناك على عقب رقبته وشم مطابق تماما لذلك الذي يزين رقبة كيو!

اتسعت عيناها بشهقة لاتوصف.. كتمت انفاسها لتعي مالذي تراه الان!.. لقد تذكرت وشم كيو ,وذلك الذي يظهر ليهددها بالقتل كل مرة, هبطت دون ان تدري لحافة السرير جالسة فماعادت قدماها تحملانها , تحاول إيجاد اي سبب لجعل عائلة فردين منها الان مصابون بذلك الشئ الذي تجهله.. راحت شفاهها المصدومة من غير وعي لتسأل يونغ هوا التي أستغربت تعابيرها الشاردة في الارض برعشة خفية :

-  جيمين تـ تصرفاته مثل كيو صح؟

 رفعت نظرها بتوتر رهيب حدقت بها , قرأته يونغ هوا فورا.

- إنه دواء المملكة كلها لايوجد شخص يشابهه(قطبت جبينها مستذكرة) أ اعتقد بأنني رأيته ذات مرة وكان شكله غريب وللان أظن بأنه لم يكن هو اصلا( ضحكت بسخف) يبدو أنني كنت أحلم وقتها .

إتسعت عيني سول أكثر ترتجف رغما عنها ولاتود اظهاره ..شدت الغطاء بجانبها بقوة تتمسك به , حاولت أخفاء توترها الذي بان بشدة عليها بإبتسامة مصطنعة:

-  اممم ن نعم يبدو ل لطيف جدا.

إبتسمت يونغ هوا بحب :

- اوه بالطبع انه لطيف للغاية

تنهدت ثم شرعت تكمل شرح بقية النظام هنا ,بينما عينا سول في الارض غارقة في وحل لغز كالمتاهة وسط جهنم! , أهم يمزحون!! أم هنا يقبع سر كالجحيم في هذه العائلة!!, تنهدت بغصة مغمضة العينين.
................

نزل جيمين الدرجات بهدوء توقف في منتصف السلم وأحتدت نظرته كثيرا صرخ غاضبا وبدأ الجري بسرعة رهيبة قطع الممرات , واي طبقة عاملة تلتقي يمر بهم لايكادون ينحنون إحتراما حتى يكون قد أختفى من أمامهم.. 
بعنف دفع الباب على غرفة الملك المكتبية واقترب من المكتب بحدة ليقف مقابله بتنفس متسارع ..بينما كيو كان غارقا في العمل ,رفع كيو رأسه من الورق الذي يعمل عليه مستغربا :
-  مـا..

قاطعه فورا جيمين بحدة :

-  أريد إخبارها في الحال كلااا لن أنتظر أكثر.. يزداد تنفسه أكثر.

أحتدت تعابير كيو أكثر وصوته أرتفع :

- ماذا قلت لك للتو!!, لا اريد أن انهال عليها بكل شئ مرة واحدة , الصدمة ستتعبها ألاتفهم!

أخذ جيمين نفسا عميقا وبسرعة رد عليه :

- هيوونغ , قلت لك الان الان لن استطيع التحمل أكثر , انت تعرفني!

 صر على اضراسه بقوة ووشمه بدأ يلتمع.. قطب كيو جبينه :

-  أهدأأ(ركز على حروفها محذرا اياه) إنتظر حتى انهي هذه الاختام ,وغدا ستجد ان الوضع قد حُل تماما.

حملق به جيمين بحدة بصدر يعلو ويهبط بإنتظام, ثم لف فورا خارجا دون أن يعقب ببنت شفة أخرى.

فتنهد كيو بضيق وعاد ينهي مابين يديه من أعمال تخص الدولة.

................
شدتها يونغ هوا من سرحانها بعد أن دعت إحدى المحضيات للغرفة , انتشلتها من وحل أفكارها الذي تخبطت فيه غارقة  وراحت تعلمها اصول بعض الرقصات الملكية والتعاليم وعادات الأكل وواجباتها كملكة قادمة..واخيرا بعض الرقصات الملكية , أكملت لفة رقيقة وهي ترفع يديها كأنها تمسك بيد الملك وتلف حول نفسها ثم توقفت فجأة وهي تلتقط أنفاسها الضائعة ببعض حبيبات العرق على جبينها..انحنت المحضية بإحترام وخرجت بهدوء .. زفرت سول بسعادة وحدقت بيونغ هوا السعيدة بتعلمها السريع لكل شئ :

-  واه رائع أحببتها .. أرتمت تتمدد على الإريكة الفخمة تلك بإرهاق.


إقترب من باب الغرفة وهو يطرقع فقرات رقبته يزيح عنهما بعض التعب الذي أصابه من كثرة العمل.. فتح الباب ودخل فتأهبت الاثنتان, رمق يونغ هوا نظرة حادة فأنتبهت , انحنت فورا بخفة لهما ثم استأذنت لتخرج واسرعت لتقفل الباب خلفها بهدوء.

بينما سول انتبهت اخفضت قدميها فورا ووقفت وانحنت بخفة ..اقتربت لتساعده في خلع ملابسه بهدوء حين بات قريبا من الخزانة فتفاعل معها وعينيه راقبت بدقة كل حركاتها بل وركز في عينيها الااكثر من بدتا بدت ذابلتين بحق رغم انه واثق انهما لم تجدا فسحة للبكاء ولا هي سمحت لهم.

تأوه بتعب كي يجذب تركيزها معه وهو يحرك رقبته يمنة ويسرة..تمدد للسرير بتعب على بطنه واسند رأسه لذراعيه الذين عقدهما معا :

- أريد تدليكا جيدا من تحت يديكِ.

إبتسمت بلطف فقد بدا كالأطفال ..عضت شفتها بقلب يتسارع وبهدوء اقتربت منه أنحنت بخفة لتبدأ بعمل تدليك منظم لظهره وكتفيه .. كان يصدر آهات راحة متتالية, وحين وصلت لرقبته أختفت ابتسامتها تدريجيا وتسارع نبضها إذ تذكرت الان مثيلتها لدى جيمين .. بلعت ريقها بهدوء  قبل ان تمرر اصابعها فوق رسم الوشم بهدوء ..أصدر آهة اقوى وصر على اسنانه بقوة واخفى وجهه بين ذراعيه, تجرأت لتسأله :

-  مـ ما معنى هذا الوشم هنا؟!

أغمض عينيه بقوة أكبر متوسلا :

- ا المسيه مجددا.

بلت ريقها من طلبه رفعت أناملها بخفة يزداد خفق قلبها مرتعبا ..فجأة اغمضت عينيها لتنحني بهدوء فوقه لتطبع شفاهها برقة فوق الوشم وبقيت هكذا لبعض الوقت.. شهق بقوة وانحنى برأسه أكثر, اشتعل جسده ثم خفت حرارته فجأة.. احست به تماما وهذا مايزيدها جنونا بكل مايجري معه ومؤكد انه المثل مع جيمين .. فتح عينيه والتف بنفسه جالسا في الحال وشد يدها فورا لتجلس أمامه , يحاول ترتيب نبضات قلبه التي اختلت وحرارته بالتركيز معها :

- ه هل أنتِ بخير؟

انتشلها في التفكير به ووضعه الغريب :

-  ها ن نعم لاتقلق .. تصنعت الإبتسامة الكبيرة

لكن تركيزها منشده معه تماما ..قطبت حاجبيها مركزة في تعابيره التي أسترخت تماما ولم تستمع لما قاله للتو :

- هل أكمل لكِ باقي القصة!

سحبت يدها مرعوبة وحملق بعينيه بتوتر تريد إجابة واضحة :

-  ل لمَ لمَ تأوهت! هـ هل تألمت؟!

تنهد وعاد مجددا لجذب يديها برقة يحتويهما بين كفيه وأنحنى مقبلا بكل حب ذلك الملك المهيب! :

- يديكِ كالبلسم, كالثلج الناعم فوق جرح أليم ساخن.

أضرم النار فيها وتلاعب بخفقات قلبها لتتناسى أي موضوع شلها منذ قليل بين نظرات عينيه وهيامه العجيب بها, بلعت ريقها بهدوء لاترفع عينيها عنه :
- اممم (أخذت نفسا عميقا وتنهدت تخرج ذاك القلق من صدرها ) ا اريد أن تكمل كل شئ .. تحولت لتمسك يده بحب الان.

تحولت نظرته للجدية فجأة ونبرة صوته إحتدت :

-  هل جاءكِ جيمين اليوم؟

شهقت ورفعت عينيها تحملق بهما بتوتر ثم أخفضته فورا :

-  أ أنا اسفة لقد دخل فجأة ولم استطع, لايمكنني طرده .. ارجوك لاتنزعج.

صر على اسنانه وأغمض عينيه بقوة :

- هل ابتسمتِ حين قابلتِه أم كنتِ ستطردينه حقا! ... إبتسم جانبا نظرته ماكرة.

أزدادت توترا من نظرته فبلت ريقها :

- إ إبتسمت على طبيعتي , ر رحبت به, إنه أخوك الصغير ؛لذا قدمت الإحترام مولاي .. عضت شفتها مركزة في عينيه

تقلبت نظرته للحدة وأقترب أكثر من وجهها تماما لتتاقبلا عيناهما بلا أدنى مسافة :

-  لاتجبريني على أن أعلمكِ كيف أن تحترمي حروفي قبل كلماتي.. أيا كان الذي يمنعكِ من تنفيذها واضح!

يمكن للخوف أن يندس فينا كسم أكثر, لكن حين يردُ ممن نحب لانفهم اي رد فعل مناسب له!.. ربما يمكن ايراده تحت عنوان حب متملك قلق بدافع المراقبة والحرص, هو حريص عليها حد الشعرة لكن بطريقة جعلت الخوف شريكا بينهما أكثر من الحب نفسه.

وجدت نفسها لا إراديا تستنجد به منه! , إذ ان يديها بلاوعي زاد ضغطهما على كفه وهي تحتويه بين يديها ..عيناها تخونها لتدمع رغما عنها ..أخفضت وجهها فورا تتلافى عينيه حين تحتد تبدو قاسية جدا لاتريدها :

-  ل لم أكن سأدخله هو من دخل لوحده صدقني.

هدأت نظرته لأخرى متفحصة لملامحها فما سيقوله سيبدو الأكثر صدمة على الاطلاق الان :

-  حتى لو كان أخاكِ نفسه!

إنتشلها فورا رفعت رأسها بشهقة موت تطالعه بصدمة رهيبة تحاول إيجاد مخارج حروفها :

-  ن نعم!..أخي انا!

أخذ نفسا ثم صر على اسنانه وفكه ,وخطف بنظره بعيدا عن عينيها :

-  حدث هذا بعد أن عادت أمكِ عادت للقصر.

تتسارع انفاسها بشكل ملحوظ , وضغطت على يديه بقوة تحدق به بتعب :

-  ه هل يعني أنها .. ولدته .. وتركته هنا و وعادت مااذاا؟؟

إنتبه لرعشة يديها التفت فورا لها متوترا :

- هششش , لن اقول لكِ شيئا إن استمريتي هكذا!(مرر يده بلطف على وجنتها يطالعها بجدية فضاعت في عينيه تماما بالفعل كالسحر ) أهدأِ!

خفقات قلبها العالية تستمع لأوامر ملكه المبجل فتهدأ هي الاخرى , بلعت ريقها بينما تهز رأسها بخفة :

-  ن نعم نعم ارجوك اكمل .. رفعت كفه بيدها لتثبتها على قلبها لتأكده له بأن أمانه الفريد هنا بالفعل.

اطمأن ليكمل الان , تنهد وحدق بعيدا :

-  أمكِ كانت حاملا بهِ حين رجعت للقصر من أجل الزيارة وحسب ...

1510م

إنحنت لطرف السرير الفخم بفستانها الفخم الأنيق ذلك وهي تتلاقط أنفاسها فقد كانت تستفرغ معدتها للمرة الثالثة هذا اليوم.. يد أم كيو المتوترة تهبط فوق ظهرها بخفة وتعض شفتها :

- ياللهي أظ أظن بأن الأمر صحيح!.. م مالعمل ليليان أظن...

لفت ليلان رأسها بأنفاسها المتسارعة ووجها الشاحب لتحدق بأم كيو على يسارها فهي فهمت ماتريدها أن تكمله لكنها لم تلحق لتنطق بحرف كان الباب قد صفق بقوة ليرتطم بالحائط وهو يفتح على مصراعيه .. شهقتا الاثنتان رعبا, إلتفتا وليليان تحاول الوقوف بمعجزة, قطب جبينها لنظرة والدها التي ظنت لوهلة أنها خُيل لها وأنه مجرد كابوس.. لكن الحقيقة مرة هي رأت جحيم ابيها فجأة ومن غير سبب تتعرف لشخص أخر لاتعرفه :

- ليليان!(صرخ مزمجرا) ماهذا الهراء الذي أسمعه إيتها العاهرة!

أتسعت عينيها بجنون , بل كلتاهما.. ماكادت أن تنطق بحرف كان قد اقترب سريعا وجعلها تعرف لأول مرة كي هي صفعته قوية تترك أثرا على البشرة :

-  إيتها العاهرة!

تلك الكلمة تكفيها ليجلد قلبها بسوط من نار يذيبه بلا رحمة وعناية , نصفين
شهقت أم كيو وغطت فمها فورا بذهول .. التف بنظرة مسمومة وصرخ بالأخيرة :

- أخرجي حالا..

حدقت بليليان لأخر مرة وأسرعت للخارج تجر أذيال القهر على صديقتها العزيزة.. لفت ليليان وجهها بنظرة حادة فورا خليطها الذهول والألم .. صلدة تماما ولا تعرف للذل والأنكسار طريقا للخنوع, من بين براثن الألم دوما هي عرفت الاقوى بين أخوتها حتى, كبرياءها في نفسها كسكاكين تتوسط جلدها تماما وإي لمسة لهم ينزفون وفي المقابل يردون بقوة ويسببون جروحا لاترحم , ربما هذا ماتجده سول في شخصيتها كلما أحتد بها أي الأمر .. صرت ليليان أسنانها بقوة وصرخت به :

-  إياااك ابي ان تناديني بذلك الاسم اللعين, أنا اشرف من رأته عيناك, أنني متزوجة وان ..

صرخ بحدة أرعبها هو ليس والدها ولاتعرفه هالة السواد والظلم التي أحتلته مريبة جدا وكأن احدما يسيره, قطع جملتها بدفعه القوي لها لتهبط للسرير فورا بصدمة رهيب :

- هل ترينني غبيا لهذه الدرجة, وكل الممالك تعلم بأنه عقيم لاينجب, فلتبقِ هنا وسأريكِ أنا الجحيم بعينه.

انطلق سريعا شهقت ولحقته فورا لكن الباب كان قد أغلق في وجهها بحدة, وراحت لكماتها ولطمها القوي ينهال عليه مجددا , نواح بنشيج يترفع :

- أبااااه لاتفعل ذلك بي.. إنها انا ليليان اتوسل إليك, أنا لم يلمسني أي أحد اقسم بملك أنكلترا العظيم.

انسلت ارضا عند الباب تقابله  وأعتصرت قلبها الذي تفجر نازفا وسط صحراء ظلمة ستعيشها بلاسند ولارحيم :

- كيـــــم!... بكت تناديه الامان.

.

كيو أكمل

-  تكتم على خبر الحمل ومنع اي احد من ان يعرف اي شئ عن الامر..منع والدتكِ من الطبيب.. لكنهم كانا يتراسلان عن طريقكِ انتي , ماتت بعد سنوات من ولادته.. تنهد بحزن عميق.

يكاد قلبها ينفلق لإشلاء لاتحصى اليوم.. واين ستخط كل هذه الخربشات الدامية حزنا في صفحاتها البيضاء!, لقد ظنت انها فارغة سيسهل عليها ملأهم بكل شئ.. ولم تعرف ان الثمن احيانا غالٍ وماينتظرها كان صعبا للغاية وليس حروفا ناعمة لتكتب ؛ لذا صدمت للغاية وحزن داعب تعابيرها ودموعها التي تسيل برفق دون إرادة :

- ااه ياللهي!..لمَ كل هذا! لم! ماتت!..لمَ بقي هو هنا وانا جعلتموني اذهب بعيدا عنه!؟ .. تحدق بعينيه باكية منهارة.

اغمض عينيه بقوة كأنه ينتفض , رن في عقله وكأن دماغه غرفة فارغة والصدى يرن فيها بقوة,  صوت صراخ امرأة وهي تلد , صوت طفل يولد باكيا, صور مظلمة متعاقبة بسرعة وأُخر دموية ,خيوط سوداء تتداخل عنيفة ودماء تسيل..ووشوم تتلامع في عمق الظلام تخط نفسها فوق جلود ناصعة البياض كالحروق ترك اثرا عميقا , وفجأة صوت نبض قوي يولد فيهم يتخلل الظلمة ووسطها تولد حياة اخرى من وسط الجحيم قادمة لتغزو الارض هنا.

أطلق نفسا عميقا احتبسه لمرارة وفظاعة ألم الصورالتي نهشته في ثوانٍ فقط ,فأعقب بثبات فورا وهو يلتقط أنفاسه:

- لايمكنني أخباركِ بكل شئ الان ,لكن (ابتسم بسخف ) نحن افراد الأسرة الملكية ندفع أثمانا غالية... لأسباب غامضة توفيت جدتنا, ثم أبي!(تنهد بقهر) عمنا الاكبر كان لديه ولدان.. لذا حين توفي والدي كان جدنا سيتوج أخو جي أون  الملك الاول.


1515م - الاربعاء

قاعة طعام موحشة سادها الصمت واصوات الملاعق فقط تطربها ,وافواه تلوك الطعام ماضغة بكل ملل ووحشة, حتى انوار الشموع خافتتة تورد فيك قشعريرة مآتم وكأنك في زيارة أحد القبور .. كان الجد الملك يترأس المائدة, مع كل سنة كانت تلك المائدة ومثلها المملكة بأجمعها باردة والظلمة تحتلها, ظلمة القلوب الواهنة بلا أمل وحياة كل ذلك تباعا مع ملكها الموقر, الملك الجد كل يوم يتحول لشخصية تهتك في الجميع ظلما وقسوة , تلبسه برود هتك بوصالهم وارتباطهم العظيم , ولا أحد يعلم السبب وراه تغيره الذي بدأ قبل وفاة الملكة الجدة بفترة وجيزة, أي تماما حين وردت ليليان للقصر ثم جاءت بخبر الحمل ليتبدل حاله تماما ويتغير كل شئ وينطمس النور في هذا القصر, على يمينه كيو وسول ويسارهما العم بارك وإبنيه جي هون وجي أون.. أعمار الاربعة كانت متقاربة ألا إن جي هون كان يكبرهم أكثر .. تحدث الملك بصوت غليظ :

- سيتم حفل تتويجك في يوم الثلاثاء القادم , في يوم مولدك الـ18 فقد بلغت سن الرشد فلتستعد جيدا.

أومأ لجده الملك بإحترام وإبتسامة نصر زينت شفتيه سرعان ما تدنست بالخباثة حين لف للأمام بنظره يراقب  كيو, من حدق به بهدوء ثم أخفض نظره ليكمل طعامه, إبتسم جي هون بسخف أكبر واخفض رأسه مجددا ليرتشف الحساء الساخن من ملعقته , سعل بقوة وصدم بعيون متسعة من التمزق الذي اجتاح أحشاءه اللينة لتتفتت فيصبح السعال القادم ملونا بالدم!, ارتعب كل من كان حول المائدة , توقفت سول فورا برعب - ذات 10سنين - فوقف كيو فورا -13 سنة - وأخفاها خلف ذراعه مراقبا مشهد الاعدام المتعسف لإبن عمه بصدم مهولة وأنفاس متسارعة , أحتضنت ذراعه بقوة تبكي بصدمة.

 سعل حتى أنتهى أمره وتمزق أخيرا قلبه بعد أن ملأ المائدة والصحون بفيض الدماء من فمه وبعض قطع كبده المتمزقة التي لفظها بكل سهولة.. سكنت أخر أنفاسه هوى خده فوق صحنه يحدق بجده الملك بأعين جاحظة دامية تتهرب منهم أخر الدمعات الهاربة من عصف الالم الذي لم بجسده قبل قليل .. أغمض عينيه الجد فورا من فظاعة المشهد تلته صرخة جي أون وشدها القوي لملابس أخيها ونحيبها المجنون عليه, لفت أمه الملكة تنظر بحدة لكيو..وكذلك عمه :

-  انت! أنت من فعلت هذا به!.. تريد سرقة الحكم لنفسك!

.

تنهد غاضبا كيو :

- فجأة تسمم قبل ترسميه بأسبوع (حدق في عينيها بتركيز) وفجأة اصبحت المتهم الوحيد, اصر عمي وزوجته على إنني من فعلت ذلك .. حمق بعيدا بحدة فجأة

شهقت اسرعت لتتمسك بيديه بقوة قلقا عليه :

-  أ أتهموك ماذا!!.. و وهكذا خرجت معك صحيح!؟.. تكهنت بالذي حصل.

سرح في عينيها لكن بحب ,بإبتسامة لطيفة غزت محياه متمسكا بيدها..يتذكر تلك العينين نفسهما وهما تحدقان به بقلق, يتذكر تماما كيف خطفها ليبقيان روح واحدة للابد.


1510م - فجر ليلة تسمم جي هون

يجرى بسرعة رهيبة ثم التحم بباب غرفتها طارقة بسرعة:

-  سول! سول! اسرعي هيا.

 فتحته تلك القصير لتحملق به بعينيها العسلية القلقة :

- كيو, ماذا سنفعل؟؟..أ انا لم اخبر امي كما طلبت مني

 كانت ترتدي فستان عادي من العامة .. وحقيبة احتوت بعض الملابس والحاجيات.

مسح على شعرها بحنو:

 حبيبتي تسمع كلامي(شد يدها بحب له) هيا بنا.


كانت ام كيو تلتف يمينا وشمالا في مكانها بقلق مروع.. تقف عند باب خلفي في غرفتها يبدو كفتحة ضيقة لسرداب وممر سري.. اقتربت من خلفها على الفور ليليان وهي تحمل ذلك الوسيم الذي ذابت في حبه عشقا تراه فتلتقي كل ثانية بوالده الطبيب كيم.

 احتضن رقبتها بقلق من ظلمة المكان فلفت تبتسم له وقبلت أرنبة أنفه :

-  كن قويا كوالدك؛ أدهى ساحرات الظلام والجيوش والملوك لاترهبه ..

إبتسم ابتسامة عريضة بريئة, رغم انه لم يفهم كلماتها عن والده ولا ماتعنيه كلمة اب ايضا , سوى ملخص تلك الجمل :

-  سأ كون.. سجاعا أو ما

 ذكاءه المتوارث من ادهى طبيب في الممالك امر طبيعي.

لفت سوني - أم كيو- تحدق بها بقلق مرعب :

-  لماذا تأخر كيو؟؟ , سيبزغق الفجر ياللهي!, لن أضمن له يوما آخر في المملكة مع كل هذه الفتنة والمصائب والاحقاد التي ظهرت عليه دفعة واحدة كسم دس في كل المملكة .. ثم انتي!(ركزت في عيني بليليان) لم تخبريني بالمكان الآمن الذي انطلقت بسببه الفكرة برأسك لتقترحي ان يختفي من القصر تماما!

نظرة ليليان تحولت لجدية :

-  صدقيني لايوجد مكان في كل انكلترا اكثر أمانا منه! , حين يأتي سأخبركما عنه .. قطبت جبينها الناعم بجدية


تنهدت سوني بقلق وراحت تراقب آخر الممر حيث جهة الباب الأخرى تطل على غرفتها.. شهقتا سوية حين فتح الباب واخفض كيو رأسه بسبب قصر الباب ليدخل سريعا يجري ليقف امامها.

تلاقى نظرات العتاب فورا من كلتيهما, لكن سرعان ما أنجلت لتحل محلها الصدمة حيث ظهرت سول من خلفه وهو يتمسك بكفها جيدا..
حملقت بهِ امها بصدمة رهيبة :

-  ك كيوو هل جننت؟؟

حدق بها بفخامة ملك وجدية رجل وثقة عاشق مفتون :

- عمتي هل تظنين حقا انني ساأتركها خلفي !, مصيرها بجواري كظلي حتى في أحلك ظلمة تولد مع الليالي العاصفة ,إن سول تخصني ,تعلمين ذلك جيدا!

تبسمت براحة, بإمتنان لذلك القلب الذي ينبض حبا ممزوجا بدمه لإبنتها ,بل وتشك ان نسبة حبه لإبنتها هي الأعظم.

أمهُ اشتعلت غضبا ,قلقها عليه لايحتمل ان يجر خلفه حملا يبطء حركته ويكشف غطاءه - وهذا ماحصل - لكنها أستسلمت فأن كانت أمها قد رضيت فلاكلام لها عليهما الان.

أخفضت ليليان جيمين ارضا بهدوء وذلك الوشم يتوسط رقبته! صغير ومعه سيكبر ليدمره ولا أحد يدري سره غيرها تلك الأم العظيمة , ليليان التي أنحنت للارض لتخرج من كيس قماشي أحضرته معها , عباءتين سوداوين .. حملقت بداخل قلنسوة أحداهما سرا كانت مليئة بنقوش غريبة وطلاسم غير مفهومة, بلت ريقها بتوتر يتصاعد ثم ألتفت واقفة والكل يراقبها بدقة منتظرا

أقتربت وألبست أحداهما لسول حملقت بعينيها الزاهية بحب بعيون تتلألأ دموعا أغمضتهم قبل أن يمطروا وأقتربت لتطبع قبلة دافئة شوق عجيب سيشتعل ويتصاعد بينهما ..أغمضت سول وحين أبتعدت عن جبتها فورا كانت سول قد هجمت معانقة لرقبتها بشغف كبير :

- أوماه سأكون جيدة وأميرة تليق بكِ .

 أغمضت ليليان عينيها بشوق كبير وفخر ثم  سرحت في عينيها وهي تداعب خدها المتورد :

- أنا واثقة من أنكِ يوما ما ستحكمين أنكلترا وترجعين النور لها, وتحيين كل عدل وحق دُفن..هممم أنا واثقة مولاتي.

أتسعت عيني سول بصدمة لتلك الكلمة وسرعان ما أبتسمت بحب وهزت رأسها تأيدها لكلمتها الاخيرة.

نهضت الان ليليان لتحدق بكيو نظرة ملكة تتوج ولي عهدها.. ابتسمت بلطف وهي تلف العباءة حول كتفيه وتربط الحبلين امام صدره..ثم تسند يدها لكتفه بثقة وفخر لتكمل مراسيم تتويجه :

-  ملك أنكلترا المستقبلي , عليك ان تكون أقوى مما يمكنك أن تكون, ستعود يوما لتحارب الجحيم, الجحيم داخلك قبل جهنم موطنك.. يوما ما ستأتي لأخبرك بكل الظلام القابع هنا, لا جدك ظالم ولا اي أناس طماعة متعسفة ,مايكمن بين جدران قصرنا يتعدى المعقول وحدود الطبيعة, احتاجك عندما تعود أن تكون رجلا يسمع, يعي , وينفذ ماعليه من حق تجاه كل فرد يتنفس في هذه المملكة .. قلبت القلنسوة فوق رأسه تغطيه وعينيه الجادة ملتحمة بعينيها ) سول, أمانتك الأبدية مني مفهوم , إعتني بها جيدا .. إنها طريق الهداية الوحيد لك لنعيم لن تناله مهما حاولت, جحيمك هي سر لعنته وهي سر تعويذة فك سحرك أيضا

 ضيق حدقة عينيه يحاول فك رموز كل كلمة تلتها ..انها عميقة جدا ولاتزال نظرتها المركزة في عينيه تقول له الكثير الذي لايمكن لعقله مع حدود معرفته أن يفهمه.. لكنه على قدر ماتثق به تماما , تحولت نظرته لجدية فخيمة , لف ذراعه بقبضته القوية لذراعه وأحنى رقبته بحدة فورا :

- عمتي ملكتي المبجلة, أنا طوع أمركِ وعلى قدر ثقتكِ بي دوما سأكون..

 أرتخت عضلات صدرها المشدوهة لتتنفس براحة أكبر.. مسحت على شعره لذلك الطفل بداخله الذي تحبه :

-  أعلم وسيم عمتك .. ابتسمت بشغف وهي تمرر يدها على وجنته .

أنحنى لأمه برجولة .. ثم قلب قلنسوة سول فوق رأسها تمسك بيدها جيدا ونظر لعمته بجدية :

-  هيا عمتي أخبريني عن المكان الأمن ذلك!

حدقت به بجدية ثم لسول بهدوء من استغربت نظرات أمها ايضا :

-  الى الطبيب كيم!

شهقت سوني :

-  يالهي ليليان! هل تمزحين! الملك سيقطع رقابنا!

ركزت في عيني كيو من صغر عينيه يحاول فهم عمته بينما تجيب سوني :

- لن يعلم!, لايجب على أحد ما ان يعلم بمكانكما, سمعتني كيو!

هز رأسه بجدية فورا :

- ثقي بي .. ضغط على أنامل سول بين كفه

- خذها لأبيها هو أكثر شخص سيعرف كيف يحميها تماما من كل شئ سيباغت مستقبلها وحياتكما معا.

التمع الشوق في عيني سول دامعة :

-  ابي!..حقا امي س سأذهب اليه!!

 هزت ليليان رأسها دامعة مؤكدة بينما سوني تشتعل قلقا وخوفا أكثر

 تحرك كيو فورا وهو يشد يد سول خلفها بينما عينيها على أمها ثم جيمين المتمسك بفستان أمه واقفا يستمد منها الامان من الظلام في الممر.. هبطت دموعها ألما, شدت يدها من كيو من فزع خوفا ملتفا ليراها تجري سريعا وضمت أخاها لصدرها بقوة :

- جيميني ميني ميني الصغير خاصتي, نونا ستعود لك اتفقنا.

رفع رأسه بين أحضانها وحدق بها بحب :

-  أجل , ميني ميني خاصتك سيعتني بأوما حتى  تعودين

 ضحكت سول بخفة وسط دموعها للطف ولوج أسمه الذي تناديه به بين شفاهه المكتنزة الصغيرة المتفجرة دماء , "ميني ميني" , قبلت جبينه بحب ثم غصبا أنسل من حضنها حين شدته أمهما بحدة لحضنها وحدقت بسول بجدية :

-  أن لم تكوني قوية كما ربيتكِ, انسي  أنني أمكِ وملكتكِ التي ربتكِ أسمعتني!.

اتسعت عينيها وعيني كيو وهويراقب في الخلف.. بلعت ريقها الصغير سول بحدة , نظرات جبارة تناقلتا بينهما أم تسلم أمانة سلطة كاملة بينهما أن لم تربي نفسها جيدا لكل شئ فلا فرصة لها وتلك بداية نهاية كل مستقبلهم.
لذا مسحت دموع عينيها بعنف بكم فستانها ونظرت لأمها بجدية :

-  أنا إبنة ليليان العظيمة.

شهق قلبها لسماعها إبنتها تتلو تلك الجملة فترقرقت عينيها دموعا ,إمتنان وفخر لتلك الملكة الجبارة التي تراها منذ الان وهي تنهي كل مابدأ منذ سنين هنا.

ثبت كيو المسند الخشبي للارض ووقف عليه لكي يلتقط سول من الارض ويلفها , يساعدها في الركوب للحصان.. ثم التف بخفة فارس وامتطى خلفها تمسك باللجام جيدا ثم حملقا بأمهاتهما معا , لحظة وداعٍ لكن ليست بالأخيرة .
ألتف كيو بحدة ثم أطلق صوتا منبها للحصان الاسود خاصته من عمق حنجرته كي ينطلق.. وبدأت الرحلة!

انطلق الحصان بسرعة رهيبة متجاوزا المروج الخضراء البهية حول القصر وسط ضباب خفيف يلف المكان بفعل الرطوبة وظلمة الجو أخر ساعات لليل قبل بزوغ الفجر, وهم للتو قد ولجو ظلمة جحيم لامفر منه ولافجر يُنتظر.

في أعالي القصر فوق الباب السري ذلك وسط كثيف الضباب الذي يتجمع كثيرا كلما ارتفعت لأعالي البرج في هذا الوقت من الليل.. الظلام الاسود الذي يتركز في تلك الغرفة , درجته عميقة جدا لتظن أن الفضاء الكوني برمة حدة سواده لاتجاريه! .. وفجأة تفتحت عينين صفراء حادة كالسيف تراقب الطريق ولكن!.. لايوجد هنا اي شئ!.. بينما أمامهما في الأسفل تماما كان حصان كيو يعدو بكل مهارة يلتهم المسافة في ثوانٍ, نظرات ليليان الجدية والحادة تلك تعي أن تلك العينين مراقبة الان , تعي أنهما لم يريا شيئا,لذلك قلدتهما تلكما العبائتين الخاصتين من صنعه!.. زوجها كيم نفسه, هي تعي جيدا مع من تتعامل باتت! واي اثمان باتت تدفع من غير رحمة!.. بألم لفت رأسها تحدق بوشم رقبة جيمين, أغمضت بكسرة ألم فظيعة وضمته بقوة لصدرها بآهة أخترقت لتكسر صمت الممر كله.

.
.

إبتسم كيو قليلا وهو يحدق بها بجدية كبيرة :

-  كان يجب علي فعل ذلك كي أحميكِ (تبدلت نظرته للجدية ثم تنهد) كان يجيب أن نختفي حتى أصل للسن المطلوب.

عينيها لم تطرف من هول صدمات كل شئ تقع كل مرة فتتناسى عملها كي تطرف وتريحهما لكنها تعاند وتبقى في هولها مذهولة لتزيد من احمرارهم مع تلك الدموع التي تعاند لتهبط..  إبتسامة ألم التصقت بمحياه من منظرها حين مرر كفه على وجنتها برقة مطمئنا

كان يرتعب سنين من لحظة إخبارها بالحقيقة , بالماضي الأليم الذي دفنه في قلبه وبات مقبرة موحشة بمآتم لاتخمد نيرانها.. لولا طيف إسمُها والامل في إيجادها لتنيره يوما؛ ماكان سيبقى قويا متنزنا ,خلق لنفسه أملا رغم أنه أمل متصدع ولقاء مستحيل تلك التي أختفت من امام عينيه كلمح البصر وماعاد رأها أحد يوما.. مستحيل كيف هي أمام عينيه الان ويديها تداعب بدفء يديه متمسكة تطلب الامان.. حاجة تلك الطفلة التي تنفسته ورضعت حبه مع حليب أمها عشقا سرمديا, نظرتها هذه ذكرته بواحدة مضت منذ 15سنة
.
.

1515م - فجر يوم الإختفاء - الساعة السابعة صباحا

طرقات قوية أزعجت نوم الطبيب كيم ,نهض مترنحا ثم ارتدى ملابسا جيدة وانطلق سريعا ليفتح الباب وهو يدعك عينه بخفة, فتح ليقع في هول صدمته كما ادخلها معه, كلاهما هو وسول يحدقان ببعضهما بذهول لايوصف :

-  ا ابي!
- سول!

شهقا معا حين شدها لترتطم بصدره ويستولي عليها حضنه المشتاق المتقد حبا لها, خمس سنين كافية لتبيت اطول فتختبئ فيه وتتمسك به أقوى ,عرابها هذا لايمكن ان يدس أسمه تحت قائمة العرابين في العالم, أنه اسمى مثال للأبوة المتأصلة به عميقا, كأن القدر اخطأ فرمى بها جينات أب اخر ولكنها لم تنتمي يوما سوا له

 أحتوى وجهها الناعم بين كفيه متأثرا بدموعه التي انهمرت بجنون رغم رجولته الباذخة :

- أاااه صغيرتي , إي صباح هذا لتطلي بدل الشمس على حياتي وعيناي!!
 أرتفع صوت بكاءها مغمضة :

- ا اشتقت لكَ اكثر منك حتى

 ضحك على جملتها المعتادة له وشدها ليحتويها بقوة ايضا.. التقت عينيه بتلك العينين الجدية الحازمة التي تحملق به وبإحتضانه لقطعته الخاصة بهدوء, سيتجاوز كيو هذه المرة عن كونه عناقا قويا يخصه لأنها اول مرة وحسب بين الاب وإبنته بعد فراق .. فيما بعد سيعطي توجيهات ملك واثق إنها ملكية خاصة وهذه اوامر ملكية لايجوز اختراقها, كيو بشخصية رجولية بعنف منذ نعومة اظفاره

حين أنتبه كيم للعباءة التي تغطيه وسول ايضا, اتسعت عينه ثم قطب جبينه راسما ملامح لكل السيناريو الذي حدث .. تلك عباءات صنعهما بدقة لليليان لتحميها من ظلام العالم السفلي الذي أحتل قصرهم ذات يوم! .. إذا هي من أرسلتهم اليه, إذا انتهت نسبة الأمان في ذاك القصر وماعادت تأمن عليهما في جوارها حتى! .. تنهد بجدية

.

وكأنها عمياء وتكلم الاشباح أمامها  :

- أ اكمل ارجوك.

- أنتهى وقتك لهذا اليوم اريد ان انام (حدق كيو بها بجدية نهائية) فلننم وغدا سأدعك تلتقيه وتتكلمون

تمدد في مكانه مجددا لطرف السرير..بينما عيناها بقيت مكانها سارحة في كل ماتلاه عليها كأنها تستمتع لرواية ما , بطلتها ليست هي ولاتخصها.. ورغم كل ذلك وجدت نفسها تبتسم بحماس, لذا حين تقلب فجأة على ظهره شعر بثقلها ترتمي عليه بخفة أمسكت بوجهه بكلتا يديها كطفلة صغيرة تركز في عينيه اصابته بصدمة قليلة ثم إبتسم جانبيا لشقاوتها :

-  ه هل حقا ستسمح لي برؤته كثيرا ارجوك .. غرق في تفاصيل عينها العسلية التي ألتمعت بالدمع الرقيق للتو.

مسح على شعرها برقة مهدئا :

-  لقد قلتُ كلمتي, الملك لايقول أي كلام ها

أومأت له بثقة ,شدها فورا لتقع بجانبه ثم غمرها بحضن دافئ يسند ذقنها الرجولي لرأسها بحنان

- ك كيو

 تحركت بهدوء لأعلى محدقة بعينيه بتوتر.. فقطب حاجبيه مستغربا :

- م ماذا!؟

عادت تمسك وجهه برقة مجددا اغمضت عينيها لتهديه روحها هذه المرة بكل إرادتها حلق قلبها كفراشة ربيعية متحمسة لورود الفصل الجديد والصقت شفتيها بخاصته برقة ثم بقوة مقبلة كرد فعل جميل لكل مايفعله..

سرح اولها ثم اغمض أخرها مبتسما وتولى السلطة لينهل العسل من خاصتها بشغف التف برأسه قليلا باتت تحته ليكون المسيطر, سيدها العاشق المحب .. مرر يدها بنعومة فوق ذراعها حتى انتهى شابكا انامله مع خاصتها بكل دفئ وتماسك بينما فصل اتصال قبلتهما برقة يتنفس لاهثا فوق شفتيها يوردها الحياة ويهديها روحه غائصا في بحر عينيها أعمق كل مرة ..يخبرها للمرة الالف أنه هنا فقط من أجلها ولد ويموت .



...

واضاءت شمس أنكلترا البهية مجددا تتخلل بين أعمدة وابراج ذلك القصر البهي الفاخر.. من ين كل الشرف مرورا بتلك الرئيسية , غرفة الملك داعبته برقة فدعك عينيه بهدوء التفت لمن أتخذت من ذراعه متكأ.. فأبتسم بلطف التف جانبيا كأنه يصبح فوقها وقبل جبهتها برقة , دفء شفاهه أثار فيها الرعشة وكطفلة صغيرة التفت جانبا تختبأ بداخله بإبتسامة مرحة تضحك بخفة ثم تتمدد بينما هو سارح بكل تفصيلة تفعلها .. فتحت عينيها بحب وحين التحمت بخاصته خجلت أكثر فشدت الغطاء فورا تخفي به وجهها منه فإبتسم للجنب .. فاجأته فورا إذ كشفته حالا عنها نظرتها الحماسية كانت تجعل من عينيها تتلألأ كشمس صباح مملكته كلها , أعلنت فورا بقلب يخفق بجنو ن: اوه سأذهب لأجهز نفسي لرؤيته .

قطب جبينه مستغربا .. قدم واحدة أسدلت من السرير ليحتل معمصها بقوة وبحدة شدها بقوة له مجددا ,عادت مكانه بقوة لترتطم يدها بصدره بصدمة حت في تعابيره التي جنت عصبية مبالغة :

- ممنوع!.. أنتِ لي, ممنوع اي حرك تقومين بها دون إذني.. ممنوع اي احد يعرف بأنه اخاكِ مفهوم!

حدقة عينيها اللواتي يهتزن بصدمة من لقيا عينيه الحادة بالقرب هذا اغمضتهن بخفة ليستردن استقرارهن.. بلعت ريقها بغصة وتأوهت فجأة للألم الذي أوصله اليها , تمسكت بيده فوق معصمها :

-  ح حاضر صدقني لاتقلق تعرفني أنني أنفذ أوامرك دوما

ارتفعت بخفة اكثر لتطمأنه .. قبلت انفه الدافء برقة ..عضت شفتها خجلا , باتت تهوى تهدأته دوما .. يشعلها غرورا أنها الوحيدة القادرة على ذلك.

جنون حمايته لها يتعدى الطبيعي  كأنه يود سجنها في روحه والاغلاق عليها في قلبه بقوة.. هو حتى لم يحاسب الطبيب الملكي لحظة عن أخفاءه لها كل تلك الفترة بل يود شكره حقا لأنها أستطاع حمايتها مما يود تهديم حياتها المتبقية, سر دفين قلة من يعرفوه , وهي أخر من يودها أن تعرفه.

تنهد براحة :

-  جيد اذاً

نزل واشار لها لتحلقه, بينما يختار ملابسه.. تنهدت وسريعا لحقته لتختار له ثم تساعده في تجهيز نفسه للنزول ليوم ملكي فخم آخر في حياته .. وبينما هي مشغولة بإقفال ازرار قميصه سارحة..حدقت به لأعلى بهدوء لتعلن برغبة جامحة :

-  هل ستناديه هنا اذا!

تنهد معقبا وهو يقفل كم قميصه :

-  سأبعثه لكِ هنا (حدق بها مركزا أكثر) اليوم سيصلك فستان الزفاف أتمنى ان يعجبك أختياري .. ابتسم بثبات والتف ليخرج

فأعلنت فورا منفعلة لتقطع عليه خطواته :

-  لا أريد.

ألتف بحق محدقا به مستغربا :

- ماذا!
أقتربت منه لتهز رأسها وهي تبتسم بحب شغوف محلقة في عينيه :

- لاتبعث الفستان بيد أحد.. اود تجربته أمامك أولا.

رفع حاجبه مبتسما للجانب :

-  لاتتلاعبي بالملك ايتها الحلوة .. قرص خصرها بخفة .

- ااااه (أنكمشت على جانبها منهمكة في الضحك وأكملت بحضن خصره بقوة تحدق به لأعلى تتطاير السعادة من عينيها بهناء تزيدها جمالا وفتنة) يحق لي, سأتزوج حب حياتي  .. اتسعت عينيها لفداحة لسانها وماقال

 حملق بها سارحا ثم ابتسم للجانب واخفض جبهته لتلتصق بخاصتها :

- بالضبط ,الملكة خاصتي.

عضت شفتها خجلا كثيرا ودفنت وجهها برقبته الساخنة مقبلة برقة.. أغمض عينيه فورا بأهة صدرت عنه :

-  سول! .

أعلن بنبرة مرتجفة فتنحنحت مبتعدة قليلا ,ضمت يديها لخلفها فورا .. فتنهد محدقا في عينيها اكثر :

- اذا بدل ذلك تجهزي كي تتناولين فطاركِ معي في الاسفل.

أتسعت عينيها فورا غير مصدقة تلتها إبتسامتها التي ملأت وجهها :

-  حقا!.. دقائق فقط وسأكون جاهزة لن أتأخر

قالتها وهي قد التفت فعلا  فتحت الخزانة الكبير وراحت تعبث بين الفساتين كي تختار واحدا فخما يمثلها لتنزل به للمرة الثانية الى البلاط الملكي.. بينما أبتسم على حماسها كطفلة مشاغبة لن تتغير, وفتح الباب ليسبقها الى الاسفل.

............

طرقات خفيفة افتعلتها الخادمة على باب ابيض أنيق في أخر الرواق :حسنااا.. قادم .. صوته المحشرج دل على أنه افاق للتو , فتراجعت الخادمة للخلف بضعة خطوات تحني رأسها بإحترام.. خرج جيمين بقميص النوم يداعب شعره بفوضوية ينثره :

-  ماذا هناك؟!

أومأت له دون النظر اليه :

- الملك يطلبك لتتناول الإفطار معه في الاسفل..

إتسعت عينيه فورا تأهب في الحال وكل ملامحه استعد : سأنزل في الحال .. أومأت له ورحلت وسريعا أغلق هو الباب ليستعد.

نزلت تمشي بفخامة تقطع ممرات قصرها نعم قصر عائلتها وكل إرثها الملكي.. في كل ركن هناك قصة تعود لها وربما ضحكة في مكان ما لأمها.. او قد يكونا قطعا الممر هذا جريا خلف بعضهما هي وكيو وهما يلعبان ولكن ذاكرتها تخونها .. إبتسمت بألم وبحب تطرق رأسها ثم رفعت رأسها بهيبة حين وصلت لباب قاعة الطعام الضخمة تلك وخلفها يونغ هوا التي توقفت مكانها لتنسل سول لوحدها للداخل .

كان جيمين للتو انحنى للملك على يمينه وهو يحتل مقدمة المائدة الطويلة تلك :

-  هل طلبتني مولاي!

حدق به كيو بهدوء لفترة مخمنا كيف ستكون ردة فعله الان :

-  إجلس, دعوتك للإفطار وهناك أمر ما عليك معرفته .

قطب جيمين حاجبيه بقلق ثم سحب كرسيه ليجلس الى يمين كيو.. بينما الخدم كانوا يرصون الأطباق بصمت تام بهدوء وترتيب أمامهما بعناية.. نال الطبق الثالث للمقعد أمام جيمين أهتمامه مستغربا ,فحدق بكيو على الحال وقبل أن ينطق بحرف كان الباب قد فتح بالفعل.. أطلت ببهاء عليهما ببسمتها التي تشاطر القمر جمالا وفتنة بعينيها الآسرة وانحنت يونغ هوا خلفها بينما اقفلا الابواب.. توقف جيمين على الفور بصدمة قد أخذ ردا لسؤاله قبل أن يطرحه :

-  وااه.. ابتسم بعينين تتلامع شوقا بهيا

ركزت في عينيه مطولا ورغما عنها عينيها تمتلأ دموعا أليمة, خليط مابين شوق وحرمان ومابين أسفها لأنها لم تعتني بقطعة أمها التي تركتها لها.. تبادلا نظرات عميقة كلٌ منهما يظن بأن الأخر لايدري أنه عرف بالأخير من هو!.. فيحاول كتم مشاعره عميقا كي لاتفضحه , لكن العيون لم تكن يوما ضمن مخطط السيطرة.. لطالما كانت منبع المشاعر كلها من فضحتنا دوما امام اكثر أناس لم نود أشعارهم لحظة بإي فرق يحدثونه لنا حين تتلاقى عيوننا فقط! وكأن كل الستار يهد ونتعرى على حقيقتنا أمامهم.

عيونه تلتهمها لشد جمالها ولكل ثانية تحفر في قلبه أكثر ..أنحنت تقدم الاحترام فأوما لها كيو بالمقابل وهو يجلس بكل هيبة.. وحين رفعت رأسها لوح لها جيمين الدامع بحماس :

-  هيا هيا.

تبتسم فرحا بحب عضت شفتها بخجل من جماله والحياة التي يوردها فيها لمجرد النظر لها أنه حقا أبن امها .. ترابط الروح متين للغاية كجرعة راحة وأمان فورية تملأ روحك بها , حب متين من سنين.. اقتربت بهدوء لتجلس على يسار كيو ولم تخفض عينيها من أخيها البتة

حملق كيو بالأثنين ونظراتهما فأغلق عينيه بقوة متنهدا يهدأ غيرته المشتعلة.. وفجأة فتح الباب ليقطع تواصل العيون ويتحول كل التركيز له.. اخر شخص توقعت سول أن يدخل في هذه اللحظة بالذات.. دخلت جي أون بتبختر ..فقطبت سول جبينها بينما حدق بها ببرود وهي جل همها نظرات حقد تكاد تشعل سول في مكانها.. أشار لها كيو فورا بحزن لتترك سول عنها :

- أجلسي بجوار جيمين هيا.

حملقت سول بكيو فورا بإستنكار أنتبهت لجيمين حين راقبها ببعض القلق فأخفضت رأسها على الفور وتصنعت الإبتسام .. الجميع انتظر كيو حتى يبدأ كي يتبعوه بكل نظام.

فقط اصوات السكاكين والأشواك تتخبط في الصحون والانفاس الساخنة واصوات مضغ الطعام من ملأ جو القاعة حينها , لحتى أنتهى هو وضع ادواته لجانب صحنه فتوقف الجميع في الحال .. مسح يديه بمنديل فاخر وهو يحملق بالجميع بهدوء :

- يمكنكم الذهاب الى اعمالكم الان.

 حملق بسول بهدوء فنهضت على الفور إنحنت برقة :

-  شكرا على وجبة الإفطار,أنتبه لنفسك مولاي.

حملقت بالعينين اللتان تعلقتا بها بشغف كبير - جيمين- فإبتسمت بخجل حين رأته يكاد يهجم عليها ولها ثم التفت لتخرج .. فُتح لها الباب وغادرت لتقابلها يونغ هوا فورا عند الباب ولحقتها الى غرفتها مجددا.

حملق كيو على الفور بجي أون بحدة وحنق والتف مغادرا من حيث خرج سول.. جيمين لم يعرها اي اهتمام اساسا ولحق بكيو بسرعة.. ضربت بكلتا قبضتيها المائدة لتصدر صوتا عاليا لأهتزاز الصحون والادوات فوقها تتسارع أنفاسها بحدة.
 ..................................
يبتع في البارت السادس  ^^

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق