الاثنين، 18 سبتمبر 2017

|صِرَّاعُ الجَحِيم ـــ Part 6|

صِرَّاعُ الجَحِيم

Part 6

By :Sara and Sara



شدَت سول على فستانها بضيقٍ لايوصف وهي تقطع طريقها الى جناحها فوق ؛لأن تلكَ الحقيرة إمتثلت أمامها على وجبةِ الإفطار الأولى التي جمعتها بأخِيها .. لكن, ستحترمُ القواعدَ مهما كانت تضغط فوق أوتار صبرها .. زفرت بضيقٍ مغمضة العين حتى وردت غرفتها, دخلت بهدوء وهي ترسمُ على وجهها إبتسامة جميلة مزينة بالدموع التي تهلل في عينيها , رؤيته أغرقتها بمشاعر أمومة عجيبة وتذكرها بأُمها, سعادتها ,مشاعرها في دوامة لاتوصف.. لكن الان! هي تجمدت فور عبور قدميها خطوتين لغرفتها الملكية , شهقت بملء فمها وعيونها اتسعت لتضاهي شمسا مدورة تتوسط في مدارِ محجريها :ياللهي!
يدها هوت من مقبضِ الباب الذي كانت تتمسك به لترتطم بفخذها ثم رفعتها لتغلق بها مع الاخرى فمها الذي لايمكنه تخيل اي ثوب زفاف ملائكي مرصع بجواهر من الجنة ذلك الذي أمتثل واقفا بفخامة ينتظرها .
 خلفها إنتبهت يونغ هوا لسولِ التي تصلبت مكانها مُستغربة :
-  م مولاتي! ما..

تحدثت وهي تدخل بهدوء بجوارها حين لفت نظرها الى حيث تعلقت عيون سول بذهول , شهقت هي الاخرى مصدومة :
-  ياللهي ! ماهذا!!

حملقت بالاميرة بسعادةٍ لاتوصف , بفخر أم تزف إبنتها رغم أنه لم يعد مسموحا لها أن تراها هكذا, إنها إبنةُ ليليان! , لا أحد يقارنُ بالملكة العظيمة تلك!
دموعُ سول نطقت بَدلًا عن كل حروفها التي اختفت تُراقص رُوحها في قعرِ قلبها , بدءا بالافراح منذ اللحظة .. أخفضت يديها لتجري سريعا لتقفَ عند الفستان الفخم المعلق فوق قاعدة خشبية بذراعين ترتديه ليظهر جليا بكل فخامته, مررت كفها المرتجف بصدمة فوق صدره , زخرفه والألماس واللؤلؤ الذين يتلامعان ليخطفا الأنظار , كي يزيدها تبجيلا وفخامة .. ليجذب أنظار كل الشعوب للملكة التي سطع نورها ليراها ويتعرفها الجميع, كولادةِ شمسٍ جديدة تُضئ عالمهم, هي ستضيئهم نورا بعدَ ظلمة, وعدالة بعد ظلم..هي المختارة المنتظرة منذ سنين.

شهقت يونغ هوا وهي تقترب منه ثم حدقت بسول بعشق :
- اوه أميرتي! إنه لايوصف! حتى الملكة لم ترتدِ شبيها له.

سرحت سول بعينيها التي لم تقلَ لمعانا وبريقا عن لؤلؤ صدرالفستان الذي يزينه لشدة سعادتها وهيامها بحب ذاك الذي يدللها بلا حدود ,جعلت رخامة صوتها تتدلل هي الاخرى  :
- نعم!مولاي ذوقه فاخر.

 إبتسمت اعرض وهي تتخيله و إبتسامته الخفية بينما تقترب منه لمنصة الزفاف, عضت شفتها بتوتر

ضاعت بين احلامها وأُختُطِفت من الواقع لتنسى مايجري حولها , إذ إنتبهت يونغ هوا وحدها للباب الذي فُتح بهدوء وعينيه التي تعلقت بظهرها وحركة يدها على الفستان.. علم فورا كيو أنها هائمة به تمامًا, حرك نظرهُ قليلا ليونغ هوا فإنحنت على الفور ثم ابتسمت له وكأنها تشكرهُ سعادة سول المفرطة.. ثم حدقت بسول المبتسمة في ركن مُخيلتها بعيدًا عنهما, وتحركت لتخرج لتترك للحبيبين مساحة غزل وخلوة حب.

كغريقة من بحر الهوى إنتشلها , ذراعه التي التفت لتضم خصرها وبطنها , ذقنه الذي اتخذ من كتفها مسندًا وانفاسهُ التي تشاطرت لترفع درجة حرارتها اشتعالًا بالحب اكثر :
-  هل أعجبكِ كل هذا الحد؟

شهقت تناظر برعب تلك اليد التي أحتلتها ثم هدأت لتعيش توترا من نوع آخر حين رأت نصف وجههِ عندَ كتفها , تُناظرُ شفتهُ المكتنزة بينما تعض شفتها بشدة :
-  كيف له أن لايعجبني وهو من القلب للقلب!

 لم تستطع الصبر أكثر فلترحم توترتها , قبلة دافئة طويلة على خدهِ لتُهدأ انفعالها العاطفي, إبتسم للجانب ثم لف وجهه قليلا ليحدق بشفتيها ثم عينيها ويضغط على بطنها كي تخترقه ربما , فما يشعره لايمكن تحملهُ أكثر ,أن تبتعد إنشا واحدا :
-  عليهم جميعا أن يعرفوا من عادت لتنير عالمهم ومملكتهم, ملكتهم الحقيقية, شمس إنكلترا,  ملكة قلبي , تؤام روحي المقدر.

عضت شفتها مجددا بينما تحملقُ بشفتيه , احتد جبينه قاطبا وهو يحدق بهما ثم بعينيها مهددا بنبرةٍ أعلى :
- لاتعضيهما أمامي , وإلا جعلتهما ينزفان بنفسي , تفهمينني صحيح!

رفع حاجبيه معا كمن يؤمأ لها لتفهمهُ اسرع.. أطبقت عليهما فور أن تكلم و بلت ريقها اشتعالا , هي تنصهرُ الان بين يديه حقًا :
-  أ اسفة لن أكررها.

إبتسمت بخفة تنظر بعيدا.. تنهد ليقف معتدلًا فألتفت لتقف مقابلا له , شهقت مجددا أعلى حين أستولى على معصمها شدها كسنارة صيد لتعلق مع صيادها الماهر .. أرتطمت بصدره لتحلق في أعالي عينيه هائمة , ابتسم بخبثٍ وهبط فورا ليختم اللحظة ويروي عطشها لحبه, قبلهما بشغف يذيبهما بين شفتيه وهو يمسحُ على شعرها ثم ضم رأسها أقوى منفعلا منغمسا في قبلته لتسند يدها لصدره فورا فماعادت تتنفس.. هو يهوى قتلها أسيرته تلوذ بهِ منه وإليه .
ابتسم بين شفتيها ثم ابتعد متحدثًا فوقهم بينما تلتقط أنفاسها منه هو فقط لا أوكسجين الارض ذاك :
- ممنوعٌ عليكِ تجربتهُ حتى يوم الزفاف؛ أريد ان اُصدم بهِ يومها وانت تنيرينه أكثر من اي أحجار براقة تلمع فيه.

 إبتسمت بخجلٍ ولم تنطق .. فأرتاح لأنها لم تجادله في الامر,طبع قبلة حانية على جبهتها , تلاها صوتُ طرقات على الباب وصلهما فورا.. ابتعد محدقا في عينيها وهي مستغربة هوية الطارق الان , فأزاح عنا هم السؤال :
-  لاتتأخري معه مفهوم!

فتساءلت مجددا :
-  ما ماذا تقصد؟

إبتسم مجددا وبدلَ أن يُهديها جوابًا أهداها إياهُ بنفسه  :
-  فلتدخلْ!

حين وصله صوت كيو ,إبتسمت شفاهه المكتنزة متوترا خلف الباب كمراهق سيقابل معشوقته لأول مرة ,زفر عميقًا وهمَ بالدخول.

بينما ضاعت سول في عيني كيو مستغربة أكثر, إبتسم كلعوب ولف رأسه وهو يحتوي كتفي سول تحت ذراعه, فحدقت سول بالباب ايضا , فتح ودخل جيمين بهدوء وحدق فورا في عينيها ثم انحنى بخفة..إبتسم كيو له ثم لف يحدق بعينيها المذهولة وغمز لها بعينه

شهقت اطبقت شفتيها لصدمتها و حدقت بعينيّ كيو بعينين تتلألأ دموعا , ضمها بخفة فورا يسند ذقنه لقمة رأسها :
- كما وعدتكِ ملكتي.

تنهدَ مبتعدًا ثم لف مقتربًا من الباب حيثُ جيمين ثَبُت مكانه ينتظر الاذن , حدق به بهدوء:
- انتهي سريعا واهبط لمقابلتي, لديكَ عمل لاتنسَ .

إنحنى جيمين بأدب :
-  حاضر مولاي.

تجاوزهُ كيو ليخرج ويغلق الباب خلفهُ ليدع نصفي ليليان .. يلتقيان اخيرا! , هي مؤكد تراقب واخيرا روحها تشعر ببعض الامان حين التقيا.. حيث تراقب الان.
تراقبُ الدموع تتدفق سريعًا في أعين ولديها, قلوبهما تبكي الوصال وتشدو المسافة لتنتهي .. مسافة لم يتجرءا على قطعها سريعا.. كهبة ذكرى ثمينة تبقى في ذهولهما تطالعه بحشمة إمتنان وشكر .. قطع رَجُلها الصغير المسافة بينهما أخيرا وحين بات ماثلا امام شبيهة أمهِ اعلن بصوت رخيم
 - نونا, لقد انتظرتكِ كثيرًا لتأتي كما وعدتني! لقد تأخرتي!

 أغرورقت عينيه دموعا اكثر تتلألأ عينيه العسلية ببهاء يسحر كل أنسية تراه.. أغمضت فورا, أغمضت لتَرحل بِنظرها عن منظره في ظلام دامس تنزوي في ركن أشد ظلاما وتبكي!, تبكي روحها لفراقهِ, للحِرمان الذي قَطع قلبه ورباه يتيمًا بين جنبيه .. صوت نشيجها أرتفع فزاد من تفتت قلبهِ بين جنبيه ولم يَعدُ المكان يسعه.. أغمض هو الآخر مالبث ان فتحهما شاهقا , إذ قطعتْ مابينهما من فراق, هي أتت بنفسها فعلا كما وعدته, اقتربت وشدته ليرتميا بين احضان بعضهما :
-  ااه نونا أسفة .. لم تكن تعرف بإي شئ.

تنهد مبتسما بألم, غرته التي غطت عينه من أغمضهما ليضمها برجولةٍ و هو بطولها تماما , مسحَ على شعرها بينما يحتوي رأسها تحت كفه مربتًا على رأسها بخفة .

تحركَ ليخرج من بين ذراعيها قليلا ليتَمكن من رُؤيتها أقرب , تمسكَ بوجهها بحنوٍ بين كفيه بينما راح يحفظ ملامحها ويُشبع ألم شوقه ويداوي جروح قلبهِ  .. صوته محشرجُ مهلل بإقتراب هطول الدموع.. كمن يُحدق بصورةٍ فوتغرافية بالابيض والاسود يحاول تذكر فقيدته الراحلة :
-  ااه إنكِ تُشبهين أُمنا كثيرًا كما قال هيونغ عنكِ ,وابي! امم لم أره

مطرت عيونه فوق خديهِ دموعا مالحة لتلونهما بالاحمر وهو يشتعل حزنًا.. أدمعت بوجعٍ أكبر, بلعت غصتها عن إخباره.. هما لايَحسِدان بعضهما , فكليهما فقدا الجزء الاهم من حياتهما تعسفا وظلما , شفاهها المرتجفة خوفا من نفسها  لتبوح بما يؤلمها :
-  انتَ لم ترهُ وأنا لا اتذكرها!

أقتربت كأمُهما الحانية مغمضة وراحت لتطبع قبلتها الاولى بعد سنين شبيهة بتلك الأخيرة على جبهته حين كان يملك من العمر ثلاث سنين .. فأغمض بهدوء بموج مشاعر تتخبط بداخله ليضيع دماغه تصور من تضمه الان بحنو وتقبله, من داوت جراحه من نفسه, أمهُ من عرضت نفسها للموت كي تنجيه من نفسه قبل الشر والظلام المحدق به.

إبتعدتْ لتٌعقب بحب :
-  لقد جئتُ الان, سنكون لبعضنا كما كُنا صغارًا .

يسرحُ في عينيها بولعٍ ويده بترفٍ تمسدُ على خدها وكأنه لايسمعها :
-  لقد عرفتكِ فورا رغمَ أنهُ لم يُعْلمني اي شئ .. شعرتُ بكِ فورا تعودين لي وتخصيني..ااه

اتسعت عينيها من هولِ صدمتها  ,فكلُ ظنها أن كيو قد اخبره عن إيجادها فعلا!.. بينما ضاع فيهما يتذكر كيف لمَحها اول مرة حقا.

 يوم أمس

كان قد ثبتَ اوراق عملهِ التي أنهاها بشأن الحقول والزراعة التي نشطت جدا في الآونة الأخيرة .. غرفة الطعام الملكية تقع أخر الممر الطويلِ هذا من تمتد على طوله سجادة حمراء بنقوش ذهبية عند الطرفين على امتدادها.. جهة تحتوي النوافذ التي تطل على المروج الخضراء والحدائق المحيطةِ بالقصر .. وجهة اخرى تحتوي غرفتين , إحداهما كانت تَضم غرفة المكتب الخاصة بكيو وسرية جدًا لايحقُ الدخول لها إلا لكيو او جيمين بعد أن صرحَ بإعطاء الأذن له وحاجبه الخاص كيفن

كانت أولَ مرةٍ تهبط فيها سول لتُنير القصر ولتنير عينيه وقلبه ايضًا لتعيدَ رثاء روحهِ اليتيمة وتخففُ الحمل عنه.. فتح باب المكتب لتمر من امامه متجهة للامام نحو قاعة القصر ويونغ هوا خلفها.. شهق فورا ثم جرى سريعا ليقف وسط السجادة يحدق بها قد دخلت قاعة الطعام وألتفت لتحدق بيونغ هوا من أنحنت لها بخفة.

عينيه ترتعش وقلبه يرتجف زلازل حصلت بين ذكرياته والواقع يريد أحدهما ان يسيطر.. أن تلكَ ليست أمهُ عادت حية! , وأن سول قد أوفت له وعدها حقًا وتمتثل الان امامه برقة.. أُغلقَ باب القاعة فصرخ فورا وشد إنتباه يونغ هوا من صُدمت بهِ قادم يجري نحوها :
- س وول!  سول!

فردت ذراعيها فورا امامه, رغم توترها من الوقوف امام امير متوج ؛ لكنها وقفت صلبة كما أمرها يوما مَلِكُها " فلتُقْتَلي وانتِ تُنفذين أوامري بحذافيرها ,كوني على قدرِ ما اراكِ , مُخلصة وهبت أمها نفسها لأمي الملكة ؛ فلن تتوانى هي في خدمتي هي الاخرى والمملكة بإخلاص"

:أميرُ جيمين!, لايحقُ لكَ اختراق جلسة الملك الخاصة!.

أنفاسه باتت تشتعل ووشمه هو الآخر احتدَ ألما به, نيرانٌ أضرمت نفسها فيه تشتعل لونا وألما , أغمضَ بقوة ,اطبق جفنيه ومن بين صرير أنفاسه تكلم : - يونغ هواا!! ... ابتعدي عن طريقي سأمزقك.

هو لايمزح ولايهدد , قد ينفذُ في ثانية وفي ثانية أخرى سيعودُ جيمين ويغسل يديه من فيض دماءها بكل برود فهو كجيمين لم يفعل اي شئ.
ارتعبت من منظرهِ فعلا لكنها ابدت صلابةً اكبر :

- عدْ مكانكَ مولاي, لاتسبب لنا وإياكَ في مشاكل لاأعذار فيها مع مولاك الملك.. أنت تعرف!

فتحَ عينيه الحادة فشهقت تكتمها سرًا , التف بحدة وبخطوات قوية قطع نصف الممر ليعود من حيث جاء وصفق باب غرفة المكتب خلفه بقوة , اغمضت عينيها بقوة من صرخته ولكن كلامه اكتفى به لنفسه :
-  ستــرى!! هل تخبأها عني!

أغمض بألم فظيع وأسند يديه بقوةٍ يعتصر قمة المقعد الخشبي المزخرف الماثل أمام المكتب الملكي الفخم .. مرَ وقتُ ليس بالقصير حتى سمع الباب يُفتَح كان قد هدأ فعلا, فتح باب المكتب فورا ليرى كيو يَشدها خلفهُ ليختفي بها خلف جدران الحدائق الخضراء.. لحقهما سريعا و ظل مراقبا لهما بهدوء حتى أخفاءها بين ذراعيه, حينها تنفس جيمين الصعداء مرتاحًا , لن يحرمها كيو منها مهما حصل ربما انتظر ان يتأكد والوقت المناسب ربما.

:جيــمين!

نادته مجددا ليفوق من سرحانه في يوم امس حين لمحها اول مرة, ابتسم فورا ليريحها :
-  اسف سرحت بيوم أمس وحسب.

تنهدت براحة وراحت تعدل غُرته للجانب :
-  وانا ايضًا لا أنكر الراحة الغريبة حين رأيتكَ اول مرة, شعرتُ بقطعةٍ مني تشدني بقوة.. مولاي اعتنى بك جيدا.

حدقَ في عينيها بهدوء :
-  هيونغ! انهُ قاسٍ لكنني أحبه (أغمض عينيه لألم الذكريات كمخالب قوية تخترق وجهه وتفتحه أربا.. تنحنح ليعيد تركيزهُ معها.. أقترب فورا جعلها تُغمض في الحال وقبل أرنبة أنفها) والان دوري لأعتني بكِ(ابتسم بحب) عليَّ أن اذهب , لايريدُ كلينا أن يَسمع منه كلاما ثقيلًا.

 مط شفتيه بتملل.. فضحكت بخفةٍ على شكله, أتسعت عينيها حينَ داهم مخيلتها تذكر شئ ما ,فورا وبلمح البصر شدت يده ليجلس للإريكة خلفهما :
- كلا, ابقَ قليلا أكثر

 صغرت حدقة عينيها بينما يطالعها مستغربا :
-  لم تملك وشمَ الملك نفسهُ خلف رقبتك؟

هكذا من دون إي مقدمات تلت عريضةَ عذابهِ وموته, ولا أحد تَجرأ ليفعل فعلتها ولاجنس مخلوق تجرأ لينظر لوشمه حتى.. لف يُحدق بها بذهول لايمكنها ان تستوعبه , تُقسم أن حدقة عينيه ترتجفان وسط محيطهما الابيض الذي احتقن دما فجأة .. حدق بعيدا فورا بحدة وتفاحةُ أدم تحركت للأسفل والأعلى حين ازدرد لعابه بقوة :
- أ أي وشم!.. أنا لا اعلم ربما ولدتُ فيه (وقفَ بحدة فورا) عليَّ الذهابُ نونا! ارجوكِ.

صغرت حدقةَ عينيها اكثر وهي تحدقُ به لأعلى , ردةُ فعلهِ عنيفةٌ جدا لتَرِدَ مع النُكران الذي قاله ..تنهدت مغمضة ثم وقفت بهدوءٍ وأحتوت كفهُ القريب بين يديها سوية :
- حسنا, لكن عدني أن نرى بعضنا كل يوم ها!!

لفَ مبتسما براحة , اقترب ليطبع قبلة مغادرة رقيقة على جبهتها :
-  بالطبع نونا كل يوم.. حسنا.

أستدار بهدوء ليخرج لكن خطواته سريعة يريد تجاوز المكان كلهُ من أمام عينيها كي لاتُطالِب بإجابة حقيقية.. اسند ظهره للباب حين أقفله , بأنفاس تتسارع.. ثم تأوه بقوة واغمض عينا واحدة حين وخزَه الوشم خلف رقبته :
-  ك كيف عرفت؟! هـ هل رأته؟(بل غصة روحه حتى كاد بلعومه يتجرح ) هيون!!

أغمض عينيه ,هزَ رأسهَ وغادر المكان في الحال ..أنتصب ظهره في الاسفل ليُكمل الممر حتى المكتب الملكي بمشية ركيزة ,دخل وأغلق الباب خلفه.

................

هما بارعان في إغراقها في وحل التخبط في الضياع, حتى باتت ثقيلة وتخشى على نفسها الغرق دون قشة نجدة تنقذها حتى في أخر لحظة, ولوج صور لوحش أخر يشابه هيون مثيله لدى جيمين! , ذاك يعني النهاية..ترى نفسها أشلاء وحسب! لايمكنها استيعاب لأي مدى ستبقى صامدة وستتمكن من احتواء ذاك الرعب والجحيم المتحرك حولها ونحوها كالعادة.

ارتمت لطرف الأريكة تجلس قاطبة الحاجبين تتنفس بتعب, أغمضت عينيها سرعان ماسمعت صرير الباب وهو يفتح , رفعت رأسها لترى يونغ هوا قادمة نحوها بهدوء .. أنحنت بخفة  :
-  هل تؤمرين بشئ مولاتي.

أستعدلت في جلستها ومَحت هالة القلق والتوتر للجدية بفخامة :
-  اين ذهبت جي يون!

إستغربت سؤالها ذاك مجيبة بعد ثوانٍ :
-  ا الى غرفتها طبعا , الملك لايسمحُ لها بمغادرتها إلا من اجل الطعام وحسب.
تنهدت براحة ,خلعت العباءة بياقة الفرو تلك التي ترتديها فوق الفستان لتهوي على الاريكة خلفها بهدوء , أغمضت بعد تنهيدة عميقة , لمجرد ورود ذاك القرار لنفسها , اشتعلت وتلاطمت امواج مشاعرها تتخبط بين قلبها وروحها , عاصفة مهولة في رداء معركة صامتة بعنف تأكل من روحها وجدران ذاكرتها الخالية علها تجد أثرا ولو صغيرا جدا كما نجد ماتحدثه تشققات الزمان على الجدران حين يداريهم بناء هاوٍ .. لكن لاشئ!

 فتحت عينيها تحاول السيطرة على رعشة روحها من شدةٍ تدفق الشوقِ والألم داخلها ,الحرمان والظلم معا خليط اقتحم دورتها الدموية الان ليدب البرودة في أوصالها والرعشة كأسراب نمل منتظمة تشن هجوما على مصدر غذاء غني .

حملقت في عيني يونغ هوا لثوانٍ جعلت الأخيرة تُضيق عينيها غير متفهمة لكل ردود افعالٍ تصدر من سول .. تُقاوم بغصة رجفةَ شفتيها البرودة التي أنسلت فيهما لتعلن أخر شئ توقعت ان تطلبه ؛لكنه أول شئ عليها فعله لتريح قلبها ولو قليلا بين أثر أمها, أصلها الاول هنا! :
- أ أريد رؤية غرفة أمي , الملكة ليليان , ارشديني إليها في الحال.

صوتُها كانَ كالهمس , تهمس خلسة من روحها كي لاتسمعها فتنهل ناحبة منذ الان!.. إنشدهت يونغ هوا بصدمة :
-  ل لكن الملك!

أخذت نفسا عميقًا سول واطلقته لتجعل صوتها يتدفق واثقا وجديا :
- لايهمني ماذا سيفعله بي ,في النهاية سيتفهم .

 الان سيُقسمُ من يعرف ليليان أنهُ يراها حيةً جلدة .. تلكَ النبرة, النظرة ,والثقة الحادة وسط عين باردةٍ لاتُهاب الموت حتى!

بَلت يونغ هوا ريقها بصعوبة , فأعقبت سول لتطمأنها وهي تتجاوزُها بِكل نفوذ وتصرفٍ ملكي بأمر نافذ :
- لاتقلقي, سأخبره بأنني عرفته صدفة..هيا!

أستدارت يونغ هوا تحدق بظهر سول بصدمة وهي تفتح الباب لتغارد.. من تلك التي ظهرت أمامها فجأة! , ملكة يصعب التحكم بها ولاتعرف للضعف والخوف عنوان.

- مولااتي!

 حملت إنتفاخ فُستانها بخفةٍ ليرتفع عن الارض ولحقتها فورا حتى باتت تجاريها في المسير .. إنعطفتا في الممرِ ثم تقدمت يونغ هوا خطوةً فقط لتصبح مرشدتها , إنتهت عند ممر ثانٍ من الواضح ان لاقدم تطأه.

توقفت يونغ هوا عن التقدم ولفت برأسها وأومأت بخفةٍ لسول التي عينيها كانت معلقة مسبقة سارحة في الباب الفخم وسط الممر :

- هـ هناك تقبع غرفة مولاتي الملكة ليليان والدتك سيدتي.

همهمهت سول وبدأت تعاند قدميها المتيبستان لأكمال المسير :
-  عودي لجناحي

بصوتٍ جافٍ أعلنت بينما عيناها ثابتة وروحها تنصهر تدريجيا في نيران اليتم والحرمان كلما أنهت امر خطوة لتشرع بالثانية.. عميقا تُشد لأسفل بركان ثائر كلما اقتربت أكثر.. ومن الان دموعها هلَلَت نواحًا لن ينقطع حتى الفجر ,حتى يتعبن بينما يتسلم القلبُ الأمر ويكملُ نزيفًا لن يكل ولن يعرف الأنقطاع؛ إنها أمها!

يدُها المرتعشة إرتجفت فوقَ المقبض مرحبةً بالإنهيار الأعظم .. ثَبتَت يَدها وضغطتها لإسفل ,ومع صوت القفل الذي أنزلقَ في جحرهِ في الباب أغمضت عينها بقوة كمن سَمع صوتَ طلقة اخترقت قلبه.. إزدردت روحها لتعود! لتَشهد إنهيارها بِنفسها ثم لتَهرب أينما شاءَت

اغلقته خلفها ببطء تام لتختلي بها , لقاء ام وابنتها الوحيدة ..كأنها تفتح باب جنة ولكنها تُلطم بريحِ السموم من الجحيم, تذيبها حتى النخاع وتميتها توقًا للاتحاد مع أصلها ,

انتَ تحتَ قائمةِ أولِ الغرباءِ وأشدَهم وحدة؛ طالما انتَ بعيدٌ عن موطنك.. النبتةُ لايُعزى إنتماءُها إلا بإسمَ منبتها ,التربة التي ولدتَها .. وهويتُك لاتُخط على أخرى اشتريتها بضعفكَ وهونكَ من أرض آخرى! .. انتَ تلك الدماءُ التي تجري فتَبُث فيكَ الحياة ,ذاكَ القلبُ الذي نَبُض بجوارِ قلبها متعلمًا نوتاتِ عزفِه بهدوء .. وسرقَ أنفاسهُ من أنفاسها مشاكسًا بخفة ليُتعِبها بينما يَجُدها باسمةً تُحنو على بطنِها , الكرة الارضيةُ تلك التي تحتويك .. فوحدكَ دومًا لطالما كنتَ كل عالمها وبشريها الوحيد,هو ذاك أصلك ومنبتك العريق .

هي أمُها من جاءت الان إليها سول لتبدأ عزاءها المَرير الذي لم تعهده , عينيها دارت واستهلت تحدق وتحفظ كل ركن بينما قدميها بهدوء بثقل تجُرهما لتقترب من السرير أكثر وهي كالمنومة .. مع كل إنشٍ تراه لأول مرة تلطم ذاكرتها بحدة لعلها تفيق , تخط دموعا اكثر لتشق وجنتيها لسخونتهما وارتفاع ملوحتهما
- اومااااه!!.

إنتحبت بحدةٍ لتَبكِيها فهي أول الاشياء واكثرهم تُغرقها رغبةً في الوصالِ وحسرة في الفقدان والنسيان .. وأناملها قد وجدوا طريقهم بين منابت شعرها بقوة كعاصفة تشتث منابت سنابل حقلٍ وفير , لولا طاقتها التي تضمحل لكانت اقتلعت نصفهم , فحمدا لله ..فجأة رسمت كلوحة فنية, فرشاة فنان هناك تتحرك في الفضاء لترسم لها ماجاءت لإجله لتلتهمهم عينيها الجاحظة المصدومة.. صورٌ كثيرةٌ تتراقص أمام مُقلتيها الغارقة في بحر دموعهما .

صورٌ كثيرة موجعة .. تقفز تارة بعمر 5 سنين فوق السرير الضخم ذاك فيرتفع ويهبط بها كنابض حلزوني  .. شعرها, فستانها كان مصيرهم التحليق كمن تُرمى وتُحِلق في أعالي السماء وتَعود لتَشهد إبتسامة أمها وهي تسترخي لكرسيٍ في طرف الغرفة , محدقةً في الشرفةِ القريبة تارةً بينما كل تركيزها في الكتاب الذي بين يديها وسول برعت في تشتيته لها.

ثم طرقاتٌ خفية وسريعا يدخل كيو ليشاركَها الجنون رغم كبر سنهِ والمعروف برزانتهِ وتعقله.. ما أن لاحظ أن عمته ترفع حاجبا وهي تحدق به بمعنى "من حضرتك الان" .. توقفَ وشد يد سول لتقف هي الاخرى عن اللعب , دفعته  بخفة ,صوت ضحكاتها تتعالى فهبط ع وجهه فوق السرير ليترفع بخفة ويعود بسبب الفراش المهتز .. اغمض عينيه غاضبا من تلك المشاكسة.. اوقعت امها في موجة ضحك اقوى ,  صورة أخرى وهي تنام بين ساقيها وتمسح ع بطنها المتكورة بهدوء وهي تكلم جيمين في الداخل حتى تنام.. تلك عادتها التي أستمرت حتى خرج للحياة .

صورٌ اخرى وهي تَتعلم الرقصَ مع أمها ..واخرى وهي تُعلمها القراءة بحدة .. ثم بُكاءها وجريها لترتمي بين ذراعيها.

يشتُد نشيج سول وصالًا ليَتخبطَ في الجدران لاطمًا ممزقًا عنهم قناعَ الصمت والحزن هذا ويرد الصدى عليها بكل خواء أن الردَ باتَ مستحيلًا هنا.
كل تلك كانت صورا شفافة بلا ألوان ذات يوم ..ذاكرة حقيرة خبيثة, ضربت رأسها عدة مرات وهي تَبكي بشدة, إنها تكرههُ حد الجنون , رأسهُا الفارغ ذاك الذي حرمها كل هذا فباتت ترسم صور من مخيلتها ,صورًا وأحداثًا وتلونها بنفسها لِتُشبع رغبتها في لِقاءها .. لتستمد منهم الحياة لتعيش ,لتتنفس, لتشعر إنها بشريةٌ حقا.

 إرتمت للسرير ,طمرت وجهها بقوةٍ فيه وركبتيها بحدةٍ إرتطمت بالارضية تحتها, بينما تَشدُ الغطاءَ بقوة , صرخت بنحيبٍ مرتفع :

- اوماااا .. اريدكِ حالااا , ضميني من كل هذا..خبئيني من جحيمٍ لا أعرفه , علميني كل شي كطفلةٍ صغيرةٍ تحتاج تعليمًا يوميا فأنا كما اخرجتني للدنيا الان .. صفحات بيضاء يملى عليها لتمتلء بما لم ترَه ولاتشعُره.

دفنت وجهها بين ثنيات الغطاءِ البُني بلونِ القهوة اللامع وهي تشدهُ لها بِكلتا يديها.. تكتُم صرخاتها ونحيبها فماعاد لها السيطرة عليهم إذ تعلم بأنهم إن تخطوا الجدران أكثر قد يهدهم كيو غضبا ويدخلُ ليجلدها على نحيبها هذا وتعبها الذي لن يرضَ به ابدًا.

في المكتب الملكي.. كان جيمين يجلسُ لمكتبٍ صغيرٍ الى اليمين من مكتبِ كيو السارح في الفضاء.. توقفت يدُ جيمين وهي تحلق بالقلم فوق سطور الورقة.. اهتز وهو يعتصره بقوة فجأة وهامت عينيه سارحة فكلماتها لاتزال ترن وترن ولم يتوقف صريرهم..كصوتِ إحتكاكِ قطعتي حديد ببعضهما.. الصدى خرَم رأسه لشدة فظاعة أن تعرف سول بأمر سرِهم.

مخارج الحروف تتصادم بجنون أن تخبره, "هل جعلت سول ترى هيون حقا؟" .. لو حصل ذلك فعلا! فإذًا لابدَ انه خلف أثارًا جسدية مريرة كذاك الأثر النفسي الملتهبِ في عينيها.. لقد قرأ الموتَ والرعب بين لمعان عينيها الذي أنطفأ فجأة بينما مقلتيها في زلزال عظيم .. أي اهوال قد رأت اذًا!

إكتفى بقضم شفته بقوة,وغلق عينيهِ أقوى .. إذ انتهى بنتيجةِ واحدة!
 إن اخباره لكيو عن امر معرفة سول, لن يعود سوا على سول بنتائجَ سيئة وربما مقابلةٌ متكررةٌ مع هيون نفسهِ .. لقد وعدها منذ ساعات للتو ان يحميها؛ لذا إنتهى امر السؤال. فتحَ عينيهِ ثم رفع رأسه مع إطلاق ننَفَس طويلٍ سرعان ماسحبه في ثانية حين التقت عينيه بكيو من رفع حاجبه فورا.. من منظره يبدو انه كان يراقبه منذ فترة.. بل جيمين ريقه, فجاءه سؤال كيو فورا:

-  مالذي يشغل بال الامير ؟لأكررَ سؤالي مرتين بينما هو في عالم أخر لا اعرفه!

بل جيمين ريقه:
-  امورُ الدولة وحسب, ثم سول .

ابتسم بلطفٍ وعادَ برجولة يحدقُ بالورق, تعلم منه كيف يخفي مايريد ويظهر مايخفي رغما عنه .

تنهد كيو ليقف ويعدل هندامه:
-  أنهي الأختام هذه وخذ قسطا من الراحة, سأذهب لغرفتي.

وقفَ جيمين فورا,وأنحنى بأَدب:
- إنتبه لنفسِك مولاي.

إبتسم كيو للجنب ثم أستدارَ ليخرج بهدوء

كانَ مصير يَدُه التي إمتدت لتَفُك عنها تقلصاتها وهويُغمض ويُحرك رقبتُه بإنتظام, أن تقع على مِقبض الباب فتحه بخفة ودخل باسمًا.. لقد رأت جيمين إذا سيرى الشمس بين ثغريها تشرق سعادة على يومهما هذا بعد عناء.. سيَنْهلُ العسلَ منهما ويُهديهما جرعاتُ حبٍ وفيرة وأبيات عشقٍ حتى الصبح ويداري بيته المخملي ,القلب ذاك.

حروفُ إسمها باتَت كجرسٍ صغير مُعلق في طرفِ مدخلِ مقهىً صغيرةٍ هادئة مُفعمةٍ بالحبِ والدفءِ في عِز برودة كانون الثاني تُجمد الاطراف .. تَدخلُ ليَلتَقِفكَ الدفءُ كحضنِ أمك الاوسع في العالم .. هي المكان الدافئُ له, ذلك الحضن الملكِي الخاصُ به وحده مذ خُلق ,مذ ولِدت هي وتنفست أول انفاسها امام عينيهِ وبرقةٍ تَمسكت بأصغرِ اصابعهِ وهي بالكادِ تعرف معنى اللمسِ لتَحكُم بقوةٍ على وعدٍ أزلي معه, إنهما معا باقيان للابد  .. لاظروفَ ولا لعنات تفرق روحين أن اتفقتا على الألتقاءِ و البقاء قطعة واحدة..لن يَنتهي بالقدرِ سوى مضرجا بخيبتهِ الاسطورية من ستُتلى عَبر أجيالَ وأجيال ولن تخمد بذكرِهم الدائم .

لم يصلهُ الرد بَل ولفحهُ برد ليلةِ الميلاد! .. مَحوت تلك الإبتسامة وعينيهِ الحادة تمشطُ ارضَ نعيمهِ الخالي منها.

-  سول!!
( سأل مستفهمًا وتحولَ للصراخِ بحدة أعلى تَصدع الصمتُ من صرخته) سووول!

لف لينتبه لتلكَ التي تُعطِيه نظرةً مرتعشةً ثم تهوي بنظرِها للارض لتدفنَه.. مغمضةٌ بلت ريقها الذي جفَ بُمجردِ وصولِ صوتِ صريرِ الباب له ,ومن غيرهُ سيَرِدُ الان.

بَرُزت عروقهُ فورا ماعاد للصبرِ وجود وذكرٌ في قاموسه .. سرحَ لثوانٍ ليَعيّ انهُ يومٌ كباقي الايام التي سبقت وجودها في حياته.. يدخلُ فيَجدها جحرٌ مظلمٌ من الوحدةِ والاﻻم.

صرَ على أضراسِه بجنون.. بينما اقتربت قليلا ولم تعي انها نادت للالم.. بصوتٍ مرتعشٍ بررَت لعلهُ يهدأ :
-  ل ليست هنا مولاي.

 إجتثَ معصمها فورا بقوة موقفا تدفق الدم فيه ليزرق من فوره ,وعيونها التي اتسعت من هول العذاب :
- نعم!!!..اذا ايـــن؟؟

صرختهُ المدوية كانت أقسى حتى من قطع الدم في عروقها الرفيعةِ التي تهربت لتلتصق بالعظم هروبا من قبضته الجلادة.

آهةٌ اقوى أصدرت مع كلماتها إذ كاد معصمها يُصبح هشيما :
- اااه غـ غرفة الملكة أمها, تـ تبكي .. أسفة لم أستطع منعها مولاي أرجوك.
- غرفة من!!!

صرختهُ أرتفعت أعلى ,أتنهارُ دون علمهِ وبعيدًا عن عينيِه!  تنفسه يتسارع بجنون تحولت نظرتهُ لمهووس , رفع حاجبه بإبتسامة مجنونة :
-  بدوني اذا!! واه.

رمى يَدها بقوةٍ فوقعت للارض حالًا لشدة دفعهِ لها.. صريرُ إسنانهِ يَكاد يُسمع بلع رِيقه بحدةٍ واسرعَ الخطى الى جناح الملكة الأم ليليان .. أورد الرجفةَ في قلوبِ كل عاملي القصر الذين تواجدوا في طريقه.. والقشعريرةُ دبت في جلودهم فهموا في تقديم الإحترام بالإنحناءِ جميعًا, سواءٌ إنتبه أم لا! , سيُقدمون يغفر لهم أن يكونوا محطَ تفريغِ غضبهِ وسخطه الذي يَتطابرُ منه كدُخان بركانٍ مشتعلٍ على أُهبةِ الإنفجار.

بينما هي تعيشُ وضعًا معاكسًا له ولها قبل دقائق! إذ خارت قِواها تمامًا وأنتهت طاقتهُا , وحتى الدمعُ جفاها وباتَ يتكرمُ بقطراتٍ خفيفةٍ يرحلنَ مع الأُخريات اللواتي سبقنَهُن في حضورِ المأتم هذا.

 تَتمدد على جانبها الأيمن ,تحتوي وسادةَ أمها بقوةٍ بين ذراعيها بينما تسند رأسها لطرفه العلوي..  عيونٌ تنزف ألمًا ببطءٍ ,جوفاءُ سارحةٌ في ظلامِ الغرفة الدامس ,وقلبٌ خَفَت نبضاتهُ تمامًا لشدة إعتصاره لنفسهِ ألمًا قبلَ قليل, بإنفاس تخرج وبالكاد تعود .

بينما هو عكسُها يمكن حِسابُ حرارةِ أنفاسهِ وشدة لسعِهم لوجههِ وهم يَرتطمون ببابِ الغرفة هذه من الجهة الاخرى ويعودون إليهِ بقوة.. كثورٍ شيطانٍي هائجٍ هو جاء.. لا ﻹنها عصيت امره ؛بل لأنها تكسرُ وعدهُ لها مذ كانت قطعةَ لحم أهدتها ليليان لِحضنِه على نفس السرير ذاكَ ونفس هذه الغرفة ؛كي يحتويها ويتعرفَ لمُلكِه ومَلكَتِه الجميلة كي تَكون حتى أنفاسها الاولى بين يديهِ منهُ واليه!
إن كلَ شئٍ يخصها مُلكهُ ,حتى إنهيارُها ,حتى أصغرَ قطرةَ دمعٍ تنهالُ منها ؛عليها أن تَبكيها أمامه , يخففُ من حملها ويَمحوها بحنوٍ بنفسه.
كان سيكسُر الباب ويهدهُ فوق رأسها.. لكن يدهُ تَجمدت مكانها وعروقهُ التي بَرُزت بحدةٍ تَختَضب زرقًة؛ هدأت أمام خيالَ لمستها الطفولية له قبل سنين رغم إشتعالِ عينيه وحدةِ أنفاسهِ .. لكنه سرحَ في الباب وكأنهُ يُريهِ عرضًا تلفزيونيًا من عمقِ ذاكرتهِ ,

كيفَ كانَ يلصقُ أذنيهِ بهِ وهو بسن العاشرة , يستمعُ والغضبُ يأكله.. لصراخ جدهِ بليليان, ثم أستراقهِ لصوتِ ضحكاتها الذي لم يَكُن يَنتهي, كيفَ تم محو بسمَتُها بعدها!
أو يسترقُ النظرَ من شرخِ الباب ليَرَى إن كانت نائمةً أم لا!..عمتهُ معها أم لا!
صوتُ ضحكاتِ عمتهِ المختلط مع سول ,ظلَ يَرنَ في أذُنَيهِ.
أجبرهُ كل هذا على اعتصار غضبه داخلهِ بقوة ,أغمضَ عينيهِ فورا إذ إن ذلك أعتمل الدمع ليهيج في عينيه الحادة ؛لذا أغلقَ الطريقَ عليهم .. أطبق جفنيه بقوة قبل أن يَراهم هو قبلَ أيِّ أحد.

يدهُ التي جاءَت مهشمةً تحولت لحانية حتى في فتحها للباب! ؛ راحَ بهدوءٍ يُدورُ المقبضَ كي لا يُثير فَزعها.. يعرفُ جيدًا أنها أخذت أمرَ عقابهِ لها في الحُسبان ؛لذا لايُريد إفزاعَها فوقَ الذي تغرقُ بهِ الان.

ومن الوهلةِ الأولى انقسم قلبهُ نصفين على منظَرها المزري .. جَعلهُ يُدمي شفتهُ فورا لشدةِ عضهِ لها .. وكما تدللت يده على المقبض, راحت قدميهِ تُحركهُ بكل ثباتٍ وثقل مقتربًا من طرفِ السرير حيث توليهِ ظهرها .. عقدَ يديه للخلف ,خلف ظهره المنتصب, كجبل شامخٍ هو لاتَهُزه العواصف ..مع أنفاسهِ السريعةِ القوية نظرتهُ الحادةَ تخترِق الارض.. نادها بصوت حاد رجولي ثابت
-  سول!

كسمكةٍ نائمةٍ وسطَ خواءَ قعرِ المحيط ,إنتشلتها سنارة الصياد بقوةٍ دون رحمة.. هكذا جاءها صوتُه رغمُ أنه حاولَ جاهدًا التحكُم في نبرتِه.

إبتلعت غُصتها فورا وعيونها المتسعة تتوقع الكثير.. أغلقتهُم بقوةٍ وراحت تعتصر الوسادةَ بقوةٍ كأنها تستنجدُ أمُها منهُ كما كانت وهي طفلة , بررت حالا
 - أ انا اسفة.
- قفي أمامِي حالا.

يكمل بذات النظرة والنبرة.. زادت حدةُ أنفاسها والرعشةُ بدأت تجدُ الطريقَ لقلبِها بعد أن كان خامدًا حقا.. اطلقت حرية الوسادةِ بهدوءٍ وراحت قدَميها تنسلُ للارض ببطء لتمتثلَ بطولها أمامه ويدها المتعبة تحركت خلف رقبتها لتجذبَ شعرها بهدوء وترميهِ فوق كتفها فينسدُل بطولِه فوقَ صدرها حتى بطنها كالحرير.. عينيها في الارض تماما لم تتجرأ لرفعِهم ثانية .. سيجعلون جنونُه صعبَ الامتثال لحُبها ,التعب يُدارِيهم والذبولُ خَط ملامِحَهم..سيَقتُلها لامَحالة!

يُمكنها سماعُ صوتِ إنفاسهِ يزفُرهم بقوةٍ وحدة لشدة إنفعالهِ , بركان يشتعلُ هو الان من الداخل.

رفع نظرهُ بهدوءٍ ليحتوي كسرة مظهرها الأليمة.. اعتصر يديه أقوى من الخلف ,وبصوتٍ أجشٍ ثابتٍ قطعَ الخلوة بينهما :
-  تتجرأين على عِصيان أوامري!!

أغمضت عينيها بقوة ,لم تُرد الوصول لهذهِ النقطة معه.. ومع ذلك تكلمت بثباتٍ وثِقة لكن للاسف بصوت مبحوحٍ من كِثرة البكاءِ والعويل :

-  أنا اسفة.. كنتُ اريدُ المجئَ جدًا واعلم جيدًا ربما ستمنَعُني او ستأتي معي..وأنا اردتُ بعض الخلوةِ في مَرتي الاولى للدخولِ هنا.

أزدادَ صريره على اسنانِه بقوة.. يودُ الصراخَ بها حتى تَتمزق حبالهُ الصوتية ,مُعاقبتُها الان, كسرُ قدمها كما يُهددها دومًا  فلاتقدرُ على الإبتعادِ عنهِ وخاصة بدونِ إذنه.. انهُ رجوليٌ للغاية ,بائسٌ من كثرة إبعاد القدرِ لها عنه.

نظرتها المكسورة للأرضِ فطرت قلبَه أكثر.. يحاولُ السيطرةَ جاهدًا على نفسه ..مد يده ورفعَ ذقنَها أعلى كي تلتحم العسليتان بعينيهِ كم اشتاق لهما منذُ الصباح.. وهنا قرأتهُ كما توقعت بل أكثر, بداخلهِ نار لاتخمُد.. تقرأ الصراع مابين الشعيرات الدموية التي إنتصبت تلوثُ بياض عينيه ومابين الدمعة التي تتلألأ فتُهدِيهم لمعةً خاصة إخترقت قلبُها المجهد .

مابين غضبهِ وحَنانهِ , جنونهِ وحبه , خوفه وأمانه, أغمض عينيه متنهدًا بحدة .. أوجعهُ منظرُ عينيها :
-  ممنوع أن تتصرفي بدوني ومن غير أذني .

ألتهمَ الخطوةَ بينهما أكثر فباتَ ملتصقًا بها وعينيها الوالهةُ ضاعت اكثرَ في قمرها البدرِ المكتمل دومًا في كل إيامه وكأنهم نصف الشهر على الدوام.
صوته الأجش يخترقها وقلبها بالذات :
- الملكةُ لاتخفضُ رأسها ولا ناظرها.. فمابالكُ بملكتي انا!

أمطرت عينيها مجددا امام عينيهِ الوالهة :
-  لا أريدُ أن أكونَ ملكة!  فقط هاتِها لي الان!

شهقت باكيةً بنحيب..حدقة عينيه أهتزت ناحبة للحظة..يحلقُ في عينيها الباكية ويزدادُ الدمع في عينيه أكثر وكأنه سيِبكي معها ولإجلها الان :
- سأفعل أيَّ شئٍ وأنفذ أمنيتكِ (صر على اسنانه حنقًا على من اوصلهُ لهذه النُقطة) لكنني أسف.

اغمضت عينيها فورا من حقيقةٍ لابُد مِنها ..تبكي بصمتِ وتفلتَت من يدهِ أسفل ذقنها وبذراعيها المفتوحة أرتمت عليه لتلطَم وجهها بصدره دافنة إياه فيه ,وعقدَت يديها من الخلفِ تبكي .. حان وقتُ أن يُضمها بقوةٍ ويُغدقُ عليها بجرعات حبٍ وحنانٍ قوية تَكفي لمحوِ القليل من آثارِ تصدعاتُ اليوم في قلبِها. .
جعلتهُ يغمضُ بهدوء كقطعة ثلج يذوبُ فيها ويهدأ ,لفَ ذراعيهِ بقوة وإحتضَنها ضامًا لها وكأنه سيُدخلها بداخلهِ ليُنهي كلَ تعبها وكل ذرة ألم .. دفن وجهه لرقبتها ليُشعلها كما فعلت, بأنفاسهِ الساخنة ويمسحُ مربتا على طولِ شعرها حتى أسفلِ ظهرها.

لهدوءهِ وتفهمهِ هذه المرة كان لابُد لها ان تكافئه!  قلبها دفعها قليلا للخروجِ من بينِ أحضانهِ لتُقابل وجههُ المنحوتَ وتُهدي قمرَها إبتسامة شاعريةً أثيرة :انا اسفة

 أغمضت لتُقبِل ذلك الشامخ ؛ أنفهُ بكل هناء.. ابتسمَ بلطفٍ لتُهديه مَثيلتها وهي تُحملق بعينيه الحادة الساحرة ,وراحت تمسدُ على شعرهِ كطفلها الصغير الذي رأته للتو , كان وسيما مذ كان طفلا حقًا يحقُ لها أن تقعَ فيهِ ولهُ مذ كانت تلك الشقيةَ التي احبها.

وكأنه فهم نظراتِها تتجول في صورهما معا.. فراح سؤالهُ يَغُوص ليَّنتَشلها منهم :
-  هل تذكرتي شيئا..
إبتسامةُ هادئة تصرخ بالألم المكتوم رغم جمالها ..همهمت,وعادت تنظرُ لعينيه:
-  كنا نقفز هنا(حملقت بالسريرِ قليلا) والريشُ يَتطايرُ من حربِ الوسائِد الذي أفتعلناه .. وأمِي بكل خيبة تتطلعُ لنا.

ضحكت بخفة فجعلت إبتسامةً أعرضُ تَرتَسمُ على شفاههِ وعينيه محلقة في حُمرة شفتيها

- ثم أمي وهي حاملٌ بجِيمين ,كنت أغني لهُ كثيرا ,يبدو انني كنتُ مُتحمسةً حقا لرؤيته(عادت تحلقُ في عينيهِ ) كم كنتُ كنت صباحًا.

ابتسمت فاظهرت صف اسنانها اللؤلؤي.. شدها بلُطفٍ ليَجلِسا معا لطرفِ السرير ..سارحًا في أرجاء الغرفة :
-  لقد كانت تُمسِكُني دوما ,أحاولُ ان أخرجكِ خلسةً فتمسكُ بي كل مرة.

ضحكت بمرح : ولم تفعلُ ذلك؟

لف يحدقُ في عينيها ثوانٍ :
-  لم أحب يومًا ان يُراقبَنا أحد ,وهي لم تَكن تَترُك جانِبكِ لحظة .

عض شفتهُ برجولة, وقربَ وجهه اكثر لينغمس في تفاصيلِ عينيها ويتركَ لأنفاسه  الحرية الارتطام بوجهها.. أشعلها توترًا لِتُرجع رأسها للخلف قليلا مركزةٌ في شفتيهِ بإبتسامةٍ ماكرة :
-  أفهمها , كان معها الحق لتخاف.

 ركزت في عينيه الان بعمق .. ثبت هو كفه العريض خلفَ ظهرها وشدها اكثر لتعود فتلتصق بهِ وإبتسم للجانب:
-  تؤ تؤ .. لا أحد يمكنهُ أن يمنعَني منكِ ,حتى هي لم تقدر؛ لذا أستسلمت.

هدأت ملامِحُها لأخرى ممتنة ,فتلكَ الجملةَ تعني الحياة لها ,تعني الكثير أن تجد أحدًا يَتنفسُ وجودكَ, ذلك مثالي حد المستحيل, حد أنفاس تنبثقُ في ميتٍ بين أحشاءِ قبرهِ منذ قرون
- شكرا لك.

همهمَ وفي ثانيةً كان كفهُ بسيطرة قد ثبُتَ خلفَ رقبَتها ليُقربها لتلتحمَ معهُ في قبلة شغوفةٍ تصرخُ حبًا وألمًا بنفس الوقت .. بادلتهُ بهدوء, ثم ابتعد ليُهديها أنفاسهُ الرجولية على وجهها سارحا محلقا في شمسِ عينيها :

-  عمتي! لقد حافظت على وعدي بكلِ ما أملك, وها هي أمام عيني

إبتسم للجنب بنصر, اتسعت عينيها بصدمة لتَفسح المجالَ لأنهارِ دُموعها بالتفجرِ بألم.. قلبَت شفتها السفليةَ بضيقٍ بألم وسحبت نظرها بعيدا تبكي بوجعٍ رهيب.

-  هششش ماذا قُلتُ سابقا!

برقة لف ذقنها لتعودَ لمسار عينيه وحسب .. وبدفء شفافههِ راح مُقبلًا يمحُو دموعَ ألمها بطريقته.. ثم إنخفض ليُكمل جنونه بها, تلك الشفاه منبع حياته.. ألتف جانبا مقبلا بعمق يُورد في قلبها جرعات حياةٍ يصعب عليها وصفها , تعلقت برقبتهِ في الحال متفاعلة بشغف لايوصف لما يشعلهُ في قلبها من عشق خيالي.
إبتعد مجددًا وهي تلهث بإنتظام فوق شفتيه.. تحدق بهما بينما يُصرح أوامره :

- إن أردتِ المجئ هنا مجددًا ؛عليكِ إخباري وسآتي بكِ بنفسي مفهوم!(هزت رأسها بحب)هيا للجناح سول.. تكلم بجدية فورا ليقف.

شهقت فورا وحدقت به برجاء:
- أ ارجوك اريدُ النوم هنا.

أخفض نظره لها مستغربا:
- نعم!! لمَ؟ تعرفين أن الإبتعاد عني ممنوع.

أخفضت نَظرها بضيق:
- ا الليلة فقط, ا اريدُ النوم في سريرها لوسمحت

برقة راحت اناملها تمشي على الغطاء الحريري ذاك.. ثوانٍ مرت يُحدق بها ويتَفهم تصرفها:
- حسنا الليلة فقط كما تحبين.

جلسَ خلفها وبرقةٍ مددها لتصبح بينَ ذراعيهِ وسط السرير :
- هيا فلتنامي

شهقت رفعت نظرها فورا لتصدق مايفعله :
- حـ حقا!

مرر يدهُ على وجنتها برقة:
- لقد اخبرتكِ! فلتطلُبي من ملككِ أي شي وسترين ملكتي!

بهدوءٍ اقتربَ ليُجبرها أن تُغلق عينيها على تلك الهدية.. بقبلةٍ دافئة توسطت جبينها.. تبسمت بعشقٍ وأنسلت كطفلةٍ صغيرة للإسفل قليلًا لتحتضن صدره بقوة تدفن وجهها لتتنفس بجوار قلبه على سرير طفولتها مع أمها لا اجمل من ذلك الاحساس الذي داهمها لحظتها .

بعض جرع المخدر لابأس بها لنهنأ ببعض السعادة التي نصنعها بإيدينا طالما كان القدر قد أقسم على اكمال عملية البتر لكل عضو يهنأ به حتى النهاية.. نعانق بعض الكمال الذي نصنعه وسط وحل ألامنا الفائضة بالألم والحرمان.. ثم نصحو وننفض عنه اثاره ونعود للمشقة.. بقي مُراقبا لها ولتفاصيلها بعشق , تبسم حينَ أستسلمت للنوم من شدةِ تعبها ..داعب شعرها برقة للخلف :

-  يالها من عنيدةٍ ليليان كم تشبهكِ في كل شي.

أحتدت نظرته والجدية خطت ملامحه فجأة:

- كما وعدتكِ! طفلتُكِ التي سرقت قلبي.. ها هي الان ملكة بين يدي وزوجتي.. دماءُهم! سأجلبها لقبركِ المقدس بنفسي , انتظريني ملكتي المبجلة.. ذلك وعدي الثاني لك ... تنهد بضيق.

نزلَ بهدوءٍ يضبط فستانها وشعرها على قدر استطاعته, لا أحد يرى ملكتهُ مكسورة ومنهارة.. بخفة حملها وأحتواها لصدره, شعرها وفستانها كان مصيرهما التأرجح .. وهي تسند رأسها لصدره بهدوء.. إبتسمَ للجنبِ محدقًا به.. سكينة هي ما أحتلت قلبها الان بجواره كل ماقام به ولم تشعر بشئ,ابتسامته خليط نصر ورجولة.

تأكد لما نمتى تماما .. قام بهدوء عدل ملابسك مشان لا يبان فيكى شى .. حملك بخفه و خرج يمضى فى الممراا يبصوله بصدمه يتنحنون فورا .. جرت عليه يونغ هوا مرعوبه بتحسب حصلك شى لسه هتتكلم .. بصلها بحدة فورا ترعبت .. هشش .. كمب مضى انحنت بخفه مرعوبه تبصله من ظهؤه بما خطاها .. دخل الغرفه بينزل السرير بهدوء

فتح الباب بهدوءٍ وبطولهِ وظهره المنتصب قطع الممر بهدوء بإتجاه جناحه.. نظراتُ الصدمة التي زرعها في عيونِ من رأوه من خدمٍ وحراس ليست بالهينة.. كيو الملك الذي لاينظر في عينيَّ أحد إلا غضبًا كي يقتُله رعبًا ويلأه خضوعًا له وحسب؛ يحمل فتاة بكل عناية تامة ,تلك ملكته فحسب.. وهو لايبالي ولا يرى أحدا.

يونغ هوا التي كانت قريبة من الجناح لشدة قلقها على سول, هرعت فورًا تحمل فستانها وبسرعةٍ اقتربت منهُ مرعوبة تحدق بسول.. كانت ستفتح فمها لتنطق بحرف . حدق بها بحدة فورا فقد توقظها
- هششش يمكنكِ الذهاب.

اتسعت عينيها مُتفهمة ثم أنحنت بخفةٍ فورًا توقفت مكانها بينما تحدق به يبتعد مقتربا من غرفته الملكية.. دخل بهدوء وبكل عناية مددها للسرير.. طلع فوقها فورا يحدق بسماء مملكته هذه.. قبل جبهتها بقوة هذه المرة يدعوها لتصحو ..يريدها بشغف وهناك ليليان تراقبه

اخدت نفسا عميقًا رعبًا وتعلقت برقبتهِ فورًا حدقت بأرجاء الغرفة وقلبها يتخبط بين اضلعها بقوة أمتعضت تعابيرها فورا :
- م ماذا؟ كيو هل اعدتني؟..

حدقت بعينيه بصدمة معاتبة,  قطب جبنيه مشتعلا:
- أُريدكِ! , ماذا! ألن تشكرين ملككِ عن جيمين!

أبتسمت بِنُعاس وعضت تلك الشفاه المكتنزة بهدوء تطالع سحره ,وبصوت ناعس تشعله أكثر :
- اممم بالطبع سأفعل.

دفنها وسط السرير مقبلًا بشغف ويدين توغلت وسط مملكته بكل جرأة وتملك.. تعلقت برقبته مقبلة تفن وجهها وتغرق في ثمالته أعمق, يدين لها بأن تسلم روحها كل مرة وتُنهك عشقا بين يديه

أرتَدَّت للسرير من بين يديهِ بأنفاسٍ متقطعة..تناثر شعرها الكستنائي المائل للاشقر..أغمضت بشغفٍ مصدرةً آهة أعمق حين ثبت شفاهه الدافئة مجددًا كي تحرقُ أنفاسه الساخنة رقبتها مرة أخرى,  يُهدأها بينما يَلقطُ أنفاسهُ التي بعثرتها بجمالها وهيامها به.

فجأة تَمزق قلبها ألمًا, شهقت وكأنها التقطت كل هواء الغرفة وعينيها بحدة اتسعت تقوس ظهرها قليلًا لتُحدق بما خلفها بدرجةٍ صغيرة.. في عمق السواد ضاع بصرها هناك عميقا في مخيلتها .

1523م
في ربيع عمرها ,في الثامنة عشر تمامًا.. صرخت بجنون وشعرها اطول من الان كان يتحرك خلفها كطرحة زفاف, ذاك الكوخ الذي باتَ خلفها ,يشتعل كقطعةٍ من جهنم وبعض الدخان يلوث وجهها وانفها والسواد لطخَ جمال فستانها ايضًا.. أنتحبت بقوة صارخة :
- كيووو!

 إخترقت المروج الخضراء تجري بسرعةٍ جنونية .. جاءها من اليمين بسرعة رهيبة وشد مِعمصها ليُجرها بقوة خلفهُ ,يُصر على أضراسه بقوة : أجري بســرعة.

ألتف مراقبا لما خلفهما.. كتلةُ الدخان الأسود تلكَ المتطايرةُ في الهواء تُلاحقهم بسرعة رهيبة, تتحرك يمنة ويسرة.. تُورد في قلبيهما الرجفة أكثر,  شتم كيو بحدة :
- اللعنة عليكِ.

صوت قهقهة ملأ صداها المكان المفتوح بأكمله .. قُطِع جذع الشجرة الكبير ذاك من أعالى شجرة كانا سيمران من تحتها بسبب جريهم السريع للتوغل وسط الغابة لعلهما يضلاها الطريق.. حدقا لأعلى فورا, وبسبب ركضِهما السريع نسبيًا ومدى قربهما من الشجرةِ؛ لن يستطيعا التوقف, صكَ على اسنانه بقوة افلت يدها:
- ابتعــدي!

بكل قوة جسده دفعها بقوةٍ فوقعت ارضًا تدحرجت لتَهوي على وجهها.. تأوهت لتقف وصرخت فورا برعب  :
- كيوو..

 لفت لتجدهُ ارضًا والغصن على ساقيه .. التفَ بصعوبة يحاول أبعاده بأنفاسٍ مُتقطعة :
- ا انا بخير اجري بعيدا هياا

يعضُ شفتيه بينما يحاول سل قدمه من تحته.
- كلااا..

صرخت وبإتجاهِه خطت خطوة واحدة ليكبحها المنظر الذي خُيل لها أنه قادم كنيزك سماوي اسود من قعر جهنم رُمى عليهم, كتلة السواد تلك التي غطت الشمس عن عينيها , أرتجفت شفتيها رعبا :
- كيـ يو!

حدق بفزع لها إذ باتت قريبة جدا منها.. حاول بِجنونٌ أكبر النهوض صارخا بها لتجري ,لكن لم يعد للوقت عنوان وكأن الزمان توقفَ وماسيحدثُ يجبُ أن يخطه الزمان, شه الاثنين إذ تَجسدت فورا كتلةُ السواد تلك وثَبُتت أصلها في الارض بذيل فستان أسود وارتفعت كصورةٍ سينمائيةٍ تُرسم في الفراغ حتى ظهرت كاملة حتى قمة رأسها
 ساحرةُ كأنها شبح بفستانها المتفرعُ حولها كجذور شجرة يابسةٍ مُحترقة الاطراف طولها الفارع .. والقلنسوة تغطي وجهها تمامًا لاتظهر سوى شفاهها السوادء الماكرة, من تبَسمت ساخرة بخبثٍ مرير يتوعدهم بجهنم تفتتهم.
أنقطعت انفاسُ سول بعيونٍ مذهولة , في ثانيةٍ أختفت تلك الساحرة لتظهر أمام عينيها ملاصقة تمامًا .
- ســــول!

قلبه سيخرج من مكانه مقاتلا واسنانه ستتحطم ويديه باتت منبتا للخشب المدبب وهو بجنون يدفع بثقل الجذع عنه وعن قدميه. ركنُ الشفاه السوداء تلك ارتفع  باسمًا بشرٍ أكبر ؛سماعُ صراخهِ العاجز وأنفاس سول العالية ترتطم بوجهها يسعدها كثيرا.

 يدها المتجعدة وأظافرها السوداء الطويلة المعقوفة للداخل .. رأس سول كان يطرق بسببهم , شهقت أنفاسًا مخنوقةً ورقبتها رجعت للخلف حين ثبتت كفها تلك الساحرة بقوة على جبهة سول بعنفٍ وأناملها الطويلة سيطرت على رأسها تماما.
توسل كيو صارخا :
-  دعيـــها حالاااا دعيها..

 لكنها تبتسم بخبث أكثر وبصوت مبحوح كأنه صادر من حنجرة أفعى مسمومة :
- إبنة ليليان, اه فلتُودعي كل ماتعرفين!

صرخت سول فورا حتى تقطعت حبالها الصوتية , حدقتا عينيها التي أرتجفت بألمٍ ضمن محجريهما ,هدأتا فورا وباتت بلاحياة فجأة غشيهم السواد للحظة ثم غشي اللون الابيض كل شئ .. صورُ كل من تعرفهم تأتي قريبا لعينيها وتُقتَلع من قلبها كل ذرة مشاعر وذكرى معها.. صورتهُ من تَمسكت بتلابيب قلبها بقوة  كانت أقواها , هي الأقوى لتقتلعهُ وحبه  بجذورهِ من قلبها تاركةً جدرانَ قلب مهشمة تنزف حتى اليوم كما تشتثُ شجرةٌ معمرةٌ من اعماق التربة  وتتركها مهدمةً خلفها.. هي دوما شعرت أن جزءًا فيها ناقص, كأمٍ خسرت جنينها بعد حمل تسعة اشهر.. تبقى تشعر بجذورٍ وهمية , روح تسكنها ماعاد لها اي أصل مجرد سراب لكنه حقيقة!..متاهة عاشت وسطها ,قلبها الخاوي الملئ بأثاروبقايا حبٍ لاتعرفه ولا مالكه.

لطالما رد العشاق والهائمين بها عشقًا دون أن يُثيروا فيها أي ذرة مشاعر او رجفة عين.. وحدهُ نفسه ُمن هز قلبها أخيرًا ذلكَ اليوم حين لفت ورأته ملِكا معظمًا فوق حصانِه الملكي هائمًا في جمال عينيها كما فعل ويفعل دوما.
صرخة ألمها فتته لأشلاء جمعته بجبروت لايوصف.. دفعه بقوة كبيرة حتى تشققت كفيه ورأى نزيفهما بعينيه :
-  سأقطعك أربًا .

إبتسمت له بسخف وكأنها تتحداه تحدق بهِ وكقطعة نفايات ضغطت رأسها أكثر ومنه رمتها بعيدا.. تدحرجت على المرج بلاروح وهوت لأسفل التل مع صرخة أسمها بين ثنايا حنجرته تتقطع لأوصال ترافقها..لعلها ترحل معها
" نداء إسمها الأقرب لشغافِ قلبها من بين شفتيه " لكنها لاتعرفهُ و لايمتُ لها بصلة.
................

صرخت بقوةٍ في الغرفة بأنفاسٍ مُتقطعة وأظافرها أتخذت من ذراعه مدفنًا , تأوه بخفة يحدق بهم قد أدموا ذراعهُ بحق ثم حدق بها من صَدمهُ منظرها إذ ارتدت للسرير مسترخية.. صدرها يعلو ويهبط بجنون , نحبت دموعها فورا تمسكت بكتفيه فورا راجية :

-  اااوه  ارجوك كيوو اللعنة .. رأيتها, رأيتها ااااه سلبتني كل شئ انها انها..

أتسعت عينيه وشدها فورا لتجلس في احضانه مرتبا :

-  هشش اهدأي اهدأي ارجوكِ إنهُ لا شئ ,انا هنا لاتخافي ها.. ستبقين تتذكرين كلما بقينا أكثر كلما انصهرنا في حب بعضنا. ذلك لأنني أكبر ذاكرتك وأساسها.

أخر مايريد تذكره هو ذلك المشهد فمبالها هي! عيونه المرعوبة لاتزال متسعة ترتجف وسط مقلتيها بحدة احتدت زفرة انفاسه من انفه وكأنه ينفث نارا .. تملصت منه هي ليست طفلة ليربت عليها ويُقنعها بحضن عميق لتهدأ , تَمسكت بكتفيهِ وحلقت في عينيه نظرته الحادة ارعبتها اكثر :

- هيا اخبرني! .. م ماهذه هااا من تكون هذه من هي؟ كيف سرقت ذاكرتي؟؟ وانت ها! (اتسعت عينيها بصدمة)م مالذي فعلتهُ لك ايضا؟ هيا انطق ارجوك.
قطب جبينهُ ممررًا كفهُ العريض ذلك على جانب رأسها وشعرها مركزا في عينيها :
- إنها الحقيرة التي يعرفها جدنا ...

أزداد تسارع انفاسها مشتعلا, فأرتجف حرف الميم بين شفتيها مداعبًا :
- م من من؟؟! جدنا لمَ هاا مالذي يجري هنا؟

تأوهت بقوة حين أغمضت عينها من حدة الدوار الذي أطبق على رأسها.
- يكفــي !..ستعرفين كل شئ في وقته المناسب.
 أعلن بحدة وشدها برفق مقبلا جبهتها مداريا تعبها ثم اخفاها بين أحضانه..متوترا , الدوار شغل دِماغها لتتوقف عن التفكير للحظة وغفت على صدره بتعب.. او هذا مايخيل له!

بمجرد أن مددها داهمها شبح وصوت تلك الساحرة الخبيثة , بقي بجوراها متمددا مستذكرًا الأحداث حتى غفل النوم عينيه بينما جافا عينيها المرهقة تمامًا وأنشغلت , بدلا من النوم والكوابيس في الضياع في تفاصيلهِ أكثر لتحصل على بعض الهدوء وإنتظام جيد لضربات القلب.

.......

أشرقت شمس الصباح تُعيد الحياة لإنكلترا بهدوءٍ ثم تشتدُ صخبًا وفوضى في كل ركن وزاوية.. بينما هو يفيق على شمسِ عينيها وتهديهُ الحياة بإنفاسها التي تداعبه برقة ,قطب جبينه بهدوء حين إبتسمت واستقبلته فورا بقبلة هادئة على ارنبة أنفه.. تلك الهالات تحت عينيها أشعلته غضبًا أغمض عينيه بحدة وفورا تسلل من امامها بعنف, انزل قدميه وتحرك للحمام , تلا دخوله صفقة قوية للباب من أجبرتها على إغلاق عينيها فزعًا هي الآخرى.. تنهدت بضيق وجلست بظهرها للسرير سارحة بقلق كبير.

 بعد دقائقَ كان قد خرج وهو يُجفف شعر رأسه بينما يهديها نظرة منزعجة ... تحرك لإقرب كرسي وأرخى جسده فيه مشيرا لها :
- تعالي الى هنا في الحال.

عَضت شفتها بقوة وتحركت مُطاوعة له قدميها , شدت الرداء ولفته على فستانا المثير الذي يزيدها لهيبا لروحه في عينيه.

باتت امامه مطرقة الرأس وهي تعتصر كفيها لبعضهما.. إبتسم شبح ابتسامة لتلك الطلة التي لم تنكف تقف بها أمامه مذ كانت طفلة.. برفق رفع يده وشد معصمها لتهوى على ساقهِ جالسة سارحا في ملكوت عشقه مقبلًا خدها برقةٍ رغم غضبه :
- لماذا بقيتي مستيقظة.. وقتٌ من غيري انا لا اسمحُ به.

ابتسمت بتعبٍ وحدقت في قهوة عينيه :
- أخبرني ارجوك ..انا لم يغفل لي جفنٌ افكرُ في تلك الذكرى وأعيدها.

قطب جبينه مستاءا :
-  ساحرة الجنوب هي السبب!

أرتفع حاجبيها بذهول :
-  م ماذا !!.. الجنوب؟ لـ لكن! تلك كلها خرافات لهونا بها نخيف بعضنا ونحن صغار!

إبتسم بسخف :
- نعم خرافات إحتلت قصرنا(حدق بها بحدة.)هي من أبعدتنا عن بعضنا, هي سببت دمار كل شئ.

زادت صدمتها فجأة حين تذكرته..ذلك الجهنمي الذي يهديها الموت كلما رأته على طبق من ذهب, يدها المرتجفة برقة مرت على خده فأستغرب حركاتها :
- ا اذًا  هـ هي السبب ايضًا.. في هيون!

الإسمُ الذي يُوقف أنفاسه ويشطره ,يُشعله ويرميهِ وسطَ الجحيمِ ليتفحم قلبًا وروحًا.. نظرتهُ المصدومة ضاعت وسط مقلتيها العسلية سارحًا في تفاصيل لايودُ قولها البتة ولاتذكرها حتى!

حين رمتها الساحرة بقوة وأختفت سول عن ناظريه, وقفَ مصدومًا ,شُلت قدميه وبل ريقه بصعوبة ثم أنهل صارخا بإسمها مجددًا .. خطوةٌ فقط وفكه شُّد بقوةٍ حتى كاد يُكسر بين مفاصل إناملها  , بقوةٍ سيطرت عليه حدق بها بجنون, كيف لها بقبضة فقط ان تشله تمامًا!

 تبسمت بخبث وبيدها الأخرى ثبتًت أناملها عند فمها اسفل القُلنسوة وسحبتها لأعلى ليظهر وُجهها كاملًا وهي تغلق عينيها .. نُقوشٌ غريبةٌ تبدأ من وسط وجنتيها وتمتد لتنتهي بين شعرها من خلف اذنيها.. لم يبالي! ,  صر أسنانه بقوةٍ وبقوةٍ حاول شَّد يدها من وجههِ لكن كالنملة في وجه العاصفة هو لا أمل له.
أغمضت عينيها بقوة ثم فتحتهما ,اللون الأصفر طغى عليهما :

- ملك إنكلترا القادم! مرحبا بك مدمرًا لها , إيها القادم من جهنم.

شهق حين ثبتَت نظرها في عينيه وحلق في النظر هو لهما وحدهما فقط .. إشتد ضياء اللون في عينيها ففغر فمه بقوة رهيبة ,كسيفٍ شطره نصفين تمامًا نظرتُها أفنت حياته وأعادتهُ للحياة, شعر بنيرانٍ تُتلف خلاياهُ ثم تهديهما البرودة لينتعش قليلًا ويعود للإحتراق الداخلي.

 الحروق بقوة ليزر متحرك رسمت الوشوم بسرعة رهيبة ,على ظهره جناحين يمكنه ان يشعر بهما..تمزقت حنجرته لعنف أهاته ولاصوت يخرج منها يمكنها ان يصفُ مايشعرُ بهِ , نقوشٌ ابتدأت من معصميه حتى أخر كتفه.. تمزق قميصه لشدة التركيز الذي سلطته عليه وبعض الدماء تسللت من نقش وجه الذئب الذي زين وسط عضلات صدره المفتولة..  والاخير هو المميز,حروف لاتينية ٌغريبة متداخلة فيما بينهم مع رسم نيرانٍ وحرفين يكملان بعضهما.

أنقطع الهواءُ عنه , وجفنيه ثقلت لتريحه من أنفجار الألم في جسدهِ وروحه , و قبل أن يَهوي مغميًا عليهِ قربت وجهه لتلحق عليه هامسةً في أذنهِ :

- رحب بنصفك الثاني من الجحيم, إستمتع بتدمير مملكتك, ستكُون بطلًا إن سيطرت عليه.. انتَ ستبقى قطعة روحٍ واحدة طالما بقيت نصف روح لكن إنسانا سليما ! طالما لم تلتقِ تؤامك .. تلك هي لعنتك

إبتسمت بحقارة, رمته بقوة كما رمت سول , وقع على ظهرهِ يطالعُ السماء التي قلبت فجأة حمراء داميةً نيران تشتعل بكل جهة, يشعرُ بأنه في قعر جهنم, وحتى تلك الارضية الرطبة من العشب كحصى ملتهب تنهش جلده.

 سحب الهواء لأعماقِ حنجرته وهو يتلوى ومفاصله تنثني  يديه ورجليه رقبته بقوة رهيبة , فتح عينيه أقوى شعيراتها الدموية تفجرت لتغرقهما بالدماء .. 

أغمضهما بقوة مجددًا صارخًا وفي الثانية الأخرى فتحَهما عيونٌ صفراء ساطعة , أحتد البؤبؤ فيهم كذئب مفترس.. وعروق زرقاء تسلقت رقبته حتى فكهه كأنها حروقٌ ليزريةٌ تتسلق بكل هناءٍ دون مقاومة , صرخ بصوتٍ أجش بنبرة حادة غريبة .. أهلا بنصف روحه التي شُطِرت! هيون ولد للتو.

عادَ لوعيهِ وحدق بها فورا بحدة وكأنه أسترجع كل الألم, صرخ بجنون لايريده , لايريدُ ان يتذكره .. أنه في ثانية خاطئة يَخرج عن السيطرةِ ويصبح وحشًا يلتهمها هي قبل كل شئ :
- لــــم تأتيـــن بسيرته الاااان

صرَ على أسنانهِ حتى كادت تكسر, لف بنظره بعيدا عن ناظريها.. فأرتجفت فورا وفي أقل ثانية تخطفت كفها من وجههِ لصدرها متوترة ترتجف  بخفة :
- حـ حسنا .. حسنا أهدأ.

تلونت عينيه بالأصفر فورا وأحتدت نظراته.. ركن شفته أرتفع بإبتسامةٍ خبيثة مسمومة, لف يحدق بها فورا بصوته الأجش :
- لماذا!.. لاتريدينه أم ماذا!.. اخبريني انا!

 إبتسم بخبثٍ اكثر ويدهُ التي كانت تُحكم جلوسها لساقهِ قبضت على خصرها أكثر, كان سيفتته تحت يده.

أهةٌ قوية صدرت منها فورا ,ويدُها ثبتتها على صدرهِ بخفةٍ كردٍ فعلٍ للبحث عن بعض التحرر من قبضته .. حدقت بعينيهِ بجنون لتُصعق, تلك العينين اللتين تهاجمانها كل ليلة ليُحولان أي نومٍ لها لكابوس كالعلقم :
- ك كيو!..م مالذي يجري؟؟

تنادي أخر املٍ معدوم هي واثقة أنه ليس هو..أغمض يهز رأسه بخفة ويبتسم ساخرا :
- أمم .. لا, إجابة خاطئة.

منابتُ شعرها أُقتُلعت بقبضتهِ القوية التي أرتفعت من خصرها لتستولي على شعرها كلهِ مسببًا ألمًا فظيعًا ورقبةً تكادُ تطرق لشدةِ شده القوي له ..صرخت متألمة بينما وقف من فوره بطوله الفارع لتهوي من على ساقه للأرض على قدميها.

قلبُها سيُحطم جدران صدرها ويختفي ميتًا بفزعهِ الذي يُقتلهُ بها كل مرة..تمسكت بيده فورا بكلتا يديها تحملق به للأعلى بجنون وصدمة :

- أبعـــد يدكَ عني .. أتركهُ حالا ارجوك لم افعل شيئا (صرخت أعلى ناحبة) أيــن كيووو؟؟

- اممم لمَ تسألين عنه؟..أخبرتكِ أن لا أحد سيمتعكِ بقدري.

إبتسم بشر اكبر والقى بها للسرير بقوة , شهقت رعبًا وتحركت تزحف للخلف وهي تشد ردائها عليها وتحكم ربطه أكثر , بعيون غرقت في بحر الامها تنزفهُ دموعا , حملقت به بحدة ولكن خوفها يفضحها فصرخت بهِ بجنون :

- هيون يكــفي! .. ماذا تريد مني! لاتحلم حتى...

نزلت فورا للجهة الاخرى من السرير وهو يحوم حوله كوحشٍ يسعى وراء فريستهِ المنهارة ..أغمض عينيهِ مطرقًا رقبته يمنة ويسرة :

- امم تسألين عني كنتِ ؛لذا جئت!..مااذا (فتح عينيه كسايكوباتي مركزا في عينيها ) هل اشتقتِ لي حقا؟؟ أم تحبين العنف!.

قهقه بقوة منهيا ضحكته بإبتسامة حقيرة.. أرجفَ أطرافها حتى النخاع , صرخت فورًا وهي تتراجعُ للخلفِ أكثر بينما قدميه أخدت تلف حول السرير مقتربا منها والخوف شاركَ أطرافها إرتجافهم منه خلسة :

- ك ككلا لم اشتق (صرخت أعلى مغمضة ) انا لا احبــك اصلًا ابتعـــد!.. اريد كيوو حالا.

بات قريبًا جدًا حينَ أهداها تهديه الاخطر وهو يبتسم للجانب:
-  قولي للحثالة ذاك إنني سأفوزُ بكِ في النهاية , حينها وقتها سينتهي كل شئ وكل شئ سيكون ملكي بلاعودة له ,امم هذا إن رأيتهِ مجددا.
                             

 ركض تلك الخطوتين فقط بخفة ليثبتها للحائط بعنفٍ وبدون رحمةٍ شد ذقنها وهجم ليعض تلك الشفاه بجنون, ولن يسمحُ لها للتمتع بتقبيلهِ مجددًا فيسيطر كيو على مشاعرهِ وقلبهِ ويُعود هو المسيطر الثابت.. تعلم درسهُ جيدًا وبكل عنفٍ سيأُخذ منها مايريد .. انهارت امام قسوته شفتيها دامية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع في البارت السابع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق