على حافة جهنم
الفصل السابع
Written By : Ňoồr
~ بداية النهاية ~
مرت ساعات الليل طويلة ومؤلمة على قلبه .. كانت ليلته مليئة بالأرق والسهاد
.. دموعه تغطي وجهه وهو يشد على قبضة يده .. فتش بين ثنايا عقله عن حل ليشفي به
جرح قلبه .. ضاق ذرعاً بحاله البائس .. ظن أنه سيكون كالثور الهائج ويحطم كل شيء
أمامه .. ويصرخ بأعلى صوته رافضاً حكمها على حبه بالموت .. ولكن على العكس تماما
لم يجد نفسه سوى طير ضعيف وجريح .. كُسر جناحه وفقد قدرته على الطيران وودع معه
سعادته بالتحليق ..
لم يكن بهذا الضعف يوماً .. دموعه تبدو وكأنها ترتعد على خديه .. نهض ببطء من
فوق سريره .. قام بفتح شرفته لتتسلل أشعة بداية الصبح إلى الغرفة .. نسمات الهواء
التي لفحت وجهه جعلته يغمض عينيه بحرقة .. أطلق زفرة عميقة نابعة من الصميم .. وضع
يده على قلبه وهو يبتسم بحسرةٍ .. كفكف دموعه بهدوءٍ .. ازدرد لعابه وهو يرفع رأسه
بشموخٍ .. وكأنه قد قرر إلقاء كل شيء خلف ظهره .. توجه ناحية دورة المياه .. اغتسل
بالماء البارد وكأنه يعاقب نفسه على حبٍ أهوج حُكم عليه بالموت حتى قبل أن يُولد
.. غسل روحه من ذكريات هذا الحب .. وأعاد القوة والتجلد إلى قلبه الذي لم يعتد على
الإنكسار يوماً .. حسم أمره بتناسي هذا الحب وإكمال حياته وكأن شيئاً لم يكن ..
يعرف أن هذا الأمر لن يكون هيناً في بدايته ولكنه بالطبع مع الوقت سيعتاد على
الأمر .. ارتدى ثياب العمل خاصته .. وغادر إلى مكتبه قبل أن يستيقظ أهل المنزل
***
أمسكت بسترته وهي تقف
بجواره وتنظر له بعينينٍ تلمعان بالدموع مع شفتين مقوستان إلى أسفل .. بينما هو
يرتب شعره أمام المرآة .. وينظر لإنعكاس صورتها ويبتسم ...
انتهى أخيراً فمد يده وأخذ منها السترة قائلاً : انتي محسساني انى رايح اموت ,
هتخليني اندم اني قولتلك
أمسكت بيده وقبلتها :
امانة عليك خلي بالك من نفسك,
أمسك بوجهها بين يده وهو
يهديها ابتسامة لطيفة كشفت عن غمازته التي زادت من فتنة ابتسامته .. ثم قربها منه
وطبع قلبةٌ على جبهتها : حاضر يا
حبيبتي هخلي بالى من نفسي , وانتي كمان ماشي ؟ ودلوقت يلا بقا خليني امشي
أومأت له ثم ودعته بابتسامةٍ
باهتة وهى تدعو الله أن يحفظه ويعيده إليها سالماً
***
اجتمع بارك بكيم وكيوهيون
في غرفة المكتب بقصر كيم .. كان الصمت سائداً تماماً عدا صوت بارك الخافت الذي كان
يتحدث في الهاتف ...
- عايز النار تاكل حديد العربية عشان يبان ان الجثة اتفحمت ,
فهمت هتعمل ايه ؟
- فهمت يا باشا, طب وسواق العربية اللي هتتفحم ديه؟
- ملكش دعوة هنبقا نرمي لاهله قرشين
- ماشي يا باشا
انتهت المكالمة .. فابتسم
بارك بسعادةٍ وهو ينظر لكيوهيون بتحدي : بس يا كيم كان ايه لازمته المصغرة تحضر
الكلام ده
رمقه كيوهيون بقوةٍ وقال
بغضب : المصغرة دول هما اللي بإشارة منهم يودوك ورا الشمس ( ضرب على الطاولة أمامه
بسخط )
وضع كيم يده على كتفه ليهدأه
قائلاً : اقعد يا كيو بقا , وانت يا بارك حاسب على كلامك كيوهيون هو اللي ماسك
شعلي كله ما انت عارف , وبعدين هو اللي هيتكلف بكل حاجة بخصوص ابني عشان يبان
انه كان في بلاد بره زي ما قولت
نظر له بارك بحدة : اسمع
يا كيم و انت جبت حتته العيل ده وطلعته على كتافي وانا عمري ما هنسهالك , بس
انا وافقت اساعدك وادور على ابنك عشان ابني , طلع
ابني من شغلنا
ابتسم كيم باستهزاء : ما
انت عارف يا صاحبي انا معنديش غالي , بس تعالى هنا انت ليه فجأه مش عايز ابنك يشتغل معانا , مع
انك اما رحت واخدت منه تسجيل هيتشول وهددته بمريم قولتله يجهز نفسه عشان هنحتاجه
ضرب بارك على رأسه بحسرة :
عشان كنت غبي ودلوقت عقلت , وزى انت ما قولت بعد اما استغنيت عني يا صاحبي عرفت
انك معندكش غالي والمفروض احمي ابني منك باي طريقة , هو
مش هيكون احسن مني , حمى اخت صاحبه بحياته وشغله ومبادئه ,
وانا ارمي ابني بايدي للنار طب قولي ازاى ؟
ابتسم كيم باستفزار ثم قال
: ماشي يا بارك , انا مش هخلي لابنك علاقة مباشرة بشغلنا بس عشان اضمن
سكوته بعد اللي شافه وعرفه انا هخليه يعيش معايا هنا في القصر وبالمرة ياخد باله
من مريم ويساعد كيوهيون في تعليم الواد اللي بتقول عليه بيئة ده
- بس بشرط يا كيم اول ما ابنك يستلم شغلك , هنري يرجع لحياته الطبيعية وتبطل تهدده بمريم
- وانا اضمن منين انه مش
هيقول ع اللي شافه للبوليس زى ما كان عايز يعمل قبل ما اهدده بيها
صمت بارك بقهرٍ .. فهو
يعلم جيداً أن هنري لن يُضيع فرصة تسنح بأن يبلغ الشرطة عن هذا الإثم وبالمقابل لن
تتأذى مريم إلا وسوف يقتنصها جيداً .. ابتسم كيوهيون بتشفي ونهض قائلاً : يلا يا
باشا انا هطلع دلوقت على المحكمة على طول عشان نخلص الحكاية دى
عندما سمعته مريم التي
كانت تسترق السمع يقول هذا ركضت على أطراف أصابعها مبتعدة عن الغرفة .. اختبأت في
إحدى الغرف وهي تلهث .. وضعت يدها على صدرها وهي تضغط على يدها الآخرى بقوةٍ ..
إذا فهنري المسكين يساعدهم غصباً كي يحميها .. ولكن من ماذا يحميها .. ابتسمت
بسخريةٍ هامسة : اكيد عايز يقتلني زي ما قتل هيتشول , الحمد لله اني مقولتش لهينري عن
اللي عرفته عشان ميمنعنيش اعمل اللي ف دماغي
***
في مكتب كيبوم كان جالساً على مكتبه .. أما ليتوك فقد انتهى من ارتداء زي
الفتى الذي سيتقمص دوره .. و وقف أمامهم رجل مسن أو هكذا بدى ..
تحدث ليتوك ببعض التوتر قائلاً : خلاص يا شاويش فتحي فهمت هتعمل ايه ؟ مش
عايز ولا غلطة , انا جونج ابنك الحرامي ,
وانت ابويا الراجل الغلبان ( أشار على الشاب الآخر الجالس على الكرسي بجوار مكتب
كيبوم ) وده الابوكاتو اللي انت قومته يدافع عني فهمت ؟
ابتسم الرجل بدهاء :
متخافش يا باشا ده انا تلميذك
أومأ ليتوك بابتسامة صغيرة
.. ثم وجه نظره لريووك ( الشاب الجالس بجوار مكتب كيبوم ) : وانت يا ريووك فهمت
هتعمل ايه ؟ انت المحامي الفاشل اللي هيدافع عني انا جونج الحرامي
ابتسم ريووك بطفولية ونهض
وهو يربت على كتف ليتوك : متخافش يا ليتوك انت جيت للشخص الصح
- انا عارف طبعا , اول ما احتجت محامي يخلصلنا الحكاية جيت ف بالي على
طول , قولت اكيد مفيش غيرك ,
كمان هحتاجك كتير بعد كدا
ـ وانا ف الخدمة طبعا
( ريووك
... شابٌ في الخامسة والعشرين من عمره .. تعرف عليه ليتوك في آحد جرائم القتل التي
كان مكلفاً بالتحقيق فيها .. وقد كان ريووك محام عائلة المجني عليه .. ساعد ليتوك
كثيراً في كشف غموض القضية .. وبعدها أصبح ليتوك يلجأ له كثيراً في الاستشارات
القانونية وقوت علاقتهما معاً .. فخفة روح ريووك وروحه الطيبة جذبت إليه ليتوك
بسرعة .. وأصبحا قريبين جداً بخصوص العمل .. وهو ما شجع ليتوك على الاستعانة به في
تلك القضية وبالطبع لم يتأخر ريووك أبداً بل تحمس كثيراً لها وهبّ ليساعدهم )
في تلك الأثناء وصلت هاتف
كيبوم رسالة من بارك ومضمونهما كلمة ( تم ) .. ابتسم بخفةٍ ونظر لليتوك قائلاً :
خلي بالك من نفسك , لو حسيت باي خطر ارجع بسرعة ,
ربنا معاك
غمزه ليتوك بابتسامةٍ ثم احتضنه بقوة .. وهو
يربت على ظهره .. وأشار لريووك والرجل الآخر ليتبعاه ..!!
***
بدأت المسرحية الهزلية
التي خطط لها ليتوك أخيراً .. المشهد كان كما الآتي .. كانت قاعة المحكمة يتوسط
مؤخرتها منصة القضاء ولكنها كانت خالية تماماً من الثلاثة قضاه فالجلسة لم تبدأ
بعد .. بينما يجلس آحد الأشخاص وهو ممثل النيابة على منصة صغيرة بأقصى اليسار ..
وعلى اليمين يوجد قفص الإتهام وبداخله يقف ليتوك بملابسه المهترئة ووجهه المتسخ
وشعره المبعثر .. وبجواره جندي من رجال الشرطة .. وبجوار القفص يوجد مقعد صغير من
بين المقاعد الموجودة في القاعة ويجلس فوقه الرجل الذي يمثل بأنه والد ليتوك أو إن
صح القول والد جونج يبدو أنه يبلغ من العمر عتياً بينما يرتدي جلباباً فضفاض ويبدو
عليه البؤس والفقر ..
ومن الناحية الآخرى يوجد
مقعدٌ يجلس فوقه ريووك الذي صفف شعره بطريقةٍ مضحكة وكأنها تصفيفه من الثلاثينيات
.. يرتدي بذلة باللون الأصفر
ذات شكلٍ مضحك وفوقها معطف
أسود .. ونظاره تشبه قعر الكوب تخفي وجهه بطريقةٍ مضحكة .. وقد أغلق عيناه وارتفع
صوت شخيره في أرجاء القاعة عمداً .. وخلف مقعد الوالد جلس كيوهيون عاقداً ذراعيه
إلى صدره وهو ينظر إلى ليتوك بسخريةٍ .. لا يصدق أن هذا الشاب الذي يبدو كأنه كومة
قمامة سيرث مليارت والده كيم بينما هو مجرد يده اليمنى التي يحركها كيف يشاء !!..
نهض الوالد وأمسك بقضبان
القفص قائلاً : اجمد يا جونج يا ابني , خليك راجل اومال
ابتلع ليتوك غصته وهو يقول
بوجه خائف : انا خايف خالص يا ابويا
ربت الوالد على يده :
متخفش يا ابني , انا قومتلك ابوكاتو كبير يدافع عنك اسمه الاستاذ حشيش
ابو مطوة وبإذن الله هيطلعك منها زى الشعره من العجين شغرّ فاه ليتوك وهو ينظر نحو
ريووك قائلاً : حشيش , جايبلي ابوكاتو اسمه حشيش يا ابويا ؟ يا خوفي لا يطلع
فرشة السنان اللي قاعدة جمب القفص هناك
أشار على ريووك
.. ابتسم الوالد بزهو : ايوه يا جونج يا ابني هو
ضرب ليتوك على وجهه : يا
سلااام ومالك فرحان كدا ليه ؟ يا نهار اسود , ده
اسمه وشكله لوحدهم يجيبو تأبيده يا عم الحج
- يا ابني ده ابوكاتو كبير ومتصيت
- متصيت ؟ هتشلني يابا انا كنت عارف والمصحف ,
نهايتة الا هي امى عاملة ايه ؟
- ايوه يا ابني عامله ملوخية
وبصارة تستاهل بؤك
نظر حوله وكأنه خائف من أن
يسمع أحد حديث والده .. ثم نظر له بغضبٍ وكأنه يحاول كتم غيظه : آبا روح اقعد مكانك اعمل معروف
- ملوخية بالارانب يا ابني ,
وطعمه اوى شربت نصها قبل ما اجي
ضغط على شفته بغضبٍ مصطنع
: اسكت يابا , اسكت بدل ما اتشل ولا يجرالي حاجة اعمل معروف
في تلك الأثناء كان
كيوهيون يسترق السمع وهو واضع يديه على فمه .. يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة من كثرة
الضحك المكتوم على كلامهما .. وأخيراً دخل الثلاثة القضاه وجلسوا بأماكنهم بمنصة القضاء ...
صرخ الحاجب بصوته الجهوري
: محكمة!
القاضي : نادي يا ابني على
القضية الاولى
أمسك الحاجب بورقة وآخذ
يقرأ منها بصوت عالٍ : القضية الاولى , سرقة السياح والمتهم فيها جونج
القاضي : النيابة تتفضل
وقف ممثل النيابة ذا
البنية الضخمة والوجه المكفهر قائلاً بصوته الآجش : شكراً سيدي الرئيس , سيدى القاضي ,
حضرات السادة المستشارين إن المتهم الماثل أمامكم الآن داخل القفص تعتبر جريمته من
أبشع الجرائم وأشنعها , نعم حضرات القضاه فهو لم يرتكبها في حق شخص بعينه , لا
بل قام بها في حق مجتمع بكامله , فلقد شوه سمعة أمة بأكملها أمام الرأى العام الغربي ,
بسرقاته المتواصلة للسياح عند الأهرامات , وفي
مرته الأخيرة قام بالتعدي بالضرب على السائح عندما كشفه قبل أن يسرقه , لقد
أظهر الشاب المصرى بمنظر الفاسد والإرهابي والسارق ,
وهذه تعتبر خيانة لبلده لذا سيدي الرئيس فإني أطلب من عدالتكم توقيع أقصى العقوبات
عليه , على هذا الخائن دون أن تآخذكم به شفقة ولا رحمة حتى
يكون عبرة لكل من تسول له نفسه بفعل هذا العمل الشنيع ,
وشكراً
نظر القاضي إلى ريووك الذي
يمثل بحرفية أنه يغط في ثبات عميق : الدفاع يتفضل ( لا رد من آحد ) انا بقول
الدفاع يتفضل, ( لم يجب .. فتحدث القاضي بحدة ) انت يا استاذ يا اللي
قاعد هناك ( عقد ما بين حاجبيه ) ايه ده , ده
باين عليه نايم ولا ايه حد يصحيه يا جماعة
ارتفع صوت شخير ريووك في
القاعة .. فهتف ليتوك قائلاً : يا نهار اسود ده نايم من اولها , انت
يا استاذ , روح شوفه يابا لا يكون مات , يا
نهار مش فايت يابا هو ده اللي انت جايبه يدافع عني
ذهب الوالد لإيقاظ المحامي
مما لفت نظر القاضي فهتف بغضب : ايه ده ؟ استنى عندك يا راجل انت
- اؤمرني يا بيه
- انت مين وايه اللي موقفك هنا ؟
- انا ابو جونج يا بيه وكنت بس باقول ,,,,,
قاطعة القاضي بشدةٍ وحزم :
انت هتحكيلي قصة حياتك , اتفضل روح اقعد مكانك وان جيت هنا تاني هاحبسك اربعه
وعشرين ساعة , مفهوم ؟
ركض الوالد مسرعاً وعاد للجلوس بمكانه :
حاضر يا بيه , تحت امر جنابك يا باشا
نظر القاضي لآحد العساكر
بالقرب من مقعد ريووك : صحي الاستاذ اللي نايم ده يا عسكري ,
ولسه هنشوف والله
أومأ العسكري : امرك يا
بيه ( هز كتف ريووك ) انت يا استاذ قوم يا محترم
نهض ريووك بسرعة كمن لدغه
عقرب : حشيش ابو مطوة , حاضر عن المتهم
القاضي بسخريةٍ : حشيش ومطوة ؟ ( حرك
رأسه (لا) بقلة حيلة ) صحي النوم يا استاذ عالله منكنش ازعجنا منام حضرتك
ريووك بنبرة صوته الرفيعة
: معذرة يا فندم
أومأ القاضي برأسه مشيراً
على ليتوك : حضرتك حاضر عن المتهم ده ؟
ذهب ريووك نحو ممثل
النيابة وأطال النظر في وجهه وكأنه سيرسم له لوحة .. فأكمل القاضي متعجباً ) ايه
ده ؟ ده رايح فين , يا استاذ انت رايح فين ؟
حرك ريووك نظارته بابتسامة
بلهاء : هابرص عالمتهم يا فندم
وضع القاضي يده على رأسه
قائلاً بضيق : اللي بتبص عليه ده
السيد وكيل النيابة , المتهم هناك جوه القفص
أمسك ليتوك بالقضبان وهو
يقول بعبوس : هتبرص عليا , ليه يا اخويا همشيلك عالحيط , يا
نهار اسود واحول كمان , منك لله يا آبا انا حاسس اني هاخد إعدام على ايد
الراجل ده بعون الله
القاضي بنفاذ صبر : بس يا
متهم انت متتكلمش بدون اذن مفهوم ؟ ( نظر لريووك ) اتفضل يا استاذ خلصنا بقا ,
ارجوك معندناش وقت
ابتسم ريووك ببلاهة : تحت
امرك يا فندم , (
تنحنح كأنه سيقرأ قرآن (
ليتوك وهو يمثل أنه يكاد
يبكي من أفعال ذاك المحام الذي جلبه والده : يا نهار مش فايت , انت
داخل الحمام يا عم انت ولا ايه حكايتك السودة
القاضي بعصبية : وبعدين
معاك وبعدين ؟
ضرب بيده على صدره مرتين :
خلاص يا عم الحج حقك عليا مش هتكلم
بدأ ريووك مرافعته أخيراً
: يا حضرات القضاه ( أخرج الكلمات بصعوبة ) يا حضرات المستشارين ( بدى وكأنه يصارع
المرض ) إن موكلي هذا بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب ,
بريء من هذه التهمة الشنعاء , نعم سيدي القاضي ( توقف عن الحديث فجأة عندما أصابته
نوبة سعال كادت أن تقضي عليه (
القاضي بوجه قلق : مالك يا
استاذ , تحب نأجل القضية ؟
حرك ريووك رأسه بالنفي
بسرعة : لا لا سعادتك دي حاجة بسيطة
أسند ليتوك رأسه على قضبان
القفص وهو يقول : ماشي يابا , بقا جايبلي واحد م القرافة يدافع عني
نظر ليتوك خلسة لكيوهيون
الذي علت وجهه حمره رهيبة وهو يحاول كتم ضحكاته التي لم يتوقف عنها طيلة وجوده هنا
.. تلك المسرحية الهزلية لم يشاهد لها مثيل في حياته .. ومن تصرفات ليتوك لم يشك
لثوانٍ أنه ذلك الشاب الذي نشأ
وترعرع وسط بيئة سيئة للغاية تركت ذلك الإنطباع المنحط على شخصيته .. وقد عرفه
ليتوك من الصورة التي رأها له مع بارك ..
القاضي بحزم : انت يا متهم
انت اسكت خالص وبعدين معاك بقا ؟ اتفضل يا استاذ كمل مرافعة بقا ارجوك ,
خلينا نخلص ف اليوم اللي مش فايت ده ( لم يكد ريووك أن يبدأ حديثه حتى أصابته نوبة سعال آخرى .. ضرب
القاضي كفاً بكف وأشار للحاجب ) هاتله
كوبابة ميه يا بني
ريووك بنبرة استخفاف : لا
انا مش عايز ميه انا عايز فخفخينة
القاضي بغضب : فخفخينة ايه
يا استاذ , انت هنا ف محل عصير ؟ اجري يا ابني هاتله كوباية ميه
خلينا نخلص بقا انا مرارتي اتفقعت
أحضر له الحاجب كوب ماء ..
ومنحه إياه شربه دفعةُ واحدة ثم تنحنح وأكمل : إن
موكلي يا حضرات القضاه كان فريسة للفقر والجوع ولذلك لم يجد وسيلة آخرى لسد رمقه , لذا
سيدي الرئيس فإنني أطالب بسرعة الإفراج عن موكلي ,
ومعذرة إن كنت قد أطلت عليكم وشكراً
ضرب ليتوك على وجهه : يا
نهار اسود اطلت ايه بس يا عم الحج , هو انت قولت حاجة اصلا , انا
روحت ف داهية , اشوف فيك يوم اسود يا بعيد اللهي تتشل انت وابويا ف
يوم واحد منك لله يابا
تشاور القضاه سويا لمدة
ثلاثة دقائق .. ثم هتف القاضي : حكمت المحكمة حضورياً على المتهم بالسجن خمس سنوات
مع دفغ غرامة مالية قدرها عشرون الف جنية , رفعت
الجلسة
غادر القضاه .. فانفجر
كيوهيون ضاحكاً وهو يكاد يختنق .. تنفس بصعوبة وهو لا يصدق نفسه .. وُضع ليتوك في
سيارة الترحيلات لنقله إلى السجن .. فأخرج كيوهيون هاتفه وأرسل رسالة سريعة إلى
الرجل الذي ينتظر منه الإشارة لتبدأ الخطة .. أما هو فذهب بهدوءٍ وصعد سيارته
المرابطة بقرب سيارة الشرطة .. ثوانٍ وبدأت سيارة الترحيلات تتحرك .. ما كادت
تبتعد عن مبنى المحكمة حتى انهال عليها ضرب نار متتابع كالسيل .. حاول السائق أن
يتفاداه بحرفية عالية .. ولكن إحدى القناصات القابعة فوق مبنى قريب قام بتوجيه
رصاصته مباشرةً إلى إطار السيارة .. انفجر الإطار وأخذت تلتف بطريقة استعراضية
رائعة ..
ركض الجنود من سيارات
الشرطة التي تبعتها وبدأت الجبهتان تطلقان النار .. وفي تلك الأثناء تسلل آحد الرجال
ووجه مسدسه نحو الجندي الذي يمسك بليتوك كي لا يهرب .. ما كاد يطلق عليه النار حتى
ضربه ليتوك بقوةٍ على رأسه وقفز من السيارة .. فأن يفقد الوعى بسبب ضربته القوية
أفضل من أن يفقد حياته على يد ذلك الرجل .. رآهم آحد العساكر وهم يركضون من خلف
سيارة الشرطة .. فوجه مسدسه نحو رأس ليتوك .. وقبل أن يضغط الزناد كانت رصاصة
القناصة قد استقرت في رأسه .. نظر له ليتوك بآسى لم يرد أبداً أن يموت آحد الجنود
.. ولكن يكفيه شرفاً أنه مات من أجل الدفاع عن أمن الوطن ..
انشغل باقي الضباط بتبادل
إطلاق النيران .. بينما أدخل الرجل ليتوك إلى سيارة كيوهيون الذي انطلق بسرعة ..
وأشار لآحد الرجال ليلفت نظر الشرطة إلى أن تلك السيارة الآخرى التي تحركت هى التي
يوجد بها المسجون الهارب .. وهذا ما حدث فقد تبعت سيارات الشرطة تلك السيارة وإطلاق
النار مازال مستمراً .. وعن قصدٍ تعركلت السيارة في إحدى المنحدرات وعلى رصاص
الشرطة انقلبت .. ولكن قبلها قفز السائق دون أن يلحظه آحد .. واشتعلت النار
بالسيارة وزاد لهيبها بسبب هذا البنزين الذي تم سكبه عليها من الداخل لتشتد النار
وتتفحم السيارة .. فتظن الشرطة أن الجثة قد تفحمت وبهذا ينتهي جونج من الوجود ..
وقد انطلت الحيلة بالفعل على الشرطة .. بينما أن سيارة كيوهيون التي يوجد بها
ليتوك قد وصلت بسلامٍ إلى آحد قصور كيم التي لا يعرفها سواه !!..
***
وصل هنري إلى القصر وهو
يمسك بحقيبة ملابسه .. كان يتأفأف بمللٍ وهو يكاد يفقد عقله .. لا يصدق ما يفعله
.. ولا يعرف لِمَ يتبع التعليمات كأنه رجلٌ آلي لا سلطة له على نفسه .. أخبرت إحدى
الخادمات كيم بوصوله فآتى ناحيته ...
- نورت القصر ( أشار للخادمة ) خدي شنطة البية طلعيها اوضته ,
وانت تعالى معايا ( أومأ هنري بقلة حيلة وتبعه إلى غرفة المكتب .. أشار له بالجلوس
وكذلك فعل هو أيضاً ) اسمع يا هنري , انت
هنا تحت عيني عشان اضمن سكوتك , ده السبب الحقيقي انما بقا اللي قدام الناس , انت
هنا عشان تاخد بالك من صحتي انا الراجل العجوز التعبان ,
وكمان مريم مش هتشك من وجودك هنا , بارك صاحبي وانت ابنه وهى عارفة علاقتنا كويسة اد ايه ,
كمان انا قولتلها انك هتاخد بالك من صحتها , خلي
بالك منها انا ملاحظ انها مش بتاكل كويس من فترة , انت
من سنها وصاحب اخوها ومعاها من صغرها يعني هترتاح معاك بدل الوحدة اللي هى فيها , خد
راحتك ف القصر واتصرف كانه بيتك
- ياااه للدرجة دى خايف علي مريم ويهمك مصلحتها ؟ ( أعلن هنري بسخرية )
- طول ما انت شاطر وبتسمع الكلام ,
لازم اخاف على مريم واقلق عليها طبعاً
رمقة هنري بقوة وعينان مُحتقنتان
بالدماء .. ضغط على أسنانه بقوةٍ .. وقبل أن يقوم بفعلٍ متهور نهض مغادراً ..
قادته قدماه إلى الحديقة .. كانت مريم واقفه على بعد كبير منه تتحدث في الهاتف ..
تسللت الابتسامة إلى وجهه .. وضع يده في جيبه واستمر يراقبها ...
- ايوه يا مريم بس الحاجات اللي انتي طالباها دي محتاجة وقت
- معرفش يا هان , انا مليش دعوة انت عارف اني مليش غيرك اطلب منه حاجة
زى دى وانت لازم تساعدني
- مريم انتي متاكدة من اللي انتي ناوية تعمليه
- ايوه يا هان متأكدة , ومتخلينيش اندم اني حكتلك
- طيب يا مريم اديني فرصة ولو عرفت اتصرفلك فيهم النهاردة هجبهملك واجي
- لا لا اياك تيجي , انا اللي هاجي اخدهم منك ,
وانت ابقا قولي اركبهم ازاي , اخر حاجة بعد ما اخد منك الحاجة عايزاك تنسى اي حاجة
حكتهالك
- ماشي يا مريم , بس لو احتجتي اي مساعدة انا موجود
- اكيد طبعا , معلش ازعجتك معايا
- ولا يهمك , ابقي طمنيني عليكي
أنهت المكالمة ونظرت
للسماء الصافية وهي تزفر أنفاسها بقوة .. جلست على تلك الأرجوحة في التكعيبة
القريبة منها .. وهى مُغمضة العين وتبدو وكأن هموم الدنيا تجثو فوق صدرها .. كان هنري
متعجباً من تلك المكالمة الهاتفية التي دامت لفترة ليست بالقصيرة .. وخلالها كانت
ملامحها جدية للغاية .. للآسف لم يستطع سماع شيء .. زاده فضولاً ردة فعلها الكئيبة
تلك بعد إنهاء المكالمة حتى أنها لم تلحظ وجوده !!..
ذهب نحوها وأمسك الأرجوحة
ليوقف حركتها .. فتحت عينيها بفزعٍ .. ولكن بمجرد رؤيته ابتسمت تلقائياً: جيت امتى ؟ عمي قالي انك جاي تاخد بالك مننا ( ابتسمت
بطفولية ) على فكرة مش بحب الدكاترة , ثم انا مش تعبانة ده انا اتعب بلد
بعثر شعرها وبنبرته
الواهنة قال : انا هنا مش هنري الدكتور , انا
هنري صاحبك الجديد , ممكن ؟
نهضت من فوق الأرجوحة
وسارت بضع خطوات : مش بصاحب ولاد ( نظرت له و مدت لسانها في وجهه (
تحرك سريعاً ووقف أمامها .. ومع ابتسامة
بلهاء أنزل بعض خصلات شعره على عينه وأشار على نفسه : انا بنات على فكرة
وضعت يدها على فمها وضحكت
برقة : انت عايز ايه يا استاذ هنري
سار بجوارها وهي تداعب
الزهور بيدها : المفروض تقولي استاذة بقا
مع ابتسامة رقيقة حركت
رأسها بـ (لا) : خلاص متزعلش , عايزة ايه يا استاذة هنري ؟
عاد ليقف أمامها ثم طرق
أصابعه أمام وجهها : قوليلي كنتي عماله تنفخي وانتي مغمضة عينك على المورجيحة ليه
؟
اختفت ابتسامتها وأخفضت
رأسها ليطبق صمت موحش لدقائق .. قطعته تنهيدتها العميقة : انت فطرت ؟
نظر لها بآسى .. ولكنه رسم
ابتسامتها العذبة : بصراحة لا , احم وميت من الجوع
ضربته على كتفه بلطف :
ورايا يا واد ( تسمر ينظر لها بتعجبٍ .. بينما هى كانت قد تحركت بضعة خطواتٍ للأمام .. وعندما استوعبت ما فعلته
.. أخذت تحرك أهدابها بسرعةٍ وانزلقت من عينها دمعة واحدة يتيمة .. تلك كانت ردة
فعل طبيعية منها عندما كانت توجه لهيتشول ذلك السؤال وتكون تلك هى إجابته .. أزالت
دمعتها بطرف إصبعها والتفت تنظر له ) معلش كنت متعــ
ابتسم بوهنٍ : متعودة تعملي كدا مع
هيتشول , عارف ( اكتفت بأن أومأت له بصمت ..
فأكمل مسترداً ) لسه بتروحي النادي ؟
حركت رأسها بالنفي : بطلت
من ساعة ما هيتشول مــ ( أهدته إبتسامة باهتة (
ابتسم بحماسٍ بالغ ثم احتضن يدها بباطن
كفه .. نظرت ليديهما بصدمة وقلبها راح ينبض بطريقةٍ سريعة لم تعتد عليها .. ابتسم
على وجهها الذي اعتلته حمرة غريبة وسار بها سريعاً : زمان الولاد اللي كنتي
بتدربيهم زعلانين منك , من هنا ورايح مفيش كسل يا استاذة ( توقف فجأة وأهداها ابتسامة
بلهاء ) من هنا ورايح ابلتك هنري هتروح معاكي النادي تدرب مع العيال اللي هناك ,
بعيد عنك اول امبارح جيت اشيل شوال دقيق للبقال اللي تحت البيت اما طلب مساعدة ,
العمود الفقري طرقع ووقعت فوق الشوال كان منظري مسخرة ,
تشوفيني كنت شبه الصرصار اللي اترش عليه كافرسول
ضحكت بهدوء على حركاته وهو
يمثل شكله أثناء سرد حكايته .. سعادة غريبة أعادت الألوان الزاهية لقلبها الذي
سيطر عليه اللون الأسود القاتم لفترة طويلة .. عاد وأمسك بيدها وهو يركض وإياها ..
كانت خصلات شعرها تتطاير مع الهواء .. أما هو فضحكاته ارتفعت .. نغم ضحكاته كان
يتردد صداه في داخلها .. أحست بما لم تشعر به يوماً .. قلبها لمَ يطرق هكذا ؟ تُرى
هل أصابها مرضٌ ما ؟ هذا ما فكرت فيه .. تركت ألمها بعيدا لفترة وأخذت تضحك معه
بقوةٍ وقد شددت على قبضته .. كانت سعيدة بأنها أخيراً أعطت مساحة لنفسها لتعود
لبهجتها بعدما حرّمت على نفسها الضحك منذ فترةٍ طويلة .. هذا الفتى بفترة قصيرة
للغاية استطاع أن ينتشلها من الحزن الذي قرر أن يظل قرينها .. ولمجرد سماعه
لضحكاتها شعر بأنه أسعد مخلوق على وجه الأرض .. لمَ يضحي بالكثير لأجلها .. لمَ
يحميها بكل قوته .. لمَ يحاول جاهداً بأن يرجع إليها ابتسامتها ؟ لم يعرف و لم
يتساءل عن السبب .. ظناً منه أن هذا كله تنفيذاً لوعده لهيتشول .. ولكن لمَ هو
سعيد لتلك الدرجة كونه بقربها الآن ورؤية سعادتها تلك ؟ ليس مهم .. المهم أنه فقط
سعيد وهي كذلك !!..
***
دلف بارك إلى مكتب كيم
بوجه مستبشر .. ومد يده بورقة قائلاً : تحليل الـ DNA اثبت انه ابنك فعلا
تنفس كيم الصعداء وآخذ
يهلل : الحمددد لله يا منت كريم يا رب
ابتسم بسخرية : وهو انت
تعرف ربنا ؟
بحدة قال : قصدك ايه يا
بارك ؟
نفى برأسه : مقصدش حاجة , يلا
انا ماشي
غادر بعد أن آتم مهمتة
الأخيرة بإستيلام التحليل الذي أقره الطب الشرعي بأمر من كيبوم ومنحه لكيم لإتمام
المهمة ..
***
خرج كيوهيون من السيارة
وأغلق بابها بقوةٍ وهو يزفر : يا ابني صدعتني اسكت شوية انت ايه بالع راديو ؟
خرج ليتوك وهو ينظر له
ببلاهة : يا عم الحج ما انت خاطفني ومش عايز تفهمني حاجة
نظر له كيوهيون باشمئزاز :
يا ربي الرحمة , حج ايه انت كمان شايفني ساند على عكاز ,
وبعدين مش قولتلك اما نوصل المكان اللي رايحنله هفهمك كل حاجة ,
اسكت بقا شوية
ابتسم ليتوك وهو يستند على
السيارة وينظر للقصر : وادينا وصلنا يا عم الامور هات اللي عندك بقا خلصني
زفر كيوهيون بعصبية : ايه
عم الامور دي ؟ اسمى كيوهيون لو سمحت , وبعدين احنا لسه موصلناش ,
ممكن بقا تمشي وانت ساكت ؟
أومأ ليتوك وسار خلفه ..
فتح كيوهيون بوابة القصر وسار بخطواتٍ سريعة للداخل .. أما ليتوك فكان ينظر للحديقة الواسعة حوله بذهولٍ ثم توقف
فجأة وصاح بصوت عالٍ : يا صلاااااة العيد كل دي فسحاية
التفت له كيوهيون وهو يقول
باشمئزاز : فسحاية ؟ الرحمة يا رب!!
أكملا السير حتى دلفا إلى
القصر من الداخل .. الهدوء كان سيد الموقف إلى أن قطعه صياح ليتوك مجدداً : هى
الفلة دي مفيهاش بوني ادمين ليه ؟
نظر له كيوهيون بنفاذ صبر
: انت صوتك عالي كدا ليه ؟ وبعدين ايه فلة دي ؟ اسمه قصر ,
وقولتلك بطل اسئلة وانا هفهمك كل حاجة
ضيق إحدى عينيه : انت يا
عم المتعنطز خلص الحوار بدل ما ابطحك ( احمرت عين كيوهيون من الغضب .. ثم اقترب
منه وهو يصّر على أسنانه .. تراجع
ليتوك للخلف بوجهٍ خائف ) ايه يا اسطى انت بتتحول كدا ليه ؟
صرخ به كيوهيون : ممكن
تخرس شوية بقا ؟
ابتسم ببلاهة : براحة على
نفسك لا يجيلك شوجر وانت لسه صغير ( ضرب بيديه على الحائط وهو يصرخ .. فوضع ليتوك
يده على فمه ) خرست خلاص اهو
أغمض عينيه كي يهدأ ثم
تنهد وفتحهما مجدداً : قبل اي حاجة , اطلع اول اوضة على ايدك اليمين خد شاور عشان ريحتك
معفنة , وتعالى عالمكتب ( أشار على غرفة بباب زجاجي )
ابتسم ببلاهة وركض حيث
أخبره كيوهيون .. أما كيو فقد زفر أنفاسه بإنزعاج ودلف غرفة المكتب .. اتصل بكيم
الذي أجاب بلهفة : جبته يا كيو ؟
- متخافش يا باشا معايا , بس
انت متأكد ان ده ابنك ؟
- اه طبعا ابني ,
بارك جاب تحليل الـ DNA
وطلع ابني فعلا , بس بتسأل كدا ليه ؟
- اصل يا باشا انت كوم وهو كوم تاني , او
الاصح هو كوم زبالة , الفاظة , شكله , طريقته , طلع عيني واحنا بقالنا ميكملش نص ساعة
- معلش يا كيوهيون استحمل , مهو
للاسف اتربى ف حواري
ما كاد يجيب حتى سمع صوت
صراخ آتٍ من الأعلى .. على عجل قال : معلش يا باشا اقفل دلوقت هكلمك بعدين
ألقى الهاتف وركض نحو
الأعلى .. فتح الباب ودلف سريعاً ..
ليجد ليتوك مازال واقفاً
بملابسه .. وهناك فتاة واقفة أمامه تحاول خلع ملابسه ... الفتاة
بانفعال وهي تمسك بقميصه : توكابوكي , توكابوكي !!
ليتوك وهو يحاول إبعاد
يدها : توكابوكي انتي وابو اللي جابو ابوكي , يا
ولية ابعدي هتغابا عليكي
صرخ كيوهيون فيهما .. ثم
تحدث مع الفتاة بلغتها الغريبة تلك وكأنه يسألها ما سر المشاجرة .. فآخذت تتحدث
بإنفاعل وهي تنظر لليتوك باحتقار .. هدأها كيوهيون ونظر لليتوك بقوة : انت يا بني
ادم عامل دوشة ليه ؟
أشار عليها : الولية
الحايزبون دي معندهاش خشا , عماله تفك ف هدومي وانا ازقها وترجع تاني
كيوهيون : يا بني ادم يا
متخلف دي المسئولة عن كل احتياجاتك الشخصية هنا
ليتوك بذهول : يا عم انا
مش فاهم حاجة , مسئولة عن شخصية مين ؟
أخرج كيوهيون ثياباً من الخزانة وألقاها في
وجهه : ادخل اتزفت وانزل بسرعة
أشار للفتاة لتذهب .. وعاد
هو للأسفل في انتظاره .. مرت ساعتين وهو يراقب ساعته بمللٍ ونفاذ صبر .. ما الذي
يفعله كل هذا ؟ دقائق ووجده أمامه .. نظر له وهو يكاد يبكي .. لقد كان يرتدي قميص
آحد البذلات على بنطال بيتي مرسومٌ عليه الشاطئ .. وشعره مصفف بطريقةٍ مضحكة فبعض
الخصلات مرفوعة لأعلى والأخرى مبعثرة بطريقةٍ فوضوية ...
ضرب على وجهه : ايه اللي
انت عامله ف نفسك ده ؟ ملبستش الطقم اللي ادتهولك ليه زى الناس الطبيعية
اقترب منه ليتوك ونظر له
بطريقةٍ إرهابية : ولاااااااااااا انا اتخنقت منك ,
عاملي فيها هيفا واهبي , وبتصاصي زى الكتكوت و من ساعتها وانا ساكتلك بمزاجي ,
اتلم بدل ما اجيب رقبتك , وخلصنا ف الليلة السودة دى وقولي ايه المصلحة
وضع كيوهيون يده على عنقه
بشيء من الخوف .. تنحنح و أشار له ليجلس ثم جلس هو الآخر وأخبره أنه تم اختطافه
وهو طفل من قبل الناس الذي يظن أنهم أهله الحقيقيون .. أخبره أيضاً أنه ابن السيد
كيم رجل الأعمال الشهير .. وقص عليه كل شيء بخصوص خطة موته وإظهاره مجدداً على أنه
جونغسو ابن كيم العائد من بلاد الخارج .. بالطبع لم يتحدث عن القصة الحقيقة .. وهي
أن والدته هى من أبعدته عن والده فلم يؤمر بعد بأن يُعرفه عمل ابيه .. بالطبع
ليتوك كان يجاري الأمور ويتفنن في تمثيل ردود الأفعال والإنفعالات .. وتكذيبه في
البداية .. وقد قام بالدور عن جدارة فلم يشك كيو لثانية أنه ليس جونج ...
أكمل كيوهيون : ودلوقت
قدامنا اسبوعين عشان نحولك من حرامى فاشل وانسان بيئة -_- , الى شاب غني ,
متعلم , مثقف , وطبعا في ناس كتير هيساعدوك ,
الناس دي هتوصل دلوقت وهعرفك عليهم واحد واحد , يا
ريت تتعاون معانا عشان والدك هيموت ويشوفك
- انا جعان
- انت معندكش دم فعلا , انا بقولك ابوك هيموت ويشوفك وقبلها قولت قصيدة وردك
انا جعان , مفيش احساس فعلا
ليتوك -_- : مبعرفش احس
وانا جعان
نظر له بمللٍ ثم نهض :
هروح اجبلك اكل من بره عشان الخدامين لسه مجوش , يا
ريت اجي الاقيك معملتش مصيبة) أومأ له بابتسامةٍ بلهاء
.. فغادر كيوهيون وهو يتمتم )
***
وصل هنري ومريم إلى النادي
.. نظرت له بابتسامةٍ واسعة .. رحب بها الحارس بحفاوةٍ .. دلفت وإياه للداخل كانت
تنظر لكل شيء حولها بشوقٍ كبير .. وكأنها تُشبع عينيها من المكان الذي لطالما
أحبته .. أدمعت عيناها ونظرت لهنري بامتنان : بجد شكرا انك خلتنا نيجي هنا
شملها بنظرات الحنان وبصوت
واهن قال : لو كنت اعرف انك هتعيطي مكنتش جبتك
أزالت دموعها بسرعة وهى
تضحك كالأطفال : لا لا مش بعيط
- ماشي يا ستى , ينفع بقا ناكل ؟
- اكيد طبعا , ده انا حتى عزماك على حسابي
- على اساس انك جايه مع سوسو بت اختك ؟
- لا طبعا ( ابتسم بزهو .. فأردفت بسخرية ) على اساس انى جاية مع ابلتي هنري
ولا نسيت ؟
لوى شفتيه وهو يرمقها بانزعاج
.. ثم ابتسم بخبثٍ وسبقها إلى إحدى الطاولات .. جلست هى الآخرى .. آتى النادل لآخذ
طلباتهما .. فنفذ هنري خطته الشريرة وآخذ يطلب الكثير من الأطباق .. والطبق الواحد
بكمياتٍ كبيرة .. انصرف النادل بلائحة كبيرة .. فحك هنري كفيه ببعضهما : الواحد
جعان بشكل
حركت أهدابها بسرعة وهى
ترمقة بحقدٍ فقد كشفت خطته اللعينة .. أشاح بنظره عن قصد فلمح على بعدٍ منهما كمية
كبيرة من الأزهار منسقة بطريقةٍ رائعة ذات شكل مذهل .. والفراشات تتطاير حولها ..
نظرت مريم حيث صوب نظرة فابتسمت هى الآخرى .. نظرت لوجهه عن قصدٍ لقد كان وسيماً
للغاية وهو يتابع حركة الفراشات بابتسامةٍ تتسع شيئاً فشيئاً .. مريح الوجود بقربه
.. وضعت يدها على قلبها وأشاحت بنظرها عنه .. آتى النادل بالطعام ورصه أمامهما ..
شرع هنري في تناوله بنهمٍ .. فلطخ فمه كالأطفال .. تعالت ضحكاتها على شكله ...
رمقها بنظراتٍ خالية من
التعابير .. وتحدث بفمٍ مملوء بالطعام : كلي وانت ساكته ,
بطلي ضحك الناس هتتفرج علينا
- لا حضرتك هى الناس اتفرجت
خلاص , بس على طريقة اكلك
ـ ايه ده بجد ؟ ( ترك
الملعقة من يده ونظر حوله فإذا بالجميع ينظر له بذهول .. آخذ يسعل وهو ينظف فمه
بالمنديل .. وكاد ينفجر من الخجل .. ثم نهض وأمسك يدها ) انتي بتدربي العيال بتوعك
فين ؟
ازدردت لعابها وأشارت على
المكان .. سار بها سريعاً حيث أشارت .. كانت قاعة كبيرة الحجم مليئة بالمتدربين من
الشباب والفتيات .. بمجرد أن لمحوها ركضوا نحوها وآخذوا يرحبون بها بحرارةٍ ..
كانت سعيدة للغاية باهتمامهم .. ومبالغتهم في الترحيب بها .. أشارت لهم بأن
يستعدوا فهي ستقوم بتعليمهم اليوم بعض الحركات البسيطة .. صرخوا بحماسٍ وركضوا
يغيرون ملابسهم ...
توجهت نحو هنري الواقف على
بعد قائلة : وانت كمان يا هنري , خلي حد من الولاد يشوفلك حاجة تلبسها هتدرب معاهم
نظر لها بزهو : من غير ما
اغير هدومي , وبعدين انت صدقتي الحكاية بتاعة الشوال , يا
بنتي ده انا اشيل طن حديد بصوبع واحد
- يا راجل ؟
- اومال اومال , هو انا قليل ده انا هنري
- طب تعالى وريني يا عم اللي مش قليل
وقفت في وضع الاستعداد .. ازدرد
لعابه ليبلل حلقة الجاف .. ولكنه تصنع الثقة .. صرخ بطريقةٍ بلهاء وركض نحوها ليضربها
بيده في معدتها .. تلك الحركة اليتيمة التي تعلمها من الروضة .. وصل إليها وآخذ
يحرك يده : ها هي هو هااااا !!!
وجه يده اليمنى نحوها
فأمسكتها بخاصتها بمنتهى السهولة .. ابتلع غصته ووجه اليسرى فأمسكتها بخاصتها أيضاً
.. ثم شددت على قبضتها وبحركةٍ مذهلة رفعت جسده وأسقطته للخلف ...!!
صرخ وهو يسقط : عااااا يا
لهوووووي, ( وقع على الأرض فارداً جسده كما الدجاجة ) اااه يا اما يانى يابا , يا
عضمك يا هنري , يا صغيرة على الكساح يا لوزة
هبطت بسرعة إلى مستواه وهى
تتفقده بقلقٍ .. ولكنها لا تستطيع كتم ضحكاتها الرنانة : انت كويس ؟ في حاجة
بتوجعك ؟
ساعدته على الاعتدال
بصعوبة فآخذ يولول كالنساء : ااه ياني , قوولي في حاجة مش بتوجعك ؟ ااه يا عضمي يا غلبان , انا
مبقتش انفع لحاجة خالص
أسندته إليها كي توقفه وهى
تقول : انا آسفة معلش , بس انت اللي قعدت تقول انا جرنديزر انا شجيع السيما ,
مكنتش اعرف انك بوء عالفاضي , وبعدين ايه ها هي هو دى ؟ ده انت طلعت ميح خالص!!
رمقها بحقدٍ ومازال يشتكي
من الآلم .. اعتذرت من الشباب وأوقفت إحدى سيارت الأجرة لتعود به إلى القصر..!!
***
مددت جسدها على المقعد في
صالة المنزل .. تُمسك بالهاتف وهى تشاور عقلها أتتصل أم لا ؟ أغمضت عينيها باستياء
وألقت الهاتف على مقعد آخر بجانبها .. أمسكت بجهاز التحكم وآخذت تُقلب في قنوات
التلفاز بمللٍ شديد .. كانت والدتها تُعد الطعام وقد نسيت أن تشغل شفاط الروائح ..
قطعت البصل وفور انتهائها وضعته في الزيت الساخن وأخذت تقلبه .. ثوانٍ وانتشرت
الرائحة في أرجاء المنزل ...
دغدغت أنف مروة فاتسعت
حدقة عينيها .. وصرخت بانزعاج : انتي يا حجه شغلي الشفاط ,
انتي عايزة تموتيني مش كفايا الهوا الساقع والبرد عليا , مش
عارفه اتنفـ ,,,, ( وضعت يدها على فمها وراحت تسعل بقوة )
خرجت الأم من المطبخ
بعصبية بالغة : مش كفاية انك قاعدة زى الهانم وانا بطبخلـ,,,, ( شهقت وعيناها
جاحظتان عندما رأتها جالسة على الأرض و هي تسعل بتلك الطريقة .. ووضعت يدها على
رقبتها وكأنها تختنق .. ركضت نحوها وهي تحرك يدها بقوةٍ أمام وجهها لمنحها بعض
الهواء .. انزلقت دموعها وهى تلعن نفسها كيف نست مرض ابنتها ولم تشغل شفاط الروائح
.. تحدثت بلفهة ) فين البخاخة ؟
أخذت مروة تحرك يدها بـ (لا)
وكأنها تقول بأنها قد نفذت .. زاد سعالها ووجهها تعلوه حمرة قوية وكأنها تحتضر ..
لم تعرف ماذا تفعل مطلقاً .. الصدمة أعجزتها عن التفكير .. آخذت تضرب على وجهها
وهى تبكي : انا السبب , انا السبب !!
بدأ جسدها ينتفض وكأنها
تلفظ أنفاسها الأخيرة .. في تلك اللحظة ارتفعت نغمة هاتفها تعلن عن متصل .. أمسكت
الأم بالهاتف سريعاً وهى تبكي بقوةٍ ولا تعرف كيف رأت أن المتصل ليتوك .. لربما
لأنها أرادت أن ترى هذا كي ينجدها من تلك الكارثة .. قالت بصوت يترجف : ليتووك
الحقني يا ابني , اختك مرمية على الارض جاتلها الازمة والبخاخة خلصت ,
البت بتطلع ف الروح الحقني بسرعة ( صرخت وهي ترتجف عندما أغمضت مروة عينيها وسقط
جسدها بلا حراك (
ـ
*.* ـ *.* ـ *.* ـ*.* ـ
مقطتفات من الفصل القادم :
ـ امممم
, بقولك يا مروة ابقي قولي لصاحبتك بتاعة عيد الميلاد
ان بيتنا مفتوح , تبقى تيجي وتعمل الصح يا حبيبتي
ـ متوقفش
حياتك على تجربة واحدة فاشلة
ـ مش
تخاف مسيو يعقوب , قبل المعاد اكيد
هاااااااااااااااااان و ريووووووووووووووك بباااااااااااااارت واااااااااااحد !!!!!!!!
ردحذفعااااااااااااااااااااااااا !!
ياااااااااااااربي نوووووووووووووورت القصة و الله نوووووووووووووورت !!
فدددددددددددددددديت بعد داااااااااااااااااااري !!
بصراااااااااحة دموووعي ما وقفت من الضحك خلااااااص كنت راح اموووووووووت !! ليتوووك مأدي الدور ببرااااااااااااعه !! جديااات و الله بارت عن بارت احبه اكثر و اكثر !!
مريم و هنري حبيتهم سواااا !!
مروة سلامتج يا قلبي !! شووفولها حل بسرعه بليز !!
ابدعتِ حيااااااااتي
متابعتكِ .. نورهي