الأحد، 10 يوليو 2016

ஓ غيمة من الماضي ஓ الجزء الثالث و الأخير ஓ



ஓ غيمة من الماضي 
 الجزء الثالث 



By afa














استيقظت مينا في الصباح نشطة و مبتهجة لمحت من النافذة أن الصباح مشرق والجو صاف والشمس تغمر المكان رغم ان الارصاد الجوية اعلنت انها ستمطر لكن السماء الزرقاء صافية نفت هاته التوقعات أحبت أن تستمتع بهذا الصباح الجميل لوحدها قبل أن تدب الحركة في البيت وتبدأ المشاكل ثانية تركت فراشها وأخذت حماما سريعا ثم ارتدت ملابسها ونزلت الى الطابق السفلي اكتشفت أن الباب الرئيسي مفتوح وهذا يعني أنها ليست وحدها المستيقظة باكرا يبدو انه هناك من سبقها غادرت البيت و واصلت سيرها باتجاه الغابة ولم تكن قد ابتعدت طويلا حين سمعت صوت ليتوك يناديها: مينا انتظري لحظة

لم تشأ أن تلتقي به في تلك اللحظة قررت أن تتجاهله واصلت سيرها دون أن تلتفت اليه لكنها سمعت وقع خطاه خلفها كانت خطواته سريعة فأسرعت في خطواتها بدورها وأخيرا وجدت نفسها تركض 

ولكن الى أين ؟ ولماذا تهرب؟ انها ستواجهه حين تعود الى البيت فلماذا الهرب منه الآن؟
 حسنا هي تعلم ان لا مفر من ذلك لكنها لم ترد ان تفسد صباحها بمشاحنة جديدة 

بعد ان ابتعدت بعض الشيء استدارت لترى ان كان مايزال يلاحقها و عندما لم تره هدات من خطواتها و واصلت سيرها رفعت رأسها في اتجاه الريح فأحست ببرودتها تلفح وجهها وظل السؤال يعاودها بأستمرار:
 ترى ماذا يريد مني ؟ لماذا يلاحقني بأستمرار؟ اذا كان يكرهني فلماذا لا يتركني وشأني؟

عندما بلغت مكانا مرتفعا لاحت لها قمة جبل هالا بتلك التلال الملتفة حوله والبيوت المستديرة المسقوفة بالقش وخط الساحل والوديان والأسوار الحجرية المتعرجة حول الحقول
 انه جبل الأساطير والأسرار جبل وكأنه الأم جبل وحيد ولكنه جبل يريح كل من يأتون إلى قبضته القوية الثابتة استطاع ان يقف قي وجه أعاصير الطوفان ويصمد في وجه الضغوط الخارجية يحمي كل أولئك الذين هم بحاجة إلى الامان بالنسبة لسكان جزيرة جيجو يعتبر جبل هالا قوة الحياة وكذلك منبعا للخيال إذا رأيته من الأعلى فهو يشبه سجادة مترفة  
 جلست مينا على صخرة تتامل تلك الفسيسفاء الطبيعية إنها قطع فنية مشغولة من قبل الله شكلتها الرياح والأمواج اخرسها جمال هذا المكان تمنت لو أنها جلبت معها عدة الرسم لكانت رسمت هذه المناظر البديعة ولاحتفظت بها كذكرى لهذه الأيام المليئة بالأحداث بعد فترة اشتدت الرياح فالريح على تلال الأوروم لا تنام بسهولة انها عليلة ممتلئة بعبق مالح من مياه البحر 
احست بالبرد يتسلل اليها فعادت أدراجها الى البيت استمتعت في طريقها بمنظرالحقول ممتلئة بالأزهار البرية التي تتارجح  للامام و الخلف 
 في طريقها وجدت طائرا صغيرا يبدو ان عمره لا يتجاوز اليومان كان يرتجف من البرد حملته مينا بحنان و لفته بشالها 

تطلعت الى اعلى الشجرة فلمحت العش مختفي بين الاغصان المرتفعة فكرت لبعض الوقت عما يجب عليها فعله ثم قررت ان ترجع الفرخ الصغير الى عشه كانت المهمة صعبة خصوصا و الطائر في يدها استطاعت بصعوبة تسلق الشجرة و عندما بلغت العش وضعت الطائر برقة الى جانب اخوته الذين ارتفعت زقزقتهم و كانهم يرحبون بعودته ابتسمت لمنظرهم اللطيف و بعد لحظات بدات بالنزول و لقد كان الامر صعبا اكثر من الصعود بذلت جهدا مضاعفا و لما وضعت قدمها على الغصن الاخير لم يتحمل وزنها و انكسر اطلقت صرخة رعب و هي تهوي لم تكن سقطة قوية لحسن حظها لكنها احست بالتواء كاحلها فقد وضعت كل ثقلها عليه جلست لتتفقده لاحظت الكدمة التي بدات بالظهور احست بالالم عندما ظغطت عليها هزت راسها باستياء و وقفت لتختبر مدى تضرره و ما كادت تتقدم خطوة حتى جلست مرة اخرى فقد اجتاحتها موجة الم فكرت كيف ستعود الى البيت بهذه الحالة يا لغبائها دائما تضع نفسها في مواقف مزعجة زفرت بضيق و قررت ان ترتاح قليلا قبل ان تجرب المشي مجددا

- ها أنت أخيرا !

التفتت الى مصدر الصوت لتجد ليتوك ينظر لها بسخرية و هو يضع يديه في جيب بنطلونه
 سالته ببرود: و هل كنت تبحث عني؟
ليتوك: لا تتظاهري بأنك لم تسمعيني وأنا أناديك منذ قليل لماذا تهربين مني؟
مينا: لقد سمعتك أما لماذا أهرب منك فأظن أن السبب واضح
اقترب منها ببطا: أريد أن أتحدث اليك
مينا: لا أظن أن هناك شيئا تقوله لي أحب سماعه
أطلق ضحكة قصيرة ثم قال: أوافقك على ذلك لكن هناك أشياء يجب أن تقال فبعد ما تبين ليلة امس يجب ان نتحدث
هزت مينا كتفيها بلامبالاة: ليس للأمر أهمية 

ليتوك: بل أنه مهم بالنسبة الي
رفعت حاجبيها بسخرية: ماذا؟ هل صداقة والدتينا ستغير رايك بي؟ 
عبس في وجهها: رايي حولك واضح مينا شي و لن يغيره شيء 

امام ملاحظته الجارحة قررت مينا  أن تستدير على الفور وتسير مبتعدة  بعد أن رفعت رأسها عاليا لكن بينما هي تستدير شعرت بطعنة قوية جدا من الألم في كاحلها جعلتها تصرخ بصوت عال وتترنح بخطوة واحدة سريعة أصبح ليتوك قربها وضع يده تحت مرفقها وهو يسالها:
 ما الأمر؟
حاولت أن تبتعد عنه: ليس امرا مهما لا تزعج نفسك من فضلك
حاولت السير مجددا لكن قدمها خانتها و كادت تسقط لو لم يمسكها ليتوك الذي شد قبضة يده على مرفقها و سألها: ماذا فعلت بنفسك بحق السماء؟
أجابت بإقتضاب: التوى كاحلي هذا كل شيء من فضلك دعني وشأني لا داعي لهذه الجلبة 
اجابها باستهزاء: لست أنا من يصرخ من شدة الألم 
ركع أمامها نزع الحذاء و كشف عن كاحلها قالت بتوتر: يمكنني أن أفعل ذلك بنفسي
رماها بنظرة ساخرة وعلق قائلا: والآن من الذي يثير جلبة بسبب أمر تافه؟

التزمت مينا الصمت شاعرة أن وجهها يتقد من الخجل والارتباك حدقت من وراء كتفه وهي تعض على شفتها بينما راح ليتوك يعاين مفصل قدمها المتورمة سألها:
 كيف حدث ذلك؟
هزت كتفيها: وجدت طائرا صغيرا سقط من عشه اعدته الى بيته و عندما كنت انزل انكسر غصن فسقطت و التوى كاحلي 
نظر اليها بثبات للحظة ثم هز رأسه بعدم تصدق: يا الهي لم اتصور بانك بهذا الغباء كدت تدقين عنقك بسبب طائر؟

نظرت له بعبوس: و هل كنت تريد مني ان اتركه ليهلك
اجابها ببرود: انه قانون الطبيعة ما كان عليه ان يغادر عشه
نظرت له مينا بحنق و قد اثار بروده سخطها: لا يهمني قانون الطبيعة الذي تتحدث عنه ليتوك شي لقد احتاج الطائر المسكين الى مساعدتي و انا سعيدة لانه عاد امنا الى عائلته

برقت عيناه السوادوين فيما مرر يده في شعره الكثيف بقي صامتا للحظات قبل ان يتمتم: لا اعتقد انني سافهم يوما كيف تفكر المراة

اجابته مينا بمرح:
 و هل نحن معقدات لهذه الدرجة
رد ببساطة: اجل
انطلقت ضحكة قصيرة عميقة من حنجرتها فلم تكن تتوقع ان يعترف بهذا امالت رأسها الى جانب واحد لتنظر الى تعابير وجهه: لك رأي سيء بالنساء عموما ليتوك شي ام ان هذا رأيك في لوحدي؟
ليتوك: كل النساء سواء يعتقدن انهن حين ينبشن مخالبهن فى رجل يستطعن فعل ما يشأن فيه
كان اتهامه الساخر مؤلم و قاسي سالته: هل تعتقد انك انسان كامل ليتوك شي؟ 
فكر للحظات قبل ان يجيبها: لا يوجد انسان كامل لا انكر انني ارتكبت بعض الهفوات من قبل لكنني لم اقم بعمل اخجل منه
مينا: الم ترتكب اي خطا في حياتك؟
ليتوك: انا مستعد دائما أن أكون مسؤولا عن كل هفوة أرتكبها لن أنتظر أن يسامحني أحد و لن اسامح اي شخص اذاني
مينا: هل تعني أنك لن تسامح أحدا على غلطته؟ حتى لو كان ذلك التسامح من أجل سعادة غيرك؟
ضاقت عيناه و قال بجفاف: لا لن اسامح

كلمته القاسية كانت كافية لأن تجعلها تنظر اليه بسخط: حتى ولو كان آسفا فعلا
رد بثقة: لا
مينا: اذن أنت لا تنتظر أن يسامحك أحد على غلطة ترتكبها
ليتوك: طالما استحق ذلك لا مانع عندي
قالت بهدوء وتفكير عميقين: أتمنى أن لا تجد نفسك في مثل هذا الموقف تطلب السماح والشخص الآخر يرفض مسامحتك

هز ليتوك كتفيه بعدم اكتراث:
 لا اتصور ان يحدث هذا لي
مينا: أن تسامح أو تطلب السماح هو من طبيعة الانسان
ليتوك: وأنت لا تعتقدين أنني انسان
مينا: انت انسان ولكنك تتظاهر بأنك لست انسانا

أضاء البرق السماء فجاة 
فأحست مينا بالخوف والذعر و من غير ان تشعر اقتربت من ليتوك ولعلها ارتجفت أذ لاحظت نظرة ليتوك اليها قبل أن تهدأ سألها بلطف: تخافين من العواصف؟
أنكرت على الفور: لا أبدا .... وأنت؟
ليتوك: لا 
مينا: و هل تخاف من أي شيء؟
ليتوك: طبعا هناك الكثير من الاشياء التي تخيفني فانا بشر في النهاية 
ابتسمت مينا: لا اتصور وجود شيء يبث فيك الخوف
ليتوك: انت لا تعرفينني لذا لا تطلقي احكامك جزافا
مينا: انت ايضا لا تعرفني و رغم ذلك كونت رايك عني 
تنهد ليتوك: الا يمكننا ان نعقد هدنة فيما بيننا بدون نزاع او خصام؟ ما رايك؟
ثم ابتسم لها لم تصدق عينيها: هاه؟ هدنة؟

ليتوك: اجل اعتقد اننا راشدين و نستطيع تجاوز خلافاتنا لا اريد افساد سعادة امي بمعرفتها بانك ابنة صديقتها  
 فكرت مينا للحظات و وجدت انه محق فهي لا تريد ان تزعج السيدة لي ابتسمت له بلطف: حسنا موافقة يسرني هذا لقد تعبت من مشاحناتنا المتواصلة ايضا
ابتسم ليتوك و مازحها قائلا: استفيدي من هذه الفرصة اذا ربما يكون الغد مختلفا وقد اعود واهددك بالقتال

ضحكت لكلماته نظر الى وجهها الضاحك المشرق بدت ساحرة و مغرية في تلك اللحظة جذبته شفتاها الرقيقتين اللتين التوتا بطريقة مثيرة ارتسم على وجهه تعبير اجفلها كان وجهه على بعد سنتيمترات منها كان شعره الكثيف يلمع و بدت عيناه تومض
 اقترب منها ببطا احست بانفاسه الحارة على وجنتيها علمت ما ينويه كادت تغمض عينيها و تستسلم للمشاعر التي بعثها قربه منها لكنها تذكرت فجاة رايه فيها عاد اليها رشدها وبجهد يفوق البشر نجحت فى اخراس صوت انفعالاتها و دفعته عنها قليلا احست تحت يديها نبضات قلبه الذي ينبض بعنف ينافس قلبها رفعت نظرها نحوه ارجع راسه الى الوراء لينظر اليها بدت مشوشة الذهن كل التشويش راح قلبها يلتف حول نفسه غير قادر على ايجاد ضرباته الاصلية وفوق هذا كله اعتراها الارتباك وعدم الفهم من تحوله المفاجىء من السخرية و الازدراء الى اللطف و الرقة و لقد اربكتها اكثر تلك المشاعر التي عصفت داخلها جراء تقربهما المفاجئ فلم يسبق ان احست بتلك الطريقة من قبل شعرت و كأن شيئا ما قد تفجر داخلها ورماها بشظاياه

ابتعدت عنه واسندت ظهرها على الشجرة التقت نظراتهما للحظات ابتسم ليتوك و قد بان الارتباك على وجهه فلم يتوقع معارضتها تهربت مينا  من نظراته احست بالاحراج لانها كادت ان تستسلم له 
بعثر ليتوك شعره بعنف ليطرد تلك الافكار التي تجول في راسه: اظن ان الوقت حان لنعود الى المنزل يبدو ان المطر سيهطل في اي لحظة
وافقته مينا و بدات بالنهوض لكنه امسكها: لا اعتقد انك ستستطيعين السير بقدمك المصابة
مينا: و ماذا تقترح انا لم اتعلم الطيران بعد تقتصر قدراتي على المشي
ركع امامها مديرا لها ظهره و هتف بحزم: اصعدي
ارتبكت مينا: ماذا؟ لكن لا تستطيع حملي كل هاته المسافة 
نظر لها بملل: و ماذا تقترحين؟
مينا: ربما اذا استندت عليك استطيع المشي 
ليتوك: و نصل الى البيت مع حلول المساء
 احتجت مينا: لكن .....
قاطعها ليتوك: أنت شاحبة كورقة بيضاء والعرق يتصبب من جبينك
مينا: لست بحاجة لأن تحملني أستطيع أن أصل إلى البيت سيرا
هتف باستنكار ساخر: حتى ولو اضطررت إلى الزحف؟ يا الهي يا فتاة قد تقطعين أنفك نكاية بوجهك هيا مينا ليس لدي اليوم بطوله
ترددت لبعض الوقت ثم اذعنت لطلبه: لا تتذمر لاحقا من الام ظهرك 

طوال رحلة العودة حاولت مينا ن لا تلتصق به اجبرت نفسها على تجاهل رائحة عطره الخفيف الرجولي اختلج قلبها وهي تسترق نظرة إلى جانب وجهه الرائع قالت لنفسها بازدراء متبجح 
إنها مجرد جاذبية .. مجرد جاذبية .. إنه شعور عادي بين ذكر و أنثى ولا يعنى شيئا
كافحت ذلك الإحساس وأجبرت نفسها على الإهتمام بما يحيط بها وصرف انتباهها عنه

 لم يمضي وقت طويل حتى بدا المطر بالنزول اسرع ليتوك الخطى و لكن رغم ذلك تبللا عندما وصلا الى البيت لاحظت مينا وجود سيارة واقفة امام المنزل سرعان ما عرفت صاحبها عندما دخلا فقد كانت سوزي في غرفة الاستقبال يرافقها شاب علمت فيما بعد انه شقيقها
اذا كانت مينا قد تفاجات لرؤية سوزي فهذه الاخيرة تلقت صدمة اكبر فعيناها ضاقتا وهي تجيل بصرها بينها و بين ليتوك

 تقدمت منهما السيدة لي بقلق: ما الامر لما تحمل مينا ؟ هل اصابها مكروه؟
وضع ليتوك مينا على المقعد قبل ان يلتفت الى امه مطمئنا: لا شيء خطير امي لقد لوت مينا كاحلها تحتاج لبعض الراحة و ستكون بخير
ثم التفت الى مينا: يجب ان تغيري ثيابك ثم ضعي بعض الثلج فوق كاحلك
تمتمت مينا بارتباك فهي لم تعتد هذه المعاملة منه: شكرا على كل شيء
ليتوك: اعذروني فلدي بعض المكالمات الهاتفية سأنضم اليكم وقت العشاء
هتفت سوزي بخيبة: لكن اوبا لقد اتينا للتو الا تستطيع تاجيل العمل الى وقت اخر؟
ليتوك: اسف لا استطيع 

ثم استدار و غادر فلحقته نظرة سوزي قبل ان تنظر الى مينا نظرة حقد و كانهم اعداء قديمين جعلت نبضاتها تتسارع شعرت انها تواجه عداوة هذه السيدة الشابة
في تلك الاثناء تقدم الشاب من مينا و قطع حبل الصمت سال دونغهي وهو ينظر اليه متفحصا: الن تعرفنا بالانسة هيونغ؟
دونغهي: هذه مينا صديقة نارا مينا اقدم لك كاي شقيق سوزي

 مد كاي يده ليصافحها متمتما: انه لمن دواعى سرورى لقاؤك مينا
ابقى يدها اكثر من المفروض فى يده ووجه اليها نظرة اشعرتها بانها ترتدى ثوبا مغريا يفضح مفاتنها هتف انهيوك بصوت متوعد: توقف عن هذا كاي انها ابنة عمتي

عندها ترك كاي يدها بسرعة ونقل نظراته الى انهيوك: اسف هيونغ لم استطع مقاومة هذا الجمال
احمرت مينا خجلا امام جراة كاي لذا استاذنت لتذهب لغرفتها تطوع انهيوك لحملها 

قضت بقية النهار في غرفتها لتريح قدمها و في المساء ساعدها انهيوك مرة اخرى دعت السيدة لي سوزي وكاي للعشاء فقبلا بسرور جلسوا في غرفة الجلوس ليتسامرو كانوا يتحدثون عن العطلات وأخذت سوزي تتحدث بحماس عن البلدان التي زارتها  وتقارنها بكوريا كانت تتألق كالنجمة  تعرف كل الألاعيب فحركات يديها كانت تجذب اهتمام ليتوك اليها غصبا وكانت سوزي تعلم أن شعرها الأملس يبدو ساحرا لذلك كانت مرارا وتكرارا ترفع رأسها لتلفت الاهتمام الى تموجه الطبيعي الجذاب

 أحست مينا بالملل من الحديث لكنها أحست بالرضى لاكتشافها أن نارا غير مبعدة عن الحلقة فقد راحت سوزي تطرح سلسلة من الأسئلة المهذبة عن طفولتها وكليتها ودراستها وكانت ردود نارا مهذبة كدأبها مع الغرباء ولكنها كانت تجيب بدون تردد وهذا ماهلل له قلب مينا بصمت ذلك أنها تعرف مدى الشجاعة المطلوبة لهذا من صديقتها الخجول حافظت مينا على جو الهدوء ورباطة الجأش لم تحاول التدخل في الحديث أو جذب الاهتمام إلى نفسها بأي طريقة ارتشفت شيئا من عصيرها وأحست بألم خفيف بدأ ينبض في صدغها أرادت أن تضغط بأصبعيها على موضع الألم لكنها توقفت عن فعل ذلك حين لمحت ليتوك يحدق فيها
كان العشاء لذيذا وقد أضيئت قاعة الطعام بالشموع مما زاد من لمعان الأواني الفضية ذات الطراز القديم 

تظاهرت مينا بالأكل بينما الحقيقة أنها لم تستطع أن تأكل شيئا فقد أحست بأن بلعومها قد ضاق فجأة بدون أن تجد تفسيرا لذلك أما انهيوك فقد كان يحاول دائما جرها الى الحديث وكسر حاجز الصمت الذي أقامته حول نفسها كان يحدثها عن الذكريات ويسألها عن أحداث مضت وبدت هي شيئا فشيئا تتخلى عن صمتها وجمودها وتعود اليها أبتسامتها وحيويتها
من جهته كان كاي لا يزال يحاول جذب انتباه مينا لكنها تعمدت التظاهر بعدم الإنتباه لقد أثار إزعاجها كان التهذيب يدفعها إلى الإجابة على أسئلته قدر إمكانها رغم أن أسئلته متطفلة اشعرتها بالضيق 
عادوا الى قاعة الجلوس بعد أن انتهوا من العشاء وجلبت مدبرة المنزل القهوة فنهضت سوزي وتناولت الصينية منها 
وبدأت توزع الأكواب  وكأنها هي المضيفة ثم أخذت كوب ليتوك اليه وهمست له شيئا وهي تناوله الكوب فابتسم لها جلست على ذراع كرسيه محركة ساقها بهدوء في الهواء انحنت بنعومة اتجاهه حتى مست بجسمها تحدثت سوزي إليه بطريقة ناعمة لم يسمعها الآخرون لم يحاول ليتوك منعها أو تشجيعها بل اكتفى بالابتسام وعلى وجهه تعبير يوحي بأن أفكاره بعيدة جدا عن المكان 
حاولت مينا الا تراقبهما لكنها لم تستطع شعرت بالضيق لرؤيتهما بهذا القرب و اخذت تتسائل في نفسها ان كان لايزال يكن لها مشاعر خاصة وجدت صعوبة في التصديق ان بإستطاعة ليتوك ان يبقى غير مبال لإفتتانها الواضح به

ثم انتقل الحديث بهم الى الحفلة التي ستقيمها عائلة سوزي بعد اسبوع و بتهذيب زائف دعت سوزي الفتاتان و قد ايقنت مينا انها تتمنى ان لا تحضر و كادت ان تعتذر عن الحضور لكن حماس نارا و شايني منعاها و سرعان ما انتهت السهرة و خلد الجميع للنوم 

ظاهريا نمط حياتها لم يتغير فى الايام الثلاثة التالية لكنها فعليا تبدلت جذريا فقد استمرت الهدنة بينها و بين ليتوك و لم تحدث بينهم اي مشاحنة تنزها بضع مرات وتحدثا بود ممزوج ببعض التحفظ الحذر و وجدا ان لديهم اهتمامات مشتركة 
وكما فى الاسبوع الماضي كان يعود متاخرا بعد ان يكون قد اكل خارجا ثم لا يلبث ما ان يصل حتى يغرق فى اوراقه في مكتبه وفي وقت متأخر من احدى الليالي بينما هي تستلقي في فراشها غير قادرة على النوم
سمعت ليتوك يعود ولم يدخل السيارة الى الكاراج بل تركها امام الباب ليدخلها السائق في الصباح كانت الساعة تقارب الثانية صباحا وتساءلت هل من عادته أن يتأخر الى هذا الوقت؟  ضربت وسادتها بغضب لماذا تفكر به عند الثانية صباحا؟ هل اصبح هذا الرجل يستحوذ على تفكيرها؟ 
دفعت أغطية السرير و خرجت للشرفة لتستنشق بعض الهواء المنعش لفتت نظرها حركة تحتها انه ليتوك كان يقف تحت ضوء القمر تساءلت لما لم يدخل الى المنزل حاولت أن تحول نظراتها المتمردة عن وسامته ولكن دون فائدة لقد رفضت نظرتها إطاعتها فقد كان لمنظره اللامع تحت الضوء الخافت تأثير الصدمة على قلبها شهقت حين استدار فجأة  فبدا ليتوك وكأنه ينظر مباشرة الى غرفتها هل تمكن من رؤيتها؟ هل أدرك أنها كانت تراقبه؟ وقفت جامدة داعية الله ألا يكون قد رآها تفعل ذلك فهي لا تريده ان يظن انها تنتظره التفت للجهة الاخرى وضوء القمر يخطط تقاطيع وجهه الرائعة إنه رجل جذاب وسيم وقوي أقرت بذلك صامتة
وعندما استدارت عيناها إليه رأته مرة أخرى ينظر ناحية غرفتها حبست أنفاسها لبعض الوقت و لم تطلقها الا عندما سار مبتعدا
عادت بدورها الى غرفتها و بقيت وقتا طويلا مستلقية على السرير عاجزة عن النوم وخائفة أكثر من التفكير ماذا يحدث لها؟
 لماذا هذا الرجل يحتل افكارها؟ هذا الذي أبتزها وهددها ورفض أن يدعها تدافع عن نفسها؟
هذا الرجل كون أحط فكرة عنها أغمضت عيناها لم تكن تعلم الجواب كل ما كانت تعرفه هو أن مشاعرها وقلبها و أعماقها تصرخ
جذبت الأغطية الحريرية تحت خدها و سرعان ما نامت

 بعد ايام اثارت شايني موضوع الحفلة على طاولة الفطور: نارا هل قررتي ماذا سترتدين في الحفلة؟
هزت نارا كتفيها: لم اقرر بعد لكن لا اعتقد ان الاثواب التي جلبتها مناسبة للحفلة

شايني: ماذا عنك مينا؟
مينا: انا ايضا لم اجلب ما يناسب هذه الحفلات ابدا لم اظن اني سأحتاج لارتداء فستان يخص الحفلات 
فكرت شايني للحظات قبل ان تقرر: في هذه الحالة يجب ان نقوم بجولة في المحلات التجارية لنقتني ما نحتاجه
اقترح دونغهي و هو يعقد ذراعيه امام صدره راسما ابتسامة عريضة على شفتيه: وانا من سيوصلكم بكل تأكيد  
التفتت له شايني بدهشة: انت! لابد انني احلم و لمن ندين بهذا الشرف
دونغهي: يا الهي يا فتاة ماذا تريدين اكثر من هذا؟ يجب ان تكوني شاكرة فلي دونغهي بنفسه يتطوع لأخذكم الى السوق

اجابته شايني وهي تمط شفتيها: اوه شكرا لا نريد وفر خدماتك لنفسك انها امور خاصة بالفتيات دعنا نتصرف لوحدنا واذهب انت الى أي مكان تشاء
هتفت نارا بخيبة: لماذا؟
قالت شايني وهي تشير الى دونغهي: لو وافقنا على ان يأخذنا هذا الى السوق فأنه لن يكف عن ترديد عباراته المعتادة " لقد تعبت" "لقد تأخرنا" "يكفي هذا" لا يجعلك تأخذين راحتك بالشراء
احتج دونغهي: هذا لانك لا تتركين محلا الا تدخلينه و تحولين الجولة الى كابوس و لكنني هذه المرة سأترك لكم حريتكم و ساتحمل تعذيبك من اجل نارا
احمرت نارا خجلا امام نظراته العاشقة بينما مالت شايني نحوه وقالت بحنق: اتظن اني لااعرفك بعد ساعة واحدة فقط ستردد علينا هذه العبارات اخبرتك بأننا لانريد الذهاب معك

اجابها دونغهي وهو يرفع احدى حاجبيه:
 ولماذا تجمعين؟ سوف نصوت لنرى راي الاغلبية و بما انني متاكد من موافقة نارا ليس امامنا سوى سماع راي مينا 
والتفت لها ليقول: ما رأيك مينا؟ اترفضين انت ايضا ان اوصلكم الى السوق؟
اجالت مينا نظرها بينهما قبل ان تجيب: لا مانع عندي 
شهقت شايني باستنكار وقالت بحدة: ما الذي فعلته؟ اتظنين انه سيتركنا وشأننا الآن انه لن يتوقف عن اذلالنا طول فترة ذهابنا معه

ازدردت مينا لعابها وقالت بارتباك: وكيف لي ان ارفض و نارا تتطلع بي بتلك الطريقة؟
عبست شايني فاحاطها دونغهي بذراعيه مبتسما: لا تخشي شيئا لن ازعجكم هذه المرة فقد اتصلت بانهيوك واخبرته بأن يلتقي بنا فمن حقنا ان نشتري ملابس جديدة للحفل نحن ايضا
وجدت شايني نفسها تتساءل بلهفة: اوبا سيأتي ايضا؟ هذا جيد حتى نرتاح من ازعاجك لنا والحاحك المستمر حتى نغادر 
دونغهي: من الافضل ان تتجهزن للننطلق ليس لدي اليوم بطوله
شايني: ها قد بدأت رحلة الاوامر منذ الان

بعد ساعة وصلو الى المركز التجاري اين وجدو انهيوك في انتظارهم و حالما شاهدهم تذمر:
 واخيرا حضرتم
علق دونغهي بسخرية: معذرة ولكن الفتيات يحتجن لساعتين لتجهيز انفسهن
 انهيوك: حمدا لله ان ليس لدي أي شقيقة
عقدت شايني حاجباها لم يعجبها تعليق انهيوك و وكزته بكوعها فتاوه متالما: اوتش هذا مالم حبيبتي لما فعلت ذلك؟

شايني: لتتعلم ان لا توافق ذلك الاحمق على ما يقوله 
سال انهيوك دونغهي: هل سنذهب للتسوق معهم ام لوحدنا؟
دونغهي: بل لوحدنا هل جننت حتى اذهب للتسوق مع الفتيات؟ لن استطيع شراء أي شيء حينها
عقدت شايني حاجباها بغضب: كف عن السخرية  فلا اظنك تنتهي من الشراء في اقل من ساعتين
غمز دونغهي بعينه ومن ثم قال: بل اقل من ذلك استمعي ستذهبون للشراء الآن وبعد ساعتين سنذهب لتناول طعام الغداء في مطعمنا المعتاد و من ياتي متاخرا يدفع الحساب اتفقنا؟

وافقته شايني و سار كل في طريقه 

دخلت الفتيات عدد من المحلات دون ان يعجبهم شيء او بالاحرى يعجب شايني فعندما كان يعجب مينا او نارا احد الفساتين كانت تقول:
 لا لا يناسب الحفلة التي ستقيمها سوزي انها ارقى من ذلك بكثير

لم تكن مينا تفهم سر اصرار شايني على شراء شيء اكثر فخامة فهي لم تعتد مثل هذه الحفلات بعكسها التي اعتادت هذا الجو و الفته واصبحت تدرك جيدا أي من الفساتين التي تصلح لحفلة سوزي واخيرا وقع اختيار نارا على الفستان الذي سترتديه للحفل وقالت مبتسمة وهي تريه لشايني: ما رأيك به؟ 
التفتت لها  وقالت وهي تتطلع الى الفستان الذي بين يديها: رائع جدا ستخلبين لب دونغهي
ضحكت نارا بمرح ومن ثم سالت مينا: وماذاعنك؟ هل اخترت فستان ما؟
اومأت مينا براسها وقالت بابتسامة: بلى ولكني اخشى ان تقول شايني انه لا يصلح للحفل
شايني: دعيني اراه اولا
اشارت مينا الى احد الفساتين فقالت شايني وهي تهز رأسها نفيا وتضع كفها اسفل ذقنها: انه لا يصلح حقا دعيني اختار انا لك
وتلفتت حولها في المحل وقالت: دعينا نرى شيء راقي ومناسب لحفل 
وتوقفت نظراتها بغتة عند احد الفساتين وتوجهت اليه وقالت مبتسمة: هذا مناسب جدا
تطلعت مينا الى الفستان وقالت بتردد: اترين ذلك حقا؟
اومأت شايني برأسها ومن ثم قالت وهي تنقل بصرها بين الفستان وبين مينا التي تتطلع الى الفستان: نعم ستكونين نجمة الحفلة

و لم تجد شايني صعوبة في ايجاد الثوب المناسب و لما انتهو قرروا التوجه الى المطعم لكن مينا لم ترغب ان تكون طرفا ثالثا بينهم لذا ادعت بان قدمها تالمها و ستعود الى البيت و لم ينجح الحاح شايني في تغيير قرارها سارت بغير استعجال باتجاه المنزل 
تفرجت على واجهات المحلات و اثناء مرورها باحد الفنادق تذكرت ان شايني ثنت على الطعام الذي يقدمه
تاملت فخامة المكان و تسائلت ان كانت ميزانيتها  ستسمح لها بتناول الغداء هنا لكن فكرة جلوسها وحيدة على طاولة الطعام في البيت بعثت الكابة الى نفسها فتوجهت الى مدخل المطعم
 و قبل ان تتجاوز الباب سمعت رجلا ينادي بلهجة مزجها الدهشة والاستفسار: مينا! عيناي لم تخدعاني اهذه انت؟
التفتت بدهشة فهي لا تعرف احدا هنا فاذا بها ترى رجلا اسمر وسيم يخرج من قاعة الجلوس فى الفندق خالط دهشتها الانزعاج لان هذا الرجل ما كان الا شقيق سوزي كاي 

حيته ببرود: مرحبا كاي شي
لكنه اعترض بشدة وهو يصحح لها برفق: كاي اوبا 
امسك يديها رغما عنها و اردف: انت تبدين فاتنة هذا اليوم
تمكنت من افلات احدى يديها لكنه تمسك بالاخرى ليغطيها بيديه ابتسمت له بادب مصطنع: شكرا لك
لوى راسه الى جانب واحد مبتسما ابتسامة ساحرة: ماذا تفعلين هنا؟ هل انت برفقة احد ما؟
مينا: لا انا لوحدي اتيت لاتناول الغداء
كاي: وحدك؟
مينا: اجل وحدي
اتسعت ابتسامة كاي: لن اسمح بذلك ابدا اذ ليس فى الكون اسوا من ان يتناول المرء الطعام وحده
اعترضت مينا و حاولت جاهدة ان تنتزع يدها منه: لا شكرا 
كاي: لما لا؟ لا يجوز ان يشغل شخصان طاولتان حين يمكنهما الجلوس الى طاولة واحدة

شعرت مينا بالحنق ما هو الشيء الذى سيجعل هذا المغفل الاسمر يفهم انها غير مهتمة به؟ ربما لم يقل له احد من قبل لا

فتحت فمها لتتكلم:
 لكننى...

قاطع كلامها رؤيتها لليتوك يدخل المطعم و هو يضحك ضحكة عميقة لم ترها من قبل شخص ما كان يتلقى دون شك تلك الضحكة المليئة بالحيوية والسحر حولت طرفها الى الشخص الواقف بقربه اتسعت عيناها عند رؤية سوزي برفقته كل شيء فيها كان يدل على انها تمسك بشيء من ممتلكاتها الخاصة و ليتوك لم يكن يحاول الانكار

 تتبع كاي نظراتها ثم تمتم بسخرية: ها قد وصل الثنائي العاشق
مينا: ثنائي؟

كاي: اجل يبدو ان محاولات اختي بدات تثمر 

تجاهلت تماما رنة الرضى فى صوته لتصب كل اهتمامها الى الرباط الشديد القوي الذى بدا يلتف حول صدرها الالم كان شديدا حتى ظنت انها ستموت توقعت فى اية لحظة ان ينفجر قفصها الصدرى من قوة الضغط 
سالته مينا: و هل تصالحا؟
هز كاي كتفيه بلامبالاة: هذا ما يبدو فقد امضيا كل امسيات الاسبوع الفارط معا
الان علمت مينا اين كان يمضي وقته عندما يغادر المنزل قاطع كاي تاملاتها: دعينا منهما لنجلس

لم تعترض عندما احاط كتفيها بذراعيه و قادها نحو طاولة في الزاوية لكن اوقفهم صوت ليتوك الذي شاهدهما و سرعان ما وقف امامهما هتف بصوت منخفض مشبع بالتوتر:
 مينا ماذا تفعلين هنا؟
نظرت مينا الى وجهه ذي التعبير الهادىء ظاهرا الغاضب باطنا لم تعرف من اين واتتها القوة لتتحداه فليس من حقه ان يطلب تفسيرا عن سبب وجودها هنا ردت ببرود: ماذا يفعل الناس فى مكان كهذا؟ ساتناول الغداء
تدخل كاي: اجل لقد اشفقت علي مينا لاننى وحدي ووافقت على الانضمام لى
توترت عضلات فك ليتوك بشكل ظاهر وهو ينظر اليها باتهام ظاهر فى تلك اللحظة ظهرت سوزي الى جانبه نظرت الى مينا بحدة قبل ان تبتسم لليتوك بلطف: اوبا لقد حجزوا لنا طاولة
نظر اليها ليتوك عابسا قبل ان يرتد بصره الى مينا سائلا: اتحبين الانضمام الينا؟
رفضت مينا بحزم: لا
علق كاي: لا تقلق هيونغ ساحرص على ان تقضي وقتا ممتعا

نظر لهما بسخط قبل ان ينصرف راقبته مينا من طرف عينيها بدا الغضب واضحا من خلال خطواته المتسارعة عندئذ تلاشى الكثير من الغضب من نفسها ليحل مكانه ارتياحا مزجه الالم قادها كاي الى طاولتهما و طوال الوقت انهال عليها بسيل من كلمات الغزل لم تتاثر بها مينا و لم تكن في حالة تسمح لها بايقافه فاعتقد انها تشجعه فتمادى في تصرفاته مرر ذراعه خلف كتفيها بوقاحة هذه:
 انت جميلة مينا 

اجفلتها حركته لذا قالت بصرامة وهى تبعد ذراعه عنها: اسفة لكن يبدو انني تاخرت
اعترض كاي: لكن لايزال الوقت باكرا لقد بدانا نستمتع للتو لقد فكرت ان نذهب الى مكان اخر لنتعرف اكثر
مينا: اسفة لا استطيع ذلك
احتج كاي: لكن لما لا انت تعجبينني و اظن انه شعور متبادل
مينا: عذرا كاي شي فانا لست مهتمة بك
بدت عليه ملامح من لا يصدق انها ترفضه و اقترب منها في محاولة لمعانقتها: انت لا تعنين هذا حقا
مينا: بلى اعنيه واذا لم ترغب فى اثارة فضيحة فابتعد عني
ابتسم ابتسامة بشعة: ستندمين على هذا يوما ما فعندما تقول لي فتاة لا تكون هذه اخر مرة اسالها فيها
مينا: اوه حقا! اذا اسمع كاي شي لا....لا ولا اريد ان اراك مطلقا

شحب وجهه من الغضب و وقف: ما انت الا فتاة حمقاء تافهة لا ادرى سبب اهتمامي بك

مرت كلماته بها مرور الكرام دون ان تترك اثرا تركته و غادرت المكان سارت دون وجهة محددة و عندما تعبت استقلت سيارة اجرة لتعود للمنزل عندما وصلت اخبرتها مدبرة المنزل بان البقية مازالو في الخارج صعدت الى غرفتها لتضع الاغراض التي اقتنتها جرجرت نفسها لرتقي السلم فاجاها وقوف ليتوك امام غرفتها مضموم اليدين مشدود الاعصاب حتى بدت عضلاته وكانها تقفز فوق كتفيه: ما زال الوقت باكرا على العودة

بدا غضبه وكانه فك من عقاله يتطاير بحرية على كل خط من ملامح وجهه لكنها كانت ابعد من ان يرهبها غضبه لذلك واجهت عاصفته دون ان يرجف لها جفن: حقا! لم انظر للساعة عندما غادرت
يبدو ان سخريتها لم ترق له فهتف بغضب مكبوت: اريد ان اعرف ماذا كنت تفعلين مع كاي فى الفندق
رفعت ذقنها بكبرياء مع ان الالم كان يعتصر قلبها لو كان فى نفسها اى تردد لقول هذا فقد تلاشى عندما شاهدته مع سوزي وقفت لتبتعد عنه لكن اصابعه اطبقت كالحديد على ذراعها لترجعها الى الوراء وهو يقول بوحشية: عندما اطرح سؤالا اريد الاجابة عنه ماذا كنت تفعلين فى الفندق؟
تالمت مينا من قبضته: انت تؤلم ذراعى
كانت قوة اصابعه تقطع الدورة الدموية فى ذراعها التى بدا الورم يظهر عليها قال محذرا دون ان يخفف قبضة يده: ستتالمين اكثر ان لم تعطينى ردا صريحا
تهربت من الجواب: ذهبت لتناول الغداء
ليتوك: لكنك كنت على موعد مع كاي فى ذاك المكان اليس كذلك؟
مينا: اجل التقيته هناك اهذا ما اردت سماعه؟

كان صياحها صياح تحدى فترك يدها بسرعة وكانها اصبحت فجاة مدنسة بينما النار فى عينيه اللتين نظرتا اليها الان بازدراء ما زالت تستعر حتى تكاد تحرقها وتقطعها قطعا:
 كنت اعلم انه لن يمر وقت طويل قبل ان تعودي للممارسة الاعيبك لكننى خلتك اذكى من ان تقعى فى فخ كاي لكن على ما يبدو ان ماله وجماله كانا اقوى من قدرة احتمالك؟ كم مرة التقيتما قبل اليوم؟
كانت مينا تدلك بلطف ذراعها حيث كان يمسكها: هذا ليس من شانك
و اشاحت برأسها عنه فمال اليها اكثر و سألها بسرعة: الا تريدين التخلص من هذه الفوضى التي تعيشينها 
ضمت شفتيها بشدة ترفض الرد فاكمل: الا تدركين ما تفعلين بنفسك ؟ شخص ما يجب ان يجعلك تدركين اذا استمريت هكذا ستدمرين حياتك كم من الرجال في حياتك ؟ هل تذكرين ؟ 
أمسك بمعصمها بقوة حتى احست بأصابعه تغرز في لحمها فشهقت من الالم وتابع بوحشية: اتذكرين على الأقل وجوههم اذا لم تذكري اسماءهم ؟ 

المها وغضبها دفعاها الى رد فعل متهور فصفعته بشدة على وجهه حتى ان يدها المتها وبدا ان الصوت دوى فى الممر الفارغ اصبحت بيضاء شاحبة ترتجف من الصدمه بعد ان ادركت ما فعلت شهقت عندما رات اثار يدها على  وجهه وقف ليتوك دون حراك يشد يديه بقبضتين الى جانبيه وتابعت النظر الى عينيه لتعرف حقا ما هو الاحساس بالخوف مع ذلك حين تكلم كان كلامه باردا لاذعا هادئا: الحقيقه تؤلم اليس كذلك؟

ثم استدار على عقبيه وانصرف و سرعان ما تعالى صوت صفق الباب قبل ان يهدر محرك سيارته بغضب بخطوات متثاقلة دخلت الى غرفتها كان رأسها يضج بالالم  لكن هذا لم يكن يذكر امام خفقان قلبها المعذب لم تفعل شيئا لتستحق اهانته لكن الجزء الرهيب انها غير قادرة على فعل شيئا يثبت له خطئه فهو لن يصدقها ولماذا يصدقها؟ 
لكن الاكثر اهميه لماذا تهتم هى هكذا؟
انه لا يهتم بها ابدا ... لكنها تهتم !
جذبت نفسها بقوة الى الحذر تؤنب نفسها بشدة لكن ما فكرت به اخذ يجوب تفكيرها بقوة جعلتها تواجه الحقيقة المرة ارادت هذا ام لم ترد : انها تهتم به بل ان الامر اسوا من ذلك

 فلقد وقعت في حبه

بعد تلك الامسية عادت الاجواء المشحونة بينها و بين ليتوك لم يتواجها او يتحدثا كانا يتجنبان البقاء في نفس المكان و لعل غيابه المتواصل عن المنزل ساعد على ذلك و لقد اقتنعت مينا انه يمضي وقته مع سوزي كانت تمضي لياليها في انتظاره و لا تنام الا عندما يعود في وقت متاخر فقدت شهيتها و فقدت بعضا من وزنها قررت المغادرة بعد الحفلة مباشرة  

عندما حل يوم السبت لم تكن مينا  قادرة ان تقول صدقا انها تتطلع باشتياق لحضور الحفلة لكن الوقت فات لتغيير رأيها فحضرت نفسها بحماس منخفض ارتدت الثوب الاسود الحريري الذي اقتنته ثم مررت الفرشاة فى شعرها المتموج و قررت تركه منسدلا على كتفيها وضعت طبقة رقيقة من كريم الأساس على بشرتها ولمسة من اللون الأحمر لتزيد بروز خديها  ظلال للعيون أعطت لوجهها إشراقا رائعا أحست به وهي التي لا تعي مدى جمالها بدت ساحرة و جذابة

كانت الحفلة في اوج نشاطها و الناس من علية المجتمع يرقصون حاولت مينا ان تتمشى بشكل عابر عبر الغرفة متمنية لو انها لم تقرر ابدا الحضور فقد بدت دخيلة بين هذا الحشد بدت الصالة مدهشة باسقفها العالية والثريات اللماعة كان عليها ان تذكر نفسها بالا تحدق وكان هذا العالم ما اعتادت عليه
وهى جالسة على الطاولة لم تستطع ان تبعد عينيها عن ليتوك كان حوله هالة رجولة لا يمكن تجاهلها فكرت ماهو سر البذلات الرسمية الخاصة بالحفلات كي تحول الرجال الى امراء للوسامة

 كانت تشعر باضطراب عنيف وهو يمر بها ليأخذ سوزي الى حلبة الرقص لم يطلب منها ان تراقصه احست ببعض الوحدة
فدونغهي و نارا يرقصان و كل منهما محتضن الاخر و كانه لا يوجد غيرهما سعدت كثيرا لمنظرهما فعلى الاقل صديقتها تمضي وقتا طيبا اما شايني و انهيوك فقد كانا يتشاجران لان انهيوك و بكل براءة و غباء ابدى اعجابه باحدى الفتيات مما اثار حنق شايني و بعد جهد و قيامه بحركات لطيفة سامحته و انضما لدونغهي و نارا في حلبة الرقص 

  سرعان ما غادرها  الاحساس  بالمللعندما انضم لهم كانغ ان رفقته كانت الترياق الذى تحتاج اليه مينا بألحاح انه شخص تستطيع التحدث اليه شخص تستطيع ان تسر له بسرها لكن فوق كل هذا انه شخص تستطيع ان تسترخى معه وتكون على سجيتها معه علاقتهما مريحة دون اي توتر مما يحدث بين رجل وامرأة
لازمها طوال الحفلة رقصا و تحدثا بدات تستمتع بوقتها رقصا معا و كان ليتوك ينظر اليها بسخرية من وقت لاخر واحست مينا بالضيق من موقفه و بعد فترة اقترب ليتوك منهم و سوزي تتابط ذراعه قال بصوت جاف: مساء الخير كانغ ان لم ارك منذ مدة
كانغ ان: اهلا هيونغ لقد كنت مسافرا لاتمام صفقة في الصين
علقت سوزي بسخرية: اوه اوبا لابد بان مينا شعرت بالملل في غيابك
تدخل ليتوك: لا اعتقد ذلك فمينا شي تستطيع امتاع نفسها 
شحبت مينا من ملاحظته المبطنة بالمعاني و فضلت الصمت سرعان ما غرق الرجلان في حديث عن العمل مما بعث السام في نفس سوزي فالتفتت لمينا: ياله من فستان جميل ترتدينه تبدين مختلفة حتى أنني ما كنت لأعرفك لولا أن أشار اوبا إليك
ثار غضب مينا لكنها وفي الوقت المناسب استطاعت السيطرة على نفسها و ردت ببرود: وأنت ايضا تبدين جميلة 
بدا الموسيقيون بعزف موسيقى رقصة التانغو ذكرتها هذه الموسيقى بامها فقد علمتها كيف ترقص لذا بدا جسدها بالتارجح غريزيا لاحظ ليتوك حركاتها فاقترب منها: هل تسمحين لي بهذه الرقصة
 كادت ان ترفض الا انها لم تستطع مقاومة التحدى فى عينيه امسكها لتضع يدها فى يده ويقودها بين عدة ازواج من الراقصين وتلامس جسدهما احست بالتوتر يتراقص بينهما كما لم يحصل من قبل حاولت الابتعاد عنه لكنه شد ذراعه حول خصرها وتحولت الشرارة الى لهيب يذيب توترها الى ان استرخت تماما بين ذراعيه لتتمتع بالقرب القصير المدى بينهما لن يكون هناك فرصة اخرى لها لان تكون بهذا القرب منه لذا فلتستمتع بذلك 
 اصبحت مقطوعة الانفاس وهي مدركة لقوة جسده ورشاقة خطواته شبك يدها بيده و جذبها لتدنو منه اكثر جرفتهما الموسيقى فاحست بالاختناق والمتعة في نفس الان وراحا يتحركان بانسجام و تناغم و كانهما جسد واحد 
رقصا وعيونهما تتبادل النظرات وانفاسهما تختلط مع بعضها في البداية رقصا وجها لوجه فاستطاعت ان تشعر بضربات قلبه الثابتة وفي اللحظة التالية راحا يدوران كانهما يتحاوران فشعرت بيديه تتحركان حولها وبانفاسه تلفح عنقها ماجعلها ترتعش حين تحولت الموسيقى الى ايقاع مختلف استغرقهما الامر لحظة كى يعودا الى ارض الواقع حدقا ببعضهما للحظة  ظهر التماع غريب في عينيه وهو يتمعن بها ثم افلتها وخطا الى الوراء مبتعدا عنها احست مينا بالخيبة لانتهاء اللحظات التي جمعتهما مشى بخطوات واسعة مبتعدا عنها استنشقت انفاسها محاولة تهدئة ردة فعل جسدها لماذا يشعر بالغضب ؟ هو من اختار ان يرقص لاهي

احست بانها تريد البقاء وحيدة لذا تسللت الى الخارج لتتمتع بالسير فى الحد
يقة الخضراء المورقه العطرة بقيت ملازمة للظل وسارت الى مسافة بعيدة عن الضجيج العشب كان ناعما تحت قدميها يخفى وقع اقدامها 
- انظرو من لدينا هنا الجميلة الصغيرة 
التفتت مينا لتجد كاي يقف على مقربة منها انزعجت مينا من رؤيته فاستدارت لتبتعد و بسرعة الفهد امسك بيدها و جذبها نحوه بخشونة: ليس بهذه السرعة جميلتي فانا لم انتهي منك بعد 

واطبقت يدهالاخرى على خصرها تشدها اليه قبل ان يكمل: ما من امراة ترفض كاي 
نظرت اليه ببرودة وحدة: اذا حاولت ايذائي ساصرخ
فهمس بصوت رقيق: ومن سيسمعك و صوت الموسيقى يغطي على كل شيء اخر؟

صدق كلماته جعل وجهها يشحب فاحتل الخوف مكان الغضب استطاعت ان تشم رائحة الشراب تفوح منه حاولت دفع صدره ليبتعد عنها لكن قوته فاقت قوتها فسحقها على جسده حتى كاد يقطع فيها انفاسها وقال: اذا قاومتني فساظطر لاستخدام العنف اما اذا تركتني افعل ما اشاء فسأكون رقيقا معك
فكرت مينا سريعا كان عليها ان تستعمل عقلها بدلا من قوتها فلم يكن يخفى عليها قوته وهياجه توقفت فجاة عن المقاومة شلت هذه الخطوة حركته تماما اتجهت اليه باغراء كبير ومالت عليه: حسنا مالذي تريدنا ان نفعل؟
ابتسم كاي بسرور: ياصغيرتي الان بدات تتحدثين بلغتي اعرف ان ممانعتك لم تكن الا مجرد لعبة يالهي ما اجملك هل تدركي مقدار اعجابي بك
اراحت يديها على صدره فيما كان عقلها يفكر بسرعة: لكننا لن تستطيع تنفيذ ما نريده هنا  
اجابها بلهفة: اذا اين نلتقي؟
وضعت مينا خطتها قيد التنفيذ اصبح صوتها ناعما وهامسا: عندما تنتهي الحفلة نلتقي في الفندق الذي تقابلنا فيه اخر مرة
كان حماسه شديدا لاقتراحها: حسنا سانتظرك لا تتاخري

طبع قبلة خفيفة على وجنتيها و غادر مسرعا مسحت مينا مكان القبلة باشمئزاز كبير سمعت وقع خطوات قريبة ظنت ان كاي قد عاد لكنها تجمدت عندما شاهدت ليتوك ينظر لها يبدو انه سمع ما دار بينهما

 حاولت ان تقترب منه الا ان عينيه الباردتين اوقفتاها في مكانها كانت تعابير وجهه تحمل اليها الكثير من الازدراء و الاحتقار ثم غادر مسرعا بقيت مينا لفترة من الوقت تحدق في الفراغ قبل ان تعود الى الداخل 

فقدت السهرة بريقها لاحظ كانغ ان تبدل مزاجها لم يسالها اكتفى بمراقصتها قربها منه كثيرا و لعل عدم اعتراضها شجعه ليضمها اكثر تقابلت بعيني ليتوك الذي سرعان ما اشاح ببصره بازدراء

المها قلبها فالرجل الوحيد الذي خفق له قلبها يظن بها اسوا الظنون
 هل يمكن للحياة ان تكون اسوا؟

مرت بقية السهرة ببطا و عندما لم تستطع التصنع و التظاهر بالاستمتاع اكثر طلبت من كانغ ان ان يقلها الى البيت بقيت صامتة طوال الطريق و حالما توقفت السيارة امام المنزل ترجلت بسرعة و هي تتمتم كلمات الشكر 
كانت افكارها معذبة حين دخلت المنزل فجاة غمر النور  المكان كاد قلبها يتوقف عن الخفقان همست بضعف: ليتوك !
ليتوك: مندهشة لرؤيتي؟
مينا: ماذا تفعل هنا؟
ابتسم بشحوب: انتظرك
سالت بصوت حاولت ان تجعله ثابت: ماذا تريد؟ انا متعبة ولست بمزاج يسمح لى بدخول مشاحنة معك
ابتسم بخبث: لكن ليس هذا ما افكر فيه

مينا: ماذا تقصد؟
ليتوك: لقد فكرت و قررت ان اقبل العرض الذي قدمته لي منذ شهرين
شحب وجه مينا فتوجهت الى السلم لتذهب الى غرفتها لكنه وقف امامها: ليس بهذه السرعة انوى ان احصل على حصتى منك
مينا: ماذا؟ اذا كنت تمزح اظنك تماديت كثيرا
ليتوك: انا لا امزح مينا اعني ماقلته تماما جاء دورى الليلة كل ما كنت أراه هو وجهك كنت كرجل يتضور جوعا يراقب مائدة عامرة من بعيد ولكنك كنت طوال الوقت مع ذلك النكرة الذي جعلته يحولك إلى وجبة سائغة له 
تأوهت باحتجاج: لا ليس الأمر كما تظن حقا
ضحك بسخرية: لا الأمر لم يكن قط كما أظن لذا لا داعي للتفكير حبيبتي

امتدت يداه الى ظهرها ليشدها الى صدره بوحشية كادت ان تزهق روحها وجدت نفسها غير قادرة على الكلام لم تحاول أن تتهرب من قبضته الوحشية كانت تحس بتعمده أهانتها وهو يشدها اليه  أحست بالذل وأرادت أن تتهرب منه و لكن قوته الفولاذية التي سحرتها سابقا جعلتها سجينته اليوم الخوف وحده جعلها تتعلق بشئ من الوعي وهي تكافح بجنون لتتخلص منه لكن ضغطه المؤلم عليها كان محطما لا يترك مجالا للتنفس ولا التفكير تصاعدت المرارة في حلقها يا إلهي يجب أن تبتعد عنه وعن هذا المكان
 قاومته ولم تعرف كيف استطاعت الإفلات من بين يديه حاول اللحاق بها لكنها استطاعت الهرب كانت تركض وقلبها يخفق بين جنبيها بقوة لم تظن أنه يملكها لما وصلت إلى غرفتها أخيرا أوصدت الباب خلفها خشية أن يلحق بها ثم انهارت على السرير تبكي 
وتبكي حتى جفت مآقيها من الدمع

بقي ليتوك في مكانه للحظات قبل ان يدخل الى الحمام و يضع راسه تحت حنفية الماء شعر بالاشمئزاز من نفسه لما فعله حتى لو كانت مينا فتاة لعوب لا يمكنه ان يتصرف بهذه الحقارة خرج مسرعا تقابل مع دونغهي و نارا في المدخل  تجاوزهما متجاهلا نداء دونغهي ركب سيارته و قاد بسرعة جنونية حتى وصل الى الحانة جلس على احدى الطاولات و طلب مشروبا اخذ يبتلع الكاس تلو الاخر لقد مر زمن طويل منذ أن أتى لمثل هذا المكان شرب أكثر من عادته بلا مبالاة للآثار التي ستخلفها الكحول سرعان ما ثمل لكنه بقي يغرق معدته بالشراب ليس لأنه لم يكتفي منه بل لأنه كان لا يزال يتألم
 قرر أن يشرب كي يستطيع نسيان ألم قلبه كان يعلم أن نسيان الموضوع سيكون مؤقتا وأنه في الصباح التالي سيكون الوضع اسوا  و لكن هذه الطريقة الوحيدة لجعله ينسى حقيقة حماقته و وقوعه في حب فتاة لعوب لا اخلاق لها لما قلبه دائما يسبب له الالم و يختار الشخص الخطا  

توقف شخص ما امامه رفع راسه ببطا ليرى دونغهي الذي هتف بارتياح: علمت انني ساجدك هنا 
تجاهله ليتوك وبقي يشرب جلس دونغهي في مواجهته تامله للحظات قبل ان يتكلم: هل تستحق سوزي ان تفعل هذا بنفسك؟
ابتسم ليتوك بسخرية من خطا اخيه: و من قال ان سوزي السبب؟
دونغهي: و هل هناك غيرها؟
هز ليتوك كتفيه بعدم اكتراث: لا لكنني شعرت ببعض الملل فقررت الاستمتاع قليلا
دونغهي: هيونغ اعرفك جيدا لن تقوم بهذا العمل ما لم يزعجك امر بشكل كبير
ليتوك: اذا كنت تعرفني كما تدعي فانت تعلم ان لا شيء ياثر بي بدرجة كبيرة
تنهد دونغهي: لقد تغيرت كثيرا اصبحت قاسيا لقد فكرت بان اعيد لك روحك القديمة لكن لم انجح
ليتوك: و كيف فكرت بالقيام بهذا؟
دونغهي: عن طريق مينا
خفق قلب ليتوك عند سماع هذا الاسم فنظر لاخيه مستغربا: مينا؟ و كيف ستستطيع هذه الفتاة تغييري؟
دونغهي: لانها بريئة و رقيقة و لم تشوهها الحياة بسيئاتها اعتقدت انها ستكون البلسم لروحك لهذا اصررت ان تاتي معنا خلت انك عندما ستتعرف عليها ستقع في حبها على الفور انتما تتشابهان كثيرا
ابتسم ليتوك باستهزاء مينا بريئة؟ يا لسذاجة اخاه: لا اعتقد ان تلك الفتاة مناسبة لي
اعترض دونغهي: بل لن تجد فتاة تناسبك غيرها لكنني الان اصبحت افكر بانك انت لا تناسبها
ليتوك: يبدو ان لها مكانة كبيرة في قلبك هل تعلم نارا بهذا؟
استنكر دونغهي هذا التلميح: هيونغ! اكن لمينا كل احترام و تقدير خصوصا بعد ما فعلت لنارا 
سال ليتوك بلامبالاة: و ماذا فعلت؟
دونغهي: لقد مرت علاقتي بنارا بفترة توتر و لقد شكت بصدقي لذا نصحتها صديقتهم الاخرى باختباري و ذلك بارسال فتاة لتحاول اغوائي و لما لم تجد نارا من يقوم بهذه المهمة طلبت من مينا ان تقوم بها لكنني ليلتها لم اذهب للمكان المحدد فحاولت مينا اغواء رجل غريب و لحسن حظها انه صدها و الا لكانت العواقب وخيمة لقد صارحتني نارا بالامر و طلبت مني كتمانه غضبت حينها لعدم ثقتها بي لكنني تفهمتها بعد ذلك و ازداد تقديري لمينا 

قطب ليتوك حاجبيه وهتف بانزعاج:
 خطيبتك غبية 

 كاد أن يأخذ الكأس التالي لكن توقف حالما رسخت كلمات دونغهي في عقله كان ثملا  بالفعل وعقله في فوضى عارمة لكن استطاع فهم الامر بوضوح بقي يحدق بدونغهي بأعين متسعة وهو يحاول التقاط أنفاسه
 و بعد لحظات استطاع ان يجمع قطع الأحجية معا وحينما فعل ذلك أخيرا خفق قلبه بعنف  جذب دونغهي من ياقة قميصه و هتف به: ذكرني لاحقا ان اقتلك انت و خطيبتك الحمقاء

و وسط ذهول دونغهي وقف ليتوك فجأة وهرع نحو المخرج أراد الوصول للمنزل بأسرع وقت ركب سيارته و قادها بسرعة تجاوزت السرعة القانونية بكثير تخطى اشارات المرور الحمراء بلامبالاة لم يكن أي شيء يهمه لحظتها لا شيء سوى أنه يجب أن يصل لمينا باقصى سرعة لحسن حظه انها كانت ساعة الفجر و كان الطريق يكاد يكون خاليا

حالما وصل الى البيت ترجل من السيارة بخطى سريعة توجه لغرفة مينا مباشرة طرق الباب و لم ينتظر حتى تاذن له فتحه و دخل اصطدم بالسرير المرتب الفارغ بحث عنها في الحمام و على الشرفة لكنه لم يجدها فكر انها ربما في غرفة نارا اتجه نحوها طرق الباب و بعد فترة فتحت له و هي تتثائب سالته باستغراب:
 ما الامر اوبا؟
ليتوك: هل مينا برفقتك؟
نارا: كلا لم ارها منذ الحفلة اليست في غرفتها؟
قطب ليتوك حاجبيه: لا لقد كنت هناك لم اجدها 
هزت نارا راسها بحيرة: لكن الى اين ستذهب في هذا الوقت؟ 
-لقد غادرت 
التفت الاثنان الى مصدر الصوت ليجدا السيد لي واقف ينظر لهما ساله ليتوك بحدة: ماذا تعني بانها غادرت؟
السيد لي: لقد وجدتها مع حقيبتها تنتظر سيارة اجرة حاولت تغيير قرارها لكنها كانت مصرة فلم اجد امامي سوى ان اوصلها بنفسي الى المطار و لم ارحل قبل ان تستقل الطائرة المتوجهة الى سيول

شحب وجه ليتوك و لم يتكلم ذهب الى غرفته و حالما اغلق الباب ورائه انهار احس بانه يختنق و لاول مرة منذ سنوات تتساقط دموعه وضع يده على فمه ليكتم شهقاته 

لقد خسرها يا لغبائه عاملها بوحشية و انهال عليها بالاهانات لكن هل ينفع الندم الان؟
 بعدما فقد حب حياته 

نهض بتثاقل و لما وصل امام المراة نظر لانعكاس صورته و هتف:
 وغد 
و بغضب لكم المراة ليحطمها و اخذ بتحطيم كل شيء يجده امامه
في الايام التي تلت ذلك ساءت حالة ليتوك النفسية خصوصا لما لم يجد لمينا اثرا اختفت و لم تخبر احد عن مكانها امضى عدة ليال امام منزلها علها تظهر في اي لحظة لكن دون جدوى علم الجميع بان شيئا حدث بينهما و تبين لهم ان ليتوك واقع في حبها لم يريدو التدخل و تركوه يخوض معركته بنفسه
 حاول ليتوك كثيرا ان يستدرج انهيوك لعله يخبره عن مكانها لكنه رفض و اخبره بانها لو كانت تريد رؤيته لما غادرت 
مضى شهران و لم تظهر مينا حتى كاد ان يتملكه الياس و واصل بحثه لكن دون جدوى استيقظ في احد الايام على صوت هاتفه رد بدون ان يرى اسم المتصل: مرحبا
اتاه صوت كانغ ان: هيونغ لقد وجدتها
خفق قلب ليتوك بعنف و تنبهت كل حواسه و قفز من السرير: متى..... كيف........ اين؟
كانغ ان: انها في موكبو عند جدتها لقد تقابلنا صدفة البارحة فلدي بعض الاعمال هنا
ضرب ليتوك على جبهته كيف لم يخطر له هذا المكان لقد اخبرته مرة انها عاشت مع جدتها كيف اغفل هذا الامر يا لغبائه
هتف بسخط: كانغ ان ايها الاحمق رايتها البارحة و لا تخبرني سوى الان
كانغ ان: اسف هيونغ لقد نسيت هاتفي في الفندق و عدت متاخرا لم ارد ازعاج نومك سارسل لك العنوان

احس ليتوك لاول مرة منذ شهرين بالفرح و بان للحياة معنى اسرع بحجز تذكرة طائرة بدت له تلك الساعات كانها دهر و لما وصل لموكبو وجد كانغ ان في انتظاره رافقه للفندق و روى له تفاصيل لقائه بمينا و اخبره انه اتفق ان يقابلها غدا لم ينم ليتوك ليلتها و هو ينتظر بفارغ الصبر بزوغ الشمس ليلتقي بمينا

في اليوم التالي استيقظت مينا باكرا تذكرت موعدها مع كانغ ان فهرعت لملاقاته ساورتها فكرة التهرب من هذا اللقاء ولكنها أبعدت الفكرة تماما لأن صداقتهما عزيزة على قلبها وحتى لو رغبت في نسيان ليتوك فهي لن تستطيع التخلي عن صداقتها بكانغ ان سارت باتجاه الحديقة العامة اين اتفقا على اللقاء حالما وصلت رفعت نظرها تفتش عن كانغ ان ولكنها شاهدت ليتوك متجها نحوها بمشيته الواثقة تسمرت في مكانها كأنها أصيبت بالشلل 
ارتسم على وجهها تعبير مصدوم جمدت الصدمة قدراتها الذهنية فيما حدقت بعدم التصديق الى القامة الطويلة التي تقترب منها اتراها جنت؟ هل تنتابها الوساوس؟

اشتبكت عيناها بعينيه و اختفى اللون من وجهها هذه ليست هلوسة ... انه حقيقي وبعد لحظة أستردت حواسها وأستدارت تحاول الهرب لكنها شعرت بيد قوية تطبق على ذراعها توقفت في مكانها جامدة كالصخرة اجفلت من لمسته ودون أن تنظر اليه قالت: لا تجرا على لمسي
جفل ليتوك بدوره لردة فعلها تجاه لمسته االى هذا الحد اذاها و لم تعد تطيق اقترابه منها؟ يا الهي ما الذي اقترفت يداه؟  مرر يدا غير ثابتة في شعره الداكن: مرحبا مينا 

لم ترد مينا النظر الى وجهه: مرحبا و وداعا
عادت للسير مجددا لكنه اوقفها: يجب ان اتحدث اليك 
مينا: ليس بيننا ما نتحدث به 
ليتوك: ارجوك مينا امنحيني فرصة لاشرح لك موقفي

 قال هذا ومد يده الى ذقنها محاولا رفع وجهها اليه لكن مينا تراجعت خطوة الى الوراء مبتعدة عنه اطلقت ضحكة خالية من المرح:
 فرصة؟ و هل منحتني فرصة سابقا؟ هل حقا تتوقع مني ذلك؟ اسمع ليتوك شي ليكن كلامي واضحا اتركنى وشانى اخرج من حياتى وابق بعيدا عنها لا اريد رؤيتك او سماع صوتك ثانية ابدا

ثم غادرت و لم تلتفت ورائها قط

حين عادت الى البيت كانت جدتها في المطبخ تحضر الطعام جلست تراقبها بصمت نظرت إليها متسائلة: ما الامر مينا هل انت مريضة؟
أبتسمت أبتسامة حزينة لطالما كانت جدتها تعلم ما بها بدون ان تخبرها: لا تقلقي جدتي اعتقد ان حرارة الطقس بدات تزعجني 
لم تعلق جدتها لكنها احست بانها لم تقتنع بادعائها سألتها فجأة: من هو؟
ارتبكت مينا: هاه! من؟ ماذا تقصدين جدتي؟
لوحت الجدة بملعقة الطبخ: انا اسال عن ذلك الذي يجعلك تبدين كالأموات كلما فكرت فيه وأنت تظنين أن لا أحد يراقبك قد لا تعرفين هذا صغيرتي لكنك بين الحين والآخر تغرقين في تفكير عميق ولا أصدق أن ما تفكرين فيه يجلب إليك السعادة
عضت مينا شفتها السفلى: هل الامر واضح الى هذا الحد؟ هذا صحيح لكنني لا أستطيع التحدث عن الامر جدتي قد يحدث ذلك ربما في يوم ما سأتمكن من الكلام أما الآن فلا 
ابتسمت لها جدتها بحرارة : كلي آذان صاغية عزيزتي فاختاري الوقت الذي يناسبك فأنا هنا 

 في تلك الليلة داهمتها الذكريات المؤلمة مجددا لقد فكرت انها تجاوزت الامر فبعد أشهر على ترك منزل عائلة لي كانت الذكريات تلاحقها وكم ليلة استيقظت خائفة من مشاعرها التي مازالت تحن إلى ذلك النذل كم مرة لعنت نفسها لأنها لا تقدر على نسيانه مع أنها حاولت كثيرا ومع ذلك لم تنجح فها هي الآن مستيقظة كل عصب وكل إحساس فيها موجه إلى ليتوك
ارتدت على وجهها تغمض عينيها بشدة حتى آلمتاها وفكرت بائسة : يا إلهي اجعلني اكرهه اجعلني احتقره مادام ذلك السبيل الوحيد لأبقى آمنة منه لا بد أنها نامت بعد ذلك فالشيء التالي الذي وعت عليه كان نور النهار


مر اليوم التالي ببطا لاحظت جدتها بأنها كئيبة حزينة وضائعة لكنها لم تعلق خرجت بعد الظهر لزيارة احدى صديقاتها و وجدت مينا نفسها وحيدة هدوء المنزل كان يسبب لها حالة من الضجر قررت ان ترسم اخرجت حمالة الرسم و وضعتها في الحديقة الخضراء المرصعة بأزهار السوسن والاقحوان حدقت بالمنظر من حولها
تتامل اللون الازرق القاتم لجدار المنزل الحجري سرعان ما بدات ترسم بدأت الصورة تتكون بالتدريج و في خضم انسجامها لم تنتبه للشخص الذي اقترب منها الا عندما احست بظل يقع من فوق كتفها الى الأرض أمامها ورفعت نظرها لتري وجه ليتوك حاولت ابتلاع دهشتها و نظرت اليه بوجه هادئ وقالت ببرود: ماذا تفعل هنا؟
ليتوك: اريد التحدث اليك
مينا: و هل رغبتك هذه تدعوك الى اقتحام منازل الاخرين؟
ابتسم ليتوك: و من قال اني اقتحمت المنزل لقد رحبت بي جدتك بحرارة و الحت ان ادخل و انضم لكم على العشاء
مينا: و هل عادت جدتي؟ لم اعلم هذا
ليتوك: لابد انك كنت منغمسة في الرسم فلم تعي ما يحدث حولك 
عادت مينا لتكمل لوحتها: حسنا تستطيع الانصراف الان فليس لدي رغبة في محادثتك
لكنه تمدد على الأرض فوق العشب الى جانبها مستلقيا ويداه تحت رأسه جسده الطويل يلفه قميص كحلي وبنطلون جينز  كانت تعلم انه يراقبها لكنها فكرت انها لو تجاهلته فلا بد ان يرحل في النهاية بعد فترة لم تعد تحتمل الوضع صرخت فيه بسخط: كيف يمكن لي ان اعمل وانت تراقبني ؟
اغمض عينيه بسرعة: من يراقبك؟
لم تستطع مقاومة النظر اليه بقيت تحدق به وتفكر يا الهي كم هو جميل المحيا كانت الشمس تلمع على بشرته الناعمة فتنعكس على شعره الأسود الكثيف قاومت رغبة في الا تمرر يدها فيه 
-لم اكن اعلم بانني وسيم الى هذا الحد

احمر وجهها عندما ادركت انه امسكها تحدق به بانبهار هبت واقفة حملت ادواتها و دخلت الى المنزل بقيت في غرفتها غير راغبة في الخروج و مقابلة ليتوك قررت انها لن تستطيع قضاء السهرة معه لذا اتصلت بصديقة لها و تواعدتا على اللقاء في حفلة يقيمها صديق لها

سارعت الى خزانتها لتختار ثوبا توقفت عيناها على ذلك الثوب الاحمر انه نفس الثوب الذي ارتدته تلك الليلة التي تقابلت فيها مع ليتوك اول مرة فكرت للحظات قبل ان تقرر ارتداءه اعتنت بزينتها جيدا و اعجبتها النتيجة عندما شاهدت صورتها في المراة بدت فاتنة و مثيرة
و عندما انتهت اتجهت الى غرفة الجلوس لتخبر جدتها بانها ستخرج تهربت من نظرات ليتوك الحادة المسلطة عليها و تحدثت الى جدتها: جدتي لن اتناول العشاء هنا ساخرج للقاء بعض الاصدقاء
الجدة: اصدقاء؟ من؟
مينا: انت تذكرين يونا سارافقها الى حفلة صديقها هيتشول
استنكرت الجدة: هيتشول؟ ذلك الفتى العابث يا الهي مينا انت تعلمين ان سمعته سيئة
هزت مينا كتفيها بغير اكتراث: لا تقلقي جدتي استطيع العناية بنفسي و لن يستطيع هيتشول او غير ايذائي
احتجت الجدة: لكن.........
قاطعتها مينا: الى اللقاء ساحاول الا اتاخر
ثم استدارت لتغادر و لم تنتبه للخطوات خلفها شهقت عندما امسكت به يدان غاضبتان و ادارتها لتواجه وجه ليتوك المتجهم: اين تظنين انك ذاهبة؟
نظرت له بتحدي و قالت ببرود: اعتقد ان لديك مشكلة في السمع فلقد اخبرت جدتي منذ لحظت انني سالتي ببعض الاصدقاء
اجال بصره في مظهرها: ستخرجين بهذا المظهر؟
مالت جسدها بدلال مصطنع: اجل الا ابدو جميلة؟
استفزه ردها حاول تمالك نفسه و هتف: مينا لا تختبري صبري لن اسمح ك بمغادرة المنزل بهذا الثوب الفاضح
تخلصت مينا من قبضته ووجهها غاضب: و من تظن نفسك حتى تسمح و لا تسمح لا اعتقد ان هذا امر يخصك
كز ليتوك على اسنانه: اعتقد انك محقة لذا لنقم بتوضيح الامور
ثم التفت الى جدة مينا و خاطبها بلطف يتنافى مع الغضب الذي يطل من عينيه: اسف جدتي لن استطيع مشاركتك الطعام الليلة لدي ما اناقشه مع مينا
اعترضت مينا: ليس لدي ما اناقشه معك
تدخلت الجدة: اوه لا تشغلا نفسيكما بي استطيع تدبر امري
استنكرت مينا لهجة جدتها المتواطئة: جدتي!

لكن ليتوك لم يتركها تكمل احتجاجها فقدحملها  بذراعيه القويتان ووجدت قدميها تسيران في الهواء راحت تركله بقدميها وتضربه لكن لم يتاثر سار بها نحو سيارته و رماها داخلها و قبل ان تستعيد توازنها كان قد ركب بجوارها و انطلق بسرعة طوال الطريق عمدت مينا الى الصمت و لم يحاول ليتوك محادثتها ظلت تحدق خارج النافذة متجاهلة ليتوك

و بعد بعض الوقت توقفت السيارة امام كوخ كان المكان منعزلا بعض الشيء قريبا من البحر نظرت لليتوك بريبة:
 اين نحن؟
ليتوك: انه كوخ تمتلكه عائلتي نستعمله احيانا
مينا: لا اريد البقاء هنا اعدني الى المنزل
ليتوك: ليس قبل ان انهي ما جئنا لاجله و اذا لم تنزلي بنفسك سيسرني حملك مجددا

ادركت مينا انه لن يتوانى عن تنفيذ تهديده فسارعت لمغادرة السيارة دخلا الى الكوخ كان عبارة عن غرفة واحدة يوجد في طرفه سرير ضخم و اريكة فيما احتل مطبخ عصري احدى زواياه و كان يوجد باب اخر علمت لاحقا انه يؤدي الى الحمام كان الكوخ رغم بساطته مريح يوحي بجو حميم و فكرت مينا انه مناسب لثنائي عاشق
التفتت لليتوك الذي كان يتاملها و قد ارتسمت ابتسامة ملتوية على فمه و كانه قرا افكارها

احمر وجهها و هتفت بصوت اجش: حسنا فلتقل ما عندك سريعا 
ليتوك: و لما العجلة لدينا الليل بطوله لنتناول الطعام اولا 
مينا: لست جائعة
هز ليتوك كتفيه: كما تريدين لكنني جائع

ثم انصرف عنها و هو يصفر لحنا بينما جلست مينا على احد المقاعد اخذت تراقب تحركاته بدا سعيدا و مرتاحا و هو ما ساهم في تزايد حنقها انتشرت رائحة الطعام الشهية فاحست مينا بالجوع فهي لم تتناول اي شيء منذ الصباح بعد نصف ساعة دعاها لتنضم له على طاولة الطعام كان منظر الاكل شهيا و وجدت مينا نفسها تلتهم صحنها بشراهة و لم تهتم لنظرات ليتوك المحدقة بها و بعد ان شعرت بالامتلاء اتكات على ظهر كرسيها و قد ارتسمت ابتسامة رضى على محياها

علق ليتوك مبتسما:
 يبدو ان الطعام اعجبك
اجابته بجفاف: لقد كنت جائعة و اي طعام سيعجبني
ليتوك: لا تكوني لئيمة مينا الا استحق بعض الثناء؟
مينا: و لماذا اثني عليك لقد افسدت سهرتي و لا تنتظر اي شكر مني 

زم ليتوك شفتيه و لم يعلق جمع الاطباق و نظف الطاولة لم يسمح لها بمساعدته فلم تلح وقفت امام النافذة تحدق في البحر الذي لاح لها من بعيد بامواجه التي تتكسر بتناغم على الرمال الناعمة غرقت في افكارها و لم يخرجها من شرودها سوى صوت ليتوك:
 هل ترغبين ببعض العصير البارد
التفتت له و لم تنتبه لقربه منها فلم تستطع تجنب الاصطدام به شهقت بقوة عندما انسكب العصيرعليها: اوه يا الهي انظر ماذا فعلت؟ لقد افسدت الثوب
لم يستطع ليتوك منع ضحكة انطلقت رغما عنه عندما شاهد منظرها المضحك و العصير يغطيها ثارت مينا: توقف عن ذلك ليس الامر مضحكا
تمالك نفسه بصعوبة: اسف لكن منظرك مضحك
عبست مينا: لقد تعمدت ذلك اعترف
ليتوك: صدقيني كان حادثا لكنني مسرور لما حصل لهذا الثوب لا افهم كيف تستطيعين ارتدائه فهو يكشف اكثر مما يغطي 
مينا: لا يهمني رايك يعجبني ما ارتديه
ثم القت نظرة اخرى على نفسها و هتفت باحباط: كيف ساعود الان بهذا المظهر
ليتوك: و من قال اننا سنعود سنقضي ليلتنا هنا
استنكرت مينا: ماذا؟ لا بد انك تمزح لا اريد البقاء هنا معك
لم يابه ليتوك لاستنكارها: يبدو انه ليس لديك خيار اخر اشعر بالارهاق و ليس لدي رغبة في القيادة و اذا اردتي يمكنك ان تاخذي ثيابا نظيفة من خزانتي 

بقيت مينا تحدق فيه و هو يجلس بالاسترخاء يشاهد التلفاز استسلمت و اتجهت الى الحمام بعد ان اخذت بعض الثياب من خزانته و بعد ان اخذت حماما منعشا خرجت و هي ترتدي قميص ليتوك الذي كان يصل الى ركبتيها لمعت عينا ليتوك باعجاب عندما شاهدها خفق قلبه فقد بدت شديدة الانوثة و مغرية اكثر مما كانت عليه عندما كانت ترتدي ذلك الثوب الفاضح حاول اخفاء تاثره فهو لا يريد افزاعها اذا ما شاهدت تفرسه فيها فذكرى اخر لقاء بينهما لازالت تلقي بظلالها عليهما اطلق ضحكة و قال:
 قميصي تبدو مناسبة لك تماما
إلتفتت إليه و عبست في وجهه: هذا بفضلك لقد اختطفتني لم تجعل لي خيارا آخر
رد هو بشقاوة: ساعلمك في المرة القادمة عندما اقرر اختطافك لتحضري حاجياتك
تأففت مينا: توقف عن سخريتك انا متعبة و اريد النوم
ليتوك: فكرة جيدة انا ايضا متعب اغلقي الاضواء في طريقك
قطبت حاجبيها عندما استلقى على السرير: ماذا تعتقد انك تفعل؟
اجابها ببراءة: سانام 
مينا: على السرير؟
ليتوك: و اين سانام؟
استدارت مينا بغضب وأشارت للأريكة الطويلة في زاوية الغرفة: نم هناك 
نظر ليتوك الى الاريكة و هتف باستنكار: أنا؟ انت تمزحين لم أعتد النوم على الأرائك
هزت مينا كتفيها: ما الحل إذن؟
هز ليتوك كتفيه وهو يستلقي على ظهره: أنت من أثرت المشكلة فابحثي عن حل
راقبته مينا بانزعاج ثم نظرت للأريكة وكأنها الحل الوحيد تقدمت منها لمستها بيديها ثم جلست عليها ببطء فتغيرت ملامح وجهها وهي تقول: يا إلهي إنها قاسية  
اقتربت منه وضعت يدها على خصرها وهي تقول: لا استطيع النوم هناك
رد عليها ليتوك من تحت الغطاء: إنها مشكلتك
فرفعت مينا رأسها بشموخ وهي تتكتف قائلة: حسنا إن كان ضميرك سيرتاح
ثم استدارت لتتجه نحو الاريكة لتسمعه يناديها: مينا
فالتفتت بسرعة وهي تقول: كنت أعرف أن ضميرك سيعذبك
تطلع لها مبتسما: لا تنسي ان تطفئي النور تصبحين على خير
هتفت بحنق: ارجو ان تشاهد اسوا الكوابيس
سمعت ضحكته الساخرة و لم يجبها فزمت فمها بتضايق وتقدمت من الأريكة استلقت عليها بقيت تتقلب طويلا قبل ان تنام
  
صوت النوارس ايقظ مينا فتمددت وهي تفتح عينيها ببطء لم تعلم اين هي في الوهلة الاولى و لكن وما أن رأت السقف حتى تذكرت ماحدث فجلست بسرعة وهي تتذكر الأمس  و تذكرت ليتوك تلفتت حولها لتجد نفسها على السرير و الغطاء يغطيها نظرت بسرعة الى الأريكة فوجدت ليتوك نائما عليها نهضت بهدوء محاولة عدم اصدار اي صوت اقتربت منه بدى وديعا و هو نائم تاملته للحظات قبل ان تخرج لتتمشى قليلا لتصفية ذهنها و محاولة فهم هذا التغير الغريب لتصرفات ليتوك نحوها
توقفت امام البحر كل ماحدث منذ ان عرفت ليتوك كان يمر امامها كصور متقطعة دمعت عيناها اكثر لا تعرف من الهواء الذى يقتحمها ام من ذكرياتها الاليمة 

اكتشفت انها مازالت تحمل له نفس المشاعر التى كانت تحملها له من قبل وبنفس القوة لا بل اكثر مئات المرات 
لاتعرف كم من الوقت مر عليها وهى تجلس هكذا امام البحر لا تعرف حتى كم الساعه الان اغمضت عينيها لتسمع صوت الامواج تنساب الى عقلها تهدئها وتريحها 

اما ليتوك عندما استيقظ و لم يجد مينا ظن انها غادرت فزع و احس بان الحياة سحبت منه ركض مسرعا الى الخارج 
تنهد بارتياح عندما شاهدها كانت واقفة امام البحر و شعرها الكستنائي ينسدل بحرية تامة على كتفيها سامحا للهواء بأن يحركه كما يشاء بينما قميصه الابيض يظهر روعة تكوينها بجاذبية جعلته يتحرك اليها حتى وقف امامها قليلا وجدها مغمضة عينيها ابتسم كان وجهها ملائكى
نطق اسمها فتحت عينيها ببطء متسائلة هل هو هنا بجوارها هل علم كم تريده و تحتاج اليه على الرغم من كل الوعود التى وعدت بها نفسها بأن تتركه كم تريد ان تضع رأسها على صدره وتنسى كل شىء كم تريد ان تشعر بذراعيه تحيطها وتحتويها وتخفيها عن كل ما حولها الا هو فعلى الرغم من كل شىء لا يمكنها الا ان تفكر به وهي فى ضيقها وحزنها 
ليتوك: مينا حبيبتي لو تعلمين كم حزنت عندما اعتقدت انك غادرت
مينا: لا اعتقد ان بقائي او رحيلي سيشكل فرق
تاوه ليتوك: مينا لو تدركين كم انت غالية على قلبي 
حدقت مينا إليه غير قادرة على النطق أو الحركة أو التنفس وهي تسمع كلامه المليء بالمشاعرهل كان يمثل؟ لابد أنه يمثل فهو لا يحبها وهي تعلم ذلك ورغم أنها كانت تتشوق لسماع مثل هذه الكلمات منه إلا أنها كانت تعلم بعدم صدقها
لذا شعرت بعذاب لا يطاق غامت عيناها غضبا ولمعت فيهما دموع الكبرياء والألم: هل تستمتع بالتلاعب بالغير ليتوك شي؟ 

أغمض ليتوك عينيه وأخذ يردد كلماتها في ذهنه ثم عاد وفتحهما متقدما نحوها كان على وشك القيام بأكبر مغامرة في حياته فأذا خسر هذه الخطوة خسر كل شئ وإذا ربحها كسب اعظم حب 

أحاط وجهها بيديه ونظر في عينيها وقد بان الألم البالغ في عينيه المثقلتين بالندم الملتهبتين بالحب وهو يقول ضارعا:
 أرجوك مينا إمنحيني فرصة لاكفر عن ذنبي 
علقت مينا بمرارة: لا اعتقد ان لهذا معنى الان
ليتوك بياس: اعلم انني لا استحق غفرانك لا استحق اي شيء بعد الطريقة المهينة التي عاملتك بها لكن اريدك ان تعلمي انني احبك و استحق العذاب الذي ساعيشه بعد ان نغادر فانا وغد و حقير 
سألت وقد بدأت تشعر بدوار: انت تحبني؟
ليتوك: استطيع ان ارى بأنك لاتصدقين انا نفسي لم اصدق ذلك لكن يجب ان يكون هناك سبب يجعلني اشعر فجأة بانني اميل الى قتل صديق طفولتي عندما رايتك برفقته

لم يكن لدى مينا شك بالاخلاص في كلماته ومع ذلك لم تصدق بان ذلك حقيقة سالته بعدم تصديق: كنت تشعر بالغيرة من كانغ ان؟
تاوه ليتوك و كان الفكرة تالمه: ليس من كانغ ان فقط و من كل رجل يقترب منك الغيرة هي كلمة سخيفة لتعبر عما شعرت به خصوصا عندما رايتك برفقة كايتلك الليلة لقد امضيت كل السهرة في عذاب وبالنتجية قمت بتعذيبك عندما عدتي الى المنزل يا الهي لقد اخفتك كثيرا تصرفت كحيوان لم استطع التفكير بتعقل فكرة بانك و كاي معا جعلتني تقريبا مجنونا من الغيرة
مينا: لكن لم يحصل بيننا شيء في تلك الليلة عندما شاهدتنا كنت احاول ان اتجنب تحرش كاي بي و لم اجد غير هذه الطريقة

ليتوك: أرجوك مينا إمنحيني فرصة أريك فيها كيف ستكون الأمور بيننا 

مينا: و هل سينجح الامر؟

فأجاب وهو يحيط وجهها بيديه: اكيد فقلبي ومشاعري وروحي وجسدي يا حبيبتي ومعبودتي تعشقك لابد أنك تشعرين بما اشعر به؟

رفعت بصرها نحوه ونظرت في عينيه لترى أن كانت تجرئ ؤ على تصديق ما تسمع وهي تشعر بقلبها يخفق بمزيج من البهجة والأثارة لا يمكن لرجل تزييف نظرات بهذا الشكل الذي ينظر به ليتوك إليها  فقد ابلغتها رسالة حب واضحه منه ولم تستطع منع نفسها من الأحمرار خجلا وهي تشعر بأن كيانها يستجيب له وليس قلبها فقط احتضنته بقوة مطوقة رقبته بذراعيها لم تكن تريد ان تبتعد عنه ابدا 

بعد لحظات ابتعدت عنه و ابتسمت ابتسامة حانية داعبت وجنته بأصابعها الرقيقة قائله بصوت عذب حنون: لا يمكننى مسامحتك على كل هذا لأننى لا الومك عليه اصلا فقد تلاعب بنا القدر و بعد كل هذه المده وكل هذا العذاب وعلى الرغم من تصميمى فى كل دقيقة فى اليوم على ان اخرج حبك من قلبي الا انه فى كل مرة اصمم فيها على نسيانك يزداد حبك فى قلبي اضعافا و عنـ.......

لم تتمكن من اكمال جملتها فقد جذبها اليه تمسكت به التصقت به متمنية لو تذوب بداخله لتظل جزءا منه الى الابد تنسم عبير شعرها الكثيف الحريري وبعد فترة عناق طويل ابعدها عنه قليلا مخرجا من جيبه خاتما تزينه لؤلؤة 

ركع امامها و نظر لها بحب:
 مينا اعلم انني اذيتك و جعلتك تعانين لكني احبك هل تقبلين قلي و تقبلي ان تزيني حياتي 
انهمرت الدموع من عينيها: اوه........... اجل........ اجل........ اقبل
صرخ بسعادة و حملها و جعل يدور بها الى ان سقطا على الرمال أبتسمت بسعادة غامرة بينما همس بنظرات ملتهبة شغوفة بها: احبك 

كانت سعادتها الغامرة ظاهرة جلية على محياها الجميل ووجنتاها الحمراوان ونظرة عينيها كانتا اسمى دليل على خجلها وحبها له ولكن كل ذلك لم يمنعها من ان تقول هى الاخرى بهيام:
 احبك 

ثم غرقا معا فى قبلة طويلة افتتحا بها بداية حياة لم يكن اي منهما يتصور انها ستتحقق بمثل هذه الروعة

 وكانت هذه اخر مرة يتحدثان عن ما حدث معهما وعندما كانا يتذكران هذه الحادثة لاحقا كانا يضحكان معا من افعالهما واعتقداتهما فى وقتها وكانا يتذكران تلك الفترة بأنها مجرد فترة جعلتهما يزدادان حبا وتعلقا وشغفا ببعضهما البعض 
مجرد غيمة من الماضي استطاعا ازاحتها و العيش بسعادة




النهاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق