الجمعة، 30 يونيو 2017

حافة الحياة : The Fate (الفصل الرابع )

 . > حافة الحياة < .
.. الفصل الرابع ..

                           
                  BY : KIM NANA    


                    
   
 القدر لا يلهو ولا يُمازحنا، وكل صِدفةٍ هي تكتيك منه..
 __________________________________

البشر يميلون الي الإدعاء من حين لآخر أنهم (او هكذا هم حقاً) ، في البلاد الخطأ  ، أنهم ايضاً عاشوا في العصر الخطأ ، 

مع الأناس الخطأ، درسوا التخصص الخطأ ، و وقعوا في حب الشخص الخطأ ، و اتخذوا قرارات خاطئة ، لدوافع خاطئة 



لكننا جميعاً او أقل بقليل ، نثق بطريقة مريحة ، اننا بُعثنا للحياة في الرّحم الأكثر صواباً، لدرجة لا يمكننا فيها حتي تخيّل وجود نسبة خطأ،



القدر هو سر الحياة، أو هكذا ينبغي له أن يكون،
الاخير الذي ربط خيوط كيو هيون و إيفا سوياً قبيل لقاءهما حتى



إيفا التي كانت تَبعدُ خطوات عن زوجها دون أن تعي لذلك
كانت تقصد أن تبتسم و تّرد بوضوح على كل من يسألها عن كيفية إيجادها التسجيل الذي إشتهر منقذاً للقضية و لإسم سيدلي أوستن



لتصبح إيفا  ذات صيّت بسببه :
- لأنني إهتممتُ بالزبونة.

كانت بجوابها كما لو أنها تُحيّك إنقلاباً ضد قيّم كيو هيون التي زرعها في ألباب الموظفين

- إيفا ( جاءها نداء كيو هيون من خلفها كوقع السوط على الجلد ، ليُعم الصمت الصالة المستطيلة المليئة بالموظفين ) إتبعيني، الى مكتبي.

كانت نبرته مقتضبة ، عينيه تملكان ذلك اللمعان المعدني البارد ، إنتظر لحظة ترقباً لأي سؤال منها

فلما ظلت صامتة إستدار و تبِعته وهي مسلوبة الوعي ، تناظر خصلات شعره الكستنائي المهتزة مع كل خطوة يخطوها

شعرت بدبيب غريب جعل دقات قلبها تتسارع ، فلم تكن مستعدةً ابداً لما ينوي كيو هيون قوله ، دلف حجرة مكتبه


جلست بعد أن دعاها، ثم شرع دون تمهيد بنبرات هادئة و لهجة الأمر الواقع :

- ستكونين أنت مساعدتي.


تلعثمت :

- ع..عف..وا !


إستئناف حديثه :

- كل ما عليك هو الحضور قبلي و الإنصراف بعدي ( مسد ذقنه الحليقة حديثاً) و الامتثال لأوامري.

أفحمتها الدهشة، فيما لم يزد كيو هيون على ما قاله ، كأنه يُمهلها لتستجمع شتات ذهنها

اخذت تتململ في كرسيها ثم تمالكت نفسها اخيراً :

- لكن تشانيول ( غمغمت تحدجه بعينين أصبحتا الآن أكثر بريقاً) هو من حمّل كامل القضية على كتفيه بنجاح.

- النجاح!! ( رمقها بنظرة غائرة و إفتعل ضحكة قصيرة) أنا هو من يصنع النجاح ( أرخى إبتسامته ) أفهم من حديثك انك تشككينّ قراري؟

تمتمت بصوت منخفض و نبرة محترمة :
- لا. بالطبع لا محامي كيون.

-جيّد ( تابع بصراحة) لنقل أن لديك شيء أنا لا أحبذ إستخدامه على عكسك المفرط.

أعادت غرة شعرها خلف اذنها خافضةً نظرها، إذ لم تتجرأ أن تسأله عن الشيء الذي قصده فقد كان واضحاً جلياً.

كيوهيون:  خذي ( مّد نحوها ملفين باللون الأخضر) أريد تقريراً عن هاذين.


تناولتهما عنه ، فأكمل:

-يمكنك الذهاب.



اجابته مكتفية بهزة من رأسها ، ثم خطت محتضنة الملفين 

تُصنف القضايا هنا وفقا لأهميتها ، من اللون الأخضر حتى الأسود مرورا ً بالأصفر و الاحمر.

اللون الأخضر يعني أنها معاملة باردة ربما قيد بيع-شراء أو إيجاد عنوان ما،

ولجت مكتبها المشترك مع تشانيول و سول ، الاخيرة التي وقفت بتوتر ،  واضعةً كلتا يديها على كتفي ايفا :

- مالذي حدث ؟ هل وبخك؟

- بل على العكس (اشارت بالملفين) لقد اتخذني مساعدة له.

- واااه ( قفزت كما لو أن عقرب لدغتها و إحتضنتها) تهانيا لك.

ولم يكن أمام إيفا الا أن تبتسم تبادلها العناق، فبالرغم من نيتها بعدم صنع صداقات جديدة جراء ما نالها  من  هيونا، 

الا أن سول من ذلك النوع الشفاف النقي الذي يقتحمك دون مبرر أو منطق،
فَصَل عناقهما الودود،  صوت صفع الباب عنفاً جراء خروج تشانيول

و ضعت سول يدها فوق فمها لتخفي ابتسامتها الشامتة : 
- لقد كان واثقاً من إختيارالمحامي كيون له ( تنهدت) ياللمسكين.

ضحكت إيفا على ملامح سول الطفولية الممزوج على غير تناسق بالخبث :
- يبدو كذلك.

تحدثت سول بصوت فيه مسحة من التأنيب: - سأذهب للحديث معه.

أيدتها إيفا ، ثم تنفست الصُعداء متخذةً مكانها خلف مكتبها،
وكما خمنت أنفا كان أحد محتوى الملفين قيد بيع عقار ضخم ،
  ثم همت في كتابة التقرير عنه

بينما في الخارج كان تشانيول مسنداً ثقله على حائط الممر، بملامح باردة وجبين حزين ،
 ألقى نظرة خاطفة نحو سول التي قصدته ،ثم أطرق برأسه 

ينظر حيث حذائه الأسود الرياضي، بعد أن زاد من حدة تقطيبته ،
كأنه يعلن بها عدم الرغبة لتواجد سول

لكنها إقتربت منه، و أرخت جسدها،
و جعلت تنظر لوجه تشانيول من الأسفل،
شعرت بالسرور وهي ترى ملامحه المتفاجئة من حركتها و عيناه التي إرتقت من الحزن للإضطراب

فرفع رأسه و بصوت جاد نطق:
-هل إكتفيت من الشفقة و الضحك عليّ مع رفيقتك؟!

تعجبت سول و اندهشت، نظرت نحو باب مكتبهم الخشبي المغلق ثم اليه:
-واااه!! هل إستطعت سماعنا حقاً (مسددت أسفل رقبتها) يبدو أن أذنيك الطائرة ليست من فراغ.

 إنتبهت سول لما تفوهت به من حماقة ، و غطت فمها بكلتى يديها في حركة طفولية، و عيناها تدور في الإتجاهين كيلا تلتقي بعينيه

لم يعلق تشانيول على كلامها، فقط إنفجر في ضحكة طويلة، وو جدت سول نفسها تشاركه الضحك 

وهي تهيم في وجهه المحبب الذي صغُر لعشر سنوات على الأقل إستهل تشانيول بعد أن إستعاد أنفاسه من نوبة الضحك :
- إذا.

سول : جئت فقط لأقول لك لا تستاء ففي النهاية هو اختيار المحامي كيون.

ضاقت عيناه محدقاً في ملامحها الطيبة اللذيذة التي ذكرته برغيف الخبز الحار:
 - تردينّ أن تخففي عني حقاً؟!

شعرت بعدم قدرتها على الرفض فهزت رأسها دليل الموافقة

فواصل تشانيول كلامه:
 - فلترافقيني .

تحرك أمامها ، كان واثقاً من أنها ستتبع خطواته
وهي لم تخيب ظنه،  

هتفت : و الدوام؟

أجابها دون أن يلتفت:
- رأيتُ المحامية سو دام تخرج برفقة السكرتيرة هايكيو منذ برهة.

ضحكت :  حسناً. إلى أين سنذهب؟

 نبر : سباق حيوانات أليفة، سلاحف إن أردت الدقة.  

غمر وجهها ظل عندما هزّت رأسها:
 - تمزح صحيح؟!!

لكنه لم يجبها و إستمر بالتقدم
خرجا الى الباحة الخلفية لمبنى سيدلي أوستن ، حيث صف تشانيول سيارته 

كانت الغيوم متفرقة بيضاء، تسبح بنعومة في زرقة السماء الهادئ ،
 إستشفت سول دفئاً خفيفاً مقارنةً ببرودة الصباح ،

 أو لربما وجود تشانيول بطوله المهيب جانبها كان يزيد من ضخ الدم لأطرافها.

 إتكئ الأخير بذراعه على باب سيارته الجيب الحمراء ، و شعره البني يتوهج تحت أشعة الشمس الباهتة ، و تعلو ملامحه إبتسامة لطيفة عكس ما كان يظهره منذ عرفته سول، 

كأنه قد تحرك من أقصى الهدوء و البرود إلى أقصى الصخب و الإشتعال.  إعتلى مقعده و صك الباب :
 - إصعدي.

جلست بجانبه و تحرك بسيارته لمسافة لا تقل عن النصف ساعة ، حتى وصلا وجهتهما ،
كان مبنى قديماً من الخارج بجانب مسرح ما  لكنه كان من الداخل واسعاً ، بسقف عالٍ ، أشبه بقاعة أفراح عتيقة.

 إندهشت سول لنظافة و رقي المكان ، إذ خيل إليها مع ذكر تشانيول لسباق حيوانات أليفة ، أن المكان ستكون كلمة قذر أقل ما تقال عنه.

  جلسا على طاولة صغيرة منزوية ، إقتربت نادلة من طاولتهما و حيته بإسمه كما فعل حارس الباب ، فخمنت سول أنه زبون معتاد ، و ضحكت على ميوله الغريب هذا

سألت النادلة :
- الطلب المعتاد سيد بارك؟

 نفى تشانيول برأسه ، اذ كان يتضور جوعاً :
- و جبتين من المعكرونة الملونة و طلب دجاج بالصلصة الحارة، وقهوة .

 حول نظره لسول التي أعربت :
 - أنا سأكتفي بالقهوة.  

سجلت النادلة على دفترها الصغير :
- و المراهنة؟ من ستختار هذه المرة ، جونيثان أم لوكاس أم الجميلة فلورا؟!  

 غمز لها بعينه :
 - سأتراهن أولاً مع رفيقتي.

   إكتفت النادلة بإحناء رأسها و إبتعدت بعد أن قالت : جيّد. سأعود بعد قليل.  

رفعت سول حاجباً دون الآخر : هل هي أسماء السلاحف؟

شقت إبتسامة رغيدة وجه تشانيول : أصبت ، جونيثان الأكبر سناً و الأقوى ، لكنني أفضل لوكاس ، أما فلورا فهى الأنثى بينهما لكنها سريعة رغم سنها الصغير.  

حدقت فيه صامتة قبل أن تسأله : ستختار لوكاس؟ (أومأ تشانيول أنّ نعم فأكملت) حسنا. سأراهن على فلورا اذا .

إشتّد فم تشانيول ليصبح أشبه بقوسين رفيعين :
 -و عندما أفوز بالرهان، ستقومين بمناداتي ب سنبانيم (لقب تفخيم بمعنى شخص أعلى مكانة علمية منك) لمدة عشرة أيام.

أسندت سول ذقنها على أصابعها المشبكتين و قلبت عينيها بدلالة أنها تفكر

  إلا أن تشانيول حرك سبابته أمام و جهها :

 -لا . لا تفكري بشيء لنفسك (نفخ صدره بغرور) أعدك أنني سأفوز في الرهان.

أخذت ملامحها تتمرجح بين غيظها منه و ضحكها معه ، لكن نظرات الفضول و الإعجاب هي من سيطرت.

 فتشانيول الذي إعتقل ذهن سول منذ اللحظة الأولى، و تجسس على مشاعرها ، و رمى شباك توقعاته عليها ليصبح مصدراً مستقبلي لأحلامها

 بينما كان هو في واقع الأمر ، و حتى لا تتلف مشاعره ، كان يحفظها في مكان بارد و جاف ، و اذا ما إحتاج لبعضها ، يقوم بتدفئة مقدار مناسب منا ، ما يكفي شهية الروح في اللحظة الملائمة كما اليوم


~.~.~.~.~

على الجهة الغربية البعيدة للحديقة المخصصة للأعمال وفي حانة جو على وجه التحديد
تجرعت هايكيو من كأس عصيرها وهي ترقب سو دام التي قوست حاجبيها كأنها وجدت حلا للغز معقد:
-  أيكون قد اختار إيفا تنكيلاً بنا أنا و هيون بين؟

نفت هايكيو برأسها : 
- لا اظن . إن كيون أذكى من أن يفعل ذلك.

أطبقت سو دام فمها متابعة الحفر داخل رأسها بعزم ، لتجد مبرراً منطقياً لإختيار كيو هيون 

فبالرغم من أنها قد تركت له الخيار ، الا أنها كانت متيقنة من إختياره لتشانيول كيقين الاخير نفسه

بينما هايكيو إنشغلت بالأضواء التي تتراقص انعكاساً من كأسها الفضي على الخشب الداكن لحانة جو ، أو كما يلقبها كيو هيون بالوكّر

فحانة جو نظراً لإسم مالكها الشاب جو كانت لا تخلو من موظفي سيدلي اوستن لا ليلاً و لا نهاراً خصوصا هايكيو و سودام

و جو الذي وجد نفسه مع الأيام يقيم مطبخاً صغيراً بسببهم يقتصر على المشروبات الساخنة و الفطائر المحلاة و الدونات

همهمت هايكيو وهي تأكل حبة من الشوكلاتة التي أهداها لهما جو بمناسبة عيد ميلاد زوجته :
-  لم تخبريني كيف جرى موعدك الغرامي مع جاي ووك؟

إرتشفت سو دام قهوتها : 
- آيغووه ، لا تذكري الامر أرجوك، كان كارثياً.

هايكيو مضيقة بين حاجبيها : 
- لماذا؟ ، ظننتُ أن جاي ووك هو المنشود.

عضت سو دام شفتها السُفلى : 
- أنتِ لم ترينه عندما بدأ الحديث عن و الدته إنه مثال للسوء.

هايكيو مصرحةً بزهد :
-  أنتِ تتقصينّ السلبيات وما أن تجدينها حتى تتمسكين بها  لترفضينّ الشُبان ( طرقت أصابعها فوق الطاولة مُنبهة) إنه الثالث خلال فترة قصيرة يا سو دام.

أطرقت الأخيرة رأسها إذ أن ما قالته هايكيو  لم يكن سوى الحقيقة فجاي ووك كان مثالياً بالمعنى الحرفي للكلمة.

- هل مازالتِ تفكيرنّ  به للآن؟ (سألت هايكو)

خُطف نَفَس سو دام لثانية فهي تعي من قصدت هايكيو بسؤالها ، قبل أن تنفي برأسها : لا .



كذبت على نفسها قبل ان تكذب على هايكيو 

ثم إستحضرت وجهه الذي إختزلته في ذاكرتها و يحجبه القدر
فهي من كانت تعّول على الحياة طوال سنوات أن تصنع شيئا يصلحها معه

مع حبيب عمرها الذي ما أحبت قبله أو بعده
فمنذ أن فارقته وهي إمراة رخامية تتأمل الحب ببلادة،  و أي شاب يعجب بها أو يقترب
 كان يتكسر مرتطماً بتصخرها


~.~.~.~.~


طَرق باب مكتب هيون بين  أحد موظفيّ الطابق الثاني عشر ، بيد أنه لم يكن يقصده بل يقصد كيو هيون المثقل رأسه على أحد الكراسي

طمعاً في بعض الراحة ، فمكتب هيون بين كان منزوياً لا تصله حركة الموظفين الدؤبة كما الزنابير

- عفواً محامي كيون، لقد وصلا كلٌ من الآنسة ريتا و شقيقها.

وقف كيو هيون يمّط عضلاته المتيبسة :
- حسناً.

إستقام هيون بين على قدميه يسوي سترته :
- هيا بنا.

- هل ستحضر؟

- نعم.

أكد عليه كيو هيون :
- هل ستحضر حقاً؟

هيون بين نبر بإستعلاء:
- لقد كان والدهما السيد جرهام صديق أبي.

أفسح كيو هيون المجال سامحاً له بتقدمه ، و قد رسمت على شفتيه شبه إبتسامة يتخللها العجب، فهيون بين توقف منذ سنوات عن التدخل أو الإستماع مهما كان تصنّيف القضية.

 كانت ريتا فتاة خلابّة الأنوثة ،
 ذات عيون بندقية واسعة وشعر بني ذو لمعة حمراء طبيعية

جلس هيون بين بجانب كيو هيون مستمعاً لأسئلة الأخير ،
و إجابات ريتا المصحوبة بدموع الأسى و الظلم

كان تمسك أيديّ الأخوين بعضهما البعض يروي قصة نضالهما طوال الحرب الطاحنة ضد أخوهما غير الشقيق ووالدته بشكل جلي

رغم أن والدة  ريتا هي الأصغر و الزوجة الثانية لجرهام ،
إلا أنها من إستحوذت كامل قلبه ،
حيث تعرفت عليه أثناء زيارته لمدينة الحب باريس الواقعة في فرنسا 

سلبته لُبه بشخصيتها المتزنة و العفوية و المرحة على نحو مفرّط ،
تزوجا من فورهما وعاشا لسنوات سعيدة معاً أثمرت بولادة ريتا وشقيقها الصغير

حتى توفيا أثر حادث سيّر مؤسف،
 ليخلف جرهام ورائه ثروة لا بأس بها

و لطمع أخوهما غير الشقيق الأكبر، وحقد والدته اللذان فعلا كل ما يجب وما لا يجب فعله ليستوليا على كامل الثروة.


~.~.~.~.~


الساعة تقارب السادسة مساءً عندما أخذ كيو هيون  يقطع المسافة قاصداً مكتبه، محاولاً التخلص من ألم كتفه بحمل كل مستندات قضية أسرة جرهام في يّد واحدة

رأى ظل شابٍ يستند على الحائط المقابل لمكتبه، يأرجح أحد قدميه في الهواء بضجر

إيفا!! ، تأملها بنظرة فاحصة ، إنها المرة الثانية التي يخطئ بكونها شاباً، لكن في الحقيقة ليس خطئه

بل خطأ ما تصنعه في نفسها، بملابسها المؤلمة للعينين ، كاد أن يسألها ما الذي تفعله هنا؟

إلا أنها  بادرت فور إنتباهها له :
- محامي كيون (حنت رأسها ثم مدّت له الملفين بجانب التقارير خاصتهما) التقريران.

هو في الحقيقة نسى كونه قد عينّها مساعدته الخاصة هذا الصباح

- حسناً. ( أومأ رأسه وخطى لمكتبه متجاهلاً الملفات بيديها، اذ لا يمكنه حمّل المزيد من الأوراق بكتفه هذا)

تبعته هي الى الداخل، إرتمى بثقل أكثر مما أراد على كرسي مكتبه الدوار، مسح عينيه بكسل على سطور التقريرين المثالية

إلا انه لم يبدِ أيّ تعليق غير همهمة مغتضبة ، و دون أن يرفع عينيه الكسولتين، ناولها نسخةً عن قضية أسرة جرهام

للحظة ترددت إيفا في أخذ الملف ذا اللون الأصفر، فقد ظنت أنه سيدفنها تحت كوم من الملفات الخضراء ، قبل أن يمنحها قضية حية تتنفس.

كيو هيون :
- قضية ميراث بسيطة (حرك سبابته في شبه دوائر) إفتحي الملف.

شرح لها بإيجاز ثم ختم حديثه :
- العائق الوحيد هو الزمن، جلسة الإستماع غداً عند الثانية عشر ظهراً (مطّ ظهره حتى انحنى الكرسي للخلف) حضريها قبلئذٍ (حرك يده) يمكنك الإنصراف.

على عكس الصباح لم يمنحها وقتاً لتسأل أو تستوعب ما يقوله،

إن كل ما يريده الآن العودة لمنزله و الغطس في حمام فقاقيع و مسح مرهم لعضلاته كتفه الممزقة على الأرجح.

إبتسمت إيفا التي لم تعي حقيقة أن كيو هيون قد رمى لها أمر تحضير الجلسة لينال قسطاً من الراحة وتدليل نفسه لا غير

وليس كما ظنت هي بأنه قد عرف إمكانياتها من خلال التقرير ووثق بها

أحنت رأسها ممتنة :
- لن أخيب ظنك.

لم يأتي كيو هيون بأي ردّ، اذ كان مشغولاً بتتفاقم فكرة داخل رأس بسرعة،
 كأنها بكتريا أخذت بالتكاثر في وسطها المثالي للنمو

الا وهي أن يهئ إيفا لمساعدته في تحمل كل القضايا لتيتح له فسحة أكبر للراحة

- شيء أخير (صرح بإبتسامة ماكرة).

- ماذا؟

- ستحضرينّ برفقتي جلسة إستماع الغد في المحكمة.

إرتسمت على ملامح إيفا إبتسامة رغيدة ، سرعان ما تبخرت عندما أكمل كيو هيون حديثه دون أدني جهد في أن يكون لبقاً :

- لذا إرتدي ملابس جيدة، تهذب من مظهرك الذكوري قليلاً.

أنهى جملته و ملامحه تشي بإنزعاجه الجلي من مظهرها.

بدت إيفا وقد بذلت جهداً كي تخفي غيظها خلف إبتسامة باردة، حملت الملف و توجهت صوب مكتبها

إرتدت معطفها ثم تناولت هاتفها لتجد خمس مكالمات فائتة من الطبيب هايد، خمس مكالمات يفصل بينهم دقائق

كانت كفيلة ببث الذعر في قلبها ، ضغطت فوق إسمه :
- هل حدث شيء؟، هل أمي بخير؟ ( تحدث فور أن فتح هايد الخط)

- إنها بخير لا تقلقي (تنحنح) هي فقط تحتاج لنقل صفائح دموية ، وتعلمين نظام بنك الدم.

شعرت بالقليل من الراحة التي لم تدم، فخطفت ملف قضية تركة جرهام، ثم همّت بالركض غير أبهة لأعين الموظفين القلائل التى ترافقها بفضول

بدت دقائق المصعد أطول و الطريق حيث المخرج لا نهاية له ، حيث أنها كادت أن تصدم حارسة الأمن 

إقتضب الأخير حاجبيه كما فعل كيو هيون عندما لحظها تركض لاهثة من وراء زجاج سيارته الجينيسيس G90 فضية اللون

 بينما سائقه يدور حولها ليتقعد كرسيه خلف المقود

تنهد كيو هيون اذ كان منهكاً و جائعاً للحدّ الذي يفوق أن يتعب رأسه بسؤال نفسه مرة ثانية ( لماذا هي تركض كما المجنون هاكذا؟ )

إيفا كانت تركض كما لو أن شياطين الأرض أجمع تطاردها ، وجُل تفكيرها محصور في أمها، و نظام بنك الدم الصارم

إذ هو يعطي في كامل الشهر كيسان من الدم فقط، وإذا ما احتاج أحدهم أكثر من ذلك ، لابد له ان يتبرع لهم بالدم بمقدار ما يريد أخذه

لا يشترط فيها زمرة معينة، نظام لا هوادة فيه ، وهو من سمح لبنك الدم الوطني الإستمرار بقوة لليوم دون أن يمر بأي أزمة

لكنه نظام ظالم بالنسبة لوضع إيفا، فمن أين لها أن تحضر ثلاثة متبرعين

قاومت دموعها وهي تشعر بفداحة وحدتها ، إنها وحيدة ، وحيدة للغاية

وصلت للمشفي ، بينما هي في إنتظار الطبيب هايد تمنت لو كان لها حظ هذه الطفلة التي تتوسط والديها

بحب كبير فوالدها يقوم بدغدغتها و تقبيلها حتى إنفجرت أساريرها بضحكة بريئة ملؤها البهجة

فتح هايد فمه بعد وصوله يسألها أن تطلب صديقها سوهو الحضور، إلا أنه أطبق الصمت متداركاً غبائه

فسوهو الذي ما كان ينقطع عن زيارة المشفى كل 4 أيام كحّد أقصى لم يظهر لأكثر من شهرين ، بجانب طلب إيفا منه ألا يخبره أي شي عنها ما إذا إلتقاه في مكان عمله الأول.

في ذات الثانية تحدث إيفا عبّر هاتفها بعد أن طال إنتظارها لمجيبها الذي ترددت طلبه في البدء :

- مرحبا يوو جي.تاي (تمهلت تطرق قدمها على الأرض) آسفة لأتصالي، لكن الأمر طارئ.

وصلها رده عبّر الهاتف:
- مرحباً. لا بأس إيفا ما الأمر؟

و شرعت تحكي له عن وضع والدتها، و ما يتحتمه بنك الدم من قوانين بنك بأيجاز.

نبر يوو جي.تاي :
- في الحقيقة أنا خارج سيئول (صمت لتضع إيفا تجويف فمها بخيبة أمل مريرة) لكني سأرسل لكِ من يتبرع، كم تحتاجين؟

دارت عينيها ناحية هايد تشاركه فرحتها التي طفحت من خلالهما :
- ثلاثة ، شكرا لكَ ( إنحنت كما لو أنه أمامها).

إبتسم يوو جي.تاي على الطرف الآخر :
- لم فعل شيئاً.

فهذا الأخير ، رغم ما ضمره من سوء نيةٍ في بادئ الأمر تجاه إيفا، إلا أنه و بطريقة ما أمسى يثق بها ، و قام بزيارة والدتها أكثر من مرة

و تطورت علاقته بهم ، عن من يشابه الإبن و الأخ الكبير.

و خلال النصف ساعة التالية التي دارت عقاربها ببطء نسبي على إيفا، حضر آدم و إثنين آخرين ، لابد و أنهم يعملون مع يوو جي.تاي 

قطعت هذه الفكرة رأس إيفا، فملابسهم الرسمية الموحدة السوداء، تشابه أناقة ما يرتديه.

كانت عينا آدم تكاد تخرج عن محجرها من إثرالفضول وهو يرقب إيفا في كل حركة تتخذها، هي المرة الأولى التي يطلبه فيها يوو جي.تاي أمراً مشابهاً

هل هي حبيبته؟ قريبته؟ أم شقيقة ضائعة؟ ، دارت كل الإحتمالات داخل رأس آدم الذي لم يستطع أن يروي فضوله بأي سؤال

و غادروا كما جاءوا بصمت، حتى أنهم رفضوا العصير الذي إبتاعته إيفا كإمتنان لهم

جاهد آدم نفسه كثيراً أن يترك الأمر برمته فهو بالطبع يثق ب يوو جي.تاي، لكنه بذات الوقت تتأكله الغيرة منه

و الفضل في هذا يرجع لكيو هيون الذي أسند كامل ثقته و أسراره ليوو جي.تاي

و كان آدم رجلاً جدياً و إنطوائياً يخشاه الجميع بسبب هيئته الشرسة، له قامة فارس و كتفا مصارع روماني

و نظرة صارمة ثاقبة و أثر جرح غائر  فوق حاجبه الأيسر، تعرف اليه يوو جي.تاي منذ سنوات بعيدة في معسكر كاسبي في أول إسبوع من التدريب


دامت بينهما علاقة إستمتت بالفتور من الناحية الشخصية على عكس العملية منها



اذ شكلا ثنائياً مذهلاً، حتى إتخذهما عراّب كيو هيون كحارسين للأخير 



و كيو هيون منذ البدء فضل يوو جي.تاي، اذ رأى في آدم طابع حيواني شرس أكثر من التعقل



و رغم ملامحه الإنفعالية التي ترعب كل من ناظره، الا أنه طيب القلب في دواخله الدافئة


إيفا التي تناظر سقف الغرفة الأبيض وهي ممدة على الكرسي و يتدلى من ساعدها أنبوب تتدفق منه دمائها ،و تنتهي عند كيس التبرع

و على يدها الآخرى هاتفها، أرادت الإتصال بيوو جي.تاي و شكره مجدداً، و إعلامه أن الأمر سار على خير ما يرام

هي لم تقل شيئاً لأصدقائه وهم في الأصل لم يسألوا عن شيء ، غير أن هاتفه كان خارج التغطية

همت بترك رسالة نصية له، إلا أن هاتفها فرغت بطاريته و أقفل لتغرق شاشته بالسواد

نظرت لنفسها في إنعكاس وجهها المرهق على الشاشة السوداء، شعرها المتطاير بشرتها ذات الحسنات المتفرقة و فمها المكتنز الجاف

أغمض عينيها غير مكترثة


تم نقل أكياس الصفائح الدموية الأربعة لأمها ، و إعادة فحص CBC* لها


- هي نائمة فقط (إبتسم هايد يطمئن إيفا مربتاً على كتفها)



همست :

- حمداً لله (تراقصت الأرض تحت قدميها قليلاً)


فثبتها هايد بكلتا يديه:

- أخبرتك أن ليس من الداعي تبرعك (أمرها) إجلسي.


- أنا بخير.



إلا أنه أسندها حيث الأريكة المقاربة لسرير أمها :

- تمددي و إرتاحي (ناولها علبة عصير) إشربيه عن آخره.


أطاعته إيفا ممتنة ، فعاود القول :

- سأمر على العنابر و أعود للأطمئنان عليكما.


أومأت برأسها أنّ نعم


خطى هايد خارج الغرفة ولم يلبث أن فعل حتى خالفت إيفا أوامره متذكرةً في تذمر أمر قضية تركة جرهام

بعد أن وقع الملف في مجال نظرها و الذي نسيت أمره كلياً

شرعت في تحضير الجلسة لكيو هيون بكل ما تبقى لها من قوة و تركيز


~.~.~.~.


كانت مدينة سيئول ما تزال تتثائب بكسل و أشعة الشمس تتسلل بخفة كأنها تفكر بالعودة حيث كانت 


لقد غفت جالسة، حركت أطرافها المشدودة بمهل ، رفعت هاتفها تريد التعرف على الوقت ، الا أنها تذكرت أنه مغلق منذ البارحة



حولت نظرها الى ساعة الحائط فوق سرير والدتها التي ما زالت نائمة تحت أثر المخدر



أطلقت صرخة مجلجلة :

- إنها الحادية عشر و عشرين دقيقة.


جرفت جميع الأوراق أمامها كما يجرف الطوافان أرض منحدرة، لم تأخذ حقيبة يدها 



ضرب برد الشارع أوصالها ، غير أنها لم تعود للأخذ سترتها



كما خرجت مساء الأمس راكضة، دخلت اليوم بنفس الوتيرة، نقرت أصابعها على الملف الذي رتبت أوراقه الآن داخل المصعد



فُتح الباب عند الطابق الثاني عشر، قصدت الجهة الشرقية من الطابق حيث مكتب كيو هيون



هيئت نفسها لتوبيخه، لكن عزائها أنها قد أنهت الجلسة بشكل جيد متكامل



غير أنها قد وجدت مكتبه خالٍ، أنبت نفسها على غبائها، بالطبع هو قد قصد قاعة المحكمة فقد تبقى للجلسة أربعون دقيقة



إستدارت عقبيها للخارج، إستقلت تاكسي الذي ظلت تلح على صاحبه أن يسرع على رأس كل دقيقة



صعدت أدراج سلم المحكمة العليا الواسع بشكل مدهش ، و كادت أن تتعثر فأدى ذلك الى إنفلات جزء من شعرها عن أنشقطه المطاطية



وقفت عند البوابات جاهلة أي إتجاه تقصد


- عفواً. (سألت أول من أولاها إنتباهه) هل لك أن تدلني على القاعة التي ستتم فيها جلسة قضية تركة جرهام، يشرف عليها المحامي كيون.

هزّ الرجل رأسه بالنفي كما فعل الذين بعده، فقد كان سؤالها هذا كمن يبحث عن الإبرة في تلة القش

- إيفاا!!! 
وصلها النداء لتلتفت لوجه كيون هيون بملامح وجهِ تشي بتعجبه المختلج كثيراً من الضيق

أعربت بصوت عالٍ غير أبهة لحُرمة المحكمة أو لمكانة كيو هيون، فهو المعروف برصانته

الجميع يعلم هذه الحقيقة ، المحامي كيو هيون من مؤوسسة سيدلي أوستن لا يطئ أرض المحكمة الا إذا كان واثقاً من الفوز

- آوه يا الهي. لقد خِفتُ ألا أجدك ( مدت ملف الجلسة)

تناوله كيو هيون ملتزماً الصمت، ثم لف أصابعه حول عضدها وقادها كما البعير الى الخارج في الساحة

أفلتها بقوة كادت أن تهوي معها الأرض:
- هل أنتِ مجنونة؟!

مسدت إيفا موضع ألمها منه ورغم ذلك سألت في برأة:
- لماذا؟!

كيو هيون الذي سرى بعينيه من شعرها المنتكش بإنتفاخة من إحد الجانبين، مع آثار النوم على عينيها ، و لعابها الجاف قرب فمها

فعلياً لم يصدق ما رأه و أكثر ما أثار حنقه هو حضورها بنفس ملابسها للأمس ، إضافة لكونها مجعدةً على نحو مستفز

 هل قصدت هذا؟ ، كونه قد نبهها بذّات لذلك البارحة (فكّر يصُك على أضراسه


أعاد لها الملف فقد إستشعر ببداية ثورة غضب عارمة تجاه هذه المخلوقة أمامه

ولم يكن مستبعداً من سيّاق ما بينهما 


فكان أول ما فعله هو أن عقد يديه وراء ظهره سأئلاً بحدة:

- لماذا هاتفك مغلق؟! ولماذا تأخرت؟! (زارد حدته في برود)
 ولماذا هذه الملابس بحق خالق الجحيم؟!! هل الأمر بنسبة لك لُعبة؟!!


تنبهت لنفسها فأخذت تربت على شعرها، وتشّد ملابسها قد المستطاع:

- ليس كذلك، ليلة أمس حدث أمر طارئ (تلكأت) ذهبتُ للمشفي أومّ....


زجرها مقاطعاً:

- لا أبّه أيّ مكان لعين قصدته (نصب سبابته في وجهها مهدداً) إسمعيني جيّداً، اذا ما تكرر منك ذات الشيء لن تري مني خيراً أبداً.

- أرجوك إسمعني.



زمجر كيو هيون ينقر على أظافر يده بفارغ الصبر:

- لتغربي عن وجهي حالاً يا إيفا.
ثم أزاحها بخشونة مقصودة عن أمامه.

 إنها تكرهه. هذا ما إعتمل في دواخلها وهي تناظر إبتعاده بين المارة متفادياً إستصدامه بهم، تمنت لو تقذفه بالملف على رأسه


تمتمت لنفسها : رأس كستناء غبي.


~.~.~.~.~


في الطابق الثاني عشر حيث مكتب سو دام ، إجتمع كلٌ منه و سول و تشانيول الأخير الذي لم يتحرر كليا ًمن غضبه حتى الآن



سو دام التي وجدت أن يمسي تشانيول مجرد موظف عادي بالطابق، لهدر كبير و خسارة فادحة ، 

فتشانيول مثل الشتلة المغروسة حديثاً ، ستنمو مائلة  أو تموت صغيرة إن لم يروها أحد ،
و ستورق و تثمر و ترمي بظلال الى أبعد مدى ، 

إن أُهتم بسقيانها ، فكونت لها فريق ثنائي منه هو و سول



أصابت بصيرتها فتشانيول شأن البذرة الصالحة أينما وضعت أنبتت



أعربت سول عن ملاحظتها تقلب الورق أمامها:

- إنها رابعة قضية يُطعن فيها من قبل شركة إنترنيشونال لو كومباني (.I.L.C) هذا الشهر فقط.

- إنترنيشونال لو كومباني (رددت سو دام إسمها على مهل) لقد سمعت بها قبلاً


عقب تشانيول :

- نعم. إنه فرع من الشركة الصينية المعروفة، فُتح حديثاً أنهم يعينون الرجال فقط (رفع ذقنه) أو الشباب على وجه الدقة.


لمعت عينا سو دام :

- الرجال فقط، دون النساء؟!!


تشانيول: أجل. أعتقد أن لمسؤول الفرع مبدئ أو مفهوم خاص حول هذا الأمر.



أغلقت سو دام ملفها و اولت الحديث كامل إهتمامها:

- و ماذا عنه؟!


همهم تشانيول قبل أن يصّرح:

- إنه يدعى كيم ، هذا كل ما تمكنتُ من معرفته، إسم عائلته.


- سأذهب أنا بدلاً منكما اذا (حسمت سو دام )



فهي بعد أن كانت قد طلبت من تشانيول و سول الذهاب بشكل أولي و إلقى نظرة دقيقة حول أمر الطعن في قضية النفط التي تتولاها سو دام



فالأخيرة التي طالما كان كل ما يتعلق بالقضايا النسائية يثير حفيظتها على نحو سيء، وقد شعرت بالعطب من المدعو بارك



أيّ ما يكون مبدئه أو فكره حول النساء، هي لا تريد معرفته، ستلقنه دراساً في القانون



ليرى ما بإمكان النساء أن يفعلنّ.


~.~.~.~


دخلت إيفا مكتب كيو هيون الفارغ، إستشعر جلدها المقشعر برداً لتوه بعض الدفء، الذي يصدر من المكتب الأبيض المجهز بتدفئة مركزية ، شأنه شأن جميع المكاتب 


ضربت بملف آل جرهام على سطح الطاولة بقوة مُتمتمة
-متخّلف.

عبئت رئتيها بأكبر قدر ممكن من الهواء ثم زفرت بضع مرات، علها تطفئ النار المعتملة في صدرها


كان مكتب كيو هيون بنفس حجم مكاتب الشركة ، لكنه يوحي إليك بأنه الأكبر عنهم، نظراً للون الأبيض الذي يسيطر على المكان



الرخام ، و السجادة العاجية التي تتوسطه من فوقها طاولة قصيرة بذات اللون 


بجانب أريكة جلدية بيضاء ، النوافذ الضخمة التي تطل على الحديقة

إقتربت إيفا مستندة جبهتها على الزجاج ، أخرجت نفسها آخر ، إرتسم بسببه شكلاً بخرياً شبه دائري


نظرت بزاوية عينها اليسرى الى ذاك القرص الأسود العملاق ، المتربع على قاعدة زجاجية كإحدى الجوائز العالمية ،
رفعت رأسها لتتضح لها، أنهنّ خمس إسطونات سوداء و ضخمة يتوسطهنّ لاصق أحمر، وقد وضعنّ على قواعد كريستالية

ممرت إيفا أصابعها بحذر فوق إسم المغني و توقيعه المرسومين عند وسطها

- مايكل جاكسون (قالتها بثغر مفتوح) وآآه أنه توقعيه.

مررت أناملها على كل إسطوانة وفمها يزداد إتساعه دهشةً مع كل إسم فنان أو فرقة بتوقيع جميع أعضائها

ولم يقتصر الأمر على ذلك بل وجدت مكتبة غنائية لعقود قديمة صُفت على رفوف خشب السندان

كانت تتنقل ببصرها وقد بدت نصف مبتهجة نصف مندهشة، وهي تضع سبابتها و تنطق إسم المغنين و ألبوماتهم، منهم من عرفته ومنهم من إرتسم شبحهم على رأسها ثم غاب

مع إبتسامتها التي يتبعها نفس حار حماسي

 الرف الأخير كان مخصصاً عن أكمله ل .K.R.Y ، الذي لم تعرف حقيقة ماهم، وبقدر ما اعتصرت ذاكرتها ألا انها لم تصل لشيء


لكن ذلك لم يخفف من ذهولها ، اذ كان لدهشتها وقعان 

الأول هو مجموعة إسطوانات الفونوغراف الفريدة و التي لا تقدر بثمن، و الثاني وهو الأقوى وقعاً 


كون المحامي كيون هيون يمتلك حساً و شغفاً بالغناء هكذا



تبخر غضبها عند تلك النقطة، كما لو أنه بقعة مطرية تبخرت أثر شمس حراقّة



قصدت مكتب كيو هيون بعد تصالحت مع الأخير داخلياً، أخذت الملف الذي رمته سابقاً ، هذبته ثم وضعته بأدب في المنتصف



بجانب بعض الملفات المصفوفة  بعضها فوق بعض، اخذت تقلب صفحات الملفات بألوانها المختلفة



تحت وطئت فضول يدها الذي لا تعرف له تحكماً



وقفت لترجع لذات الصفحة، تسارع نبض قلبها لتفتح الملف الذي يليه و يليه



هل هو ذات التوقيع؟!!



كيف لها أن تسأل نفسها هذا السؤال، هذا التوقيع الذي حفرة عميقاً، كنقش دق على جدار روحها



شعرت إيفا كما لو أن الأمر تم الترتيب له مسبقاً وليس بمحض صدفة، لم تتحرك ظلت مجذرة لبعض الوقت ، متوجسة إختفت جميع  أصوات العاملين بالخارج



لا يصل مسمعها غير صوت طنين، كأنها وحيدة في مكان لا نهاية له



وطيف ما هزيل باهت يقف عند أطراف المدى البصري، صداع داهم مقدمة رأسها



إلتفت حول الطاولة لترى إسمه محفور على قطعة من الزجاج المتلامع ، نائب الرئيس تشو كيو هيون


- تشو كيو هيون (قالتها ببطء هامسة كأن إسمه قد ترك طعماً ثقيلاً في فمها)


كيف أنها لم تنتبه للإسم أنفاً؟!!



خرجت من مكتبه بهدوء، ولم تتوقف حتى خطت خارج الشركة 



كانت أصوات أبواق السيارات تعبر أذنيها، كأنها على الجانب الآخر من الحي



سارت حتى وصلت محطة الحافلات، ثم تقعدت الكنبة الحديدية بثقل



شعرت بأن العالم يدور بها في فلك ثقيل رتيب 



كيف لكيون أن يكون هو نفسه زوجها تشوي كيو هيون؟!!



لطالما رسمت له شكلاً داخل مخيلتها وهو بعيد تماماً عن حقيقته



ماذا عليها أن تفعل؟، هل تهرب؟! ، هل تخبره؟!، هل تصمت و تظل؟!



كانت الأفكار تنهش دماغها كضباع أفريقية شرسة



أسندت رأسها على رأس الكنبة تناظر سقف المحطة الرمادي



تسللت من عينها دمعة وحيدة سالت على خدها و أستقرت أخيراً وراء شحمة أذنها



دمعة وحيدة لكنها ساخنة الى الحدّ الذي جعلها تغمض عينهيها بقوة



مرت دقائق طويلة، ربما غفت فيها أو ربما لم تغف شيئاً



لكنها رفعت رأسها أثر صوت بوق سيارة مزعج يصلها كنعيق البوم



تشبثت بما لديها من وعي يانع، فإذا بسيارة سو دام تقف أمامها وهي تناظرها من خلال زجاج النافذة الذي أنزلته



أشارت لها أن تأتي وهي تلوح بيدها دون توقف، نظرت إيفا اليها دون أن تبدي أي حركة 



غير شفتيها اللتان حركتهما بحروف لم تصل مسامع سو دام :

- ليس أنتِ، ليس الآن.


يتتبع ...

هناك 3 تعليقات:

  1. ما في أحلى من هيك والله ���� فظيعة بكل ما فيها الأحداث الشخصيات الأسلوب وكل شي مش معقول شو حلووو

    ردحذف
    الردود
    1. شكررا لك كتيير ، مافي احلا منك ،و حبك جدا ، و شكورا على مرورك و تعليقك الطيب ، أحبننك 😭😭😭💓💓💓😘😘😘

      حذف
    2. شكررا لك كتيير ، مافي احلا منك ،و حبك جدا ، و شكورا على مرورك و تعليقك الطيب ، أحبننك 😭😭😭💓💓💓😘😘😘

      حذف