Chapter 2
Written By : Miral MK
عاصفة ثلجية قادمة من
أقصى القطبين اجتاحت عالمها الخاص واستقرت فيه تلفح جسدها بقوة لتجمد أطرافها
وتشلها عن الحركة، ليأتي بعدها بركان هائج من أعمق فوهة على سطح الأرض يصهر
أعماقها المتجمدة ويُرخي أطرافها حتى شعرت وكأنها قد قُطعت فتمسكت بذراعهِ سريعًا
تشد حولها بقبضتها الضعيفة، تُحاول أن تبقى صامدة لكي لا تنهار وتسقط على الأرض
فاقدةً وعيها، صراعٌ كبير يحدث بين خلاياها .. خلاياها الصامدة حتى الآن، صراعٌ ما
بين السقوط والوقوف.
أجساد بلا ملامح فقط
كهيئة شبح أسود يحيطون بها من كل الجهات، يأخذون الأكسجين كله يحجبونه عنها وكأنه
لم يعد من حقوقها كبشرية تعيش بينهم، لم يكن سواه أمامها لتتمسك بمن أثار هذه
الحالة في أعماقها، نظرت إليه والدموع تتراكم في مُقلتيها لا يُمكنها الصمود أكثر
... إنها تسقط من جديد!
ازدردت لعابها ليصطدم
بحنجرتها الجافة خُدشت فتأوهت بخفة قبل أن تفتح شفتيها المرتجفتين لتصطدم دمعتها
بطرف شفتها تتذوق ملوحتها المؤلمة، تحدثت أخيرًا بهمسٍ مُضطرب
"أ-أرجووكـ-" لم تُكمل حتى رآها تسقط بين ذراعيه فاقدة للوعي مُعلنةً
استسلامها، حاولت جاهدة أن تتقمص دور الغزال لكنها لم تكن سوى بشرية .. جبانة!
اتسعت
عيناه يُحدق بها تسقط نحوه، التقطها بين ذراعيه بلا وعي، حملها راكضًا بها نحو
المشفى.
مرهق للغاية عندما اتمنى القليل ولا اجده، ويصبح في لحظة
الجحيم الغير متوقع، لطالما كنتُ فاقدةً للوعي، الأمر لم يصبح جديدًا على اية حال، لكن اليوم للمرة الاولى منذ سنوات
أشعر وكأن أحدهم يتعدى على حقوقي بشكل مباشر، الخوف الذي كنتُ أشعر به تضاعف على
نحو هائل، حيث لم يعد للدموع أهمية فالقلب بدأ ينزف بالفعل.
للمرة الأولى تقدمت بخطوة نحو الأمام لكي انجو لكن شيئًا ما
ردعني وكأن القدر يُخبرني كم ضعيفةٌ انتِ يا جيني، لا تحاولي فلا أمل منكِ في هذه
الحياة.
ببطء
شديد فتحت عينيها تشعرُ بثقلٍ كبيرٍ في رأسها يرغمها على أن تغمضهما من جديد،
حاولت جاهدة حتى تمكنت من فتحهما أخيرًا لتبدو لها الرؤية مشوشة أخذت تنضبط من
تلقاء نفسها شيئًا فشيئًا حتى أدركت أنها استيقظت أخيرًا.
تأوهت
بألم وهي تنظر من حولها مُستغربةً المكان، انقبض قلبها عندما أدركت أنها بين حشدٍ كبيرٍ من
الناس، بدأت أنفاسها بالاضطراب تزعجها في صدرها، أزاحت الغطاء عن جسدها لحسن الحظ
لا زالت ترتدي ثيابها، بحثت عن حقيبتها ومعطفها لم تجدهما حتى سمعت صوت أحدهم
"أتبحثين عن هذه؟"
التفتت تنظر إلى
الأغراض بين يديه لم تتمكن من النظر إلى وجهه، إن نظرت في عينيه لربما تُصابُ
بسكتة.
"أ-أجل.. انهم
ملكي" أجابته.
"جيني-شي، هل
أصبحتِ بخير؟" سألها بقلق.
اومأت برأسها – نعم-
دون أن تتحدث.
"أدعى نامجون طبيب
نفسي في ذلك المركز"
صمتت للحظات وهي تتذكر
ما حدث وكيف ذهبت إلى ذلك المركز ثم همست بصوتٍ مرتجف "أغراضي أرجوك"
"لقد أُصبتِ
بانهيار عصبي.. هل انتِ متأكدة من أنكِ بخير؟" سألها نامجون مجددًا دون أن
يعطيها ما طلبت.
ازدردت لعابها وهي تنظر
من حولها، لماذا الناس يتواجدون في المستشفيات بكثرة بحق الله؟
نظر حيثُ تنظر لا يفهم
ما بها بالضبط، أقترب منها قليلًا فرآها تتراجع وهي تنظر فقط إلى الأغراض، هي
حتمًا لم ترى وجهه حتى الآن منذ استيقظت.
"هل هُناك أحدٌ ما
يُلاحِقُكِ؟ أو مثلًا تخافين من شيءٍ ما؟!" سألها بريبة.
تمكن من رؤية ردة فعلها
عندما سمعت القسم الأخير من سؤاله، قبضتيها أوشكت العروق عن الخروج منهما لشدة
ضغطها عليهما.
"أخبريني آنسة
جيني، لربما تمكنتُ من مُساعدتكِ" أخبرها بحذر ينتظر أن يسمعها تتحدث.
عندما ادركت أنه لن
يعطيها أغراضها وسيستمر بالسؤال لم تتمكن من احتمال هذه الضغوطات من حولها أعلنت
مسرعه بينما خرجت "آسفة"
التفت ينظر إليها، خرج
من الغرفة سريعًا ليراها متجمدة في مكانها وسط حشدٍ كبير من الناس يسيرون حولها،
نظر إلى قدمها حيث كانت
تُحاول التحرك لكنها مُتجمدة في مكانها بالفعل، أنزلت قبضتها وبدأت تضرب ساقها
لعلها تتحرك قليلًا، تضرب بقوة جعلتهُ يشعر بمدى الألم الذي قد تُسببه لنفسها.
بحث من حوله حتى تسلط
نظره على تلك الممرضة القابعة خلف طاولتها، ركض نحوها مسرعًا بينما كان يُراقب
جيني خائفًا من أن يصيبها مكروهًا.
"أيُمكنني استعمال
قلم وورقة أرجوكِ؟" سأل نامجون الممرضة فابتسمت وهي تقدم لهُ ما طلب.
كتب رقمه على الورقة
الوردية سريعًا ووضعها في حقيبة جيني، أغلقها جيدًا ثم توجه نحو جيني التي كانت
تنهار شيئًا فشيئًا.
سمعت صوتهُ يُنادي
عليها "جيني-شي"
حركت رأسها ببطء تنظر
حيث يقف أمام باب مخرج الطوارئ، فتح الباب وتحدث بصوتٍ عالٍ "حاولي
بسرعة"
وضع حقيبتها والمعطف
أمام المدخل وابتعد لكي لا تراه.
إنهُ يُحاول المساعدة
أجل .. لكنه يعلم أنها حتى هكذا لن تتمكن من السير أو الصمود طويلًا.
نظر الجميع إلى نامجون
عندما تحدث بصوتٍ عالٍ وهو يشير إلى أحدهم "أنهُ مجرمٌ هاربٌ من
العدالة"
اتسعت عينا ذلك الرجل
وهو يرى الجميع يقترب منه ويشيرون نحوه بأصابع الإتهام حتى دون ان يعلموا ما هي
جريمته.
"أمسكوه قبل أن
يهرب سأتصل بالشرطة" أعلن نامجون وهو ينظر نحو جيني يرجوها ان تمشي بسرعة
وتستغل فرصة تجمع الآخرين حول الرجل.
كادت ان تبتسم لما فعله
لكن شيئًا ما منعها وكل همها كان هو الخروج من هذا الجحيم المرعب.
"أنا لم أفعل شيء
صدقوني" تحدث الرجل بخوف.
ركضت جيني مسرعة أخذت
أغراضها وهو ينظر إليها ينتظرها أن تذهب وينتهي الأمر، كانت تقفُ ترغب بالالتفات
وشكره لكنها لم تتمكن فخرجت مسرعة.
تنفس الصعداء أخيرًا
خرجت وأنتهى الأمر، ابتسم براحة.
"يا سيد"
تحدث احدهم بينما كان ينقر على كتف نامجون، التفت إليه الأخير يسأله
"ها؟"
"هل اتصلت
بالشرطة؟"
نظر من حوله كل من
بالمشفى متجمعين يُمسكون بالرجل وهو يرجوهم ويخبرهم انه بريء وأنهُ مجرد سوء فهم.
أدرك حجم المصيبة التي
أقحم نفسهُ بها، ازدرد لعابه بتوتر يُفكر بطريقة ليُخلص نفسه بها .. هو وهذا الرجل
المسكين.
اقترب من الرجل بحذر
ينظر إليه بتفحص، ضحك ببلاهة وهو يحك مؤخرة رأسه "يبدو أنني أخطأت
الشخص"
نظر الجميع إليه بغضب
بينما عاد هو يبتسم "أعتذر"
"هل هو
مجنون؟"
"أهذه مشفى
للمجانين؟"
"لقد اضاع
وقتي"
والكثير من هذه الكلمات
بدأت تدخل إلى مسامع نامجون، أراد فقط الخروج من هُنا وهو ينظر إلى الجميع يتفرقون
ويشتمونه، بينما ذلك الرجل يقف يرمقه بغضب.
تحدث نامجون بابتسامة
متوترة "آ-آسف"
تراجع نحو الوراء وخرج
سريعًا قبل أن يقترب منه ذلك الرجل .. الذي كاد أن يدخل السجن بسبب جنون نامجون
وتهوره.
-
أغلق باب الشقة ودخل
يمشي بتعب حتى ارتمى على الاريكة مصدرًا تنهيدة عميقة جذبت انتباه تايهيونغ الذي
كان يجلس على الكرسي يُمسك بهاتفه يلعب عليه، سأله دون أن يزيح نظره من على الشاشة
"ماذا حدث؟"
تنهد نامجون مجددًا ثم أجاب "حياتي اللعينة، كالعادة"
"اذًا لم تسر الأمور على نحو جيد؟"
"مطلقًا" أجاب بهدوء.
"لماذا؟ ماذا حدث؟" سأل تايهيونغ ثم تحدث منفعلًا "وهووو لقد فزت"
"بدأ الأمر عندما لمستها" أجاب نامجون وهو يسترجع الموقف.
اتسعت عينا تايهيونغ وأخيرًا ازاح نظره عن الهاتف يوجهه نحو الآخر "م-ماذا؟ لمستها؟ أين وكيف؟"
نظر نامجون باتجاه تايهيونغ يرمقه بنظرات حادة "هل جننت؟ كيف ظننت أنني لمستها؟"
"لا أدري انت من فعلها، ثم ما هذا العمل الذي تلمس به الفتيات؟" سأل بنبرة ساخرة، أضاف بعد أن تبدلت نظراته الى الخباثة "أين لمستها ها؟"
"يآآه! أيُمكنك ألّا تُفكر بهذه القباحة؟" استند نامجون ليجلس على الأريكة فارجًا قدميه قليلًا ويتكئ بذراعيه عليهما.
"أنت قلت -بدأ الأمر عندما لمستها- " تحدث مقلدًا نبرته الميتة ثم اردف "أنت من اختار الفاظًا تجعل الآخرين يُسيئون الفهم"
ابتسم نامجون بالمقابل معلنًا "اوه أجل وكأنني لا أعرف نواياك المعتادة تايهيون!"
حمحم تايهيونغ قبل أن يتحدث متجاهلًا نظرات صديقه "حسنًا تابع حديثك"
نظف حنجرته وهو يرجع شعره الكثيف نحو الوراء، عدل جلسته مجددًا واضعًا قدمه اليمنى على اليُسرى مُسندًا ظهره نحو الاريكة ثم بدأ بسرد ما حدث "عندما وصلت كانت قد غادرت بالفعل، أنت تعلم كم كُنت أنتظر هذه الفرصة، لا يُمكنها المغادرة بهذه البساطة، لحسن حظي لم تغادر منذ وقتٍ طويل فتمكنتُ من اللحاق بها" أغمض عينيه فصمت قليلًا يُحاول تنظيم أفكاره، وما يحدث في أعماقه، قضم شفته السفلية بين اسنانه بخفة ليتركها بعد اللحظات وهو يفتح عينيه مردفًا "أمسكت بيدها لأوقفها لكنها" ازدرد لعابه وتابع "لكنها فقدت الوعي بين ذراعي وانتهى بنا الأمر في المشفى
حنى تايهيونغ جسده نحو الامام وسأل منفعلًا "م-ماذا؟ كيف لمستها بحق الجحيم لتففد الفتاة وعيها؟"
"يبدو أنها تعاني من الانثروبوفوبيا" أعلن أخيرًا.
حدق تايهيونغ أمامه للحظات ثم ارجع جسده يسند ظهره، عقد حاجبيه مضيقًا عينيه وأخذ يهز رأسه بهدوء بشكل مستمر، حدق به نامجون طويلًا وهو يتفحص تعابيره جيدًا، أصدر صوت ضحكة صغيرة ساخرة قبل أن يتحدث "أراهن أنك لا تعلم معنى ما قلت"
تبدلت تعابير تايهيونغ الى الجمود فجأة وهو ينظر إلى الآخر يرمقه بظراته المستفزة "أتظن أنني سأتمكن من نطقها لكي أعرف معناها أصلًا؟"
"كعادتك تافه لا تفهم شيء" همس نامجون بصوت مسموع. "لا أدري من منا التافه، من قضى عمره في دراسة وحفظ هذه المصطلحات وهو لا يستفيد منها الآن أم من اراح رأسه من معاناة النظر إليها حتى" أعلن تايهيونغ بنبرة قللت من شأن الآخر.
"لقد تركت المدرسة من اجل الموسيقى، هل أصبحت عازف مشهور الآن؟" سأل نامجون وهو ينظر إليه بسخرية.
اومأ تايهيونغ برأسه معلنًا "يبدو أن كلينا تافهين"
"يبدو ذلك" أكد نامجون مستسلمًا.
"حسنًا ما هو ذلك الشيء؟"
"الانثروبوفوبيا، رهاب البشر... تخاف من الناس لا يُمكنها الافتراب منهم"
"لماذا تخاف من البشر؟" سأل بفضول ليجيبه نامجون "نبدو لها كالوحوش التي ستلتهمها"
تقدم تايهيونغ بجسده ليصبح على طرف الاريكة وتحدث منفعلًا "اذًا نبدو لها وكأننا مجموعة من الزومبي مثلًا تمامًا كفيلم قطار إلى بوسان؟"
اومأ نامجون برأسه "أجل، نوعًا ما خوفها من البشر يجعلها تهرب بعيدًا لتبقى على قيد الحياة"
"ديبااك!! أن أبدو في نظر أحدهم زومبي ويخاف مني .. كم سأبدو مثيرًا وقتها" أعلن تايهيونغ مبتسمًا.
"أتمازحني الآن؟ أخبرتك أنها تخاف من البشر، نبدو إليها كوحوش، العالم كله بشر في كل مكان، كيف ستتمكن من الصمود أمام ملايين البشر من حولها؟ كيف ستلتقط أنفاسها بسهولة؟ تاي أنت لم تراها! كانت ترتجف خوفًا مني! ترجوني بعينيها أن أبتعد كي لا اؤذيها"
رطب تايهيونغ شفتيه بتوتر "آسف، لم أتخيل أن الأمر هكذا"
"تلك الفتاة تحتضر في أعماقها" أردف نامجون بقلة حيلة.
"اذًا ستساعدها؟"
"أعطيتها رقمي لكنها بدت ضعيفة جدًا لن تتصل"
"ربما لصالحها ألّا تتصل بك" تحدث تايهيونغ ساخرًا ليغير الاجواء، فرمقه نامجون بنظرات حادة بينما كان يقف "سأذهب للنوم لكي لا أرتكب جريمة أو يرتفع ضغطي"
وقف تايهيونغ متجهًا نحو المطبخ فتحدث في طريقه بصوتٍ واضح "صحيح، في السادسة ستأتي بورا لتناول العشاء عندنا"
تجمد نامجون في مكانه، التفت بهدوء ينظر نحو تايهيونغ، تقدم ببطء يسأله بحذر "ماذا قلت؟"
" بورا ستتناول العشاء هنا لذا كُن مستيقظًا في السادسة" أجاب تايهيونغ بهدوء استفز نامجون جعله يصرخ في وجهه "ألم اخبرك ألّا تُحضرها إلى هُنا؟"
"هيونغ إنها خطيبتي، وهذا المنزل أدفع نصف ايجاره، ما المانع في احضارها؟" سأل تايهيونغ بنفاذ صبر.
تاي، أنت تعلم كم نكره بعضنا أنا وهي، من المفترض أنك قد توصلت إلى قناعة أنه لا مجال لجمعنا تحت سقفٍ واحد"
"أنا حقًا لا أعلم لما تكرهان بعضكما هكذا، أنت صديقي المقرب وهي قريبًا ستصبح زوجتي، لماذا تفعل هذا؟"
"زوجتك؟ لا أعلم لما تحبها على أية حال!" تحدث نامجون بقلة حيلة.
"هيونغ..."همس نامجون بصوتٍ مسموع.
تنهد نامجون مجددًا ثم أجاب "حياتي اللعينة، كالعادة"
"اذًا لم تسر الأمور على نحو جيد؟"
"مطلقًا" أجاب بهدوء.
"لماذا؟ ماذا حدث؟" سأل تايهيونغ ثم تحدث منفعلًا "وهووو لقد فزت"
"بدأ الأمر عندما لمستها" أجاب نامجون وهو يسترجع الموقف.
اتسعت عينا تايهيونغ وأخيرًا ازاح نظره عن الهاتف يوجهه نحو الآخر "م-ماذا؟ لمستها؟ أين وكيف؟"
نظر نامجون باتجاه تايهيونغ يرمقه بنظرات حادة "هل جننت؟ كيف ظننت أنني لمستها؟"
"لا أدري انت من فعلها، ثم ما هذا العمل الذي تلمس به الفتيات؟" سأل بنبرة ساخرة، أضاف بعد أن تبدلت نظراته الى الخباثة "أين لمستها ها؟"
"يآآه! أيُمكنك ألّا تُفكر بهذه القباحة؟" استند نامجون ليجلس على الأريكة فارجًا قدميه قليلًا ويتكئ بذراعيه عليهما.
"أنت قلت -بدأ الأمر عندما لمستها- " تحدث مقلدًا نبرته الميتة ثم اردف "أنت من اختار الفاظًا تجعل الآخرين يُسيئون الفهم"
ابتسم نامجون بالمقابل معلنًا "اوه أجل وكأنني لا أعرف نواياك المعتادة تايهيون!"
حمحم تايهيونغ قبل أن يتحدث متجاهلًا نظرات صديقه "حسنًا تابع حديثك"
نظف حنجرته وهو يرجع شعره الكثيف نحو الوراء، عدل جلسته مجددًا واضعًا قدمه اليمنى على اليُسرى مُسندًا ظهره نحو الاريكة ثم بدأ بسرد ما حدث "عندما وصلت كانت قد غادرت بالفعل، أنت تعلم كم كُنت أنتظر هذه الفرصة، لا يُمكنها المغادرة بهذه البساطة، لحسن حظي لم تغادر منذ وقتٍ طويل فتمكنتُ من اللحاق بها" أغمض عينيه فصمت قليلًا يُحاول تنظيم أفكاره، وما يحدث في أعماقه، قضم شفته السفلية بين اسنانه بخفة ليتركها بعد اللحظات وهو يفتح عينيه مردفًا "أمسكت بيدها لأوقفها لكنها" ازدرد لعابه وتابع "لكنها فقدت الوعي بين ذراعي وانتهى بنا الأمر في المشفى
حنى تايهيونغ جسده نحو الامام وسأل منفعلًا "م-ماذا؟ كيف لمستها بحق الجحيم لتففد الفتاة وعيها؟"
"يبدو أنها تعاني من الانثروبوفوبيا" أعلن أخيرًا.
حدق تايهيونغ أمامه للحظات ثم ارجع جسده يسند ظهره، عقد حاجبيه مضيقًا عينيه وأخذ يهز رأسه بهدوء بشكل مستمر، حدق به نامجون طويلًا وهو يتفحص تعابيره جيدًا، أصدر صوت ضحكة صغيرة ساخرة قبل أن يتحدث "أراهن أنك لا تعلم معنى ما قلت"
تبدلت تعابير تايهيونغ الى الجمود فجأة وهو ينظر إلى الآخر يرمقه بظراته المستفزة "أتظن أنني سأتمكن من نطقها لكي أعرف معناها أصلًا؟"
"كعادتك تافه لا تفهم شيء" همس نامجون بصوت مسموع. "لا أدري من منا التافه، من قضى عمره في دراسة وحفظ هذه المصطلحات وهو لا يستفيد منها الآن أم من اراح رأسه من معاناة النظر إليها حتى" أعلن تايهيونغ بنبرة قللت من شأن الآخر.
"لقد تركت المدرسة من اجل الموسيقى، هل أصبحت عازف مشهور الآن؟" سأل نامجون وهو ينظر إليه بسخرية.
اومأ تايهيونغ برأسه معلنًا "يبدو أن كلينا تافهين"
"يبدو ذلك" أكد نامجون مستسلمًا.
"حسنًا ما هو ذلك الشيء؟"
"الانثروبوفوبيا، رهاب البشر... تخاف من الناس لا يُمكنها الافتراب منهم"
"لماذا تخاف من البشر؟" سأل بفضول ليجيبه نامجون "نبدو لها كالوحوش التي ستلتهمها"
تقدم تايهيونغ بجسده ليصبح على طرف الاريكة وتحدث منفعلًا "اذًا نبدو لها وكأننا مجموعة من الزومبي مثلًا تمامًا كفيلم قطار إلى بوسان؟"
اومأ نامجون برأسه "أجل، نوعًا ما خوفها من البشر يجعلها تهرب بعيدًا لتبقى على قيد الحياة"
"ديبااك!! أن أبدو في نظر أحدهم زومبي ويخاف مني .. كم سأبدو مثيرًا وقتها" أعلن تايهيونغ مبتسمًا.
"أتمازحني الآن؟ أخبرتك أنها تخاف من البشر، نبدو إليها كوحوش، العالم كله بشر في كل مكان، كيف ستتمكن من الصمود أمام ملايين البشر من حولها؟ كيف ستلتقط أنفاسها بسهولة؟ تاي أنت لم تراها! كانت ترتجف خوفًا مني! ترجوني بعينيها أن أبتعد كي لا اؤذيها"
رطب تايهيونغ شفتيه بتوتر "آسف، لم أتخيل أن الأمر هكذا"
"تلك الفتاة تحتضر في أعماقها" أردف نامجون بقلة حيلة.
"اذًا ستساعدها؟"
"أعطيتها رقمي لكنها بدت ضعيفة جدًا لن تتصل"
"ربما لصالحها ألّا تتصل بك" تحدث تايهيونغ ساخرًا ليغير الاجواء، فرمقه نامجون بنظرات حادة بينما كان يقف "سأذهب للنوم لكي لا أرتكب جريمة أو يرتفع ضغطي"
وقف تايهيونغ متجهًا نحو المطبخ فتحدث في طريقه بصوتٍ واضح "صحيح، في السادسة ستأتي بورا لتناول العشاء عندنا"
تجمد نامجون في مكانه، التفت بهدوء ينظر نحو تايهيونغ، تقدم ببطء يسأله بحذر "ماذا قلت؟"
" بورا ستتناول العشاء هنا لذا كُن مستيقظًا في السادسة" أجاب تايهيونغ بهدوء استفز نامجون جعله يصرخ في وجهه "ألم اخبرك ألّا تُحضرها إلى هُنا؟"
"هيونغ إنها خطيبتي، وهذا المنزل أدفع نصف ايجاره، ما المانع في احضارها؟" سأل تايهيونغ بنفاذ صبر.
تاي، أنت تعلم كم نكره بعضنا أنا وهي، من المفترض أنك قد توصلت إلى قناعة أنه لا مجال لجمعنا تحت سقفٍ واحد"
"أنا حقًا لا أعلم لما تكرهان بعضكما هكذا، أنت صديقي المقرب وهي قريبًا ستصبح زوجتي، لماذا تفعل هذا؟"
"زوجتك؟ لا أعلم لما تحبها على أية حال!" تحدث نامجون بقلة حيلة.
"هيونغ..."همس نامجون بصوتٍ مسموع.
"حاول من أجلي فقط اليوم"
"سأذهب للنوم" أعلن نامجون وهو يدخل إلى غرفته.
"سأذهب للنوم" أعلن نامجون وهو يدخل إلى غرفته.
-
دخلت إلى شقتها أخيرًا
تلهث من شدة ركضها، كابوس فظيع ما عانته اليوم .. بل أفظع من أن يكون مجرد كابوس،
أنه الدرجة السابعة من الجحيم حتمًا.
دخلت إلى غرفة نومها،
جلست على السرير واضعة حقيبتها بجوارها تتنفس بهدوء أخيرًا.
التقطت حقيبتها تُخرج
الدواء منها، البخاخ الذي يُعيد روحها إلى الحياة.
لفت نظرها تلك الورقة
الوردية الملقاة في قاع الحقيبة.
أخرجتها تنظر إليها بفضول، فتحت ثنيتها ليظهر
رقم هاتف في منتصفها مع اسمه وجملة (الألم يطالب بالشعور به)-
اقتباس.
عضت
على شفتها بقوة .. حسنًا ؛ هي أكثر من يعاني من الآلام في الدُنيا لكنها تبقى
صامتة، أيجب عليها البوح به والصراخ عاليًا لكي تشعر بهِ ؟ ما الذي يقصده بحق
الجحيم؟
-
وسط ضجيج الطلاب
والفوضى العارمة في الأرجاء من حوله كان هو معزولًا في ضجيجه الخاص يستمع إلى
موسيقى صاخبة في أذنيه، يمسك قلم رصاص يحل إحدى مسائل الرياضيات بتركيز، يبدو أنها
مسألة صعبة نوعًا ما، فالعقدة بين حاجبيه وشفته التي كان يقضمها بين اسنانه تارةً
ويرطبها بلسانه تارةً أخرى جعلت توتره واضحًا ولو كان بشكلٍ بسيط.
أمسك ركبته اليسرى يشد عليها بينما يعدل جلسته مسندًا ظهره نحو الكرسي، شد قبضته حول ركبته التي من المفترض أن تؤلمه لكنه لم يأبه بها البته، تركيزه في المسألة التي بين يديه أهم من أن يتأوه على ألمٍ خفيفٍ كهذا وإن كان لغيره مزعج.
ازدرد لعابه فتحركت تفاحة آدم في عنقه صعودًا فهبوطًا، عاد ليعض على شفته مجددًا وهو يشد على القلم بين أصابع يده اليُمنى، موسيقى الجنون في أذنيه تغلغلت نحو أعماقه تُشعلها هائجة أففدته وعيه لينغمس في متلازمة اللاوعي التي تَرافقه كُلما ركز في حل مسألةٍ ما، لحظات حتى ارخى قبضته حول ركبته لتظهر تجعيدة البنطال، لعق شفته العلوية بلسانه الرطب،تنفس الصعداء أخيرًا وهو يكتب الجواب النهائي بعد اشارة المساواة.
أزاح السماعات عن أذنيه بهذوء بينما ظهرت ابتسامة جانبية خفيفه على شفتيه .. ابتسامة ثقة، غرور، يرضى بها عن نفسه.
رفع رأسه قليلًا ينظر باتجاه باب الغرفة الصفية حيث رآها تدخل منفعلة وهي تحمل رزمة من الورق بين ذراعيها، تفرق الطُلاب وحُلت المجموعات الجانبية وكُلٌّ منهم جلس في مقعده.
رمشت عيناه باللامبالاة وهو يسمع صوتها تتحدث بجدية "سأوزع عليكم أوراق العلوم الحياتية"
حسنًا؛ لنكن متفقين على أمر منذ الآن، جيمين يكره هذه المادة يبغضها بشدة ودراستها بالنسبة إليه كجحيم جلوس والدته معه في نفس الغرفة لنصف ساعة متواصلة.
بدأت المعلمة بذكر اسم الطالب واحدًا تلو الآخر حتى وصلت إليه، سمعها تنطق باسمه بين شفتيها ببطء شديد جدًا جعله يبدو غليظ بشكلٍ غير مفهوم، ازدرد لعابه بتوتر يحاول الوقوف على قدميه، خطوات بسيطة فقط التي كانت تفصله عنها، ورقته .. ورقة الهلاك.
رآها ترمقه بنظرات خبيثة وابتسامتها القذرة على ثغرها المقرف، علم أن مصيبة ما ستقترب منه، مد ذراعه ليأخذ الورقة وأخيرًا أمسك بها، سمعها تهتف بذات اللحظة بنبرتها التي تستفز أعماقه حد الجنون "14/15"
ارتفع ركن شفتيه الأيمن يبتسم بسخرية "لا تنسي اخبارها"
تبعثرت تعابيرها بين الغضب والتوتر، تركها في فوضاها المعتادة والتفت عائدًا إلى مقعده يحاول التماسك هو الآخر.
أي جحيم ينتظره في المنزل عندما تعرف والدته بأمر هذه العلامة.
أمسك ركبته اليسرى يشد عليها بينما يعدل جلسته مسندًا ظهره نحو الكرسي، شد قبضته حول ركبته التي من المفترض أن تؤلمه لكنه لم يأبه بها البته، تركيزه في المسألة التي بين يديه أهم من أن يتأوه على ألمٍ خفيفٍ كهذا وإن كان لغيره مزعج.
ازدرد لعابه فتحركت تفاحة آدم في عنقه صعودًا فهبوطًا، عاد ليعض على شفته مجددًا وهو يشد على القلم بين أصابع يده اليُمنى، موسيقى الجنون في أذنيه تغلغلت نحو أعماقه تُشعلها هائجة أففدته وعيه لينغمس في متلازمة اللاوعي التي تَرافقه كُلما ركز في حل مسألةٍ ما، لحظات حتى ارخى قبضته حول ركبته لتظهر تجعيدة البنطال، لعق شفته العلوية بلسانه الرطب،تنفس الصعداء أخيرًا وهو يكتب الجواب النهائي بعد اشارة المساواة.
أزاح السماعات عن أذنيه بهذوء بينما ظهرت ابتسامة جانبية خفيفه على شفتيه .. ابتسامة ثقة، غرور، يرضى بها عن نفسه.
رفع رأسه قليلًا ينظر باتجاه باب الغرفة الصفية حيث رآها تدخل منفعلة وهي تحمل رزمة من الورق بين ذراعيها، تفرق الطُلاب وحُلت المجموعات الجانبية وكُلٌّ منهم جلس في مقعده.
رمشت عيناه باللامبالاة وهو يسمع صوتها تتحدث بجدية "سأوزع عليكم أوراق العلوم الحياتية"
حسنًا؛ لنكن متفقين على أمر منذ الآن، جيمين يكره هذه المادة يبغضها بشدة ودراستها بالنسبة إليه كجحيم جلوس والدته معه في نفس الغرفة لنصف ساعة متواصلة.
بدأت المعلمة بذكر اسم الطالب واحدًا تلو الآخر حتى وصلت إليه، سمعها تنطق باسمه بين شفتيها ببطء شديد جدًا جعله يبدو غليظ بشكلٍ غير مفهوم، ازدرد لعابه بتوتر يحاول الوقوف على قدميه، خطوات بسيطة فقط التي كانت تفصله عنها، ورقته .. ورقة الهلاك.
رآها ترمقه بنظرات خبيثة وابتسامتها القذرة على ثغرها المقرف، علم أن مصيبة ما ستقترب منه، مد ذراعه ليأخذ الورقة وأخيرًا أمسك بها، سمعها تهتف بذات اللحظة بنبرتها التي تستفز أعماقه حد الجنون "14/15"
ارتفع ركن شفتيه الأيمن يبتسم بسخرية "لا تنسي اخبارها"
تبعثرت تعابيرها بين الغضب والتوتر، تركها في فوضاها المعتادة والتفت عائدًا إلى مقعده يحاول التماسك هو الآخر.
أي جحيم ينتظره في المنزل عندما تعرف والدته بأمر هذه العلامة.
-
"ماذا سأرتدي ؟" سأل مباشرة بعد
أن فتح باب خزانته محدقًا بثيابه المعلقة أمامه، أحاط معدته بذراعه اليُسرى وثبت
الأخرى بشكل عامودي عليها ملامسًا ذقنه بأطراف أصابعه.
"هم هم هم..." أصدر أصواتًا كتلك محاولًا التركيز جيدًا، فرق شفتيه عن بعضهما مظهرًا صف أسنانه العلوي، تحدث بصوته الغليظ "هيا تاي عليك العثور على ملابس مناسبة" وضع يديه فوق إحدى القطع، أمسكها بقبضته الكبيرة وبدأ بالبحث جيدًا وهو يهمس لنفسه "بسرعة .. بسرعة"
سمع رنين هاتفه، نظر خلفه ليجده على السرير يضيء وينطفئ، اقترب من السرير يلتقط الهاتف، ابتسم عندما رأى اسمها يزين الشاشة 'الحلوى خاصتي' أجاب أخيرًا ليسمع صوتها قادم من على الطرف الآخر
--اوبا!
-حُلوتي، كيف حالك؟
--اشتقت لك.
-لم يتبقى الكثير حتى نرى بعضنا. (تحدث مواسيًا نفسه(
--لا أطيق الانتظار.
-هل هناك شيء محدد أم أنها مكالمة حُب ليس إلا ؟ (سأل برومانسية)
--كُنتُ أريد أن أؤكد أنني سأجلبُ الحلوى معي.
-متأكد ستكونُ شهية.
--حسنًا سأذهب لأكمل صنعها، أراك في المساء... قُبلاتي مع عناق دافئ.
-أيمكنني الحصول عليهم فور وصولكِ ، تلك القُبلات! (سأل بنبرة خبيثة)
--اوباا ! (هتفت بخجل)
-صحيح لا تنسي أن نامجون لا يتناول البندق. (تحدث مستدركًا(
--لا تقلق لن أنسى .. أعتنِ بنفسك.
"هم هم هم..." أصدر أصواتًا كتلك محاولًا التركيز جيدًا، فرق شفتيه عن بعضهما مظهرًا صف أسنانه العلوي، تحدث بصوته الغليظ "هيا تاي عليك العثور على ملابس مناسبة" وضع يديه فوق إحدى القطع، أمسكها بقبضته الكبيرة وبدأ بالبحث جيدًا وهو يهمس لنفسه "بسرعة .. بسرعة"
سمع رنين هاتفه، نظر خلفه ليجده على السرير يضيء وينطفئ، اقترب من السرير يلتقط الهاتف، ابتسم عندما رأى اسمها يزين الشاشة 'الحلوى خاصتي' أجاب أخيرًا ليسمع صوتها قادم من على الطرف الآخر
--اوبا!
-حُلوتي، كيف حالك؟
--اشتقت لك.
-لم يتبقى الكثير حتى نرى بعضنا. (تحدث مواسيًا نفسه(
--لا أطيق الانتظار.
-هل هناك شيء محدد أم أنها مكالمة حُب ليس إلا ؟ (سأل برومانسية)
--كُنتُ أريد أن أؤكد أنني سأجلبُ الحلوى معي.
-متأكد ستكونُ شهية.
--حسنًا سأذهب لأكمل صنعها، أراك في المساء... قُبلاتي مع عناق دافئ.
-أيمكنني الحصول عليهم فور وصولكِ ، تلك القُبلات! (سأل بنبرة خبيثة)
--اوباا ! (هتفت بخجل)
-صحيح لا تنسي أن نامجون لا يتناول البندق. (تحدث مستدركًا(
--لا تقلق لن أنسى .. أعتنِ بنفسك.
-أنتِ أيضًا... أُحِبُكِ.
أنهت
المكالمة ثم نظرت نحو صديقتها التي كانت ترمقها بنظراتها المشمئزة "يالله
عليكِ بورا!"
"ماذا؟"
"رومانسية
مقرفة" أردفت الأخرى.
"أنتِ
من طلبت الاستماع للمكالمة عليكِ التحمل" تحدثت بورآ بثقة.
"حسنًا
دعينا من هذا الآن، إذن نامجون لديه حساسية ضد البندق؟"
"أجل،
لماذا؟" اومأت بورآ.
"غبية
! عليكِ أن تنتقمي من كرهه لكِ"
"لكنني
أكرهه أيضًا ما فائدة الانتقام؟"
"آيــش
غبية فعلًا"
"ماذا
أفعل إذن آنسة سوجين؟" سألت بورآ بنفاذ صبر.
"سترين"
أجابت سوجين وهي تبتسم بخبث.
-
كانت نائمة في سريرها تُحرك رأسها يمينًا ويسارًا ترتجف بشدة، أنفاسها المضطربة يعلو صوتها بوضوح، تتنفس مرةً وراء الأخرى بقوة وصدى أنفاسها يضرب في جدران الغرفة ليرتد إلى جسدها الهزيل فترتعش فجأة، قطرات العرق غطت منتصف جبينها، وشفتيها الجافتين مبتعدتان عن بعضهما البعض والدماء متجمدة في تشققاتها من شدة ضغطها عليهم بأسنانها، ازدردت لعابها مرارًا ترطب حلقها الجاف، تُغمض عينيها بشدة فتتراكم التجاعيد فوق جفنيها وبين حاجبيها، أصدرت أنينًا واضحًا وهي تتقلب نحو الجهة الأخرى، شدت على قبضتيها فعلى صوت أنينها مصاحبًا لتأوهات موجعة تخرج من صدرها الذي كان يعلو ويهبط من شدة اضطراب تنفسها، وكأنها تختنق ببطء، وكأن أنفاسها عالقة في مجرى تنفسها تأبى القيام بعملية التنفس الطبيعية من شهيق وزفير، مُحتجزة فاضطربت بجنون تصارع بعضها البعض تحاول الخروج أو حتى الدخول، هي فقط لا تُريد البقاء ثابتة، شهقت بقوة وكأنها تُخرج سكرات الموت قبل أن تفتح عينيها، هدأت قليلً وانتظمت أنفاسها نوعًا بالزغم من سرعتهم الزائدة إلا أنها على الأقل تتنفسُ بشكلٍ طبيعي الآن.
أسندت نفسها لتجلس على السرير مُحاولة مسح العرق بظهر كفها، انقبض قلبها عندما تذكرت ما رأته من كوابيس موحشة، ازدردت لُعابها بسرعة ثم اتجهت نحو الحمام، خلعت ثيابها ثم القت نفسها تحت المياه الدافئة تغسل العرق الذي قد غطى جسدها بالكامل، تشعرُ بالقرف من نفسها و .... وبوجع في أعماقها.
تراكمت الدموع في مقلتيها الحمراوين، علا نحيبها بينما تساقطت دموعها أخيرًا لتختلط بالمياه على وجنتيها الباردتين، شهقاتها المتتالية وقطرات الماء التي دخلت إلى فمها، تُحاول مسح دموعها بظهر كفها، لكن الماء جعلت تجفيف وجهها صعب للغاية، تمسحُ بيدها اليُمنى ثم اليُسرى هنا وهناك حتى فقدت أعصابها وأطلقت صرخة عمقية، تحدثت من بين شهقاتها "الهي أرجوك ساعدني"
عضت على شفتها بقوة تُسكت رجفتها تحدثت من بين أسنانها "ما هذه الحياة اللعينة جيني؟ إلى متى ستصمُدين؟!"
-
فتح باب المنزل ببطء وحذر شديدين،
يُمكنه سماع دقات قلبه بوضوح، ازدرد لعابه بينما دخل إلى المنزل أخيرًا، نظر من
حوله يتفحص المكان جيدًا والخوف يسيطر على خلاياه بأكملها، أغلق الباب ببطء وبينما
كان يلتفت ليدخل تلقى صفعة قوية على خده كان صوتها كصوت قرع الطبل بقوة.
تجمدت أطرافه ينظر بنفس الاتجاه
مصدومًا، شد على قبضتيه يحاول التماسك وهو يسمعها تتحدث بنبرة مستفزة "ممنوعٌ عليك
الطعام والشراب والاستراحة التي كنت تحظى بها أنسى أمرها، ستدرس حتى تُعيد
الإمتحان في الغد وتُحرز العلامة التامة وإلا قتلتك بيداي" أردفت وهي تصرخ
"إلى غرفتك"
دخل مسرعًا
إلى غرفته دون أن يتفوه بحرفٍ واحد، أغلق الباب وارتكز بظهره نحوه.
يحدق نحو
الأرض بصمت ... صمت مرعب.
الهدوء الذي
عمّ حوله فجأة مظلم، شديد السواد يتراكم فوق كتفيه كثقلٍ وزنة آلاف الأطنان لا
يُمكنه التحملل .. فهو مجرد إنسان.
تراكمت
الدموع في مقلتيه ببطء ثم انسابت متجهة نحو خديه، بدأ بالبكاء بصمت، ذلك البكاء
الذي تكتم بهِ شهقاتك حتى تكاد تخنقك، تقتلك وهي تندفع نحو أعماقك تُزيد من جرحك
اتساعًا ليُصبح أعمق وأشد إيلامًا.
أخفى عينه
اليُمنى بظهر كفه الأيمن يبكي ويأنّ بصوتٍ خافت خوفًا من ان تسمعهُ تلك التي من
المفترض أنها أنجبته ... لكنها تُحطمه ببطء، تُدمره من الداخل إلى الخارج، أنه
بالفعل مجرد إنسان يُمكنه البكاء والتألم إن تلقى صفعة من والدته ... هو ليس بآلة
تضعها على وضع التشغيل متى ما شائت وتُطفئها في نهاية اليوم، كيف يُمكنها فعل هذا
بابنها؟ أهو ابنها حتى؟!
مسح دموعه
بالرغم من عينيه الحمراوين إلا انه اتجه نحو مكتبهِ وبدأ بدراسة مادة الأحياء التي
عليه أن يُحبها رغمًا عنه.
-
فتح الباب
يُقابلها بابتسامتهِ الساحرة، زفر براحة "حُلوتي"
"اوبا،
كيف حالك؟" سألته بينما دخلت إلى المنزل وهي تحمل صندوق بين ذراعيها.
أغلق الباب
وتبعها مُجيبًا "حالي أصبح أفضل برؤيتكِ"
"صديقك
ليس هُنا؟"
"بلى
أنه نائم، دعيه قليلًا أريد أن أحظى بتلك القُبلات اولًا" تحدث وهو يقتربب منها
يُمسك بيديها.
"تاي
اوبا" همست بخجل بينما جذبها هو نحوه.
-
كانت تجلس
على الأريكة بشعرها المبلول وملابسها المريحة تحدق نحو الطاولة أمامها حيث الورقة
الوردية ذاتها وتقرأ الجملة مرارًا – الألم يطالب بالشعور به.
نظرت نحو
هاتفها بجوار الورقة، كانت تفرك أصابعها بتوتر .. هل عليها مهاتفه؟؟
أرجعت شعرها
نحو الوراء تزفر بضيق .. ماذا تفعل؟
-
"وضبي
طاولة الطعام وسأذهب لإيقاظه" تحدث تايهيونغ بينما كان ينظر إليها مبتسمًا
بحب.
فتحت باب غرفة
نامجون دخل وأغلقه بهدوء.
أقترب من
سرير صديقه، وضع يده على جسده وبدأ يهزه بهدوء "هيونغ .. هيونغ"
نامجون ونومه
الثقيل كالمعتاد ..!
"هيونغ
!!!" سرّع هزه قليلًا.
لا جدوى !
زفر بنفاذ
صبر ثم استقام ينظر إليه قاطبًا حاجبيه، زفر مجددًا قبل أن يصرخ بصوتٍ عالٍ "هيووونغ!"
انتفض نامجون
في مكانه بفزع.
"أخيرًا"
هتف تايهيونغ براحة.
"بحقك
تاي، مجددًا؟" نظر نامجون إلى صديقه بتعب وكأنه سيبكي.
"هيونغ
لو انك تستيقظ بشكل طبيعي لما لجأت لمثل هذه الطُرق" تحدث تايهيونغ بصراحة ثم
اردف "هيا تعال فالعشاء أصبح جاهزًا" مشى نحو الباب ثم التفت سريعًا
"صحيح، بدل ثيابك واغسل وجهك" تحدث مبتسمًا.
خرج تايهيونغ
ثم تمتم نامجون بضيق "عليك اللعنة أنت وتلك الشمطاء"
"هل
استيقظ؟" سألت بورا فأجابها تايهيونغ "أجل انه قادم"
لحظات حتى
سمعا صوت الباب يُفتح ليخرج نامجون بملابس نومه، بنطاله الرمادي الواسع وكنزته
البيضاء بالاضافة إلى شعره المبعثر بشكله الفوضوي، تنهد تايهيونغ بضيق بينما
ابتسمت بورا بسخرية من مظهره.
اقترب نامجون
منهما ينظر نحو الطعام بلامبالاة، رمقه تايهيونغ بغضب وهمس بصوتٍ يمكن لنامجون فقط
ان يسمعه "ما الذي ترتديه؟"
رفع نامجون
كتفيه ببراءة ثم جلس على الكرسي أمام الطاولة.
جلس الثنائي
بجوا بعضهما أيضًا ثم بدا تايهيونغ بتقسم الطعام وتوزيعه في الأطباق بمساعدة بورا.
"عليكما
تذوق هذه الفطيرة المحلاه عانيت في صنعها من اجلك اوبا" تحدثت بورا وهي تنظر
باتجاه تايهيونغ.
رمقهما
نامجون بازدراء ثم أخذ الطبق من يد بورا وبدأ بتناوله، اللقمة الاولى ثم الثانية
... شعر بشيءٍ يكبت نفسه بقوة، فتح فمه يحاول التقاط أنفاسه الضائعة لكنه يختنق
بالفعل، سمع تايهيونغ صوتًا غريبًا فنظر نحو نامجون ليراه بوجهه المزرق وعروقه
البارزة في عنقه يتنفس بصعوبة، انفعل تايهيونغ فدفع الطعام من امامه لتصطدم
الأطباق ببعضها، اقترب من نامجون مسرعًا "هيونغ ما بك؟"
"ب-بندق"
اجاب بصعوبة.
اتسعت عينا
تايهيونغ مصدومًا، نظر نحو بورا التي كانت تُحدق بدهشة، رمقها بغضب لا يُمكنه أن
يُصدق حقًا، عاد لينظر إلى نامجون "هيونغ سأتصل بالاسعاف"
شد نامجون
قبضته حول ذراع تايهيونغ وتحدث بأنفاسه المتقطعة "لا بأس فقط أحضر
الدواء"
شد تايهيونغ
على أسنانه والدموع تتراكم في مقلتيه الغضب قد سيطر عليه كُليًا سيُجن.
ساعد نامجون
على الوقوف أخذه إلى الحمام ليحاول أن يُخرج ما تناوله من البندق، بينما كانت هي
ترتجف في مكانها لم تتوقع أن حساسيته ضد البندق ستجعله يتعذب هكذا .. أوشك على
الموت.
أخرج ناموجون
كل الطعام من معدته أخيرًا غسل وجهه جيدًا ثم أخذه تايهيونغ إلى غرفته جعله يستلقي
على سريره، أخرج الدواء وقدمه له.
نظر إليه
نامجون، رآه سيبكي ولكنه يكتم هذا بداخله، ابتسم نامجون بتعب "لا تقلق أنا
بخير"
"أنا
آسف هيونغ لقد حذرتها بالفعل" تحدث تايهيونغ بصوتهِ المتحشرج.
"لا بأس
.. سأنام قليلًا" وضع نامجون رأسه على وسادته وغطى نفسه بمساعدة تايهيونغ.
كانت تمشي
بارتباك متوترة بشدة .. هل تغادر ام تبقى وتنتظر خروجه ؟ ماذا سيحدث لها الآن؟
تجمدت في
مكانها عندما سمعت صوت باب الغرفة يُفتح ورؤيتها له وهو يخرج والعقدة بين حاجبيه.
"اوبا
أقسم انني نسيت" تحدثت بتردد وهو يقترب منها، أمسك بذراعها شد عليها بقوة
وتحدث غاضبًا "حذرتكِ مسبقًا"
"أقسم
انني نسي-" قاطعها بنبرتهِ القوية "كاد أن يموت!"
استطاعت رؤية
الغضب في عينيه، الخوف الشديد على صديقه الذي بلحظة جعله ينسى من هي بالنسبة له،
يُمكنه قتلها الىن فقط إن أصابه مكروه.
تحولت
تعابيره إلى الغضب معلنة "أخبرتك انني لم أتعمد فعلها، كما أنه على قيد
الحياة وبخير الآن"
أفلت يدها
"أخرجِ من هنا"
اتسعت عيناها
بصدمة "م-ماذا؟"
"كما
سمعتِ اخرجِ من المنزل الىن وفورًا" أكد بنبرة حازمة.
"حسنًا"
أعلنت بينما أخذت أغراضها وخرجت من المنزل سريعًا فارتمى هو يجلس على الأريكة مرهق
من شدة القلق والخوف على نامجون.
لقد حدث مثل هذا الموقف منذ سنوات
مضت، في المدرسة عندما كانا يدرسان سويًا في نفس السنة، كانت كعكة بالبندق تقاسمها
تايهيونغ مع نامجون وقتها بقي نامجون في العناية المشددة يومين كاملين، أدرك
تايهيونغ وقتها انه قتل أعز صديقٍ له.
مسح تايهيونغ
على شعرهِ وهي يسند رأسه على ظهر الأريكة والدموع تغطي وجنتيه.
-
اقتربت والدة
جيمين من غرفته فتحت الباب لم تجسده يجلس على مكتبه يذاكر، عقدت حاجبيها فدخلت إلى
الغرفة بغضب، لمحت قدمه بجوار السرير، اقتربت ببطء لتراه فاقدًا وعيه وجسده ملقيًا
على الأرض لا حول لهُ ولا قوة، اقتربت منه مسرعة تهز جسده وتنادي عليه لكنه لا
يجيب، نادت زوجها بسرعة واتصلا بالاسعاف.
-
قطرات الماء
تسقط على شعره الأسود ببطء لتصل إلى وجهه النقي.
لف المنشفة
حول خصره تاركًا الجزء العلوي من جسده عاريًا، وخصلات شعره السوداء المبللة مبعثرة
على جبينه.
دخل إلى
غرفته ارتدى بنطاله الأسود .. مشى بجوار طاولةٍ عليها طبق فاكهةة، التقط حبة خوخ
وتابع سيره ليجلس على الكرسي رافعًا قدميه يضعهما على الطاولة أمامه.
رفع يده وقرب
حبة الخوخ من فمه، فتح فمه ببطء وقضم الحبة بين أسنانه البيضاء، سقطت قطرة من عصارة
الخوخ بلونها الأحمر من طرف شفتيه كقطرة دماءٍ فرّت من بين شفتي مصاص دماء بعد
التهامه لفريسته.
أبعد الحبة
عن فمه بهدوء، مسح شفتيه بطرف لسانه بينما مسح القطرة بطرف إبهامه الأيمن.
اقتربت تلك
الفتاة بصوتها الانثوي المُدلل منهُ، عدّل من جلسته، جلست بجواره تلامس صدره
العاري بأطراف أصابعها "يونج-" تحدثت الفتاة لكنه قاطعها واضعهًا سبابته
على شفتيه "اشش .. انهُ شوجا"
-
التقطت
هاتفها أخيرًا بعد صراع دام لساعات، أدخلت رقم هاتفه ثم انتظرت قدوم شجاعتها لكي
تضغط على زر الاتصال.
بينما كان هو
ينام بعمق بعد التعب والألم الذي عاناه، كان هاتفه بجواره يُضيء معلنًا عن اتصال
رقم غريب، كان على وضع الصامت.
كانت تسير
بتوتر وهي تفرك أصابع يدها اليسرى تُريده ان يجيب وفي ذات اللحظة ترجو ألّا تسمع
صوته.
-
فتح عينيه
ببطء .. لم يحتج وقتًا طويلًا ليُدرك انهُ في المشفى.
رآها تجلسُ
بجواره ضامةً ذراعيها إلى صدرها تجلسُ ببرود، ازدرد لعابه بتعب عندما رأى ابرة
المحلل في ذراعه.
"استيقظت
اذن" تحدثت والدته.
"اومااه"
همس جيمين بصوتٍ خافت مخنوق.
نظرت إليه
بطرف عينيها فأردف بنفس النبرة "أنهُ مؤلم"
ارتفع ركن
شفتيها تبتسم بلامبالاة "ألا تملّ من تمثيلك بفقدان الوعي كل مرة؟ مهما حاولت
ستدرس وتُصبح طبيب شئت أم ابيت، أتفهمني؟" وقفت في نهاية حديثها وخرجت من
الغرفة.
تبعها
بنظراته ببطء، أغمض عينيه فجأة عندما أغلقت الباب ثم فتحهما لتبدو في عينيه نظرات
الاستسلام والرجاء .. الخوف وطلب النجدة .. تلك الدموع المتراكمة في مُقلتيه تحطم
في أعماقه شيء لا يبدو أنه سيُرمم.
-
كان تايهيونغ
يقف خلف طاولة المحاسبة، شارد الذهن يستذكر ما حدث معه اليوم، فعليًا من الجيد أن
حتى هذه اللحظة متماسك، تجاهل اتصالات بورآ عدة مرات تمامًا مثل الآن، نظر إلى
هاتفه أغلق في وجهها بغضب وأستمر بالتحديق فقط وكأنها أمامه يعاتبها كيف لها أن
تفعل هذا بحق الله؟
في هذه
اللحظات كانت تلك السيدة الأربعينية تقف مقابلة له، ترتدي أفخم الثياب وأجملها مع
تسريحة الشعر الراقية ونظارتها الشمسية التي ترتديها من أجل كماليات الأناقة
والجمال ليس إلا.
كانت تلتهمه
بنظراتها وهي تبتسم ابتسامة بشفتيها بلونهما الأحمر القاتم التي من الصعب التحديد
ماهيتها لكننا يُمكننا القول أنها الخبث بعينه.
وضعت خادمتها
الثياب على الطاولة تنادي على تايهيونغ عدة مرات حتى استفاق ونظر نحوها مسرعًا
"آسف"
خلعت السيدة
نظارتها لتكشف عن جمال عينيها بمكياجهما الثقيل، تحدثت بصوتها الأنثوي "لا
بأس سأتخطاها هذه المرة"
ارتبك من تلك
النظرات الغريبة، ازدرد لعابه يُحاول تخطي الأمر هو الآخر فابتسم بتكلف مُجيبًا
"شكرًا لكِ .. سأرى كم الحساب"
أخرجت
بطاقتها الائتمانية من حقيبتها وقدمتها لهُ وتحدثت بنبرة مُبهمة "مهما كان
الحساب سأدفع دائمًا"
-
استيقظ بتعب،
تثائب ومدد جسده يُحاول الاستيقاظ جيدًا، نظر إلى هاتفه على الطاولة المجاورة
للسرير مباشرة، التقط هاتفه، فتحه ليجد مكالمة فائتة ورسالة من نفس الرقم، فتحها
ليقرأ محتواها.
أنا كيم جيني، أيُمكننا أن نتقابل؟
سطح مبنى (رقم540 ) في الحي المقابل للسوق المركزي
عند الساعة العاشرة صباحًا.
نظر إلى
الوقت ليجدها الحادية عشر، شتم نفسه كثيرًا ، اتصل بها متوترًا يرجو ان تُجيب،
أجابت أخيرًا لكنه لم يسمع صوتها، لم تتمكن من الحديث، أدرك ذلك سريعًا فتحدث
"أنا آسف لقد استيقظت الآن فقط، أنا قادم لن اتأخر"
أصدرت صوتًا
خافتًا "هم.." فهم أنها بانتظاره.
ارتدى ثيابه
على عجلة ثم خرج من غرفته وجد تايهيونغ يُحضر الفطور.
"هيونغ
هل أصبحت بخير؟" سأل تايهيونغ بقلق.
"أجل
تاي أنا بخير، لكنني مضطرٌ للخروج الىن لن اتأخر وداعًا" تحدث نامجون منفعلًا
ثم خرج مسرعًا من المنزل.
ربع ساعة
بالضبط وكان قد وصل إلى سطح المبنى، وقف قليلًا يلتقط انفاسه بصعوبة يلهث محاولًا
تنظيم نبضات قلبه المضطربة.
بحث عنها
بعينيه لكنه لم يجدها، اخرج هاتفه واتصل بها لحظات ثم سمع رنة هاتف تعلو في
الجوار، أدرك أنها هُنا فبدأ يقترب ببطء من مكان الصوت حتى سمعها تقول
"توقف"
توقف بالفعل
بالقرب من الحائط المجاور للحائظ الذي كانت تقف خلفه، تمامًا كالمكعب وكل واحدٍ
منهما يقف خلف مربعٍ والزاوية تفصل بينهما.
لا يُمكنهما
رؤية بعضهما البعض لكنهما يشعران بوجود بعضهما في نفس المكان .. هذه كانت الطريقة
الوحيدة لكي تتمكن جيني من التحدث.
انهى
المكالمة، اوشك على ان يضع هاتفه في جيبه إلا أن صوت وصول رسالة قد منعه، فتحها
ليجدها منها.
لن أتمكن من
الحديث .. أيمكنك القراءة؟
ابتسم بخفة
مرددًا "لا تقلقِ أحمل شهادة جامعية"
رسالة أخرى :
أيمكنك مساعدتي إذن؟
سأل مباشرة
"أتودين أنتِ هذا؟"
-: أجل!
"انتِ
تخافين البشر، صحيح؟" سألها وهو يحدق بهاتفه منتظرًا رسالة أخرى.
-: لقد عرفت
ما خطبي بسرعة.
"أخبرتكِ
أنني أحمل شهادة جامعية" تحدث ضاحكًا بخفة.
.
.
.
.
"جيني-شي؟"
سأل مستغربًا بعد أن تعدت الدقيقة بلا أي اجابة منها.
سمع صوتًا
وكأنه بكاء، أقترب قليلًا دون ان يظهر نفسه لها إنه بكاء بالفعل .. إنها تبكي.
"جيني-شي،
هل أنتِ بخير؟"
جثت على
رُكبتيها تضم رأسها وتبكي بحرقة، لا يُمكنها البوح والتحدث بما يجول في أعماقها،
إنها أجبن من أن تنطق بحرفٍ واحد .. ألهذا الألم يطالب بالشعور به؟؟
ازدرد لعابه
يشعر وكأنه مقيد، يخاف ان يقترب ليواسيها فتنار كالمرة السابقة بين ذراعيه، لكنه
يريد مواساتها بالفعل.
نظر من حوله،
سقط نظره على جذع الشجرة مُلقى هُناك، ذهب مباشرة ليجلبه، شعرت أنه ذهب، قلقت
للحظة قبل أن تسمعهُ عاد ليقف مكانه.
"جيني-شي"
تحدث وهو يمدُ جذع الشجرة باتجاهها، رأتها فقطبت حاجبيها لا تفهم شيئًا.
"أنا لا
أعرفكِ جيدًا، لكنني أعلم أنكِ تحتضرين في أعماقكِ، وأعلم أنكِ بحاجة لحبلٍ
لتتمسكي بهِ وتخرجي إلى السطح ... تشبثي بي جيدًا أعدكِ أنني لن أخذلك
مطلقًا"
لمعت عيناها
وهي تسمع لكلماته تلك ثم اردف "تخيلي وكأن هذا الجذع هي يدي، تمسكِ بها جيدًا
وقفِ على قدميكِ ... سأكون لكِ العينين التي تنظرين بهما إلى الناس، سأكون ذراعيكِ
التي تُصافح الآخرين، سأكون الشفاه التي تنطقين بها .... سأكون الحياة التي ترغبين
في عيشها .. أمسكِ بي جيدًا"
حدقت بجذع
الشجرة وطرف اصبعه الذي ظهر لها، هذه اللحظة التي اشعلت بداخلها براكين لا يُمكنها
وصفها مطلقًا، لم تجد نفسها سوى ترفع يدها لتُمسك بطرف ذلك الجذع، تشبثت بهِ جيدًا
شعر بها أخيرًا فابتسم ... أعلن "شكرًا لثقتكِ"
يتبع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق