سأحميــــــــــكِ (( حبيبتي )) •♡• Part2
نظرت هانا إلى تشانغ ووك وهي تلعب بخصلات شعرهـا
بدلال قائلةً
" هل ستقضي الليلة واقفـًا هناك ؟ ألـن تأتــي ؟!
أنا أنتظــرك ... "
أثارت هانا مشاعره أكثر بكلماتها تلك .. فبدأ
بالاقتراب منهـا خطوة خطـوة .. كانت هانا ترتعش خوفـًا مع كل خطوة يخطوها تشانغ
ووك نحوهـا .. اقترب منهـا أكثـر شعرت بالاختنـاق , تجمعت الدموع في مقلتيهـا
عندما جلس على السرير بجانبهـا .. أخفضت رأسهـا وهي ترتجف , أمسك تشانغ ووك
بذقنهـا ورفع رأسهـا باتجاهه , نظرت إليه هانا فبدأ بالاقتراب من وجههـا وتحديدًا
شفتيهـا محاولاً تقبيلها .. هنا تذكرت هانا ما حدث بينها وبين كريس (( سرت الرعشة
في جميع جسدها بالتتالي وتجمعت الدموع في كلتا عيناها وهي تنظر إلى كريس " ماذا
تقصد بأن عليّ النـوم معـه ؟! "
فأجابها كريس وهو يبتسم بخبث " ألا
تعرفين ماذا أقصد بأن تنامي معـه ؟ حسنـًا سأقولها بطريقة أبسط .. أقيمي علاقة
جنسية معـه يا حلوتي .. فهمـتِ ما أقصده الآن ؟! "
اتسعت كلتا عينا هانا بصدمة وبدأت دموعها
بالنزول
" لا يمكنني القيام بذلك .. أنت تمزح أليس كذلك ؟ "
وضع كريس كلتا يداه فوق خديها وبدأ بمسح دموعها
وهو ينظر إليهـا بمكر " للأسف أنا لا أمزاحكِ حلوتي .. وهل هناك وقتٌ
للمزاح الآن ؟ لقد اتفقنا معًا ووصلنا إلى أقصى مرحلة من الجدية .. لا يمكنكِ
التراجع ! "
أمسكت هانا يد كريس بكلتا يداها وشدت عليها
وبنبرة ممتزجة بالبكاء " أرجــوك .. لا يمكنني فعل ذلك .. دعني أقوم
بعملٍ آخر أستطيع القيام به من أجلك .. "
سحب كريس يده من بيد يديها بعنف ووضعها على
عنقها من الخلف ثم جذبه رأسها نحوه بقوة لتتقابل وجوههما ولا يفصل بينهما سوى بضع سنتيمترات
.. تبدلت ملامح وجه كريس من المكر إلى الجدية التامة وهو يصرخ بوجهها " سوف
تقومين بذلك شئتِ أم أبيتِ هانا .. طالما اتفقتِ مع كريس لا يوجد مجال للتراجع
أبـدًا وما اتفقنا عليه سوف يتم .. أفهمــتِ ؟ عارضي فقط وستصبحين دميتي كما
وعــدتُ شقيقك دونغ هي .. ستشاهدينـه يضرب ويعـذب أمامـك , هل تودين ذلك حلوتي ؟!
اووهـ أجيبيني هيا ! "
كانت هانا تحدق بوجهه بخوف ودموعها تتساقط بينما
يرتعش جسدها بين يديه بقوة , شعرت بأن أنفاسها تتقطع من شدة خوفها , كذلك الدمـاء
جفــت في عروقهـا .. قام كريس بهزها بعنف لتستفيق فأجابته بسرعة وبصوت مختنق
وممتزج بالدموع
" حـ حسنـًا سأقوم بذلك ولكن لا تؤذي اوبا أرجوك ! " ))
تذكرها لكل ذلك جعلها تشعر وكأن رأسها سوف ينفجر
, شعرت بالاختناق .. وزاد ذلك الشعور عندما أحست بأنفاس تشانغ ووك تلفح وجهها
فسمحت لدموعها بالنزول وانتفضت من مكانها فجأة بدون وعي وانفجرت بالبكاء بحرقة " لا
تقترب مني أرجـوك لا تفعل ! ابتعد عني ! "
صعق تشانغ ووك من ردة فعلها تلك , توقف مكانه
وهو يحدق بهـا متسائلاً ولكنهـا استمرت بالبكـاء " أرجوك لا تفعل .. لا تقترب مني أرجــــوك .. لا
يمكنني فعل ذلك .. لا يمكنني الكذب بعد الآن .. لقد قام كريس بإجباري على فعل ذلك
كي أقوم بإغوائك وبالمقابل الحصول على أموالك من أجله .. آسفة على خداعك سيد تشانغ
ووك .. "
شعر تشانغ ووك وكأن صاعقة نارية قد ضربتــه ..
فأمسك هانا بكلتا ذراعيه وأخـذ يهزهـا بقوة وغضب بين يديه " مـاذا تقصدين بأنني قد خدعت هــآآهـ ؟ يعني بأن
كل شيء كذبـة ؟ حتــى أنتِ كذبــة ؟ أخبريني بكل شيء الآن ! "
كانت هانا تحدق به بصدمة ومن خوفها أخبرته بكل
شيء .. بمخطط كريس الشرير , ما الذي ينوي فعلـه وبأنها هي ضحية لكريس أيضـًا
فجن جنون تشانغ ووك , أحس بالخيانة وبدأت نيران الغضب تشتعل بداخلـه , اقترب من
هانا محيطـًا إياها بنظرات عيناه التي تقدح شررًا " لقد وقعتِ مع الشخص الخطأ , ستدفعين الثمن
غاليـًا , وفي الحـال ! "
تجمدت الدمـاء في عروق هانا وأخـذت ترتعش في
مكانها من كلمات تشانغ ووك التي نزلت على مسامعها كالسيف .. زاد تساقط دموعها
راجية إياه أن يستمع لهـا ولكـن غضبه الجنوني وثمالته في تلك اللحظة أعمياه ورفض
الاستماع لشيء حتـى .. كان يود أن يثأر لنفسه , للخيانة التي تعرض لها من شخص كان
يعتبره أعـز أصدقائه , لرجولته التي استمتعت هانا بالتلاعب بهـا بسهولة , والتي لم
تستطع امرأة قط بتحريكها من قبل .. بدأ بتمزيق ملابسها عن جسدها بعنف متجاهلاً
شهقات بكائهـا وصراخهـا .. صب جم غضبه عليهـا وببساطة سلبهـا أغلى ما تملك
.. أصعب وأقوى اللحظات كانت هانا تمر بهـا , حاولت مقاومته والدفاع عن أنوثتها
لكنه كان أقوى منهـا وتغلب عليهـا , ثأر لرجولته التي اندثرت أمامها .. وأخيرًا
تركهـا لتتقوقع على نفسها تحت الغطـاء تخفي آلام أنوثتها المبعثرة .. ارتدى تشانغ
ووك ملابسه ثم أخرج بطاقته الائتمانية من جيب سترته وألقى بها نحو هانا بنظرات
مليئة بالاستحقار والاشمئزاز " وهـذه من أجلك ومن أجل الحقير كريس , لكم ما
أردتموه من البداية .. * أرجع شعره إلى الخلف ثم
تابع بابتسامة خبيثة * اووهـ ولا تعتقدِ بأنني فعلت ما فعلت بكِ لأنني
معجب بكِ , بالعكس لقد فعلت ذلك بكِ لأنكِ تستحقينه .. هذه أفضل طريقة للانتقام من
حثالة أمثالك .. "
كان ألم هانا يزيد مع كل كلمة يهينها تشانغ ووك
بها واضعة يدها على فمها لتكتم شهقات بكائهـا .. تمنت بأن تنشق الأرض وتبتلعها في
الحـال , وما زاد ألمها أكثـر هو ظهـور صورة وجه دونغ هي أمامهـا .. ماذا ستقول له
؟ وماذا ستكون ردة فعله ؟ ربما يقتلها ويقتل نفسه .. يا لصعوبة موقف هانا المسكينة
.. أوقعت نفسهـا بمصيبة لا تعلم ماذا ستكون نهايتهـا ؟! .. أما تشانغ ووك لم يخمد
غضبه بعـد , خرج من الغرفة متوجهـًا نحو كريس .. الذي كان ينتظر معرفة إذا ما نجح
مخططه أو لا على أحر من الجمـر , ففتح ذراعيه لتشانغ ووك مرحبـًا به بابتسامة
واثقة
" اووهـ صديقي العزيز .. "
فأغـدق تشانغ ووك عليه بلكماتٍ متتالية ورمت
وجهه ثم دفعه بعنف ليسقط أرضـًا وبصق بوجهه باستحقار " صديقك العزيز هــآآهـ ؟! لو أخبرتني بأن كل ما
تريده هو النقود لوفرت على نفسك كل هذه الطرق البذيئة من البداية .. ولكنك حقير
والحقارة تجري بدمك ولا يمكنك الاستغناء عنها مهما حدث .. * بصق بوجهه مرة أخـرى
وتابع * اذهـب
إلى مساعدتك الحسنـاء , تمتع بالنقود جيدًا ولا تريني وجهك الملعون مرة أخرى أيها
الوغـد ! "
ثم ركله بقدمه بقوة وغادر .. تأوه كريس بألم
ولكنـه رسم ابتسامة خبيثة على محياه لنجاح خطته في الحصول على النقود .. نهض فورًا
وذهب إلى هانا ليجدها على نفس وضعيتها التي تركها تشانغ ووك عليهـا .. تلف نفسهـا
بالغطـاء وشهقات بكائهـا التي فشلت في كتمانها بدأت تعتلي شيئـًا فشيئـًا .. حاول
كريس الاقتراب منهـا ولكنـها بدأت بالصراخ بطريقة هستيرية " ابتعـد ! لا تقترب مني ! إياك أن تقترب مني .. "
وقف كريس في مكانه أمامها ببرود " اهـدئي
يا حلوتي , هل كان ووكي قاسيـًا جدًا عليكِ ؟ "
ثارت نيران الغضب بداخل هانا وفجرتها به " خـذ
بطاقتك اللعينة واخرج في الحـال .. ولكن احرص على تنفيذ وعـدك وإلا .. أقسم بأنني
سأقتلك وأقتل نفسي من بعدك ! "
عقد كريس ذراعيه ببعضهما البعض وأخذ يهز رأسه
بالنفي بلامبالاة
" ايغـووا يبدو بأن حلوتي غاضبة جـدًا .. اهدئـي
وسيكون كل شيء على ما يرام .. لم يحدث شيء فقد حظيتي بلحظات رائعة مع ووكي الذي
تتمنى جميع الفتيات بأن تحظين بربع ما حظيتي به فلا داعي للغضب أو الندم .. "
زاد غضب هانا من كلماته فتعالى صراخها مع شهقات
بكائهـا أكثر
" قلت لك اخرج في الحـال ! اخرج أيها الوغـد اخرج ! "
حينها تعالت صوت ضحكات كريس الخبيثة وأومـئ
برأسه إيجابـًا ثم خرج من الغرفة تاركـًا هانا خلفـه تصارع آلامها وتتوعد له
بالانتقام ..
أسـوء يـوم مرت به هانا طوال حياتها هو هذا
اليـوم بنهاره وليله .. إذ مضت الليل بأكمله تفكر بما الذي ستفعله , وفي النهاية
مع إشراقة صباح اليوم التالي لملمت نفسهـا بعد أن رتبت هندامها وشعرهـا , كذلك
وجههـا الذي أخفت عنه ملامح البكـاء ليحل مكانها الحدة والبرود .. خرجت من الغرفة
متجهة نحو كريس الذي قضى ليلته في الشرب .. تقدمت نحوه بخطوات واثقة , ووقفت أمامه " هيا
نفذ وعـدك في الحـال ! "
رفع رأسه نحوها بتثاقل " ولمَ الاستعجال ياحلوتي ؟ "
اقتربت منه ممسكة بياقة قميصه وبعيناها الحادتين
نظرت إليه
" قلت نفذ وعـدك الآن ! "
قهقه كريس مستهزئًا " وآآهـ حلوتي أصبحت قوية .. "
شدت هانا على قميصه بقوة جعلته يشعر بالاختناق ,
فأخـذ يطلق كلماته من بين سعاله " حسنـًا حسنـًا سأنفذ وعـدي , امنحيني أسبوع فقط
وسأدبر لشقيقك عملاً في الحـال .. "
حررت هانا يدها عن قميصه وأخـذت تربت على كتفه
وهي تنظر إليه بحدة " أسبوع فقط , إن لم يحصل اوبا على العمل ..
ستصبح في عداد الموتى لا محالة .. كريس شي ! "
ابتلع كريس ريقه بصعوبة مع كلماتها الأخيـرة ,
جمدته في مكانه بلا حراك , ضربات قلبه تخفق بشدة لدرجة قربهـا منـه مع نظراتها
النارية الحارقة .. ما الذي حدث لكريس القوي ؟ ببساطة انصهر أمام جبروتهـا ..
جبروتها الذي انتفض لأول مرة ليدافع عن أنوثتها المهدورة ..
تراجعت هانا خطوتان إلى الخلف , عقدت ذراعيها
ببعضهما البعض وواجهته بنظراتٍ واثقة " وإياك أن يعلم اوبا بأي شيء حدث خلال اليومين
الماضيان .. وكـن حرصـًا ألا يعلم بأن العمل من جهتك كي لا يشك بأي شيء .. * تنهدت بعمق ثم تابعت * والآن
سأغادر .. "
كان كريس يحدق بها كما لو أنـه يراها للمرة
الأولى .. هانا القوية ذات سحرٍ خاص وآسر .. نطق كريس كلماته قائلاً " حسنـًا
يا حلوتي , إلى اللقاء .. "
تابعت هانا بنفس نبرتها السابقة " بل
وداعـًا وإلى الأبـد .. أتمنـى ألا ألتقي بك مجددًا أبدًا ولو بالصدفة حتى ! "
ألقت كلماتها الأخيرة على مسامعـه , ثم انطلقت
خارج ذلك المكان الموحش الذي سبب لها أكبر ألم في حياتهـا .. أما كريس فاستمر بالنظر
إليها حتى اختفت من أمامـه , عقد أصابعه ببعضهم البعض وأفكاره تداعب عقله قائلاً " سنـرى
إن كان هذا حقـًا الوداع يا حلوتي ... ؟! "
أما في مكانٍ آخر بلغ على كل ركنٍ فيه طابع
الرقي والتحضر ، استيقظ تشانغ ووك من نومٍ عميق بعد قضاءه لتلك الليلة
الطويلة الشاقة والصداع المرهق يلازم رأسه .. أخـذ شريط الدواء القابع بجانبه ,
تناول حبتين منه ثم شرب المـاء خلفهما دفعة واحدة .. ثوانٍ وبدأ يتذكر كل ماحدث
الليلة الماضية , تذكر هانا , رقتها , جمالها وأنوثتهـا الطاغية , ثم دموعهـا
المنهمـرة , صرخاتها وتوسلاتها إليه .. أحس بغصة بقلبه , قطب حاجبيه و أرجع
شعره إلى الخلف
" هل كان مافعلته صحيحـًا ؟ أم أنني قسوت عليهـا
كثيرًا ؟! "
أخـذت الأفكـار تتلاعب بعقله لثوانٍ , وفـور
تذكر لرجولته التي هزمت أمام هانا ومكيدة كريس التي تعرض لها انتفض بمكانه بغضب
وإصرار
" إنهـا بالتأكيد تستحق ذلك , لو كانت فتاة جيدة
حقـًا لما وافقت على لعب تلك اللعبة القذرة أبـدًا .. "
ثم نهـض من مكانه وبدأ بالاستعداد ليبدأ يومـه
محاولاً نسيان كل ماحدث ..
أما هانا , من بعد تردد وخوف شديدان .. تمكنت في
النهاية من طرق باب البيت بعد أن رسمت ابتسامة عريضة على وجهها بصعوبة لتقابل دونغ
هي بهـا وتخفي خلفها كل حزنها وآلامها .. ثوانٍ وفتـح دونغ هي الباب وظهر من
خلفه .. اتسعت كلتا عيناه بصدمـة فور رؤيته لها " هــانـــا ؟! "
شعرت هانا وكـأنها عادت إلى موطنها الدافئ من
جديد , فاضت جميع المشاعر بداخلها فألقت بنفسها بين أحضانه وعانقتـه بقوة " اوبـا
, اشتقت إليك كثيرًا .. "
استغرب دونغ هي عودتها المفاجئة فأبعدها عنه
ونظر إلى وجهها مباشرة " ألستِ في جزيرة جيجو ؟ ما الذي تفعلينه هنا ؟! "
تنهدت هانا بتعب لتخفي ارتباكها " لقد
وردنا خبر نقل والدة صديقتي يورا إلى المشفى هذا الصباح فقررنا العودة في الحـال
.. قمنا بالاطمئنان عليهـا ثم ها قد عـدت إلى شقيقي العزيز .. ألم تفتقدني اوبـا ؟! "
قالتها بنبرة طفولية , فابتسم دونغ هي إليهـا
وهو ينفض شعرها بيده " كلا , لم أفتقدكِ أبـدًا .. "
نظرت هانا إليه بعبوس كطفلة في الثانية من
عمرهـا , ترقرقت الدموع في كلتا عيناها رغمـًا عنهـا وبدأت بالبكـاء " أحقـًا
لم تفتقدني اوبـا ؟! "
اتسعت كلتا عينا دونغ هي بصدمة لرؤيتهـا تبكي
أمامه بذلك الشكل
" أنا أمازحك هانا ماذا بكِ ؟ لماذا تبكين ؟ "
سمحت هانا لدموعها بالتساقط أكثر , اقتربت من
دونغ هي وعانقته بقوة أكبر من المرة الأولى , شددت قبضتها على قميصه من الخلف
وأطلقت كلماتها من بين شهقات بكائهـا " لأنني افتقدتك كثيرًا .. "
استغرب دونغ هي حال شقيقته ولكنـه صدق كلماتها
كونها المرة الأولى التي تبتعد فيها عنه , فعانقها هو الآخر وأخـذ يربت على ظهرها
بحنان محاولاً تهدئتهـا , تشبثت به بقوة أكبر وتعالت شهقات بكائهـا أكثر , لتفرغ
بين أحضانه كل همومهـا التي قررت أن تعينها بنفسهـا ..
مـر ذلك اليـوم بسلام , إذ أمضته هانـا بالتفكير
والنـوم أثنـاء خروج دونغ هي للبحث عن عمـل مجددًا .. كذلك مـر عليهمـا شهر على
ذلك الحـال .. شهر من الراحـة دون مضايقات كريس لهمـا .. استغرب دونغ هي ابتعاد
كريس بتلك الطريقة إذ لم يظهر أمامه أبـدًا في الأيام الماضية , لكنه لم يسأل عنه
ظنـًا بأن كريس قد انشغل عنه فاستغل دونغ هي الفرصة واستمر في البحث عن عمل ليرد له
نقوده قبل أن يسأل عنهـا .. أمـا هانا فكانت كل يوم تنتظر اتصالاً من كريس يخبرها
فيه بأنه قد وجد عملاً لشقيقها ولكنه لم يكن يتصل بها إلا في نهاية كل أسبـوع
ليخبرهـا بأنه لم يجد عمل بعد ويطلب منهـا أن تنتظر أكثر قليلاً بعد , كانت هانا
تغضب وتقوم بتهدديه , لكنها كانت تعطيه فرصة أخـرى في نهاية المطاف طالما أنـه لا
يقوم بمضايقتهما .. وفي آخر مرة أغلقت هانا الهاتف مع كريس ونهضت من مكانها ,
أوشكت على السير ولكـن فجأة اختل توازنها وشعرت بدوار خفيف يلف رأسهـا فارتدت إلى
مكانها وجلست مرة أخـرى لتستريح .. دقائق واختفى الدوار فتنهدت هانا بتعب " ايششش
! متـى سوف أنتهـي من هذا الدوار اللعين ؟ منذ متـى وأنا أتعب هكـذا ؟ هل كبرت في
السن أم ماذا ؟ "
إنهـا ليست المرة الأولى التي تشعر فيها هانا
بالدوار ففي الأيام القليلة الماضية بدأت تشعر بقليل من التغيرات في حياتها .. إذ
أصبحت تنام بكثرة , لا تطيق رائحة بعض الأطعمـة والمنظفات .. وفي مراتٍ أخرى تشعر
بالغثيان , استمرت هانا على هذا الحـال لأيـام .. فبدأت تشك بنفسهـا بأنها تعاني
من مرضٍ مـا , لم تخبر دونغ هي مطلقـًا بما حدث معها وقررت أن تذهب إلى المستشفى
لتجري بعض الفحوصات بنفسهـا .. وبالفعل صباح اليوم التالي , بعد أن خرج دونغ هي من
البيت .. خرجت هانا خلفه وتوجهت إلى المستشفى .. هناك أجرت بعض الفحوصات ثم طلبت
منها الممرضة أن تنتظر قليلاً حتـى تظهر النتائج .. وبعد نصف ساعة من الانتظار ,
نصف ساعة أحستها هانا وكأنهـا دهــر .. خرجت الممرضة من غرفة التحاليل وتوجهت نحو
هانا بابتسامة عريضة ترتسم على وجهها " مبـارك سيدتي أنتِ حامل ^^ "
أحست هانا بأن صاعقة قد ضربتهـا , نهضت من
مكانها وأخـذ تحدق بالممرضة بعدم تصديق ظنـًا منهـا بأنها لم تسمعها جيدًا " مـاذا
قلــتِ ؟ "
ضحكت الممرضة بلطف وتابعت " أنتِ حامل في شهرك الأول سيدتي .. تهانينا سوف
تصبحين أمـًا عن قريب ^^ "
ترقرقت الدموع في مقلتي هانا وأحست بدوار أسقطها
معيدًا إياها على الكرسي الذي كانت تجلس عليه .. اقتربت الممرضة منها على الفـور
بقلق
" هل أنتِ بخير سيدتي ؟! "
كانت هانا غير مصدقة لما سمعته من الممرضة ,
نظرت إليهـا بعيناها الدامعتان وبصوت مختنق " كيف حدث ذلك ؟ مـاذا سأفعـل ؟ّ! "
ثم بدأت بالبكـاء .. لم يكن أمامها في تلك
اللحظة وسيلة أخرى سوى البكـاء والبكـاء .. حاولت الممرضة أن تقوم بتهدئتهـا لكن
هانا قررت الانسحاب من المستشفى فورًا بعد أن أخـذت أوراق الفحوصات التي تؤكد
حملهـا .. أخـذت تجوب الشوارع بلا هوادة , دموعها المنهمرة على خديها مستمرة دون
توقف .. والأفكـار تتضارب في عقلهـا .. بالتأكيد إنهـا في ورطة عظمـى لم تتوقع
حدوثهـا حتـى .. مـاذا عساها أن تفعـل ؟ في تلك اللحظات أحست بكم هي وحيدة , وكم
هـذا العالم مظلم وقاسٍ ..
وبعد معاناة طويلة دامت لساعات , مرت على هانا
وكأنها سنوات .. عادت إلى المنزل محاولة تهدئة نفسها كي لايشك دونغ هي بشيء ..
ولحسن حظها لم يكن قد عاد إلى المنزل بعد .. فاستغلت الفرصة ودخلت إلى غرفتهـا
فـورًا .. ألقت بنفسها على السرير واختفت تحت الغطـاء لتخفي معها دموعها وشهقاتها
وآلامها التي تضاعفت أضعاف .. أخيـرًا عاد دونغ هي إلى البيت , بحث عنها فوجدها
مستسلمة للنـوم أسيـرة , طبع قبلة حانية على جبينهـا بعد أن مسح تلك الدمعة
اليتيمة التي كانت تقطن على خدهـا .. غطاها جيدًا ثم ذهـب إلى غرفتـه لينال قسطـًا
من الراحـة هو الآخـر , لكن أي راحة تلك وعقله لا يتوقف عن التفكير ؟!
بعد انقضاء أيام لم يطرأ في حياتهما أي تغيير ..
فكرت هانا بالجنين الذي يقطن في أحشائهـا كثيرًا ومن شدة تفكيرهـا جـنت تمامـًا ..
عقلها يرفض فكرة بأنهـا تحمل طفل رجل غريب لا تعلم عنه أي شيء سوى اسمه .. حملت
نفسها إلى المستشفى وقررت إجراء فحوصات مرة أخـرى .. وبالفعل قامت بذلك , وبعد
انتظار جاءت النتيجة نفسها لتصدمها وتقتلها ثانية مؤكدة على حملهـا .. كادت هانا
أن تفقد صوابهـا , همـت بالبكـاء كالأطفـال أمام الممرضة " إذًا كان ذلك صحيحـًا .. صحيحــًا .. ماذا علي
أن أفعـل ؟! "
استمرت على تلك الحـال لدقائق , ثم استفاقت على
نفسهـا لتهدأ ثم تهم بالمغادرة .. سارت باتجاه الباب لتخرج وهي تطالع ورقة الفحص
التي بيدهـا , فجـأة أحست بانزلاق الورقة من يدهـا ثم ارتداد جسدهـا إلى الخلف إثر
ارتطامها بذلك الجسد الضخم ذو رائحة العطر الجميلة التي يحملها صاحبـه .. لم تنظـر
إليه حتـى أتاها صوتـه الهادئ " اووهـ آسف , هل أنتِ بخير ؟! "
أرجعت هانا شعرها خلف أذنهـا " اووهـ
أنـ.. "
تجمدت بقية الكلمات في حلقهـا , كذلك جسدهـا
الذي توقف عن الحركة فـور أن رفعت رأسهـا لتنظر إليـه , وياليتها لم تنظر .. كل
آلامها التي حاولت دفنها بصعوبة في الأيام الماضية عادت لتطعنها من الداخل فـور
رؤيتهـا له , لم تكـن هانا الوحيدة المتجمدة هناك , كذلك هو .. شعر وكأن صاعقة قد
ضربتـه فـور رؤيتـه لهـا , أحـس بأن الغضب يتسلل إلى أعصابـه شيئـًا فشيئـًا ,
ولكن ذلك الغضب تحول على وجهه ليرتسم على شكل ابتسامة خبيثة يملؤهـا الاستحقار " اووهـ
إنهـا المخادعة هانا , يا لهذه الصدف الرائعة ! "
ارتعشت هانا في مكانها وهي تنظر إليه دون أن
تنطق بحرفٍ واحـد .. تمـنت في تلك اللحظة لو أن الأرض تنشق وتبتلعها , كم خشيت أن
تلتقيه مرة أخـرى , وبالأخـص في ذلك المكان .. لكن تمشي الرياح بما لا تشتهي السفن
, ما لم ترده حدوثه قد حصل وجاءهـا سؤال تشانغ ووك القاتل " ماذا تفعلين هنـا ؟! "
فرؤيتـه لكلمة " قسم الحمـل والولادة " خلفهـا أثارت شكوكـه ..
أما هانا فارتبكـت بشدة وظهرت آثار ارتباكها على وجههـا وكلماتها المتلعثمة وهي
تشيح بنظرها بعيدًا عنـه " ليس من شأنك أن تعرف .. "
ثم همت بالسير بعيـدًا عنه محاولة الهرب منـه
ومن نظراته وأسئلته التي كانت تحرقها كالنـار .. أراد تشانغ ووك اللحاق بهـا
ولكـنه توقف في مكانه , يراقبهـا وهي ترحـل بعيـدًا حتـى اختفت من أمامـه .. أشاح
بنظره إلى الأرض , ليجد تلك الورقة البيضاء عالقة تحت قدمـه , حضر إلى ذاكرتـه
المشهد السابق , عندمـا ارتطم بهانا وسقطت ورقة ما من يدهـا .. انخفض سريعـًا وحمل
الورقة عن الأرض , أخـذ يقرأ ما بداخلها بإمعان .. كاد أن يشـل في مكانـه من هول
صدمتـه مما قرأه .. فعلاً كانت شكوكـه في محلهـا , أخـذ الورقة وتوجه إلى داخل
القسم فورًا .. وجـد الممرضة أمامـه , عرض عليهـا الورقة فتعرفت عليهـا فورًا ..
أخـذ يسألهـا بجنون " هل هي حامل حقـًا ؟! "
أومـأت الممرضة برأسهـا إيجابـًا " اووهـ
, إنهـا حامل في شهرها الأول .. "
جن جنون تشانغ ووك أكثر , فقد مر على لقائهمـا
الأول شهر بالفعل .. أخـذ يتذكر تلك اللحظات التي جمعته بها في تلك الليلة .. أحس
بغصة قوية في قلبـه , شعر بالاختناق " لا يمكن أن يكون ذلك .... "
ثم بدأ بالركض خارج المستشفى بسرعة .. سلك نفس
الطريق الذي سلكتـه هانا عله يجدهـا .. كانت كل الأفكـار تنهشه من الداخل , و ألف
سؤال يود طرحه عليها , ويريد سماع إجابته الآن .. ولكـن للأسف كانت قد اختفت
تمامـًا ولم يجدهـا .. فتوقف وأخـذ يصرخ بقوة وغضب في منتصف الطريق بين المارة ..
فجـأة وضع يده على رأسه وتنهـد بقوة لتذكره للسبب الذي جعله يذهب إلى المستشفى في
ذلك الوقت الذي التقى فيه مع هانا , فحمل نفسه وعاد أدراجه إلى هناك ليهنئ صديقـه
وزوجته بمولودهما الجديد .. كانت علامات التوتر بادية على وجه تشانغ ووك وأخـذت أفكاره
تلعب بعقله عندما قام صديقه بوضع المولود بين يديه ليحمله .. أخـذ ينظر إلى الطفل
ويتذكر هانا وحملهـا .. هل يعقل بأن يكون ابنـه الذي ينمو في أحشائهـا ؟ ذلك
السؤال الذي كان يقتل تشانغ ووك من الداخل , وصرخ على حين غفلة " لا
يمكن أن يكون كذلك ! "
خاف صديقه وزوجته من صراخه وأخـذ الطفل من بين
يديه وهو ينظر إليه باستغراب " يا تشانغ ووك ! ماذا بك ؟! "
استفاق تشانغ ووك على نفسه ونظر إليهما بهدوء " اووهـ
! أعذراني .. لقد تذكرت شيئًا ما و يجب علي المغادرة.. تهانـيَ الحارة لكما .. "
ثم انسحب من المكان على الفور وهو يتمالك أعصابه
بصعوبة ..
أما هانا بعد أن تمكنت من الهرب من تشانغ ووك ,
توجهـت إلى البيت , وفـور وصولها أسندت نفسها على الباب تلتقط أنفاسها بصعوبة ..
تنهدت تنهيدات عديدة , تبعتها دمعاتها المتتالية " لمَ كان يجب عليك فعل ذلك بي ؟ لمَ فعلت ذلك
وجعلتني أحمل بطفلك الذي لن تعلم بوجوده ما حييت ؟ ما ذنبي أنـا لأحمـل بطفلك
أيهـا الغبي ؟ لمـاذا أنـا لمـاذا ؟! "
ثم انهارت على الأرض لتفرج عن آلامهـا بالبكـاء ..
مـر يومـان آخران على كل من هانا وتشانغ ووك
بنفس الوتيرة من التفكير , التوتر و الألم .. حتى جـاء ذلك اليوم , يـوم كئيب
تلبدت سماءه بالغيوم السوداء .. بعد تفكير شديد تمددت هانا على ذلك السرير الأبيض
الطويل في غرفة العمليات في المستشفى , وهي ترتدي ذلك الثوب الأزرق الخـاص بالمرضى
.. اقتربت منها إحدى الممرضات متسائلةً " هل ستتخلين عنـه حقـًا ؟! هل أنتِ متأكدة من
ذلك سيدتي ؟! "
تنهدت هانا بعمق ثم أومـأت برأسهـا إيجابـًا بعد
تردد
" أجـل , لا يمكنني الاحتفاظ به بداخلي أكثـر .. "
هزت الممرضة رأسها بالنفي ثم أردفت قائلةً " حسنـًا
كوني مستعدة , دقائق وستبدأ العملية .. "
أومـأت هانا برأسهـا إيجابـًا ثم أغمضت كلتا عيناها
بهـدوء ..
وما هي إلا لحظات حتـى أحست بغصة قوية في قلبهـا
وبدأت دموعهـا بالانسياب بغزارة لسماع نبضات قلب طفلها الضعيفة التي بالكاد تسمع
بعد أن قام الطبيب بإيصال السماعة إلى بطنهـا ليفحصهـا ويفحص حالة الجنين قبل أن
تقوم بعملية الإجهـاض .. أجهشت هانا بالبكـاء وأخـذت تصرخ بهستيرية " كفـى
, قومـوا بتلك العملية اللعينة الآن ! "
أما في مكانٍ آخر , نهـض تشانغ ووك من مكانه
بسرعة جنونية متجهًا إلى المستشفى بعد الاتصـال الذي ورده من الممرضة ,
أخبرته فيه بأن هانا ستقوم بعملية لإجهاض طفلهـا .. ففي آخر مرة بعد أن رأى هانا
بالمستشفى وعلم بأمر حملها , اتفق تشانغ ووك مع الممرضة أن تعلمه بوجود هانا في
المستشفى فور مجيئهـا لكي يتمكـن من الوصول إليهـا بسهولة .. وبالفعل ذلك ما حدث
.. ركب سيارته وبسرعة البرق وصل إلى المستشفى .. وفورًا دخل إلى المستشفى ,
وجد الممرضة تنتظره وعلى الفور قامت بدله إلى مكان غرفة العمليات الخاصة بهانا ..
توجـه إلى هناك وعند وصوله تجمد في مكانه , أحس وكأن صاعقة قد ضربتـه عندما رآهـا
تخرج أمامه من باب غرفة العمليات وهي تجر نفسها بتعب ودمعاتها تنساب على وجهها ,
هل حقـًا فات الأوان وجاء متأخرًا ؟! .. تقدم نحوهـا بخطواتٍ ثقيلة , اقترب منهـا
.. نظرت إليه , ارتعشت في مكانها فور رؤيتهـا له , تجمدت دموعها في عينيها وبنبرة
مترددة خاطبتـه
" جي تشانغ ووك ؟! "
كانت كلتا عيناه لا تزلان مفتوحتان على وسعهما
وهو يحدق بها بعدم تصديق " مـاذا فعلـتِ بالطفـل ؟ هل قمـتِ بإجهاضه ؟! "
اتسعت كلتا عيناها بصدمة , ابتعلت ريقهـا بصعوبة
, أخـذت تشيح بنظراتها عنه ونطقت كلماتها بتلعثم " عـ عـ عن ماذا تتحدث ؟! "
أمسك تشانغ ووك معصمها بقوة , جذبهـا نحوه ونظر
بعيناها مباشرة
" أجيبيني الآن .. ذلك الطفل ليس طفلي , أليس كذلك
؟! "
ابتلعت هانا ريقها بصعوبة , نزلت دمعة يتيمة على
خدهـا وهي تحدق بوجهه , ثم أخـذت تخاطبه بانفعال حاد " لا ليس طفلك , ومن أخبرك بأنه طفلك أساسـًا ؟! "
شدد قبضتـه على معصمها أكثر " أنتِ
لا تكذبين , صحيح ؟! "
نفضت يدها من قبضته بعنف متجاهلة تلك الغصة التي
شعرت بها تتغلغل في أعماقها وتابعت بنفس النبرة السابقة " اووهـ , اطمـأن .. حتى لو كان طفلك , لقد قمت
بإجهاضه بالفعل , فكما تعلم أنا فتاة سيئة وقد أفعل أي شيء , لذا لا داعي للقلق
سيد تشانغ ووك ! "
رمقتـه نظرة حارقة أخيرة ثم همت بالمغادرة بسرعة
قبل أن يطالبهـا بالمزيد من الاستفسارات .. بقي تشانغ ووك متجمدًا في مكانه ..
يمرر كلماتها بداخله ولكن عقله يرفض تصديقـها , هو ذات نفسه لا يعلم لماذا ؟ ..
أما هانا بعد أن غادرت وتركتـه , هرولت خارج
المستشفى بسرعة البرق , أوقفت سيارة أجـرة وركبت فيها متجهـة إلى المنزل ودموعها
لا تتوقف عن الجريان ..
وفور وصولها ودخولها إلى البيت , أجهشت بالبكـاء
بقـوة .. فجـأة أحست بيد تمسك بكتفها من الخلف , انتفضت من مكانها بفزع , نظرت إلى
الخلف فوجدت دونغ هي يحدق بهـا بعدم رضى .. فأشاحت بنظرها بعيدًا وهي تمسح دموعها " اووهـ
اوبـا لقد أفزعتني , ظننـت بأنك في الخارج ! "
تنهـد دونغ هي بقوة " تستغلين لحظات غيابي في البكـاء إذًا , أليس
كذلك ؟! "
ارتبكت هانا والتزمت الصمـت , فاقترب دونغ هي
وجلس بجانبهـا , نظر في وجهها مباشرة " أخبريني هانا , ماذا هناك ؟! "
أخـذت هانا تلعب بالسلسلة الذي كانت ترتديها
بيدها لتتفادى النظر إلى دونغ هي , لأنهـا لو نظرت إليه , عيناها ستفضحها لا محالة " وماذا
سيكون هناك اوبـا ؟ لا شيء مهـم .. "
أمسك دونغ هي يدها بيده , وبيده الأخـرى أزاح
رأسهـا نحوه كي تنظر إليـه وتابع " انظري إليّ هانـا , هناك شيء يحدث معكِ ويجب أن
أعرفه الآن .. "
حاولت هانا تمالك نفسها أمامه متفادية النظر
إليه
" لا اوبا , لم يحدث شيء .. "
جن جنون دونغ هي من عنادها , ضغط على وجهها
ليرغمها على النظر إليه " لا تكذبي هانا , كفاكِ عنادًا .. إن لم يكـن
هناك شيء قد حدث , لمَ تبكين كل يوم ؟ لمَ عليّ أن أستمع شهقات بكائكِ كل يوم إن
لم يكن هناك شيء قد حدث ؟ لمَ عندما أعـود من الخارج كل يوم أجدك نائمة ووجهك غارق
بالدموع ؟! كل هذا ولم يحدث شيء هانا ؟! "
ترقرت الدموع في كلتا عيناها وأوشكت على النطق
حروف كلماتها ولكـن كلماته اللاحقة شلت لسانهـا عن النطق , وجسدها عن الحركة وهو
ينطقهـا
" هل أنتِ حامل هانا ؟! "
ثم أخرج ورقة من جيبـه وعرضهـا على هانا ,
لتتبين أنهـا ورقة نتيجة فحص الحمل الأولى التي قامـت بهـا , اتسعت كلتا عيناها
بصدمـة و ارتعش جسدها بقوة وهي ترى تلك الورقة بيده , لم تتمكـن من نطق حرف واحد
حتـى , فتابع دونغ هي بنبرة مليئة بالحزن " لقد ظـننت بأنني أتوهم عندما كنت أسمعك تقولين
تلك العبارات من خلف جدران غرفتـك *
( هل أنت بخير ياصغيري ؟! ) ( أنا
لست بخير ياصغيري ! )
( ما ذنبك وذنبي من كل هذا ياصغيري ؟! ) * ظننتـك
تحدثين دميتك الوردية تلك التي لطالما كنتِ تحدثينهـا .. لكـن تغيراتك المفاجئة
مثيرة للريبة .. تصابين بالغثيان بشكل مستمر ؟ لا تطيقين رائحة السمك الذي لطالما
عشقتـه ؟ أقلعتِ عن شرب القهوة التي تدمنينها ؟! أليس كل ذلك مثير للشكوك ؟ لم أرد
أن أسألك عن الأمـر حتـى وقعت تلك الورقة في يدي هـذا الصبـاح لتجيب عن كل
تساؤلاتي .. ما الذي فعلتـه هانا ؟ لطالما وثقت بـكِ شقيقتي , والآن تفعلين ذلك ؟! "
انسابت دموعها رغمـًا عنهـا وبدأت بالاعتـذار
بدون تفكير
" آسفـة اوبـا .. آسفـة .. لم يكـن بيدي حيلة .. "
ضحك دونغ هي بقهر " آسفـة ؟ لم يكن بيدك حيلة ؟ من الوغـد الذي فعل
بكِ ذلك ؟ من أين أتى ذلك الطفل ؟ كيف أتـى ؟ هل ستتخلين عنـه ؟! "
أجهشت هانا بالبكـاء بحرقة " لقد حاولت , حاولت حقـًا التخلص منـه .. لكنني
لم أستطع .. نبضاتـه الصغيرة تلك كانت تخترق قلبي كالشظايا الملتهبة .. كيف يمكنني
قتله ونبضاته الضعيفة تلك تطالبني بالحياة اوبـا ؟ اووهـ ؟ أخبرني ماذا كان علي أن
أفعل ؟! "
شعر دونغ هي بغصة قوية في قلبـه وهي يستمع إلى
كلماتها تلك , لم يستطع رؤية شقيقته تتعذب أكثر , وهانا لم تستطع إخفاء الحقيقة
عنه أكثر فطالما علم بأمر حملهـا , قررت إخباره بكل شيء حدث معهـا منذ أن ذهبت إلى
كريس وتورطت معـه وحتـى الآن .. كان دونغ هي ينفعل بشدة مع كل كلمة تقولها هانا ,
وصل الغضب إلى أعمق نقطة لديه إذ كان يشدد على قبضته بقوة كادت منهـا أظافر أصابعه
أن تخترق لحم كفـه .. أنهـت هانا سرد جميع الأحداث باعتذاراتها المتواصلة لدونغ هي
.. فقد دونغ هي صوابـه , نهـض من مكانه والحمرة تشتعل بوجهه من شدة غضبـه ,
أمسك بالمزهرية التي كانت على الطاولة أمامه ورماها على الأرض بقوة لتنكسر وتتلاشى
إلى قطع صغيرة , خافت هانا من ردة فعل دونغ هي فتقوقعت على نفسهـا وهي تكتم شهقات
بكائهـا اللامتناهية .. لم يقترب منها حتـى , أمسك بهاتفه واتصل بكريس صارخًا
بوجهه بغضب
" فلنلتقي في الحـال أيهـا الوغـد ! "
ثم أغلق السماعة وخرج من المنزل وبالفعل قابله ,
فـور رؤيتـه له أغدق عليه بالشتائم والضربات المبرحة .. أشفى غليله منـه بضربـه
بأقصى قوتـه التي لم يستطع كريس مقاومتها حتـى .. وبعد انتهاءه من كريس عاد إلى
المنزل ثانية ليجد هانا على نفس وضعيتهـا .. رغـم شعوره بالغضب منهـا لأنهـا ذهبت
إلى كريس منذ البداية وخالفت أوامره إلا أنـه لم يستطع رؤيتهـا تتألم أمامه أكثـر
بذلك الشكـل وخصوصـًا إنهـا بحاجة ماسة لوقوفه بجانبهـا أكثر من أي شخص آخر في هذا
الوقـت .. اقترب وجلس بجانبهـا بهـدوء , شعر بالرعشة التي هزت جسدهـا عند اقترابه
منهـا .. تنهـد بقوة ثم جذبهـا نحوه بقوة محيطًا إياها بين ذراعيه بعنـاقٍ دافئ
لتدفن فيه كل آلامهـا وتستمد منه بعض القـوة .. حينها اعتلت شهقاتهـا أكثر , تشبثت
به بقوة وبدأت بالاعتذار مرة أخـرى .. بدأ دونغ هي بالتمليس على شعرهـا طالبـًا
منها التوقف فهدأت , ثم جاءتها كلماته الصريحة " استعدي سوف ننتقل للعيش في جزيرة جيجو , لقد
أتاني عرض للعمل هناك .. "
اتسعت كلتا عينا هانا وأخـذت تحدق بـه بعدم
تصديق
" حقـًا اوبـا ؟! سوف تعمل هناك ؟! "
أومـئ دونغ هي برأسـه إيجابـًا وطلب منهـا أن
تبدأ بتجهيز حقائبهما لكي يغادرا الليلة , وماكان من هانا سوى الموافقة على ذلك
لأنـه الحل الوحيد لتهرب من كل شيء وتكمل حياتها مع شقيقها الذي تحب وطفلها الذي
يقطن في أحشائهـا ..
وبالفعل في المساء بعد أن انتهت هانا من توضيب
الحقائب , قام دونغ هي بأخذهم إلى الخارج وطلب من هانا أن تقف بجانبهم حتـى ينتهي
هو من إطفـاء الكهرباء داخل المنزل .. وذلك ما حدث .. أثناء انتظار هانا لدونغ هي
في الخارج , وقفت سيارة سوداء أمامها ونزل منها شخص مـا , اقترب من هانا وجذبها من
معصمها نحوه بغضب
" إلى أين تعتقدين أنك ذاهبة بطفلي ؟! "
اتسعت كلتا عيناها بصدمة , سرت رعشة قوية بجسدها " تشانغ
ووك شي ؟! "
تعالى صوت دونغ هي من خلفهمـا " اتركها
في الحـال ! "
يتبــــــ To
Be Continued ـــع
...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق