السبت، 24 سبتمبر 2016

*✿▒ على حافة جهنم『 الفصل الأول』▒✿*


على حافة جهنم
الفصل الأول






Written By : Ňoồr




~ غموض ~ 



في كل روايةٍ عدةُ مشاهدٍ مع ثبوت الأبطال .. ولكن في روايتنا نحن إنما هو مشهدٌ واحد تعدد فيه الأبطال .. انقلبت الأمور فأصبح السجينُ هو الجلاد .. وبين الكذبة والصدق اندثرت الحقائق كما النجوم .. والأمور ذات العواقب الوخيمة ما عاد أسهلُ منها ليصنع .. وفي معركةٍ آبدية بين الخير والشر ضاع بنو آدمٍ .. ووسط هذا الكرنفال الحافل تم تحطيمُ العديد من القلوب .. وفي مسرحيةٍ دموية أصرت الحياةُ علي تسطيرها .. جعلت مشهدها الأول والأخير هو " دائرة الإنتقام " .. وبين قطراتِ الدماء وتنهيدات الحرقة المختلطة بالدموع .. كبدتنا الحياة عناء تحمل نوبات الجنون .. حين تُداهمنا عاصفة شوقٍ تسلبنا أنفاسنا الأخيرة .. سلبت منا أغلي ما نمتلك فما عاد لدينا ما نخشي أن نفقده .. وضعتنا في اختبارٍ قاسٍ وكشفت عن براثنها .. أفجعتنا الفراق وليته كان فراقًا عند مفترق طرق نُعرض بوجوهنا ونتنافر كلٌ في طريقٍ عوضاً عن فراقٍ آبدي يرحلُ فيه أحدنا للسماء .. ليتحرر بداخلنا صندوق الكره الأسود .. ويتولد بأعمق نقطة بقلوبنا جنين الانتقام .. ونقف علي حافة جهنم شامخيَّ الرؤوس رغم هول ما نراه .. مهددين الحياة بنيران انتقامٍ تلهبها .. كما ألهبتنا نيران شوقٍ أوقدتها إثر ما سلبته منا !!..
تكحلت السماءُ بالعتمة .. وأبى القمر إلا أن يغادر هو وما حوله من نجومٍ لتلك الليلة .. صوت خفيف الرياح القوى توج المشهد الذي اكتمل بهطول الأمطار بغزارةٍ .. تدافعت القطرات المُنصبة من جُعبة السماء لتلاقي هبوطاً قوياً .. تخبطت بالأروقة وتسكعت بها حتى وصلت إلى ما يُقارب عُقلتين ارتفاعاً .. وكأنها سيولٌ وليست أمطارٌ عادية .. وعلى ما يبدو أن تلك الأمسية الشتوية القارسة التي ألجأت سكان القاهرة بأكملهم إلى منازلهم ليستدفئوا عند مواقدهم .. قد فشلت في ثني تلك الفتاة عن عادتها التي ما انفكت عنها قدر فترةٍ ليست بالطويلة .. حيثُ كانت تسير غير آبهةٍ إطلاقاً بهذا الاصتدام القوى لقطرات المطر بجسدها المتعب .. ورغم لسعات البرد التي تقشعرُ لها الآبدان .. لم يتحرك بها ساكنٌ بعد .. تسيرُ مطأطأه الرأس وقد توشحت السواد .. وجهها باهتٌ وعينيها منتفختان أرهقهما البكاء .. ولكنها لم تكف عنه بل إنه يزداد كلما زادت حدة سقوط الأمطار .. وكأنها دخلت في سباقٍ مع السماء ليريا أيهما بإمكانه ذرفُ الدموع أكثر .. هذا ما ظنته ولم تعلم أبداً أن أمطار تلك السماء ما هي إلا بكاءٌ لحالها البائس .. حيثُ تعيشُ ما يفوق هول الجحيم بأضعافٍ مضاعفة .. صوت خطواتها أصدر ضجيجاً .. تنفسها بات مسموعاً رغم صوت الرياح القوى .. ورغم تلك البرودة إلا أن جسدها يغلي كما المياه عند درجة حرارة المئة .. الرؤية لديها مازالت مُشوشة .. العتمة موحشة ومخيفة ولكن عتمة قلبها أشدُ رعباً .. الطريق بات محفوظاً عن ظهر قلبٍ .. لقد وصلت لهدفها .. ببطء رفعت رأسها وأغمضت عينيها .. وهى تشتمُ رائحة الموت تفوح من المكان .. رفعت أصابعها المرتعدة بصعوبةٍ إثر تشنجها لشدة البرودة .. وضعتها على قلبها وفتحت عينيها لتُلقي بنظرها بعيداً حيث زوايةٍ تمكنها من الرؤية بوضوحٍ أكبر إنها تلك القبور التي تبدو وكأنها ابتلعت وسط ظلامٍ حالك .. خيالاتُ أغصان الأشجار تبدو وكأنها أشباحٌ تتراقصُ على أنغام الموت .. أصوات تحريك أجنحة الخفافيش مرعب .. بالإضافة إلى تلك العيون التي تُحدق بها من وسط بحر الظلام ذلك والعائدة إلى الغربان والبوم .. ولكن هول هذا المشهد لم يؤثر فيها مطلقاً .. ربما كان آثره واضحاً في السابق عندما كانت تأتي معه إلى هنا لزيارة قبر والديها ولكن الآن ليس هناك أي رد فعلٍ .. فتح عقلها دفاتر الذكريات على مصرعيها .. وعصفت بها الحياة .. لتهوي فوق آحد القبور وهي تضرب عليها بإحدي يديها .. والآخرى مصوبة نحو فؤادها .. أو بالأصح هذا التجويف الخالي من الفؤاد .. ربما سابقاً كان لديها قلبٌ يشع بالحياة .. أما الآن فلا ،
 مر الوقتُ طويلاً وهى في نوبة الجنون تلك .. حتى توقفت فجأةً مع عودة السماء لصب المزيد من الأمطار .. اعتدلت في جلستها على أرض تلك المقبرة .. استندت إلى القبر وثنت قدميها إلى صدرها وأحاطتهما بذراعيها دافنةً رأسها بهما .. وبدأت دموعها تنسالُ بهدوءٍ هامسةً بصوتٍ محشرج : بقا كدا يا هيتشول ؟؟ هو دا وعدك بإنك مش هتسبني ؟ معقولة هونت عليك تسبني لوحدي في الدنيا دي ؟؟ أنا تعبت يا هيتشول من غيرك خلاص مش قادرة أكمل , نفسي أعرف الحقيقة بحاول لكن مش قادرة , قولي مين إلي عمل فيك كدا ( صرخت بقهرٍ ) رد عليا متسبنيش أكلم نفسي , إيه إلي حصلك انا متأكدة إن دى مش موتة ربنا زي ما قالو , بس خلاص يا حبيبي اقسملك ما هرتاح غير اما اجبلك حقك ومهما كان التمن ( شدت على قبضة يدها بعنفٍ .. ثم لمست ذلك الشئ المعلق بخصرها .. ابتسمت تلك الابتسامة المرعبة التي تحمل في طياتها الكثير .. صرت على أسنانها بعزمٍ ثم ركضت وهى تصرخ بكل قوتها ) هنتقم مهما كان التمن ، هتندمو انكم اخدتو اغلى حاجة في حياتي , مبقاش عندي حاجة اخسرها ومستعدة اعمل اي حاجه عشان ارتاح  انا هعرف اجيب حقك يا هيتشول  ,
تابعت الركض حتي وصلت لإحدى أفخم أحياء القاهرة .. نظرت لتلك الناطحة ثم ركضت لتدلف نحو المصعد مباشرةً .. توقف المصعد عند الطابق المطلوب .. قرعت جرس الشقة .. دقائق من الانتظار ثم فُتح الباب ليظهر من خلفه شابٌ بملامح فاتنة رغم آثار النوم الذي مازال مسيطراً عليه .. خصلاتُ شعره الحريرية مبعثرةٌ على وجهه بفوضويةٍ جميلة .. كان يفركُ عينيه وهو يتثائبُ وبمجرد أن أبعد أصابعه شعر بذلك المسدس الموجهه نحو رأسه مباشرةً .. حيث تُمسك به تلك الفتاة المجهولة بيدها جحظت عينا هنري وردد بتلعثمٍ : مـ مريم , ( صوت طلقٍ ناري وبعدها اصتدام شيء ما بالأرض )
***
< صباحُ اليوم التالي >
أشعة الشمس نثرت الدفء ليملأ الكون بأكمله .. في تلك الغرفة المظلمة بدأت الأشعة تتسلل خلسةً بعدما أزالت فتاة في مقتبل عمرها الستائر عن الشرفة .. وتوجهت بوجهٍ مكفهر إلى ذلك الجُثمان الملقى على السرير وعلى ما يبدو أنه لشخصٍ ميت وليس نائماً .. حيثُ تم دفن الوجه أسفل الوسادة .. بينما باقي الجسد مُحاط بالغطاء وملتوي بطريقة بهلوانية مضحكة .. زفرت الفتاة بتململٍ وأزالت الوسادة بعنفٍ قائلهً بنبرةٍ مرتفعة بعض الشيء : يا لهوي عليكي وانتي نايمة شبه الفسيخة  قومي يا بنتي نلحقهم قبل ما ينزلو الشغل عشان ناخد الفلوس,
بدأ هذا الجسد يتحرك ببطء .. ثم اعتدلت صاحبته بتكاسلٍ وبدأت بفرك عينيها .. وهي تبعثر شعرها بمللٍ وتتثائب : استغفر الله العظيم ، يخربيت دى صحوة يا شيخة , وبعدين بقا انا هصحى كل يوم على الموال ده بجد اففف ,
ضربتها مروة على رأسها بشيء من العنف : والله ما عندك دم بقا ، يعني انا تاعبة نفسي ومهتمة بيكي وبدل كلمة شكرا بتنفخى , تعرفي يا نور عنك ما كملتي حاجاتك , يا رب الفرح يجي وانتي لسه مخلصتيش باقي الحاجات عشان بلقا احراج ما يعلم بيه غير ربنا ولا اقولك عنك ما اتجوزتي اصلا,
تقدمت بعض خطواتٍ لتغادر فأمسكت نور بيدها بسرعةٍ : خلاص خلاص  يا ساتر عليكي براحة شوية انا اسفة الف شكر انك مهتمة ببنيآدمة زيي
ابتسمت مروة بنشوةٍ .. ثم عقدت ذراعيها إلى صدرها بنصرٍ مع رفع حاجبها الأيمن : طيب قومي يلا عشان نلحقهم بقولك قبل ما يمشو الله,
نور بتذمرٍ : هو لازم نروح الرحلة دى بقا يا مروة,
تأفأفت مروة ونظرت لها بمللٍ : انتي تطولي تكملي جهازك من شرم يا معفنة ، وبعدين دي اخر رحلة هنحضرها مع الشلة قبل امتحانات السنة دى , خلاص كلها كام يوم وبححح,
أزاحت نور الغطاء ونهضت من فوق السرير .. وبدأت في ترتيب هندامها : طيب هروح اخد من بابا الفلوس ، وانتى اقفشي ف ليتوك وخدى منه فلوسك هاااه,
ابتسمت مروة بانتصارٍ وقفزت من السعادة :  yes هى دى الرحلات ولا بلاش قااادمة يا شرم الشيخ,
ركضت خارج الغرفة متوجهةً ناحية شقتها .. حيثُ تحتوي طوابق ذلك المبنى على شُقتين قُبال بعضهما .. وفي ذلك الطابق شقة والد نور اللواء الشهير .. وشقة والد مروة ضابط الشرطة المتوفى مُنذ إثنى عشرة عاماً في حادثٍ مجهول رفضت الشرطة كشف تفاصيله بالكامل .
دلفت للمنزل فوجدت شقيقها الأكبر ليتوك يرتدي بذلة الشرطة خاصته استعداداً لكي يغادر .. أوقفته مروة قائله بابتسامةٍ بلهاء : استنى عندددك  ,
نظر لها بقلة صبرٍ : انا مستعجل يا مروة اجلي الكلام ف اي حاجة دلوقت لبعدين ، يلا انا ماشي يا ماما عايزة حاجة وانا راجع
ابتسمت الأم الجالسة على الأريكة وتقوم بحياكة إحدى قطع الملابس : لا يا حبيبي لا اله الا الله ، خلي بالك من نفسك
خرج مسرعاً متوجهاً للأسفل حيث سيارته المرابطة .. استقلها متوجهاً بسرعةٍ نحو مدرية القاهرة لبدء يومٍ جديد مُحمل بالمزيد من الأسلاك الشائكة والطلاسم المُعقدة وأطراف خيوطٍ كثيرة .. تُزيد تعقيد تلك القضية عوضاً عن تسهيلها
***
أما في شقة نور .. فقد توجهت ناحية المطبخ حيث والدتها قائلة بتذمرٍ : ينفع كدا يا ماما تسيبي بابا يمشي من غير ما يديني الفلوس ، اجيب انا فلوس من الشارع اكمل بيها حاجاتى دلوقت
نظرت لها الأم بلا مبالاة : ابوكي راكب دماغه انك مش رايحة الرحلة دى  ولو حضرتك مصرة ادفعي انتي فلوسها
أخذت تضرب الأرض بقدميها وهى تزفر بضيق : يوووه بقا مش هنخلصو من الموال دة ، يا ستي مهي مروة هتروح
عقدت الأم ذراعيها إلى صدرها : مروة ماخدتش اذن ابوكي ، لو كانت قالتله كان قالها لا , بس هي اكتفت باخوها بس هي حرة ابوكي مبيحبش يفرض عليها هي بالذات حاجة هو بيعمل الي هي عيزاه بس
نظرت نور لوالدتها بعيونٍ يتطاير منها الشرر : يا سلااام ، اولا انتي عارفه ان بابا كلامه سيف على رقبة الكل ف البتين دول , ثانيا بقا مروة قالت لليتوك وهو قال لبابا وبابا وافق ليتوك قالي مش فاهمة مش موافق عليا انا كمان ليه
نظرت الأم لها بقلة حيلة : اللهم طولك يا روح ، من الآخر كدا بقا ابوكي معاقبك عشان الدرجات الزبالة الى جبتيها ف امتحانات العملي اخوكي قاله
صرت على أسنانها متمتةً : كيبوم يا حيوان
شدت على قبضة يدها وتوجهت نحو غرفة شقيقها الأكبر .. دلفت دون طرق الباب فوجدته ممسكاً ببعض الأوراق والأقلام ويقوم برسم أشكالٍ تخطيطية متعلقة بتلك الجريمة التي يحقق فيها كونه ضابط شرطة هو الآخر .
- انت قولت لبابا على درجات العملي بتاعتي ؟؟
ببرودٍ قال دون النظر لها : ااه
عقدت ذراعيها إلى صدرها بغضبٍ : عايزه اعرف وانت مال حضرتك ؟
ترك الأوراق من يده وأسند ذقنه إلى يده المستندة عمودياً على المكتب : عايزاني اشوفك جايبة الدرجات الزبالة دي على اخر السنة واصقفلك ؟؟
اعتلت الحمرة وجهها وزفرت بضيقٍ : بس انت وعدتني انك مش هتقوله
أكمل كيبوم معترضاً : قولتلك لو شوفتك بتذاكري زي الاول عشان تعوضي الهباب الي عملتيه
أدمعت عيناها : انت عارف الي فيها انا كرهت المادة دى بسبب الدكتور الرخم ده ، ومش قادرة اذاكرها ولا عايزة احضرله محاضرات اصلا ده بني ادم معقد
نهض كيبوم عن مكتبه : معقد ومستقصدك تقومي تستسلمي
انزلقت دموعها بقهرٍ رغم محاولاتها المستميتة لمنع تلك الدموع ولكنها فشلت : انا تعبت من كتر ما بحاول اتجاهله ومفيش فايدة ، كل تعبي هو مضيعه فايدتها ايه بقا
نظر لها كيبوم بحدةٍ : لو كل مشكلة هتواجهك هتقولي مفيش فايدة وتستسلمي ، يبقي مش هتعرفي تكملي ف الدنيا , ولا هتعرفي توصلي لحلمك , لازم نتعب ونحاول مرة واتنين وتلاتة ومهما كان العائق بعزيمتنا هنقدر نكمل , انما نستسلم ونقول مفيش فايدة يبقى مفيش فايدة فعلا بس فينا احنا , كلها كام يوم وهتمتحنى وهتخلصي من كل الهم ده بذمتك ينفع تستسلمي دلوقت ؟ تبقي انتى الى ضيعتى تعبك بايدك فعلا ، ربنا يهديكي يا نور ارجعي لعقلك وخلصي سنتك الاخيرة دى على خير
أزالت دموعها بطرف أكمامها ثم مدت شفتيها بطفولية : يا كيبوم بس
قاطعها عندما توجه ناحيتها وربت على كتفيها بابتسامةٍ حنونةٍ : مبسش بقا  خلاص اتفقنا وليكي عليا يا ستي اني هخلي بابا يوافق يسيبك تروحي الرحلة , بس انا الي هطر اديكي المصاريف بقا للاسف عشان بابا حلف مهو عاطيكي فلوس للرحلة دى حتى لو سابك تروحي ، انتي عارفه بابا دماغه حجر بس اوعديني انك هترجعي تذاكري زى الاول
احتضنته نور بسعادةٍ وأحاطت خصره بذراعيها : شكرا يا احلى كيبوم ف الدنيا ، اوعدك اني هعمل الى انت عايزه , بس انا عايزة فلوس اكمل بقيت حاجاتى عشان هنشتريها من هناك
ربت على ظهرها بفيض حنان الشقيق الأكبر .. ثم ابتعد قيد أنملة وداعب وجنتيها : لا طالما مش فلوس الرحلة يبقي هيديكي متخافيش , يلا يا بت يلا عطلتينى ورايا شغل مهم امشي ( أومأت له بسعادةٍ ثم طبعت قبلة على خده الأيمن وغادرت بهدوءٍ )
***
 < في مدرية القاهرة >
ضرب ليتوك على مكتبه بيده قائلاً بسخطٍ : يعني ايه ملقتوش حاجة ؟
أجاب الضابط الواقف أمامه بتلعثمٍ : يا باشا الشقة مفيهاش ولا دليل ممكن يساعدنا في القضية
تنفس بضيقٍ ووضع يديه على جبينه : يعني ايه مفيش ولا دليل ؟ شقته فاضية مكتبه فاضي , اومال اتقتل عشان ايه ؟؟
دلف كيبوم إلى مكتب ليتوك دون استئذانٍ قائلاً بثقة : عشان ورق مع حد من اتنين
ليتوك بتعجبٍ : كيبوم انت جيت امتى ؟
جلس على الكرسي المقابل لمكتبه وألقى عليه ملف به بعض الأوراق : لسه واصل حالا , كنت ف البيت براجع الورق بتاع القضية دى من الاول  ولقيت طرف الخيط الي ممكن يساعدنا أشار ليتوك للضابط الآخر كي يغادر .. ثم نظر لكيبوم باهتمامٍ ليحثه على الإكمال فقال ) الدكتور اتقتل في بيته وبرصاص حي , كل الشهود اكدو انهم مسمعوش صوت ضرب نار , البواب كمان اكد ان محدش لا دخل ولا خرج من العمارة ف وقت الجريمة , الاغرب من كدا انه قال ان المجني عليه طلع من الصبح بدرى للمستشفى كالعادة ووقت الجريمة كان لسه مرجعش , طب ازاى اتقتل ف شقته وازاي هو مكنش فيها اصلا ؟
زفر ليتوك باختناقٍ : انا هتجنن مش عارف احط ايدي على ولا دليل , الموضوع دة مريب خصوصا انه تاني دكتور يموت وكان بيشتغل ف المستشفى دي ، ده زائد ان ف الفترة الي فاتت حصل كذا جريمة قتل ورا بعضها وكل المجنى عليهم في علاقة مشتركة بنهم وبين المستشفى دي
أكمل كيبوم سريعاً : فاكر البلاغ الي اتقدم من الست العجوزة الي ابنها عمل عملية ف المستشفى الخيري دي ومات , وساعة اما جينا نتخذ اجراءات رسميه الست دى اختفت تماما ، صدقني انا حاسس انها اتقتلت والى قتلها هو نفس الى قتل الدكتورين الى من المستشفي دي
نظر له ليتوك باستفهامٍ : بس ده كان مات بعد ما العملية نجحت وطلع من المستشفي , انت قصدك تقول ايه ؟
كيبوم بثقةٍ : ومين اكدلك ان العملية نجحت ؟ انا حاسس ان المستشفى دي مشيها مش سليم , لو عرفنا المستشفى دي ايه الي بيحصل فيها بالظبط ممكن نقدر نوصل لطرف خيط مهم ف القضية
وضع ليتوك يده خلف عنقه بتآلمٍ : ممكن يكون عندك حق , الغريب ان الي قتله ف بيته اكيد كان عايز ياخد من البيت حاجة او لو ماخدهاش من البيت يبقا اكيد من المكتب , الي يجننك ان مفيش ولا اثر لكركبة لا ف بيت ولا ف مكتب حتى البصمات مفيش , طيب لو افترضنا انه اتقتل ف بيته مش كان اكيد هيحاول يقاوم ف الاول ؟ خصوصا انه معروف عنه انه كان بيعرف فنون قتالية وكان معاه مسدس , معنى كده انه اكيد كان هيحصل كركبة ولو حتى بسيطة بس دة مفيش حاجة خالص , انا هتجنن طب هو مكنش ف البيت اتقتل فيه ازاى ؟
تنهد كيبوم قائلاً : فى احتمالين ، الاول ان البواب بيكدب وسكان العمارة كذلك ، والتاني انه اتقتل بره الشقه وجثته اتحطت فيها بعدين وده معناه برضو ان البواب والسكان بيكدبو , ولو انى استبعد الحكاية دى
ابتلع ليتوك غصته بصعوبة قائلاً : والله ما بقيت فاهم حاجة , بس قولي صحيح انت قولت اما دخلت ان الورق ممكن يكون مع اتنين ورق ايه ومين الاتنين دول ؟
كيبوم : من تحاريتنا عنه عرفنا ان اقرب اتنين ليه هما اخته ودكتور صاحبه معاه ف المستشفي ، ف الفترة الأخيرة كان متوتر وخايف ودايما معاه شنطة سودة صغيرة مكنش بيسبها , احساسي بيقولي ان الشنطة دي فيها ورق مهم للقضية , قبل ما يتقتل بيوم كان بالليل قابل اخته ف النادي الي بتشتغل فيه مدربة كراتية  وبعدها راح لصاحبه ده ف شقته وتاني يوم الصبح اتقتل
حرك ليتوك رأسه بالإيجاب : استدعي اخته وصاحبه ده عشان ناخد اقوالهم
ـ مش هينفع اخته ، هي لسه متعرفش انه اتقتل وعمها طلب منا بشكل خاص منقولهاش عشان ممكن الموضوع يأثر على صحتها
 أومأ بتفهم ثم نهض من فوق كرسيه وتوجه ناحية الشرفة : بفكر اعمل زيارة للمستشفى دي
نهض كيبوم واستند بجسده إلى الحائط المجاور لليتوك عاقداً ذراعيه إلى صدره : معلومتنا بتقول ان المستشفى ملك واحد اجنبي بيدرها من انجلترا , المستشفى كله بيشهدلها انها احسن مستشفى خيري ف مصر ,الغريب بقا هو ليه اجنبي حابب يعمل عمل خيري يعمله ف مصر مع ان الاولى كان يعمله ف بلده
حرك ليتوك رأسه بالنفي : القضية كلها اسئلة وملهاش ولا اجابة , شكلي هعمل كمان زيارة لكام واحد من رواد المستشفي
عمّ صمتٌ مطبقّ لعدة دقائقٍ .. أنهاه كيبوم بصوته المرح لكي يخفف هذا الجو المشحون : زيارة مين يا ابنى انت ناسي انك قدمت طلب اجازة اسبوع عشان فرحك على السنيورة اختي وخلاص اتوافق عليه
نظر له ليتوك وهو يحرك جفونه بصدمة .. ثم ضرب بيده على وجهه : ده انا ناسي الموضوع ده خااالص , يادي المشكلة القضية دى مينفعش تتعطل خالص
ربت كيبوم على كتفه : متقلقش يا عم كدا وراك رجاله ( أشار على نفسه بزهو ) قضيلك انت اسبوع عسل وهترجع تلاقي كله تمام ويمكن ترجع تلاقي القضية خالصه كمان
ابتسم ليتوك بتوتر فقلبه منقبضٌ ولا يدري لمَ يشعر بأن تلك القضية التي تشبه خيوط العنكبوت المتشابكة لن تمر على خيرٍ وبدون خسائر .
***
غرفةٌ مظلمة إلى حدٍ ما .. يتوهج بها ضوء شمعةٍ خافتٌ رائحة دخان السيجار يملؤها .. صوت عقارب الساعة هو من قطع الهدوء الذي أطبقّ على المكان .. التف الجالس على ذلك الكرسي المتحرك خلف مكتبه ليصبح مواجهاً لرجلٍ تعدى عمره نصفُ القرن وبصوته الآجش قال بتعالي : غبائك هو الي هيخسرك ابنك , انت عارف انى معنديش غالي هتقولي هيتشول اتقتل بطريقة مدوخة الحكومة هقولك شابوه برافو عليك ، انما التسجيل الي معاه واتقتل عشانه مجاش لحد دلوقت وده لو وقع ف ايد الحكومة هيفتح عنيهم علينا وانا مش عايز كدا , ابنك بتاع الاخلاق والمبادئ ده لو هيتشول عطاله التسجيل هتكون كارثة بس عليك انت يا حبيبي , لان ديته طلقة رصاص ويحصل صاحبه وبنفس الطريقة ، فاحسلك تعرف منه هو يعرف ايه لو خايف عليه
ابتلع الرجل الآخر غصته بصعوبة وتلعثم في حديثه قائلاً : يـ يا باشا انت عارف انه لا يمكن يقولي على حاجة
ضرب الرجل الآخر المكتب بيده : مش مشكلتي ، معاك يوم واحد واعتقد ان انا كارمك كدا  المفروض اقولك معاك ساعات معدوده , بس انا عارف ان ابنك حشرى ولو معاه حاجه هيدور عـ الي اكتر وانا عايز الى اكتر ( بجديةٍ ) اتفضل
***
 مساء تلك الليلة >
التف أفراد الأسرة حول تلك المائدة التي تحتوي على أشهى أطباق العشاء .. الصمتُ هو سيد المشهد كما العادة .. فذلك الوالد المنضبط في كل تصرفاته .. الذي يتحرك وكأنه يخطو على خط مسطرةٍ لا يحيدُ عنه لا يحبذُ في حياته ما هو أكثر من الهدوء خاصةً وقت الطعام .. كانت نور جالسة بجوار كيبوم وهي تنظر له من الحين إلى الآخر محاولةٍ لتذكيره بوعده الذي قطعه عليها بمفاتحة والدها في موضوع رحلة الجامعة .. ولكنها عندما لم تجد جدوى من الآمر وجهت نغزةً بسيطةً لذراعه .. انتفض جسده ونظر لها بحدةٍ .. فتمتمت بهمسٍ : قوله يا بني
ادعي كيبوم الغباء كنوعٍ من مزاح الإخوة الثقيل : اقول ايه ولمين ؟ ( أعلن بهمسٍ )
- يا سلاام اعمل نفسك مش عارف , بطل رخامة بقا الرحلة بكره مفيش وقت
- رحلة ايه ؟ انا مش فاكر حاجة خالص
- يا كيبوم حرام عليك , بابا هياخد باله من الهمس ده وهيزعق
لاحظ الوالد تلك النظرات النارية التي وجهتها نور لكيبوم .. وهمسُ الأخير ببعض الكلمات بصوتٍ منخفض لم يستطع الأب تفسيرها .. فوضع الملعقة على الطبق بشيء من العنف ليدل على سخطه : في ايه بالظبط ؟ ايه الهمس دة ؟
نظرت له نور بمعاتبة فانفرجت أسارير كيبوم بهدوءٍ قائلاً : عايز اكلم حضرتك ف موضوع يا بابا ممكن ؟
- والموضوع ده ميتأجلش لحد اما اخلص اكل يا حضرة الظابط ؟ ( أعلن الوالد بضيقٍ )
تنحنح كيبوم بحرجٍ : اتفضل كمل اكلك يا بابا
ابتسمت الأم بشيءٍ من الدهاء فعلى ما يبدو أنها عرفت ماهية الموضوع الذي يود كيبوم أن يفاتح فيه والده فهمست هي الآخرى : ربنا يخليكم لبعض , ويحنن قلبكم على بعض دايما
انتهى الجميع من تناول العشاء ونهضت نور لتساعد والدتها في تنظيف الأطباق .. بينما جلس الوالد وكيبوم على آحد الأرائك في الردهة .. بادر الوالد بالحديث : عملتو ايه ف جريمة القتل الي حصلت من اسبوع , وصلتو لدليل ولا ايه ؟
- للآسف لسه مفيش ولا دليل يساعدنا
- شدو حيلكم عشان تخلصوها قبل فرح اختك
- لا يا بابا شكل الموضوع هيغيب القضية معقدة , عموما ليتوك هيسبلي القضية الفترة بتاعة اجازته يا رب اوصل لحاجه مهمة
- ان شاء الله , شد حيلك انت وورينا شطارتك يا حضرة الظابط ( ربت على كتفه كنوع من التشجيع )
- احم , بمناسبة نور وليتوك يعني , حضرتك عارف ان فرحهم بعد اسبوع وكام يوم ونور في حاجات لسه مخلصتهاش ف جهازها , ف فرصة بقا تكمل حاجاتها من الرحلة دى قبل الامتحانات , معلش بقا يا بابا عشان خاطرى وافق انت عارف نور عندية ودماغها جزمة لو اتعاملنا معاها بطريقة الترهيب هتسوء اكتر ، فخلينا ف الترغيب احسن انا كلمتها وهي وعدتني انها هترجع تذاكر زى الاول
تنهد الوالد بضيقٍ .. ثم عقد ذراعيه إلى صدره وأطرق يفكر للدقائق ثم أعلن : ماشي يا كيبوم اما نشوف هتنفذ وعدها ليك ولا لأ , بس انا حلفت مش هديها فلوس للرحلة دي , هي الفلوس الي هتكمل بيها حاجتها بس
أومأ كيبوم بابتسامةٍ : ما انا عارف اني كدا كدا هدبس معاها للابد , يلا هعتبرها صدقة جارية تنفعني ف يوم ضيقة ( ربت على كتف والده ونهض )
***
الغرفة مظلمة .. شمعة واحدة علي شكل قلبٍ هي منّ تبعث بضوءٍ خافتٍ .. موسيقى كلاسيكية هادئة .. جوٌ شاعري للغاية .. حيثُ يستلقي ليتوك في غرفته فوق سريره وأنامله تداعب أزرار الهاتف .
شعرت بالهاتف يهتز في جيبها .. أزالت الرغوة عن الطبق بالمياه على عجلٍ .. ثم جففت يدها بالمنشفة والتقطت الهاتف لتجد كلمة " تيكي " تتراقص على شاشة الهاتف .. انفرجت أساريرها ثم أعلنت لوالدتها على عجلةٍ : ماما معلش كملي انتي باقي الاطباق ( خرجت من المطبخ بسرعةٍ وهي متجهة نحو غرفتها اصطدمت بكيبوم الذي كان في طريقه للمطبخ ليزف لها خبر موافقه الوالد .. قالت بعجلةٍ ) معلش يا بومي
- اه اجري لحسن تتاخرى على سي روميو يا ست جوليت , عموما بابا وافق , اي خدعة ( غمزها بعينه ثم دس مبلغاً نقدياً في جيب بنطالها )
- شكررررا يا عم الساحر يلا يا حبيبي تصبح على خير ( أعلنت بسعادةٍ ثم دلفت لغرفتها .. أغلقت الباب جيداً ثم ألقت بجسدها على السرير بعد أن أطفأت الأنوار .. أجابت علي الهاتف بغنجٍ ) تيكي
- حبيبتي ازيك ؟
- تمام وانت ؟
- تعبااان ( أعلن وقد ارتسمت على شفاهه ابتسامة لئيمة )
- خير يا حبيبي ايه بيوجعك ؟؟ ( بلهفةٍ )
وضع يده على قلبه بعد أن استرخى تماماً : قلبي , قلبي بيوجعني من كتر ما انتي وحشاه
ابتسمت بخجلٍ وبدأت تتلاعب بخصلات شعرها : ممم يا بكاش
زمتْ شفتيه بحزنٍ طفولي : على فكرة بتكلم بجد , بقالي اسبوع حتى ملمحتكيش بالصدفة واحنا ف نفس العمارة ونفس الدور ، اومال لو كنا في بلد تانية كنا عملنا ايه ؟ مكنتش هشوفك خالص ؟
ابتسمت بنشوةٍ وقد بدأت دقات قلبها تعزف لحناً هادئاً على حروف كلماته ثم أردفت بغنجٍ : يعني هو انا الي مشغولة مثلا ف شغلي ومش بشوفك
أرجع خصلات شعره للوراء بيده : انا عارف انى مقصر يا حبيبتي , بس والله غصب عني ، عندي قضية معقدة دة زائد اني لازم اشرف على تشطيب الفرش النهائي بتاع الشقة والقاعة والفرح وكل حاجة هعمل ايه مش بايدي ( تصنع اللكنة المنحرفة المعروفة بين شباب هذا الجيل ) وبعدين يا موزة انا لو عليا هلزقلك ليل نهار
- ياااي بلدي مووت
- بلدي ؟ يرحم بابا
- كان بيشرب الشربة بالخرطوم عارفة ، بقا بالزمة ده كلام ظابط محترم ؟
- ومين قالك انى محترم ؟
- ليتوك اقفل
- خلاص خلاص يا ساتر عليكي , بمناسبة الاحترام ما تجيبي بوسه ع الهوا كدا
- إتلم
- شيفاني متبعتر ؟
- ده انت سحت خالص !
- حطيني ف الفريزر
- ليتوووك وبعدين بقا ف لغة الحواري دي ؟
- عارفه يا نور لما اتعس واتجوزك لو قولتلك هاتي بوسة وعملتيلي الشويتين دول هعمل ايه ؟؟
- هتعمل ايه ؟
- هشيلك واحطك ع السرير واخدك ف حضني و ,,,,, ( صمت )
- و ايه ؟ سكت ليه ؟؟ ( بسذاجة قالتها )
- الحاجات دي تتعمل بس مينفعش تتقال
- بسسسس , انت منحرف خالص اقفل يا ليتوك روح نام وانا كمان هنام عندي رحلة بكرة بدري ( اشتعلت وجنتيها خجلاً عندما فهمت مقصده )
أغلقا الخط عندها قهقه بسعادةٍ على خجلها الطفولي ذلك .. فرغم سنوات عمرها التي تعدت الرابعة والعشرون خريفاً إلا أن عقلها لم ينضج بالكامل بعد .. مازالت تلك الطفلة المشاكسة والساذجة التي عهدها دائماً وأحبها آبداً .. وها هي الحياة تكتب لهذا الحب وجود رابطةٍ أزليةٍ تحيك مستقبلهما معاً للآبد .. دون أى عناء أو مآسي من نوع تلك التي يُلاقيها العشاق هذا ما اعتقدته نور دائماً .. فتُرى هل اعتقادها في محله أم أنها سارعت الأحداث فقط .. وتلك الحياة التي تبتسم لها ستكشفُ عن براثنها قريباً ؟!
***
 <صباح اليوم التالي >
استيقظت الفتاتان مبكراً .. واستعدتا جيداً للرحلة .. حضرتا الحاجيات الخاصة بهما ومن ثم أقلهما ليتوك حيث المطار الذي ستقلع منه طائرة شرم الشيخ .. والذي اتفق الجميع على التجمع به قبل صعود الطائرة .. ودعهما ليتوك بقبلةٍ على جبين كلتاهما .. وبالرغم من أنه حاول الحصول على المزيد من نور لكنها صدته بضربة عنيفة موجهة نحو صدره .. تمتم ببعض عبارات السخط وبعدما تأكد من أن الطائرة قد أقلعت بسلامٍ توجهه نحو عمله .
نزل الجميع من الطائرة وهم متحمسون للغاية .. وقفت مروة بجانب نور التي بدأت في مط جسدها وهي تميل للخلف وللأمام للتخلص من تشنجات السفر .. أعلن أحد المعيدين المكلفين بالإشراف على تلك الرحلة قائلاً بصوته الجهوري : يلا يا شباب خدو شنطكم  وهتلاقو باص برة المطار هيودينا للفندق الي هنقعد فيه ، استريحو شوية وبعدين الي عايز يروح في حته يروحها بس يعرفنا الاول
أومأ الجميع بسعادةٍ وركضوا نحو الحافلة المرابطة بالخارج وبالفعل نقلتهم حيث الفندق .. كان فندقاً ضخماً مطلاً على أروع شواطئ البحر الأحمر .. وقفت الفتاتان تنظران من شرفة الغرفة التي ستتشاركان فيها خلال هذا الإسبوع الذي سيقضيانه هنا .. فظهرت علامات الغبطة على وجهيهما وجدتا الجميع بالأسفل حيث الشاطئ .. ويبدو أنهم يستعدون للمرح .. أشارت إحدى الفتيات لهما لينزلا إلى الشاطئ .. فصرخت مروة بحماس .. وذهبت لإرتداء ملابس مريحة تناسب الأجواء البحرية .. بينما آخذت نور تداعب أزرار هاتفها .. نظرت لها مروة بعيونٍ ضيقةٍ قائلة : ايه يا ست جوليت هتبدأي وصلة النحنحة ، طب انزلي هيصي معانا شويه طيب

عبست نور في وجهها : خمسه ونازله يا رخمة
خرجت مروة من الغرفة .. وحينها وصل صوت ليتوك نور عبر الهاتف قائلاً : وحشتيني
بتسمت بخجلٍ : يا كداب ، ده انت لسه سايبنا عند المطار لحقت اوحشك امتى بقا
ضحك ليتوك ببلاهة : لولا اني في المكتب دلوقت كنت هقولك حاجه كدا
هتفتت بإحباط : قوول وميهمكش انا خطيبتك والي مش عاجبه عنده اربع حيطان يخبط دماغه في واحدة منهم
قهقه ليتوك عالياً : شوف يا عم كيبوم عشان بتظلمنى ، اهي اختك هي الي بتحثني على الرزيلة
شهقت نور بخوفٍ .. بينما وصلها صوت كيبوم عبر الهاتف : خطيبته يا روح امك مش مراته ، اقفلي يا بت انتي بسرعة احسلك
أغلقت نور الهاتف بتوجسٍ .. وبدأت في شد شعرها بطفولية ثم زمتت شفتيها وبدأت تمتم بعبارت السخط على أخيها الذي أفسد لحظاتها مع خطيبها .. ثم قفزت نحو حقيبتها تخرج منها ملابسها .. نزلت حيث تجمع الكل في شكل حلقةٍ أمام البحر تماماً .. ألقت نظراتٍ هائمة على هذا البحر الخيالي الذي يسلب العقول بينماهتفت إحدى الفتيات : دودي هتسأل نور
نظرت لهم نور بصدمة : هاا ؟؟
أشارت الفتاة نحو الزجاجة .. إذ أن طرفيها عند الفتاتان السابق ذكرهما .. فهمت نور مقصدها فجلست بجوارهم وهتفت بحماس : اسألي يا ستي
فكرت الفتاة المدعوة بـ دودى لدقائق .. ثم طرقت أصابعها هاتفةً : الشلة كلها مسمياكي انتي وخطيبك روميو وجوليت عايزين بقا نعرف اتخطبتو لبعض ازاى ؟؟
جحظت عيناها قائلة ً : لالا مينفعش ، حاجة غير دي بلاش رخامة
هتف الجميع : قوووولي الي يلعب اللعبة دي لازم يجاوب على السؤال مهما كان محرج
ابتسمت نور بخجلٍ ونظرت للخاتم الذي يطوق بنصرها وحُفرت عليه حروف اسم ليتوك ثم أغمضت عينيها وبدأت تتذكر تلك الأيام .
***
جلس كيبوم خلف مكتبه بهدوء .. موجها نظرات نارية لذلك الجالس أمامه ثم قال : ها يا هينرى احكيلي كل حاجة من البداية !!!

ـ *.* ـ *.* ـ *.* ـ*.* ـ
مقتطفات من الفصل القادم :

ـ ليه ؟ اخويا مات ليه ؟ دى مش موتة ربنا انا متاكدة ( صرخت به ) ايه الي حصله ؟ انا هقتلكم كلكم
- اوووبا يا مامى خفت انا كدا يا واد , تخنتلي صوتك وبرأت عنيك ( نهض وربت على كتفه ) كبرت وبقيت بتعرف تتكلم بنبرة تهديد
- انا حجزتلك تذكرة لفرنسا انتي محتاجة راحة فعلا وتغيير جو

- هتتعبني معاك ليه ؟ لا كدا هزعل منك وانا زعلي وحش , انت دكتور محترم واعتقد انك مش هتحب تجرب زعلي ولا ايه ؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق