الجمعة، 18 نوفمبر 2016

Special Friday~ على حافة جهنم



الكابوس



\

By: Bella



لا يتذكر متى كانت اخر مرة استمع لصوتها.. قد لا يكون طبيعيا ان تذكر اخر كلمة شخص ما قالها، و لكن مع مروة.. فهو يتذكر كل حرف تقوله. كلماتها البسيطة الشبه منعدمة علمته ذلك.

لبضعة شهور عاشا في نفس المكان.. لم يسأل شقيقها عنها مرة اخرى. و ان فعل، لا تظن بأنها قد تعود معه.. روحها المسلوبة تحلق فقط في هذا المكان.. ربما روحها غادرتها، و لكن يجب عليها ان تبقى بقربها على اية حال... لشهور بقي يتعذب و هي الى جواره. في بداية الامر كان لا يستطيع السيطرة على نفسه، كلما يراها يود فقط لو يحتضنها و يضم جسدها الهزيل اليه. يتمنى لو يضم شفاهها و يقربها اكثر منه.. اكثر من اي مسافة بسيطة قد تفصل بينهما... كره لفترة حبها له.. لماذا لا تستطيع كرهه كما من المفترض ان يحدث؟ ثم اكتشف انه في كلتا الحالتين سيتعذب.. سواء بحبها له او بكرهها..

في النهاية فقط تمنى.. مجرد امنية ان يراها يانعة كما رآها اول مرة.. تلك المروة التي جذبته اليها... تلك الرقيقة الضاحكة التي كانت تسرق جميع الانظار.. اصبحت باهتة و منكسرة... و مع هذا.. فهي تظل الاجمل.. الاكثر بريقا..

على مدار الاسابيع السابقة، كان يحضر طعامها.. يضعه بغرفتها، يلقي نظرة على الفتاة التي اعادته الى حقيقته و لكن بعد فوات الاوان.. ثم يخرج.. لم يغلق يوما الباب عليها.. حتى مع خوفه من نفسه عليها. كان يحبس نفسه بغرفته بدلا من حبسها هي. و هي... هي التي كانت تغلق الباب.. حتى مع تألمها لأنها ليست الى جانبه.. لكن وجوده يؤلم اكثر..

لم يكن اليوم بمختلف عن سابقه، لكنه اليوم كان بائسا اكثر من المعتاد.. كان يتألم.. حياته كصورة من الابيض و الاسود، لا شئ يتغير.. هارب من العدالة، و قاتل معتدٍ في نظر الفتاة التي احب.. يا لها من مأساة! فقط.. فقط صوتها سيجعله يتنفس مجددا. سيبث فيه نفخة من روح ليظل حيا يعتني بها.. حتى لو لم تدعه يفعل.. هو اناني ببقائها معه حتى اللحظة.. لكن سيكتب عليه الموت ان تركها تذهب..

وضع الطعام على الطاولة المجاورة للباب، و بدلا من القاء نظرة سريعة على القابعة على سريرها تضم قدميها الى صدرها محدقة في الفراغ، ظل ينظر اليها، يشفي شوقه من ملامحها.. لم يجرؤ على التقدم لخطوة اخرى داخل غرفتها.. لا يريدها ان تنكمش على نفسها خوفا منه.. ربما لم يصرح يوما بالامر لكن كان هذا اكثر ما يكرهه، اكثر ما يخافه. و جلّ ما رغبه كان سماع اسمه بصوتها. مرة واحدة فحسب.. نظراته لها طالت، و هي كالجماد لا تتحرك، و لا تعيره اي اهتمام... افكاره المتخبطة ستقوده للجنون لو لم يستمع لصوتها!

همس: مروة...

الهدوء الذي خيم على المنزل لاسابيع قطعه صوته.. و الذي جعل من جسدها يرتجف ارتجافة لم تخفَ عليه.. مجددا.. كل ما يفعله يزيدها سوءا.. و كل ما لا يفعله يجعل كل الامور مزرية اكثر. عيناها المغمضتان اغلقتهما بقوة اكثر، تتمنى فقط لو انه يذهب من هنا.. صوته يعيد اليها كل الذكريات السيئة في حياتها و التي لم تبدأ الا حينما ظهر هو..

صوته الخافت اتى مسامعها مجددا: انا اسف.. اسف على كل حاجة... عارف اني مينفعش حتى اطلب منك ده.. بس.. اتكلمي..! محتاج اسمع صوتك.. مرة واحدة بس.. ارجوكي..

لم يجد ردا على كلامه سوى باغلاقها لأعينها اكثر و اكثر، وضعت يديها على اذانها تمنع صوته من التوغل في اعماقها اكثر، تمنعه من العبث برأسها كمخدر ردئ لا يتركها سوى في حاجة الى المزيد.. "توقف" كانت كل ما تريد قوله.. لكنها لن تحقق امله بحديثها.. لا ترغب باعطاءه ما يريد.. كم مرة قد سلمت نفسها لرغباته.. بطريقة او اخرى يجد طريقا ليجعلها تفعل ما يريده تماما..

دونجهي: مروة.. قوليلي حتى اني امشي و موريكيش وشي تاني..!

اصبحت رجفاتها اقوى و اعنف.. فكان لا بد له من الخروج. اغلق الباب خلفه لكيلا تراه ينكسر على عتبة بابها. ربما هذا هو جزاؤه على كل ما فعل. هذا هو جزاء ازهاقه للكثير من الارواح. جزاء قتله لنور البريئة. جزاء تحطيمه لليتوك شر تحطيم. جزاء فطره لقلب كيبوم على اخته و حبيبة عمره.. جزاء الامهات اللاتي يتحسرن كل صباح و مساء على اولادهن... لم يدرك شناعة افعاله الا في هذه اللحظة التي يتمنى ان يموت فيها ليتوقف كل شئ...

على الجانب الاخر من الباب و الذي لم يره دونجهي.. تسندت مروة حتى وصلت للباب.. ببطء و وهن.. وضعت يدها على الباب مكان استناده في الخارج.. كلا منهما يشعر بوجود الاخر لكن لا سبيل للتيقن.. فقط القلبين يدقان بسرعة لا تحدث الا بقرب احدهما الاخر... قلب كان قد عُمي عن الحق لسنين.. و القلب الاخر جُنّ به.. و كليهما لا دواء له..

ارتعشت شفتاها: مش قادرة اكلمك.. مش قادرة.. مش قادرة اقولك اني بكرهك! مش عارفة اكرهك!!!! انا مجنونة للدرجة؟! قتلت اختي و قتلت اخويا و هو لسه عايش! كسرت قلب كيبوم عشانك! و انت معملتش ولا اي حاجة تشفعلك... معملتش اي حاجة تخليني ادافع عنك.. كل ما افكر انا ليه... ليه بحبك... مبلاقيش سبب مقنع.. –ضحكت بوجع- انت عملت كل حاجة ممكنة و مش ممكنة عشان اكرهك... و ده –خبطت على قلبها بالجامد- قلبي الحقير ده مش عارف يكرهك..! مش عارفة اكرهك ليه...؟

لم تحتمل الوقوف لاكثر من هذا.. قدماها لم تحملانها و انسحب جسدها ببطء للارض. بينما الواقف خارجا كان فقط مشدوها... يداه تتلمس الباب مكان كفها بدون علم منه.. اراد ان يحطم الباب اللعين الذي يفصله عنها.. لكنه يعلم تمام العلم بأنه لن يستطيع احتضانها... كلماتها اتت كخناجر مدهونة ببلسم ناعم يرطب قلبه اثناء الطعن! كل كلمة قالتها عن عدم كرهها له طمئنته بأنها لن ترحل.. و كل كلمة عن كرهها لحبه اردت روحه قتيلة في ساحة قتال كلا الطرفين فيها خاسر! لم يمنعها يوما من الخروج لكنها فقط... لم تخرج!!

شهقت من الداخل معلنة بكائها: عارف... امبارح.. مش امبارح بس.. ليالي كتير ببقى هموت و اجي انام في حضنك... خوفي بيقتلني بالراحة... بس بعدين بفتكر ان انت الخوف ده... مش هعرف اتحامى فيك و انك انت الكابوس اللي بيجري ورايا.. لسه كل يوم بكدّب نفسي و اقول ان... اكيد ليتوك اتجن بعد نور... اكيد انت معملتش كده... بس برجع افتكرك و انت..

لم تكمل حديثها.. هزت رأسها بشدة.. لعلها فقط تمحو كل ذكرى عن ما رأته..
اكملت: مش عارفة.. مش عارفة اتخيل انك لمستها كده... غبية صح؟! مفيش واحدة تقدر تستحمل ان صاحبة عمرها يتعمل فيها ربع اللي اتعمل في.. –غصت عند ذكرها لاسمها- نور.. بس مش قادرة امسح من دماغي انك لمستها.. و بتلمسني بنفس الايد اللي نزلت على جسمها... كل مدى بحس انك حيوان و معندكش قلب! و بعدين –شهقت مرة اخرى- بعدين كل ده بنساه لما بتحضنني.. كمية الدفا دي... بكرهك يا دونجهي... بكره حبي ليك، و بحبك لدرجة انك بقيت المخدر اللي مش عارفة اعيش من غير ما اتنفسه.. لو اختفيت في يوم.. معرفش هعيش ازاي...

كل ما تقوله متناقض. كل حرف تنطق به يدل على انها مريضة نفسيا.. ربما في البداية كان حبها له مرضي.. و بعد صدمتها فيه تحول الحب المرضي لحالة ما بعد الصدمة.. يسمونها في الطب النفسي PTSD... ربما لو شخصها احدهم فستقع تحت بند المصابين بهذه الحالة بكل تأكيد.

و مع كلامها، يزداد عجزه... فقط يجلس مسندا كفه على الباب، يتمنى لو يقول شيئا.. اي شئ.. لكن لو افرج عن شفتيه، فلن تتحدث مرة اخرى. يعلم هذا جيدا... لذا دموع خائنة نزلت من عينيه بدون ادنى صوت... عندما يشتد الالم لدرجة عدم الصراخ.. ربما هذا هو حاله الان

صوتها عاد خافتا: نفسي ارتاح... روح نور هتفضل تلعنني... ازاي و انا اللي مش عارفة اكره قاتلها.. ليتوك عمره ما هيعرف يبصلي مرة تانية... امي... ابو نور اللي حمى عيلتي بعد ما ابويا مات.. و كيبوم اللي كان مستعد ينسى كل حاجة... كل حاجة و يحاول يساعدني ابقى انسانة احسن من القذارة اللي انا فيها دي.. مفيش حد اعرفه و موجعتهوش.. انا اقذر منك بمراحل... ع الاقل دول انت متعرفهومش...

يعلم جيدا انها تبكي.. و يعلم اكثر انه لا يستطيع تهدئتها...
ساعات على هذا الحال.. حتى وقعت اسيرة للنوم... خاف ان يفتح الباب.. خاف رؤيتها، لن ينكر.. خاف ان تكون مستيقظة و تكره رؤيته، و اكثر شئ يوجعه تلك النظرة التي تنظر اليه بها...

انتظر لوقت طويل قبل ان يقدم على تلك الخطوة المهزوزة... ببطء فتح الباب و لم يتوقع رؤيتها خلفه مباشرة... تنام على الارض الجامدة الباردة.. تنهد بضيق لكل ما يحدث.. ليته لم يولد ابدا.. لو كان بيده تغيير قدره لكان فعل.. لكنه ملعون. حاول الا يلمس جسدها بقدر الامكان، بالرغم من شوقه لدفئها... بالرغم من جنونه ليحتضنها اليه اكثر.. لكنه لم يفعل. احضر غطاءً و دثرها به قبل ان يحملها الى السرير. وضعها به و غطى جسدها جيدا، و اغلق الباب و خرج كأنه لم يدخل البتة...~

هناك 4 تعليقات:

  1. طيب أعمل ايه ناو ؟! ㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅜㅜㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠㅠ الي اسمها على حافة جهنم دي بالنسبة ليا على حافة الجنةةة عاااااااااااا وكيف مع هاي الجزئية؟! دونغهي الحووب والي كان كلب بالروايةة بكرههووو انسان مريض بس هاد المشهد ㅠㅠㅠㅠㅠ وجعني قلبي عليييييه طلع انسان الحيوان ده ههههههههه ... المشهد الصغنون ده زاااد شوقي أضعاف مضاعفةة لفلتسمه حبا لأنو ما شاء الله اسلوبك شابه اسلوب نور جدا بالروايةةة .. متشوقةةة كتييير ㅠㅠ بعدني بكره مروة وبحقد عليهاااااا xD

    ردحذف
    الردود
    1. ما علقت ع البوستر الشميييييل جداا ولا الاقتباس الي بيذوووووب ده ♡.♡

      حذف
    2. انا فعلا فعلا فعلا اتشرفت بالكومنت و حاليا بصرخ لنور T_T فعلا تعليقك بيعنيلي كتير *-* <3

      حذف
    3. بقرأها للمرة الثانية بعد ما كانت السبب فإني اعيد الرواية كلها واكتشف اشياء ما اكتشفتها بالمرة الأولى جد تسلم ايدكي.. الشرف لياااا

      حذف