~ نصف روح ~
- البارت الاول-

Written By : Bella
كان صباحا غريبا استيقظ فيه على احد احلامي الغير مستقرة... احلامي التي تدور حول شخص واحد و تؤرقني... ليس لسوءها، و لكن لأنها جميلة لدرجة عدم تحقيقها. لكن هذا لم يكن بأغرب ما بالامر. ليس من المعتاد كل يوم ان تجد عجوزا غريبا يجلس في غرفة ضيوف بيتك يحتسي الشاي و تضيّفه والدتك بحفاوة بينما تحضر حقائب لسفركم.
و بعد ساعات من استيقاظي اجد نفسي امشي مع
امي، صديقتي المقربة، و هذا العجوز باتجاه مكان لا اعلمه، و امي تثق به ثقة عمياء
لدرجة تتبعه.
العجوز: هذه الرحلة قد تكلفني حياتي...
سنبقى هنا ليومان على الاكثر.. طاقتي لا تسمح ببقائنا اكثر من هذا.
نظرت لهيون، صديقتي، باستفهام، ثم نظرت
لأمي بذات التعبير.
حاولت سؤالها: امي؟
فقط نظرت الي..
تابعت قولي: من هذا الشخص؟
اجابت باقتضاب: علينا فقط ان نتبعه!
نظرت لهيون متسائلة فهزت كتفيها ايضا.. هي
كذلك لا تعلم!
بدأ الامر عندما نزلت من غرفتي لأجد امي
تحزم حقائبنا نحن الاثنتين، و صديقتي في منزلنا، و امي تخبرها ان ارادت ان تأتي
معنا عليها ان تخبر والدتها اولا لأننا سنغيب عن المنزل لبضعة ايام!
ادعى يورا، في الثانية و العشرين من عمري..
ابنة وحيدة، و اعيش مع امي...
والدي؟ امي تقول بأنه تركنا عندما ولدت
انا.. لا توجد له صور.. في البداية ظننت ان امي تكرهه لذا لم تحتفظ بأي صور له..
الا انه عندما نضجت قليلا.. كنت ارى الحب في عينيها عندما تتحدث عنه، نادرا ما
تفعل، لكن في المرات القليلة التي تفعل، لا ارى سوى حب، اشتياق، و بعض الالم الذي
لا يزال موجودا حتى بعد مرور 22 عاما..
هيون هي صديقتي التي حصلت عليها لدى
التحاقي بالجامعة... تلك التي تتحمل تفاهاتي و تصدق كل حماقاتي، تنصحني و تبقى الى
جانبي مهما فعلت.. لذا فهي لم تتأخر!
"امي سأذهب للتخييم بضعة ايام مع يورا و والدتها" هو ما
اخبرت به والدتها! و اتت حاملة حقيبة ظهر كبيرة للغاية! علمت لاحقا ان بها
مستلزمات لنا نحن الاثنتان تكفينا لأكثر من 10 ايام... مستلزمات تتضمن الطعام
بالتأكيد..!
حزمت اغراضي الخاصة... و لم انسَ القلادة
التي لا زالت بحوزتي منذ اكثر من 5 سنوات... لا استطيع الرحيل بدونها... و نزلت
للطابق الارضي لأجد العجوز لا يزال جالسا في حجرة معيشتنا يتناول فنجانا من الشاي
الدافئ!
و بعد اكثر من 5 ساعات هأنذا!
انا: امي...
فقط اريد ان اعلم ما الذي يحدث حولي! نمشي
في مكان لا يمكن ان يكون في كوكبنا بأي حال، او ربما هو كوكبنا لكن..!!! تبا لا
اعلم شيئا!
تجاهلتني امي.. بالعادة لا تفعل.. لذا كان
من الغريب امر تجاهلها لي.. امسكت بيد هيون و شددت عليها، و هي فعلت المثل.. مع
ابتسامة لطمأنتي..
استراحة بعد الكثير من المشي، تناولنا فيها
الطعام الكثير و الاحاديث القليلة..
بقينا هكذا حتى وصلنا لحافة جبل! بالاسفل
لم تكن هوة، و لم تكن غابة، لم تكن ايضا صحراء موحشة!
كانت مملكة.. او تبدو هكذا فقط! قلعة كبيرة
تظهر للعيان فوق سطح الجبل، و الكثير من المنازل الجميلة للغاية! اشجار و نباتات
كثيرة في كل مكان! لذا لم استطع الا ان افغر فاهي.. ظللت انظر لكل شئ بانبهار
شديد... يا الهي! أتوجد بقعة على الارض بهذا الجمال؟! لم اجد الوقت لأنظر لأمي او هيون... عليّ ان
امتع ناظري بهذا الجمال! ما زاد من جمال المنظر ايضا غروب الشمس... الكرة الملتهبة
البرتقالية التي تلقي بأشعتها على كل ما في المكان لتزيده ابهارا!
العجوز: في الصباح سنحقق غايتنا من الرحلة...
اما الان، فسنجد مكانا لتبقوا فيه
انتبهت عليه، و وجهت ناظري لأمي... ما بها
هكذا؟! و كأنها تتوق لهذا المكان؟ او كأنها تعرفه من قبل؟! بقيَت شاردة لبعض الوقت
قبل ان تلتفت للعجوز
قالت بحزم: اظن بأني جاهزة...
هيون لم تنتبه على اي من هذا! كانت لا تزال
شاردة في المنظر الذي يوجد امامها!
بينما انا بدأت بالتساؤل: جاهزة لـماذا؟!
لم ترد عليّ! لماذا تتجاهلني امي هكذا؟!!!!
بينما انا في صراع داخلي، اقترب مني العجوز...
تراجعت للوراء قليلا: مـ-ماذا؟!!!
ابتسم بهدوء: لا تقلقي.. سيكون الامر على
ما يرام.. ليس لديكِ الكثير من الوقت، لذلك استغليه بحكمة!
كل شئ يقال يجعلني فقط في حيرة من امري: اي
وقت؟! استغل ماذا؟! عن ماذا تتحدث!
اكمل حديثه بدون ان يجيب اسئلتي: سنعبر
الحاجز الان.. ستشعرون بخدر في جسدكم لكنه طبيعي... لن نستغرق ثوانٍ قبل ان ندخل الى
المملكة.
اي عبور؟ اذن هي مملكة؟ خدر؟!
هزت امي رأسها موافقة، و هيون لم تكن واعية
لما يدور حولها بعد. كيف لأمي ان توافق على اي شئ يقوله ذلك الشخص بدون ان تعترض
او تتساءل حتى! ليست طبيعة امي.
حاولت ان ابدأ الكلام: امي..
اجابت على عجل: يورا سأجيب اسألتكِ لكن ليس
الان!
قلبت شفتيّ بحزن... شعرت بالقلق لوهلة...
ماذا ان كان هذا الشخص يريد اذيتنا؟ لكن امي ليست بحمقاء او ساذجة، امي شخصية
حكيمة و انا اكثر من يعلم هذا.. لذا التفت لهيون لأرى ماذا بها
انا: هيون.. هيون.. هيونااااه!
و كأنها كانت تحت تأثير تنويم ما، استفاقت
اجابتني بذهول: هاه؟! ماذا؟
طرحت سؤالي: أسمعته؟!
هيون: هاه؟!
تنهدت بتعب: سنعبر حاجز ما، و سنشعر بخدر
او ما شابه! سندخل لتلك المملكة!
فغرت فاهها قبل ان تسرع بالقول: حقا؟!!!!!
سأكون بداخل تلك الآية الفنية؟!!!! تبا لماذا نسيت احضار الكاميرا الخاصة بي!!! تبا!
لن تتغير هيون ابدا. امسكت بيدها و بدأنا
بالنزول عن الجبل.. و فوجئت بأنه يوجد طريق "آدمي" في هذا المكان!
لم نستغرق اكثر من ربع الساعة حتى كنا على
اعتاب هذه المملكة... و فجأة امسكت امي بيدي.. المرة الاولى التي تفعل منذ الصباح!
قالت بنبرة يغلفها ندم:.. يورا.. اعلم بأنه
كان عليّ ان اخبرك اكثر... انا اسفة.. و اسفة لأني اخفيت عنك الكثير من الاشياء..
لكن اعدك بمجرد ان نعود.. سيتغير كل شئ!
فقط امئت لها.. ما بها امي؟!
امسكت امي بيد العجوز بيدها الاخرى، و
اخبرتني ان امسك بيد هيون ايضا! ما ان فعلت، حتى ابتسم العجوز ابتسامة صغيرة، و
اغمض عينيه و بدأ بالتمتمة بكلمات غريبة لا اظن اني اميزها على انها اي لغة قد
اعرفها!
بضع ثوانٍ اخرى و بدأت اشعر بتنميل في
اطرافي، و جسدي يخفّ عن الارض، و كأني سأطير ان اصبحت اخفّ من ذلك.. لم اجرؤ حتى
على فتح عينيّ اللتان لم اعلم متى اغلقتهما في المقام الاول، و الذعر المصاحب لكل
ما يحدث كان يشتت عقلي... ثم فجأة، اختفى كل هذا! عدت لوضعي الطبيعي، لكن لم افتح
عينيّ خوفا مما قد ارى
العجوز: مرحبا في مملكتنا... لا استطيع ان
ابقيكم هنا لأكثر من يومين كما اخبرتكم قبلا.. لذلك بدءا من الان، لديكم اقل من 48
ساعة لتنهوا ما اتيتم من اجله...
بقيت انظر بتساؤل له... بينما امي تومئ له
فقط، و هيون لديها نفس تعابير وجهي.. بالفعل صديقتين!
العجوز: سأجد لكم كوخا ها هنا، في الغد
سأجد لكل واحدة كوخا لها ان ارادت، لكننا الان في عجلة من امرنا، لا تجولوا في المكان
الان.. الظلام ليس بصديق ها هنا...
انزلت حقيبتي و كذلك فعلت هيون.. جلست على
حافة الطريق، و كعادتي لا اراديا المس القلادة التي ارتديها دوما... شعرت بها
دافئة تحت اناملي! اخرجتها من تحت معطفي، كانت دافئة! انا لا اتوهم!!! لم تفعل هذا
ابدا!!! حركت رأسي يمنة و يسرى لأبعد الافكار الغريبة عن رأسي.. لا يمكن!
اقتربت مني هيون لتقول بصوت منخفض: اهناك
خطب ما؟
لم اعلم ان كنت اتوهم ام انها الحقيقة...
لم اعلم بما عليّ ان اجيب..
انا: لا اعلم... ربما اتوهم.. لا اعلم
حقا..
فقط وضعت ذراعها حول كتفي و جلست الى
جانبي... تعلم تماما كيف تجعلني اشعر بحال افضل! بقينا لفترة على هذا الحال، و
ارهاقي قد بدأ يسيطر عليّ و كنت على وشك الغفو حينما اتى العجوز مرة اخرى..
العجوز: هنالك كوخ على مقربة من هنا،
تستطيعون البقاء فيه، و مزود بكل ما قد تحتاجون اليه.. هيا بنا؟
اخذنا حقائبنا و لم نلبث حتى وصلنا للكوخ..
مرتب و نظيف، دافئ كذلك. حتى الان لا يوجد سوى شعوري بأن هذا المكان لا يمكن ان
يكون على الارض.. شئ ما هنا يعطيني احساس مختلف لكن ما هو؟ لم اعلم حتى الان
الحقائب وُضعت في جانب الغرفة التي سنبقى
بها، يوجد اسرّة هنا، و توجد اغطية ان اردنا النوم على الارض..
فتحت مجالا للحديث: امي.. ابقي على السرير،
سأنام على الارض، مفيد لعظامي
لم اعلم حقا لماذا تبدو شاردة، لكنها اجابت
على اي حال: يمكنك النوم الى جانبي.. لم تنامي الى جواري منذ سنوات...
ابتسمت و فقط.. اعذريني امي... فقط
اليوم... القلادة لربما تقودني للجنون عما قريب: سأفعل... لكن.. ربما في الغد..
اريد اولا ان اعلم لما نحن هنا.. و ما الذي
يجري؟ و من العجوز؟ و لماذا شعرت بذاك الاحساس الغريب حينما دخلنا الى المملكة؟ و لمَ
تبدو امي غريبة طوال اليوم؟!
جهزت مكان نومي... كانت هيون قد غطت بنوم
عميق بالفعل! و على الرغم من دفء المكان، الا انني حرصت على ان اضع غطاءا ثقيلا
فوقي..
انا: تصبحين على خير امي..
لا تزال الغرفة مضاءة...و لا تزال امي
مستيقظة ترتب بعض الملابس "المرتبة بالفعل"!!!
وضعت قناع الاعين على وجهي و امسكت بالقلادة في كفي و احتضنتها الى قلبي... خمس سنوات.. بالفعل مرت 5 سنوات...
وضعت قناع الاعين على وجهي و امسكت بالقلادة في كفي و احتضنتها الى قلبي... خمس سنوات.. بالفعل مرت 5 سنوات...
لا اعلم كم مضى من الوقت حتى اطفأت امي
مصابيح الغرفة، و شعرت ببعض الراحة... الظلمة تريحني اكثر.. و كأنني قد ولدت في
احضان الظلمة.. امان..هدوء..
سبحت افكاري بعيدا.. الى حين كنت منذ 7
سنوات، كنت فتاة اخرى، شخص اخر غير التي هي انا الان.. احلام كثيرة و امال و خطط
لمستقبل لم اعلمه.. لكن كل شئ تبعثر منذ 5 سنوات.. و لم يتبقَ من هذه الاحلام سوى
قلادة احملها معي في كل مكان، و انام و انا احتضنها بكفيّ قريبا من قلبي.. و اردد
فقط "يوما ما"... خلال الخمس سنوات تعلمت كيف اتعامل مع حياتي
الـ"جديدة".. لم تكن جديدة لكن، كانت حياتي التي لم اتعامل معها قبلا..
اول عام من الخمس السابقين قضيته كليا بغرفتي.. لا اخرج الا للحوائج
الضرورية.. سمعت الكثير من التأنيب، و
الكثير من "عليكِ ان تنتبهي لمستقبلك!".. حاولت بقدر الامكان ان اعزل ألمي
عما يجب عليّ فعله، و اجتزت امتحانات الجامعة لأدخل جامعة مرموقة في بلدي.. حينها
تعرفت على هيون.. صديقتي التي ساعدتني على ان احيا حياة شبه طبيعية.. و على مدار
الاربع سنوات الباقية، عشت على امل "يوما ما سألقاه مجددا.."
بينما كنت افكر بكل هذا شعرت بشخص ما يتمدد
ورائي! و للحظة ذعرت! ثم الذعر تحول لأمل كبير و كنت اعلم ان هذا الامل سيتحطم
بمجرد ان تكوّن و لربما امرض مجددا كما كنت افعل من ذي قبل..
-انها
انا..
صوت امي تسلل الى مسامعي و حطم كل الامل
بداخلي.. كنت اعلم.. و لم يكن يجب عليّ ان آمل من البداية و لأنني حمقاء تشبثت
بالحبال المقطوعة من جذورها.. ان رددت عليها سيخرج صوتي ضعيفاً، مكسورا.. لذا
انتظرت كلمة اخرى من امي..
قالت بينما تربت على ظهري: اعلم بأنه ما
كان عليّ اجترارك الى هنا بدون ان تعلمي السبب، لكنني ايضا اعلم بأنه عليكِ
المجئ... و هيون.. كانت عليها القدوم ايضا.. لن اكون قادرة على الاعتناء بكِ
وحدي..
رميت القناع و التفتُ بذعر لها... لن
تستطيع الاعتناء بي؟ ماذا تعني بهذا؟
همست: امي..؟
كانت تملّس على شعري و تنظر اليّ بعينان
مليئتان بدموع حبيسة: لقد كبرتي كثيرا يا طفلتي... سيكون سعيدا برؤية صغيرته و قد
اصبحت شابة جميلة هكذا...
كانت لا
تزال تملّس على شعري و وجهي، و كانت تخيفني كثيرا!
شعرت برأسي سينفجر من الاسئلة: ماذا
تعنين..؟
اجابت و هي لا تزال تمسح على شعري: هذا احد
اسباب احضاري لك الى هنا... والدك هنا...
بمجرد ان انهت كلماتها كانت الدموع تتدفق
على خديها.. والدي!!! هنا؟! لم ادرِ بنفسي الا و انا احتضنها بشدة و ابكي معها...
كنت دوما ككل طفلة اتمنى وجود والدي الى جانبي.. كنت افكر في احيان كثيرة من اشبه
من والديّ؟ كنت ابكي بصمت كوالدتي تماما... ليس لعدم ازعاج النائمة بعمق في نفس
الغرفة.. و لكن كانت هذه عادة بكائنا..
لبضع دقائق بقينا على حالنا ننتحب... حتى
تذكرت ما قاله العجوز... "لن نبقى اكثر من 48 ساعة"!!
ابتعدت عنها قليلا: لماذا لن نبقى طويلا؟
لماذا لا نستطيع البقاء؟
ردت: ليس هذا هو المهم الان..
وجدتها تدخل يدها تحت معطفي لتمسك بقلادتي!
للحظة ارتعشت و شعرت بالخوف!!! لماذا تمسك امي بقلادتي الان؟!
مسحت دمعة اخرى كانت على وشك السقوط: لقد
كبرتي كثيرا.. وعدت والدك بأن احميكي و لكن.. لم استطع حماية قلبك...
لم افهم كلامها... و لم اكن بتاركة اي شخص
يلمس هذه القلادة.. ليست قلادته.. على الاقل!
توسعت عيناي! ماذا تقصد الان بهذا؟
امي: بدأت القلادة تكتسب بعض الحرارة،
صحيح؟ لأنها تقترب منه فحسب..
و كأن عقلي قد توقف عن العمل.. و كأن
كلماتها لا تملك اي معنى.. و كأنني بداخل حلم و اعلم بأني سأستيقظ منه..
وضحت كلامها السابق باختصار اكبر: ابوكِ
ايضا هو روح.. وقعت بحب روحٍ مثلكِ تماما...
بقيت محدقة بها بغير استيعاب، و وجدت
اناملها تمسح سائلا من على وجنتيّ...
امي: عليكِ ان تجديه.. القلادة ستقودكِ
اليه...
اخرجت من تحت معطفها قلادة مشابهة... حجر و
يحوطه معدن و كأنه يسجنه بداخله.. و القلادة دافئة ايضا..
وضعت الحجر بداخل يدي و اغلقت كفي عليه:
اتشعرين بدفئها؟ والدكِ قريب منّا... و هذا الفتى ايضا.. يبدو قريبا
أتعني امي بكلامها... هيوك..؟ هيوكجاي؟!!!
خمس سنين... خمس سنين لم اعلم عنه اي شئ..
لم اعرف حتى ان كان حيا او ميتا... تلك هي اسوأ مشكلة حين تقع في حب روح... لم اَسمهِ
شبح او عفريت كما قد يطلق عليه البعض.. لأنه روح.. روح و حسب
خمس سنين و انا احاول بشتى الطرق ان
اجده... كل ما كنت اعرفه عنه هو اسم... و لا اجيد الرسم لارسم ملامحه و اسأل عنه..
مجرد اسمه الاول.. و بعض ملامحه المشتتة بذهني..
تعثرت بكلامي: ماذا.. تقـ-...ـصدين؟
ابتسمت ابتسامة هادئة فقط.. و ظلت تنظر
اليّ: اقصد الفتى الذي وقعتِ بحبه منذ بضعة سنوات.. و كنت تخفينه في غرفتك احيانا
كثيرة.. و هو الذي منحكِ هذه القلادة...
لم اخبر امي يوما عنه لأني ظننت بأنها
ستتهمني بالجنون! لم ارد اخبارها لأني اعلم انني حمقاء لأني وقعت بحب روح! لكن لم
اتخيل في اقصى احلامي الجامحة بأني سأكون ابنة روح ايضا!!
انا: الـ..ـقلادة.. لكن..-
قاطعت كلامي متحدثة: القلادة... اسمِها
تقليدا.. او شعارا.. ها هنا، في هذه المملكة على الاقل.. عندما يقع فتى في حب
فتاة.. فهو يمنحها القلادة التي يحملها معه منذ مولده.. و ستربطه بالتي احبها حتى
و ان فرقتهم المسافات.. هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستساعدهم على اللقاء مرة
اخرى..
كل هذا الكلام الكثير لا يستوعبه عقلي
البتة في هذه اللحظة... فقط ظللت انظر لقلادتي التي تحيط بعنقي و ابكي دموع
الاشتياق..
امي: سأحرص على ان تلتقي بوالدك.. هذا اقل
ما يمكنني فعله لأجلك.. لكن ابحثي عنه.. لا نملك الكثير من الوقت.. لا تضيعي وقتك
بالبكاء على ما فات و لا تفكري بأن وقتكِ محدود.. استغلي وقتك معه.. اخرجا سويا
لأحد الاماكن، تناولا الطعام معا.. احرصي على اخباره بمشاعرك الان.. انا لا اريدك
ان تكرري خطأي مرة اخرى... -انزلت يديها على ذراعيّ حتى وصلت لكفيّ و امسكت بهما- يورا... ان سنحت لكِ اي فرصة بالبقاء ها هنا
فأفعلي.. ان استطاع ابقاءك هنا فابقي.. لا اعلم ان كان والدك سيستطيع ابقاءي انا
ايضا.. لكن ان استطعتِ حتى البقاء وحدك فافعلي.. لم تكن ال22 عاما من البقاء وحدي
سهلة.. تحملتها لأجلك انتِ.. كنتِ كل ما تركه والدك لي.. و كنتِ كل ما تمسكت به
للبقاء.. ان استطعتِ البقاء فافعلي!
نظرت للنائمة خلفي.. ماذا عن هيون؟!!
امي: سأحرص على اعادتها سالمة... سأحرص على
ان تكون بخير...
ناظري بقيا معلقين بالاسفل.. ماذا عليّ ان
افعل؟ هل سأجده حقا؟
اسئلتي الكثيرة وجدت مخرجا لها اخيرا:
لماذا تريدنني ان اكون معه..؟ أليس غريبا على امٍ ان تشجع ابنتها على حبٍ كهذا؟
بغض النظر عن ان امي حقا و كأنها تدفع بي
اليه دفعا.. كيف لها ان تعلم كل هذه المدة بدون ان تعترض حتى؟ ابتسمت ابتسامة
صغيرة و حسب..
لم ترد عليّ لبرهة: اريدك ان تنهي مشاعركِ
بطريقة صحيحة... اما ان تأخذي هذا الوقت ليكون وداعا.. و عندها ستستطيعين ان تمضي
قدما في حياتكِ غير نادمة على اختياراتك... و اما ان تبقي معه.. سعيدة... في اخر
بضعة سنوات لم اركِ تبتسمين بحق الا قليلا.. ولم اجدكِ مهتمة بأي فتى.. لا تنظرين
حتى للشباب الذين ترينهم في جامعتك يوميا.. لذا عليكِ ان تجدي حلا لكِ.. انا لن
ابقى الى جانبكِ طوال حياتك.. و لا يوجد والدكِ ايضا...
بقيت لثوانٍ افكر بالذي آل اليه حالي...
على بُعد مسافة قليلة يوجد الشخص الذي لم استطع تجاوز حبه بعد.. و في نفس المكان يتواجد
والدي الذي لم اره ابدا... و في هذه الغرفة ابكي في احضان والدتي و خلفي تنام
صديقتي المقربة... في غضون يوم تبدلت كل حياتي الرتيبة! و قد اجد من كنت ابحث عنه
بيأس لسنوات.. ماذا عليّ ان افعل؟!
اولا.. دموعي عليها ان تتوقف! لست بضعيفة،
و لست بجبانة! و ان كانت حقا القلادة ستقودني اليه..فلتفعل ذلك الان... مسحت وجنتي
و اغمضت عينيّ للحظات... يورا! انتِ قوية! تستطيعين فعل كل ما قد تريدينه..
تستطيعين ان تجديه.. و تستطيعين تقرير مصير بقاؤكِ من عدمه...
انا: سأذهب لأجده.. سأفعل.. لكن كيف اجدكِ
مجددا امي؟!
صوتها الحنون به لمحة قلق: بما انه من هذا
المكان.. اخبريه بأن يعود للحكيم ليتوك.. اخبريه هذا و سيعلم ما عليه فعله
لارجاعكِ.. يورا.. ان لم تستطيعي العودة.. لا! عليكِ ان تعودي لتخبريني انك
ستكونين بخير ان قررت البقاء ها هنا حسنا؟ لا تتركي والدتكِ بدون توديعها هاه؟!
ارجوك؟
كنا نتسابق فيمن يمكنه ذرف دموع اكثر...
امأت لها فحسب و احتضنتها اكثر... 22 عاما ليسوا بكافين ابدا الى جوار امي!
و قبل ان تزداد الامور سوءا، قمت من مكاني
و بدأت بايقاظ هيون..
صوتها
الناعس اتى عاليا مزعجا على الرغم من عمق نومها: ماااذا!! اريد ان انااام!
انا: هيون.. لدينا شئ مهم لنقوم به..
*//*//*
-مااااااااذاااااااااااااااا؟!!!
بعد خروجنا من الكوخ و بعد عناء لشرح الامر
لهيون.. وجدتها تقف بلا حراك و تصرخ في وجهي بـ"ماذا"
وضعت كفيّ على اذنيّ لأحميهما: هيون.. و
كأنك لا تعلمين بأمر هيوك.. انا لم ادرِ الا قبل ساعة على الاكثر!
لا تزال ملامحها المصدومة تتحدث اكثر من
كلماتها: انا لم اقصد امر هيوك.. انتِ... -اشارت الي بأصابع الاتهام- انتِ ابنة
روح ايضا؟!!!
ابتسمت ابتسامة صغيرة... انا حقا فتاة
والدتي الصغيرة.. اقلدها في كل شئ.. حتى في حماقات الحب!
عدت لتفكيري بالشخص الذي عليّ ان ابحث عنه
الان: هيون لا أملك الوقت! عليّ ان اجده!! عليّ ان اعلم مكانه!
هيون: و كيف ستفعلين يا ذكية؟ حقا نحن في
مكان لم يسبق ان علمنا بأمر وجوده قبلا، و لا توجد هنا اي تقنيات حديثة حسبما رأيت
حتى الان.. و نحن في وسط الليل و لا يوجد حتى اناس لتسألينهم! اخبريني كيف سنجده
بقلادتكِ هذه؟ الم يكن بوسعنا انتظار العجوز ليقودنا اقلّه؟
سارعت باخبارها: القلادة تصبح ادفئ كلما
اقتربت من مكانه.. و اذا اقتربت اكثر ستبدأ بالتوهج..
لم تتحرك بعد هيون من مكانها و بدأت بهز
رأسها بـ"لا" بيأس: يورا.. يورا! عليكِ ان تتعقلي قليلا! لربما تُهتِ و
فقدت طريق العودة.. ستضيعين وقتكِ و فرصتك بلقاءه! و ستضيعين فرصتي انا ايضا بلقاء
حبيب صديقتي الذي لم اتوقع لقاءه يوما!
كنت على وشك ترجيها: فقط قليلا.. قليلا و
سنعود ان لم نجده.. ارجوكي؟! ان اردتي العودة فارجعي و سيكون معي عند عودتي.. وعدت
امي بأني سأعود.. لكن.. لا استطيع النوم علما بأنه في نفس المكان ولا استطيع ان
اجده...
تنهدَت بقلة حيلة قبل ان تخطو خطوات ثابتة
باتجاهي: ان كنت ستغامرين، فأنا سآتي معكِ.. لا استطيع ترك فتاتي بمفردها صح؟ لكن
اتعلمين اي اتجاه علينا ان نسلك؟
اجبتها: حسبما اتذكر... في مرة قال لي بأنه
يقضي اوقاتا كثيرة قرب البحيرة.. اخبرني بأنها على اطراف المملكة..
هيون: و نحن لم نبتعد كثيرا.. هيا بنا!!
و كما هي عادة هيون الحريصة المرتبة
للغاية، قامت بوضع بعض الاحجار الصغيرة على جانب الطريق كي لا نضل طريقنا.. نصف
ساعة و نحن نتجول في الانحاء، بدون اي ادنى دليل عن مكان البحيرة...
هيون: حقا كيف سنصل اليه بمكان لا ندري عنه
شئ!!! نحن حتى لسنا بمتأكدين انه عند تلك البحيرة الان! لربما-
تحدثت مقاطعة اياها، او ربما لم انتبه على
كلامها: انها.. تضئ..! بها ضوء خافت لكنها اضاءت قليلا.. نحن نقترب! هو.. ربما حقا
سـ- سأراه!!
فقط امسكت بيدي و بدأت بقيادة الطريق.. و
كلما تقدمنا اكثر ازداد توهج القلادة، حتى وصلنا لمفترق طرق..
نظرت هيون اليّ: اي طريق سنسلك؟
استفتيت قلبي، و اخذت الطريق الايمن.. و ان
كان ضوء القلادة يزداد ببطء منذ قليل، فالآن يزداد توهج القلادة بسرعة شديدة.. و
لهذا توقفت فجأة.. قدماي اصبحتا عاجزتين عن حملي.. و ببطء نزلت على ركبتاي في
منتصف الطريق
التفتت
صديقتي باتجاهي: ما بكِ؟ لقد اصبحنا على مقربة من مكانه! حقا ليس بتوقيت مناسب ان
تتعب قدماكِ الان..
رأسي يدور و افكار كثيرة تهاجمني في الوقت
نفسه: هيـ-هيون.. لا اعلم ان كنت حقا سأستطيع لقاؤه.. لا اعلم ان كنت-
ضيقت عينيها و هي تقاطعني: بالطبع ستلتقينه
لا تفصلنا سوى بضع خطوات! ما الذي سيمنع لقاؤكما الان؟!
رددت: انا لا.. لا اعلم.. لربما تغيرت
مشاعرنا في خلال السنوات او من الممكن ان يكون قد احب اخرى.. او.. لا اعلم.. خمس
سنوات كفيلة بتغيير اي شخص مهما كان و ايضـ-
بدون وعي مني كنت اقبض على القلادة بقوة
بباطن كفي، و قد ابدأ بالدخول في حالة من الهلع ايضا عما قريب.. فاقتربت مني التي
كانت واقفة على بُعد خطوات، و نزلت على ركبتيها مثلي تماما، ثم امسكت بكتفيّ بقوة
حتى رفعت رأسي اليها و بقيت انظر الى ابتسامة صافية بعثت بداخل اوصالي بعض
الطمأنينة التي كنت احتاج اليها حقا!
بنبرتها الهادئة بدأت الحديث: حسبما
اخبرتني، فإن هؤلاء الاشخاص ايا كانوا فهم يعطون هذا النوع من القلادات لمن يقعون
بحبهم حقا.. هذا اولا، و ثانيا، ان كان قد فكر حتى بالتخلي عن صديقتي فأنا على اتم استعداد لتلقينه درس حياته..
سيكون كل شئ على ما يرام.. طالما انني هنا فلا يجب عليكِ ان تقلقي من اي شئ.. همم؟
و كنت بعدها محاطة بذراعان صغيران يلتفان
حولي و يمنحاني بعض الدفء.. لبضع ثوان بقينا هكذا حتى شعرت بالقلادة تزداد حرارة..
كان عليّ ان اتحرك لذا اخبرتها: القلادة..
تزداد حرارة!
هيون:
هيا اذن.. ليس هناك وقت لنضيعه!
امسكنا بأيدي بعضنا البعض، و بدأنا
بالجري... و بعد لحظات بدأت تتراءى لنا شجيرات و كأنها تحمي مكان ما
انا: اظن.. انه المكان..
هيون: هيا بنا
كانت تشدني و انا لا ازال بمكاني..
هيون: ماذا الان؟
انا: لا اعلم.. خائفة!
تنهدتُ للمرة الالف، لم اكن شخصية متعِبة
بقدر ما انا الان.. و لا احب حقا ان اُظهر هذا الجزء من شخصيتي حتى لهيون.. لكن
فجأة و بدون اي مقدمات اجد اقصى احلامي على بعد خطوة من التحقق.. و لربما يتحطم
هذا الحلم في خلال ساعات.. أمن الافضل ان اراه ثم نتفرق بعدها؟ أم ان عليّ ان
اتقبل القدر الذي يأبى ان يجمعنا؟ أعليّ ان اودعه حتى ام ان الوداع فقط سيزيد
الامر سوءا؟
قاطعت افكاري المذعورة: توقفي عن خوفك، و
توقفي عن التفكير بما سيحدث لاحقا! فقط اغتنمي تلك الفرصة بدلا من الندم عليها
لاحقا!!! سنذهب لرؤيته الان!
بقيت تشدني من يدي و انا كالطفلة منصاعة
لها.. ربما هي تعلم بأمور لا اعلمها انا! كانت دوما الحكيمة بيننا نحن الاثنتان..
تجاوزنا الشجيرات لتقع عيناي على بحيرة واسعة، مياه صافية، و قمر ساطع عملاق نوره ينعكس عليها...
تجاوزنا الشجيرات لتقع عيناي على بحيرة واسعة، مياه صافية، و قمر ساطع عملاق نوره ينعكس عليها...
كل هذا لم يكن بشئ مقابل الشخص الممدد على
الارض بجانب البحيرة و يقابل السماء.. طول مناسب، قمر يلقي بضوءه على ملامح هادئة،
شعر مبعثر و قميص ازراره مفككة و تحته كنزة تبرز معالم جسده.. حينها لم استطع حقا
الوقوف.. خذلتني قدماي و وقعت ع الارض و انا لا ازال محدقة به... سنوات و انا
اتمنى فقط ان اكون بمثل هذه اللحظة..
و مع صوت سقوطي، انتبه لوجود احدهم في مساحته
الخاصة، قام ناحية الصوت و اول ما رآه كانت هيون.. بالطبع علم انها بشرية! لذلك عقد حاجبيه
قليلا! ثم تحولت ملامحه للدهشة.. نظر الى جوارها ليجد جسدا بالكاد
يستطيع ان يتماسك.. و وجه ملامحه تشبه الفتاة التي كان يتخيلها قبل لحظات قليلة..
خطوات ثقيلة و متباطئة.. مترنحة قليلا.. شخصان لا يستطيعان استيعاب الواقع الذي
يشبه الاحلام كثيرا..
هيون: انت.. انت هيوكجاي؟!

تحفة جداً �� من أجمل ما قرأت �� .. استمري
ردحذفShereen Adel
زوجي رجل غني جدا واللحام. وجعل المال معا في وقت لاحق الشهر قليل، بدأ تركيب مع أصدقاء السوء .على أشار لي كان وجود علاقة غرامية مع امرأة أخرى. ومحامي العائلة دعوة لي سألني إذا كان لي وزوجي يغيب الفهم، لأن بلدي الزوج تغيير اسم الكتابة على حيلة. أخذ كل ما لدينا لصديقته، وهذا يعني أن ليس لدي أي حصة في الأسرة. وقد أحبطت ط وثني. حتى صديق نصيحتي لي لزيارة عجلة موجة بحيث كانت كل مشاكلي حل خلال 48 ساعة ثم اتصلت عجلة موجة أنها أعرض لي. الدكتور موجة أوجون العجلات، أوجون الدكتور وعد ان كل شيء سيكون على ما يرام كان. بعد أسابيع قليلة جاء زوجي إلى البيت، على يسجد له التسول، تطلب مني الصفح ونسيان الماضي ومواجهة المستقبل أمامنا. الآن أنا في السيطرة الكاملة على وصول زوجي. الشكر الكبير لأوجون الدكتور الذي يعود زوجي إذا كان لديك نفس المشكلة يرجى الاتصال د. اوجون في حياته عبر email.drogunspellcaster@gmail.com
ردحذف