الجمعة، 12 مايو 2017

ابتسامتك تؤلمني - البارت الثاني والأخير


ابتسامتك تؤلمني
(( البارت الثاني  - الأخير ))


Written By: Miral MK

في أحد شوارع - سول - عاصمة كوريا الجنوبية, هناك في ذلك المنزل الفخم, حيث تسكن تلك العائلة الصينية الثرية منذ سنوات.
كانت حياة هذه العائلة طبيعية كغيرها من العائلات, حتى جاء ذلك اليوم الذي علموا بهِ أن ابنهم البالغ من العمر السادسة والعشرون قد تعرض لحادث سير مع صديقته, أنتهى الأمر لتموت تلك الفتاة ويفقد ذلك الشاب ذاكرته, ومنذ ذلك الوقت انقلبت حياة تلك العائلة رأسًا على عقب.
أحداث كثيرة تقع في حياتنا ترغمنا أحيانًا على الخضوع أمامها، ترغمنا ؟ .. أم نرغم أنفسنا على الخضوع أمامها ؟ مصطلحات ربما لا نعرف معانيها بالتحديد، ولكننا ندركها ونتصنع المعرفة بها .. ونحن بها أكبر الجاهلين.
أشخاص نقابلهم، ونعيش معهم نظن أننا على دراية بهم، ولكننا نكتشف في نهاية المطاف .. أننا أغراب، لا نعرف شيء عن بعضنا، هل التعارف الذي جمعنا هو ليس إلا حدث من تلك الأحداث التي تقع في حياتنا وترغمنا على الخضوع أمامها ؟ أم نرغم أنفسنا على الخضوع أمامها ؟
الحياة متاهة كبيرة ندخل أنفسنا بها، سواء أكان بسبب أشخاص تعرفنا عليهم عن طريق الخطأ، أو بسبب أنفسنا التي تدرك أنها على دراية بهذه الحياة .. وهي التي تتوه منذ المرحلة الأولى وتستلم معلنة الهزيمة.
--
مشت نحو الأمام ممسكة يده تجول بعينيها المكان، أستدارت ونظرت إليه " لنسأل عنها، سنتحدث معها سريعًا ونغادر، حسنًا ؟" أبتسمت بعد ان اومأ لها بالموافقة، بدءا بالبحث عنها بأعينهما، في الواقع لم يتجرأ أحد منهما أن يسأل أي شخص يجلس في مكان كهذا، مشت هويا قليلًا نحو الأمام لتسأل نادل يقف عند طاولة في المنتصف، بينما لوهان يبحث في مكانه، سألت هويا النادل عنها وأجابها وهو يشير إلى تلك الفتاة التي تجلس على طاولة في زاوية المحل، شكرته واوشكت على أن تذهب حتى أوقفها رجل مخمور يغازلها بطريقة قذرة، أرتعبت من منظره وتصرفاته وحاولت أن تتفاداه ولكن بلا جدوى، حاول أن يقترب أكثر، لم تشعر إلا وهو يسقط على الأرض بعد أن لكمه أحدهم، ألتفتت لتجد لوهان يقف والغضب يعتريه، أمسك بيدها مسرعًا، سحبها خلفه وما أن أستدارت حتى أستوقفها ذلك الشخص الذي ينظر إليها من على المنصة، تسمرت مكانها وأعلنت بصدمة " ج-جو هيون؟ "
 كان يقف على المنصة، أمامه الميكرفون يغني وعيونه تحدق بها، تمامًا كما عينيها الآن، أبعدت يد لوهان الممسكة بيدها بهدوء، ثم تقدمت بخطوات بطيئة نحو المنصة، وبكل خطوة كانت تخطوها كان صوت جو-هيون ينخفض أكثر فأكثر، حتى أقتربت وأصبحت أمامه مباشرة، لوهان ينظر إليهما متفاجئ ولم يخطو أي خطوة، متسمرًا في مكانه فقط .. بينما هويا التي لا تزال تحدق بهِ بصدمة، وهو الذي لم يتحدث، وأبعد نظره حتى لا يتقابل مع نظراتها الممتلئة بآلاف الأسئلة، أقتربت منه أكثر، وضعت يدها على ذقنه وأدارت وجهه نحوها، نظر إليها ليىرى دموعها المتناثرة على خديها، سألته بنبرة مجهدة " أخبرني أننا الآن في اليابان .. أرجوك "
" ه-هويا .. أنا-" قاطعته بنبرة أقوى من ذي قبل " أرجوك أوبا، أخبرني أننا في اليابان "
أبتلع ريقه، ثم أقترب منها قليلًا " أنا آسف " وما أن سمعت هذه الكلمة حتى علت نبرتها لتصرخ بقوة " لماذا ؟ لماذا بحق الله ؟ " ودفعت الميكرفون بكل قوتها ليسقط أرضًا مصدرًا ضجيج، ليجتمع من يعمل في المكان، هرع إليها لوهان مسرعًا، أقترب منها أحد الحراس " تفضلي معنا عند المدير " رمقته هويا بنظرة شرسة أستفزته ليعلن بنبرة صارمة " تفضلي معنا عند المدير وإلا تدبرنا أمركِ بمعرفتنا " وشد على كلا قبضيتيه محركًا عنقه يمينًا وشمالًا، ضحكت هويا بسخرية بينما لوهان أمسك بيدها " دعينا نذهب من هنا "
مد الحارس يده موقفًا إياهم " لن يتحرك أحد من هنا "
" أولًا تضرب أحد الزبائن، والآن تخرب فتاتك معدات المحل " أعلن أحد الرجال بسخرية ثم أكمل " هل تظنون أن الخروج من هذا المكان سهلًا كما الدخول إليه ؟ "
أرجع لوهان هويا إلى الوراء ووقف أمامها " ما الذي تقصده بهذا الكلام ؟ " بينما هويا لا تزيال تنظر إلى جو- هيون بعيون متفاجئة وهو يستمر بتفادي تلك النظرات، وفي هذه اللحظات زاد عدد الحرس المتجمعين حولهم، أقترب أحدهم وأعلن بجدية " نرجو إختصار المشاكل بإن تأتوا معنا إلى مكتب المدير، في الحال "
ذهب ثلاثتهم مع ذلك الحارس إلى غرفة المدير، وقف المدير فور دخولهم مبتسمًا بسخرية " أنتم من أفتعل المشاكل في محلي ؟ "
شد لوهان على يد هويا، بينما تحدث بحزم " ماذا تريد ؟ "
وضع المدير يده في جيبه وتقدم نحوهم " تعويضات عن الخسائر التي تسببتم بها " أخرج لوهان محفظته وفتحها مخرًا بطاقة " أيمكنني الدفع بهذه ؟ " نظر المدير إلى أحد رجاله وحرك رأسه معلنًا بإن يأخذ منه البطاقة ويسحب المبلغ المطلوب.
خرج لوهان وهو لا يزال ممسكًا بيد هويا، التي تلاشت ملامحها تقريبًا، توقفت فجأة وهي تشد على يده ترغمه على التوقف، نظر إليها بقلة حيله ليرى دموعها وأنفها المحمر وشفتيها المتوردتين، أقترب منها قليلًا، وضع يده اليمنى على خدها، وبسبابته مسح دمعتها، لتنهار هي باكية بتلك اللحظة مبعدةً يده عنها بغضب " أرجوك لا تكن لطيفًا معي هكذا " جثت على ركبتيها " أنا لا أستحق "
نظر إليها متفاجئًا من كلماتها مجددًا، بينما هي التي تتعالى شهقاتها تضع قبضتها على يدها مغمضةً عينيها، جلس أمامها ورفع رأسها لتقابل نظراته " ما الأمر معك ِ ؟ كلما أقتربت منكِ خطوة تراجعتِ عني آلاف الخطوات "
" لا تتذكر، أبقى هكذا " وقفت هويا بققلة حيلة ثم مشت قليلًا وأعلنت بعد أن توقفت للحظات " سأعود وحدي "
بينما ذلك الذي يقف هناك،جو-هيون الذي ينظر إليهم بحيرة، ولوهان الذي لم يعد يفهم ماهية العلاقة بينه وبين هويا.
هذه الليلة المظلمة من أكثر الليالي صعوبةً، بين البكاء والنحيب كانت تروي قصتها معه، وصدمتها به .. وتلك العلاقة التي اتضح أنها مجهولة من قبل الطرفين.
في مكان مظلم، توقفت فجأة وهي تشد على يده ترغمه على التوقف، نظر إليها بقلة حيله ليرى دموعها وأنفها المحمر وشفتيها المتوردتين، أقترب منها قليلًا، وضع يده اليمنى على خدها، وبسبابته مسح دمعتها، لتنهار هي باكية بتلك اللحظة مبعدةً يده عنها بغضب " أرجوك لا تكن لطيفًا معي هكذا " جثت على ركبتيها " أنا لا أستحق "
ظل يتردد صدى كلماتها في المكان .. " أنا لا أستحق "
صدر صوت أصطدام سيارة قوي وهي لا تزال تردد " أنا لا أستحق " تعالى صوت الاصطدام ليجعل لوهان ينتفض من مكانه مستيقظًا على صوت كابوس موحش، قطرات العرق تغسل وجهه وأنفاسه تزداد قوة، وضع يده على صدره ليسكت تلك النبضات عن الجنون، قام بعد دقائق من على فراشه متوجهًا نحو المطبخ، أمسك زجاجة الماء وسكب في الكأس القليل، ثم تناوله دفعة واحدة، وضع الكأس على الطاولة، ثم جلس على الكرسي المجاور لها، أركى يديه على الطاولة وأسند رأسه على كفيه مغمضًا عينيه.
انتفض من مكانه عندما أُشعل ضوء المطبخ، تنفس براحة عندما رأى يونغ شي هي من أنارت الضوء، دخلت إلى المطبخ بينما سألته " ما الذي تفعله هنا في هذا الوقت ؟ "
عدل جلسته وهو ينظر إلى الطاولة أجاب " كنت أشرب الماء "
سكبت يونغ شي الماء في الكأس وشربت القليل منه ثم وضعت الكأس لى الطاولة، نظرت إليه " ولماذا تجلس في الظلام وحيدًا هكذا ؟ "
" يونغ شي، هل يمكنكِ أن تخبريني كيف كنت في السابق ؟ "
جلست على الكرسي المجاور، وضعت يدها اليمنى على الطاولة والأخرى أرختها على قدمها، بعد أن أطلقت تنهيدة لا بأس بها سألته بجدية " هل حقًاا تود أن تتذكر ؟ "
ارتبك من سؤالها الغريب، أبتلع ريقه بتوتر " م-مالذي تقصدينه ؟ هل يمكن أن الماضي خاصتي سيء ؟ "
" مهما كان حاضر الإنسان سيء، يبقى أفضل من ماضيه "
" هل كنتم تعرفون بأمر سول جي قبل الحادث ؟ "
وقفت من على الكرسي، وأطلقت تنهيدة أخرى " الوقت متأخر بالفعل، يجب أن أذهب لأنام .. تصبح على خير "
" ولكنكِ لم تجيبي –" قاطعته عندما نظرت إليه بجدية " لوهان، دعك من الماضي .. في وضعك هذا أنا أحسدك وأتمنى لو أن أفقد ذاكرتي مثلك "
" تقولين هذا لإنكِ لا زلتِ طائشة-" قاطعته مجددًا " طائشة ؟ " أبتسمت بسخرية " حسنًا، تصبح على خير "
خرجت وتركته في حيرة أكثر من السابق، أرجع هو رأسه إلى الوراء وأغمض عينيه للحظات، ثم فتح عينيه يتأمل السقف ليس إلا.

كانت تجلس على الأريكة، مرت الليلة الماضية بأكملها حتى ظهيرة هذا اليوم، وهي تجلس مكانها هكذا، ولم تتحرك مطلقًا، لم تعد تبكي فالآن وصلت لقناة أن البكاء عليه أمر لا يُستحق .. هل فعلًا لا يُستحق ؟ ولكن ماذا عن ذلك الحب الذي منحها إياه ؟ ألم يكن سوى وهم ؟ أم أن هناك أمور كانت فوق طاقته أجبرته على فعل لك .. ؟
فُتح باب شقتها بعد عدة دقائق، فأبتسمت هي بسخرية فمن غيره يعرف كلمة سر منزلها ؟ من غيره سيأتي بعد أن فُضح أمره ؟
أغلق الباب ودخل، بينما سألته هي مباشرة " ماذا الآن ؟ أهي رحلة إلى الصين مثلًا ؟ " نظرت إليه بعينيها المحمرتين " أم إلى الهاوية حيث رميت بقلبي ؟ "
أغلق عينيه وتنهد بقوة، في حين وقفت هي وأقتربت منه، ما أن فتح عينيه حتى رآها قريبة منه، أقترب منها هو الآخر، أدار قبعته نحو الوراء وحدق بها بصمت.
" أنا أسمعك "
" لم أذهب إلى اليابان، في الواقع ... كان الأمر كله عبارة عن إحتيال من قبل تلك الشركة المزيفة، دفعنا النقود ووقعنا العقود، وفي النهاية عقد احتكار لملاهي ليلية، هذا ما اتضح في النهاية، حاولت أن أجد حلًا وسألت محامي، ولكن النتيجة هي عشر سنوات من العمل مع تلك الشركة المزيفة .. في ملاهي ليلية "
" لما لم تخبرني بحقيقة الأمر إذًا ؟ "
" هل تريدن مني أن أريكِ فشلي وحماقتي ؟ "
" فشلك ؟ حماقتك ؟؟ " أبتسمت بسخرية ثم تابعت " وهل تظنني سأهتم لمثل هذه السخافات ؟ ظننت أننا نتشارك كل شيءٍ معًأ، ولكن أنت حتى لم تهتم لأمري "
" أرجوكِ تفهمي الأمر، إن الأمر خارج عن سيطرتي، أنا مجبر أن أبقى معهم طوال هذه المدة "
التفتت نحو الجهة الأخرى بعد أن ضمت يديها إلى صدرها " وما هو نوع العمل في الملاهي الليلية ؟ " التفتت إليه " ذلك المكان كان مشبوهًا لدرجة مقرفة "
خلع قبعته ووضعها على الأريكة بجواره بعد أن جلس " أنا آسف ولكن عملي .. مغني، وأيام معينة من الأسبوع أعمل كراقص بين النساء "
جحظت عيناها بعد ما سمعته من شفتيه، أقتربت باتجاهه " م-مالذي تقصده براقص بين النساء ؟ "
وقف ليكون بمستواها " التعري .. شيء من هذا القبيل "
سقطت دمعه واحدة على خدها الأيمن " هل أنت رخيص إلى تلك الدرجة ؟ "
عقد حاجبيه بغضب " أخبرتكِ أن الأمر خارج عن سيطرتي، هناك شرط جزائي يفوق قدراتي وقدرات كل من أعرفه "
" لم أكن أتوقع أن تكون قذر .. من أجل المال ؟ الشهرة ؟ فليذهب كل هذا إلى الجحيم " وضعت يدها على صدرها " ولكن ماذا عن هذا ؟ ماذا عن قلبي ؟ ألم تأبه له ؟ أليس بالشيء المهم بالنسبة لك ؟ "
أقترب منها وأمسك بيدها " أرجوكِ تفهمي الأمر، لا تتهميني هكذا، أنا لا زلت أحبكِ "
أبعدته عنها بقوة " أنت تسمح للنساء بلمس جسدك " أبتعد عنه مسافة ليست بقصيرة ثم التفتت لتقابله " هل نمت مع إحداهن ؟ "
نظر إلى الأرض بقلة حيلة " آسف "
" يبدو أنني أنا الرخيصة بالنسبة إليك " أشارت بيدها نحو الباب " أخرج من منزلي حالًا "
أقترب منها ودفعها نحو الحائط، ثبت يديها بإحكام وقرب وجهه منه " أخبرتكِ أن الأمر خارج عن ارادتي .. هويا أنا لم أحب أحد غيركِ، أنسيتِ ما كان بيننا ؟ "
في هذه الأثناء صدر صوت طرق الباب عدة مرات، نظرت هويا باتجاه الباب ولكنه لم يسمح لها بإن تذهب لفتح الباب، أستمر الطرق عدة دقائق، حتى صدر صوت فتح قفل الباب، ليدخل لوهان بعد لحظات ويرى جو-هيون يحيط بهويا على الحائط، نظر كلٌ منهما نحو الباب ليجدا لوهان يحدق بهما بصدمة، نظر جو-هيون إلى هويا بسخرية " يبدو أنني لست وحدي رخيص هنا "
أبعدته عنها بقوة، وحدقت به بصدمة " م-ماذا قلت ؟ "
" رجل ثري، إدعيتي أنه زميلك من أيام الثانوية .. ماذا ؟ لم يكن سوى سخرية الثانوية " أنهى كلماته بضحكة خبيثة أكمل بعدها " تذهبين معه إلى الملهى الليل أيضًا، كم مرى قمتي بها ؟ النوم بين ذراعيه ! " ما أن أنهى كلماته حتى تلقى صفعة قوية منها جعلته يضع يده على خده تلقائيًا، أدار وجهه ببطئ ليراها والنيران تشتعل بعينيه " أخرج من هنا، ولا أريد أن أراك حتى أموت "
خرج جو-هيون بعد أن رمق لوهان بنظرة حاقدة بادله بنظرة أشدة شراسة، ليخرج جو-هيون بعد لحظات ويغلق لوهان الباب، أتجه نحو هويا مرسعًا التي لا تزال دموعها تذرف من تلقاء نفسها .. الآن هذه هي المتاهة الحقيقة التي دخلت بها هويا.
" لوهان أنا آسفة، هل يمكننا أن نرى بعضنا في وقتٍ آخر ؟ أريد أن أرتاح قليلًا .. آسفة "
أبتسم لوهان بخفة واومأ لها بالاستئذان ثم خرج مسرعًا من مكانه، ليتركها تعيش متاهتها وحدها.
جلست على الأرض، ضمت قدميها إلى صدرها وأخفت وجهها بينهما، همست بصوتٍ مخنوق " كل شيء كان .. كذبة " رفعت رأسها قليلًا لتظهر عيناها " فعلت كل شيءٍ من أجله .. من أجل أحلامنا وفي النهاية كانت كذبة " رفعت شعرها مرجعةً رأسها إلى الوراء " أدخلت نفسي في حياة لوهان، أساعده على تذكر ماضيه .. وأنا التي كانت جزءً منه، لم أهتم ! كنت بالنسبة لي الأهم .. كيف تمكنت من فعلها بي ؟ أخبرتني أنها أحلام مشتركة، لا يوجد كلمة حياتي، أو حياتك .. هناك دومًا حياتنا، خمس سنوات وفي النهاية .. أغراب ؟ كيف تمكنت من فعلها بي ؟ " أصدرت تنهيدة قوية تبعتها دموع حارقة ذُرفت على خديها " أكان بسببك أني وقعت في الحب ؟ أم بسببك أوقع الحب بي ؟ " عادت مجددًا لتخفي رأسها، مرت ساعة واثنتان .. والأمر لا يزال على حاله، في هذه الأثناء رن هاتفها، التقطته لترى رقم غريب الهوية .. أجابت ليأتيها صوت فتاة " مرحبًا آنسه بارك، إنها أنا الممرضة "
عدلت هويا من جلستها " أوه، مرحبًا "
" عثرت على الملفات أخيرًا، وعرفت ما هو مرض السيد لوهان "

في هذه الأثناء كان لا يزال لوهان يتجول في الحي حيث تسكن هويا، بالرغم من ذلك البرد المحيط به إلا أنه يبنتظر، لم يتصل بها ولم يذهب ليراها مجددًا، ولكنه لا يزال ينتظر.
أقترب من جهة منزلها ووقف بقرب المتجر ينظر إلى درج المبنى حيث تسكن, بعد لحظات لمح فتاة تمسك بكيس قمامة رمته في الحاوية، كانت هي، أبتسم عندما رآها .. أقترب باتجاهها فرأته هي الأخرى، أدارت رأسها نحو اليمين مغمضةً عينيها بقلة حيلة، أقترب منها مبتسمًا.
نظرت إليه عندما توقف أمامها، أبتسمت بتكلف " هل أنت بخير ؟ "
رفع حاجبًا دون الآخر بسخرية وأجابها بعد أن ضحك ضحكة خفيفة " أنا من يجب أن أسألك هذا السؤال "
أمسكت بيده، حدق بها متسائلًا، أغمضت عينيها لتسقط دموعها " آسفة " زادت دموعها وتعالت شهقاتها بينما هو يحدق بها بصمت .. كانت تردد بنبرة حزينة " أنا آسفة " أمسك بيدها بقوة ثم قربها منه ببطئ حتى أصبح رأسها مكتئ على صدره، أحاطها بذراعيه وربت على ظهرها بارتباك .. أمسكت بسترته بقوة ونحيبها يزداد وهو يربت عليها لتهدأ.
يمشي بجوارها، يضع يده اليمنى في جيب بنطاله، واليد الأخرى ارخاها بمستوى جسده، وهي ترخي ذراعيها وتضم كفيها تحت مستوى بطنها بقليل .. الأجواء هادئة سواء في المكان المحيط أو بينهما .. بينما بداخل كل منهما فهناك ضجيج، أصوات ومشاعر صاخبة.
نظف حنجرته .. مرتين ثم سأل بتردد " هل أنت-" قاطعته عندما توقفت ونظرت إليه مجيبة " أنا بخير .. إنها المرة العاشرة التي أجيبك على هذا السؤال "
" هل أزعجكِ إلى هذه الدرجة ؟ "
" لم أقصد .. آسفة "
" لا عليكِ " أبتسم بخفة بينما استدارت هي " لنرجع "
" هويا " توقفت عندما نادى عليها بنبرة دافئة، بدون أن تنظر إليه سألت بنبرة خافتة " ماذا ؟ "
" هل سأراكِ غدًا ؟ "
اومأت برأسها " أجل "

دخلت إلى شقتها، أغلقت الباب، وقفت قليلًا تحدق بالمكان من حولها .. أغمضت عينيها تهمس لنفسها " أنتهى الأمر هويا .. لقد أنتهى كل شيء "
فتحت عينيها وتوجهت مسرعة إلى غرفتها، أمسكت بجميع الصور وكل ما يتعلق بـ جو-هيون، ملابس تخصه، أدواته .. كل شيء ووضعته في صندوق ورقي أغلقته، ثم ركنته بجوار باب الشقة.
أشعل الضوء، دخل إلى غرفته ثم أغلق الباب .. خلع ثيابه وأرتدى ثياب النوم، توجه إلى السرير، أستلقى عليه ناظرًا إلى السقف.
أستدار نحو الجهة الأخر ليقوىعلى النوم، ولكن الأرق قد تغلب عليه، أستدار للجهة الأخرى .. أستمر بالتقلب يمينًا وشمالًا، ينظرر إلى السقف تارةً، وينام على بطنه مخفيًا رأسه تارةً أخرى.
نظر إلى السقف مجددًا بعد أن فقد الأمل بإن ينام، رن هاتفه بعد لحظات نظر إليه بتفاجئ، التقطه وأجاب بسرعة بعد أن رأى أسم هويا على شاشته.
" أوه، هويا "
" آسفة لأنني أتصل في هذا الوقت المتأخر، ولكنني لم أقوى على النوم، ظننت أنني بحاجة لكي أحدث أحدهم .. وكان أنت "
أسند نفسه وأركى ظهره على الوسادة محاولًا إخفاء توتره بابتسامة خفيفة، نظف حنجرته قبل أن يجيبها " لم أستطع النوم أيضًا، ولكن هل أنتِ بخير ؟ "
ضحكت بخفة " إنها المرة الحادية عشر لهذا اليوم، لوهان-شي "
ضحك هو الآخر بعد أن زاد توتره " حقًا ؟ لم أنتبه "
" دعنا نذهب غدًا إلى أماكن أختارها أنا، ما رأيك ؟ "
" أجل، سأحبذ هذا " أبتسم بحماس، فأكملت هي " ولكن هناك ما أريد فعله معك أولًا "
" ماذا؟ "
" سأنتظرك في منزلي عند العاشرة صباحًا، لا تتأخر "
" حسنًا سأكون هناك "
" لوهان .. ! "
" ماذا ؟ "
" هل يمكن أن أطلب منك طلبًا آخر ؟ "
" أجل، ما هو ؟ " سأل بفضول، صمتت لدقيقة، فسأل هو " هل لا زلتِ هنا ؟ "
" أجل " أجابته، فسألها مجددًا " ما هو الط-" قاطعته " دعني أنام وأنا أسمع صوتك "
توقف الدم في عروقه، وجف حلقه .. يحاول أن يبتلع ريقه ولكن لما الأمر صعبًا إلى هذه الدرجة ؟
" لوهان ؟ " رددت إسمه أكثر من مرة ليأتيها صوته بعد لحظات وهو يغني
حلوة كالعسل
إبتسامتكِ حلوة كالعسل
كما تتفتح الزهرة في الربيع
اتسائل أين ؟
أين رأيتكِ من قبل ؟
إن إبتسامتكِ مألوفة جدًا إلي
لكنني لا أستطيع ان أتذكر
 آه .. في أحلامي
في أحلامي .. لقد قابلتكِ في أحلامي
مع إبتسامتكِ الحلوة كالعسل
انها أنتِ
أنتِ هي التي رأيتها في احلامي
كان يغني هذه الكلمات وبصوته العذب، كانت هي تبكي وتخفي شهقاتها .. وهل لصوتٍ كصوته الناعم ألّا يجعلكِ تبكين ؟
وهل لشابٍ مثله القدرة على ألّا يجعلكِ تقعين .. تقعين في حبه ؟
أستمر يردد بكلماته العذبة، وهي تستمع إليه حتى أنتهى الحال بنوم كليهما والهاتف في يد كل منهما.

طرق باب المنزل مرتين، ذهبت وفتحته مسرعة، كانت تضع يدها على خصرها وبتذمر سألته " لما لم تفتحه ومعك كلمة المرور ؟ "
أبتسم وهو يدخل ويخلع حذائه " أخبرتني أن أفتحه إن لم تفتحي أنتِ بعد الطرقة الثالثة، صحيح ؟ "
أبتسمت بسخرية " يا لدقتك "
توجهت نحو غرفتها " أنتظني هنا سأكمل ملابسي وآتي إليك، حسنًا ؟ "
نظر إلى ذلك الصندوق الموضوع بجوار الباب، ثنى ركبتيه بالقرب منه، أمسك بإطار يحتوي على صورة جو-هيون، جاءه صوتها بعد لحظات " لقد أنتهيت "
نظر إليها، ثم وضع الصورة ووقف باتجاهها " لنذهب "
أقتربت منه " أحمل هذا الصندوق أولًا"
أشار بإصبعه إلى نفسه " أنا ؟ لماذا؟"
" أتصلت به وأخبرته أنني سأقابله " نظرت إلى الصندوق " سأعيد له أغراضه " نظرت إلى لوهان بإبتسامة " أنتهى ما كان يجمعنا "
" هل أنتِ واثقة ؟ "
" بالطبع واثقة " أمسكت بيد لوهان " هيا هيا، لا نريد أن نتأخر فأمامنا يومٌ طويل "
أرتدى حذاءه، ثم حمل الصندوق بين ذراعيه وخرجا من المنزل، أغلقت الباب جيدًا، وانطلقا"
يقفان في إحدى الحدائق العامة، ينتظران جو-هيون، كانت تنظر إلى هاتفها بين الحين والآخر، لاحظ لوهان توترها أقترب منها وأمسك بيدها، نظرت إليه بتفاجئ، أبتسم ليريحها، ولكن لم يكن منها سوى أن تحدق به .. بهدوء، حتى قاطعهما صوته الخشن " هل يبدو الأمر رائعًا بإن تحضريه معكِ؟ "
استدارت لتراه يقف عاقدًا حاجبيه، أقترب منهما قليلًا وحدق بيد لوهان التي تمسك بيدها، أبتسم بسخرية وضم يديه إلى صدره " ثنائي لطيف "
أفلتت يد لوهان بتوتر، فأبتسم جو-هيون بثقة، أمسكت بالصندوق من يد لوهان ورمته بين يدي جو-هيون بغضب " أنتهى الأمر بيننا .. جو-هيون-شي "
رفع حاجبًا دون الآخر بصدمة " ما الذي-" قاطعته بنبرة حادة " أنتهى .. الأمر بيننا "
أمسكت بيد لوهان الذي كان يشاهد بصمت " لنذهب "
ذهبا وتركاه يقف مصدومًا من تصرف هويا، ردد بصوتٍ عالٍ " هويا .. لا زلت أحبكِ "
توقفت للحظات، ولكنها شدة قبضتها التي تحيط بقبضة لوهان، نظر هو إلى يدها .. أبتسم براحة، نظرت إليه بثقة " لنذهب "
دخلا إلى أحد مراكز التسوق، تجولا فيه، في كل قسمٍ من أقسامه، جربا الثياب، والأطعمة .. وكذلك الألعاب، بعد أن خرجا توجها إلى متجر للمثلجات، أخذا قطعتين وجلسا بالقرب من المتجر وبدءا بتناولها، نظر إليها وهي تتناول المثلجات بطفولية، ضحك على منظرها " أنتِ تلطخين وجهكِ، كلِ على مهلكِ "
أبتسمت إبتسامة كبيرة " لا تقلق فأنا معتادة على تناولها هكذا "
سمع شهقاتها بعد لحظات، نظر إليها ليرى دموعها تغطي خديها، أستدار بالكامل باتجاهها " ما الأمر ؟ "
مسحت دموعها وهي تبتسم " لا شء، ربما دخل شيءٌ في عيني "
وضع المثلجات خاصته على الطاولة، وأقترب منها " هل الأمر صعب إلى هذه الدرجة ؟ "
وضعت خاصتها على الطاولة، غطت عينيها بكفيها، زادت شهاقاتها " لم أتخيل أن الأمر صعبٌ إلى هذا الحد " نظرت إليه وعينيها محمرتين " كان حياتي بأكملها، لم أحب أحد مثله، كان نصفي الآخر .. كان جزءً مني " وضعت يدها على صدرها " أنه مؤلم عندما يُنتزع هذا الشيء من بين ضلوعك " خبطت على صدرها عدة مرات " مؤلم، مؤلم .. أنه مؤلم "
كان يحدق بها، وييسمع كلامها، دموعها وشهقاتها .. كان يركز معها بالفعل، قاطع كلماتها بنبرة حادة " كاذبة "
حدقت به بصدمة، لا تفهم لما قالها .. كاذية !
حتى هو صُدم من كلمة خرجت من بين شفتيه .. رغمًا عنه.
" م-ماذا ؟ "
" آسف، لا أعرف لما قلتها .. آسف " بعثر شعره بفوضوية متهربًا من نظراتها التي امتلأت الآن بملايين من الأسئلة.
أوصلها إلى المنزل بعد أن تحولت الأجواء بينهما إلى حالة غريبة، يصعب على كليهما وصفها، ما بين صدمتها وحيرته .. بالفعل أمور غريبة.
عاد إلى منزله، وجد يونغ-شي تجلس على الأريكة تشاهد التلفاز، ألقى عليها التحية، ثم سأل " أين والداي ؟ "
" كالعادة، سافرا فجأة من أجل العمل، هذه المرة إلى اليابان " أجابت دون أن تنظر إليه، وتثبت نظرها على شاشة التلفاز.
جلس بجوارها، ينظر إلى شاشة التلفاز هكذا .. ليشغل عينيه بشيء ما، التفت إليها بعد دقائق من الصمت " هل كانا يسافران ويتركانا كثيرًا ؟ "
أبتسمت بسخرية " حاولا البقاء بجوارك في الفترة الماضية، ولكن لا اظن أن هناك داعٍ بعد الآن "
" ما الذي تقصدينه ؟ "
" لا شيء " أمسكت بجهاز التحكم وأغلقت التلفاز " تصبح على خير " توجها نحو الدرج ودخلت إلى غرفتها، سمغ هو صوت إغلاق باب غرفتها، وقف من مكانه وتوجه هو الآخر إلى غرفته، بدل ثيابه وذهب ليغط بنومٍ عميق.
أستيقظ مجددًا على حلمٍ آخر، ولكن بذات الإبتسامة، نظر إلى النافذة ليرى ضوء الشمس قد سطع بالفعل، نظر نحو هاتفه ليرى أن هناك رسالة، فتحها وقرأ محتواها، أبتسم، ثم ضغط على زر الإتصال، وضع الهاتف على أذنه، ليأتيه صوتها بعد لحظات " صباح الخير "
" هل كنتِ تحلمين بي لترسلين تلك الجمل الغريبة في الصباح ؟ " سألها بنبرة ساخرة.
" أحدهم قال عني كاذبة، فأردت أن أنتقم قليلًا "
ضحك على نبرتها الشرسة  " ذلك الشخص مغفل، كيف له أن يكذبكِ ؟ "
" لا أعلم، كيف تمكن من النظر إلي حتى ؟"
أبتسم بخبث " لماذا ؟ أوجهكِ قبيح إلى تلك الدرجة؟" ما أن أنهى جملته حتى سمع صوت إنقاع المكالمة، أزال الهاتف عن أذنه بصدمة ونظر إلى شاشته فتأكد أنها أغلقت الخط، أوشك على ان يتصل بها مجددًا، ولكن شيءٍ أرتطم بنفاذته أصدر صوتًا واضحًا، نظر بإتجاهها، وقف وتوجه نحوها، فتح النافذة ليرى هويا تقف أسفل غرفته، إبتسم بينما أعلنت بنبرة عالية " ياه لوهان .. كيف تجروء على أن تقول أنني قبيحة هآه ؟ "
إبتسم غير مصدق، بعثر شعره بفوضوية، ثم ردد " ماذا تفعلين هنا ؟ جوليت-شي ؟!"
ضحكت بصوتٍ مسموع " يآآه، روميو، تعال بسرعة قبل أن أقتل نفسي "
نزل ليقابلها بعد لحظات، أقترب منها وهو يبتسم، وهي كذلك، وقف أمامها وضم يديه إلى صدره " أتعرفين أنه يمكنني أن أبلغ عنكِ الشرطة؟ "
أقتربت منه، حررت يديه بثقة " تجرأ وأفعلها "
قرب وجهه من وجهها " ولما هذه الثقة المطلقة ؟ "
أرتبكت قليلًا ولكنها تداركت نفسها أمامه " إن لم نتمكن من إرجاع الماضي .. إذًا لنصنع حاضرًا خاص بنا "
أرجع رأسه، ليستقيم جسده، وضع يديه في جيبيه " ولماذا تخليتي عن تلك الفكرة فجأة؟ "
" وماذا يريد الإنسان بماضيه إن كان بإمكانه صنع حاضر أفضل بكثير ؟ "
" أتقصدين أن أبقى فاقدًا لذاكرتي هكذا إلى الأبد ؟ "
اومأت برأسها بالإيجاب، أقترب من وجهها مجددًا ولكن هذه المرة بنظرة مختلفة عن التي كانت قبل .. إبتسم إبتسامة جانبية " موافق ولكن بشرط "
أبتلعت ريقها " م-ما هو ؟ "
أقترب من أذنها وهمس " واعديني " أبتسم بخبث، ثم أبتعد عنها ليرى ملامحها المصدومة، أنتظر ردها للحظات ولكنها لم تتحرك، لوح بيده أمام وجهها، ولكنها لم ترمش حتى، قبلها على خدها قبلة رقيقة ليسمع شهقتها، أبتعد عنها وملامحها الغير مصدقة لما يحدث كانت .. تروق له.
" أ-أظن أنني تأخرت " توجهت نحو باب المنزل " سأغادر "
أبتسم على ردة فعلها، وقف أمامها أمسك بكتفيها وأوقفها، نظر إلى الجهة المعاكسة " المخرج من هناك "
نظرت حيث يشير، ثم إليه بتوتر، انحنت قليلًا ثم خرجت مسرعة، وهو لا يزال يقف مكانه ينظر إلى تصرفاتها الطفولية، والغريبة .. ويبتسم.
" هل جئتي كل هذه المسافة بلا سبب ؟ " تنهد بقوة " آآه، هوياااا "
عادت إلى منزلها، وكأنها فقط تريد الهروب لتختبئ هنا، أغلقت الباب جيدًا ثم دخلت إلى غرفتها، رمت نفسها على السرير، أستدارت ونظرت إلى السقف " لماذا ئهبت لأراه ؟ كان بإمكاني أن أهاتفه " بعثرت شعرها بفوضوية " آيــش ! دائمًا ما أحرج نفسي"
أنتفضت من مكانها، نظرت حيث عدة الرسم أخرجت ورقة كبيرة، وقلم رصاص وبدأت ترسم، تتخيل وترسم، وطوال هذا الوقت  إبتسامتها لم تفارقها، مرت عدة ساعات وهي منغمسة في الرسم غير عادتها، وكأنها لوحة فريدة من نوعها .. مختلفة عن باقي اللوحات.
نظرت إليها بعد أن أنتهت منها بالكامل، أبتسمت بسعادة، وكأنه أمامها الآن .. وضعتها على السرير ثم وقفت من عليه، بدلت ثيابها، ونظرت إلى هاتفها لتى أن الوقت قد مر بالفعل .. سبع ساعاتٍ وهي ترسم صورته، توجهت نحو الحمام، ولكن صوت طرق الباب أوقفها، نظر حيث الباب، ثم توجهت نحوه بقلة حيلة، فتحته لتجد لوهان يقف أمامها، أبتسمت براحة، دخلت فدخل هو وراءها، أغلق الباب.
" سأنظف أسناني وسآتي فورًا " أعلنت هويا وهي متجهة نحو الهمام، بينما اومأ لها لوهان فقط.
سألها بعد لحظات " هل تملكين مرطب ؟ هناك خدش صغير في يدي "
" في غرفتي أمام المرآة " أجابت الفتاة قبل أن تضع الفرشاة في فمها، توجه لوهان إلى غرفتها ثم أستوقفه صوتها المنفعل " لا تدخل "
أستدار للوراء، أصبحت أمامه بالفعل، نظر إليها بدهشة " لماذا ؟ "
أجابته والفرشاة في يدها وآثار معجون الأسنان حول فمها " الغرفة ليست مرتبة .. هذا هو السبب "
" دفعته نحو الخارج، وأغلقت الباب " سأحضر لك المرطب "
نظرت إلى صورة لوهان على السرير، امسكتها وأخفتها في الدرج، أخذت المرطب ثم توجهت إلى خارج الغرفة حيث يقف لوهان متفاجئ، أعطته المرطب ثم توجهت إلى الحمام، نظرت إلى المرآءة فشهقت شهقة صغيرة " أظهرت امامه هكذا ؟ "
غسلت فمها جيدًا وكذلك الفرشاة ووضعتها فب مكانها، جففت فمها وذهبت حيث يجلس لوهان.
" أتشرب شيء ؟ " سألته وهي تنظر إليه، أجابها دون أن ينظر إليها " يبدو أن وجودي مزعج " نظر إليها " صحيح ؟ "
" ل-لماذا ؟ "
" لا تبدين بالنسبة إلي طبيعية " وقف من مكانه مقتربًا منها " ماذا يجري معكِ ؟ "
تراجعت إلى الوراء وتوجهت إلى المطبخ، فتحت الثلاجة " هناك حلين، أتود أن تشرب ؟"
تنهد بقلة حيلة " لا أرغب بشيء، تعالي لنجلس "
جلست على كرسي بعيدٍ عنه " أهناك خطبٌ ما ؟ "
" لما تجلسين بعيدةً هكذا ؟ "
أبتسمت بتوتر " المكان مريحٌ هنا"
" العلاقة بيننا بدأت تصبح أقوى، ألا تظنين ذلك؟ "
" أجل، أصبحنا أصدقاء مقربين"
" أصدقاء؟ مقربين؟ " اومأ برأسه " هذا جيد"
" ولكن لماذا فجأة تتحدث عن أمرٍ كهذا؟ "
"أنا أعلم أنني تسرعت عندما طلبت منكِ أن نتواعد " نظر إليها " كنتُ جاد بالأمر، لم تكن مزحة"
هزت برأسها تخفي توترها، فأكمل هو " أعلم أنكِ انفصلتِ عن ذلك الشخص قبل يومين، ولكن .. يبدو أنني " وقف من مكانه " يبدو أنني معجبٌ بكِ"
تسمرت في مكانها، تحدق بهِ مصدومة .. أبتلعت ريقها، كثيرًا ما تبتلع ريقها وقت وجوده، أهو التوتر المستمر؟ أم طبيعة جسدها مثلًا؟
"أنا معجبٌ بكِ .. لن أطلب منكِ أن تحبيني الآن، ولن أطلب ألّا نبقى أصدقاء، ولكنني معجبٌ بكِ وسأنتظر إجابتكِ" توجه نحو الباب " هذا ما جئت من أجلهِ اليوم، هويا-شي"
خرج وتركها مشتتة الأفكار، ومبعثرة المشاعر .. أكان إعترافه سريعًا؟ أم قلبها ضعيف ولا يتحمل كهذه مفاجآت؟
أنتهت ليلة أخرى، كانت المشاعر فيها غريبة بعض الشيء، لماذا أصبحت ليلي هذه السنة كثير الأرق؟ لا تسمح لأحدٍ بالنوم مطلقًا .. هذا حال لوهان، وكذلك هويا، النوم بات أمرٌ غريبٌ عنهما، والتفكير أصبح العادة التي لا مفر منها.
مر اليوم التالي، واليوم الذي يليه، لم يتصل أحدهما بالآخر .. كانت الأجواء بينهما معتمة، وكلٌ منهما يفكر بأمرٍ مختلف عن الآخر، وظروف كلٌ منهما تختلف كليًا عن الآخر.
جاء اليوم الثالث، وأصبح الأمر اسوأ، وأشد صعوبة، لما لم يتجرأ أحدٌ منهما على الإتصال بالآخر حتى الآن؟ إنها الظهيرة بالفعل .. هلى الأمور ستصبحأسوأ من هكذا .. ربما !!
كان يستحم بمياهٍ دافئة، أستغرق من الوقت حوالي العشرون دقيقة .. أمرٌ غريب، لم يستغرق وقتًا كهذا في الإستحمام من قبل، كان يقف تحت الماء يفكر، ويتأمل .. كان الوضع أشبه بساعة من اليوغا، أسترخاء، حاول بهِ أن يتخلص من الكثير من الأمور، وليتغلب عليها كان بحاجة إلى طاقة .. طاقة تأمل.
خرج من الحمام، جفف نفسه، أرتدى ثيابه، وجلس على السرير، ألتقط هاتفه ليرى ثلاثة مكالمات فائتة .. المتصل (هويا)
أتصل بها بسرعة، وقف وبدأ يمشي ذهابًا وإيابًا منتظرًا إجابتها، حتى سمع صوتها أخيرًا .. ولكن !
وصل إلى منزلها، وقف أمام بيت بيتها المفتوح، فتح عينيه بصدمة عندما رأى أرضية البيت مملوءة بالماء، تجري فيه كالسيل، وهويا المبللة تحاول التخلص من الماء، وحماية ما يمكنها حمايته من الأغراض.
دخل إليها مسرعًا " كيف حدث هذا؟"
نظرت إليه والدموع في عينيها "لا أعلم ذهبت إلى الخارج وعدت بعد ساعتين لأرى البيت بهذه الحالة"
أقترب منها وأوقفها عن العمل "هل يعاني منزلكِ من مشاكل؟"
نظرت إلى الأرض بخجل "مشاكل في التمديدات"
"لما لم تصلحيها إذًا؟"
"لم .. لم يكن معي ثمن إصلاحها"
نظر إلى المنزل، والأغراض التي أُتلفت بسبب الماء، ثم نظر إليها "ألا تملكين رقم عمال الصيانة؟ "
"أتصلت بهم، ولكني لم أرى أحد حتى الآ-" لم تنهي جملتها حتى سمعت صوت رجال "نحن عمال الصيانة"
نظر إليهم لوهان "أيمكنكم حل هذه المشكلة؟"
اومأ أحدهم معلنًا "يمكننا، ولكنه سيتطلب بعض الوقت"
"ك-كم من الوقت ستستغرقون؟" سألتهم هويا، فأجابها الآخر "يوم ونص .. تقريبًا"
"لا بأس، أعتنوا بالمنزل جيدًا، وستحصلون على مبلغ كبير من المال" أنهى لوهان جملته ثم نظر إلى هويا "أحضري بعض الثياب، ستبقين عندي الليلة"
"م-ماذا؟" أبتلعت ريقها "ك-كيف لي أن أبقى عندك؟"
"هل علي أن أحضر الثياب بنفسي؟" عقد حاجبيه بحزم، فزاد هي ارتباكها لتومأ برأسها موافقة، توجهت نحو غرفتها وحاولت أخذ ما لم يصله الماء من ثيابها، جمعتهم سريعًا، ثم أوشكت على المغادرة حتى سقط نظرها على الدرج، أقتربت منه، ففتحته .. أخرجت صورة لوهان ثم وضعتها بحقيبة رسوماتها، وبعد لحظات خرج لتجد لوهان ينتظرها "هيا بسرعة"
ذهبت معه وخرجا من الشقة بعد أن بدأ العمال بعملهم.
أوقفها لوهان قبل أن يخرجا من المبنى، نظر إليها بتمعن "هكذا ستمرضين" خلع جاكيته الثقيل وألبسها إياه، ثم أزال اللفحة عن رقبته وأحاطها حول خاصتها جيدًا "هكذا أفضل"
"وماذا عنك؟"
"أنا لم أتبلل مثلكِ " وضع يديه في جيبي بنطاله " لنذهب الآن"
أوقفته بوضع يدها أمام مستور صدره "لا يمكنني أن آتي معك إلى المنزل، سأذهب إلى مكانٍ آخر"
"لماذا؟"
"هكذا لا أريد"
"لا يوجد أحد بالمنزل، أنا وشقيقتي الصغرى فقط" أخرج يده اليمنى وحك بها فكه الأيمن.
"وماذا عن والديك؟"
" لا أعلم متى سيعودان .. من اليابان"
"ومع هذا لا أري-" قاطعها عندما وضع إصبعه على شفتيها ليسكتها، أقترب منها وأبتسم "وكأنني سأنصت لكلاماتكِ"
وصلا إلى المنزل، توجها إلى الطابق العلوي، فتح لها باب غرفة "هنا ستنامين"
دخل قبلها، ووضع أمتعتها على السرير، وهي تقف على الباب تحدق بالمكان الذي ستبيت فيه الليلة، نظر إليها وأبتسم "ماذا؟ ستحسدينني مجددًأ؟"
ضحكت بسخرية "أخبرتك أنني لا أحسد" أقتربت من جهة النافذة ثم ألقت منظرة سريعة، بينما جاءها صوت لوهان معلنًا "غرفتي بجوار غرفتكِ، إن أردتِ شيء تعالي، حسنًا" نظرت إليه واومأت بإبتسامة خفيفة.
خرج وتركها تبدل ثيابها، وضبت أغراضها سريعًا، وقد مرت عدة ساعات بالفعل، طُرق باب غرفتها بعد ذلك الوقت "العشاء جاهز" أبتسمت عندما سمعت صوته، توجهت نحو المرآة، بعثرت شعرها بطريقة جميلة، ثم أخرجت أحمر الشفاه ووضت القليل منه، وبعد أن أنتهت نظر إلى الباب "جاهزة"
فتحت الباب لتراه يقف مرتديًا ملابس لا يبدو أنه سيبقى بها في المنزل، تلاشت إبتسامتها "هل ستخرج؟"
اومأ برأسه نافيًا، ثم أمسك بيدها "بل سنخرج"
نظرت إلى يده، ثم إليه متعجبة "إلى أين؟"
"سنمشي في الجوار، ونتناول العشاء .. مم، أمورٌ كهذه" أنهى جملته بإبتسامة مريحة، بادلته بالإبتسامة ذاتها.
نظرت إلى نفسها "أنتظرني دقيقة" أغلقت الباب ثم أخرجت ثياب أخرى، وبعد أن أنتهت سريعًا فتحت له الباب مجددًا "جاهزة"
نظر لوهان إلى ساعة يده "أستغرقتي دقيقتين وخمسة عشر ثانية، هويا شي"
ضحكت وهي تضربه بخفة على كتفه "وهل هذا وقت السخرية؟"
نظر إلى كتفه ثم إليها "أتضربين رجلًا .. في بيته؟"
حدقت بهِ مرتبكة، ثم ربتت على كتفه بخفة "ل-لنذهب"
خرجا من المنزل وتجولا في الطريق، كان يضع يديه في جيبي جاكيته كالعادة، وهي تمسك بحزام حقيبتها وتسير بجواره، تبادلا الحديث، وسخرا قليلًا من أنفسهما، حتى وصلا إلى مكان لتناول الطعام.
جلسا على طاولة بجوار النافذة، نظرت بجوارها لتجد قناع للأطفال موضوع هنا، أبتسمت بينما تلتقطه "وآآه، أنه جميل حقًا" نظرت إلى لوهان "صحيح؟"
اومأ لها مبتسمًا "يبدو أن أحد الأطفال قد نسيه هنا"
هزت رأسها بقلة حيلة "يبدو ذلك"
طلب لوهان الطعام، وحتى وصل الطعام كانا قد تحدثا أكثر وتعمقا ببعضهما أكثر.
مرت نصف ساعة ثم أنهيا الطعام، دفع لوهان الحساب ثم خرجا، كانت تمسك بالقناع بيديها، وهي يسير بجوارها.
"لماذا أخذتيه؟" سأل لوهان بفضول، بينما أجابته هي "أحب أمور كهذه"
وضعته على وجهها ثم توقفت أمامه "ألا يبدو جميلًا على وجهي؟"
نظر إليها للحظات دون أن ينطق بحرف، أقترب وقبل الجزء الذي يغطي شفتيها، تسمرت هي في مكانها، ثم أزالت القناع سريعًا، بينما هو أبتعد عنها بالفعل، أبتسم ببرود "لم تكن قبلة مباشرة، لذا لا تسيئي الفهم"
تركها واقفه وتخطاها ببعض الخطوات، وقف ليستدير "ألن نرجع؟"
نظرت إليه مسرعة "أوه-بلى"
أكملا طريقهما إلى المنزل، ذهبت هي إلى غرفتها مسرعة، بينما هو وقف أمام الباب للحظات مبتسمًا، يتذكر وجهها عندما قبل القناع .. تنهد بقوة "لو أنها كانت مباشر" أكمل سيره ليصل إلى غرفته أغلق الباب وذهب ليستحم كما عادته.
كانت تجلس على سريرها مصدومة، تحاول أن تهدأ نبضات قلبها .. لقد جن قلبها بالفعل.
وقفت وبدأت تمشي في الغرفة بعشوائية، تحاول ألا تتذكر الموقف، ولكن يبدو أنها فقد جميع ذكرياتها وتركز في عقلها تلك الذكرى الوحيدة.
أرتدى ثيابه، وذهب لكي ينام حتى سمع صوت طرق الباب، توجه نحوه، ففتحه ليجد هويا ترتدي القناع، تراجع إلى الوراء متفاجئ "لقد أفزعتني !! "
لكنها لم تتحدث، عدل من وقفته وعاد ليقف أمامها "ما بكِ؟"
"ذلك الشرط .. ألا يزال فعّالًا؟"
ضم يديه إلى صدره ونظر إليها بخبث متصنعًا الجهل "شرط؟ أي شرط؟"
"أعرف أنك لم تنسى"
أرجع رأسه إلى الوراء قليلًا "آآآآه، المواعدة؟"

"أ-أجل"
"لا أظن-" قاطعتها بنبرة منفعلة "سأذهب" ولكنه أوقفها عندما دفعها من ذراعها نحو الغرفة" وأغلق الباب سريعًا، دفعها نحو الحائط وأقترب منها بشدة، مد يده وأغلق الباب بالمفتاح، بينما هي التي وصلت حرارتها فوق المئة وكذلك نبضات قلبها التي باتت مسموعة.
رفع يده لتصبح أمام وجهها، أزاح القناع ببطئ ليرى شفتيها، ثم أنفها .. والآن يرى وجهها بالكامل، قرب وجهه منها وهمس بأنفاسه القوية بين شفتيها "لقد اخطأت بالغرفة آنسة هويا" أبتسم بمكر "وعليكِ تحمل المسؤولية"
قبل شفتيها قبلة عميقة دامت لمدة دقيقتين تقريبًا، كان بأثناءها يرفع يديه ملامسًا يديها، حتى وصل إلى كتفيها، أمسك بهما جيدًا ثم ترك شفتيها تلتقط الهواء، أبعد وجهه قليلًا وهو لا يزال مثبتًا لكتفيها، قرب رأسه، وطبع قبله رقيقة على كتفها المكشوف، ليقترب أكثر باتجاه عنقها حتى رن هاتفه .. فتوقف للحظة، ولكنه عاد ليكمل حتى أوقفته هي وكأن الهاتف بالنسبة لها الخلاص الوحيد "ه-هاتفك"
أبتعد عنها بعد أن أطلق تنهيدة، توجه نحو الهاتف، ألتقطه، أنهى المكالمة بعد لحظات ثم نظر إليها التي لا تزال تلتقط أنفاسها "يقول أن المنزل أنتهى بأسرع ما تخيلا "
تنفست براحة، ثم أعلنت بإنفعال "سأعود إذًا"
"يمكنكِ العودة غدًا" لكنها اومأت برأسها نافية "لا، يجب أن أعود الآن .. سأنظفه"
"حسنًا، سأوصلكِ"
لوحت بيديها بانفعال نافية "لا لا، سأتدبر أمري .. لا تفكر أبدًا أن تخرج معي"
التفتت نحو الباب، فتحته بتوتر، ثم خرجت بعد أن أغلقته وراءها، بينما هو جلس على السرير ويبدو وكأن سعادة الدنيا قد حلت عليه.
جمعت أغاراضها بتوتر، بسرعة.. ثم خرجت من المكان بأقصى سرعتها، وهو الذي كان يقف خلف النافذة يراقب توترها المثير لبهجته.
ذهب لينام ليستيقظ في اليوم التالي على صوت والدته، فعرق أن والديه قد عادا، قام فأغتسل، ثم أرتدى ثيابه، مشى في الممير وتوقف أمام الغرفة التي باتت بها هويا، فتح الباب ثم دخل، أبتسم عندما شعر بها، حدق قليلًا بالسرير وكذلك النافذة، أوشك على الخروج حتى رأى شيء ظاهر طرفه من تحت السرير، أقترب وألتقطه، أبتسم عندما رأى حقيبة رسوماتها "دائمًا تنسنها"
فتحها لتتغير تعابير وجهه عندما رأى صورته في المقدمة، جلس على السرير وأستمر بالنظر دون الكلام .. أبتسم غير مصدق "هل أبدو هكذا؟"
أعاد الرسمة إلى الحقيبة ثم ذهب ووضعها في غرفته، نزل بعد دقائق، فأستوقفته تلك الخادمة المسنة، تحمل صندوق كبير وتمشي ببطئ، ويظهر الألم على وجهها.
أقترب منها مسرعًا "أجوما، سأحمله عنكِ" أخذه منها "أين يجب أن أضعه؟"
قابلته بإبتسامة شاكرة "إلى القبو"
اومأ لها موافقًا، ثم نزل مسرعًا إلى القبو وضعه حيث كومة الصناديق تلك، لفت أنتباهه صورة تظهر من الصندوق البعيد، أقترب منه وأمسك بها، أبتسم عندما رأى نفسه بملابس الثانوية، بدأ ينظر بمحتويات الصندوق، الصور وأغراض تخصه كان يتفاجئ بها ويبتسم، أمسك بدفتر فتحه فسقطت منه صورة على الأرض، التقطها وأدارها، جحظت عيناه بصدمة عندما رأى هويا وتلك الخطوط التي شوهت الصورة، وكأن مجرم يرغب بالإنتقام قام بفعلها، إبتلع ريقه بتوتر، ثم فتح الدفتر مجددًا وبدأ يقرأ وهنا بدأت تنهال عليه الصدمات كزخات المطر.
قبل 8 سنوات، في ثانوية سونغ ري .. جاء طالبٌ جديد، أنتقل من الصين حديثًا، لغته الكورية ليست سيئة، ومظهره كان جميل، وكذلك ثري يدعى (لوهان)
كان هادئ، لا يحدث أحد، يبقى في مقعده ولا يتحرك .. مر الشهر الأول ثم وقع لوهان بغرام تلك الإبتسامة، فتاة لطيفة، مرحة .. واجتماعية، كان نظره دائمًا يتركز عليها، كانت تدعى (بارك هوان هوي – هويا)
 
في ذلك اليوم أستجمع قوته وذهب ليطلب منها أن تواعده، كانت تقف في باحة المدرسة، أقترب منها وهو يفرك يديه بإرتباك، أخبرها بحقيقة مشاعري، فرضفته بشكل وقح، عاد ليطلب منها مواعدته بعد فترة، فتعجرفت وأجابته بـ لا مجددًا .. رفضته أربع مرات، حتى في النهاية وافقت عليه، كانت سعادته لا توصف، فـ بالرغم من رفضها المهين له أكثر من مرة إلا أنه حبه لها كان أكبر من أمرٍ كهذا.
واعدته أن تلاقيه في أحد المطاعم، أرتدى أفضل ثيابه، جهز نفسه جيدًا وذهب ليقابلها، عندما دخل إلى المطعم كان المكان فارغ، لا يوجد بهِ أحد، شعر بالريبة، جلس على أحد الطاولات، سمع بعد لحظات صورت مريب، توجه حيث مصدر الصوت، تسمر مكانه عندما وجدها تقبل أحدهم، تراجع إلى الوراء بصدمة، وحاول أن يهرب، ولكنهم لحقوا به وأوقفوه، كانا يقفنا والنظرات الساخرة موجهة نحوه بطريقة جعلته يشعر بالضعب، عدم التصديق .. أقتربت منه "هل تظن أنني سأواعد شاب صيني غريب الأطوار مثلك؟"
ظهر بعض الطلاب فجأة وبدأت سخريتهم على لوهان، ونعته بأقبح الشتائم وأقساها، وهي تضحك وتسخر منه، كان ذلك اليوم بداية للتنمر الذي عاش بهِ لوهان في الأشهر التالية، كانت صدمته بها تمنعه من إبداء أي أعتراض، حتى رؤيته وهي تشارك الطلاب بالسخرية عليه كانت تؤلم قلبه بشدة.
تحمل لوهان حتى أنتهت السنة، وفي آخر يوم في المدرسة، كتبت على ورقة صغيرة (إبتسامتكِ تؤلمني) ووضعها على مقعدها ثم غادر إلى الأبد.
رمى الدفتر من يديه، لم يصدق ما قرأه أبدًا .. هل كانت هويا من فعل بهِ هذا فعلًا؟
ما هذه المتاهة الغريبة؟
خرج مسرعًا باتجاه المشفى حيث رأى الممرضة قبل عدة أيام، بحث عنها حتى وجدها أخيرًا.
"لوهان-شي؟ ما بك؟"
"أخبريني لماذا كنت مريض في السابق؟" سأل لوهان بإنفعال فأجابته هي بريبة "لقد أخبرت الآنسة بارك بالفعل، ألم تخبرك؟"
"م-ماذا؟ هويا تعرف بالأمر؟"
اومأت الممرضة، فأعلن لوهان بحزم "أخبريني .. كل شيء"
"كانت المشكلة، حبيبة كاذبة، وتعرضك للتنمر، أذكر وقتها كنت تعاني من الأمر بشدة، كنت تكره الفتيات، والإختلاط .. كُتب أيضًا أنك حاولت الإنتحار عدة مرات ولكن لم ينجح الأمر، إضافة إلى ذلك أسرتيك كانت مهملة بعض الشيء، والديك لم يكونا معك باستمرار .. أمورٌ كهذه"
كل كلمة كانت تدخل أذنيه كانت تسبب زلزال هائل في قلبه، ما هذه الحياة التي كان يعيشها؟ ما هذا الماضي المؤلم؟ وما هذه الكذبة التي ظنها حاضرٌ أجمل؟
أستطاع أن يتذكر بعضًا مما سمعه وقرأه، ولكنه لا يزال في ذات المتاهة، أمور أختلطت في عقله زاد الوضع سوءً، أستيقظ على واقع مؤلم مرتبط بذكريات مهما حاول الهروب منها .. لا تزال تسيطر عليه.
الأمر الذي حاول جاهدًا أن يتخلص منه وينساه، طارده حتى بعد أن فقد ذاكرته ليكن أول ما يتذكره هذا الشاب.
عاد إلى المنزل مثقل بالهموم والأوجاع، أغلق هاتفه وأبى أن يكلم أحد، دخل حيث تجلس يونغ شي، قابلها بتعابير باهتة، جلس بجوارها بصمت، بينما سألت هي بفضول "ما الذي أتى بتلك الفتاة الليلة الماضية إلى هنا؟"
"من تقدصين؟"
"طريق العودة لذكرياتك، الآنسة هوان"
نظر إليها بدهشة "ما الذي تقصدينه بطريق العودة إلى ذكرياتي؟"
"ظننت أنني سمعت الطبيب يحدث والداي أنها طريقة مناسبة لكي تسترجع ذكرياتك، لذا بدأت تتقرب منك و-" قاطعها عندما وقف بإنفعال "هل وجودها معي كان إتفاق مع والداي؟"
اومأت يونغ شي "أظن ذلك"
خرج من المكان بغضب، والنيران تشتعل من حوله، توجه إلى غرفة والدته ودون أن يطرق الباب فتحه بقوة، لتفزع والدته التي كانت تضع مساحيق التجميل، دخل ووقف أمامها، أبتسمت "أوه بني، مابك؟ لقد أفزعتني"
أغمض عينيه ليكبت غضبه قليلًا، ثم فتحهما "هل أتفقتِ مع هويا أن تساعدني؟"
أرتبكت الوالدة قليلًا "م-من هويا؟"
"الآن لا تعرفين من هويا؟"
وقفت بتوتر، أقترب منه قليلًا "بني اهدأ قليلًا"
تراجع مبتعدًا عنها إلى الوراء "أجيبيني .. هل أتفقت مع هويا بسببي؟"
"كان هذا من أجل مصلحتك، صدقني"
جحظت عيناه بصدمة، وكأنه كان يرجو أن تجيبه بـ لا، سقطت دموعه بحرقة على خديه.
"كيف تمكنتم من فعل هذا بي؟" تراجع إلى الوراء أكثر "كنت تتلاعبون بي جميعكم"
خرج مسرعًا من المكان، يركض بأقصى سرعته يريد أن ينسى .. يريد ينسى، يفقد ذاكرته من جديد ويبتعد إلى نهاية العالم .. تراكمت جميع الأمور السيئة في ذات الوقت لتنفجر أمامه بطريقة مرعبة.
أستمر بالركض حتى أنتهى بهِ الأمر واقفًا أمام باب شقتها، رفع يده وطرق الباب بخفة، فتحت له بعد لحظات، لتقابله بإبتسامة مفعمة بالحيوية "لم تخبرني أنك ستأتي، أدخل"
دخل والهالة السوداء تحتجزه، أغلقت الباب وتبعته، وقف ينظر إلى الجهة الماكسة لها، شد على قبضة يده بغضب، وهي تنظر إليه متوتر، شعرت بالريبة لهدوءه الغريب "م-ما بك ؟"
"إبتسامتك وقتها .. كانت جميلة حقًا" إلتفت ليراها "كنتِ حبي الأول، صحيح؟"
أتسعت عيناها وتوترت من سؤاله المفاجئ "لا-" قاطعها بنبرة عالية "أعلم كل شيء الآن، لا تكذبِ أكثر"
امتلأت عينيها بالدموع، أيقنت أن الأمر بات مكشوفًا .. واضحًا، ولا داعي للكذب والإخفاء أكثر.
أقتربت منه ببطئ، بينما أوقفها هو بغضب "خدعتني، مهما حاولتي إخفاء ذلك" صمت للحظات ثم تابع "كل شيء كان كذبة"
"بالرغم من الماضي الذي جمعنا إلا أنكِ قبلتِ بعرض والدتي، وتقربتي مني ! "
"بالرغم من أن الممرضة أخبرتكِ أنني كنت مريضًا بسببكِ، إلا أنكِ تجاهلتِ الأمر وأوقعتني بحبكِ"
زادت دموعه على خديه، وهي كذلك وأكمل بنبرة هادئة "أحببتكِ وجرحتي قلبي، حاولت أن أنتحر بسببكِ، ثم شاء الله وفقدت ذاكرتي .. ونسيت ألمي بسببكِ، وأنتِ جئتي وبكل وقاحة لتعيدي احياءه من جديد؟"
حاولت أن تقترب "لوهان أنا لم أقصد أن أجرحك، كنت طائشة في الماضي أما الآن-" قاطعها بسخرية " لا تخبريني أنكِ نضجتِ الآن " ضحكت بصوتٍ مسموع "ألا تبدو ضحكة سخيفة؟" أقترب منها "حتى بعد 8 سنوات عدتي لكي تزيدي عمق الجرح الذي تسببتي به في قلبي؟ ألهذه الدرجة تحقدين عليّ؟ أم أن التنمر بات من شيمك؟ كيف تمكنتِ من فعل كل هذا بي؟"
"هذه المرة كانت مشاعري صادقة تجاهك، وكنت أريد أن أساعدك لكي أكفر عن خطأي .. حتى أنتهى الأمر بحبي لك .. صدقني"
"أنتهى الأمر بالنسبة إلي .. لإن كل شيء أنكشف، وظهرت الحقائق التي أخفيتها بكذباتك وألاعيبك" تخطاها ليخرج من المنزل، بينما أمسكت يده وأوقفته "أرجوك سامحني .. أنا أحبك حقًا"
نظر إليها بعد أن مسح دموعه "الآن .. لا أستطيع أن أجدكِ، أبقِ بعيدة، بسببكِ أحترق كل شيء بيننا، ولم يبقى هناك شيء، لا تحاولي أن تجديني بعد الآن"
وقفت أمامه ودموعها لا تزال تتساقط بغزارة "لا تذهب، دعنا نصحح الماضي، لنكتبه من جديد"
"أحببتكِ وقتها لدرجة فقدان الصواب، ولكن انظري ماذا فعلتي بكلينا"
"يمكننا أن نتخطى الأمر، لكن لا تذهب"
"قلتِ وقتها، هل تظن أنني سأوعاد شاب صيني غريب الأطوار مثلك، والآن تقولين أنكِ تحبينني .. ماالذي تثرثرين به؟" أمسك كتفيها بغضب "هل هذا حتى لتقوليه لي؟"
"لا أريد أن أراكِ، لا أريد أن أسمع صوتكِ .. أغوتني بإبتسامة، وبذات الإبتسامة جرحتي قلبي .. الآن أنتهر كل شيء"
أبعدها عنه بقوة وخرج من المنزل بعد أن صفع الباب وراءه بقوة، سقط على الأرض باكية، نحيبها بات الشيء الوحيد الذي يمكن سماعه في هذا العالم "ظننت أن أبتسامتي قد أسعدتك، ولكنني لم أظن يومًا أنها قد تبعدني عنك"
كان يسير في الطريق، دموعه متناثرة .. وخطواته لا تعرف اجاهاًا محددًا لتسير به، بدأ شريط ذكرياته بالعودة إلى الوراء، أيام الثانوية، وكذلك الطبيبة التي أصبحت الصديقة الوحيدة التي جعلته يتغير ويصبح مختلف .. رجل ناضج، مرح، إبتسامته دائمًا ما تشق طريقها على شفتيه، جعلت أفكاره تتلاشى من تلقاء نفسها، ليحل محلها أفكار لم يأخذ منها سوى السعادة والهناء.
لم تكن سوى صديقة مقربة، لم يقع في حبها، لإنه لم ينسى حبه لهويا قط، حاول التخلص منه ولكن الأمر أصبح خارجًا عن إرادته، فمهما تغير الشخص وتبدل مشاعره يصعب عليها أن تتلاشى، أو تتغير.
تلك الطبيبة التي أصبح مقربًا منها، وباتت بيت أسراره، الوحيدة التي يمكن أن يؤمن على نفسه معها، وقع ذلك الحادث لهما في ذلك اليوم الماطر في ظلمة الليل، ليستيقظ هو فاقدًا لذكرياته متناسيًا أمر صديقته التي باتت بالنسبة إليه توأم روحه .. ولكن بالرغم من تغيراته كان لا يزال كتومًا، لم يعرف أحد بأمرها، شعر وكأنه من الجميل أن يكون له ملجأ لا يعرف بهِ أحد سواه .. وسول جي كانت هي الملجأ، ولكن الآن وبعد أن عادت ذكرياته لم يستيقظ فقط على ماضي جمعه مع هويا، بل حاضره أفقده ذلك الملجأ إلى الأبد.
شعر وكأن أفكار العالم كله قد تزاحمت لتأخذ مكانًا لها في عقله، بدأ جسمه يتراخى عينيه تبهت اللمعة بهما، حتى سقط مغشيًا عليه في وسط الطريق.

فتح عينيه ببطئ ليرى والديه وشقيقته حوله، أغلقهما وعاد لفتحهما من جديد، حتى تمكن من الإبصار بوضوح، أقتربت والدته وربتت عليه بحنان "أنا آسفة-" قاطعها بنفس قوي "أرجوكِ .. لا أريد أن أرى الماضي بعد الآن"

مر شهرٌ منذ أسترجع لوهان ذكرياته، عادت علاقته مع يونغ شي كما السابق وهذا ما أراح قلبها، سخريته منها باستمرار وسرقة أغراضها وإتلافهم، أمورٌ كهذه تحدث بين الأخوة، أمور تجل للذكريات نكهة أجمل.
بالرغم من أن والديه قد بقيا معه لبعض الوقت إلا أن السفر كان يأخذ المساحة الأكبر من حياتهما والعمل كان المسيطر الأقوى عليهما، لذا لم يد يهتم للأمر فـ برأيه بقائهما أو عدمه لن يشكل الفرق الكبير بعد الآن.
لم يتصل بها، وكلما حاول أن ينشاها تتعمق ذكرياته عنها أكثر فأكثر، حاول تجاهل تلك المشاعر نحوها، دموعه التي باتت روتين يومي في حياته .. أمور اعتاد عليها لوهان، بعيدًا عن هويا التي يتمنى أن ينساها بالفعل.
خطط لوهان أن يسافر إلى الصين، وجاء ذلك اليوم، أمتعته جاهزة وقد أنهى كل شيء بالفعل، ودع أسرته ووضع الأمتعة بالسيارة، وتوجه ليركب، في هذه الأثناء كانت هويا تسير بهدوء، قادمة لرؤية لوهان، رأته يركب السيارة، وما أن بدأ الثيادة حتى بدأت بالركض وراءه، لمحها من المرآة تركض خلفه وتطلب منه أن يتوقف ولكنه تجاهل وجودها بالكامل وأكمل القيادة بسرعة أكبر، ولكنها لم تستلم وأستمرت بالركض حتى أُنهكتب بالكامل، توقفت تلتقط أنفاسها قليلًا، ثم أكملت الركض، ولكن للأسف كانت قد أضاعته بالفعل.
كان يقود بسرعة، ويحاول أن يمنع قلبه من الثوران، فمنظرها وهي تركض وراءه كان مؤلم بالنسبة له، أوقف السيارة فالطريق مزدحم بشكل فظيع، يتقدم لحظة ويتوقف مقابلها دقائق، خبط مقود السيارة بيده بغضب "ما هذا الحظ الفظيع"
وصلت حيث هذا الإزدحام، رأت سيارته بالفعل ولكنها غير قادرة على أن تخطو خطوة أخرى فحركة السيارات خطرة، حاولت أن تنادي عليه بصوتٍ عالٍ ولكن زوامير السيارات لم تظهر صوتها أبدًا، سقط نظرها على شرطي المرور الذي ينظم السير، ومكبر الصوت الذي بيده، توجهت نحوه مسرعة، وأنتظرته حتى وضعه على الكرسي وذهبت وأخذته بسرعة، أبتعدت عن كرسي الشرطي وبدأت تتحدث "لوهان .. لوهان أتسمعني؟"
أنتفض من مكانه عندما سمع صوتها، أدار رأسه إلي اليمين ثم الشمال حتى رآها تقف وتمسك بيدها مكبر للصوت وتتحدث من خلاله "أعلم أنك تسمعني ... أرجوك لا تذهب وأبقى معي، دعنا نطوي صفحة الماضي وسامحني .. أرجوك"
أستمرت بالتحدث وهو لا يكترث لأمرها "أرني وجهك للحظة واحدة وأسمح لي بها أن أكفر عن خطأي، لم أكن أعلم أن الأمر سيصبح بهذا السوء، لم أتصور أنني سأجرحك إلى هذا الحد .. كنت طائشة ولا زلت، لا تذهب وأبقى معي سأتغير من أجلك وسأصبح أكثر نضجًا .. لأنني أحبك، وسأحبك الآن وغدًا و إلى الأبد، سأحبك حتى يتجمد الدم في عروقي، سأكفر عن خطأي معك، لا تذهب وأعطني فرصة واحدة فقط"
هرع الشرطة نحوها، أصبح الأمر أكثر تعقيدًا، ازدحام المرور والسائقين الذين ألتهوا بالإستماع لهويا ونسوا أمر القيادة، وتلك الفتاة المجنونة التي سرقت مكبر الصوت خاصته وتتفوه بالهراءات من خلاله، رأت الشرطي يركض نحوها، أرتبكت اكثر وبدأت تصرخ بأعلى صوتها "لوهان أرجوك لا تذهب، أنا أحبك" رمت مكبر الصوت وبدأت تركض مبتعدة عن نظر الشرطي، تنظر خلفها وتركض، فاصطدمت بأحدهم، التفتت بتوتر لتراه يقف عاقدًا حاجبيه "لو-لوهان !!"
أمسك بيدها بغضب "تحملي قليلًا"
رفعت حاجبيها بدون فهم "م-ماذا؟"
نظر إلى الشرطي الذي أصبح قريبًا بالفعل "لإننا سنركض كثيرًا" أنهى جملته وبدأ الثنائي بالركض بسرعة قصوى، يدخلان بأزقة غريبة ويخرجان من أحياء أغرب، أستمرا هكذا حتى أبتعدا عن الشرطي بالكامل، توقفا في أحد الأزقة، أفلت يدها بغضب ووجه نظره إليها "ما الذي تفعلينه؟ تريدين أن تنضجي وحتى الطريقة التي تقوليها بها طائشة لأبعد الحدود"
وجهت نظرها إلى الأرض بخجل "آ-آسفة"
أبتسم بسخرية "آسفة؟ سمعتها منكِ كثيرًا هذه الفترة"
بدأت بالبكاء وهو يوبخها، لم ترفع نظرها ولو للحظة فهي مدركة أن ما يفعله من حقه.
"لماذا تستمرين بفعل هذا بي؟ أتتباهين كون إبتسامتكِ حلوة كالعسل؟" صمت وتابع بنبرة عالية "ولكنها مؤلمة كالصبار"
نظرت إليه، تفاجأت من ملامحه الحادة، حاجبيه المعقودين، والنيران التي تشتعل بعينيه .. أهو لوهان فعلًا؟
"كنت لطيف جدًا، بريء، وهادئ .. ردة فعلك أرغمتني على فعل المزيد، أصبح شعورًا داخليًا عندي، أنك لن تعترض، ستبقى تحبني وأنا أفعل ما اشاء بك .. انا مخطئة أعلم، ولكن ألا تستطيع أن تسامحني؟ ألا ترى كم أنا أحبك؟ أحبك .. أحبك .. أحبك، أقسم أنني أحبك، ولا أريد أن أعيش بعيدةً عنك .. كنت دومًا بجواري بالرغم من أنني تقربت منك لأبقى أنا بجوارك، في لحظة بكائي كنت معي لتمسح دموعي، وفي لحظة ساعدتي كنت معي لتشاركني الفرح .. أشعر بتأنيب الضمير .. لا ضميري يقتلني، يقتلني في اللحظة آلاف المرات، عنددما طلبت مني والدتك أن أساعدك وجدتها فرصة لكي أكفر عن ذنبي تجاهك، وبعدا بدأت أقع بحبك ببطئ، عندما أخبرتني الممرضة أن فتاة هي السبب بما حصل معك عرفت أنها انا .. عندها تمنيت أن تبقى فاقدًا لذكرياتك إلى الأبد لكي لا أخسرك، لأنني لا أريد أن أخسرك، أعتدت عليك، وعلى حبي لك .. أرجوك صدقني"
"لا أستطيع أن أسامحكِ"
نظرت إليه بقلة حيلة وضعف "لمرة واحدة فقط .. دعنا نبقى معًا"
"لا-" أسكتته عندما وضعت إصبعها على شفتيه "أرجوك"
أمسك بكتفيها بقوة دفعها نحو الحائط، وقرب وجهه منها "تقترفين الأخطاء وتريدن مني أن أمحوها؟"
"أنا أرجوك"
"كفى ثرثرة ! أنتِ هي السبب .. أنتِ من بدأ هذه المتاهة، لا تتوقي مني أن أخرجك منها"
أغمضت عينيها بهدوء "لا تتركني"
"هل علي أن أهينكِ أمام الجميع؟ أو مثلًا أكذب عليكِ وأقول أنني أحبكِ؟ .. أو مثلًا أذهب لكي أقبل إحدى الفتيات أمام عينيكِ"
أمسكت بسترته بقوة "لا تفعلها بي" أعلنت بنبرة غاضبة "لن أسمح لك، لن أسمح لك بإن تفعلها" قربتها منها بقوة "أنت ملكي وحدي"
أسكتها بقبلة قوية لثم بها شفتيها، أذابها بها بين ذراعيه، قبلة عنيفة يخرج بها غضبه ومشاعره المخربطة تجاهها، أبتعد عنها بعد لحظات "لا أظن أن المكان مناسب لكي نكمل ما فاتنا فب تلك الليلة"
أبتسمت براحة عندما سمعته يتحدث هكذا، بادلها إبتسامة لطيفة من شفتيه، تلاشت من على كليهما عندما سمعا صوت خشن "أنتما رهن الإعتقال" نظرا حيث صاحب الصوت وإذ بهِ الشرطي نفسه، أبتعد عنها لوهان، ونظرا إلى الشرطي بتوتر "أنتما رهن الإعتقال، بسبب عرقلة وظيفة شرطي مرور .. و فعل فاحش في الطريق"
نظرا إلى بعضهما ثم إلى الشرطي، أمسك بذراعيهما وقيدهما "تفضلا أمامي"
مشيا أمام الشرطي ينظران إلى بعضهما ويبتسمان بسخرية من الوضع الذي أصبحا به، حدق لوهان بعينيها للحظات "إبتسامتك حلوة كالعسل .. حررتني من قيود الذكريات"



النهاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق