Blood Lust
By: Sue & Nora
~~/~~
" اشعر بالبرد "
هذا ما فكرت به وهي تحاول استعادة وعيها
, تشعر بالبرد يقرص اطرافها , .. ماذا يحدث ؟!
صداع عنيف يطرق جدران رأسها ويجعلها عاجزة
عن التفكير لثوان قبل ان تقرر ان عليها فتح عينيها وتبدد ذلك الظلام , لكنهما لا يفتحا
حتى وان حاولت , هناك ما يضغط جفنيها بقوة ليجعلهما عاجزين عن الحركة , ادركت انها
معصوبة العينين .. لم يكن جفناها وحسب هم العاجزين عن الحركة بل اطرافها كذلك , تشعر
بالكرسي القاسِ الذي تجلس عليه يؤلم ظهرها وبالحبل الخشن يقيد يداها خلف ظهرها واقدامها
العارية مقيدة بقوة تمنع وصول الدم اليهما حتى كادت تفقد الاحساس بهما لولا البرد الذي
يقضم اصابعها , انه حلم .. لابد انها تحلم , لابد انه مجرد كابوس مخيف , لكن لم لا
ينتهي , لم البرد حقيقي ؟ لم الالم برأسها حقيقي ؟ تشعر بضغط الحبال على معصميها كلما
حاولت تحريكهما , كل شيء يبدو حقيقي لدرجة مخيفة , حاولت فتح عيناها , حاولت الحركة
, اي كابوس ثقيل هذا ؟! .. ادركت الحقيقة عند اول جرح سببه احتكاك معصمها بالحبل القاسي
, ليس حلماً , هذا الالم بالتأكيد حقيقي , انها مقيدة بالفعل , اصابها الهلع وجسدها
ينتفض بعنف محاولاً التحرر من قيوده , جفناها يحاربان ليتغلبا على العصابة , عدم قدرتها
على الرؤية تجعلها اكثر رعباً , زادت حركتها اضطراباً فلم تهتم بالجروح التي يسببها
الحبل على معصميها وساقيها وبدأت بالصراخ للنجدة , تصرخ لتعرف اين هي وماذا يحدث ومن
فعل بها هذا , تصرخ ليعيد اليها بصرها قبل ان يحررها حتى , حتى دموعها الخائفة استطاعت
التسلل عبر جفونها لتبلل عصابة عيناها وهي تصرخ ليجيبها احد , بلا فائدة , مرت الدقائق
وجسدها مازال ينتفض بعنف محاولاً التحرر وصراخها يعلو مختلطاً بشهقاتها المرتجفة حتى
جرحت حنجرتها فذبل صراخها ليصير مبحوحاً لكنها لم تتوقف عن محاربة قيودها .. حتى شعرت
بحركة حولها فتجمد جسدها كتمثال بلا روح
اونهي : من هناك ؟!
سمعت وقع خطوات تدق الارض برتابة كأن صاحبها
يقصد ان تسمعها
اونهي : انا اسمعك , من انت ؟ ماذا تريد
مني ؟ فك قيدي بالله عليك
حبست انفاسها وارهفت السمع فإذا بها تدرك
انه يدور حولها بهدوء , ليس مرة واحدة بل عدة مرات , فقط خطواته تدل على انه يدور حول
مقعدها وكأنه يحاول اثارة الرعب بقلبها وقد نجح فإذا بها تبكي متوسلة : انا لم افعل
شيئاً , اتوسل اليك دعني اذهب , ستموت امي قلقاً وخوفاً ان لم اعد
توقف .. خطواته توقفت خلفها وشعرت بحرارة
جسده وانفاسه قرب اذنها فحبست انفاسها بذعر
تسللت همساته كالفحيح الى اذنها لتجمد الدماء
في عروقها
" هذا مؤسف "
ارتعش جسدها لذلك الفحيح وشعرت بأنفاسه
الحارة تضرب جلد آذنها وجزء من عنقها آثار هذا الرعب بدواخلها أكثر حاولت استجماع شتات
نفسها المبعثرة وتهدئة نبضاتها التي تضرب بجنون
"من أنت"
بنبرتها المهتزة وبما تبقي لها من صوت أفرجت
عن كلماتها ,انتظرت عدة ثوان ولم يعطها رد كانت تعلم بأنه مازال يضع فمه عند أذنها
فهي تشعر بأنفاسه الساخنه مازالت تضرب بشرتها بطريقة يقشعر لها بدنها, أزدردرت لعابها
بخوف وهي تحاول الأفراج عن انفاسها بهدوء .. تحاول قدر الإمكان أن تهدأ ولكن كيف وهي
بداخل ذلك الظلام الذي يجعلها تشعر وكأن أنفاسها تضيق كل ثانية .. شعرت بحركته من جانبها
وبتلقائية ادارت رأسها تجاه الصوت .. وصل لأذنها صوت خطواته الرتيبة ثم اختفت فجأة
لتسمع من بعدها صوت ليس بغريب علي أذنيها أشياء تحتك ببعضها وكأنه يمرر جسم من المعدن
معدني فوق طاولة معدنية ببطء متعمداً اصدار صرير احتكاك المعادن ببعضها .. تري ما هذا!
مستحيل! هل يمكن أنه يخطط لقتلها الآن هذا ما جال بخاطرها قبل أن تصرخ
" أرجوك لا تفعل لا تقتلني أتوسل عليك دعني
أرحل ولن أخبر أحداً بما حدث, انا حتى لا اعرف شيئاً أتوسل إليك"
قالتها بإندفاع وهي تبكي و الخوف يغلف نبرتها
بوضوح , شهقت عدة شهقات ودموعها لا تزال تنهمر بشدة حتي أبتلت عصابة عينيها بالكامل,
شعرت به يقترب منها صوت خطواته يصبح أقرب ,شعرت به خلفها عندما أمتدت يده تمسح علي
شعرها برفق لينحني ويهمس بأذنها بفحيح كالسابق
" لن أقوم بقتلك, ليس الآن علي الأقل"
وعلي عكس ما طمأنتها جملته الأولي قليلاً
عادت الثانية لتدب الخوف بقلبها , لم يعطها فرصة للتفكير, شعرت بشئ حاد يمر علي ذراعها
من كتفها وحتي معصمها تأوهت بألم في البداية ولكن ازداد ضغطه عند منتصف ذراعها , بروده
معدن قاسِ وشفرة حادة شعرت بها تمزق جلدها فصرخت بصوتاً عالٍ مُحققه له مُراده ,يمكنها
أن تشعر كم أن الجرح عميق من كمية الدماء التي تشعر بها تسيل علي ذراعها ببطئ لتصل
ليدها ثم تتخلل أصابعها وتسقط علي الأرض قطرات تعانقها أو ربما هذا ما اعتقدته ,فهو
لم يكن ليسمح لقطرة واحدة بالهبوط لسطح الارض قبل أن يتلذذ بملمسها الناعم الذي يجعل
جسده ينتشي بطريقة غريبة محببة إلي قلبه , يداه تتحسسان ذراعها وهي تصرخ كلما مرر يده
فوق جُرحها
" أرجوك توقف دعني أرحل من هنا أزل
هذا الشئ عن عيني توقف رجاءاً "
صرخت ببكاء ولم يصلها رد سوي صوت ضحكاته
التي ترددت بالمكان تشعر به يربت علي رأسها وكأنه يسخر منها ثم يعود ليعبث بتلك الأدوات
المعدنية مرة آخري لعدة ثوان
"تحبين العطور"
همس بها ببطئ متقطعة ولم يعطها فرصة الرد
لتشعر بسائل بارد يسكب فوق ذراعها ثم يحرقها بشدة عند جُرحها لتصرخ وتحرك جسدها بقوة
محاولة فك تلك الحبال التي تقيدها لم تهتم كم كانت الحبال خشنة تجرح جلدها الناعم ولكن
ظلت تحاول وهي تصرخ ملئ حنجرتها
"هذا يكفي أرجوك توقف "
لم تعلم انه لم يكن ليتوقف , ليس وهو يسمع
صراخها , ليس وهو يشاهد دمهما يسيل ممتزجاً بعطره المفضل ليعطيه رونقاً مميزاً يسكره
, هدأت صرخاتها مع توقف الكحول عن لسع جرحها لكن بكاؤها ازداد لوعة وجسدها لا يتوقف
عن الارتجاف , لم يحدث لها هذا ؟ ماذا فعلت ؟ لم هي بالذات ؟ , ارادت ان تصرخ بهذا
من بين شهقاتها لكنه لم يعطها الفرصة فإذا به يقطع جروحاً عشوائية بذراعيها لتعود صرخاتها
تشق الظلام مرة اخرى حتى سمعت صوت ارتطام شفرته المعدنية بالارض يتبعها صوت انفاسه
المتلاحقة كأنه يقوم بمجهود اكبر من قدرته على التحمل , ثوان مرت وهي تبكي وتعلو شهقاتها
بألم وذعر دون حركة منه , حتى شعرت بكفاه يحيطان وجهها ملطخان خديها بسائل لزج دافئ
ادركت انه دمها فحاولت تحرير وجهها وهي تصرخ بلوعة
" ششششش .. توقفي عن الصراخ .. اكاد
افقد السيطرة "
خرجت كلماتها مختنقة بدموعها : لم تفعل
هذا بي ؟ هل آذيتك بشيء ؟ اتوسل اليك توقف
ربت على شعرها بحنان كأنه لم يمزق جسدها
منذ ثوان
" عليك ان تلتزمي الهدوء , اتفقنا
؟! .. ان حاولت الصراخ , فسأعطيك سبباً لتتمزق حنجرتك صراخاً .. لا تغضبيني , حسناً
؟! "
شهقت متوسلة : اتوسل اليك فقط ...
اختنقت كلماتها بيده التي قبض بها على عنقها
بقوة منعتها من التنفس ليتابع همسه بنفس الهدوء
" لا تصدري صوتاً .. ان تابعتي الصراخ
والعويل .. صدقيني لا اضمن ما سأفعله بك , ستحدث امور في غاية السوء , ونحن لا نريد
هذا صحيح ؟! "
سحب يده ببطء لتشهق محاولة سحب الهواء لرئتيها
ثم تضم شفتيها بقوة وهي تهز رأسها بطاعة عله يتوقف
" احسنت "
تشعر به يبتعد عنها حتى سمعت صوت باب يفتح
ثم يقفل وقد اختفى حضوره المخيف من حولها , تركها وحدها , دموعها تسابق دمها المنساب
من جروحها , ايهما سينهي طاقتها اولاً
___________________
فتح الصنبور ليغطى مفتاحه بالدماء التي
تلطخ يده , تأمل ملامحة بالمرآة , وجهه الذي تلطخ بالدماء , صدره يعلو ويهبط بعنف
, يداه مغطاتان بالدماء فلا يكاد يرى لونهما الحقيقي , مشهد مقزز لأي شخص ويقشعر له
البدن امتعاضاً , لكن ليس هو , بدنه يقشعر متعة ونشوة , لم يكن يتخيل ان يدفعه ذلك
الشعور لهذا الحد من الجنون , ان يفقده السيطرة , صراخها وتوسلاتها , وهذه الدماء
, فقط هذه الدماء ...
اغمض عيناه ودفع بكفيه تحت الماء لينتقل
اللون الاحمر المقيت من كفيه للماء المنهمر , عليه ان يتخلص من كل آثاره , ليس مستعداً
بعد ليواجه صديقه بفعلته الشنعاء , لا يجب ان يعرف بعد .. ليس مستعداً ليفقد متعته
الجديدة بعد
أنهي غسل يده وتنظيفها جيداً ,سحب المنشفة
وألقاها علي إحد كتفيه وجفف يده بطرفها المنسدل عن كتفه وخرج من الحمام , القى نظرة
على احدى الزوايا يمتد منها ممر قصير بنهايته تلك الغرفة الصغيرة حيث تلك المسكينة
تخشى حتى ان تعلو شهقاتها فيسمعها ويعود , القى بجسده على الاريكة بإرهاق كأنه بذل
للتو مجهوداً شاقاً ثم ضغط زر الريموت لتضيء شاشة التلفاز امامه , لم يهتم كثيراً بم
يشاهده فقط رفع الصوت لأقصى درجة حتى وإن ازعجه هذا
بالداخل كانت تعض على شفتيها وقد اصابها
الدوار بين بكاء ونزيف والم وذعر , حلقها جاف للغاية ورأسها الثقيل يصيبه دوار حاد
, ورائحة العطر منتشرة بقوة لدرجة أزعجت حاسة شمها رغم طيبه لكنه الان مختلط بدمها
وسبب الالم اللاسع الذي مازالت تشعر به , تحاول ان تفكر , تحاول ان تفهم ما يحدث لكنها
لا تجد سبباً , هي لم تؤذ احد , لم تعادي احداً , ليست سوى فتاة عادية تذهب الى جامعتها
صباحاً لتعود لدومها الجزئي بعد ذلك , لم يحدث لها هذا ؟ لماذا هي بالذات ؟ .. رفعت
رأسها وانصتت لصوت عال لإحدى الفتيات من خارج الغرفة , هل هناك شخص آخر ؟! , ليتضح
لها بعد عدة ثوان أن هذا صوت التلفاز وأن الفتاة ما هي إلا ممثلة تقوم بدورها بإحدي
الدرامات فقط .. لا تصدق , فعل بها هذا ثم تركها وذهب ليشاهد التلفاز بكل بساطة ..
اي مجنون هذا الذي القاها القدر بين مخالبه ؟!
دقائق ظلت تحاول الا تفقد وعيها , ان حدث
هذا وهي واعية فلا تود حتى تخيل ما قد يفعله بها وهي غائبة عن الوعي , حتى سمعت صوت
باب يفتح ويغلق .. اهو الباب الخارجي ؟ هل رحل وتركها وحدها في هذا الظلام , ارعبتها تلك الفكرة لكنها استطاعت سماع
اطراف حديث بالخارج , ارهفت السمع اكثر علها تميز ما يحدث رغم ارتفاع صوت التلفاز ورأسها
التي تطن بألم
" - لم عدت باكراً اليوم ؟!
- انهيت عملي مبكراً فعدت , لم التلفاز
عال هكذا ؟!
- كان المنزل شديد الهدوء لدرجة خانقة
- حسناً اخفض الصوت قليلاً
- فقط دعه , انا اشعر بالجوع
- سأبدل ملابسي واعد الطعام , انتظر قليلاً
"
هناك شخص آخر , هناك شخص آخر قد يتمكن من
انقاذها , فكرت في الصراخ أو التحرك لإصدار اي صوت يُلفت نظر الشخص الآخر ليعلم أنها
هنا لربما يحررها ولكنها كانت أضعف من أن تحاول الصراخ مرة آخري أو حتي تحاول التحرك
حلقها جاف للغاية لدرجة تمنعها من إصدار أي صوت ضعيف, كما انه هددها انه سيقتلها ان
صرخت .. وبالتأكيد سيفعل .. ماذا ان كان الآخر شريكه, ماذا ان جلبت لنفسها المزيد من
الالم , تشعر بالخوف وحسب , وببطء رغماً عنها كان عقلها يترنح بين الوعي واللاوعي سقط
أخيراً في اللا وعي لتسقط رأسها علي وتدخل في سُبات عميق
___________
تعود لوعيها لبضع دقائق ثم تغيب عنه مرة
اخرى , نزفت كثيراً حتى صار عقلها غير قادر على التحمل رغم محاربتها , ذلك الظلام يطبق
على انفاسها وقد ازدادت البرودة لتدرك ان الليل قد حل , جسدها يرتجف بقوة محاولة تدفئة
نفسه بلا فائدة .. لابد ان امها تكاد تجن الان , لابد انها تبكي بلوعة ولا تدري اين
ابنتها , مجرد تخيل حال امها جعلها تعود للبكاء رغماً عنها , نسيت تحذيره وارتفعت شهقاتها
وهي تنادي امها بصوت مبحوح دون فائدة
_____________
فتح عيناه بقوة لينصت لصوت انينها يدوي
عبر جدران المنزل , الم يخفها تهديده بما يكفي ؟ اعليه ان يثبت لها انه قادر على تنفيذه
, تلك البلهاء لم تود الاسراع لنهايتها ؟ , نهض عن السرير بغضب ليفتح خزانته ويخرج
احدى قمصانه فيمزقه ويخرج مسرعاً لغرفتها بغضب حاملاً تلك الخرقة الممزقة بيده ويفتح
الباب , ما ان سمعت الباب يفتح حتى حبست شهقاتها وانفاسها لتشعر به يقترب منها حتى
صار خلفها وجسدها يرتجف هلعاً
" الم احذرك ؟! , تريدين الموت حقاً
, يمكنني ان اعطيه لك "
هزت رأسها بذعر هامسة : لم اقصد , اقسم
انني لم اقصد , كنت ...
لم يعطها الفرصة لتكمل فإذا به يكمم فمها
بالخرقة القماشية ويربطها بعنف ليخرسها , حاولت الانين لكنه ضغط بإظافره على كتفها
" ان سمعت صوتك , ان سمعت حتى صوت
تنفسك , اعدك بأنني سأقطع جسدك هذا ارباً واشاهد دماؤك تنهمر منه حتى تموتي ببطء وبأبشع
الم ممكن , اتفهمين ؟! "
تركها واسرع بالخروج فإذا بها صارت عمياء
وبكماء , فقط تهديده يتردد بإذنها و دموعها صارت تؤلم عينيها المغلقتين
_____________
دخل الى الحمام ليغسل يداه اثر الدم الذي
تلطخ به منها فإذا بباب الحمام يندفع ويدخل صديقه بسرعة ليفزعه
" - ما الذي تفعله هنا ؟!
- هل انت بخير ؟ .. سمعت صوت بكاء ولم تكن
بغرفتك ؟!
- اه .. انا بخير , فقط رأيت كابوساً مخيفاً
اخفى يداه وراء ظهره خشية ان يكونا مازلا
يحملان اثر الدماء وتصنع الابتسامة
- انا بخير حقاً .. مجرد حلم سيء
- حسناً .. هيا عد لسريرك فالطقس بارد
اومأ برأسه ودفع يداه تحت الصنبور وغسل
وجهه ثم عاد كلاً منهما الى غرفته ليتدثر بغطاءه الدافئ , تاركين تلك المسكينة ينخر
البرد عظامها , لكنها ادركت امراً .. اياً كان الاخر , فهو لا يعلم بوجودها , اياً
كان فهو الامل الوحيد لها , لكن كيف يسمعها وذلك المجنون مستعد ليمزقها في اية لحظة
؟! .. لحظات ولم يستطع عقلها التحمل اكثر لتفقد وعيها مرة اخرى
______________
استيقظ من النوم
ومشي خارج غرفته ببطئ ليخرج إلي الصالة ثم حرك نظره لذلك الممر المؤدي للغرفة وابتسم
, دخل إلي المطبخ ليجد صديقه قد اعد له الفطور كالمعتاد قبل ان يرحل الى عمله لكنه
اليوم تجاهله لفرط حماسه للهو بلعبته الجديدة , فتح إحدي الخزانات ويمد يده ساحباً
زجاجة من النبيذ المعتق المفضل له فهو يحمل لون الدماء المحبب إلي قلبه ,قام بفتحها
وارتشف منها ليشعر بطعمها اللاذع بحلقه ,أخذها ليدخل إلي الغرفة, كانت مازالت علي حالها
تترد ما بين الوعي واللاوعي تستيقظ من نومها لتُدرك كم تتألم وكم أن رأسها يؤلمها وتشعر
بالبرودة في اطرافها ثم تعود لتغط به مرة آخري , استيقظت تلك المرة علي صوت تصادم المعادن
بالطاولة لتُدرك أنه معها بنفس الغرفة ولكنها كانت اضعف بكثير من أن تتخذ ردة فعل بداخلها
كان الرعب يأكل قلبها وبدأ جسدها يرتعش رعباً بدلاً من ارتعاشه برودة وتعباً , شعر
بها تتحرك بالكرسي بالرغم من ادعائها النوم فابتسم ليتوجه ناحيتها ويقوم بفك خرقة القماش
التي اخرسها بها ليلة أمس ثم وضعها جانباً لينحني ويضع يده علي وجنتها يسند رأسها به
ليرفعها لمستوي عيناه ,وجهها كان شاحباً للغاية مصفراً وكأن الدماء جفت من عروقها
,شهقت حالما لامست يده وجنتها لتهمس بوهن
" أرجوك توقف
أتوسل إليك"
قالت بتقطع وصوتها
بالكاد يخرج من حلقها الجاف كصحراء جرداء ,أعتدل ليتناول زجاجة النبيذ بيده ويستند
علي الطاولة يرتشف منها بينما يتمتع برائحة عطره المفضلة المنتشرة بالغرفة وقد اختلطت
بدمائها ,سقطت رأسها علي كتفها بتعب وشفتاها تنتفضان ألماً بينما هو كان يتأمل ذراعيها
المغطاتان بالدماء والجروح, ينظر لتحفته التي صنعها بيداه ليلة أمس كم بدت رائعة ,
ها هو سوف يشرع في آخري اليوم ليضيفها لأعماله , تناول مِشرطه والمقص وتربع امام ساقيها
, وضع المشرط أرضا ليمسك بذيل فستانها الطويل ويشرع في قصه , اصابها الذعر مما يفعله
لتحاول الانتفاض فإذا به يثبت شفرة المقص على فخذها
" اهدئي والا
ستجرحي نفسك "
تابع القص حتى جعله قصيراً يصل لمنتصف فخذيها ثم
قام برمي قطعة القماش والمقص فوق الطاولة وتناول المشرط أخيراً ليضعه أعلي فخذها المكشوف
ويضغط بقوته ليصنع جرحاً غائراً بفخذها أجبرها علي الصراخ بقوة , لقد ظنت أن قوتها
قد نفذت من صراخ أمس لتفاجئه وتفاجئ نفسها بقدر علو صراخها الذي أعتقدت أنه انخرس بحنجرتها
, رفع نظره عن شفرة المشرط لينظر لها والنشوة تلمع بعينيه وهي تتلوى الماً وصراخاً
, أكمل ما كان يفعله ليصل إلي ركبتها توقف قليلاً يلتمس الدماء أعلي فخذها ثم يرفع
اصابعه الملوثة بالدماء الى وجهه ليفركها ببطء امام عيناه يستلذ بنعومتها بين يديه
وباليد الآخري يرتشف من زجاجة النبيذ , لا يمكن أن يشعر في حياته بما هو أفضل من ذلك
الشعور , صوت صراخها يتردد بأذنيه والنبيذ يلسع حنجرته بطعمه اللاذع والدماء تسكن فوق
أصابعه , ببطئ رفع أحد أصابعه ليضعها بفمه يتذوق الدماء ثم يرتشف بعدها قليلاً من النبيذ
"آآه"
سمعته يتآوه بنشوة
واضحة فبكت يستمتع بما يؤلمها حد الجحيم أي مريض هذا الذي يفعل ذلك بفتاة , قاطع أفكارها
بمشرطه الذي وضعها أعلي فخذها مرة خري يصنع جرح طولي بجانب السابق لتصرخ هي دوناً عن
إرادتها , تجد نفسها تصرخ بألم في كل مرة تعتقد بأنها لن تكون قادرة علي الصراخ مرة
آخري , كانت أنفاسه تتسارع وكأنه يبذل مجهوداً شاقاً ولكنها تتسارع فقط للنشوة التي
تدب بأطرافه, ثم يسترخي قليلاً ليستمتع بمشاهدة الدماء تنساب من جروحها لتصنع بركة
صغيرة على الارض , يمكنه فعل هذا طوال اليوم ولن يمل , يمكنه سماع صراخها وبكاؤها طوال
اليوم كموسيقى تطربه , تلك النشوة التي لم يجرؤ على تجربتها طوال هذا الوقت , كأنه
لم يذق الحياة قبل هذه اللحظات , مازال امامه وقت طويل حتى عودة صديقه , مازال امامه
كثير من الطرق حلم بها ويود تجربتها الان
فرغت زجاجة النبيذ
الى نصفها وتوقفت هي عن الصراخ فلم يبق سوى انفاسها الواهنة وتوسلات متحشرجة دون جدوى
بينما صار شكله هو مخيفاً بحق , الدماء التي لطخت ملابسه ووجهه , هو نفسه شعر بالارهاق
والثمالة وادرك ان هذا يكفي للآن , عليه ان يعطي لجراحها فرصة ان تلتئم وان يغتسل قبل
عودة صديقه , لذلك نهض وتناول الخرقة عن الطاولة وكممها بها مرة اخرى فلم تحاول الصراخ
او المقاومة , كانت على قدر من الوهن تتمنى لو ان تفقد وعيها لكن الالم يمنعها , القى
عليها نظرة اخيرة ثم خرج مستنداً الى الجدار حتى لا يقع اثر الثمالة , ببطء تجاوز الممر
متجهاً الى الحمام فإذا باب الشقة ينفتح ويجد صديقه امامه قبل ان يجد الفرصة للاختباء
, وقعت المفاتيح من يد الاخير لتصدر دوياً عالياً عن اصطدامها بالارض وهو يحدق به وعيناه
تتسعان بذعر, بهلع ركض نحوه ليمسكه بقوة
" - مالذي
حدث لك ؟ مالذي فعلته بنفسك مرة اخرى ؟ لم فعلت هذا ؟ لماذا ؟
ابعده ليفتش جسده
باحثاً عن مصدر الدماء فإذا بعينه تقع على زجاجة النبيذ بيده فينتزعها بقوة ويقذف بها
لترتطم بالحائط وتتهشم صارخاً : اخبرتك الا تشرب وانا لست هنا , اخبرتك ان هذا سيحدث
, لم لا تستمع لي ؟ لم لا تكف عن محاولة قتل نفسك ؟ لماذا ؟
جذبه بين ذراعيه
واحاط به بقوة باكياً وهو يكرر سؤاله بصوت مرتجف , فإذا بالاخر يربت على ظهره بيد ملطخة
بالدماء هامساً
- انا بخير ..
انا حقاً بخير
تراجع صديقه وعاد
ليفتش ذراعيه وجسده
- علينا ايقاف
الدم قبل ان تفقد وعيك
لكنه لم يعثر سوى
على الندبات القديمة , لا يوجد مصدر للدم بجسده على الاطلاق , رفع عيناه اليه مستفهماً
.. مالذي حدث ؟ مين اتت هذه الدماء اذاً .. قبل ان ينطق بسؤاله اتته الاجابة في الانين
الصادر من الغرفة الاخرى , ارهف السمع فتأكد مما سمعه , نفس الانين الذي سمعه بالامس
لكنه اشد خفوتاً ووهناً .. التفت الى صديقه الذي القى بنظراته ارضاً
- ما .. مالذي
فعلته ؟
كان الصمت اجابة
كافية لكنه رفض التصديق , لم يقبل عقله حقيقة ان صديقه قد يفعل امراً كهذا فتركه وهرع
الى الممر وفتح باب الغرفة متمنياً ان يكون مخطئاً .. لكنه لم يكن كذلك , رآها , مقيدة
مغطاة بالدماء تأن بوهن والم .. الغرفة مختلطة برائحة الدماء وعطره , تلك الزجاجة التي
بحث عنها صباحاً فلم يجدها واعتقد ان صديقه استعارها , لم يتخيل ابداً انه قد يستعيرها
لغرض كهذا , ادار وجهه بذعر وهو يشعر بأنه على وشك التقيؤ , ليجد صديقه يقف في نهاية
الممر ينظر اليه نظرة خاوية
- لم استطع ..
حاولت لكنني لم استطع التوقف .. انت من جعلني اعدك بألا اؤذي احدنا .. وقد وفيت بوعدي
- لقد فقدت عقلك
بحق
- انت لا تفهم
.. انها الطريقة الوحيدة
لم يتحمل اكثر
واندفع للغرفة ليفك قيدها فإذا بصديق طفولته يتناول قطعة من زجاج النبيذ المتهشم ويناديه
- تعلم انني لن
اتوقف .. حتى ان رحلت .. سأبحث عن غيرها , ان لم استطع فسأفعل هذا بنفسي .. لا يمكنك
منعي وانت تعلم
ضغط قطعة الزجاج
في قبضته فتساقطت قطرات دمه امام عينا صاحبه المذعورتان ليصرخ به
- توقف !!
تركها وركض نحوه
لينتزعها من يده ويلقها بعيداً والدموع تسيل من عينيه
- لن اقتلها
.. لن افعل .. لكن عليها ان تبقى
- وتعذبها حتى
الموت , كيف يمكنك تعذيب انسان ؟ الا تذكر ما حدث لنا ؟ الم نكن نحن ايضاً ضحايا ؟
كيف تكرر الامر ذاته وانت تعلم كم يؤلم ؟!
- ولم علينا نحن
ان نكون دوماً الضحايا ؟ لم لا يمكنني ان امتلك القوة لمرة ؟ لم لا يمكنني ان اشعر
بما كان يشعر به لمرة واحدة ؟ لم علي ان اتألم واؤذي نفسي وحدي ؟
صرخ به : لم تعد
كذلك .. لقد انتهى الامر منذ سنوات فلم لا تنساه
- لا استطيع
- اذاً اقتلني
انا , عذبني كما تشاء , مزق جسدي ارباً ان اردت .. لكن لا تفعل هذا .. لا تؤذ شخصاً
لا ذنب له .. لا تكن وحشاً .. اتوسل اليك
تراجع حتى افلت
من بين ذراعيه ونظر له بنفس النظرة الخاوية
- ان رحلت .. فلن
اتوقف حتى اصفي اخر قطرة من دمي , علاجي الوحيد هو الموت , انت تدرك هذا جيداً
التفت وسار مبتعداً
ببطء حتى خرج من الممر واتجه الى الحمام ليغتسل تاركاً صديقه غير قادر على الوقوف ليجلس
القرفصاء مخبئاً وجهه بين ركبتيه وهو يبكي بألم , ليس متفاجئاً فهو يعلم ان هذا الوحش
يعيش داخل صديقه منذ البداية , لكنه اعتقد انه بإستطاعته ايقافه , يمكنه السيطرة عليه
, لكنه كان مخطئاً .. لقد كشر عن انيابه بالفعل وتلك التي تهمهم بتوسلات متعثرة بجواره
هي اولى ضحاياه
" اتوسل
.. اليك .. اشعر .. بالبرد "
كتم شهقاته وبكائه
وتحامل على نفسه لينهض .. ان لم يستطع انقاذها فعليه على الاقل ابقائها حية .. حتى
وان كان هذا يعني اطالة عذابها
سار نحو الحمام
وانتظر دقائق حتى خرج صاحبه نظيفاً كأن شيئاً لم يكن
- علي .. تضميد
جروحها .. ستنزف حتى الموت
ارتسمت على وجه
الآخر ابتسامة شيطانية وقد ادرك استسلام صديقه فأومأ برأسه موافقاً وابتعد ليدخل الاخر
الى الحمام ويحضر حقيبة الاسعافات التي تمنى لو يتوقف عن استعمالها , ومنشفة مبللة
ثم اتجه اليها , حاول التغلب على شعوره بالغثيان ما ان دخل الغرفة وبدأ بمسح الدماء
عن ذراعيها وساقيها كاشفاً عن الجروح التي سببها صديق عمره , يرى جروحاً منظمة فيتخيل
وجهه المستمتع بما يفعله واخرى عشوائية خطيرة فيدرك انه فقد السيطرة على نفسه من مشهد
الدماء .. يعرف كل تلك النظرات , كثيراً ما رآها , يسمع تلك المسكينة تأن كلما لامس
احد الجروح فيعتصر قلبه الماً وهو يضمدهم واحداً تلو الاخر , يشعر بالخجل وهو يلمس
فخذها المكشوف وينظفه فيتجنب النظر .. كل هذا والاخر يقف في نهاية الممر مستنداً للحائط
يراقب ما يحدث بلذة وابتسامة مخيفة .. كل شيء تحت سيطرته هنا .. صديقه لن يتخلى عنه
ابداً .. صديقه سيعالج الامور كما يعالج تلك الفتاة الان .. كل شيء على ما يرام واكثر
________________
أستيقظ أولاً كما
أعتاد دائماً أن يستيقظ ,أزال الغطاء ونهض عانقت قدماه الأرض الباردة فاقشعر بدنه لذلك
الشعور ,أحني رأسه باحثاً عن خفه المنزلي,وجده عند باب الغرفة ,فذهب لارتدائه وخرج
من الغرفة , توقف بالصالة قليلاً متأملاً الممر الضيق .. تمنى ان يكون ما حدث بالامس
مجرد كابوس , لكن متى نام ليحلم ؟! وكيف ينام وهناك من تأن الماً وخوفاً طوال الليل
, كيف ينام ويأمن لترك ذلك المجنون معها, اغمض عيناه بقوة و توجه إلي الحمام أولاً
ليغتسل ثم دلف إلي المطبخ , لن يذهب لعمله اليوم قرر البقاء بالمنزل ولا يدري لمتى
, فتح الثلاجة ليخرج بعض الخضراوات وبدأ في إعداد الطعام بصمت ,
تقلب في فراشه بإنزعاج, صوت الضجة بالمطبخ يزعجه,
تنهد بضيق ونفض الغطاء عنه لينهض لم يهتم بالأرضية الباردة التي يخطو عليها, بكسل توجه
للخارج يبعثر شعره بنعاس لينظر لصديقه ,منهمك في تحضير الطعام لا أكثر , وجه ناظريه
للساعة ليجد أنه متأخر عن معاد عمله بساعتين
"ألن تذهب لعملك
اليوم؟"
"لا سأبقي اليوم
بالمنزل"
أجابه باقتضاب
بينما يكمل تحضير الطعام ,كلاهما يعلمان بأنه قرر البقاء لمنعه من فعل أي شئ آخر بها
,بسذاجة كان حاول تحجيم الموضوع أعتقد أنه يمكن السيطرة علي جنون الوحش بداخل صديقه,
توجه الآخر للحمام ليتغسل ,خرج ليجد صديقه يمد يده بكوب قهوة دافئة
"أعددتها كما تحبها"
نظر للقهوة ثم
نظر له وتخطاه متجاهلاً إياه هو وقهوته ,فتح الثلاجة ليخرج قنينة من الخمر ,فتحها وقام
بإلقاء الغطاء علي الأرض بإهمال ,تنهد الآخر ليسحب القنينه من يده قبل أن يرتشف منها
"مازالنا في الصباح
لا تشرب تلك اللعنة الآن"
أمتدت يده التي
تحمل كوب القهوة ليرمقه الآخر بنظرة خاوية
ويسحب قنينة الخمر من يده بعنف ويتجه ليجلس أمام التلفاز بعد أن قام بفتحه ورفع
الصوت علي آخره , بحق الله لم يحاول إفساد مِزاجه وهم مازالوا بالصباح الباكر ,لم يهتم كثيراً بما يُعرض علي التلفاز فقط جلس
يحاول أن يستمتع بزجاجة الخمر بيده دون المبالاة بشئ أخر , تنهد الواقف بيأس ليضع الكوب
أمامه علي الطاولة عله يحتاجه , أي بشر هذا الذي يستيقظ من النوم ليغط بحالة من اللاوعي
أيوقظ عقله ليدخله بحالة نوم أخري حتي ولو كانت مختلفة أليس عليه علي الأقل أن يتناول
طعامه أولاً , قام بحمل صينية بها طعام ليتجه إلي الممر الذي بأخره تقبع الغرفة
" ماذا تفعل ؟! "
توقف دون ان يلتفت
: لقد فقدت الكثير من الدم , ان لم تأكل ستموت
تجاهل ابتسامته
الساخرة حتى وان لم يرها من الاصل واتجه الى الغرفة
فتح الباب ببطئ
ودخل ,وضع الصينية فوق الطاولة ثم تقدم منها و وضع يده علي وجنتها يحاول أن يهزها برفق
لتستيقظ فذراعيها وكتفاها ليسا بحالة جيدة للمس حتي ,حاولت فتح عيناها لكن لم تستطع
لقد نست أمر العصابة تماما وعندما تذكرت الآن شعرت بأنفاسها تختنق داخل رئتيها لتدرك
بعد عدة ثوان يده أعلي وجنتها فظنت أنه هو مجدداً لتبدأ بالتوسل بصوتها الذي كاد أن
يختفي
"أرجوك..يكفي"
أستشعر من صوتها كم تتألم ,جسدها تشعر به ينبض بألم
,جروحها يمكن أن تشعر كم أنها متورمة وملتهبة , أطرافها بالكاد تشعر بهم فقد أصابهم
التنميل لشدة ربطه للحبال حولهم ,حلقها جاف للغاية لم يسبق لها وقد شعرت بهذا الجفاف
تعجز حتي عن ابتلاع لعابها القليل الذي تفرزه غدتها , تناول كوب ماء ليضعه عند شفتيها
ويهمس بخفوت
"اشربي"
,ظنت في البداية أنها تحلم ,يقدم لها الماء الآن
هل يعقل لقد ظنت أنها ستموت عطشاً, حاولت أن تعدل من وضعية رأسها لكن تأوهت بآلم ليمد
يده محاولاً مساعدتها,مركز الكوب عند شفتيها , حالما تمكنت منه أرتشفت كمية كبيرة من
الماء دفعة واحدة ,راقبها وهي ترتشف منه وكأنها لم تذق طعم الماء لعام كامل ,أنهته
كله ليضع الكوب داخل الصينية مرة آخري ,سحب كرسياً وضعه أمامها ,جلس وتناول الصينية
علي قدميه ,تناول إحدي الشطائر التي صنعها ليقربها إلي فمها ,أستنشقت الرائحة لتُدرك
أنه طعام
"ما هذا؟ "
خرجت ضعيفة من
بين شفتاها المرتجفتان
""طعام
أجاب بصوته الهادئ ,علي الرغم من كونها تعلم ماهيته
ولكن أرادت التأكد أولاً ,ارتسمت ابتسامة سخرية وشعرت بعيناها بدأت تدمع تحت العصابة
,أي مريض هذا أُلقيت بين يداه! يمزق جسدها آلماً وحنجرتها صراخاً والآن يوقظها برفق
ويعطها الماء بل ويحضر لها الطعام , يتحدث بهدوء غير مُعتاد ,كل هذا علي وشك أن يدفعها
لحافة الجنون إن لم تكن علي الحافة بالفعل ,لم قام بخطفها منذ البداية لم يفعل كل ذلك
,أرادت الصراخ وبشدة في وجهه بكل هذا ,أرادت أن تخبره أنه مريض ذو عقل متعفن وقلباً
من حجر ,أرادت أن تخبره كم كانت تمقته وكم أصبحت تمقته أكثر الآن ,تُريد إخباره كم
تدعو أمها عليه الآن وتسبه ,كم أن أمها تمقته بقدر ما تمقته هي وأكثر ,أرادت أن تتوسل
له بينما هو لطيف ليطلق سراحها ربما قلب أمها الضعيف يحترق قلقاً الآن ,نظر لها وهي
صامتة لم تتحدث فقرب الشطيرة أكثر من فمها
"إن لم تأكلِ
ستموتين جوعاً"
,لم تحتمل أكثر لم تستطع ,صرخت ولكن صوتها خرج ضعيفاً
متحشرجاً
"تُريد إطعامي لجعلي أعيش اكثر حتي تستطيع تمزيق
جسدي كما تشاء يالك من مريض, إن لم أمُت جوعاً سأموت من كثرة فقداني للدماء أتظن بأن
تضميدك لجراحي كافي , ربما أيضا أموت وأنا أفكر بأمي المسكينة التي تقضي ليلها ونهارها
بلوعه قلبها علي ابنتها التي اختفت في غمضة عين .. أرجوك دعني أرحل اقسم أني سأحفظ
السر لن أخبر أحد أعدك رجاءاً أطلق سراحي"
أنفجرت بوجهه غاضبة
لينتهي بها الحال بالمزيد من التوسلات , نبرتها واهنه للغاية جسدها يستسلم فوق الكرسي
ينتظر التشويه القادم بحقها دون أدني مقاومة حتي وان حاولت كيف تقاوم وهي تكاد تشعر
بأوصالها ستنقطع لشدة ربطه للحبال فوقها ,نظر لها بآسي لو كان بيده لأطلق سراحها دون
أن تتوسل حتي ,ولكن الآمر خارج عن سيطرته تلك المرة هو مضطر لإبقائها للحفاظ علي حياة
صديقه, يجب أن تكون كبش فداءً له ,هو أضعف من أن يواجه جنون صديقه , من أن يقف أمام الوحش بداخله ,ياليت هذا الوحش يسحقه هو
ولكنه سيسحق صديقه من الداخل وحتي الخارج ,صديقه هو نفسه الجاني والمجني عليه وما بيده
إلا أن يكبح جماح الجاني حتي لا تخرج الآمور عن السيطرة أكثر , هو منذ أن وعي علي تلك
الحياة يكره نفسه ,يكره الضعف الساكن بدواخلها ,والآن يكره نفسه أضعاف مضاعفه , رفع
الشطيرة مجدداً يقربها من فهما
"عليكِ أن
تأكلِ"
تعجبت من ردة فعله
الهادئة والمصرة , توقعت ربما سيجن ويثور لكلماتها ولكن رد فعله هادئ للغاية هادئ لدرجة
أخافتها ,لم تستشعر نبرة صوته المتغيرة بعد ,أفكارها تسيطر علي عقلها وحواسها تشتتها
عن أي شئ سوي التفكير بما أفرجت عنه شفتاها منذ قليل , اشاحت برأسها بعيداً عنه رافضة
اي شيء منه فأدرك انه لا فائدة ليتنهد بأسى وقلة حيلة وهو ينظر اليها تحاول حبس دموعها
وشهقاتها المتألمة
كان الآخر يستمع
لكل كلمة ويراقب ما يحدث داخل الغرفة من نهاية الممر القصير , ابتسم بشيطانية قبل أن
يدير رأسه ويعود لأريكته ينظر للتلفاز ويرتشف
ما تبقي من الخمر ,
خرج من الغرفة
حاملاً الصينية ليضعها على طاولة المطبخ ثم يخرج ليواجه ذلك الذي يضحك على احد البرامج
بالتلفاز
" الى متى
تنوي الاستمرار بهذا ؟ "
رفع الاخر عيناه
اليه : عم تتحدث ؟!
انتزع الزجاجة
من يده بعنف ليضغط على كلماته بغضب : انها ترفض الاكل , ستموت , تود ان تكون مجرماً
بحق , الا يكفي ما فعلته للآن
رمش بهدوء ورفع
كتفيه : اخبرتك , ان اردت تحريرها فأفعل
اعتصر الزجاجة
بين اصابعه بقوة حتى كادت تنكسر , لا يمكنه تحمل هذا , لا يمكنه تحمل انينها , لا يمكنه
تحمل ملامح صديقه القاسية , لم تكن بهذه القسوة من قبل , يشعر وكأنه ينظر لشخص آخر
لا يعرفه ويخشاه
" سأذهب لإحضار بعض الاحتياجات للمنزل ,عدني
الا تفعل شيئاً بها , لا تفقد عقلك رجاءاً لن أتأخر .. عدني"
تنهد الآخر بملل
: اعدك .. لكن احضر لي بعض زجاجات الخمر معك
""جلبت الكثير في المرة الماضية, أيعقل أنك أنهيت كل هذا
سأل بدهشة, فقد أحضر العديد من الزجاجات ظناً منه
أنها ستبقي لفترة ولكن خمس أيام فقط! أصبح صديقه يُقبل علي الخمور وبشراهه
أنهيتها أحضر المزيد ""
"كفاك خمراً تكاد
تُدمنه"
تناول القنينة
من يده
" لم لا تجرب
بعضاً لتعرف لم أحبه كثيراً"
قرب القنينة لفمه يحثه علي الارتشاف منها ولكن الآخر
فقط شعر بالتقزز من رائحتها فأبعد يده برفق
"لا عليك سأحضر المزيد"
أرتدي حذاءه وأخذ
معطفه ثم فتح باب المنزل لينظر لصديقه الذي يرتشف الخمر بهدوء وهو يتمني من كل قلبه
أن يفي بوعده ,أغلق الباب خلفه وذهب لإحضار الحاجيات ,نهض الآخر من مكانه , مشيته مترنحة
قليلاً ,اتجه للممر ,فتح باب الغرفة وجدها كما هي علي حالها كما تركها عدا فقط أن الضمدات
تغطي ذراعيها وفخذها ,اقترب لينزعهم بقسوة لكنه تذكر وعده يقيده فتراجع وخرج , نظر
لجروحها الظاهرة التي باتت نظيفة و استمع الى بكائها يخفت , لم يعجبه الامر ابداً
.. لكن لا يمكنه ان يفعل شيئاً الان , فقط وقف يتأملها ويفكر .. ان استمر الامر هكذا
ستصير اللعبة مملة .. ربما عليه العبث قليلاً
عاد من الخارج
فوجد التلفاز كما هو بصوته المرتفع ,جال بعينيه بحثاً عن صديقه يدعو أن تكون الأمور
علي ما يرام ,وقعت عينيه علي صديقه يستند للحائط المقابل للممر يتأمل باب الغرفة المغلق
بصمت وزجاجات الخمر تحيط به ويعبث بولاعته الفضية ,يشعل النار ويطفئها ليعود لإشعالها
من جديد بنظرة شيطانية ارتسمت بداخل عيناه بوضوح , لم يستطع بعد التأقلم مع رؤية تلك
النظرة الشيطانية بعينا صديقه وهو يراقب الفتاة المقيدة .. يستمتع بصوت انفاسها الخافتة
من وراء الباب .. دموعها المنهمرة رغم عصابة عينها .. رجفة جسدها , كلها اشارات يتخيلها
و يطرب لها , ويخيفه الامر .. ورغماً عنه اقشعر جسده مرة اخرى , وكأن صديقه شعر بتلك
الرجفة رغم المسافة بينهما فتحدث بهدوء دون ان يبعد عيناه عن الباب
" صارت هادئة صحيح ؟"
أجابه بتوتر: ماذا
تعني ؟
أكمل صديقه وهو
مازال يعبث بولاعته : لم تعد تحاول الصراخ .. حتى شهقاتها صارت اخفت
اقترب صديقه بضع
خطوات ليجمع زجاجات الخمر الفارغة المتناثرة حوله خشية ان يؤذي نفسه وهو يرد : سرعان
ما يدرك البشر عدم الجدوى من المقاومة , فيقرروا الاستسلام منتظرين النهاية وحسب
"لا احب هذا
.. اشعر بالملل "
انقبض قلب صديقه لتلك الكلمات .. يرى ماينوي صديقه
فعله بها
"اريدها ان تصرخ كما كانت تفعل"
"توقف"
همس بها بتوسل
عله يمنع ما يدور برأسه لكن الاخر تجاهله متابعاً اشعال واطفاء ولاعته
"اتعلم ان الحرق حياً هو ابشع الم قد يتعرض
له الانسان "
التفت له بإبتسامة ارتجف لها قلبه : الى اي مدى ستستطيع
الصراخ برأيك ؟
تجمد صديقه بمكانه محاولا الا يتخيل ذلك المشهد الذي
يراه مرسوماً بعيناه بينما نهض الاخر بهدوء ليمسك بزجاجة الكحول المجاورة له حاملاً
الولاعة باليد الاخرى ومتجهاً لغرفتها ببطء .. اوقع الآخر الزجاجات ارضاً وهرع ليتعلق
بذراعه بفزع
" لا تفعل
ارجوك .. لا تؤذها "
" ليس وكأنني سأقتلها .. ليس بعد "
حاول نزع ذراعه لكن صديقه وقف امامه ساداً الطريق
وعيناه تكادان تدمعان خوفاً
"اتوسل اليك
لا تفعل"
وضع الآخر يده
على كتف صديقه المزعور برفق : انا اريد هذا.. ان لم تصرخ الان فسأجعلها تصرخ لاحقاً
, اليس من الافضل ان يحدث هذا امامك لتوقفني ان فقدت السيطرة على نفسي
كان وقع الكلمات
ثقيلاً على صديقه الذي شعر بالدموع تسبح على عيناه .. كيف تحول صديقه لهذا الكائن
.. صديقه الذي فضل تمزيق جسده عن اذيته .. ومرة اخرى كره نفسه .. ان لم يخشى ان يؤذيه
صاحبه , ان كان افرغ جنونه عليه هو .. ماكانت تلك الفتاة لتكون كبش فداء له الان اطرق
برأسه ارضاً محاولاً حبس الدموع بعيناه ليهمس
"سأجعلها
تصرخ "
امال صاحبه رأسه
قليلاً : ماذا قلت ؟
أجابه
"تريد سماع
صراخها .. انا سأجعلها تصرخ "
فهم صديقه ما يريده
فتراجع بضع خطوات كأشارة له ان ينفذ ما قاله فألتفت الآخرليسير نحو الغرفة ويدخل بخطوات
ثقيلة تبعه صديقه الذي وقف مستنداً الى الباب خارج الغرفة ليسمع بشكل افضل كان الآخر يرتجف وهو يخطو نحوها ببطأ حتى انتفض متراجعاً عندما
شعرت بوجوده فرفعت رأسها متلفتة بذعر كأنها تحاول الرؤية خلف العصابة
" ارجوك اتوسل اليك دعني ارحل اقسم انني سأفعل
ماتريد لكن دعني ارحل "
حاول الا يسمع توسلها ليتابع السير حتى صار خلفها
وهي تنتفض على الكرسي باكية بوهن: انا لم افعل شيء لهذا , على الاقل دعني افتح عيناي
اتوسل اليك
رفع يده ببطء حتى لامس كتفها فتجمد جسدها رعباً للمسته
الباردة .. وقبل ان تحاول التوسل مرة اخرى سمعت صوته الخافت هامساً
" اصرخي
"
قفز قلبها بقفصه رعباً لذلك الطلب لكنها لم تجد الفرصة
للتفكير فيه عندما شعرت بأظافره تغرس بعنف في احد جراحها الغائرة لتصرخ الماً وذعراً
.. ضغط بقوة اكبر ليعلو صراخها حتى انسلت الدماء من تحت اظافره
بالخارج كان صديقه
يستند بظهره الى الباب مغمض العينان بإبتسامة شيطانية مستمتعة بصرخاتها المتألمة حتى
انزلق ظهره على الباب ليجلس ارضاً كأنه يريد الاستمتاع بكل لحظة من صراخها .. يطربه
ذلك الصوت .. يطربه تخيل المها , رغم انه كان قادراً على رفع صراخها اضعافاً الا انه
لا بأس بهذا .. يمكنه الاكتفاء بهذه الصرخات .. للآن
" لنبدأ اللعبة
الحقيقية "
همس لنفسه ونهض وهو يحارب النشوة التي تنتشر بجسده
واندفع الى الغرفة مسرعاً ليصرخ بصديقه
" ليو ..
توقف "
________________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق