على حافة جهنم
الفصل الثالث
Written By : Ňoồr
~ ثوب الزفاف ~
خرجت الفتاتان من مكتب دونغهي ثم سألت نور آحد العساكر عن كيفية العودة
للفندق .. وقد كان رجلاً طيباً وحاول جاهداً مساعدتهما للعودة للفندق عن طريق
الاستعلامات .. خرجتا من المدرية بالفعل .. توقفت مروة وهي تنظر لها وكأنها تودعها
بأعينٍ لامعة .. نظرت لها نور بسخرية .. فأردفت مروة قائلةً : يالهي هو اللي جوة
ده انسان عادي ؟
أعلنت نور بتهكمٍ وقد عقدت ذراعيها إلى صدرها : ااه للآسف إنسان زينا بياكل
وبيشرب .. كائن حي يعيش ويتعايش
نظرت لها مروة بشيء من الإحراج وما هي إلا ثوانٍ وسبقتها .. استقلتا سيارة
أجرة وأخبرت نور السائق بعنوان الفندق الذي حصلت علىه للتو .. وبعودتهم للفندق
بسلام انتهى هذا اليوم .
***
صباح اليوم التالي .. وضعت مريم حقيبة يدها
بداخل السيارة .. ثم التفت بجسدها نحو عمها الواقف خلفها .. نظرت له بعينين تلمعان
بالدموع : هتوحشني يا عمي
- تروحي وترجعي بالسلامة يا حبيبة قلب عمك
احتضنته بقوةٍ فربت على ظهرها بحنوٍ بالغ .. أبعدها قيد أنملة وطبع قبلة
رقيقة على جبينها الصغير .. ابتسمت له بإنكسارٍ من بين دموعها التي بللت أهدابها ..
ثم ركضت نحو السيارة .. لوح لها العم وفي غضون دقائق كان السائق قد تحرك بالسيارة
نحو المطار .. ما كادت السيارة تغيب عن أنظار العم حتى ابتسم بشيء من الدهاء .. حك
ذقنه وصعد هو الآخر سيارته
نحو عمله .
***
مر إسبوعٌ كامل بعد هذا اليوم حدث فيه الآتي .. ظهرت نتيجة التحاليل التي
أثبتت أن الدماء بالفعل مطابقة لدماء هيتشول .. أما البصمات فمازال العمل لمعرفة
صاحبها قائماً على قدمٍ وساق .. وليتوك وكيبوم سعادتهما لا توصف بهذه النتائج
المفرحة .. أما هينري لم يغادر منزله إلا لعمله فقط .. ومن يرى وجهه يستطيع بمنتهى
البساطة أن يشعر بمدى الألم والآسى الذي يُخيم على حياته والهم الذي يجثو على صدره
.. أما مريم فها هي شاردة الذهن أمام ذلك النهر تتأمله وتتمنى لو أن الذي سلب
أنفاس هيتشول يسلب أنفاسها هي الآخرى لتنام بجواره بهدوءٍ .. على الأقل لتُشفي
جروح قلبها التي يبدو أنها لن تندمل بالفعل إلا إذا سلبت هى ذلك الحقير الذي أنهى
حياة شقيقها وجعلها من بعده جسداً بلا روح أنفاسه ببطء ليتلوى من آلم الإختناق كما
حالها هي الآن .. أما الفتاتان نور ومروة فقد أمضيتا إسبوعاً رائعاً وعادتا أخيراً
إلى القاهرة .
***
إنه يومٌ مشرق بعثت فيه
الشمس خيوط ضوءٍ لطيفة داعبت عينيه بلطفٍ .. أحكم إغلاق جفونه .. إلا أن ذلك الشيء
الناعم الذي يتحرك على خده .. عيناه .. شفتاه وعنقه لم يُمكنه من إكمال نومه
الهانئ .. تبدلت ملامحة من الراحة إلى الانزعاج .. وبدأ يفتح عينيه ببطء شديد ليظهر
أمامه شخصٌ غيرُ واضحةٍ معالمة .. فرك عينيه لتوضيح الرؤية فإذا بها نور تُمسك
بيديها زهرةً بيضاء لطيفة هي ما كانت تداعب بها وجهه وعلى محياها ابتسامةٌ واهنة .
- صباح الخير يا حبيبي
- صباح النور يا قلبي ,
انتي جيتي امتي ؟
- ممم لسه من
ساعتين بس
- وحشتيني ( أمسك بيدها وداهمها بإقاعها بين
ذراعيه ).
- يالهوي يا ليتوك ايه اللي بتعمله ده ؟ افرض حد
دخل علىنا يقول ايه؟( أعلنت بتأنيبٍ وهي تحاول فك ذراعيه اللذان يحيطان خصرها ) .
- يقول واحدة ف حضن الراجل اللي هتبقى مراته بعد
كام يوم بس
- ليتوك الحق ( صرخت وهي تشير للحائط ) .
- في ايه ؟ ( انتفض جسده وحررها من بين ذراعيه ).
نظر حيثُ تُشير فلم يجد
شيئاً .. بينما قفزت هي سريعاً وهي تهتف : ها ها ضحكت علىك ( مدت لسانها ) اللي
يجي على نور يخسر يا بيبي
- خدي هنا يا بت ,,, (
نهض سريعاً وأمسك بمعصمها قبل أن
تغادر الغرفة. (
- سبنـــــــــيي
!!
دفعها نحو الحائط ووضع يده
علىه ليحجز جسدها بينه وبين الحائط .. نظر لعينيها مباشرةً ولا يفصل بينهما سوى
بِضع إنشات .. أنفاسه الساخنة لفحت وجهها وعيناهما معلقة ببعضها .. أغمض عينيه
بوهنٍ واقترب من وجهها ببطء لتتلامس أطراف أنفيهما .. وما كاد أن يصل لشفتيها حتى
ضغطت بقدمها على قدمه بقوةٍ .. ابتعد عنها بسرعةٍ كمن لدغته حية في قدمه .. ركضت
هذه المرة بسرعة خارج غرفته وهى تصرخ : توحا لمي ابنك
- سيبها يا واد ,
يختي مصروع على ايه ده ؟ ( هتفت الأم بابتسامة واسعة.(
- ماشي يا نور
وحياة امك لموريكي ( هتف ليتوك وهو ممسكٌ بقدمه ويقفز من الآلم على قدمٍ واحدة .. فلقد ضغطت على قدمه بحذاءها الجديد
ذا الكعب العالي الذي كانت تجربه ).
و بينما هي تركض خارج
غرفته اصطدمت بمروة التي كانت تأكل قطعة تُفاح
.. تراجعت نور بضع خطواتٍ للوراء لتصطدم مجدداً بجسد أحدهم .. رفعت نظرها نحوه فوجدته ليتوك من جديدٍ
.. سلمت ساقيها للرياح واختبأت خلف والدته .. آتى ناحيتها ووجه لها ضربة خفيفة على
رأسها : بتتحامي فيها , ماشي هتروحي مني فين كلها ايام
- يا اخويا قول لنفسك ,
جاتكم البلا انتو الجوز ,
انتي يا ابلة زفتة غورى على بيتك يلا انا عايزة اذاكر عندى امتحان بكرة ( أعلنت
مروة بتمللٍ ).
- على اساس انه عندك لوحدك يعني ,
عموما كنت لسه ماشيه اصلا
ودعت نور والدة ليتوك ..
ومدت لسانها في وجهه وركضت خارج الشقة متوجهة نحو شقتها .
***
مساء تلك الليلة ..وقفت الفتاتان كل واحدةٍ أمام باب شقتها تتسامران حول امتحان الغد .. حتى آخذ
الحديثُ منحنى آخر وهو ذلك الضابط الذي ساعدهما
- كان جنتل اووى ,,, (
قالتها مروة بأعين هائمة ( .
- معملش اكتر من واجبه على فكرة ( نطقتها نور
بسخرية ).
- على فكرة بقا لاء كان ممكن يتعامل بطريقة متخلفة
زى الشاويش الغبي , بس هو فعلا جنتل مان
- جركن مان اااه , (
بتهكمٍ نطقتها مع عقد ذراعيها
إلى صدرها ) هي غمزت؟
- غـ غمزت ؟ هي ايه اصلا ؟
- السنارة
- سنارة ايه اللي غمزت , شـ شكلك عايزة تنامي وبتخرفي
يا نور
وآثناء ذلك الحديث الذي
دام بين الفتاتين ما يقاربُ الساعتين .. سمعتا صوت أقدامٍ على السُلم وحمحمة رجلٍ
.. فأغلقتا الباب سريعاً وركضت كل واحدةٍ نحو غرفتها..
وفي آثناء ركض نور لغرفتها اصطدمت بما تسميه هي " حائط سد " .. إنه
شقيقها كيبوم والذي كان يأكل جزرة وهو يتأفأف بمللٍ كما عادته .. وعند اصطدامها به
ونظراً للفرق الشاسع بين الحجمين .. سقطت أرضاً بينما تحدث هو قائلاً : ايـه ؟ جحش
ماشي في البيت بتجري ليه يا غبية انتي ؟
حاولت النهوض وهي تقول :
ابوك طالع لو شافني انا ومروة بنتكلم عالسلم كدا هنروح في خبر كان
ضربها على رأسها بعنفٍ اعتادت
عليه منه : يا حتتة حيوانة واما انتي عارفة ان اللي بتعمليه غلط واقفه تجعري عالسلم ليه واللي طالع واللي نازل
سامعكم طب يا نور انا الي هقول لابوكي طالما امك سيباكي بكيفك
نظرت له بتوجسٍ ثم تعلقت
بذراعه كما الغراء : كوكووو حبيبي ميعملش كدا ابدا ابدا! وحياة عيالك يا شيخ بلاش
ابوك ده عليه كف ( وضعت يدها خلف عنقها (.
دفعها عنه : اوعي كدا
وانتي لزقة – ناس تخاف متختشيش
مدت يدها امام وجهه بضحكةٍ
بلهاء : طب ايدك على خمناشر جنية
ضيق كيبوم عينيه ووضع يديه
على خصره : وده ليه ان شاء الله ؟ كنت خلفتك ونسيتك انا يعني ؟؟ مش هتبطلي تسول
وشحاته من خلق الله
ربعت يديها إلى صدرها
وآخذت تتذمر بصوتٍ طفولي : الله مش انت اخويا هو انا بشحت من حد غريب وبعدين انا
رايحة الجامعة بكرة وعايزة فلوس , ومين غير حضرة الظابط المبجل اخويا اللي هيديني
بعثر كيبوم شعره بمللٍ :
مصلحجية دلوقت بقيت مبجل يا بت الـ ( دلف الوالد .. فسرعان ما ابتلع كيبوم حروف
كلمته ).
استغلت نور الفرصة وكادت
أن تصرخ قائلة " يا بت الإيه ها قول ؟ " .. إلا أن كيبوم قام بسحبها
ووضع يده على فمها هامساً من بين أسنانه : 50 جنية ومتفضحينيش ابوكي ايده تقيلة
أومأت وهي بين يديه ..
فقام بإبعادها, نظر لهما الوالد بشكٍ .. فقابلاه ببسمة بلهاء .. آتى ناحيتهما :
ايه اللي لم الشامي عالمغربي ؟؟ عالله ميكونش في مصيبة؟
ببطء ودون أن يلمحه والده
أخرج كيبوم المبلغ المُتفق عليه من جيبه .. ودسه في جيبها وهنا فقط ابتسمت نور بانتصار
.. ثم طبعت قُبلة على خد كيبوم : ابدا يا بابا كنت بلقط رزقي بس
ابتعدت عنهما متجهةً نحو
غرفتها .. بينما بصق كيبوم عليها بإستحقارٍ .. نظر له والده بشك : انت عطتها فلوس
؟
أومأ كيبوم : احـم – اه
صعبت عليا يعني مين هيديها
غرنا
ترك كيبوم والده ودلف إلى
غرفته بهدوءٍ .. وهو مازال يتمتمُ بعبارات الحنق خاصته .. على تلك التي استولت على
راتبه مجدداً .. توجه ناحية سريره وألقى بجسده عليه .. بدأ يجول بعينيه في الغرفه
ببطء .. وقع نظرة على سترته المُعلقة بجانب سريره .. أطال النظر لها .. ليشعر بذلك
الآلم الذي بدأ يتسلل نحوه .. فتلك الذكرى عادت إليه من جديدٍ .
زفر بتململٍ وهو يحاول
جاهداً عدم التفكير في الأمر لكي لا يصيبه الإحباط أكثر من هذا .. أبعد ناظريه عن
السترة وشرد قليلاً .. ولكنه عاد يحدق بها من جديدٍ .. أغلق عينيه بوهنٍ وهو يتنهد
بحسرةٍ بالغة .. على تلك الحالة البائسة والمثيرة للشفقة التي آل إليها .
زمت شفتيه وأمسك بالوسادة
الصغيرة المُلقاه بجانبه .. وكأنه يحاول كبح ذلك الإحساس بداخله .. ولكن سرعان ما انتفض
نحو سترته تلك .. وأدخل يده في جيبها .. تحسست أصابعه شيئاً ما .. فأمسك به وأخرجه
فإذا بها عُلبةٌ مخملية الملمس ذات لونٍ قُرمزي .. قام بفتحها ليظهر دبوس شعرٍ
نسائي بلون الفضة .. وله شكلٌ جذابٌ ورائع .
أغمض عينيه مجدداً عائداً
بذاكرته حيث ذلك اليوم .. الذي كان فيه برفقه ليتوك في إحدى المأموريات التابعة لعملهما ..
وجهتهما يومها كانت محافظة الإسكندرية .. وكان ليتوك هو من تولىّ القيادة .. سارا
وسط سوقٍ ضخم ممتلئ بالمحال الفاخرة .. جالت عينا ليتوك في هذا المكان ثم أطلق
صافرة إعجابٍ خفيفةٍ قائلاً : شوفت يا ابني العالم اللي عايشة ؟؟ اهو المحل الواحد
من دول يعديلو تلاتة اربعة مليون جنية
ابتسم كيبوم باستهزاء : وفكرك انت فلوس البلد بتروح فين ؟؟ مهم اللي
زى دول اللي بينهبوها – خليك انت وابويا في المبادئ والاخلاق بتاعتكم
ضربه ليتوك على كتفه كنوعٍ من المزاح : ده على اساس انك اختلست فلوس
من البنك وهربت بيها ؟؟ ما انت من حزب المبادئ انت كمان
أهداه كيبوم ابتسامةً صغيرة .. ثم بدأ يجول بعينيه مشاهداً تلك
المحال الفاخرة .. حتى وقع نظره على واجهة إحداهم والتي تعرضُ أنواعاً مذهلة من اكسسوارات
الفتيات .. فانتفض كمن لدغه عقرب وهتف : ليتوك اوقف هنا بسرعة
توقف ليتوك عن القيادة ونظر له بفزعٍ : ايه يا ابني مالك ؟؟ طلعت
زى عفريت العلبة مرة وحدة ليه كدا ؟؟ وقعت قلبي ف رجلي يا شيخ
تحدث كيبوم دون أن ينظر له .. بينما يحدق في تلك الواجهة وكأنه
يختار منها شيئاً ما : ليتوك هو ايه اكتر لون مروة بتحبه ؟؟
نظر ليتوك حيث صّوب كيبوم نظره .. ثم ابتسم بخبثٍ وتحدث بنبرةٍ
تهكميةٍ قائلاً : قصدك نور
نظر له كيبوم وضيق عينيه ثم زفر : مش عايز منك حاجه انا هروح انقي
اي لون بناتى وخلاص
ترجل من السيارة .. فهتف ليتوك سريعاً : قولها
نظر له كيبوم بإحباطٍ ثم قال : قولتلي لون ايه ؟؟
حرك ليتوك رأسه بـ (لا) وكأنه يقول لا فائدة فيكما .. أنتما أحمقين
أنت شخصٌ جبان بينما هيّ غبية وفاقدة للبصر لا ترى هذا الذي يُكن لها كل ذلك الحب
.. أطلق زفرة ثم قال : الفضي تقريبا!
نظر له كيبوم بتململٍ : تقريبا ؟؟ اختك ومش عارف ايه اللون الي
بتحبه ؟؟ دانتو عيلة عبيطة
ذهب صوب المحال ثم أشار للبائعة على ذلك الدبوس الذي لفت أنظاره مذ
وقعت عيناه على الواجهة .. وتخيله يزين شُعيراتها .. وطلب منها أن تضعه في علبة
هدايا مناسبة نفذت البائعة ما طلبه منها وأعطته له .. شكرها وعاد للسيارة بعد أن
دسه في جيبه .
أعاده من ذكري تلك الليلة
.. رنين هاتفه الصاخب توجه نحو الطاولة الموضوع عليها الهاتف .. وضع العلبة ثم
تناوله لينظر لتلك الشاشة التي تتراقص باسم (ليتوك) .. أجاب بضيق : عايز ايه ؟؟
آتاه صوت ليتوك : انت فين
؟؟
- ما انت عارف اني ف البيت هكون فين يعني
نظر ليتوك حوله ثم زفر
بضيقٍ : بقولك ايه, ما تيجي تساعدني
أعلن
كيبوم بتعجبٍ : اساعدك ف ايه ؟
-اللمسات الاخيرة عالقاعة , بصراحة اتخنقت انت عارفني
مليش خلق عالحاجات دي
-ماشي يا سيدي انا جاي , خليك انت والزفتة اختي دايما مدبسني معاكم
- عقبالك
قوس
كيبوم شفتيه بقلة حيلة : اممم ان شاء الله
أغلقا الخط ووضع كيبوم يده مكان قلبه .. ليهدأ من سرعة دقاته التي ازدادت
بسبب تفكيره في تلك التي يعشقها حد الهوس .. بينما هي لا تشعر به حتى .. من الممكن
أنه هو السبب كونه يتحاشى تماماً الاحتكاك بها .. ولكن نظرة واحدة منه لها عندما
تلتقي عيناهما في آحد الجلسات الأسرية أليست كفيلة لتُوصل لها مشاعره .. لقد مّل
حقاً من محاولة تجاهل ما بداخله من مشاعر تجاهها .. انتهت قدرته على تحمل انغماثه
بالعمل لعّله يُنسيه حبها المكنون بدواخله مذ وعىّ ما يدور حوله .. دائماً ما
يتجاهل دقات قلبه .. إلا أنه و في أوقات الحنين تتمرد دقاته ويعجز عن إيقافها .. ضرب
على قلبه عدة ضرباتٍ متتالية ليمزق شريط ذكرياته مع ذلك الحب الخفي .. ثم ذهب ناحية
دورة المياه ليضع بعض الماء على وجهه .. رأته نور متوجهاً ناحيتها وبيده آحد
القمصان خاصته وهي الجالسة على أرض صالة المنزل تراجع دروسها للمرة الأخيرة ثم قال
: خدي اكويه بسرعة
قامت برفع حاجبها الأيمن :
رايح على فين بليل كدا؟
كيبوم بقلة صبرٍ : مش
نقصاكي اعملي اللي قولتلك عليه من سكات
دلف لدورة المياه بسرعة ..
بينما نهضت وتوجهت هيّ نحو غرفته لتقوم بكيه وهي تُتمتم " ماله طالع بزعابيب
امشير كدا , حاططني على دماغه وزاعق حاجة تفلق " .. صرخ بها
كيبوم بانزعاج : بطلي برطمة يا حيوانة
ركضت نحو
الغرفة في صمت وبدأت بكي قميصه .. بينما والدتها بدأت في الضحك على هذان الطفلان
الذان لن يكبرا أبداً .. والوالد غارقٌ في سباتٍ عميق بعد يوم شاق أمضاه في مكتبه
في مدرية القاهرة .. بدأت نور بالغناء أثناء كيها للقميص .. وبعدما انتهت من ذلك الازعاج الذي سببته للمنزل بأكمله .. أمسكت به بحرصٍ
ثم وضعته على السرير .. لفت انتباهها تلك العلبة الفاخرة .. فانتابها الفضول
تجاهها التقطتها وقامت بفتحها واتسعت ابتسامتها .. حينها دلف كيبوم للغرفة التفتت
بجسدها وهي تقول : الله جميلة اوي – دى ليا صح ؟؟
ركض كيبوم نحوها
بسرعةٍ ما إن رأى العلبة في يدها التقطها من يدها بسرعةٍ قائلاً : مش هتبطلي دعبسة
ف حاجة غيرك
حركت رأسها (لا) ببراءةٍ غير معهودة : والله ما دعبست ده انا لقتها محطوطة
هنا ( أشارت على المنضدة .. مع تعابير وجهٍ حزين بينما مطت شفتها السفلى كالأطفال
) .
أشار كيبوم ناحية الباب : طب اطلعي بره عايز البس – ولا هتتفرجي عليا وانا
بلبس؟؟
نظرت له بسخطٍ ثم خرجت تجر أذيال الخيبة .. إذ أن الدبوس ليس هديةً لها .. انتهى
كيبوم من ارتداء ثيابه ثم خرج من غرفته متوجهاً ناحيه باب المنزل : ماما انا هنزل
اجبلك حاجه وانا جاي ؟؟
أجابت الأم بحنو
: لا يا حبيبي تسلم – بس انت رايح فين بليل كدا
أجاب وهو يرتدي
حذاؤه : ليتوك عايزني معاه لازم نخلص كل
حاجة قبل فرح السنيورة بنتك ,
ربنا يعديه على خير ونخلصو منها بقا عشان ارتاح وابقا حر
أومأت الأم
برأسها .. فقام بفتح الباب فإذا بها مروة أمامه مباشرةً وهى تمد يدها استعداداً
لطرق الجرس .. ابتسمت عند رؤيته فنظر لها بوهنٍ وكأنه لا يصدق أنها أمامه أفاقته
بقولها : مساء الخير – شكلك نازل صح ؟؟
أومأ برأسه مع ابتسامةٍ خفيفة .. وما كاد يفسح لها المجال لتدخل حتى توقف
مجدداً قائلاً : ممكن تستني ثواني ؟
أومأت بتعجبٍ ..
فركض نحو غرفته ودقات قلبه تكاد تعلو دقات ساعة المنزل .. أخرج العُلبة من جيب
سترته مجدداً وتوجه ناحيه الباب .. مدّ يده بها إلى مروة قائلاً بابتسامةٍ خفيفة :
عشان مكنتش موجود يوم عيد ميلادك ,
فحبيت اعتذر , عارف انها متأخرة اوى بس معلش تتعوض ( بخجلٍ قال ) :
كل سنة وانتي بالف خير
ابتسمت بسعادةٍ
وهي تقوم بفتح العُلبة .. أخرجت الدبوس وما أن رأته حتى ظهرت تعابير الإعجاب على
وجهها : واو جميل اوووي الدبوس ده – ميرسي اووي
أومأ لها بنفس
نظرات الخجل .. تأملها لثوانٍ قليلة ولكنها كانت كفيلة لإحداث ثورة عارمة بداخله
.. فأسرع الخطى مغادراً .. بينما دلفت مروة للداخل وأغلقت الباب .. ابتسمت نور بخفة
بعدما عادت لتكمل ما كانت تفعله .. فقد شاهدت وسمعت كل ما حدث ثم هتفت " كان
ليها يعني ! مسكين يا كيبوم " .. ذهبت مروة نحوها وجلست بجانبها أرضاً ثم
هتفت بحماس : خلصتي ؟ انا خلصت اخيرا
أومأت نور
برأسها : ربنا يعدي الامتحانات دي على خير وبدون خسائر ( ابتسمت ببلاهةٍ على
كلمتها الأخيرة ) شوفتيني بالفصحي اجنن صح ؟
ضربتها مروة على
رأسها : قومي نامي يا هبلة ليلتنا طويلة بكرة
***
وها قد مرت الأيام بسرعةٍ
.. انتهت الفتاتان من الاختبارات على خيرٍ .. وها هو منزل نور يعُج بالضوضاء
والأغاني الصاخبة .. وأُناس تأتي وأُناس تروح .. والبيت لا يهدأ ولا مجال للراحة
.. وإذا تسألنا عن السبب فهو أنه وأخيراً سيتم عقد قران ليتوك ونور غداً .
في غرفة نور .. استلقت على
السرير وهي تساوى أظافرها بالمبرد .. بينما مروة الجالسة بجانبها وضعت آخر قطعة
ملابس في الحقيبة التي ستنقلها لمنزل نور المُستقبلي .. حيثُ أن الوالدتان تقومان
بوضع اللمسات الأخيرة عليه .
- خليكي انتي عايشة حياتك وانا مدبسة اذفتلك بيتك
- معلش بقا يا مروتى مهو العادات المقرفة بتاعتنا ان العروسة مينفعش تدخل
بيتها قبل الفرح
- عالله يطمر ( ضربتها على كتفها
وغادرت سريعاً ).
وعلى الجانب الآخر حيثُ
شقة ليتوك .. وقف أمام المرآة ينسق شعره : كيبوم جبت البيرفم اللي قولتلك عليه ؟
- يا ابني قرفت امي , ادي الزفت البيرفم وادي الكرافت وادي الجزمة ,
والبدلة حضرتك لابسها , حاجة تانية ولا هتعتقني لوجه الله ؟ ( وضع كل تلك
الأشياء التي سبق ذكرها بين يدي ليتوك بوجه مكفهرةٌ معالمة ).
- تسلم يا غالي
ضغط على علبة العطر عن قصدٍ
فانطلق رزازها في وجه كيبوم الذي صرخ به بانزعاجٍ : يا رخم
- يا عم فك تكشيرة اهلك دي
بقا , يخربيت شكلك يا بومة
- يا حيوان انا محتاس معاك
من صباحية ربنا كعب داير , من الشقة للقاعة ,
للمحلات عشان باقي التحضيرات الشخصية بتاعة حضرتك اما اتنفخت ,
حاسس اني بجري ف ساقية , يا جدع ده انا لو بجري على اكل عيشي مش هجري كدا ,
اعتقني بقا ابوس ايدك هموت واريح جتتي
- طب استنى استايل الشعر حلو كده ولا اغيره ؟
بصق كيبوم عليه والقى
الوسادة فى وجهه وهو يتمتم بالشتائم .. ثم توجهه نحو شقته ليجدها تعمُ بالفوضى
والضجيج .. كاد أن يصرخ من الصداع الذي أصاب رأسه ولكنه كبح جِماح غضبه ودخل غرفته
وهو يتذمر .. لحظة فقط! ولكن أين سريره ؟ اشتعل وجهه غضباً وكاد أن يبصق ناراً ..
فتوجهه نحو غرفة شقيقته .
- فيييين سريري ؟
- امك نقلته شقة ليتوك عشان الضيوف كانو
يامة الصبح ومكنتش لاقيه مكان تقعدهم فيه
- ياااا رب الرحمة عشان
مرتكبش جناية عالليل , وانا هتخمد فين دلوقت؟
- اساسا مش هتعرف تنام عشان امك هتيجي من شقتي هتقلب الدنيا هنا عشان
تنضف البيت قبل الفرح بكرة
كادت صرخة كيبوم أن تصل إلى
الجزء الآخر من الكرة الأرضية .
***
صباح اليوم التالي ..ودع ليتوك نور ومروة عند
مركز التجميل .. وغادر ليوضب نفسه هو الآخر لذلك اليوم الذي انتظره بفارغ الصبر ..
مرت ساعات الصباح سريعاً والجميع يتأهب لحفلة الليل .. الوالدتان ذهبتا للقاعة لاستقبال الحضور بعد أن
ارتدت كل واحدةٍ أجمل ثياب السهرة .. وكذلك والد نور ذهب للقاعة برفقتهم ليستقبل
الضباط واللوائات ذات الرتب العالية التي ستحضر حفل الزفاف .. امتلأت القاعة
بالحضور والأغاني علت كثيراً لإحياء الحفل والكل في انتظار العروسين .
وبذكر العروسين ها هى نور
تضع آخر اللمسات على زينة وجهها ليكتمل سحرها مع ذلك الثوب الأبيض الذي يجعلها
تشبه الملائكة .. بعينانٍ سوداويتان في شكل حبه اللوز يزينهما الكحل بطريقة رائعة
.. ووجهٌ ببشرة حليبية ناعمة .. وشفتان صغيرتان قابعتان تحت أنفٍ صغير ومختومتان
باللون الأحمر الداكن .. أما عن مروة فها
هي في ذلك الثوب الأحمر الجميل .. وزينة وجهها التي أضافت على لون عيناها الأخضر
سحراً من نوعٍ خاص .. وأخيراً وصل ليتوك وكيبوم إلى المركز ليقلا الفتاتان للقاعة
.. ليتوك في بذلتة السوداء وشعره الأسود المرفوع لأعلى كما تعشقه نور تماماً ..
وكذلك كيبوم بنفس المواصفات .. يبدوان كأميرين هبطا للتو من آحد ممالك السماء
- أجمل عروسة شافتها عيني , (
أمسك ليتوك بيدها وقبلها ) ربنا يقدرنى واسعدك
- ربنا يخليك ليا يا أجمل راجل ف الدنيا ,
وربي يقدرني واريحك
- حبو ف بعض بعد الفرح يا عم
انت وهي , زمان الناس خللت ف القاعة اتأخرنا ( أعلنت مروة بمللٍ ).
- عارفة يا مروة يا حبيبتى الحاجة الحلوة ف اني هسيب البيت ايه؟ ( نظر
لها ليتوك بسخطٍ ) انى هترحم من غتاته اهلك
وفي أثناء ذلك الحوار كان
كيبوم يتفحص مروة من أعلى جبهتها حتي أغمص قدميها .. وقلبه يتآلم كونه حتى غيرُ
قادرٍ على الإثناء على فتنتها الطاغية التي هوسته تماماً .. لقد همتُ بكِ حباً حتي
النخاع فمتى ستشاهدني عيناكِ ويشعر بي فؤادكِ ؟ أغلق عيناه وهو يكتم أنينه .
- يا سيدي عالناس التقيلة اللي
واقفه بعيد دي ,
Amazing , الاستايل الجديد توحفه عليك ( أعلنت مروة بابتسامةٍ واسعةٍ ) ممم بس عارف ناقصك ايه ؟ ضحكة حلوة ( مدت يدها ووضعتها على وجه
كيبوم وجعلته يبتسم .. ثم غمزته وصعدت إلى السيارة ).
وقف كيبوم مصعوقاً مما
قامت به للتو .. مد يده ليضعها حيثُ كانت أصابعها .. أخفض وجهه وهو مبتسمٌ بسعادةٍ
لا مبرر لها وصعد للسيارة هو الآخر .. وآخيراً وصلت السيارة التي تحملُ العروسين
للقاعة .. استقبلهم الوالد بعجلٍ وأنبهم على التأخير .. دلف كيبوم ومروة للداخل
أولاً وتبعم ليتوك ونور على أنغام الموسيقى وترحيب الحاضرين .
كانت الخطوة الأولى في فاعليات
هذا الحفل هو عقد القران .. التف ليتوك و نور حول طاولة وبجوارهم المأذون الشرعي
.. وبدأ بتلقينهم الكلمات التي سيقولونها لإتمام الزيجة .
- قولي زوجتك نفسي ( وجه كلامه لها فرددته على استحياءٍ .. وهي مطأطأة
الرأس بينما يد ليتوك تُعانق يدها ).
همهمت مروة التي تنظر لها
: دي بتتكسف زيينا *_*
ابتسم كيبوم على تعليقها
بينما أكمل المأذون : وانت يا استاذ قول قبلت زواجك ( رددها ليتوك وهو ينظر لها
بثقةٍ .. يكاد يبتلعها بنظراته
الفرحة كونها أخيراً أصبحت ملكه ).
علت الموسيقى مجدداً ونهض
العروسان حيث حلبة الرقص .. أحاط ليتوك خصرها بإحدى يديه وأمسك يدها بالآخرى ..
بينما وضعت هي يدها على كتفه وعيناها مُعلقه بعينيه المُبتسمتان اللتان تشعان بريق
السعادة وعندما فرغا من رقصتهما على أنغام الموسيقى الهادئة جلسا على مقعد
العروسين وآتى ناحيتهما ذلك الرجل المختص بإحياء الحفل يجر أمامه منضدة متحركة
وفوقها كعكة الزفاف .. طلب منهما أن يقطعاها سوياً .. فأمسكت نور بالسكين وأحكم
ليتوك قبضته على يدها وبالفعل قطعاها سوياً .. آخذ الرجل قطعة صغيرة من الكعكة
بالشوكة ونظر لهما قائلاً : بص يا استاذ حضرتك هتاكلها من طرفها وانتي يا مدام
هتاكليها من الطرف التاني بس ف نفس الوقت تمام ؟
حركت نور رأسها ( لا ) بخجلٍ شديد .. فنظر ليتوك للرجل بمللٍ : اسمع يا عم
الحج هتقعد تقول لازم ويا مدام مينفعش ده اسلوب الحفلة وسبيني اشوف شغلي , وهى
تقولك انت مش هتتحكم فيا وتمسكو ف بعض وفي الاخر برضو هتنفذ اللي ف دماغك وهتقعد
تشدلي فيها , انا هريحك خالص هات دى ( " يقصد الشوكة " ..
نظر له الرجل بتعجبٍ ولكن على آية حالٍ أعطاها
له .. فوجهّ ليتوك نظره لنور التي كانت تتابع الموقف بملامح براءة غير معتادةٍ
إطلاقاً ) وانتي افتحيلي بؤك كدا
نظرت له بتعجبٍ هي الآخرى
.. فأمسك بوجهها بتعابير الملل وقام بالضغط على ضرسيها .. ففتحت فمها تلقائياً ..
وضع قطعة الكعكة في فمها وانتظر لثوانٍ حتى ابتلعتها .. ثم أعطى الشوكة للرجل الذي
ما كاد يعترض حتي أحاط ليتوك خصرها بإحدى يديه والآخرى أمسك بوجهها يقربه منه ..
وأغمض عيناه وهو يقترب منها ببطء وما كانت هي إلا ثوانٍ لا تدركها الأعين حتي لثم
شفتيها بقبلةٍ رقيقة للغاية جعلتها تذوب بين يديه ولن أقول بإحساسٍ أشبه بالثمالة
لأنه هو الثمالة في حد ذاتها .. وكانت تلك مرتهما الأولي التي تتلامس فيها شفتيهما
ارتفع صوت التصفيق الحار
في القاعة .. ابتعد عنها ليتوك بهدوءٍ وأسند رأسه برأسها وهو مغمض العين وهمس لها
بتلك الكلمة التي زلزلت كيانها و فجرت براكين قلبها الخامدة و بعثرت دقات قلبها
فرفعت راية العصيان على هدوءها الدائم : بحبك
مرت بعدها فقرات الحفل كما
العادة .. والسعادة تُخيم على الجميع ما عادا ذلك الهادئ الذي يراقب حبيبته بأعين
عاشقٍ من بعيدٍ .. أما عن مروة فشعرت بالحر فجأة لذا قررت أن تخرج قليلاً لتلك
الحديقة التي تفصل بين تلك القاعة والقاعة المجاورة لها .. لتستنشق بعض الهواء
الطلق .
- يا ساتر الواحد كان حاسس انه هيموتمن الخنقة
سمعت آحداً ما يردد ذات
الجملة .. ظنت أن آحدهم يسخر منها التفتت له بغضبٍ لتصدم بما رأته .. إنه ذلك
الضابط الذي قابلته بشرم الشيخ .. يقف مستنداً إلى سور الحديقة وهو يمسح وجهه
بمنديلٍ ويبدو أنه لم يلحظها إلا عندما حدقت به هكذا بصدمة .. ابتسم وآتى ناحيتها
: اووه مش انتى الآنسة الــــ
أومأت برأسها بسرعةٍ بابتسامةٍ
واسعة ودقات قلبٍ تكاد تصل لعنان السماء حتى هي لا تعرف سرها .. مد يده لها : اهلا
,
كويس انى قابلتك تاني , بس تصدقي انى معرفتش اسمك المرة الى فاتت
صافحته بخجلٍ ثم أردفت : مروة اسمى
مروة
- اسم جميل زى صاحبته , على فكرة فستانك شيك جدا احب اهنيكي على ذوقك ( رمق جسدها بنظرةٍ غريبة .. لكنها لم تلحظها. (
- ميرسي جدا ده من ذوقك
- بس انتي هنا بتعملي ايه ؟
- فرح اخويا النهاردة ( أشارت على القاعة. (
- اهاا انا كمان فرح واحد صاحبي هنا برضو ( أشار على القاعة الآخرى).
- صدفة غريبة
- على كدا بقا حلوة ولا وحشة ؟
- طـ طبعا حلوة يا حضرة الظابط ,,,
- ما بلاش حضرة الظابط دى خليها دونغهى على طول
- مع انها صعبة شوية بس هحاول , هو انت عايش هنا ؟ ( أعلنت مروة كنوعٍ من الفضول ).
ابتسم ابتسامةً هادئة
أظهرت جاذبيته القاتلة .. ثم أومأ برأسه : لسه منقول امبارح مدرية الجيزة , مع انى عايش ف القاهرة بس اهي احسن بكتير من شرم
- ااه الجيزة تعتبر ف قلب القاهرة اصلا , انا
اخويا ف القاهرة صراحة
- ايه ده هو اخوكى ظابط ؟
ـ ااه ,
ليتوك وعمي كمان لواء ف الداخلية
- يا سيدي على العيلة الي كلها ظباط دي
ابتسمت بهدوء : لاء وكمان اخو العروسة اللي هو كيبوم ظابط ,,,
قهقة دونغهي ثم أردف : يااه مسكينة يا مروة عايشة وسط الظباط دول كلهم ؟
- لا لا ميغركش ان ليتوك ظابط , ده
مسخرة ودمه زى العسل , بس بصراحة وقت الجد والشغل بيكون رخم ,
انما ممم كيبوم لاء جد دايما
- ايه ده وانتي عرفتي منين عن كيبوم ده ؟
- عارف البنت اللي كانت معايا ف شرم دى نور , هى
دى العروسة وأخت كيبوم واساسا بباهم اللي قولتلك عليه عمي هو اللي مربينى انا
وليتوك وعايشين ف عمارة واحدة وشقتين ف وش بعض
ـ اهاا شوقتيني اشوف عيلتك
الى كلها ظباط دي
- سهلة خاالص تعالا اعرفك عليهم , انا كنت قولت لليتوك ع الي حضرتك عملته معانا وهو كان
نفسه يشوفك عشان يشكرك
- اولا قولنا بلاش رسميات
قولي دونغهي بس , ثانيا يشكرني على ايه ده واجبي
أهداها ابتسامة عذبة .. فمنحته نظرة صافية من عينيها الهائمتان .. دخلت وهى
تمسك بمعصمه بدون أن تشعر من فرط سعادتها برؤيته مجدداً .. فلقد شغل تفكيرها في
الآونة الآخيرة كثيراً وكانت مستاءة للغاية أنها لن تراه مجدداً .. ولكن ها هو
القدر يحيك خيوطة فعلى ماذا ينوي يا ترى؟ رأى كيبوم هذا الوسيم الذي تمسك به مروة
وشعر بنيرانٍ قد أضرمت بداخله وزاد لهيبها ليصل لوجهه الذي اشتعل .. ضغط على شفتيه
كنوعٍ من كبح غضبه الناتج عن الغيرة القاتلة التي أفقدته صوابه .
- ليتوك ده الظابط اللي كلمتك عنه ( أعلنت مروةبسعادةٍ ).
- ااه , اهلا يا حضرة الظابط كانت مروة قالتلي ع الي حضرتك عملتو معاهم ,
صراحة الف شكر الي زيك قليل ف الدنيا
- شكرا على ايه بس يا جماعة ده
واجبي , انا معملتش اكتر من واجبي ,عمتا الف مبروك
مد يديه ليصافح ليتوك .. وما أن نظر ليتوك لعينيه من ذلك القرب حتى شعر بشيء غريب بداخلة ينفر من
مصافحته .. عيناه تبدو غريبة لا تتناسب نظرته تلك مع وجهه الفاتن .. لمَ شعر
بكراهيةٍ غير مبررة من ناحيته ؟ لم يعرف .. سخر من ذلك الإحساس بداخله وقاومه بل
وصافحه بحرارةٍ .. صافح أيضاً نور التي عندما نظرت لعينيه هي الآخرى .. شعرت وكأن
جسدها يرتعد وسرت بأوصالها قشعريرة غريبة لم تدرك ماهيتها .
وبعدها آخذته مروة وبدأت تُعرفه
على عائلتها .. وعندما آتى الدور على كيبوم نظر له بتحدٍ وهو يصافحه ونظر لمروة
بعينينٍ كما الصقر وكأنه يقول لدونغهي إنها ملكي فلا تحلم بالإقتراب .. صافحه
دونغهي ونظر له بنفس تلك العيون الحادة وكأنه يرد عليه .. لستُ أنا من تهدده تلك
النظرات وسنرى كيف سيلعب القدر لعبته ليحيك أحداث تلك القصة التى بدأت للتو .
وبالعودة لنور وليتوك .. شعر ليتوك بتوترها فأمسك يدها وقبلها : مالك؟
- ليتوك انت شوفت عين الظابط ده ؟
- اه ,
بصراحة ومن غير سبب مش مرتحاله
- انا كمان , اول
ما لمس ايدي حسيت بحاجة غريبة خلت جسمي يترعش وزى ما يكون قلبي اتقبض , مع
اني اما قابلته اول مرة محستش بكدا
- ربنا يستر
فتح دونغهي مجالاً واسعاً
للكلام بينه وبين مروة التي سعدت بذلك كثيراً .. وتراقصا سوياً وهو ينظر لها بدون
خجلٍ .. بينما هى تكاد تُحلق من السعادة لهذا التقارب بينهما .. وتلك العيون التي
تحدق بهما من بعيدٍ تكاد تخترق دونغهى كونه تعدى على ممتلكاتها كما يظن صاحبها ..
وعندما انتهت الرقصة .. بل وانتهت الحفلة كاملةً طلب دونغهي من مروة أن تنهض معه
لخمسُ دقائقٍ بعيداً عن الطاولة التي يجلسان أمامها برفقه عائلتها .
- سعيد جدا بالوقت الي قضيته
معاكي
- احم , بصراحة وانا كمان يا حضــ ( نظر لها بعتابٍ .. فابتسمت وأردفت ) يا دونغهي
- ممكن رفم تليفونك ؟ حابب نكون صحاب
- اووه اكيد طبعا ( أعلنت موافقتها ووجنتيها تشتعل خجلاً ).
تبادلا أرقام الهواتف
وودعته بحرارةٍ .. فغادر وبعدها انتهت حفلتهم وعادت برفقه العائلة إلى المنزل ..
أما ليتوك ونور فتوجها نحو المطار ليقضيا الإسبوع الذي عطل فيه ليتوك عن العمل في
الساحل الشمالي .
ـ
*.* ـ *.* ـ *.* ـ*.* ـ
مقطتفات من الفصل القادم :
ـ قصـ قصدك ان اللي قتله عمه ؟
- هتموت على
ايدك , ابعد
عنها عشان قربك منها هيموتها
- طب
قوليلي بس اشمعنا ؟ حرام عليكي تعذبيها وتعذبي نفسك
- مـ
ماتت , ازاى
ماتت ازاى ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق