الثلاثاء، 16 مايو 2017

♡ شامخة كالجبال Oneshot ♡

شامخة كالجبال
Oneshot



Written By:


اعاد رأسه قليلا للخلف مغمض العينين استنشق عبيرا فريدا من نوعه.. رائحة الكتب لها عشاق مميزون مختلفون عن العادة .. رائحة تبثها آلة وحسب لكنها تبقى ازكى شذى يشمه الكاتب يقدسه كأرقى العطور الفرنسية المخملية.... يشمها من ألة الطباعة الضخمة في مصنع طباعة الكتب ذاك حيث كان يقف على احر من الجمر بملابس انيقة شعر مصفف وكل شئ فيه مضبوط تماما بدقة متناهية ينتظر من الالة ان تخرج حلمه تُحوله الى حقيقة ضحك بخفة عند تفكيره هكذا وهمس لنفسه : لكنها تبقى الحقيقة

نظر الى الورق يخرج كل ثانيتن او ثلاث لتصطف الورقات تباعا واحدة فوق الاخرى :انها ليست اول مرة ارى هذا المنظر لطالما تكرر امامي مرارا وتكرارا كل اسبوع لدي عمود طويل في جريدتي ابث فيه ارقى الكلمات وازكاها من تبث الامل والحياة في النفوس تعالج مشكلة او تعزى مأساة.. تداري جرحا او تروي شوقا .. وتعظم حبا او تمحو حزنا .. لم اذكرها يوما ولم تعاتبني ولامرة ظنت انني انساها او اتنساها وكلا الامرين خاطئين فأنا اتنفس حبها وشذاها .. لكن المنظر الان مختلف تماما انه حلمي من زرعته داخلي منذ نعومة اظافري يخرج الى الحقيقة سيتنفس عبير انفاسٍ لاهثة لقراءة وترجمة محتواه بكل لهفة

 استيقظ من غفلته برؤية مدير المصنع يتقدم نحوه والابتسامة تزين محياه وبيده التحفة الفنية التي رسمها كيبوم بإتقان وببراعة فنان
مد يده امامه بسعادة غامرة:تفضل...مبارك لك

 ابتسم تلك الابتسامة التي تسلب القلوب وتقطع الانفاس بكل عنفوان تناوله وهو مسحور به وبلونه درجته تجذب الناظر وتبث فيه السلام تماما كما اختارها بالذات ,, أومأ للمدير بكل احترام وكالمسحور غادرالمكان.


لم يستطع الانتظار فرغم قصر الطريق بين المعمل والجريدة بدى له الطريق طويلا  كالعصور وحكايات سالف العصر والاوان
لذا اتجه الى الحديقة المجاورة .. أتخذ متكأه لاحدى المقاعد الخشبية فتح ازرار سترته . رمق الكتاب بنظرة شغف كمن يغرق في النظر والابحار في عيني معشوقته من فارقها لسنين واعوام مرر يديه على الاسم الذي ترسخ في ذهنه منذ ان عرفها وميزها بين النساء :شامخة كالجبال!..نعم انها أرقى من ان توصف بأنسان  .. وابتسم بحنان

وفتحه! اللحظة التي حلم بها آلاف المرات باتت حقيقة بالتعب والاجتهاد ..ومن اول صفحة كان عليه ان يبت اعترافه الاول والفريد من نوعه
"أهداء..
          الى التي خطت حياتي وحدي على سطور ايامها بحبٍ وتفان.. امرأتي الاولى والاخيرة .. وليس يضاهيها في العشق داخلي اي انسان... الى التي مهما حصل في العالم وضاعت اشكال انسانيته ... سأبقى أقول انه بخير لانها فيه نبع ينضح بالوفاء والاخلاص بل يغرقه بما فيه .. الى التي ان تركني كل العالم فلن أُبال فهي كل عالمي بامتياز ...
الى التي مهما حصل معها سأبقى عشقها السرمدي قلبها وروحها وكل جوارحها .. من عُجنت طينتها بالحب الفطري والحنان الطبيعي ...روحي وروحها سواء .. تجري فينا نفس الدماء ... قلبها متوقف العمل على قلبي .. ان هو توقف يوما لن تأذن له بالعمل وحيدا ثانية اخرى بدوني!
من أجلها ... لو كانت لدي السلطة لأعلنتها فريضة وجعلتها لزاما علينا جميعا ان نخط حياتها ملحمتها الاسطورية في كتاب زُينت اركانه من ماس ومرجان وتناثر اللؤلؤ كنجوم يزين الاسم بزهو يقدم القمر وسط السماء بأحرف من ذهب خالص معطر برائحة المسك والزعفران .. عطر ازلي لن يخبت مع الايام على ورق تزاحمت كل الاجهزة لأعلان درجة بياضه خارج نطاق الالوان .. مغلف باللون الاخضر لانها الطبيعة بإتقان .. او لأنها ريحانة الجنة ... جنتنا التي تسير على الارض تزين حياة كل انسان.. أو لأنها تحبه تعشقه من بين كل الالوان وهذه الدرجة من الاخضر بالذات .. برؤيته دوما ابتسم أتذكرها وينساب الفرح قلبي بكل عفوية...... انها أمي!
ومن لغيرها سألقب بفنان السطور ورسام الكلمات ... امي ومهما بقيت اكتب ستعجز حروفي عن مبتغاي وتمل مني!"
 إليكِ ياعزيزتي أهديكِ كلما خبأته في قلبي لأبثه في كتاب .. خططت فيها ملحمتك انا هكذا احب ان اسميها ..ايتها الشامخة كالجبال"


"فاتنة مثابرة ضليعة في كل امور الحياة فنانة فكل مايلامس يديها يصبح له رونق خاص بها وحدها ... أَحبها لا بل تعلمت سمفونيات الحب على يديه هامت في اساطير العشق التي دُفنت ولاتقرأ سوى في الحكايات .. ضُرب بهما المثل في كل مكان .. رغم كل الظروف والعقبات صمدا معا يدا واحدة وتزوجا قبلت به من بين عشرات الرجال من تهافتوا يوما لرؤية ابتسامتها لسماع صوتها وهي اهدته كل ذلك له وحده ولمدى الحياة .. رغم انه اقل منهم بمسافات .. لكنها احبته واحبت حبه واحبت كل مافيه
مرت سنينهما كالاحلام عشق وغزل لم يعرف الهوادة ولم تخفت شعلته لحظة .. كانت ثمرته طفل جميل زين حياتهما بعد سنة تماما من الزواج...
كبر وترعرع بين عاشقين مرهفين وهو طفل حسد اجتماعهما الذي لاينتهي وبكى لعدة مرات يحن لابتعادهما للحظات كي يستفرد بأحدهما بعيدا عن الاخر
ومرت السنوات ... ودخل المدرسة بجمال امه وسامة والده حبهما وسعادتهما عرف بهما واصبح معشوق الجميع محبوب الاصدقاء والمعلمين ...
حياة جميلة تبقى تُذكر بأنها جميلة احن لها كطفل وربما اكرهها, حتى الان لا اعرف ان احدد نوعية مشاعري تجاهها الست سنوات تلك ..حتى طرقتْ الباب!

بينما كانت تُعلمني كتابة حرف الخاء وأنسى النقطة دائما ,قلتُ لها متذمرا :لماذا أُعيد النقطة الان..قبل اسبوع تعلمتُ الجيم ومنذُ يومين اصبح بلانقطة .. لماذا سأُعيدها في غير مكانها...الحاء جيد

 ضحكت عليَّ بخفة :جيمٌ , حاءٌ ثم خاء..عليك تعلم الثلاثة معا والتعودعليهم .. تحملهم والبقاء قويا طيلة فترة تعلمهم وإلا لن تصبح انسانا متعلما يفخر الجميع به

 لويتُ شفتي مجددا ابتسمت بحنو ومسدت شعري بلطف :هيا من اجلي تحملها ... مع الوقت سنتجاوزها معا

 نظرتُ في عينيها نظرتها الحانية تدُب الراحة في قلبي :حسنا فقط من أجلك ..اعلنت كي اريحها قليلا اعلمُ انني مُتعب ولاغيرها يحتملني
ومن اجلها حقا تحملتُ تقلبات الحرف ذاك ..وبالمقابل من اجلي ايضا تحملت تقلباته على ارض الواقع! حين رُن جرس المنزل وبدأت ملحمتها الحقيقية

انتبهت من شرودها على ارتجاف يدي التي تعود تنسى كتابة النقطة كل مرة نهضت قائلة :سأعود ..اكمل اتفقنا

 أومأت لها على مضض وتمنيت
تمنيتُ حينها لو ان الحاء يبقى حاء فيبقى حباً ولانضيف له النقطة يوما فيتحول الى...خيانة!!

شعرٌ كالذهب, عيون زرقاء بلون السماء , ابيض من الثلج نفسه جسد ممشوق القوام ... انها صديقة امي الاجنبية من تفاجأت برؤيتها امام عينيها بعد أختفاء دام سنتين وانقطعت اخبارها عنها ... نحبت برؤية امي المصدومة وارتمت بقوة تحتضنها... تحررت امي من صدمتها لتبدالها حضنها وتزاحمت الاسئلة في دماغها دفعة واحدة ... اعتصرت امي بقوة تلتمس الامان بينما ستسرقه منها بكل عنوة

كنتُ ارفع طرف عيني اناظر والدي من كان يقرأ كتابا على طرف الطاولة ومن عدسات نظارته الانيقة يرمقني بنظرات تأهب لان أترك الدرس واتسلل من على الطاولة :كيبوم!

 ارتعبت وفورا أجبتهُ وانا اضع النقط التي نسيتها :اكتب ابي!..اكتب

ابتسم جانبيا وماعاد ليدقق في سطور كتابه الثقافي حتى ظهرت امي امامنا وبيدها تحتضن يد صديقتها من ظهرت من خلفها خجلة تسحب حقيبتها باليد الاخرى تنقلت نظراتنا انا وابي بين الاثنتين فأعلنت امي :انها صديقتي جولي من ايام الجامعة ستبقى معنا لبعض الوقت(والتفت لأبي 
)حسنا عزيزي؟

فأجابها :لابأس عزيزتي(نظر لجولي)أهلا بكِ

 أومأت له تسللت امي بحقيبتها الى طرف الدرج  , تتركها كي ترمق زوجها بنظرات مثيرة وهي تمرر يدها على ذراعها المكشوفة الاخرى , كالمشدوه الذي لم يرى امرأة من قبل خلع نظارته كالمنوم وابتسم بوله لها ابتلع ريقه ثم استيقظ من جنونه بسرعة عاد ارتدى نظارته ليكمل ولكنها مصرة قابعة بنظرات تكاد تخترقه وقعت في سحره من اول نظرة تماما كما حصل لأمي

وأنا!...تتبعت نظراتهما مستغربا ليس هناك أمرأة نظرت يوما لابي هكذا وبادلها النظرة سوى امي.. هززت رأسي فلاشأن لي عدت الى ملحمتي على الورق اضع نقطة الخاء بقوة أبرزها اكثر حية الى العالم

لم تسأل امي ولمَ تتدخل في شأن جولي مطلقا لم تحب يوما التدخل في شؤون الاخرين خصوصا جولي من عُرفت بكثرة المشاكل والمآزق من ايام الجامعة التي تضع نفسها فيها من كثرة علاقاتها لذا لابد ان الامر مشابه هكذا همست لنفسها وهي تضع الاطباق المائدة

جلسنا ليلتها بكرسي اضافي الى مائدتنا ... استمتعت امي بسرد الحديث واسترجاع ذكريات الدراسة والجامعة مع جولي التي ما إن سكتت امي للحظات تسكب لي بعد اصرار مني لقطع حديثهما .. استغلتها فرصة ذهبية لترمق ابي بنظراتها المجنونة كفتاة ليل ,كبت ابي شهقته حين داعبت قدمهُ من تحت المائدة بعيدا عن مرآى امي المنشغلة بذرف حنان الكون عليَّ .. بينما تحولت صدمة ابي لمتعة يتنقل بنظراته القلقة الى امي ثم بشغف اليها بأثارة يغريها اكثر

~ ~ ~

اشرقت شمس الصباح داعبت وجهي كادت تحرق عيناي حين انتظرت امي على الرصيف , اسرعت راكضة بسعادة نحوي احتضنتي من الخلف اغرقتني بقبلاتها الصباحية وتنهداتها سعادة بي بادلتها قبلة ثم التفت منزعجا :يكفي امي لم أعد صغيرا

 لوت شفتها تملقا :حتى لو خط الشيب رأسك ستبقى صغيري المدلل شئت ام ابيت

لويت شفتي منزعجا وسبقتها الى باب السيارة ضحكت بخفة عليَّ وركبت تقود بي الى مدرستي ثم تذهب الى عملها المعتاد في الاذاعة

تركتهما معا!!...بكل براءة امي وقلبها ثقتها العمياء تركتهما معا.. التي ما أن خرجت من باب المطبخ وبيدها كوب القهوة ارتطمت بصدره من كان مسرعا ليأخذ كوب القهوة المحول الى سيارته وينطلق الى عمله هو الاخر... شهق الاثنان بصدمة خافت من حرارة القهوة على ابي بسرعة البرق تناولت فوطة وبدأت بمسحها بسرعة عنه وعيناه معلقة بها , خففت من سرعة يديها حين احست به يراقبها, رفعت عينيها لأعلى فتلاقت مع خاصته كالمسحورين تعلقا ببعضهما تركت الفوطة لتمرر يديها على صدره بكل جرأة ووقاحة في مطلع كل تصرفاتها كان يتفاجأ ثم يجاريها بكل جرأة ... ودنس طهارة زواجه وتبادل اول قبلة شغوفة معها واستمرا يفقدان السيطرة بجنون .. اغلقا باب المخزن الصغير في مأمن من الاعين يكملان جرأتهما في منزلها انفس حيوانية ورغبة مجنونة تعدت الحدود والثقة .. الوفاء والاخلاص شئ سخيف تم أعدامه على ايدي امثالهما من زوج فارغ العين والقلب الى صديقة انانية هواها قبل كل الناس وان داست على صديقتها وما المهم؟..الاهم هي تلك اللحظة ان تعيشها وتنسى البقية...كل العالم بما فيه!


عدنا الى المنزل معا انا وامي كانت المائدة مليئة بالاطعمة الشهية وقفت جولي على طرف المائدة تجفف يديها بإبتسامة فشعرت امي ببعض الاحراج منها ربتت على يدها بحنان :لماذا اتعبتِ نفسك؟

 فردت تلوح باليد الاخرى :هذا واجبي مادمت اسكن هنا...أتمنى ان يعجبكم

 اردفت امي وهي تقترب من السلم :سأبدل ملابسي لحظات واعود..هيا كيبوم

 وقتها خرج ابي يجفف شعره من المطبخ فورا رمق جولي بنظرات جريئة ماكرة عقدت حاجبي وتساءلت في نفسي :لمَ يتكرر الامر كل مرة؟

 أَفقت على نداء امي الثاني :هيا كيبوم اسرع سيبرد الطعام
فرددت راكضا نحو السلم :نعم امي قادم قادم.. ولحقت بها


تناولنا الطعام واستمتعنا بالضيفة الجديد ,مع خفة دمها واحاديثها الجميلة لم احببها لم استطع!... أصرت امي على غسل الصحون فنهضت تتركنا نحن الثلاثة جالسين الى المائدة ترمقنا بنظرات سعادة من المطبخ وادعت جولي الاهتمام ومراقبة أدائي لواجبي المنزلي بينما كانت تتحين الفرص لتتلاقى اعينها مع ابي يبتسمان لبعضهما بمكر ثم تلتفت سريعا ويدها على رأسي تمسد برفق تنظر لأمي وتبتسم كثعبان ماكرة تتلوى بمهارة"

أفاق من انسجامه بقراءة ماكتب على صراخ الصغار ولهوهم في الحديقة تبسم بسعادة ثم الى قرص الشمس من اوشك على المغيب تفاجأ :اوه المجلة تبا!
 اغلق الكتاب الصغير عدل سترته وانطلق الى المجلة ... انهى بعض الاعمال ووالتدقيق في عموده ليوم غد من سيكون هدية عيد ميلاد احداهن امرأته الثانية ابتسم بحب على ماكتبه وهو يدقق :تلك الفاتنة ستصاب بالجنون انها مجنونة بالفعل

تأخر في العودة بسبب الكثير من الملاحظات الى الكتاب ... عاد الى المنزل وكانت اغلب الانوار مطفأة ... ابتسم برؤية المائدة مليئة بالاطعمة الساخنة .. رمق باب احدى الغرف واتجه نحوه ,اشغل مصباحا صغيرا فلمحها نائمة على السرير ابتسم بحب وشوق لها منذ الصباح لم يرها او يسمع صوتها انحنى على ركبتيه قرب وجهها دقق في تعابيرها اقترب منها مقبلا لوجنتها لكنه خاف ان تفيق فهي حساسة جدا لتواجده لذا آثر الابتعاد. خرج واغلق الباب لنصفه

انهى طعامه مستمتعا بلذيذ ماتطبخ .. افرغ المائدة منهم ... وعاود الجلوس الى مقعد جلدي يقابل نافذة كبيرة تطل عليه بسماء الليل تلك من كانت تزهو بنجومها لوحة براقة ابتسم ثم فتح الكتاب مجددا ينهي قراءته

"مضى على بقاء جولي في منزلنا خمسة ايام كانت تدعي فيها انها تبحث عن عمل ومسكن ومهما تجادلت معها امي كانت تصر على رأيها وان بقاءها هنا مؤقت ليس إلا!

خرجنا صباحا الى السيارة كالمعتاد ومع مزاح امي المستمر لنا هربت من بين يديها منزعجا هزت رأسها :لن اتوقف وسأستمر بأزعاجك ايها الشقي

 التفت برأسي الى النافذة ركبت امي الى مقعدها اتسعت عينيها :أوه المفاتيح نسيتها
 نظرت لها وهي تنزل بسرعة :سأعود!.. ودلفت المنزل مسرعة 

 عند الباب تفاجأت امي بحذاء جولي من خرجت خلفها تماما وحذاء ابي يجاوره ... دلفت بهدوء جرعة القلق بدأت كميتها تزداد تعبث بنبضات قلبها لتضرب اعلى برؤية سترة جولي ارضا تناولتها واكملت خطواتها من اصبحت مرتجفة اكثر ثم معطف ابي ومعها عيونها في اتساع واحتقان دموعٌ وجدت لنفسها منبعا غزيرا لتنبعث منه كما السيول ارتجفت بشدة من اللوحة البشعة التي بدأت ترسم وتخط معالمها بقوة من ستعلق في بوابة قلبها لسنين تؤرق حياتها

استغربت تأخرها كثيرا وانزعجت من حرارة الصيف وراودني القلق من التاخر على الدرس الاول فأرتجلت مسرعا الى الداخل

 ربطة عنق ابي .. وشاح جولي جمعت الملابس قطعة بعد اخرى لينتهي طريقها بباب المخزن وقفت مواجهة له تماما بعيون جارية شهقت تضع يدها على فمها ارتجفت ساقيها لم تعر كيف حملا ثقلا كالجبال حينها اطبقت على شفتها بقوة مدت يدها لتضعها على المقبض لتكشفهما بالجرم المشهود ثواني فقط وبرؤيتهما قد تفقد روحها ..

 افزعها صوتي مناديا مذكرا بها من تكون :امي!

 تجمدت كل حركاتها تذكرت اني هنا جففت دموعها والتفت تخط ابتسامتها من اجلي رغما عنها :اوه اسفة تأخرت

 واتجهت نحوي بينما دفنت روحها وقلبها للتوعند تلك البقعة .. تركتهما وتركت كل املها بالحياة بائسا بسببهما

صعدنا الى السيارة وانطلقنا الى وجهتنا لكن امي لم تكن امي كانت جسدا خاليا بلاروح بلاحياة كم تحدثت وثرثرت لم تجبني لم تكن تسمع لم تكن بجواري من الاساس كانت لاتزال امام الباب تكمل نحيبها وتلوعها بأمر كأس ألم تتناوله كل أمراة وزوجة..وفي منزلها!

لم اعرف كيف سيطرت على نفسها وكبحت جنونها به لتجلس بكل هدوء امامه تلك الامسية تقطع له الفواكه وهو جالس يناظرها بغرابة , وهي تقطع فورا لمعت لعينيها صورتهما معا يفعلان مايشاءان في منزلها وكم تكرر الامر دون علمها ومنذ متى قد بدأ!!.. لتفيق على صوته موقظا اياها من غفلتها صارخا بها لتتوقف عن جرح يدها عميقا استغربت امره حينها فقط تآوهت من شدة الالم وقوته وكم نزفت فوق المائدة ولم تشعر فألم قلبها كان الطاغي والمسيطر على كل عصب حس لديها , نظرت لابي بحنق سيحرق الدنيا رمت السكين بقوة لتصدر صريرا بأرتطامها بالاناء دفعت الكرسي ونهضت بسرعة ... تعلقت عينيَّ انا وجولي حين كنا نجلس على الارضية على وسائد متينة نلهو بلعبتي الكترونية الجديدة ,, خاف ابي ارتعب وجولي لم تكن أقل منه تبادلا نظرات قلقة مرتبكة

لازلت اذكر تاريخ ذلك اليوم جيدا .. أخر عطلة نهاية الاسبوع لنا معا! ... استيقظت امي منذ الصباح مكتئبة مكسورة الخاطر رمقته بجانبها على السرير كالطفل الوديع بكت بصمت عليه وبسببه لكم احبته وعشقته وتحدت الجميع من اهله ... وهو يتحين فرص خروجها ليعيش لحظاته من دونها,
لابقاء لآثم في قلبها وحياتها ومنزلها ... قررت هكذا بحزم وهي تعلق المصباح الجديد في غرفة المخزن حين مر والدي فتفاجأ بها :عزيزتي دعيني اسأعدك

 هزت رأسها بأبتسامة مصطنعة :كلا كدُت انتهي اومأ لها ببسمة واكمل طريقه لتمحي ابتسامتها بعيون متقدة غضبا وحقدا

الكل افتقد والدتي تلك الامسية خلو المنزل لها لي كخلو قلبي من الحياة .. جبت ارجاء المنزل بحثا حتى وجدتها في غرفتها امام حاسوبها المحمول حينما دلفت فجأة عليها بيدٍ كفكفت دموعها بسرعة والاخرى اغلقت الحاسوب بقوة ,وفورا قبل ان انطق بإي كلمة عانقتني!

 اطبقت على انفاسي بين ذراعي كان تحتضنني بينما تلتمس مني الأمان والحنان... الشجاعة كي تنهي المهزلة في منزلها تفاجأتُ وربتُ على شعرها برفق أُعيد لها ماتفعل كي يوم كل لحظة!

طلبت ان انزل الى الطابق السفلي ولا اتزحزح من مكاني ابدا قبلتني على جبيني وبادلتها اخرى دافئة مثلها فتبتسمت لي بحب .. تركتها ونزلت بسرعة ... بينما مشت خلفي تراقب خطواتي الطفولية قفزا على الدرجات عندما تأكدت اني جلست على وسادتي الضخمة حينها فقط نادت من كان يجلس ببراءة على المائدة :والد كيبوم(رفع نظره لأعلى فتلاقت عيونهما)هلا أتيت..هناك شئ اريد أن اريك اياه(ثم نظرت امي الى جولي من رفعت رأسها هي الاخرى (وانتِ ايضا .. انه فلم مشوق

جلست امام حاسوبها المحمول حينها اصبح ابي بجانب يمينها منحني بأبتسامة ينتظر ,ثانية فقط ووقفت جولي عند الجانب الاخر :ماذا هناك عزيزتي؟؟

 لوت شفتها بقوة وحبست الدموع قصرا لوقت اطول كل الكلمات والتصرفات خديعة كبيرة مسرحية تراجيدية بمكر تم تمثيلها في منزلها ومن حق الممثلين رؤية مايفعلون ليحكموا بأنفسهم ان هم نفسهم اقتنعوا بتمثيلهم وانبهروا فحقٌ على الجمهور ان يماثلوهم في الشعور

اعين الاثنين خلفها في اتساع في انبهار لرؤية نفسيهما هائمان ببعضهما في المخزن الصغير قبلات ولمسات محرمة دنيئة دنست حياتها اعتدل الزوج في وقفته كالمشدوه حينها فقط سمحت لنفسها بالنحيب وبصوت عالٍ لأول مرة يمكنه ان ترج المنزل بصوت بكائها أدمعت عين زوجها لمس كتفها انتفضت واقفة ضاربة يده بقوة :ايها القذر لاتلمسني

 ونظرت بحنق الى صديقتها التي ارتجفت بخوف من نظرات امي كمن اصابها المس وستنهش لحمها اسرعت تتمسك بذراع ابي تخفي نصف وجهها خلف كتفه راقبتهما بأستحقار وقالت :نعم فأنت وهو كلاكما وجهان لسلعة واحدة .. انما فقط لكن يختبأ تحت قناع متين وانت فلا...(بكت بنحيب )لذا شكرا لك لانك انتزعته قبل ان تمر بنا السنين اكثر ...شعر كلاهما بالاهانة بالوضاعة

خرجت مسرعة فوجدتني عند حافة الدرج مرتعبا لم اسمعها تبكي بهذا الشكل يوما ..نزلت بهدوء لتقف عند حافة الدرج بعيونها الدامعة رمقتني بألم وعاودت النحيب :كيبووم!!

 دون ان اشعر تسللت الدموع من عيني وبكيت مناديا اياها :اماااه من يبكيكِ!!

 هبطت الدرجات المتبقية بسرعة وبعجلة هوت على ركبتيها تحتضنني بقوة تتمسك بي تشبث اصابعها بملابسها لأول مرة, وقتها انقلب حالنا انا واياها اصبحت هي الباكية وانا الماحي لألمها لدموعها مسدت مطولا على شعرها ثم تمسكت بوجهها بكلتا يدي الرقيقتين وقتها :اماااه(ومسحت دموعها بكلتا يدي )لاتبكي ها ..فأنا هنا للابد

 اومأت لي تحاول كبت بقية دموعها قبلتها على جبينها مطولا ثم احتضنت رأسها واخفيته عند صدري الصغير حقا كانت جميلة تلك المرة الاولى رغم انها مؤلمة لكن منها تعلمت ان احتوي امي اكثر واخفف عنها

حاولت التخفيف عنها واشغال دماغها اجلستها على وسادتي الكبيرة بجانبي وفتحت حاسوبي الصغير وبدأت ثرثرتي المعتادة اسئلة عن الحيوانات وماشابه لعلها تنسى وتنشغل حينما نزل ابي وجولي وكلٌ يحمل حقيبته بيده ان كان ابي يبدي انكسارا بسيطا وهو ينظر لنا انا وامي ,هي بكل حقارة كانت تحدق بأمي لم يهتز لها جفن وهي تجيب على سؤالي :امي لماذا لانجعل الحيوانات تسكن معنا بأمان؟

 ألتفت لهما وهما على الدرج واقفين رمقتهما بحقارة لتجيب :لأن المنازل لم تكن يوما سكنا للحيوانات بني!

صرت جولي على اسنانها بقوة ضربت بقدمها الارض ونزلت الدرجات بسرعة اطرق ابي رأسه بادلني اخر نظرة في هذا المنزل وغادر

عادت امي لنحيبها الصامت تسند ذقنها لقمة رأسي ثم تقبله بحرارة :كيبومااه

 فأجبته :آاه

فقالت بصوت حانٍ :عدني ان نبقى معا انا وانت للابد

 فأومأت من مكاني ورفعت لها بنصري دون ان اتحرك فرأسها يقيدني ابتسمت بحنو وحوطت بنصري :وعدنا نحن الاثنين

 ابتسمت قائلا :وعدنا نحن فقط...احبك امي

 ابتسمت وبدأت خيوط السعادة كالشمس تداعب صباحها تداعب قلبها :احبك عزيزي ياكل حياتي


وبدأ من اليوم التالي مشوارنا معا انا وهي فحسب شئ جديد لم نعتده بدأنا نعود بعضنا عليه ,مقعدين اثنين فقط على المائدة نشاهد التلفاز فقط نحن الاثنين, ضحك ولعب واعمال منزلية تعلمت منها وساعدتها فيها وفاجأتها فيما بعد بأفعالي فخور بها لانها امي من عانت مصاعب العالم وحيدة من أجلي كيف لي ان انسى عملها الثاني من أصرت على الحصول عليه والأكتفاء بالمال بعيدا عن نفقة ابي ومساعداته

ابي من لم تمنعني يوما من رؤيته متى رغبت ... ومتى ماسألت اجابت بنفس الكلمة "لايمكنه العيش معنا" وحسب كنت طفلا صغيرا اكتفي بها ومع الوقت كَبرتُ وفهمت ماحصل بأدق تفاصيله لم انقطع عن رؤيته بل هو عندما شعر بأني علمت بأمره اصبح يتسحب من حياتي فأكتفيت بها كما اكتفت بي وحيدها وسر سعادتها

ومنذ عودتها وحيدة نفسها تزاحموا عليها مجددا كزهرة يرتقبون التقاطها يتنافسون لأمتلاكها لكنها امرأة لن تلدغ من الجحر مرتين ماعادت تثق بإي رجل سوى من ضخت وفاءه واخلاصه فيه مع حليبها من قطعت هو وهي وعدا مدا الحياة لن تثق بغيره مطلقا رجلا يزين حياتها

وبقيت لي وحدي امي وابي وكل عائلتي معلمتي حينا وصديقتي احيانا مع كل ماحتجت من الحياة هي تقلبت وكانت ما اريد

منذ اللحظة التي عرفتُ فيها ماحصل وعدتُ نفسي ان اكون رجلها الذي لم تخسره سندها القوي في الحياة ... بَرعتُ في الكتابة كما برعت في اسلوب الالقاء الاذاعي اكملت حياتي بكل هدوء ولم اشغلها يوما بي
كَبُرت وتغيرت ملامحها قليلا .. لكنها لاتزال جميلتي الساحرة أمراتي الوحيدة... ببساطة تلك هي امرأتي الشامخة"

 وغفى كيبوم على اخر كلمات قرأها... لتشرق عليه شمس الصباح مع عيونها المبتسمة وهي تقترب منه سعيدة بطلته تزيد شعاعات الشمس في ضياءه... اقتربت من وجهه مسحت يدها بطلف على خده فشعر بها تمسك بيدها فورا وقبلها :امااه صباح الخير

 بحنو قالت :كعادتك تغفل هنا وانت تقرأ

 وهي ينهض ولايزال ممسكا بيدها قال :لكن هذه المرة مختلفة

 استغربت جملته :ماذا تقصد؟

 ثنى ركبته على الارض كأنه يتقدم بالزواج لمعشوقته تفاجأت للغاية بمنظره ثم للكتاب الاخضر بلون المروج وبقراءة العنوان فهمت وتأثرت فورا وسالت دموعها انزعج وفورا نهض محتضنا لها وهو الطويل قد اختفت بين احضانه :امــي بدون دموع ارجوكِ كم مرة قلتُ ذلك

هزت رأسها بين احضانه ابتعد عنها لتتناول الكتاب بين يديها :اعلم ان ماكتب قد يكون مؤلما لكِ..لكنني احببت ان يتعرف كل العالم من تكونين

ابتسمت بحب له ثم قبلت جبهته وقالت :لست بحاجة للعالم مادام عالمي الوحيد يعلم

~ ~ ~
اخذ نفسا عميقا ثم اطلق بسعادة كبيرة التفت جانبا بأبهى طلته انتظرها لتخرج من باب الجامعة خرجت بسرعة وهي تحمل كتبها توقفت باحثة عنها بعينيها وبرؤية بعضهما اشرقت ابتسامات جميلة ولمعان عيون عاشقة اسرعت جريا له بينما فتح ذراعيه لتختفي بين احضانه :حبيـبتي
 :كيبومـي.. ابتسم بخفة لما تناديه به

ابتعدت قليلا حدق في عينيها مطولا استغربت امره ورفعت حاجبا وقالت :ماذا هناك نظرتك غريبة اليوم؟؟

 لوى شفته بمكر ينظر جانبا :انا من عليه ان يتساءل..ألم تقرأي عمود هذا اليوم؟؟

 عقدت حاجبيها :كلا لم افعل في العادة اقرأه في المساء كي استمتع بكل كلمة خطتها يدك
 همهم واحاط كتفها بذراعه :حسنا كما تشائين 

 بينما بان الانزعاج على وجهها لاحظه ولكن يتنكر الامر .. :انها عطلة الاسبوع غدا..اين سنتعشي اليوم؟

 فكر للحظات :لا اعرف!...اختاري انتِ

 فكرت للحظات ثم قالت :لايحتاج الامر لتفكير.. ذلك الاسبوع قضيناه في الخارج..هذه المرة مع امي...امممم اشتقت لطعامها

ابستم بسعادة وحب :شكرا لكِ

 توقفت ونظرا لبعضهما :لماذا تشكرني؟؟
 امسك بكتفيها قائلا :لأنك تحبينها مثلي
 ابتسمت قائلة :هذا امر طبيعي كيبومي..وايضا اتمنى ان احضى بأطفال يشابهون اباهم في حبه لأمهم
 نظر جانبا بغرور :حسنا بهذا الشأن لاتقلقي.. مؤكد سيكونون كأباهم
 لوت شفتها وضربت كتفه :مغرور

 ضحك بخفة عليها ثم سارا معا وعادت تسأل :بشأن العمود..لماذا سألت اليوم بشأنه بالذات؟؟

 اطال النظر لها صامتة وفجأة افزعها بصرخته عاليا  جملة واحدة :لانه هدية عيد مولدك ايتها الغبية
 صرخت فورا بنرة حادة وجرت بسرعة :غبية غبية عليَّ ان اشتريه في الحال

 وضع يديه في جيوبه ضاحكا عليها ثم صرخ :تستحقين ذلك كي تهتمي بعمودي اكثر وتقرأيه منذ الصباح

 ولوى شفته لتتسع عيونه بذهول بعودتها جريا نحوه وتوالت ضربه على كتفه :لاغبي غيرك هنا!
صرخ بها :من تضربين انتِ!! 

عادت خطوات للخلف خافت من نظرته وركضت ولحق بها وتعالت ضحاكتهما ومزاحهما طول الطريق

كانت امه تمرر اناملها على اخر كلمات زينت أخر ورقة في الكتاب الصغير بخط جميل " أحـبــك أمـــي" وابتسمت بحب تردد :ولا احب غيرك.

هناك تعليق واحد: