الصمت
" الكلام " و ما اسهل ان يتكلم الانسان..منذ اليوم الاول لخروجنا الى الحياه و نحن نصدر تلك الأصوات كالانين النابعة عن أراده جامحه للكلام..نتكلم و نتكلم بعضه ذو معنى خفي و بعضه سطحى لا يحمل اى معنى .. و لكن مقابل كل كلمه تخرج من بين شفاهنا يسمعها شخصا ما فهل نأخذ وقتا للتفكير فيما نقول أم نطلق ما بجعبتنا بطلاقائيه لا تدرى ما واقعها على ذلك المتسمع....هل فكرت يوما فى أخذ دقيقه لتراعي من تتحدث معه معظم الوقت ايا كان من ... لا اظن.. و لكن ماذا عن شخص لا يستطيع التحكم فيما يريد سماعه او ما يريد تجاهله...شخص حكمت عليه الحياه كالمسجون بداخل عاهته لعهد من الزمن حتى اعتاد على سجنه كحريته...
أن تنطق و تتحدث تلك
نعمه و ان تسمع و تختار ما تسمعه و تتجاهل ما تريد تجاهله هذه نعمه أكبر..لكن إن
لم تختر أن تصبح مقيضا لكلماتك لا تستطع نطق ما تريد و مهما حاولت و صرخت لا يستمع
إليك أحد فيعتبرك الجميع و ينظرون اليك تلك نظرة الشفقه التى كلما ظهرت على أحدهم
تكاد تشق الارض بيديك العارمتين لتختفي من امامهم فيجب عليك اعادة النظر و حمد
الله بشكل...
يقولون كل ذى عاهة جبار
و لكن لا اوافق تلك المقوله فكل ذى عاهة إنسان حتى تحوله الظروف لجبار..
اشرقت الشمس و افرجت عن
اساريرها من خيوط الضوء الساطعه لتعبر تلك الستائر و تعلن بداية يوم جديد...
وضع يده على وجهه يخفي
بها بقعة الضوء المسلطه عليه ..فتح عيونه بصعوبه نتيجة لتأخره فى النوم البارحه و
مع ذلك أبتسم بصدر رحب يستقبل يوم جديد.. مدد انامله لمداعبة ظله ثم قبض اصابه فى
باطن كفه ممسكا بضوء أمل جديد يتمنى ألا يختفي و إلا انحصرت حياته حزنا على حاله...
أزاح عنه الغطاء و أتجه
الى غرفة أخته الوحيده..أخته رفيقة دربه و ورثه الذى تركه له والديه بعدما فانتهم
المنيه و هو بسن العشرون بحادث سياره ..ذلك السن عادة ما تكون به محتارا من نفسك
أأنت الآن ناضج بما يكفي لتحمل مسئولياتك أم إنك لازلت صغيرا يغفر لك و يسمح لك
بأرتكاب الأخطاء..
لكن هو فلم يعطه القدر
القدرة على الاختيار مثل كثير من الاشياء التى تحتم عليه مواجهتها و العيش معاها
غصبا و تقبلها دون إبداء اعتراض و حتى إن اعترض فلن يسمعه احدا على اية حال...
تمشي فى بيتهم الصغير ما
يكفي لأتساعهم سويا و ليضمهم بين جدرانه يحميهم من خطرالتشرد..
دخل غرفتها متسلسلا
بخفوت كى لا تستيقظ من صوت الباب و ليستمتع بنشوة إفزاعها كل صباح..
أقترب من السرير و قبل
أن يحنى جسده ليسكب ذلك الماء البارد بين يديه وضع وساده كحمايه لوجهه ..فشخصية
اخته المتعصبه و سريعة الغضب عكسه ذو صدر رحب و صبور يتوقع منها ردة فعل مخيفه
مختلفه لا يدرى كم قوتها كما تفعل عادة مع هذا يصر دوما على مضايقتها كل صباح و
مداعبتها بطريقته الخشنه كما يتصارع الاصدقاء الفتيان..
شعرت بقطرات المياه
البارد ينسكب على وجهها فقامت من مكانها صارخه به بكل قوتها و تقذف بالوسائد ما
وقع تحت يديها ناحيته ..
جرى بعيدا عنها و وقع
أرضا يضحك على شعرها الاشعث كالاسد و هى تنظر له بحنق تكاد تخرج مقلتي عيناها من
مكانهم من الغضب..
“اوبا مش هتكبر
بقي ده انت بكره هتكمل ال 25
"
لملمت شعرها جانبا و
ربطته للخلف بينما تنظر له بأستخفاف...
أجابها متستخدما لغة
الاشاره بيديه " حتى لو كملت ال 100 مش هبطل.. شكلك لم بتضايقي بيبسطنى
" وضع يديه بين خاصريه و ابتسم..
زمجرت غضبا و اتجهت له
كقطار سريع انحلت فرامله و قبضت رأسه بين ذراعيها بالرغم من صغر جسدها و قصره إلا
انها تتفنن فى تصنع القوه و الشجار و هو يجاريها سعيدا " كل مره اقولك تلبس
السماعه و بردوا تنسي و متلبسهاش "
افلت منها متصنعا الالم
و اخبرها بالاشاره " بنسي إيه يعني كلا من لا يسهوه يا ست الدكتوره..بعدين
أنا بحب كده أسهل من الكلام "
أشارت له بقبضتها بالضرب
و رفعت بضع الخصلات الساقطه على وجهها " بحب صوتك يا أخى اعمل إيه مزاجى
اسمعه "
شعر بغصة بسيطة اخفاها
بأبتسامه و حدثها مستكينا " مع أن كده برتاح اكتر بس " عقد حاجبيه ثم
ابتسم " هلبسها عشانك يا أخرة صبري"
أهدته أبتسامه و محتها
بعدما شعرت بالبرد يجتاح جسدها فهربت سريعا للسرير و غطت جسدها الضئيل بالغطاء
" اطفي بقي النور وراك "
رفع حاجبيه مستنكرا و
قال لها بالاشاره " قومى هتتاخرى على الجامعه "
ضربت راسها بيدها و
تذكرت إمتحان مادة الفيسيولوجى فهى فى سنتها الثانيه لكلية الطب .. همت
مسرعه للحمام ثم توقفت بعدما وقعت عيناها على النتيجه المعلقه على الحائط بتاريخ
اليوم ..زمجرت تستشاط غضبا التفتت له صارخه " اوبااا النهارده أجازه
" ..
تصنع الاندهاش " بجد
" ..
زفرت بحنق و نظرت له و
الشرار يتطاير من عينيها " لو مهربتش دلوقتي هقتلك " ..
حمحم مبتسما و قال
بالاشارة " طب اشوفك بعدين بقي " خرج من الغرفه و من ثم دخل ثانيه
" تحبي تفطرى ايه "
القت بوجهه وساده فخرج
أخيرا تاركا إياها تصرخ فى الغرفه و تتمتم بالشتائم التى لن يسمعها إلا لو كان
أمامها و فهم إلى ما ترمى إليه حركة شفاها ..
هذا هو حال كل صباح
يجتاح صراخها و ضحكاته الحنونه بالرغم من صمتها و لكن روح ضحكته تدوى فى المنزل..
فمنذ ان وقع ذلك الحادث
مع والديه و أنحرفت بهم السياره لتنقلب و تتركه وحيدا متسببة له بأرتطام حاد
بالرأس نتيجته أصيب بالصم و عدم قدرته على إخراج الكلمات بسلاسه كالمتعلثم..
بعد محاولات عدة نصحه
طبيب له علاقه بأبيه و يساعدهم من باب الشفقه كما يظن " شيون " كلما نظر
فى عينيه بسماعة طبيه تساعده على السمع بقدر يكفي لمجارة حياته اليوميه عندما يكون
شخصا قريبا منه و معاها يجب عليه التحدث حتى لا تتوقف قدرته على النطق نهائياا..
أتجه لغرفته كما أمرته و
أخرج السماعات من صندوقها الطبي..نظر إلي يده و ابتسم بأزدراء ثم وضعها بين أذنيه..
شعر بأهتزاز جيبه فأخرج
الهاتف و أبتسم بعدما قرأ اسم المتصل..قبض يديه مقربا اياها لفمه و حمحم كي ينظف
حنجرته من قلة الكلام و ضغط على السماعات مصدرا نبرة رفيعه كأختبار لعملها...
أجاب بصعوبه مكونا
كلماته بنبرة حانيه " ص صباح ا الخير "
وصلته تلك الضحكه ما
تقوم عادة ببعثرة قلبه لفتات مع رياح الحب " كل سنة و أنت طيب
"
بعثر غرته اللطيفه و
أجابها محرجا " ب بس ده ب بكره "
" عارفه..انا
قلت اهنيك قبل أي حد و مش قادره استني الصراحه على الهدية "
عقد حاجبيه متعجبا
" هدية إ إيه ؟! "
علت نبرتها معبرة عن
حماسها " مبروك أنا لقيت لك شغل "
جحظت عيناه و تسارعت
دقات قلبه فرحا و لكن سرعان ما اختفت ابتسامته مستنكرا " و و هم ع عارفين
حالت تي "
“ ما هى دى
المفاجأه رئيس الشركة اللى بشتغل فيها عنده مشاكل صحيه و بسبب الموضوع ده ابنه
الاعلامى " مين جونغ" المشهور ..استلم الشغل بداله الفترة دى..واحده من
اللى شغالين معايا اتكلمت أنه بني أدم متواضع و بيحب يساعد الناس ..بس يا سيدى رحت
و قولتله على حالتك و وافق تروح بكره
"
شعر بالوهن و لم تعد
ساقه بها قوه ليتدارك الأمر.. لأول مره تتحقق دعوته ..حمد الله إنه لم يفقد الأمل
فالسعاده اخيرا قادمه و ها هى الدنيا تفتح ذراعيها لتحتضنه و تربت عليه مهونة
الالمه .. او .....العكس ربما .....
تلك المره لم يقوى على
الكلام ليس ضعفا و لكن سعادة..لملم شتات نفسه و فتح فمه محاولا أيجاد صوته الضائع
وسط أحلامه السعيده..أرتعشت شفتيه و همس بصوت خافت " أ أ أنا مش ع عارف أقول
لك إيه ..حقيق قي أأنتى صديقة عمر رى "
تعالت ضحكاته لتسمعها أخته
القادمه من الخارج تحك رأسها بلا مبالاه " فى أيه جيون أوني صوت ضحكها جايب
لأخر الشارع "
أردفت جيون " بلغها
بقي الخبر و استنوا لحد ما اخلص شغل و اجيلكم بليل نحتفل سوا و اوعى تجيب تورته
على حسابي المره دى احتفالا بيك ..سلام "
نظر لأخته و تعالت على
وجهه ابتسامة الرضا و ترقرقت عيناه بالدموع كالؤلؤ مزينة محياه..وضع يدية في جيوبه
و أجاب على التساؤلات المرسومه على وجه اخته بنبرة تعالي " ه هشتغل يا ن نارى
خ خلاص "
وضعت نارى يدها على فمها
و ضحكت مداوية بضحكتها المكان ..جرت ناحيته تضمه بقوة لها و تربت على ضهره تهنئه
باكيه " اوبا كنت عارفه ان الفرح قريب و أنك هتاخد حقك من الدنيا دى
"
أحاطها بين ذراعيه و ملس
على شعرها طفلته الصغيره من بدونها الحياة لن يصبح لها طعم..باعد وجهه و قبل
وجنتها و هى بين احضانه " مش ع عايزك تق قلقي ت تانى عليا كل ح ح حاجه هت
تبقي بخ خير ..ركزى ع على مذاك كرتك و ب بس "
هزت رأسها " حاضر
" ابتعدت عنه و مسحت دموعها المنهمره على وجنتيها .. التفتت للجهه المعاكسة
تمحى تلك التجاعيد حول جبتها و عيناها معبرة عن رغبتها للبكاء شفقة على حال اخيها
و ألما على قلبه الطيب فى وسط تلك الغابه..رسمت ابتسامتها متصنعه الجمود و التفتت
له سريعا " هنحتفل النهارده جهز نفسك بقي بما ان كمان النهارده أجازه من
الجامعه "
أبتسم و حرك رأسه نفيا
" جيون ج جايه بليل ق قالت نستن ناها "
زفرت بضيق و سيطرت
الغيره على نبرتها " و ست جيون هتتأخر "
قرص وجنتها " مش
هتبط طلى غ غيره بقي ..دى ه هى اللى ج جايبه لى الشغل "
عقدت يديها بلا مبالاه
متحدثة بقرف " مش صاحبتك طبيعي يعني تعمل كده..المهم " نظرت له بخبث
" مع إنى مش بطيقها بس منكرش انها جدعه ..مش هتعترف لها بقي بأحساسك ناحيتها
" ضربت ذراعها بخفه بذراعه ..
نظر لذراعه بأستنكار و
ارتسمت ابتسامه جانبيه و احمرت وجنتيه خجلا " حاج جه متخصكيش يا حشا ره
" دفعها بأصابعه فى جبتها..ثم أبتعد تاركا الغرفه .
مضت سنتين منذ ان تخرج
من كلية اعلام..سنتين يعود يوميا بعد البحث عن عمل طوال اليوم منكسر الرجاء
و لكنه لم ييأس.. لم تكن تلك السنتين هم فقط ما كان يبحث فيهم عن عمل فمنذ
أن تركاه والديه و تحسنت حالته أخذ يبحث هنا و هناك و لكن لم يحالفه الحظ و ما كان
يخفف عنه التفكير و الهم هو دراسته فى الجامعه و كى يريح عقله صبر نفسه بحجة
الشهاده فربما بعد التخرج سيسهل عليه ايجاد عمل مناسب و لكن حتى مع تخرجه بتقدير
عام امتياز لم تسمح له الدنيا و البشر بالكلام كى يعبر عما يحسه و يخبرهم انه
سيبذل افضل ما عنده و ربما افضل من هؤلاء من يسهل عليهم إيجاد الوظائف بالرشوة...
و لكنه كمن يصرخ بعالم اصيب بالصمم...
تراكمت عليهم الديون
فسدداها بأموال والده التى كان يحتفظ به فى البنك للحاجه القسوى..لم تكن عائلتهم
من النوع المحب فهم يجاهدون للعيش فى تلك الحياه بصعوبه ولن يتنازل احدهم و يخاطر
بالصرف عليهم او تحمل مسئوليتهم و شيون بالتالي لم يطلب..حتى لو كان فى أمس الحاجه
للمال كرامته لن تسمح له بالتنازل و السؤال..و اخته نارى مثله و لو ماتوا جوعا لن
يمدا يدهم لأحد. ..
لذلك تنازلت نارى عن
هوايتها و الحب و سن المراهقه و تعلمت المسئوليه و كيف يسير ذلك العالم بلا رحمة
..و اتجهت لكلية الطب حتى لو دراستها مميته ستبذل اقسي ما عندها لتتخرج منها و تنل
فرصتها فى تلك الحياه القاسيه و ستساعد أخيها بما أوتيت من قوة و نفوذ...
جلس على كرسي طاولة
الطعام و تذكر اخر مره تأكد من الرصيد فى البنك و انقبض قلبه فما كان سيفعل بدونها
الآن...ابتسم لكلمات نارى و وضع يديه على قلبه الذى ينبض عشقا متذكرا كيف تعرفا
لاول مرة. ..
بعد الحادث أعتاد شيون
على الصمت حوله حتى مع وجود الناس حوله و تعابيرهم المختلفه فهم كالعرائس فى عرض
صامت وجوه بلا اصوات كحياه بلا هواء..
فما كان له غير ان يهرب
يوميا لسطح العماره المهجور ليزح ما في قلبه بعيدا عن اخته الصغيره..اخر شئ يتمنى
رؤيته ان تشاهده ضعيفا او منكسرا..
جلس على حافة السور
المطل على الشارع و اخذ يشاهد الناس يتمشون ذهابا و ايابا كلا مشغول بشئ ما فمن
تتحدث مع حبيبها تسبه لانه لم يحدثها منذ البارحه و من يتحدث بوقار مع مديره فى
الشركه و حالما اغلق الخط تبدلت ملامحه لضيق و فك ربطة عنقه بأزدراء بينما ينظر
لذلك السكير المتسكع و هو ينظر لهم من أعلى يتخيل حوار هذا و ذاك ..يلمس للهواء
بأنامله مبتسما يداعبه فى حركته المبعثره و يحرك شفتيه مقلدا حركات تلك الفتاه
.
وقف على السور و رفع
احدى رجليه و اغمض عينيه تاركا جسده عبدا للهواء الطلق أما يقذف به للحافه و ينهي
حياته او ينقذه فيدفعه للخلف..أبتسم محركا رأسه بسخريه لما يفكر و فتح فمه محاولا
إخراج صوته فربما يسمع اخيرا من يشتاق اليه صوته التائه وسط الظلام من لا يجده مهما
بحث...
وضع يديه
على بطنه وحنى جسده يشعر بتلك الانقباضات عندما تصرخ عاليا فيعلم انه وصل لذروته
فيبتسم حتى قاطعه احساس طرق على ضهره من الخلف ..
التفت و نظر لتلك الفتاه
التى تنظر له بحنق واضعة يديها حول خصرها كمن تتوعده بالضرب..
نزل من مكانه بحذر و اخذ
يتفحصها متعجبا متى حضرت تلك الإنسيه هل خلت تلك الغرفه التى كان يعتقد انه يسكنها
الاشباح ام تلك احداهم و هى تقف الآن امامه؟! لكن كيف تكون شبح لقد شعر بلمستها ؟!!
تأففت الفتاه و اقتربت
منه و دفعته فى ذراعه ليتخبط فى السور و هو لايزال يتفحص ملامحها التى تكاد تنفجر
غضبا و شفتاها المتسارعه بالكلام فلم يلحق ليفهمها...
صرخت به الفتاه بعلو
صوتها " يااا أنت مجنون مش بترد ليه "
وضع يديه مقابل وجهه
كعلامة توقف و أنحنى لها معتذرا..زفرت الفتاه ساخره لم يفعل " لا ده انت
مجنون بجد. .انت يا بنى ما تنطق "
فهم حركات شفتيها اخيرا
ففى تلك الفتره لم يكن متمرسا فيها و يأخذ وقتا اطول لفهمها حتى مع دروس اخته..جثي
على ركبيته و بأصابعه كتب على بالتراب " انا آسف مش بسمع
"
ضمت شفتيها و جحظت عيناها
بعدما نظر لها فور انتهائه من الكتابه..شعرت بالخجل يتأكلها حيه أرادت قذف نفسها
من تلك العماره من ذلك الشيم الذى تلبسها..ضربت رأسها مؤنبه نفسها و تنهدت "
أنا اللى أسفه " وضعت يديها على فمها بسرعه عاقده حاجبيها تسب نفسها على
غبائها كيف تتحدث ألم يخبرها انه اصم ؟!
أبتسم لردة فعلها
اللطيفه و كتب على الأرض " مفيش مشكله..تقدرى تتكلمي انا بفهم لغة الشفايف بس
بشويش "
ارتسمت ابتسامه خجل على
محياها و تحدثت ببطئ كالسلحفاة التى تحاول جاهده التقاط طعامها و لكنها تشعر
بالكسل " أنا أسمي جيون "
ارتفع حاجبيه و نظر لها
متعجبا و ضحك " مش بشويش للدرجه .. انا شيون "
بعثرت شعرها بأحراج و
احمرت وجنتيها ثم افترشت الارض بجانبه و كتبت على الأرض " اسفه بجد مكنتش
اعرف "
نظر لها بضيق "
خلاص مش بحب الاعتذار .. انا لللى المفروض اعتذر اصلا افتكرتك شبح " وضع يده
خلف رأسه احراجا و ابتسم .. ضحكت و كتبت " شبح شكلي مخيف للدرجه
"
انتهى من القراءه و لوح
لها بسرعه "لا" انحنى فكتب مسرعا " اصل انا ساكن هنا من زمان اول
مره حد يسكن فى البيت ده كنت فاكر انه مسكون عشان كده " حمحم " صوتي كان
عالي شوية "
ابتسمت مستنكره "
عالي شويه ..انا قلت فى مغتصب برا "
وضع يديه على جسده
مصطنعا الخجل " محدش يقدر يلمسني غير بأرادتي "
ضحكت على ما يفعله ثم
صمتت قليلا تنظر حولها قبل ان تتحدث " انت من زمان كده " محت كده بسرعه
و كتبت بدالها " قصدي من امتى و انت تعبان "
اعتذرت ملامحها عنها
فابتسم لها شيون مهونا " مفيش مشكله ..لا بسبب حادثة "
نظرت له بأسي فشعر
بأحراج ..ابتسم سريعا " أنا مبسوط كده ..احسن من الدوشه اللى عايشين فيها
"
ابتسمت مجاملة "
فعلا " .. ساد الصمت للحظات ثم وقفت جيون فى مكانها تنفض عنها الغبار "
اسيبك بقي "
صمتت ثم قالت بسرعه
متلهفه " انت فهمتنى صح " ... هز رأسه " نعم " و ضحك
..
لوحت له و دخلت
المنزل..ضم إحدى رجليه اليه ساندا يده عليها و ينظر لذلك المنزل ترتسم الابتسامه
على محياه يشكر عاهته للمره الاولى..
كان صعوده للسطح عادته
للهرب من احزانه و لكن من بعد لقائهم اصبح ملتقي سعادته كجزء من الجنه ..دقات قلبه
و رعشته كلما رأها و تحدث معاها اصبحت ادمانه ..فلم يمر ليل حتى و جلس الاثنان
يتحدثان عن كل شئ حتى نسي عاهته و مرضه و احس انه يسمع صوته للمره الأولى.
.
أقتصر حديثهم حول الحياه
و المستقبل و العمل فبأت الصدفه ان تخبره بأنها معه فى نفس الجامعه بعدما تركت
والديها فى الريف بحثا عن عيش افضل و حياة ازهى..
لم يهتم بأن يصبح مشهورا
و غنيا كما كانت تتلخص أحلامها فى تلك الكلمتين و لم يعرهم اهتماما فيكفي انها
تتحدث معه..حتى لو لم تكن اهدافهم و احلامهم واحده...
تعارفت على اخته و اصبحت
جزءا من العائله حتى مع امتعاض نارى منها احيانا و لكنها عاملتها بلطف و تقبلتها
لم رأته من حب فى عيون اخيها لها...
و حتى مع مرور السنين و
تقاربهما لم يستطع بالبوح عما فى داخله لها فى كل مره اراد فيها..كم يعشق تفاصيلها
و يحب عيونها و يدوب عشقا فى كلماتها كلما هونت عليه مع انه يستمع لها مرار و لكن
منها مختلفه بها سحرا لا يعلم من اين تاتى به..
انتهت الجامعه و تخرج
كليهما هو بمجموع امتياز و هى مثله.. و لكن البشر لهم تقدير خاص لا يهمهم تلك
الشهادة او تلك القلوب و ما بها من أمل و حب للعمل..
لطالما عرفت جيون كيف
تسير فى تلك الحياه القليل من المجاملات و بعضا من النفاق هنا و هناك و لكن شيون
لم يعر ذلك ايضا اهتماما اعماه الحب الاول و الشعور بأنه قادرا ليس به عاهه امامها
عن تصديق ما تراه و يفكر به عقله...
قبلت بوظيفه فى شركة
صحافه و بعد مرور الشهور و بزياده المرتب و الخبره ارتقت جيون و انتقلت من السطح
لشقه صغيره تسعها فى منطقه افضل ..مع ذلك لم تنقطع علاقتها عن شيون بل كان شيون
بالنسبه لها و بيته كبيتها ما يشعرها بالأمان..و لكن فجوة الحب و الاعتراف ازدادت
فأغلق شيون عينيه و اغلق أذنيه و فمه عن البوح و الاستماع لقلبه بأرادته و لأول
مره يجبر نفسه بتقبل عاهته معها و لكن للقلب احكام اخرى لا تسري عليه..."
نظر الي اسمها على
الهاتف و شكرها فى باله ثم مضي يحضر الفطار لهم...انقضي النهار سريعا عم اعتقد و
انتهى من تحضير ملابسه التى سيرتديها غدا ..
دخلت جيون غرفته و بيدها
كتاب الفسيولوجي..وضعت الكتاب من بين يديها و نظرت اليها رافعه احدي حاجبيها
" ايه اللى انت مختاره على السرير ده "
حدثها بالاشاره "
ايه ما هو حلو و شيك "
ابتسمت بسخريه "
شيك لو رايح جنازه صاحبك " حجظت عينه من مثالها الجاحد فلو جنازة صديقه ستكون
جيون لا يعرف غيرها .. اشار لها سريعا " بطلي كلامك الغبي ده .. اومال البس
ايه يا فيلسوفة عصرك "
ابتسمت بغرور و فتحت
الدولاب اخرجت منه قميص جينز ارزق مع ربطة عنق سوداء و بنطال بيج فاتح
..
قذفت باطراف شعرها
للهواء " هى دى الشياكه ".. "ايه العك ده" قذف بتلك الكلمات
الحاده بالاشاره و هو ينظر للكلابس بأشمئزاز..
اذردت لعابها بحرج و
نظرت له متوعده " قرف.. طب انت عارف لو ملبستش كده بكره هدعي عليك و انت عارف
دعوتى مستجابة "
أجابها بسخريه على
ملامحه و بالاشاره قال " اه فعلا "
زمجرت غاضبه من سخريته و
لكن قاطعته عن ضربة صوت جرس الباب.."أنقذتك مني حبيبة القلب
"
دفعها خارج الغرفه لتفتح
لها و بسرعه رتب شعره و تأكد من رائحه ملابسه خالية من العرق ..خرج و لوح لها ثم
أشار لها بعدما رأى تلك العلبه في يدها " كلفتي نفسك ليه
"
فهمت ما يقوله ففى السنه
الثانيه من الجامعه تنافست معه على ان يعلمها لغة الاشاره إن نجحت فى امتحانات
منتصف العام بتقدير جيد .. و بالفعل نجحت و كان سعيدا بتعليمها بل هو دعي أن تنجح
كي يعلمها و يقترب منها بقضاء وقتا اطول و الآن لديه حجه لذلك..
ابتسمت بتكلف "
قولتلك هنحتفل مع بعض " ..وضعت العلبه على طاولة الطعام و جلست ثم ذهبت جيون
لتحضر السكين و الأطباق من المطبخ.. جلسوا حول الطاوله يأكلون الكعك و يستامرون
حول وظيفة الغد..أجابت جيون على سؤال نارى فيما إن كان ذلك الرئيس حقا طيب القلب
كما يظهر فى الشاشات ام لا .." فى الحقيقه انا الاول كنت زي اى متابعه لحد ما
كلمته النهارده راجل محترم جدا و متفهم " نظرت لشيون " متقلقش هو عارف
كل حاجه انت بس عليك تقدم اوراق الجامعه و تقولك عن حلمك "
ابتسم لكلامتها اللطيفه
و قال بالإشارة مستكينا " حلم ؟ المهم اجيب فلوس للبيت و بعدين احلم"
أحست نارى بالثقل على
كاحلى أخيها فشعرت بالحزن..حاولت تغير الجو فضربته على كتفه بخفه " و انا رحت
فين بكره لم ابقي دكتور مشهوره هغرقك فلوس بس انت اصبر و شوف "
ضربها على رأسها و ضحك
قائلا بالاشاره " خلصي بس انتى من غير مواد و بعد كده غرقي نفسك انا مبسوط
كده "
كانت تشاهد جيون
مشاجرتهم اللطيفه و تبتسم حتى لاحظت السماعات بين اذني شيون " شيون انت ليه
بتتكلم بالاشاره مدام لابسها مش قولنا نبطل العاده دى "
وضع يده خلف رأسه و حكها
مبتسما بوجنتين احمرتا خجلا لاهتمامها " من بكره هتكلم "
نظرت نارى لشيون بأزدراء
و تمتمت بين نفسها " طبعا من بكره مش حبيبة القلب طلبت"
لاحظ حركة شفاها فنكزها
بذراعه ثم ابتسم لجيون ...
انقضي الليل و استيقظ
مبكرا بحماس يدب فى روحه و ابتسامته اكثر اشراقا من الشمس الساطعه وسط السماء
الصافيه..
جهز نفسه سريعا و ارتدى
ما اخترته نارى ليس خوفا و لكن حبا لرباط الاخوى بينهم .. خرج من الغرفه و القي
نظره على غرفة اخته تأكد من خروجها للجامعه و أتجه للصاله...جلس على طاولة الطعام
يشرب كوبا من القهوه ليستفيق قدر المستطاع و يهدأ من توتره..
وضع القدح على الطوله
فلفت انتباهه علبة مغلقه و عليها ورقه ملصقه..
فتح العلبه و اخرج
الساعه الموجوده داخلها..لمسها بأنامله مبتسما ثم قرأ الرساله " كل سنة و انت
طيب يا اخرة صبري .. فاايتينج اوبا متقلقش و ابهرهم بكلامك اللى مصدعنى بيه دايما
^^ بحبك "
اطبق الورقه ووضعها فى
جيبه و تنفس مبتسما متجها للخارج...
وصل لباب الشركه و القي
نظره على ذلك المبني الهائل امامه..انقبض قلبه ثم هز رأسه منفضا تلك الافكار
السلبيه و دخل مبتمسا كما اعتاد ان يقبل على اى شئ جديد مبتسما..
انتظر امام مكتب
السكرتارية حتى خرجت من غرفة الرئيس و سمحت له بالدخول..
زفر شيون بعضا من التوتر
و دخل ..وقف أمام مكتبه و انحنى تحية له ..
نظر له الرئيس من خلف
المكتب عاقدا ذراعيه بأريحه يتفحصه من رأسه حتى اخمص قدميه ثم ابتسم له مشيرا
بالمقعد امامه للجلوس..
جلس شيون و نظر للرئيس
مبتسما ..بلع ريقه و جمع كلماته بصعوبه و نطق بأقصي درجات الثبات حتى لا يظهر ضعفه
" ح حضرتك أنا ج جيون شي فهمت تنى انها قالتلك ع على ح حالتى
"
هز رأسه ايجابا و ارتاح
شيون لأنه لم يبدى ردة فعل الرفض حالما تكلم كما كان يفعل المدراء الذين تقدم لهم
قبله..
أراح الرئيس يديه على
المكتب عاقدا اياهم و نظر إليه مبتسما بتكلف " نظرا لحالتك انا هوافق على شرط
انك مش هتقدر تشتغل على حسب شهادتك اللى جيون شي قالتلي عنها .. طبعا انت عارف
متخرجين الصحافه معظم شغلهم الحواس السليمه .. و انت من غير احراج مش مؤهل لكده
" ابتسم شيون ببعض الضيق ..ثم اكمل الرئيس " فأنت هتشتغل تبع قسم
التحرير .. يعني شغلك معظمه هيكون على الكمبيوتر و اظن ان انت تعرف تشتغل عليه
" هز شيون رأسه سريعا " أ اه "
استدرك الرئيس مبتسما
" تمام ..تقدر دلوقتي تنزل تحت قسم التحرير الدور التانى و انا هبلغهم بوصولك
"
جحظت عينا شيون و قال
متفاجأ " خ خلاص كد ده انا اتقبلت "
ابتسم له الرئيس "
مبروك " ثم رفع سماعة الهاتف و طلب قسم التحرير..
انحنى له شيون سريعا و
ابتسم شاكرا ثم خرج من الغرفه .. أخرج هاتفه و بعث برساله لنارى التى كانت تجلس
بين زملائها فى المحاضره و عندما وصلتها الرساله قرأت ما بها خلسه " نارى انا
اتقبلت "
صرخت فى حماس مما دفع
الدكتور الى طردها خارجا و لكنها لم تهتم و ظلت ممسكه بالهاتف تحدق به و تبتسم كما
لو إنها تقراء اعتراف حبيبها بحبه لها ...
اتجه للدور الثاني و اخذ
يبحث بعينه حائرا عن شخص يستشيره لكنه كان خجلا..شعر بطرق احدهم على ضهره باصابعه
فالتفت له..انحنى ثم قال بصعوبه " ا انا شيون " ..اوقفه الرجل و أكمل
" انت اللى هتشتغل معانا من النهارده ..تعالا ورايا " .. تبعه شيون حتى
وصلا لمكتب صغير متصل بعدة مكاتب فى ساحة كبيره و الكل يجلس على مقعد و امامه
منضده عليها كمبيوتر و بعض الورق منهمكين فى العمل ..
أشار له الرجل و قال
بتململ " ده مكتبك .. عليك انك تطبع اللى هيبعته زمايلك على الكمبيوتر و تعيد
تدقيق فى الإملاء و بعد ما تخلص تبعته ليا على الايميل اللى مكتوب على الورقه
الصفرا الملزوقه على الكمبيوتر دى .. فهمت " .. هز شيون رأسه مبتمسا و مضي الرجل
لمكتبه و جلس شيون فى مكانه.. لم يكن العمل الذي توقعه و لكن على ما يعترض المهم
انه الآن موظف بمرتب ثابت و ها الحياه تعطيه دفعه للإمام و يجب عليه استغلالها...
خطرت جيون على باله ففكر
بالاتصال بها و لكنه لم يرد ازعاجها و قاطعه ايضا حضور زملاء له ببعض الاوراق
أمرين ان ينهى التدقيق فيهم...
أنهى يومه بتعب كاد يطيح
به ليسقط ارضا..اليوم كان مرهقا حد الإغماء و لكنه لم يشتكى او يعترض فهذا هو
اسلوب العمل لمن مثله..
عاد للمنزل منكها و مع
ذلك الابتسامه على محياه لم تمحي..نظرت بشفقه لحاله له نارى بعدما خرجت من
غرفتها سريعا حالما سمعت صوت فتح الباب و ربتت على رأسه بحنان كمن تداعب كلبها
اللطيف " اوباا يا عيني يا بيبي "
رمقها بقرف " ب
بيبي إيه ب بس ..حد يواسي ح حد كد ده "
ضحكت على حاله "
شكلك كيوت اوى و أنت تعبان " قرصته من وجنته " يا لولو
"
ابعد يدها عنه و عقد
حاجبيه مشمئزا " هقوم قب بل ما أموت ا انا "
ضحكت و علت صوتها "
استني بس ده انا عملالك الاكل اللى بتكرهه " قذفها بوساده التقطها من السرير
و اغلق الباب خلفه يضحك على شجارهم ..
بدل ملابسه و انهى الاكل
سريعا مع نارى و اخبرها انه سيذهب للنوم اولا و لتنهي مذاكرتها بعدها تذهب للنوم..
تمتمت بينما تلملم الاطباق " اكيد رايح يكلمها..يقطع الحب و سنينه عشان كده
مش هتجوز "
القي بجسده المتعب على
السرير متذكرا اليوم كيف مضي فمن يتخيل انه اخيرا حصل على وظيفه..التقطت هاتفه و
كتب رقهما و قبل ان يضغط على إتصال تذكر كلمات نارى على الغذاء " و هى
عرفت ازاى تشغلك كده بسهوله و هو الرئيس بيسمح للكل انه يكلمه..مش غريبه شويه
"
حرك رأسه ينفض تلك
الأفكار عن عقله و بدل من الإتصال بعث لها رساله ثم جلس يفكر تلقائيا لا يستطيع
اخراج تلك الكلمات و التسؤلات عنه حتى غلبه النعاس...
مر خمسة اشهر على عمله
بتلك الوظيفه..كل يوم يعود منهكا حد الإعياء و لكنه يتحامل اكثر خاصة بعدما سدد
دينه الأخير و ازداد رصيده فى البنك..
تغيرت تعاملاته مع جيون
بعدما رأى مركزها فى العمل و تعاملتها الغريبه مع بعض زملائها فمن لا يعرفها
سيقول أنها تعاملات مشبوهه..
أزدادت الفجوة بينهم
لعدة أسباب و لكنه لايزال يحتفظ ببقايا حبه لها بين ثنايا قلبة..
انتهت امتحانات نارى و
ظهرت نتيجتها بنجاحها فى كل المواد بتقديرات مرتفعه بعدما اجتهدت و زادت ساعات
مذاكرتها لتهدي اخيها نجاحها و تسعده مقابل عمله و تعبه مهونه عليه...
فى يوم تحدثت مع جيون
على الهاتف و سألتها عن عنوان الشركه و لكنها لم تخبرها السبب..بعد انتهاء الدوام
اتجهت للشركه خلسة لتفاجأة ..
بحثت عنه و تسألت عن
مكانه فى عدة طوابق حتى وصلت له..وضعت النتيجه على مكتبه و وقفت منتظره ردة فعله..
تفاجأ شيون بتلك اليد
المطرقه على مكتبه و تجاهلها فى البدايه ظنا إنها لاحدى زميلاته و لكن عندما وقعت
عنياه على إسم نارى اعلى بطاقة النتيجه تفحصها جيدا و ابتسم للتقدير و التفت
لها ثم وقف فى مكانه و احتضنها مهنئا...
قاطعهم صوتا من الخلف
" أقدر اعرف ايه اللى بيحصل هنا "
ابتعدت عنه نارى سريعا و
لملمت شتات نفسها بعدما تفاجأت من مظهره المرتب و المتأنق حد الخوف " مفيش
حضرتك أنا اخته "
تفحصها بعيونه عدة مرات
و عقد ذراعيه مبتسما ابتسامه لم يفهم شيون مغزاها فقاطعهم متحدثا بصعوبه "
بعتذر حض ضرتك "
اشار له الرئيس "
لا مفيش مشكله .. اختك ؟! " تسأل بأبتسامه جانبيه مستدركا " عندك كام
سنه "
أجابته بتوتر "
19" ابعدها شيون خلفه و استلم دفة الحديث " بعت ذر مره ت تانيه..هى هت
تمشي د دلوقتي و مش هيت تكرر الموض ضوع "
نظف الرئيس حنجرته و عدل
حلتة ثم رمقها نظره اخيره و مضي لما كان يتجه ..
تأكد شيون من اختفائه من
المكان و التفت لنارى و الغضب يعتريه و تحدث مستخدما لغة الاشاره متسارعا "
انتى ليه رديتي عليه مش انا واقف ولا انا مش عاجبك "
أجابته متعجبه من غضبة
المفاجئ " لا و الله رديت عادى مش قصدي"
تنهد بضيق مستدركا
بالاشارة " مره تانيه ابقي امسكي نفسك و مترديش على اى حد و السلام ..مش
شايفه كان بيبص لك ازاى انتى بتستهبلي "
ترقرقت عيونها بالدموع و
لكن أبت النزول حرجا للمكان و شعرت بمن ينظرون حولهم يشاهدون " انا
اسفه خلاص مش هعمل كده تانى و مش هجيلك تانى انا غلطانه "
التقطت النتيجه و مضت
للمنزل..جلس شيون فى مقعده طرق المنضده بغضب يعتريه كلما تذكر نظرات الرئيس لها..
انتهى اليوم و ذهب
للمنزل..جلس على الاريكه ينظر لغرفة اخته المغلقة و قلبة يؤلمه مؤنبا لردة فعله
القويه تجاهها و هى لم تفعل شئ خطأ. .
بعد عدة دقائق و محاورات
بينه و بين نفسه استقر و اتجه لغرفتها..تنهد قبل ان يطرق الباب و ثم فتحه و دخل
صامتا..
وقف للحظات قبل ان يقترب
منها و هى تجلس امام مكتبها..ضم يديه و تقدم بضع خطوات مترددا فمثل تلك المواقف
بينهم دائما ما تكون محرجه فكلاهما يكره الاعتذار لبعضهم و نادرا ما تحدث..
ربت على كتفها و تحدث
بصعوبه " ا انا اس سف "
لم تلتفت له ..اكمل
" عار رف أنى اتسر رعت " بعثر خصلات شعره بضيق و نكزها " ياا ا
انتى عارف فه انى بكره الموا اقف دى "
فلتت منها ضحكه كانت
تحبسها..التفتت له و احتضنته كأنها تهجم عليه بجسدها كاملا حتى وقعا معا ارضا..ضرب
رأسها بخفه و حدثها بالإشارة " متعملهاش تانى و تزعلي "
عقدت حاجبيها " ييه
ما كنت بتتكلم " .. اخرج لسانه " براحتي " ثم قف مكانه " يلا
عشان نتعشي "..
ابتسمت له و خرج تاركا
اياها نائمه على الأرض تنظر الى السقف تحمد الله على وجود اخا مثله فى حياتها..
مر اسبوع على ذلك اليوم
و ازدادت زيارات الرئيس لدور شيون..تعجب فى بادئ الامر و شعر بالضيق لرؤيته مرارا
و محاولة الرئيس للحديث معه ..و مع مرور الوقت حاول ينسي نفسه ما في عقله كى يستطع
اكمال وظيفته و لا يتسبب لنفسه بالطرد..
زادت
الشائعات حول الرئيس الجديد أنه سيتولى منصب ابيه قريبا بسبب مرضه المستمر و
بالمقابل اصبح حديث المكان ..فيسمع بعض زملائه يتحدثون عن مدى طيبة قلبه و
سماحته و شهرته التى فى ازدياد كونه اعلامي كبير فى قناتهم..
و الآخرين يتحدثون عن
نزواته و علاقاته المشبوهه و لكن بحرص شديد حتى تقارب للهمس بينهم عكس متى يتحدثون
عنة بكلام جيد يصل للصراخ فربما يسمعهم فيقوم بترقيتهم .. النفاق...
أزداد كره شيون للرئيس
بعدما أخبرته جيون انه سيقوم بترقيته..
تعجب من أين لها أن تعلم
بتلك المعلومات و لكن كرهه و مقته للرئيس كان يحتل التفكير الأكبر فى عقله..قلت زيارات
جيون للمنزل و شيون لم يتسائل بل ما كان يدور بعقله هل يستقيل ام سيكون مجنونا إن
ترك تلك الفرصه الواحده فى العمر لمثل حالته..الذل...
استقبل خبر ارتقاءة بثقل
و شعر بالضيق عكسما توقع و تساؤل اكثر لم يفعل كل هذا..و عندما يظهر على التلفاز
بينما يجلس مع نارى يشاهدون إحدى البرامج يقوم بأطفاءة سريعا و تتعجب نارى لردة
فعل اخيها...
فكر هل يبالغ فى ردة
فعله ام ماذا؟! لم يقلق هكذا و لم يشغل باله كل هذا التفكير. . ربما بسبب الاشاعات
و لكن هل من مجرد نظراته لنارى تأكد من الإشاعات. .و إن كان يبالغ فلما يشعر
بالضيق كلما تذكر و كأن أحدهم يسرق جوهرته النارده ...
فى غرفة فى إحدى الفنادق
الفاخره يدوى صوت الموسيقي الكلاسيك فى ارجاء الغرفه تجلس جيون بينما ترتدي فستان
أحمر يكشف الضهر مربوط كتفيه حول العنق و مفتوح من الجانبين يكشف عن سيقانها بشكل
مثير بينما يبنسدل كالحرير يغطى باقي الجسد..
سكبت بعض الخمر فى قدح
به ثلج و مضت ناحية السرير تبتسم له بأثارة..مدت يدها فالتقط الكأس منها ثم القت
بجسدها على السرير تنظر له و تعقد حاجبيها بغضب مصطنع " أنت مش معايا خالص
النهارده "
انتبه لكلماتها و ابتسم
بتكلف " هتجنني بنت الذينه من ساعة ما شفتها "
ابتسمت " هى مين دى
اللى اكلت عقلك "
رسم جسدها فى الهواء
ضاحكا " جمالها قوى و انتى عارفانى بضعف قدام النوعيه دى
"
ضحكت " طبعا ..قولي
بقي هى مين "
أشار لها " اخت
صاحبك اللى قولتيلي عليه ..الأطرش ده "
اعتدلت فى جلستها و
ازدردت لعابها بتوتر " قصدك نارى "
ابتسم بنشوة " نارى
حتى اسمها موسيقي زيها "
اشارت له " لا
مستحيل إلا دى ..انت تقد تجيب اي بنت انت عايزها إلا دى "
رفع حاجبه متعبجا و قال
معاندا " طب ايه رايك هى نارى و إلا انتى عارفاني دماغي صعبه ممكن اعمل
اى حاجه و خلى بالك من كلامك معايا متنسيش مكانتك "
تصببت عرقا و شعرت
بالضيق و كأن لسانها لجم و لم تستطع الكلام..فهى تعرفه جيدا ما إن يضع شيئا برأسه
سيفعل المستحيل حتى يحققه..
أبتسمت لتغيير الأجواء
" بس دى مش هتعرف تجيبها "
تمشي بانامله على ظهرها
المكشوف " ما هو ده دورك "
جحظت عيناها و تفاجأت من
كلامه " انا ؟؟! "
هز رأسه إيجابا "
ايوه انتى..بما انك تعرفيهم انتى اللى هتجيبها لى لحدعندى "
حركت راسها نفيا "
مقدرش خالص انت بتحلم "
اشار بأصبعه " لا
مفيش كلمة مقدرش دى..اسمها حاضر " لمس رقبتها و داعبها بحده " و الا
هتزعلي "
انتهت
سهرتهم و تمشت جيون بين شوارع المدينه تشاهد الناس يتحركون حولها و دموعها تنساب
لا أراديا كلما عاد لمسامعها كلمات الرئيس و قلبها يؤنبها على ما هى مقدمة
عليه..كيف تخونهم ..تخون تلك العائله التى احتضنتها و عاملتها كفرد لهم بعدما
طردها العالم بأجمعه و كانت تعتقد ان الدنيا كالغابه أما تأكل او تؤكل لا مجال
للعواطف و المشاعر و كل الكلمات النبيله ..حتى قابلته هو من اعاد لها تلك الاحاسيس
المدفونه داخلها ما اختفت بين الفقر و الجوع و التعب..تلك الاحساسيس و المشاعر
التى تجعلها حية حتى بعدما باعت كل شئ لتصل الى مكانه عاليه حتى جسدها للهرب من
للفقر....
جلست تفكر و تفكر حتى
كاد عقلها ينفجر من التفكير..وقفت و صرخت وسط الحشد يشاهدونها تنفجر
كالمذنب..تذكرت كل ذكرياتهم سويا و كأن عقلها بدلا من أن يهون عليها يعيد تلك
الصور مرارا و تكرارا كمن يلقنها درسا و يؤنب ضميرها حتى تتنحي عم تريد فعله...
بعد صمت دام لساعات و
تفكير اخذت قرارها و عادت للمنزل حاملة هموم و احزان لم تتوقع يوما انها ستواجهها
فلو نفسها من ستؤذى اهون منهم...
فى الصباح التالي اتجهت
لمكتبه و دخلت بدون استئذان..لم يبدى ردة فعل غاضبه عكس ما توقعت بل ابتسم كأنه
ينتظرها..
تماسكت و نظرت له مباشرة
" مش هقدر إلا نارى "
عقد يديه ساندا اياهم
على المكتب " كنت عارف انك هتعملي كده...توء توء للاسف بعد كل ده و بردوا مش
قادره تفهميني " ابتسم بخبث " انا لم اقول حاجه تتنفذ
" ..
ابتلعت ريقها و ازدادت
ضربات قلبها " و انا مش هعمل كده و اعمل اللى تعمله "
تململ فى جلسته و ابتسم
" قولتيلي حلمك تبقي مذيعه صح.. حطى حلمك و فلوسك اللى فى البنك و اهلك و مرض
ابوكي اللى بتعالجيه فى كفه و دول فى كفه" توقف ثم استدرك مبتسما بحماس
" ولا اقولك حطى فيديوهات سهراتك الخاصه فى كفه و هم فى كفه " أرتسمت
ابتسامه جانبيه من بين شفتيه تحمل خبث شديد..
تراجعت للخلف منبعثره فى
خطاها و تحاول لملمة شتات نفسها و هى تبتسم حسرة على حالها بعيون دامعه و بنبرة
مرتعشه " انت كنت بتصورني " ..
قلب شفته السفلي مصطنعا
الحزن " لا لا بلاش تزعلي اوى كده ..احنا لسه فى اول الطريق.. ها تختارى مين
"
ضمت يدها و ضربت مكان
قلبها و بكت بصمت بينما ينظر لها مستمتعا بذلك المنظر كمن ينحر البعير..
جثت على ركبتيها أمامه
مطأطأة الرأس و دموعها تنسدل " هعمل اللى أنت عايزه "
رن هاتف شيون و لكنه لم
يسمعه كالمعتاد فصرخت به نارى بعدما شعرت بالتعب من الرن المتواصل..اخذت الهاتف من
على المنضده و القت به فى وجهه " حط السماعه مش ذنبي اصدع بسبب حبيبة القلب
"
التقط الهاتف و صرخ بها
ثم اجاب بعدما خرجت من الغرفه..توقف قليلا قبل ان يجيب لقد مضى وقت كبير منذ ان
تحدثا اخر مره و خصوصا بعدما رأه فى تصرفاتها فى الشركه مع بعض الزملاء صدفه..ابعد
تلك الافكار و تذكر جيون صديقته مهما حدث و ليؤجل تلك التسؤلات جانبا الان ليطمئن
عليها ثم يتحدث معها لاحقا..فكم اشتاق لصوتها و لكنه نسي ذلك الاشتياق مع ما حدث
فى الآونة الاخيرة و الآن عاد له ذلك الإحساس " جي يون "
شعر بنبرتها متغيره
كأنها تبكي سألها متلهفا " أ انتى كو يسه "
لم تجبه و استدركت قائله
بنفس النبرة " شيون انا" صمتت " انا كنت عايزه اقولك وحشتني انت و
نارى بقالي كتير مشفتكمش "
ابتسم " و ا احنا
كمان ..بقا لك كت ير مش بتيجي "
عللت بنبره خافته "
شغل بقي و انت عارف..المهم انا كنت بطمن عليكم ..سلام "
اغلقت الخط و نظر شيون
للهاتف متعجبا تلك المره الاولى التى يشعر بها بالقلق من جيون .. لم تتصرف هكذا
فجأه و ما بها؟!..
فى اليوم التالي بعد
انتهاء دوام نارى وقفت تنتظر الاتوبيس كما اعتادت و لكنها تفاجأت عندما وجدت جيون
امامها فى سياره فاخره تنادى عليها...اقتربت منها بحذر متفحصه تلك السياره و ضحكت
ثم غمزت لها و هى تستند على النافذه " واااو لا فظيعه الصراحه ..عملتيها ازاى
دى و جبتيها "
ابتسمت لها جيون و خلعت
النضاره السوداء ثم اشارت لها بالدخول " تعالي هوصلك "
وضعت نارى يدها على
المقبض و قاربت على فتحه حتى شعرت بداخلها بشئ ما ينكزها و يحذرها من
الدخول..فتراجعت للخلف بضع خطوات فكما اعتادت تثق بحدسها بكل خطوه و تلك المره
تشعر بالقلق لا تدرى لم..
نظرت لها جيون بتوتر و
حاولت السيطرة على عصبية نبرتها " مركبتيش ليه "
اخرجت نارى الهاتف سريعا
كجحه " مستنيه واحده صحبتي افتكرت هروح معاها ..روحى انتى
"
لم تصر جيون كى لا تشعر
نارى بشئ غريب فابتسمت لها و داعبتها قائله " انتى الندمانه ..اشوفك بعدين
"
لوحت لها نارى بينما
تشاهد جيون ماضية فى طريقها و ابتسمت " مش مشكله هروح بالاتوبيس " ضربت
رأسها " مش كنتى ركبتي وش فقر صحيح "
أجابت جيون على مكالمات
الرئيس التى لم تتوقف كالاسد ينتظر فريسته " ها عملتي ايه
"
ضربت المقود
" مقدرتش مرضيتش تركب معايا
"
علت نبرته " طب و
الحل "
صمتت للحظات " مش
عارفه نارى حريصه جدا و مش بتروح لأى حد ولا مع اى حد غير لم تقول لشيون
"
قال لها بنبره مهدده
" اتصرفي "
تتالت ضرباتها للمقود و
دموعها لا تنفك تنساب على وجنتيها " مفيش غير حل واحد " صمتت للحظات و
نظرت فى المرأه امامها لانعكاسها ..من تلك الشخصيه من تلك الإنسانة لا هى ليست
انسانة بل شيطان ..شيطان حلت اساريره ليهدم الأرض و يلقي بكل من حوله مهما كان
لناره ... استدركت " شيون هو الشخص الوحيد اللى لو حصل له حاجه هتيجي جرى
"
سمعت
قهقهاته الخبيثه فكيف لها ان تكون عبقريه و لتلك الدرجه من الشر " عجبتيني "
مر يومان و استقبلت نارى
اتصالا هاتفي من رقم مجهول يخبرها بأن شيون أصابه التعب فنقله فريقا من العمل
لفندق ملحق بالشركه..لم تكمل باقي المكالمه و اتجهت مسرعة للمكان بعدما علمت
بالعنوان بقلب يتململ قلقا بين اجواف جسدها..
وصلت للمكان ووجدت احدهم
ينتظرها و اعطاها مفتاح الغرفه حالما دخلت ..صعدت للدور و لم تفكر او تستمع لحدسها
الذى اخبرها مررا ان تهرب الان ..وقفت امام باب الغرفه و فتحته و اخذت تلتقط
انفاسها بصعوبه..بحثت بين ارجاء الغرفه على شيون و اخذت تنادى بأسمه و لكن لم يصلها
أي رد ..شعرت بشئ غريب فأخرجت الهاتف من جيبها و قبل ان تفتحه قبض احدهم على يدها
بقوه و القى بالهاتف ارضا ..
التفتت لمن يمسك بيدها
فوجدته ينظر لها مبستما..حاولت التملص من قبضته و لكنها لم تستطع ..تمالكت و صرخت
بة " أنت بتعمل ايه هنا "
اقترب من وجهها و لمسه
بأنامله " من ساعة ما شفتك و انا هتجنن عليكي "
وقفت فى مكانها و دفعته
للخلف بينما لايزال ممسكا بذراعها بقوه " انت مجنون..لو مطلعتش برا هصرخ و
اطلب لك البوليس "
حرك رأسه نافيا "
لا بلاش العنف مش بحبه..احنا ممكن نستمتع مع بعض جدا لو بقتي عاقله و عرفتي بتتكلمي
مع مين و لو طلعتي مجنونه فأنا أجن و بردوا هاخد اللى عايزه "
شعرت بالخوف يدب قلبها و
لم تستطع التماسك بعد الآن " ارجوك سيبني انت عايز مننا ايه..احنا طول عمرنا
فى حالنا و مش بنأذى حد "
ابتسم " الحياه مش
عادله يا جميل للاسف ..ها قلتي ايه "
مسحت دموعها المنسدله
بيدها المتحرره و صرخت به " قذر"
اقترب منها ممسكا
بذراعها و يتحسس جسدها " مبحبش الطريقه دى بس للاسف مفيش غيرها
"
انقض عليها كالحيوان
المفترس منقضا على فريسته..حاولت التملص من بين يديه و لكنها كان أقوى و حتى مع
صراخها لم يستمع لها أحد كمن هاجروا الى بلدة أخرى و اصبحت بمفردها مع ذلك الكابوس
تصارعها و هى ضعيفه لا تقوى على التحمل بعد الآن..حملت مزهريه موضوع على
طاوله و بقوه ضربته على رأسه بها..سقط ارضا للحظات و حاولت الفرار و فتح
الباب و لكنه لحقها و نهض سريعا ثم صفعها بقوة فاصطدمت بطرف السرير سقطت ارضا
تحاول بكل قوتها محاربة ظلم العالم و لكن فجأه ساد الظلام حولها و ساد الصمت
.. الصمت المخيف...
أستيقظت بعيون منتفخه من
البكاء و وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها المميته و تحاول بصعوبه لملمت ملابسها و
وضعها عليها لتغطى جسدها و تخفي العار.. وضعت يدها على الارض تستند للنهوض فشعرت
باوراق المال تحت يدها. .قبضت عليهم بقوه و صرخت بأعلى صوت داخلها يصحبه البكاء و
اخذت تقطع المال و تضرب جسدها مرارا تتمنى الموت و لن تحصل عليه...
لم يتوقف شيون عن
الاتصال بها فتلك هى المره الاولى التى تتاخر بها و تتفادى اتصالاته..وقف و اخذ
يتمشي فى المنزل ذهابا و ايابا يريد الخروج و البحث عنها و لكن اين سيذهب فكل مكان
يعرفه تذهب له نارى بحث فيه و لم يجدها هناك...
بعد دقائق رأى الباب
يفتح فهرع ناحيته.وقف مكانه يتفصحها و ينظر لها متعجبا لحالها لم تبدو فوضوية
الشكل هكذا..
حدثها بالإشارة "
كنتي فين "
لم تجبه و تحركت متطقطقه
الرأس بلا روح الى غرقتها..لحقها و طرق على ذراعها كى تنتبه له فتأوهت ثم صمتت
سريعا ..
امسك ذراعيها و ادارها
ناحيته محدقا بوجهها و هى تبكي بلا توقف ..ازداد غضبه و قلقه فأشار لها "
مالك فى ايه "
لم تتوقف عن البكاء و
ازدادت شهقاتها و تعالت اهاتها متالمة ثم اقتربت منه و اخفت جسدها بين
احضانه..ضمها له و ربت عليها فلا مجال للجدال الآن كل ما يريده ان تهدأ اولا و
لاحقا يتحدثا المهم انها بين يديه ...
جلس بجانب السرير على
مقعد و هى ممده و تغطى نفسها فى السرير بجانبه..اخذ منها كوب اللبن لتهدئتها و
حدثها بالاشاره " احكيلي ايه اللى حصل "
ابتسمت رغما عنها "
مفيش حاجه متقلقش واحد حاول يسرق الشنطه فوقعت على كتفي بس معرفش يسرقها
"
ربت على رأسها محاولا
تصديق ما تقوله و ابتسم لها " نامى دلوقتي و بكره هيبقي احسن " قبل
جبهتها و خرج..
جلست على السرير ضمت
رجليها ناحيتها بين ذراعيها و دفنت رأسها بينهم و بكت بصمت حتى لا يسمعها شيون و
تخبره تلك الحقيقه التى اذا كشفت لن يخسر احدا غيرهم..فربما يجب عليها طاعة ذلك
الحقير عندما اخبرها " هتقولي لاخوكى ايه و حتى لو قولتيله هيعمل ايه مين
هيصدق واحد زيه و يكدبني ..لكن لو سكتى كله هيبقي سعيد و متنسيش اخوكى اللى مصدق
لقي شغل و مستقبله كله معتمد عليكي "
وضعت يديها على اذنيها
متمنية ان تصاب ايضا بالصم و لكن بالصم فى عقلها لتتوفف عن التفكير..
مر شهرا و نصف و حالت
نارى تسوء اكثر اصبحت مهملة فى دروسها.تتأخر فى العوده و فقدت ابتسامتها التى كانت
تضفي على قلب شيون البهجه و كلما سألها عن سبب حالتها تحججت بالمذاكرة و
الإمتحانات. ..تقضي وقتا كبيرا بغرفتها و تنام لفترات هاربة من كل شئ...
فى يوم بين المحاضرات
اتجهت للحمام بعدما شعرت بالغثيان..أحست بالقلق و الخوف بسبب تكرر تلك الحادثة فى
الفتره الأخيرة و تمنت الا يكون ما في بالها..
بعد الجامعه اتجهت
للمشفي و قامت بالفحوصات..خرجت من غرفة الطبيب و المكان يدور بها..لا تقوى على
الحركه و شعرت بالضعف حتى كادت تسقط ارضا..احنت جسدها ببطئ و جلست متكأ على مقعد
بالمشفي و اسندت جسدها على الحائط و دموعها تنهال معبرة عن الأسي و الدمار ما تشعر
به..لم ترمش و لم تتحدث و لم تتغير ملامحها بل اكتفت بدموعها تتحدث عنها و تخبر
حولها عن قصتها و قصة اخيها مع حياة لا تنعم عليهم بالسعاده..
أتجهت للمنزل و دخلته ثم
جلست تلتقط انفاسها..الصمت فى كل مكان و لكن لما تشعر بأن عقلها سينفجر من الضوضاء
المحيطه به..وضعت يديها على اذنيها و صرخت ليصمت كل شئ و بعدها توقفت و جمدت
ملامحها و كمن تبدلت روحها و خلت من كل شئ اتجهت ناحية الحمام..
فتحت صنبور المياه فى
حوض الاستحمام و جلست امامه تنظر بينما يمتلئ ببطئ..تذكرت والدتها عندما سقطت من
قبل هى طفلة و اخبرتها ان الجسد عندما يتسخ ننظفه بالمياه .... و لكن هل يمكن
للمياه ان تنظف ما حل بها ؟! هل يمكن اعتبار شرفها كالطين و نمحيه بالمياه؟! هل
سيكون كل شئ بخير بعدها...
خلعت ملابسها و تذكرت
لمساته له تقيأت فى المرحاض و مسحت فمها ثم وضعت رجلها بالحوض و جلست به .. التقطت
فرشاة الاستحمام و اخذت تفرش جسدها به و تنظفه حتى احمر ذراعها و التهب حد النزيف..
لم يفلح الماء لا لم
يمسح ما تشعر به..ما العمل اذا ربما..القت نظره على كوب موضوع على الحوض يستخدمه
شيون احيانا لتناول دواءه...اخذت الكوب و القت به ارضا التقطت احدى الزجاج المكسور
بيد مرتعشه و ابتسمت مع دموعها المنهمره ..وضعت القطعه على مرفقها و ببطئ تذكرت
شيون و كل احلامها تختفي امامها كالسراب تحاول ان تمسك بهم و لكنها لم تسطع... ساد
الصمت ثانيه و اغمضت عيناها ناحرة يديها و تلك المره ساد الظلام للأبد.
....
عاد شيون من العمل و سمع
صوت المياه قادم من الحمام..اتجه له و رأى المياه تتسرب من الباب ..طرق لنارى عدة
مرات و لكنها عادة ما تجيبه بالطرق لانه لم يسمع ..
و لكن تلك المره لم
تجيبه و بعد عدة مرات شعر بالقلق فكسر الباب و دخل..وقف مكانه متسمرا يشاهد فتاته
و روحه بين المياه و ذراعها ينزف مخطلتا بالمياه..
هرع ناحيتها و جثي على
ركبتيه ..مد يده المرتعشه ليلمس وجهها الشاحب و شفتاها الزرقاء متجمده بها
الدماء..طرق على وجهها عدة مرات و هو يحاول جمع صوته بأخر ذرات قوة لديه و لكنه
مهما حاول و حاول لم يجده فضرب فخذة بقوه و ثب واقفا مكانه بحث بعينه عن منشفه او
شئ ما يغيط به جسدها و بعدها حملها بين ذراعيه مهرولا بها للمشفي..
دخل المشفي مسرعا ناحية
الطوارئ و حالما رأوه الممرضين احضروا سرير متنقل و استلموها منه..وضعوها على
السرير و تحركوا سريعا لنقلها لسرير اخر فى الطوارئ..وضعوا جهاز التنفس على وجهها
و بعض الاجهزه لقياس النبض و جهاز الإنعاش كمحاولة اخيره لإنقاذها..
وقف يهتز جسده كاملا
بعيون ذابله تبكي بلا توقف و هو يشاهد من كانت بالنسبه له الطيب و الحلوى فى تلك
الحياه الموحشه من كانت تهون عليه الصعاب و معها أقسم على حمايتها و العيش سويا
متمسكين بالسعاده و الامل مهما حدث..و لكن حبال الأمل من كانت تمسك بها الآن
تتركها و تتحرر من بين قبضتي يديها ببطئ و كمن يحبسه فى غرفه مغلقه مظلمه بلا
اكسجين و يحاول بصعوبه التقاط انفاسه...
وقعت يده بجانبه و انحلت
قبضة يديه و خارت قواه فسقط مكانه ارضا ..أخذ يحاول التقاط أنفاسه و تزداد ضربات
قلبه حتى شعر بخروجه من مكانه..نظر لأعلى و حاول استدراك ما تقوله شفتا الطبيب مره
ثانيه..ها هو ينطق بها ثانيه يرسم عذابه على شفتيه و ينطق بحكم الحياة القاسيه له
" أسفين الحاله اتوفت " ..
طقطق رأسه و قبض يديه و
أخذ يطرق بها على الارض مرات متتاليه ربما يخرج ما به من غضب و عذاب لا
يحتمل..تعالت صراخه متناثرة آماله و ألامة فى دوامة الظلم..
مضي يتعثر فى خطواته
متجها ناحيتها كي يلقي علي وجهها الملائكي النظره الاخيره..جلس بجانبها على الارض
و حمل يديها الملطخه بالدماء و قبل أناملها البارده كالثلج و مع ذلك لايزال يشعر
بالدفئ ناحيتها..
ربت الطبيب على ذراعه من
الخلف بعدما لم ينتبه شيون لندائاته المتتاليه...وقف خائر القوه لا تزال دموعه
منسابه على وجنتيه..حاول قرأه شفتيه حتى وقعت على رأسه الصدمه الاكبر..جحظت عيناه
و شد على ذراعي الطبيب ممسكا بهم بقوه ناطقا بصعوبه " أ أنت بتقول إي يه
"
ابتلع الطبيب ريقه مجيبا
" المتوفيه كانت حامل فى شهرها الاول "
و كأن ما جرى لاخته لم
تكن صدمة كافيه تفاجأه به الدنيا بل زادت من الحزن حزنا اكبر..
ضحك شيون مستنكرا ما
يحدث له و وضع يديه حول رأسه ينظر حوله يتمنى لو يجد من ينقذه من كل هذا..ولكن
...
انتهي تشيع الجنازه و
عاد الاهالي و المعارف لمنازلهم و كأن حضورهم مثل غيبتهم..
عاد لمنزله و دخله بقلب
متثاقل كمن يريد الهرب منه و لكن لا مفر غيره..جلس على الاريكه و الصمت يعم
المكان..فجأه سمع صوت ضحكاتها قادم من غرفتها ..اتجه بخطوات متثاقله و فتح الغرفه
و معها انهارت دموعه..خيالها فى كل مكان بالغرفه على السرير بينما كانت تجلس تقرأ احدى
كتبها المفضله او تكتب فى مذكراتها و تصرخ به كلما حاول اختلاس النظر..ام عندما
كانت تجلس على المكتب و هو يجلس على الارض امامها تقرأ له ما ستقدمه فى امام دكتور
الجامعه فى امتحان الشفوى و يصفق لها على الرغم من انه لم يفهم معظم ما
تقوله..تحسس السرير و استنشق عبيرها الذى لايزال فى الغرفه .. نظر جانبه و رأها
تجلس تبتسم له و ثم وضعت يديها على يديه تطرق عليها بحنان فاغلق عيناه و شعر
بلمستها و ابتسم باكيا..
حرك شفتيه صامتا "
ليه مقولتيش ..ليه اخدتى قرارك لوحدك و سبتيني "
لم تجبه و اكتفت
بالابتسام فأستردك قائلا بألم " مين اللى عمل كده ..قولي " .. اختفت من
امامه و اختارت عيناه يبحث عن خيالها فى كل مكان حتى وقعت على مكتبها..فتح الدرج
ما كانت تغلقه دوما و لكنه كان مفتوح..اخرج مذكراتها و جلس على السرير يقرأ ما بها...
الصفحات الاولى هى نارى
ببهجتها و ابتسامتها بعيناها و ابتسامتها الجميله و لكن فى الاجزاء الاخيره اصبحت
الصفح بيضاء بعد تاريخ تذكر ما يحمله يومه عندما حضرت الى البيت متأخره لاول
مره..قلب الصفحات بقوه و لكن لم يجد شيئا حتى وصل لاخر صفحات المذكرة "
مقدرتش اقول ..مكنش ينفع ابقي انا كمان عقبه فى حياته لازم استحمل و لازم ادافع عن
شرفي ضد الحيوان اللى بأيده حياتنا و متحكم بينا..اخويا كان عنده حق لم خاف منه و
لكن حتى لو هتعذب كل يوم مش هسمح له يدمرنا احنا الاتنين..هستني لحد ما الحياه
تمدنى بالقوه فى يوم من الايام عشان ارجع حقي انا و اخويا منه"
حدق بما يقرأ و فهم فورا
عن من تتحدث ذلك الحيوان الشهوانى من خاف منه منذ اول مرة رأه ينظر لاخته و ها هى
مخاوفه تحققت ياله لم يتراجع و استسلم من ذلك العمل و لكن للذل و الفقر و الجوع
اقوى منه ..طرق على المكتب بقوه و اكمل يقلب الاوراق حتى وصل لاخر ورقه " انا
اسفه افتكرت انى قويه بس انا مش اقوى من الظلم "
اعتصر المذكرات بقبضته و
صرخ مقطعا اوراقها فى كل مكان و صوته يتعالي حتى كاد عقله يصل للجنون مما يحدث
له..لم تكافئه الحياه هكذا ..هو من لم يستسلم يوما و تقبل كل شئ فى حياته بأبتسامة
امل. .هل هذه هى مكافئه نهاية الخدمه..اهو مخطئ انه لم يسير وفق قوانين الحياه
القذره و لم يتبع سير البشر..
كل ذنبه انه ذو عاهة
تحملها و تقبلها و لم يتحول لظالم يشعر باضطهاد العالم له بل تقبل كلماتهم القاسيه
بقلب ابيض و لم يضعها بباله حتى لا تؤثر به.. هل هو ذنبه انه لم يستخدم قوتة ليعمل
فى الخراب مثل باقي المستسلمين فأتجهوا لاضطهاد باقي البشر.... تحمل و تحامل على
نفسه صمت بأرادته و غصبا عنه .. و لكن حتى لو اصم لم يسمع غصبا عنه كل شئ يمقته و
لا يستطيع غلق اذنيه متى اراد...
فى اليوم التالي اتجه
للشركه و دخل مكتب الرئيس مفجعا و اغلق الباب خلفه ثم قبض على ياقته بقوه حتى كاد
يخنقه..
ابتسم له الرئيس بأزدراء
و لم ترمش له عين او يبدي رده فعل خوفا قال له بصوت مختنق " انت كده فاكر
هترجع اختك "
شد شيون على قبضته و
جحظت عيناه و ترقرت مقلتيه بالدموع قائلا بصعوبه " أ أنت حيوان
"
ضحك الرئيس ساخرا "
هو ده اخرك .. روح العب بعيد "..دفعه شيون للخلف و حمل بين يديه مثقب من على
المنضده كاد يطيح به فوق رأسه حتى دخلت عليهم جيون مسرعه و وقفت بينهم.
.
صرخت به متوسله "
شيون اهدى ارجوك انت كده مش هتعمل حاجه ..هتودى نفسك بس فى داهيه
"
تراجع شيون بضع خطوات
للخلف مبتسما بسخريه و قال لها بصعوبه " انتى بت تدافعي عن نه
"
حبست الكلمات فى حلقها و
لم تستطع الرد مكتفيه بالنظر اليه بأسي كانها تثبت التهمه عليها..فكيف لها ان
تستلم هكذا بسهوله و لا تدافع عن نفسها .. ابتسم شيون كالمجنون و نظر اليها
بأستحقار يكاد يستشاط غيظا كيف لها ان تفعل ذلك به تلك الحقيره من احبها و اهداها
قلبه تطعنته و تسرق منه اغلى ما يملك..
تذكر كلمات اخته عنها
كيف لها ان ترتقي بسرعه فى العمل مع عدد سنوات قليله و كيف أهدته ذلك العمل بكل
بساطة..ذلك العمل و تلك الوظيفه هى السبب فى كل هذا ..هى من تسببت لهم بكل ذلك
الالم مقابل ضمهم لها و معاملتها بالحسني كفرد من العائله ..
أشار لها بيدا مرتعشه
" أ أنتى أللى المفر وض تمو وتى مش هو بس "
ضحك له الرئيس و قال
بثقه شيطان " غبي زى اختك "
التفتت له جيون و صرخت
به " اخرس" لم يتحمل شيون فأنقض عليه ثانيه و لكن تلك المره ضغط الرئيس
زر الاستدعاء و دخل الامن يسيطرون بصعوبه على شيون...
مضي يومين فى السجن و
خرج بعدها مدمرا..تمشي فى الشوارع بلا روح يتخبط به الناس و ينظرون له
بأستحقار..شاهد تتر حياته بين عينيه و كل شئ امامه يتحول للظلام..
تذكر ما فكر فيه
بالسجن..الان الصوره اصبحت واضحه نارى لن تستجيب لنداء احد و لن تذهب لاى
مكان بدونه و هو الوحيد و جيون من يملكون رقمها و من نظرات جيون ااه تلك النظرات
الشيطانيه كيف لها ان تمثل كونها ملاك و تدافع عنه و هى حتى لم تنطق بحرف عندما
سألها مثبته التهمه عليها..اكيد جيون هى من ساعدته على كل هذا..و لكن كيف يثبت ذلك
و هو متكتف ليس باليد حيله و لم يصدقه احد و حتى البلاغ الذى قدمه ضده تم التلاعب
به من شخص ذو نفوذ و كأنه لم يكن موجود..
جلس شيون على احدى
نافورات المياه ساندا رأسه بين يديه..تمتم بين نفسه " اعمل ايه يا ربي..انا
ضعيف مش عارف اتصرف و حاسس انى هموت من الخنقه عايز اتكلم بس مفيش حد عايز
يسمعنى..حاسس انى بموت بالبطئ..اعمل ايه "
رفع رأسه و نظر امامه
فوجد صورة الرئيس فى قناة على شاشة التلفاز المعروضه للبيع و بعضا من الاشخاص
يقفون امامه يستمعون له..تذكر عما كان يقولون عنه زملاءه امامه كونه مشهور اعلاميا
و له شعبيه كبيره وسط الناس..فتمسك بأخر أمل له و نظر للشاشه ثانيه قابضا على يديه
بقوه ....
مر يومين اخرين و انهى
خطته التى عمل عليها بمساعدة معلومات بسيطه من زملاءه و بعض المعلومات التى حصل
عليها اثناء عمله..
انتهى طاقم العمل من
تصوير الحلقه ما يعمل بها الرئيس و مثل عادته فور انتهاء الحلقه يذهب لغرفته و
يستريح قليلا و يمضي للمنزل فى وقت متأخر و هنا خرجت اشاعة كونه يمارس الرذيله فى
الشركه..
انطفأت الانوار ماعدا
غرفة الرئيس ..مرت دقائق ثم انطفئ نور غرفته هو ايضا..وقف مكانه و شعر بالقليل من
الخوف و قام بنداء الحارس من الخارج و لكنه لم يجب عليه فشعر بالقلق و اقترب من
الباب فتحه كي يلقي نظره فجأه تلقي ضربة على رأسه افقدته الوعي
....
شعرت جيون بأهتزاز
هاتفها فالتقطته تاركه كأس الخمر من يدها..قرأت الرساله من الرئيس " تعالي
للشركه فورا "
القت بالهاتف على
المنضده و تأففت بملل..تذكرت اخر مره تأخرت عنه فضربها و هى لن تحتمل حدوث شئ اخر..
فالتقطت حقيبتها ووصلت
للشركه..بعثت برساله له " انت فين الاوضه فاضيه "
رد عليها " اطلعي
غرفة التصوير " ..تنهدت بضيق و صعدت الدور..دخلت و لكنها شعرت بشئ مريب اين
حارسه ذلك الضخم من لا يتحرك بدونه..
أرتمت حقيبتها و وقفت
متمسره فى مكانها تنظر له بعيون متفاجأه..تصببت عرقا و قبضت على يديها متوتره و
خائفه مما تراه..
وقف شيون خلف الرئيس
يحمل سكينا يهدد به رقبته و الرئيس مكتف ومكمما بلاصقه سوداء..
اشار لها شيون بالاقتراب
و إلا سيقتله..اقتربت بخطوات مبعثره متماسكه قدر الامكان و حملت ما كان يمد به
شيون لها..
اخذت الورق و نظرت الى
ما مكتوب به و نظرت له خائفه " انت عايز ايه " ..
اشار برأسه على تلك
الكاميرات و أمرها " أ أفتحى الكاميرا و صو ورينا و أقرى الم مكتوب
"
وقفت متردده ثم تحركت
متفاجأه عندما صرخ بها " أت تحركى "..ركبت المعدات و فتحت زر التصوير
المباشر و وقفت بجانب شيون تقرأ ما بالورقه بصوت عالا..
ابتلعت ريقها و بدأت
" انا تشوي شيون سنى 25 سنه طول حياتي عايش انا و اختى لوحدنا و راضيين باللى
مكتوب لينا..عمرى ما اعترضت و لا اتكلمت برضايا و غصب عنى..حتى لم حكمت على الظروف
ابقي حبيس عاهتي و اتصاب فى حادثه يروح فيها اهلى و ابقي اصم و ابكم معترضتش..و
رضيت لم الحياه و انتوا عاملتونى كانكم اصحاب العاهه بقيتوا صم و بكم و عمي لم
طلبت طلب بسيط جدا انى اشتغل بدل ما اتجه للغلط و لكن للاسف الدنيا مبترحمش و لا
انتوا بترحموا " انسالت دموعها " و حتى صديقتي و البنت الوحيده اللى
بحبها يوم ما ساعدتنى دمرت حياتي..افتكرت الدنيا هتفتح لى دراعتها و تطبطب عليا و
لكن للاسف طعنتني و استغل طيبتي و طيبة اختى رجل شهوانى حيوان الكل بيتكلم عن
اخلاقه و انتوا بتسمعوا ليه و بيضحك عليكم..البنى ادم ده " اشار شيون بالسكين
على الرئيس من كانت عيونه محتارة خائفه فى مكانها مما يحدث.. استدركت "
اغتصب اختى و بسببه انتحرت " رفع شيون رأسه لاعلى تاركا دموعه الحزينه تتخبط
فى وجنتيه مسببا المزيد من الالم ثم نظر لجيون بحنق فأستدكرت " اختى الامل
الوحيد اللى كنت عايش عشانه اختفت و لم جيت اطالب بحقها محدش سمعني كالعاده و كله
عمل فيها اصم .. دلوقتي مش قدامى غيركم انا بين ايديكم و تحت رحمتكم تجيبوا حقى
انا و اختى اللى راحت بسبب شهواته..الراجل ده مش دمرنى انا بس لا دمر ناس كتير
بسبب نفوذه و قوته و استغلاله "
نظرت له جيون بأنكسار و
اكملت " ارجوكم انا عارف انى اللى بعمله غلط بس انتوا الحل الوحيد انتوا اللى
دمرتونى و فى ايديكم بردوا تساعدونى "
وضعت جيون الورق جانبا
نظرت لشيون برجاء " شيون كفايه كده انت مش هتكسب حاجه "
صرخ بها " مش قب بل
ما تعترفي ا انتى و هو باللى عمل توه "
ازاح عنه الشريط فتأوه
الرئيس و مع هذا ابتسم " خلصت المسرحيه بتاعتك .. فاكر انهم هيصدقوا واحد
مجنون زيك "
حدقت به جيون و فهمت الى
ما يرمى الرئيس بكلمته كادت تنطق بالحقيقه و لكن تهديده لها اخرصها..صرخ به شيون
" أ انا مش مجنو ون ..قول اللى عملته "
رفع الرئيس رأسه و التفت
لشيون من يقف خلفه و همس له بنظرة خبيثه " انت فاكر هتضحك عليهم بالكلمتين
دول..انت و اللى زيك مش قادرين تفهموا اننا الاسياد هنا و كل دول العبيد يوم ما
اقولهم يضحوا هيضحكوا و يوم نعيط هندمرهم..قولتلك انت اللى هتخسر حتى لو صدقوك هيحصل
ايه يعنى" ابتسم " هطلع منها عادى جدا و كله هيتهمك انت بالتزوير و
الجنون..خليك مطيع زي اختك و كمل دور الطرش عشان ترتاح "
صرخ به شيون و الغضب
يعتريه مصرا على اسنانه " أ أخرص "..ابتسم له الرئيس و اكمل " اختك
هى اللى اختارت غلط لو مكنتش اتصرفت بغباء كلنا كنا هنبقي عايشين بسعاده طول ما
انت اخرس و اطرش و هى خرسا بمزاجها بس نقول ايه بقي توء " ..
احتقنت الدماء بعروق
شيون و صمت ينظر حوله و يبتسم بسخريه على حاله..تنهار دموعه و روح اخته يشعر بها
فى كل مكان ..نظرت له جيون و ابتعدت عنه بضع خطوات عندما شعرت بيده المرتعشه تتحرك
بأتجاه رقبت الرئيس و يقبض على رأسه بقوة باليد الاخرى..
حاول الرئيس التملص من
بين يديه و صرخ عاليا لجيون يستنجدها و ربما يسمعه اى شخص..و صرخ بالكاميرا
مستنجدا " الحقونى ده مجنون اتصلوا بالشرطه بسرعه "
خلع شيون سماعة اذنيه و
ساد الصمت بأرادته..اغلق عينيه و محى اماله..تذكر ابتسامتها امامها و هى تنظر لها
ثم همس لها " انا اسف "..
مد يده المرتعشه بسكين
تحت رقبة الرئيس و نحر رقبته ببطئ معذبا روحه عل روح شيون تهدا..
صرخت جيون و تعثرت فى
مكانها ووقعت على الارض ضامة جسدها لها تحفي رأسها بين رجليها و تصرخ ليساعدها
احدهم..وقف شيون ينظر للرئيس و الدماء تسيل من رقبته و كيف يهدأ جسده بعدما خرجت
الروح منه...
نظر للشاشه و لكن
الارسال قطعه احدا ما من شبكه اخرى .. القي بالسكين ارضا و ابتسم مادا يده لنارى
الواقفه امامه تبتسم له..
بعد دقائق وصلت الشرطه و
القت القبض علي جسده الخائر لا يهتم بما يحدث له..خرجت جيون من المكان بمساعدة
شرطي..
خرجوا جميعا من المبنى و
نظرت جيون لشيون و هو يدخل لسيارة الشرطه مبتسما لا يدرى ما يحدث حوله..
اغلقت عيناها و انسابت
اخر دموعها واضعة يدها على فمها صامته عما يحدث. ...
مر اسبوع و انتشرت
الاخبار و اصبح ما حدث حديث المدينه الكل يتحدث عنه ..البعض يؤيد شيون و الصحافه
المضاده استلمت الموضوع و اخذت تفتح القضايا القديمه المتعلقه بشبوهات الرئيس ..ز
فى المقابل المؤيدين للرئيس اصواتهم تتعالا فى ازدياد..و فى الاسبوع التالى صدر
خبر انتحار شيون.و.تبدلت الاراء بمجرد صدور خبر تولى عم الرئيس المقتول كرسي
بالبرلمان..
تبدلت عنواين الصحافه من
" قتل الرئيس صاحب شركة .. للصحافه بسبب قضية اغتصاب " الى "
انتحار مجنون قتل الصحفي المشهور بسبب كشفه لجرائم ارتكبها "
اختفي الخبر و نسي
المجتمع الحادثه و انشغلوا بحادثة اخرى..من كان يؤيد و يعارض اصبح مؤيد مع صمت
الضمير امام الرشاوى..صمت افراد المجتمع عن الحديث خوفا من النفوذ و اصبحوا صم بكم
عمى بأرادتهم..ساد الصمت و لكن الصمت المخيف صمت الضمير...
و ها هو طفل تغلق والدته
التلفاز و تتركه يلعب بأنامله يقبض على خيوط اشعة الشمس عله يرى املا جديدا
....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق