الجمعة، 16 يونيو 2017

حافة الحياة : The Fate (الفصل الثاني)

. > حافة الحياة < .

.. الفصل الثاني ..

                               
                  BY : KIM NANA
  


 

تعالوا لنقتسم هذا العالم، خذوا كل شيء، و أتركوا لي قلب أمي (مقولة)
__________________________________________


- إنه كمين ( تعالت الأصوات مشابهةً الصدى في تردده بين رجال المُستلم ، الذي يحملق بذات الإتجاه مع إيفا نحو إسطوانة المسدس الموجه إليهما )
دمعت عينيها ..
إنها النهاية ..
إنها النهاية قطعاً ..

لطالما ذكرّت إيفا نفسها بألا تضع كل أحلامها تحت وسادة واحدة
كي لا تضيع دفعة واحدة و إن كان لامناص
فلتخسرها حلماً تلو الحلم

لكنها بغباء وضعت أحلامها و حياتها معاً على كف عفريت
تأرجح كل ماضيها و سلمت بأنها قد ضاعت حتى قبل أن تحقق أي حلم

لكن  إنطلقت رصاصة لم تعلم إيفا مصدرها
أو مصدر ما تلتها من رصاصات
علمت فقط بإندفاع موجة من الأدرينالين في جسمها
نعم قد شهدت أذناها في الماضي مرتين أو ثلاثة لصوت ضرب طلقات الأسلحة
لكنه أمر لا يمكن إعتياده أو ألا تخافه لأنه صوت الموت

زحفت بجسدها مخفضةً رأسها الى أن وصلت خلف سيارة صالونية
  وقفت ثم ركضت بسرعة جنونية و لم تشعر بقدميها تلمسان الأرض حتى
راحت تجري و تجري لاهثة ،غير قادرة على النظر الى الوراء
كانت رئتيها تحترقان ، صدرها يعلو و يهبط و قلبها يكاد ينفجر

فكرت و نفذت أول فكرة إنبثقت في عقلها المشوش
نعم. لايوجد حل غير أن تختبئ عند الطابق الأول للملهى
وصلت للمدخل الرئيسي لملهى بينش
كان تنفسها تماسك أكثر، و إضطراب صدرها ينظم الأنفاس
نظرت الى إمرأة إستقبال الملهى بجوراها حارسين يشابهان عمود الخرسانة

إستهلت موظفة الإستقبال عندما نفذ صبرها من صمت إيفا الواقفة أمامها منذ دقيقة:
- هل لديك حجز مسبق آنستي؟!

- كلا ( عضت إيفا تجويف فمها لعلمها المسبق بقانون ملهى بينش كونه الأكثر قبولاً و إزدحاماً )

ثم تلفتت خلفها خوفاً تسترد فيه إضطرابها الذي ظنت انها أقصته  :
- أريد من فضلك إستعمال دورة المياه فقط.

و رغم أنه كان قد مّر على موظفة الإستقبال الكثير من الزبائن
لكن لسبب ما
ذكرتها هذه الفتاة بذاك الرجل المدعو يوو جي.تاي
ذاك الذي كان يطابقها توتراً و إنزعاجاً

ألقت موظفة الإستقبال نظرةً على الإسم الذي دونته على القائمة بجانب إسم يوو جي.تاي فسألت :
- هل إسمك هو فيكي؟

قابلت إيفا السؤال بالصمت طويل الى أن تراءى لها خيال أحد الشرطيين
فأفصحت برعب يختلجه الكثير من التردد:
- نعم. أجل إنها أنا.

خاطرت بإجابتها هذه ، لكنها لا تعد شيئاً مقارنةً بخطر إلقاء القبض عليها
وتعفنها في السجن لحينٍ لا تعلمه

موظفة الإستقبال برضى :
- لقد إنتظركِ السيد يوو جي.تاي لوقت طويل(مالت رأسها لأحد الحارسين) أوصلها للطاولة 73
VIP.

- تفضلي .(قالها الحارس ثم إستدار عقبيه نحو الداخل)

تبعته إيفا بنبضٍ لا يركد ، متنفسة القليل من الراحة ، اذ بإمكان فيل أفريقي أن يختفي داخل زخام هذا الملهى
أرادت أكثر من مرة أن تختفي بين الحشد ، إلا أن ذاك الحارس الضخم ظل يلتفت إليها على رأس كل ثانيتين ليتأكد من أنها تتبعه
لذا إكتفت إتباعه بهدوء
وما إن وقف الحارس على جنب موضحاً أنها قد وصلت لمُضيفها  ، حتى وقع نظرها على الرجل المقصود

بشعره الاسود القصير و قوامه النحيل الممشوق و قدميه الطويلتين اللتين وقفا عليهما مع حلته الرسمية و إبتسامته الهادئة التي دفنت عينيه عميقاً و زادت من ربكتها

كان يوو جي.تاي الذي ما إن رأها حتى إستقام مبتسماً:
- مرحباً آنستي ( آشار بيده ) من الجيّد وصولك أخيراً.

تبعثر ذهن إيفا بسبب جهل مُستقبلها لها فأعربت بفم مرتجف لتبعد شبهة عيني الحارس :
- مرحباً يووجي شي (ثم صمتت تنتظر ردت فعل للرجل الذي إلتقطت إسمه قبل دقائق و  نادت عليه   كما لو أنهما على معرفة مسبقة ).

الا أنه دعاها للجلوس بهدوء ، ليبتعد حائط الأسمنت ذاك عنها
أخذت نفساً طويلاً لتخفي ارتعاش فمها
هل هذه مصيبة آخرى أو لعبةٌ ما؟
أم هو فقط  لا يعلم شكل الفتاة التي ستلتقيه حقا؟
تسألت ،هل يلعب الزهر (النَّرد) الليلة صالحها؟!


تفصحها يوو جي.تاي جيداً ، بدت مثيرة للريبة  و طقطقتها لأصابعها منذ أن جلست،
لكنه غضى الطرف و  أضاف هذا أيضا الى رصيد غضبه من آدم ، مبيتاً نية حساب عسير له
فكل ما قام به الليلة غريب و مزعج
لم يوفر يوو جي.تاي المزيد من الوقت ، و قرر الدخول الى لبّ الموضوع فوراً
بعد أن صبّ لها كأساً من النبيذ الأحمر
بينما بالكاد كانت إيفا ترفع نظرها ناحيته ، ظلت تعض تجويف فمها ، و تنقر إصبعها على كأسها

و الكلمات التي يتفوه بها يوو جي.تاي لا تصل لمسامعها
بعد ستة دقائق بالضبط من حديثه المستمر

وضع ملف ورق مقوى أمامها :
- هذا هو العقد إطلعي على الشروط ، كل شيء كما قاله لك آدم بالطبع ( تأكد ليوو جي.تاي غرابة تصرفاتها و توترها الذي انجلى في لف أصبعها على بعضها البعض ) آنسة فيكي .. فيكي .

إزدرت إيفا ريقها :
- إسمعني أنا لستُ فيكي ( تبدلت نبرتها لترجي ) لكن أرجوك ، فقط دعني أبقى هنا لبعض الوقت و سأرحل بعدها.

إبتسم يوو جي.تاي بسخرية مهمهاً لنفسه :
- اللعنة. لمّا لا تمضي هذه الليلة بسلام !!

(رفع صوته )  حسنا . فهمت
( حك حاجبه بظفر سبابته ، ثم أخرج دفتر شيكاته من حقيبته )

ضعي المبلغ الذي تريدينه ، هذا شيّكٌ على بياض ، لا عليك بالمبلغ المتفق عليه بالعقد ضاعفيه .

المال ، كان دائماً مخرج يوو جي.تاي الوحيد
الذي ينشّد به كلما سدّ أمامه باب من أبواب الحياة
جملته المفضلة التي يقولها باللغة الإنجليزية في كل حيّن رافعاً قبضته في الهواء
Power of money ( قوة المال)
حتى باتت منهجه في الحياة

ظلت هي مسمرة كحالها
ففتح يوو جي.تاي الملف مشيراً وقد بدى مخزون صبره بالنفاد :
- يمكنك أيضاً إضافة أي بند تريدينه ، فقط لا يمكنك الحذف .

لكن إيفا إستقامت واقفة ، فما يقوله هذا الرجل ضربٌ من الجنون
- تزوجيّ من سيدي  لمدة سنة و شهرين فقط .

ما إن سمعت إيفا جملته حتى سرى في قلبها إحساس غريب أشبه ما يكون بالهذيان
بعقل متخدر كأنها قد تلقت جرعة كبيرة من المورفين
حاولت جرّ قدمها للمخرج ،
لكن يوو جي.تاي أمسك يدها متوسلاً كآخر ورقة لديه
فهو لا يستطيع خذلان كيو هيون بعد كل شيء :

- إنتظري أرجوك ، مهما بلغ الأجر الذي يتطلبه الأمر ، نحن على إستعداد لمضاعفته
( ضغط على يدها أكثر ) مليوني دولار أمريكي.

سقط فك إيفا لصدرها ، رمّت جسدها على الكرسي تناظر شروط العقد التي لم تزد حيرتها إلا بلة

1- السرية التامة.
[ يفض بسببه الزواج قبل موعده مع إرجاع كامل المبلغ المسلم من الزوج للزوجة ]

2- الزواج لمدة سنة و شهرين فقط لا غير.  (14 شهر فقط لا غير )
  [  يتم بعده الطلاق بشكل تلقائي]

3- يمنع أيّ إحتكاك جسدي.
[أيّ كان نوعه]

4- يمنع تواجد الطرفين بمكان واحد لأي سبب.
[حتى الطوارئ]

5- يسلم ربع المبلغ الاول بعد الزواج فوراً ، ربعه الثاني بعد ستة اشهر ، و الباقي بعد أن يتم الطلاق.

طرفت إيفا عينيها بضع مرات سريعة ، مستشعرةً بتنميل يدب في أوصلها
يمنعها عن إكمال سلسلة الشروط المتراصة حتى نهاية الورقة
رفعت نظرها مترنحة نحو يوو جي.تاي ، مجترعةً كأس نبيذها دفعة واحدة
ربع هذا المبلغ فقط ، يمكنها من سداد رسوم عملية أمها ،  و لن يساورها قلق بشأن تدبير أمور معيشتهما لوقت

زواج لمدة سنة و شهرين 
أو يوم أو سنين
فأي شخص سيوافق مقابل هذا المبلغ ، مليونيّ دولار أمريكي

- فيكي .. فيكي ( زفر يوو جي.تاي بضيق من سرحانها غير المبرر له )
عضت إيفا تجويف فمها ، لكنها ليست فيكي .

جالت بأعينها مفكرة و موافقة :
- موافقة. لكن لديّ شرطين.

يووجي بسرعة :
- ما هما ؟

إيفا بحزم هي نفسها تفجأت منه :
- نسخة من عقد الزواج ، و شيك ب 500.000 دولار قبل أن يتم الزواج بشكل رسمي.

- موافق .
(قالها ببساطة دون تردد ، اذ  عزم  يوو جي.تاي في قرارة نفسه قبلاً انه سيوافق ، فهو قد وعد كيو هيون أنه سيحل المشكلة بأي شكل كان وبأي ثمن، أما آدم . حسابه معه عندما يعود )

رسم على الشيّك المبلغ ، فقد كان ربع المبلغ الذي سيسلمه لها خلال يومين على كل حال
مدّه لها ، اخذته هي بيد ثابتة قدر ما إستطاعت

ثم إستأنف يوو جي.تاي مخرجاً آلة مسح صغيرة من حقيبته
- إثبات هويتك.

- عفوا؟!

كرر  يوو جي.تاي طلبه بصيغة مغايرة :
- بطاقتك الشخصية.

هي تمسك بذلك الشيّك ، طوق نجاة أمها ، لم يعد بإمكانها التراجع
فتحت الجُراب الصغير المطوق لها على طول صدرها و ظهرها مسنداً على خاصرتها
أخرجت هويتها و مدتها له

تفحص يوو جي.تاي البطاقة :
- إيفا ، طالبة جامعية ، كلية الحقوق ( زمّ شفتيه ) اذا فيكي اسم حركي.

لم تجبه ،  صورّ بطاقتها من الجهتين بواسطة جهاز مسحه، ثم قدم القلم إليها
كأنها تحت تأثير نوم مغنطيسي ، نظرت نحو الطاولة حين راح يوو جي.تاي
يقلب صفحات المستند حتى وصل الى الصفحة الأخيرة ،
فمد إصبعه يدلها أين توقع

سار الحبر من ذلك القلم الذهبي فوق الورق راسماً خطوطاً منحنية مصفوفة ناعمة ، رغم إرتعاش يدها و هي توقع

بدى لون الحبر في ضوء ذلك المصباح الأصفر ، كلون الدماء في تطابقه
سلمته المستند ، بعد أن إستلمت نسخة إحطياتية موقعة مثل سابقتها من الطرف الآخر الذي سيغدو زوجها

ووقعت عليها كما فعلت بالاولى

(نسخة عن كل مستند توقعه أيّ كان )
هذه هي القاعدة الماسية من ما درسته طوال 4 سنوات في كلية الحقوق
فكرت بحزم داخل نفسها
بأنها ستصرف هذا الشيك صباح الغد و تهرب قبل أن يعي  هذا اليووجي ما أصابه

إستقام الأخير فوق قدميه مبتسماً براحة :
- سأوثق الزواج بشكل رسمي غداً بالمحكمة ، مبروك مقدماً.

(مال رأسه إحتراماً) إطلبي ما تردينه ، و إستمتعي سأقوم بدفع الحساب ، الى اللقاء.

تستمتع؟! .. كان أبعد ما يكون عنها الآن هو الإستمتاع و السعادة
شعرت بأمواج الضعف و الوهن تسري داخلها

- ما الذي فعلته؟! ( قالت لنفسها بصوت مسموع ) يا إلهي ما الذي فعلته؟!

نحن أغبياء بحق ، ما إن يمر الأمر الذي أردناه و فعلناه بملئ إرادتنا حتى نندم عليه
أمليّن لو يعود بنا الزمن لنفعل عكسه
لكن حتى و إن عاد  ، سنفعل ما ندمنا عليه للمرة ثانية
لكن و مهما كان الأمر الآن ، فقد فات آوان الندم .




مشت إيفا الهويّني نحو شقتها
حتى مع نزول المطر و زخاته الصغيرة التي داعبت بشرتها المتعبة الباهتة
لم تسرع في مشيها
أرادت للمطر أن يلمس دواخلها أملةً أن يغسل روحها المثقلة بالهموم أو أن توقظها برودته
فقد شعرت إيفا كما لو أنها قد عبّرت عتبة خيالية الى عالم آخر
بالشعور الذي خلفته الساعة الماضية

هي ستغدو خلال سويعات زوجة سرية من رجل مجنون على الأرجح
و كانت قبلها على وشك أن يلقى القبض عليها لترتمي في السجن لسنوات ربما
إحتضنت الملف عليها جيداً

هي الى اللحظة لا تمتلك سبباً منطقياً في طلبها نسخة من عقد الزواج
زواجها ، لكن نصف مليون دولار يهون عليها تأنيب الضمير
إبتسمت مشفقة على هذا الرجل الذي يوّد الزواج مقابل هذا المبلغ الضخم
مع تلك الشروط السخيفة

- هل هو يائس أم غبي ؟ ( تسألت في  قرارة نفسها ) لكنه حتماً مثيرٌ للشفقة مثليّ تماماً
لابدّ أنني قد وقعتُ في حفرة بلاد آليس للعجائب.

رغبت بشدّة لو تلتقي هيونا الآن و تحكي لها هذا الخراب
إلا أنها وئدت رغبتها على المهد
فآخر ما تود رؤيته في هذه الليلة العجيبة هو سوهو
هذا الأخير الذي تخيلته إيفا نائماً الآن بجانب هيونا محتضنها يدثرها بأنفاسه
سوهو المسحور بهيونا منذ أن رأها بصحبة إيفا قبل بضعت أشهر
و هي لم توفر جهداً في إغواءه بعطفها المدلل

كانت هيونا في الأصل رفيقة إيفا في الدراسة ، إلتقيتا  في فصل الفيزياء الإجبراي بالثانوية
لتجتمعا بعدها مجدداً في مقر إدواردو غادلوبي البرازيلي مروج الحشيش الأكبر لكل سيئول
عملتا سوياً لفترة لا بأس بها

حريصتين أن تظل حياتهما الخاصة بعيدةً عن هذا العمل النتن
قبل أن تختفي هيونا لسنوات ثم  تعاود الظهور مجدداً و تسرق قلب سوهو
حب إيفا الأول الذي ما عرفت غيره

كانت هيونا فتاة منبهرة بأرائها و تفردها و مكرها و جمالها الذي نضج مبكراً عن سنها
و كان يمكنها أن تحتال على البشاعة و تُحيلها جمالاً
كانت ترى في شهقات الآخرين المعذبة من أجلها مصدر إزعاج لهدوئها
كانت ترى نفسها كضوءٍ ملونٍ ينبغي لمن حولها الإنبهار به و إتباعه
إبتسمت إيفا بمرارة ، ثم إتسعت لترتقي الى ضحكة
ضحكت سخريةً على وضعها المزري ، دافعةً باب شقتها
كأنها قد أصيبت بمسٍ من الشيطان عينه

الضوء مشتعل ، لكنها متأكدة أنها أطفئته عند خروجها
سمعت صوت حركة ما
فجف الدم في عروقها ، متخيلةً أنهم أفراد الشرطة ، بهُتت بشرتها أكثر
- هيوني!!

شعرت إيفا بشيء من الدهشة ، وعيناها تحاولان دون طائل إستيعاب منظر هيونا بالكامل ، تحاول إستيعاب المشهد المرسوم أمامها
فعلى إمتداد سريرها الواسع ، تربعت درزينات المال مرفوعة كقلعة رمل
بجانب أكياس براعم الحشيش الممتدة أولها الى أخرها حتى الخزانة الصغيرة لرأس السرير

- ما الذي تفعلينه هنا ؟
( سألتها هيونا بملامح تشف عن رؤيتها لجني رجيم )
ليس من المفروض أن تعودي.

يواشك عقل إيفا على جنون  :
- عفوا ؟!!
(كان صدى جملة هيونا يتردد مثل طنين نحل)
ما الذي يعنيه كلامك هذا ؟

نبرت هيونا بصوت مهتز عالٍ :
- لا أقصد شيئاً.

كان بإمكان إيفا رؤية إرتجاف شفتها العليا بوضوح ، و عينيها اللتان تهربان بهما عنها
ثم حوّلت إيفا نظرها متفحصة  أكياس الحشيش و أربطة المال
بدأت بربط جملة هيونا مع توترها و كذبها المفضوحين
و ايضا مع  أكوام المال و الحشيش
نفت بكلا الجانبين راسها كأنها تزيح الفكرة التي ابت إلا و أن تتشبث عقلها

- هل كنت تعلمين أنه كمين ؟ ( صرخت إيفا ) هل أرسلتني الى هناك و أنت تعلمين أنه فخ ؟!

تلكأت هيونا:
- لا .. لا .. ليـــ .. ليس الأمر صحيحاً .
أرادت إيفا أن تصدقها لكن الوقائع تقول عكس هذا
إمتلأت عينيها بالدموع :
- و أمي ؟ ( همست بحشرجة ) ألم يخطر ببالك للحظة ما الذي كان سيحدث لها لو أني سجنت؟

- إيفا.

- أخرجي (قالتها في هدوء) خذي قذارتك هذه و أخرجي من هنا يا هيونا .

إقتربت منها هيونا ، رفعت يدها لتلمسها ، الا أن إيفا نفضتها عنها مبتعدة :
- فلتخرجي فوراً. ( صرخت مهتزة )

بدأت هيونا بلمّ كل شيء دون محاولة ثانية لإسترضاء  إيفا
ثم خرجت ، لكن أثرها باقٍ ، رائحتها عالقة بالمكان ، و جرحها عميق بقلب إيفا
الأخيرة التي رمتّ ثقلها على الأرض متكورةً باكية
تهتز مع كل دمعة تشق خدها

مال الخط الأحمر على مفردةٍ  كانت تهبها الروح
صديقتها
التي طالما إتكأت عليها مثل عصى تمدها القوة و الدعم
كان وجع إيفا لا يقّدر
فقد كانت تهشُ على الحزن بعبق رفقتها
هيونا ، كانت تمثل كل ما تبقى من الصداقة
وفي لحظة ما عادت تمثل شيئاً




في تمام التاسعة صباحاً لليوم التالي، موعد فتح بنك سيئول المتحد
كانت إيفا واقفة هناك، هي لم تنم ، و منذ خيوط الفجر الأولى

دفعت إيجار الشقة و قررت تركها
ثم مرّت على مشفى و الدتها وقدمت طلب نقلها لمشفى خاص ، بمستوى عالٍ
جهزت كل شيء  كمن قرر أن ينتحر و لم يعد يريد أن يتوهم بأي أمل وارد
مدّت الشيك بيدين واثقتين للشاب الجالس.
سألها موظف البنك مبتسماً بأدب:
- بطاقتك الشخصية آنستي .

إنها المرة الرابعة التي يطلب منها ما يثبت شخصيتها في أقل من إثنتي عشرة ساعة
وهي تعطي ردّ الفعل المتوتر نفسه في كل مرة
مسحت يديها المتعرقة على بنطالها قبل أن تأخذ الكيس الثقيل نسبياً المليء بأوراق المال من الشيّك الذي صرفته

و كمن يهرب من موتٍ أسود يكاد أن يظفر به ، هربت بخطى سريعة خارج البنك
قاصدةً إيقاف تاكسي
آخر خطوة و بعدها ستوصد على باب ماضيها ، لتبدأ من جديد

رفعت يدها لأعلى هاتفة :
- تاااك...

وفي لمح البصر ، تم كتّم صوتها ، يد قوية كالحجر ، و جسد كالغرانيت يجرها للخلف،
ويرمي بها داخل حافلة متوسطة الحجم سوداء شأنها شأن جميع النوافذ
و الرجلين اللذين بداخلها

نفس الأعين التي شهدت إسطوانة مسدس الأمس
تشهد إسطوانة آخرى لليوم
- لا تصرخي و إلا تلقين حتفك .

تعرفت إيفا فوراً على الصوت
الذي أكمل بنفس اللهجة الغاضبة الساخنة :
- من أنتِ؟ ومن أرسلكِ؟

مجدداً ضربت دموعها الأبية وجنتيها ،  فقد عبّرت إيفا الآن الحّد الفاصل بين تحملها و إنهيارها الكبير

صرخ يوو جي.تاي متجهم الوجه:
- من أنتِ تحدثي بسرعة ؟
- لم يرسلني أحد ( بلعت إيفا قصتها بألم) أقسم بذلك.

رفع الرجل بجانب يوو جي.تاي مسدسه ، مُعمّراً له  ليحدث صوتاً مفرقعاً و مخيفاً
  حابساً الهواء في رئتيها :
- لا تكذبي ( هددها) سأفرغ هذا في تجويف رأسك.

إرتعدت أوصالها منتحبة :
- إنها صدفة ، اقسم لكما إنها الحقيقة ، أنا فقط أريد المال ،
المال لا غير.

أمر يوو جي.تاي مرافقه مظهراً لامبالة حقيقية:
- إنها لا تريد الحديث ، تخلص منها.
صرخت إيفا مرتميةً في أرضية الحافلة عند قدميّ يوو جي.تاي في المسافة الضيقة الفاصلة بين الكراسي :
- أرجوك . لا لا يووجي شي ، سأتحدث بكل شيء ، كنتُ هاربة مطاردة (تحدثت بلهجة سريعة مبعثرة) قد تورطتُ بمشكلةٍ
قصدتُ الملهى لأختبيء داخله

( إتخذ بكائها نشيجاً قوياً)
قادني القدر إليك ، أردتُ الإختباء فقط لبعض الوقت ، أقسم بأنني لا أعرفك و لم يقم أي شخص بإرسالي
( تقطّعت أنفاسها و ثخن صوتها)
أمي .. أحتاج المال من أجل أوومّااه ( قالتها بكلمة متخمة بالغنّة وهي متشبثةً بقدمي يوو جي.تاي أكثر )

أمي تُحتضر يلزمني المال لأجل عملية زراعة كبد لها ،
سأفعل أي شيء ( صرخت بهسترية ) سأقوم بفعل أي شيء

فقط دعني أخذ المال من أجل أمي ، أرجوك يووجي شي ، أتوسل إليك.

ساد الصمت المكان ، إلا من بكائها الذي لم تدخره.
فقد كانت لا تبكي توسلاً لروحها فقط .

بل كانت تبكي أمها ، و رفيقتها التي سددت إليها طعنة قاتلة في الظهر
و أخيراً حبها الأول الذي لم يدري أو يشعر بها أبداً
عن التلويحة الأخيرة التي لوحت له بها
وتلك الإبتسامة التي لم يلتفت ليراها
دمعها الذي أخفته عنه بعناية
ربما لن تحظى برؤيته مرة آخرى
لكنها ستظل غارقة في حبه
و حزنه للأبد


لكن  لو أن إيفا خيرت بما تتمناه من الدنيا أجمع لقالت:
- دعونا نقتسم هذا العالم، خذوا كل شيء و أتركوا لي قلب أمي.

أشار يوو جي.تاي لسائق الحافلة بالتحرك، ليتجه الى أحد المباني المهجورة ،
التي يستخدمونها لأمور الإستجواب وما شبهه
أُجبرت إيفا المكوث فيه ، لحين يتأكد يوو جي.تاي صحة قولها
كان المبنى يخص مصنعاً خالٍ من أي لمسة حياة
بمساحة واسعة و خالية الا من الكثير و الكثير من الكراتين و الأكياس الفارغة

كانت إيفا تجلس على الأرضية الإسمنتية الباردة وعلى رأسها مرافق يوو جي.تاي بسلاحه الجاهز للإطلاق ما إن أتت بأي حركة مريبة
الأخير الذي لم يستغرقه أمر البحث في خلفية إيفا طويلاً بجانب  المعلومات التي مدتهم بها و تفاصيل حياتها و عناوينها .

إنتزع صوت يوو جي.تاي الهدوء الذي غشاها لدقائق :
- خذي.

فرفعت رأسها لتقاصد قارورة المياه التي مدها لها
كان صوته لطيفاّ ملامحه مريحة ، بعكس الساعتين الأنفة

أخذتها منه منهارة القوة ، بأعصاب تالفة كلياً
- هل بتِ أفضل؟ (إبتسم لها بصفاء)

أومأت رأسها متجرعةً من الماء
- حسناً .. ( تنحنح منظفاً حلقه )

و حدجته إيفا بنظرة خاوية من الأمل و الحياة
- تحققتُ صدقكِ ، يمكنك الذهاب ، لكن قبل ذلك لديّ شروط.
تنفست إيفا الصُعداء مستقيمة كأنها جثة ميت قد بعث للحياة :
- أيّ شيء.

- بالنسبة لعقد الزواج ، سيستمر الأمر ، التزمي السرية و الشروط جميعها حتى إنقضاء المدة و يتم الطلاق.

- سأفعل.

- و ستحصلين على كامل المبلغ كما هو متفق.

عضت تجويف فمها غير قادرة الردّ
ثم مدت يدها لتأخذ البطاقة من يد يوو جي.تاي ، الذي ما زال يرسم ذات الإبتسامة :
- إتصلي بي في أيّ وقت ، ما إن لزّم الأمر .

أحنت رأسها ممتنة ماسحةً دموعها مرتبةً شعرها الذي انتفخ اكثر
و يوو جي.تاي الذي يراقبها مهدياً لها إبتسامة
إبتسامته التي تغلف حذره و تشكيكه الدائم من كل شيء

وكان في غاية الحزم المغلف باللطف، فهو في واقع الحال يسيء الظن بدرجة مرعبة
لطالما كان عريقاً في تصورات سوء الظن منذ أن وعي على الدنيا
إبتسامته التي إتسعت فقط ليطمئن بها إيفا، بعد أن وجد أنها أكثر من ملائمة للزواج من سيده كيو هيون

فهي غضة يانعة ، لا تمتلك من الدنيا غير أمها طريحة الفراش
يوو جي.تاي الذي يؤمن بقوة المال ، فعلى النقيض يؤمن أيضاً بقهر الفقر
الفقراء هم الأسهل تحكماً بهم دائما
فالعوز يسحق دون أن تأخذه بهم رحمة أو رأفة

عاش يوو جي.تاي بمنطق واحد، أنه تبدأ المشكلات حين يتعامل معك
الآخرون على أنك ملاك
و تنهار حياتك بالكامل حين تود تأكيد ذلك لهم
الله يحبنا بأخطائنا ، بنقصنا
لذا نحن لسنا بحاجة لأجنحة بيضاء و هالة من ضوء تلوح فوق رؤوسنا


يتتببع . . . .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق